|
اختطاف سعدات بين مسئولية السلطة الفلسطينية وتواطؤ المجتمع الدولي وقصور الجبهة الشعبية
بسام أبو حشيش
الحوار المتمدن-العدد: 1492 - 2006 / 3 / 17 - 11:54
المحور:
القضية الفلسطينية
محاضر في جامعة الأقصى وباحث في مجال حقوق الإنسان في حركة بهلوانية منظمة ومخطط لها، فيما يبدو، منذ فترة ليست ببعيدة، أقدمت قوات الاحتلال الحربي الإسرائيلي على اختطاف الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القائد أحمد سعدات ورفاقه من سجن أريحا ونقلتهم إلى جهة مجهولة، وذلك يوم الثلاثاء الموافق 14/3/2006... وقد تزامنت العملية مع انسحاب خفي وسلس للمراقبين الأمريكيين والبريطانيين المتواجدين بموجب اتفاقية رام الله في العام 2002سيئة الصيت والسمعة والذي تمت أمام أنظار العالم. وسواء كان الحدث على حد تعبير المعلقين، رشوة انتخابية من أيهود اولمرت خليفة شارون في زعامة حزب كاديما، ليضمن فوزا في الانتخابات البرلمانية، أو رسالة موجهة لحكومة حماس الجديدة من أجل تخويفها وحملها على القبول بالإملاءات الإسرائيلية، أو لإحراج السلطة الفلسطينية والتسويق بعدم وجود شريك فلسطيني للتفاوض وبالتالي تطبيق خطة شارون أو كاديما وهو الحل أحادي الجانب سواء ما سبق كله وغيره، فإن النتيجة واحدة وهو أن المناضل سعدات ورفاقه قد تم اختطافهم وبالتالي فإن جهات عديدة تتحمل المسئولية عن ذلك. مسئولية السلطة والحماية الكاذبة صحيح أن الاحتلال الإسرائيلي يتحمل المسئولية الأولى والمباشرة عن اختطاف سعدات بطريقة همجية تعبر عن تفكير و وكذلك ممارسة مافيوية منظمة، إلا أن هذا ليس بغريب من الاحتلال، وعلينا أن نتوقع منه أي شئ منافي للأخلاق وللآدمية، فأي احتلال، مهما كان نوعه وموطنه، لا يحتمل إلاً صورة واحدة هي صورة القذارة في الفكر والممارسة وفي التوجه... لكن بجانب مسئولية الاحتلال فإن السلطة الفلسطينية تتحمل مسئولية كبيرة أيضاً، فالمناضل سعدات ورفاقه والغالبية العظمى من معتقلي سجن أريحا بمن فيهم اللواء الشوبكي من المفترض أن يكونوا محميين من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية على حد تعبير الرئيس الفلسطيني أبو مازن قبل أيام قليلة. فهل هذه هي الحماية يا سيادة الرئيس؟ أم أن هذه التصريحات القديمة الجديدة هي من باب التنصل من المسئولية تجاه الشعب ومناضليه... أعتقد جازماً أنها كذلك، وإلا فبماذا نفسر عدم تمكن السلطة من حماية أفراد الشرطة من تجار المخدرات في دير البلح قبل عدة شهور؟ و بماذا نفسر عدم التمكن من حماية اللواء موسى عرفات من الاغتيال وهو أرفع مسئول في السلطة الفلسطينية؟ فضلاً عن ذلك، بماذا نفسر عدم قدرة السلطة وأجهزتها الأمنية من حماية منزل العميد أبو مرزوق الذي داهمته مجموعة مسلحة في منتصف الليل قبل أسبوعين وهو خال من الرجال؟ ... وبماذا نفسر حالة الفلتان الأمني وحالة الذعر المستمرة في الشارع الفلسطيني، والتي في معظمها تحدث للأسف بأيدي فلسطينية إن لم أقل بأيدي أفراد من الأجهزة الأمنية؟ ... فلا أعتقد أن سلطة بأجهزتها الأمنية عاجزة عن حماية شعبها من قبل اعتداءات أفراد من الشعب نفسه تكون قادرة على حماية مناضلين بوزن الأمين العام سعدات من قوات الاحتلال الإسرائيلي... فعذراً سيادة الرئيس نحن لا نصدق ما تقول، وعليه يجب أن تتحمل المسئولية. تواطؤ دولي ومبررات مضحكة من الواضح أن ما حدث في سجن أريحا يوم أمس وعلى مرأى العالم يوضح للقاصي والداني حجم التواطؤ الدولي، لا سيما من دولتين عظمتين نصبتا نفسيهما شرطي للعالم في ظل النظام الدولي الجديد، مهمتهما محاربة الإرهاب كما تدعيان. الغريب في الأمر أن المبررات التي ساقتها الدولتان عن سحب المراقبين التابعين لهما من سجن أريحا، عدا عن أنها متناغمة ومتشابهة، فهي رخيصة ومضحكة ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن يعقلها تلميذ في رياض الأطفال، ففي الوقت الذي يدعي ألبرتو فرنانديز ممثل الخارجية