|
قراءة نقدية ، في قصيدة موفق ساوا الضوئية
ياس خضير الشمخاوي
الحوار المتمدن-العدد: 5864 - 2018 / 5 / 4 - 20:50
المحور:
الادب والفن
قراءة نقدية ، في قصيدة موفق ساوا الضوئية مذ كان الضوءُ منزويا والفكر قد رحل ، زحف الليل يطوي خيوط الشمس باغيا .. " كالأرضة يزحف على قوافي الشعر " ، يهتكُ أستارَ القافية بشعـوذة الظلام وتمتمة الجهل . ويدّعي أنها الحكمة .... ثم يراها مقدّسة . ما فتىء سجّان الحروف ينشرُ الظلام ويوّزع الجهل كيفما أتفق ، " يحاولُ أَنْ يَـحـشرَ كلّ خرافاتِهِ ، في شريانِ القصيدة " فأنتفض الشاعر بالوجع ، "متسربلا بالضوء وكل البراهين " ، معلنا بيانه الأول ، " هذا زمن الضوء " . من هنا تنطلق ثورة التنوير ، ضد افكار الجمود والتحجر وهلوسات الدجل . لا شك أنّ الشاعر أراد انْ يستفزّ الواقع والجماهير المغيّبة فكريا وشعوريا ، عندما اختار هذا العنوان الصادم في قصيدتهِ ، كأنه يقوم بدور الطبيب الذي يعرّض مريضه لصدمة كهربائية إذا ما توّقف قلبه عن النبض . وبطريقة أخرى قد يستنهض الأديب المفكر ( موفق ساوا ) من خلال عنوان القصيدة همما ونيرانا كامنة في نفوس الجماهير عندما يلفت نظرها الى حجم المفارقة بين غيبوبة شعبه البائس المقيد بالجهل ، في زمنٍ اعتمد العالم فيه من حولنا نظريات التجديد الفكري والحداثوي في كل مفاصل الحياة لاسيما في السياسة والإدارة وفن القيادة وحقوق الإنسان وحرية الفكر والرأي والكلمة . وفي ثنايا القصيدة نلاحظ الكثير من الإشارات الى سلسلة برنامج عمل سياسي وإجتماعي نهضوي متكامل ، يبدأ بتحرير الذات من الوهم والخرافات ، والتسلح بالحكمة التي تمنح الإنسان الإتزان والإنضباط في سلوكه كي لا يقع في مطبات التهور والطيش أو المراهقة الفكرية ، سيّما لحظات التصدي لرفض الإستعباد والتسلط . وليس بوسع إنسان أن يقوم بكل ذلك ما لم يكن حكيما ، وقد لا ينجو من منزلق ما لم يجعل الحكمة سيدته في قراره واستقراره وحارسة لخطواتهِ .
احرسيني يا سيدتي ... من طيشي ، ومن غضبي ... فما عدتُ أطيقُ البقاءَ في شرنقـتي . احرسي بوابة أضلعي .
إشتغالات القصيدة على ثنائيات وتناقضات عديدة منسلّة من واقع حياة الإنسان العراقي ، خصوصا بعد انهيار النظام الدكتاتوري الشمولي السابق . إذ أصبحت الثقافة السياسية والإجتماعية مشوهة بكل مفاصلها لخلوها من الضوابط المعرفية والمنطقية والفكرية ، مما فسح المجال للإنتهازيين والوصولين ركوب موجة الدين المزيّف والأفكار الرجعية المريضة . عودة بالمجتمع الى زمن العصور الوسطى لإستثمار الجلباب والعمامة في الحكم والسياسة . علّمْتني التّسبيح ، وأنْ انطق بسم اللهِ كذِبا ؛ لتخدع عذاباتي وتشطب آلامي !! عذرا يا سيدي ، فنحن في زمن الضوء وتحت سلطان الضوء .
ومن بين هذا الواقع المظلم ، هناك نخبة تقدمية واعية ترفض رفضا قطعيا أن تستسلم لهذا الوهم والزيف والخداع بأسم الدين ، رافضين أن يتحجم دورهم أو يرتدوا عباءتهم .
ثيابكم لا تُشبه ثيابي ومقاساتكم لا تطابق مقاساتي وحجم عباءتِكم – سيدي- لا ترقى لضخامة جسدي .
( ثيابكم ، مقاساتكم ، عباءتكم ) ، كنايات في غاية الدقة في الوصف ، بون شاسع بين أفكار بالية وأساليب رخيصة يعتمدها الإسلام السياسي في اللعب على الوتر الديني والطائفي لإستدرار عواطف الناس ، وبين أفكار تقدمية انسانية ضخمة تتعالى على تلك المفاهيم الضيقة . وحتى كلمة ( سيدي ) التي جاءت اعتراضية فهي من باب التهكم بالموصوف الذي اعتاد اتباعهم انْ يسمونهم بها ، لأنها وقعت بين رمزيات التنكر والإستخفاف بقيمتهم الإجتماعية والفكرية . وما يؤكد هذا المعنى قول الشاعر نفسه في مقطعه التالي :
أنا ، كأيِّ طهْرٍ ، جُبِلتَ من ماءٍ وطين ، أمّا أنتم ، فقد جُبلتم من قيء الشياطين . تبرأ منكم كلّ آلهة السماء والأنبياءْ ، وكلّ منْ في الأرضِ ، مجانين وعُقلاءْ
ثم يوجّه الشاعر صفعات مؤلمة لتلك الشريحة الجشعة ، المفلسة أخلاقيا وفكريا وعلميا ، محذرهم من أن يقتربوا من ثورته العارمة وبركانه المدمر .
