حاتم بن رجيبة
الحوار المتمدن-العدد: 5862 - 2018 / 5 / 2 - 22:11
المحور:
الادب والفن
بهيمة وإنسان
ربت على ردفيها بحنان فائض . حنان حرم منه سنين . دهرا . ليمنحه بسخاء . دون شرط أو مقابل. خاطبها بهمس رقيق. التفتت بهدوء . هو أنت العاشق الولهان! خاطبته بنظرة وديعة، مسالمة و بريئة.بحدقة عسلية داكنة. تعطيه ما حرم منه من بني جنسه . تغدق عليه دون حساب أو تقتير . هذا الكائن المنهك و المحروم. تشجعه بمغازلتها على المزيد... من الحنان والكلام والغمغمة. المزيد من الأنس. لا يوجد أوحش من البرد و السكوت. من الوحدة واللامبالاة.
ما أحلاك وأودعك! يا أجمل وأرقى المخلوقات!
أدارت رأسها وانشغلت عنه بما كانت تدأب عليه من قضم وتفكير.
ربت على وبرها الغليظ. دفء سار إلى جذعه وأوصاله. جذع بارد يابس وبليد.
لمع بريق في مقلتيه. رفع رأسه إلى السماء. زفر إلى خالقه زفرة ارتبكت لها أركان الإسطبل وكادت تنهار .
استحوذ عليه كائن قاتم بعينين من وميض ثاقب. كائن صعد من سرادق الزمن السحيق. زمن البهيمة و الحيوان. زمن الفوضى. كائن فاجر و حر و عربيد كافر.
هاج و غضب.زمجر. تصلبت عضلاته وتشبث بالردفين. تدلت شفته السفلى حتى تتحررزفرات الشبق إلى الفضاء الفسيح دون مانع أو رقيب.دون كبت. دون عرقلة.
لزوجة وحرارة . دفء وأنس .رهصات حملته إلى عالم الضوء و النور والسعادة. نسي الحرمان والوسخ.القذارة والذل والقيظ. توالت الرهصات. تسارعت. التصق أكثر. توقف فجأة. صرخ. زعق. نهقت العشيقة. نهيق وصراخ. بهيمة وإنسان. كفر و شذوذ.
رفع بنطاله. استلقى في ركن من الإسطبل. التفت والتفتت. تلاقت الأعين برهة. تساءلا . نهض. نفض ما التصق به من تبن وقرط وغبار . بصق وخرج. مضغت ودست مناخيرها في العلف. سكون رهيب ولا مبالاة. لا رب ولا ناموس في بلاد القيظ والغبار.بلاد البهيمة و الحيوان.
#حاتم_بن_رجيبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