|
مصانع النكتة
توفيق أبو شومر
الحوار المتمدن-العدد: 5862 - 2018 / 5 / 2 - 09:26
المحور:
كتابات ساخرة
أوقفَني أحدُهم في أحدِ الشوارعِ، ليسمعني نُكتة من غزة، أعجبتْه، تشير إلى كثرة تبادل الشكوى بين الناس، قال: اقتسم غزيان الفخرَ بالإبداع والتفوق، فقال الأول: أنا فنان تِشكيلي، وأنتَ فنان أشكيلك! فابتسمتُ ابتسامة مُجاملة، لأنني كنتُ أعلم أن مصانع النُكَتْ الأساسية هي فقط في مصر، أما غزة فهي في طور تأسيس الصناعات النُّكتيَّة، بسبب كوارثها ونكباتها! للمصريين براعةً وقُدرةً على استحداث النِكات، والطرائف أكثر من أي شعب آخر، وهم بارعون أيضا في نَحتِ النُّكتة بسرعة البرق. ففي ستينيات وسبعينيات القرن الماضي ازدهرت مصانع إنتاج النَّكتة، فأصبحتْ النَّكتَةُ ذا جودةٍ ممتازة، تُشبه صناعة الغَزْل والنسيج فيها، تمكن المصريون وقتذاك من إيجاد التوازن النفسي بين الواقع الذي يحيونه، وبين الأمل والطموح. أبرزَ الكاتب المصري المعروف، عادل حمودة في كتابه: (النكتة المصرية) بعضَ الطرائف، منها: "أسمى المصريون المليون جنيه، أو المليون دولار(أرنب)، لأنه يتكاثر بسرعة مثل الأرانب، وأطلقوا على سيارة المرسيدس الفاخرة التي يقتنيها الأثرياءُ المصريون لقب، خنزيرة، وشبح، لأن صاحب السيارة يتصف بما يتصف به الخنزير، من بلادة بأحوال الفقراء الذين لا يجدون قوتهم، وأسمَوْها، الشبح، أيضا، لأن النقود المدفوعة ثمنا لها مجهولة المصدر، أي شبحيَّة! كما أنهم سَخِروا من ظاهرة انتشار الرشاوى، فقالوا: إن (الجندي) في لعبة الشطرنج في مصر، لا يتحرك من مكانه فوق طاولة الشطرنج إلا بعد أن يدفع له اللاعبُ خمس جنيهات!" أما في عصر الإنترنت، صار سهلا لمن يبحث عن الترويح أن يتجول في الشبكة باحثا عن بسمات، وضحكات، وقهقهات! شكرا لصحيفة، الأهرام القاهرية التي تركتْ للقارئين حرية التعليق على الأخبار المنشورة فيها بلغتهم الدراجة. اعتدتُ متابعة هذه الصحيفة يوميا، عندما تعوزني جرعات الابتسام والضحك، فأبحث فيها عن طرائفها. من هذه البسمات ما نشرته صحيفة الأهرام يوم 29/9/2010 في عهد الرئيس الأسبق، حسني مبارك. جاء الخبرُ بعنوان: فشل محاولات صيد التمساح في أسوان! تفصيلات الخبر: "أثارَ تمساحٌ الذعرَ في جزيرة، بربر بأسوان، فأمر المحافظ بصيده. قال عنه الخبراء: إن طوله يصل إلى متر ونصف المتر، وهو غير بالغ! وضع له الصيادون ثلاثة كيلو من اللحم، ليتمكنوا من صيده، غير أنه أكلها، ونجح في الاختباء! أما تعليقات زبائن الإنترنت على الخبر السابق كانت: التعليق الأول: أيوه يا عم، سيدي التمساح، مبروك عليك الثلاثة كيلو من اللحم، بالهنا، والشفا، مطرح ما يسري، يمري، هل تعرف سعر كيلو اللحمة الآن في مصر؟ عليك بالهرب أكثر ليقدموا لك اللحم!! الثاني: ليه ياربي ما خلقتنيش تمساح؟!! الثالث: لو لم أكن تمساحا لوددتُ أن أكون تمساحا! الرابع: هى التماسيح ورارنا ورانا، فى الاقتصاد، والسياسة، وفى النيل كمان، بالهنا والشفا للثلاثة كيلو لحمة، فى غيرك واكل ثلاث أرباع الشعب. الخامس: يا تمساح حرام عليك ثلاثة كيلو لحمة، ولم تشبع ؟! وكمان طولك متر، أنا عمري أربعة وأربعين سنة، ومرتبي 1500 جنيه في الشهر وطولي 187 سم، ومكتمل جنسيا، بس مش قادر أشتري 3 كيلو لحمة في الشهر. السادس: كل ما أخشاه أن تكون الحكومة هي التي أطلقت تلك التماسيح الجائعة على الشعب المصري، حتى ترتاح من مشاكله! أستغفر الله العظيم، إن بعض الظن إثم!! السابع: بصراحة بيني وبينكم التمساح سُرق، ليعملوا بجلده شُنط، وأحزمة، وأحذية، مثل لوحة زهرة الخشاش، التي سرقت من المتحف في وضح النهار!" انتهى الاقتباس. إنَّ نحتَ وصناعةَ النُّكتة عند الشعوب فلسفةٌ، ينبغي دراستُها في رسائل وأبحاثٍ علمية، لتوضيح مدلولاتها النفسية، والاجتماعية، والأدبية؛ أليست النُّكتهُ إبداعا أدبيا شعبيا، واحتجاجا ساخرا على السلطة الحاكمة، ومحاولة للشفاء من مرض الإحباط، والقهر، والظلم، وغياب الحريات، فهي وسيلة الدفاع السلمية المُتاحة في دول الديكتاتوريات؟!! مع العلم أن النكتة العربية قسمان، نكتة جنسية مسموحٌ بها، قد توصِّل منتجيها، وناشريها إلى المناصب العُليا، لأنَّها تَسُرُّ الرؤساء والوزراء وتُسعدهم، ونُكتة سياسية محظورة، تُتَداول سِرَّا، تَسجِن ناقليها، وتَكشِف أفكار موزعيها، فهي دليل اتهام ،عند العرب، ضد مؤلفيها، وموزعيها، ومَن يضحكون عليها كذلك!
#توفيق_أبو_شومر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصص الفقر في غزة
-
الغزل الصاروخي
-
ما بعد ابن خلدون!
-
دبلوماسي من سلالة هارونّ
-
دبلوماسية الأقدام
-
يحدث في دولة الديموقراطية
-
عدو اليونروا
-
أمنيتان لشابين
-
حاخام، وثلاثون زوجة!
-
مهاجرون إلى شبكات التواصل
-
صاحب المخطط المشهور
-
بريد بولندا
-
المحرِّض الهرمجدوني
-
إعلام التضليل
-
متابعة قرار التقسيم
-
صعودنا للشمس، وصعود ترامب للقمر
-
بطل العراقيب
-
ماذا قالت ميري ريغف لأبي مازن؟
-
وجه آخر لديموقراطية إسرائيل
-
ضحايا صفقة القرن
المزيد.....
-
الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
-
ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي
...
-
حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|