فلا تلعبْ معي ، بعد الآنِ ولا تقربْ أبدا ، فوهة بركاني . يا سيدنا ، الشيطاني لا رحمة في أحشائـِكَ !! ارحلْ ... ارحلْ ، واحملْ ما في جوفـِكَ من حيتانِ ارحلْ .... بنقوش ِالعقارب في صدرِكَ ، وتعويذات الشيطانِ . ارحلْ .... وَخـذْ حرامك وحلالك عنّي ، اهبطْ من حيثُ أتيت ، من وادٍ سحيقٍ ، مظلمٍ .... يقضّ مضجعي ، ويخنق أنواري .
ثم يراهن الشاعر الأديب الدكتور موفق ساوا ، على انّ هذا اللون من المخادعين ، قد أصبحوا تحت دائرة الضوء وقد انكشفت كل حيلهم وألاعيبهم بعد هذا الحراك الثقافي والفكري ، وقد تخلى عنهم منْ كان بالأمس يردد خلفهم ، آمين ... آمين . ياس الشمخاوي/ كاتب عراقي هذا زمنُ الضوء احرسيني يا سيدتي ... من طيشي ، ومن غضبي ... فما عدتُ أطيقُ البقاءَ في شرنقـتي . احرسي بوابة أضلعي فـسجـَّان حروفي وكلماتي يـُطبقُ على شطري وعـجزي كالأرَضةِ ، يزحفُ على قافيتي !! يحاولُ أَنْ يَـحـشرَ كلّ خرافاتِهِ ، في شريانِ قصائدي .
أتسربلُ بالضوءَ ، وكلّ البراهين ؛ كيْ أتصدّى لشعوذتهِ المقدسة فهذا زمنُ الضوءِ ، لا زمن المحتالين .
ثيابكم لا تُشبه ثيابي ومقاساتكم لا تطابق مقاساتي وحجم عباءتِكم – سيدي- لا ترقى لضخامة جسدي .
علّمْتني التّسبيح ، وأنْ انطق بسم اللهِ كذِبا ؛ لتخدع عذاباتي وتشطب آلامي !! عذرا يا سيدي ، فنحن في زمن الضوء وتحت سلطان الضوء .
أنا ، كأيِّ طهْرٍ ، جُبِلتَ من ماءٍ وطين ، أمّا أنتم ، فقد جُبلتم من قيء الشياطين . تبرَّأ منكم كلّ آلهة السماء والأنبياءْ ، وكلّ منْ في الأرضِ ، مجانين وعُقلاءْ فلا تلعبْ معي ، بعد الآنِ ولا تقربْ أبدا ، فوهة بركاني . يا سيدنا ، الشيطاني لا رحمة في أحشائـِكَ !! ارحلْ ... ارحلْ ، واحملْ ما في جوفـِكَ من حيتانِ ارحلْ .... بنقوش ِالعقارب في صدرِكَ ، وتعويذات الشيطانِ . ارحلْ .... وَخـذْ حرامك وحلالك عنّي ، اهبطْ من حيثُ أتيت ، من وادٍ سحيقٍ ، مظلمٍ .... يقضّ مضجعي ، ويخنق أنواري .
إليكَ عنّي ..... فأنك لا تحسن سوى لغة الظلام إليك عنّي ، فالسماء فتحت أذرعها للضوء ، الضوء ، وحده يا سيدي ....
عدْ ، فأنت لا تُحسِنُ فنَّ الصعود يا مَنْ قتلتَ البسمة والرحمة فينا ، عقودا وسنينا .... عدْ ، ولا تقرب من دائرة الضوء أبدا فالضوء عليكم منّي ، أكثر خطرا على المفسدين ، وهينمة الدجالين .... أكثرُ خطرا .
اهبطْ ، فلنْ تجدَ منْ يردّدُ بعدك آمين .... آمين . اهبط ظلمتك ؛ فنحن ، في زمن الضوء ، وفي الضوء .... تنكشفُ عوراتَ المحتالين .
بقلم ، الأديب الدكتور موفق ساوا
#ياس_خضير_الشمخاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إنجيل ساوا ...
-
صلاح القصب ؛ للتاريخ يشهد
-
الأعياد بين داعش والحاخام
-
القمل ثروة حيوانيّة !!
-
أكو جعجعة ... بس ماكو طحين !
-
فاجأ العالم بفوزِهِ فهل يُفاجِئهم بسياستِهِ !؟
-
أنتِ مولاتي ... رحلة في ذاكرة مغترب شيوعي
-
وهل خلت يثرب من أهلها !؟
-
لن يستقيم الظلّ وربّ الكعبة
-
الدين بشاربٍ محفوف وثوبٍ قصير
-
آخر ورقات المقبور
-
أغتصاب فتيات بريطانيات
-
محمود الحفيد البندقية الغاضبة
-
عشيّة الرحيل
-
منْ منّا يقتل أبنه لو زنى !؟
-
تركيا ... حرملة العصر
-
لأنها تجارة مربحة
-
أغصان الزيتون
-
بطاقة عيد
-
ماهكذا تورد الأبلُ !!
المزيد.....
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|