|
المقاطعة المغربية وردود الفعل
عذري مازغ
الحوار المتمدن-العدد: 5861 - 2018 / 5 / 1 - 22:03
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
"في ظل الارتفاع الهائل لأسعار المواد الأساسية، قرر الشعب المغربي شن حملة مقاطعة منذ 20 نيسان/أبريل، ولمدة شهر ضد شركة سنترال، محطة أفريقيا للوقود ومياه "سيدي علي" بسبب احتكارهم المبالغ فيه في السوق، وبسبب الارتفاع في الأسعار". ومن المثير للانتباه أن هذه الشركات "يديرها وزراء أغنياء من المفترض أن يدافعوا عن القدرة الشرائية المغربية" تصريح شركة دانون الفرنسية حول المقاطعة. تمتلك شركة دانون الفرنسية 67 % من اسهم شركة سنطرال دانون، بينما الشركة الوطنية للاستثمار المغربية فتمتلك 25,62 بينما الأسهم المتبقية فهي لخواص آخرين. هذا يعني ان شركة سنطرال دانون "المغربية" هي شركة متعددة الجنسيات، تصريح دانون الفرنسية منسجم تماما مع نفسه ولا ينسب المشكلة للمقاطعين بل يحمل المسؤولية للدولة المغربية في شخص مسؤولين وزاريين لهم علاقة بالشركة، معنى هذا أنه تصريح ينم عن فهم جزئية هامة في الإقتصاد ينسجم في بعدها السياسي على فهم خاص لا يمت لحكوماتنا بأي صلة في التدبير السياسي، ينسجم مع التراتبية الحاصلة في التدبير، في الدول الأوربية وليس فقط في فرنسا، هي هذا التناسب المتوازي بين نمو اسعار المنتوجات والقدرة الشرائية وإن كان هذا التوازي متفاوت إلى حد ما من خلال عملية كمية خاصة، لانه عادة حجم الزيادات في أسعار المنتوجات متفاوت نسبيا مع حجم الزيادة في اجور العاملين، لكن في اوربا، هذا التدبير يقوم أساسا على مبدأ تهديء "السلم الإجتماعي" درءا للإنفلات الإجتماعي من خلال عدة آليات ، توفير الشغل، التعويض عن البطالة، الزيادة السنوية في الأجور (وهي زيادة ثابتة عامة تمنح كل سنة) وبنسبة أكثر من الزيادة الثابتة خصوصا حين يصل "السلم الإجتماعي " مستوى حدة التناقض، يعني ان ذلك التناسب أو التوازي المتفاوت بين حجم صعود الأسعار وحجم الزيادة في الاجور ، في ظروف خاصة يصل حد التناقض، فالدولة تتدخل لإضافة نسبة اكثر من تلك التي تضاف سنويا لاستعادة التوازن (فمسؤولية تدهور القدرة الشرائية وظهور مقاطعة ما هي شقها الوازن مسؤولية الدولة ليست مسؤولية الأفراد او المستهلكين)، فتدبير تهديء "السلم الإجتماعي" في اوربا له آلياته المعقولة، المادية بلغة اخرى، وهو ما ليس بالذي تقوم به النقابات عندنا في المغرب حين تمضي على السلم الإجتماعي على بياض (صحيح هذا التدبير موجود في المغرب، لكن مستوى الزيادة السنوية في الاجور لا تاخذ في الإعتبار حدة التناقض حيث اسعار المنتوجات تقفز بشكل صاروخي بينما الزيادة في الاجور سبه جامدة)، على اساس وعود فارغة من الدولة، ف"السلم الإجتماعي" له ميكانيزم خاص لتدبير تهدئته منها على الأقل ضبط العلاقة بين سعر المنتوجات والقدرة الشرائية للممواطن، هذا ماتقوم به الدولة في أوربا بالنسبة للمواطنين النشطين ، أما الفئات عديمية الدخل فيها، فتعمل الدولة في أوربا على آليات اخرى منها على سبيل المثل خلق أبناك محلية للمواد المستهلكة الأساسية في كل القرى والبلديات وتوزع مجانا بشكل دوري على هذه الفئات عديمة الدخل إضافة طبعا إلى أشكال إبداعية أخرى متاحة للبلديات منها فتح