الأمريكية بأن السبب الأول والرئيس لسحب المراقبين هو حصانتهم والقلق عليهم وحمايتهم، يدعي جاك سترو وزير خارجية بريطانيا أن السبب في سحب المراقبين هو انتهاك المعتقلين للقوانين، وفي توضيحه لهذه الانتهاكات أشار إلى استخدام المعتقلين للهاتف النقال!!! إن هذه التصريحات والمبررات التي تسوقها أمريكا وبريطانيا تأتي في سياق استخفاف الدولتين بعقول البشر وفي سياق استمرارهما في الهيمنة على المجتمع الدولي الذي لا يزال متواطئ معهما. وفي ذات الوقت تأتي هذه المبررات والتصريحات انعكاساً لعقليتين أو نمطين من التفكير منسجمين، أحدهما نمط تآمري ممثلاً ببريطانيا وهذا ليس بغريب عليها، فهي المسبب الأول للمعاناة التي يعيشها الشعب الفلسطيني حينما منحت اليهود وعد بلفور 1917 وسهلت بموجبه احتلال فلسطين، كما أنها هي التي قامت بتقسيم الأراضي العربية في اتفاقية سايكس بيكو وكان من نتائجها معظم المشكلات التي تعاني منها الأمة العربية اليوم. وأما النمط الآخر فهو همجي ويتمثل في الولايات المتحدة الأمريكية والذي يستند في كل ممارساته على القوة العمياء وهذا ما يفسره مشهد اختطاف سعدات ورفاقه في سجن أريحا، الذي عرضته وسائل الإعلام المرئية والفضائيات العالمية. هذا المشهد يذكرنا بمشاهد أفلام الكاوبوي الأمريكية الذي كانت تجسد حياة رعاة البقر وهم يحتكمون إلى قانون شريحة الغاب والقوي يأكل الضعيف. قصور الجبهة الشعبية على الرغم مما سبق، لا يمكن إغفال قصور الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وعجزها عن حماية عناصرها وعلى رأسهم أمينها العام أحمد سعدات، فمنذ اعتقاله في العام 2002، كان لزاماً على الجبهة أن تقوم بالدفاع عنه ورفاقه والمطالبة بإخراجه بأي وسيلة ممكنة. أعتقد أن الجبهة الشعبية ارتكبت خطأً فادحاً في حينه بحق أمينها العام وبحق نفسها وبالتالي بحق قطاع كبير من أنصارها... نعم ارتكبت خطأً حينما سكتت عن الصفقة التي أبرمت في رام الله في العام 2002 والتي بموجبها أودع الأمين العام إلى سجن أريحا تحت الحماية البريطانية والأمريكية، وسبقها الخطأ الذي ارتكبته حينما لم تطالب بمحاسبة المسئولين عن الكمين الذي نصب للقائد سعدات حينما تم استدراجه للاعتقال في المخابرات الفلسطينية في حينه. والآن الجبهة تتحمل المسئولية عن هذه الأخطاء. والسؤال المطروح اليوم أمام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هو هل ستكرر الأخطاء السابقة؟ أم أنها ستتمكن من تجاوزها وتقوم أولاً: بمعاقبة من أطلق النار على الريحاني في رأسه و والذي أدى إلى قتله، وثانياً: أن تعيد فتح ملف صفقة العام2002 برام الله والتي بموجبها تم تسليم سعدات... وثالثاً: وهو الأهم كيف سترد على عملية اختطاف سعدات من سجن أريحا... على الجبهة أن تعيد كرامتها وكرامة أمينها العام وكرامة عناصرها والأهم من ذلك كرامة تاريخها النضالي... باعتقادي أن الجبهة الشعبية اليوم أمام خيارين لا ثالث لهما، إما أن تكون وتبقى وإما أن تزول وتفنى.
#بسام_أبو_حشيش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أوكرانيا تعلن إسقاط 50 طائرة مسيرة من أصل 73 أطلقتها روسيا ل
...
-
الجيش اللبناني يعلن مقتل جندي في هجوم إسرائيلي على موقع عسكر
...
-
الحرب في يومها الـ415: إسرائيل تكثف هجماتها على لبنان وغزة
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام تسفي كوغان في الإمارات ب
...
-
اتفاق الـ300 مليار للمناخ.. تفاصيله وأسباب الانقسام بشأنه
-
الجيش اللبناني: مقتل جندي وإصابة 18 في ضربة إسرائيلية
-
بوريل يطالب بوقف فوري لإطلاق النار وتطبيق مباشر للقرار 1701
...
-
فائزون بنوبل الآداب يدعون للإفراج الفوري عن الكاتب بوعلام صن
...
-
الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة
...
-
مصر تبعد 3 سوريين وتحرم لبنانية من الجنسية لدواع أمنية
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|