مطاعم عمومية وما إلى ذلك، ما يقومون به ليس توزيع سلات يقوم بها بغل بربطة عنق امام كاميرات القنوات الرسمية لتعليب صوت المواطن عديم الدخل في الإنتخابات في المغرب، بل موظفون من بلديات غير معروفين اصلا هم من يقوم بهذا الدور وفق برنامج خاص لمتابعة أوضاع هذه الفئات وحفظ كرامتهم ، أما آلية إيجاد مثل هذه الأبناك للمواد الإستهلاكية فهي سهلة للغاية ولا تكلف الدولة أو البلديو أو الإقليم شيئا كبير من خزينة الدولة، فقط تقوم هذه المؤسسات بزيارة الأسواق والتكلم مع أربابها بضرورة وضع المواد التي أشرفت (قلت اشرفت وليس انتهت) آجالها على الإنتهاء بتقديمها لأجل المواطنين عديمي الدخل. لاحظنا رد فعل الشركة الفرنسية المساهمة بشكل اكبر في شركة سنترال دانون المغربية، كيف قيموا وضع شركتهم ولو بضمير الغائب وحملوا ضمنيا المسؤولية للدولة المغربية في شخص وزراء الإحتكار التجاري، فهم لم يسبوا المقاطعين ولا هم وصفوهم بالقطيع والجوع ولا هم وصفوهم ب"المداويخ" بل وضعوا أصبعهم على الجرح دون أي استفزاز للمقاطعين إيمانا منهم بأن المستهلك رقم وازن في تسويق منتوجاتهم. عزيز اخنوش، الإحتكاري الملياري على المحروقات بالمغرب، وصف المقاطعة احتقارا لها بكونها مقاطعة افتراضية، برغم ان سوق اسهم شركته عرفت تدهورا في الأيام الأخيرة ورغم أن بعض محطات توزيعه عرفت انخفاظا ملحوظا في أسعار محروقاته وهو ما يدل عمليا على انها ليست افتراضية بل إن ردة فعله أصيبت بالهوس محمد بوسعيد وزير الإقتصاد والمالية وصف المقاطعين ب"المداويخ" (المخدّرون بفتح وتشديد الدال) متباكيا بخدمات تلك الشركات موضوع المقاطعة وباأنها تؤدي الضرائب وتشغل عمال وما إلى ذلك، متناسيا أن تلك الضرائب التي يتكلم عنها يدفعها المستهلك في المطاف الأخير لأن نسبها تضاف عمليا في سعر المنتوج، فدفع تلك الشركات للضرائب لا يعني انها تدفعها من جيبها بل هي مضافة ضمن أسعار المنتوجات يؤديها المواطنون في آخر المطاف، اما إذا كانت تلك الشركات لا تدفعها أو تتملص في دفعها فذلك يدخل ضمن السرقة المكشوفة، اما عدد العمال الفلاحيين المستفيدين من تلك الشركة فتصريحاتهم تدل على عكس ما أفصح به الوزير بحيث هم انفسهم يعانون من سعر المنتوج الذي تقدمه لهم تلك الشركات والسعر ذاك غير حتى معقول.
#عذري_مازغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حول المقاطعة المغربية
-
كل يوم يمضي يكتشف ترامب أنه ليس وحده الحاكم
-
المعايير الدولية!؟
-
الفرجة الدبلوماسية من خلال صدام قوى وازنة
-
إذا تهت فاقبض على الأرض
-
الكوارث المضحكة
-
الله عاهر
-
أزرو وحدها الشاهدة!
-
إضرابات -القفاز- بمناجم جبل عوام
-
عودة إلى أزمنة مهدي عامل الرائع
-
التجمع الوطني الكاتالاني
-
تحية خالصة للحوار المتمدن في ذكراه 16
-
الزفت وقانون تغريم الراجلين
-
إلى الجحيم من لا يتضامن مع فلسطين
-
هل يجب أن نستغل الإنسان كما نستغل البغال
-
فلسطين، المغرب ومهدي عامل
-
رجلين لحمامة، فين خدامة
-
أزوفري
-
مشكلة الحسيمة بالريف شمال المغربي .
-
الديموقراطية
المزيد.....
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 583
-
تشيليك: إسرائيل كانت تستثمر في حزب العمال الكردستاني وتعوّل
...
-
في الذكرى الرابعة عشرة لاندلاع الثورة التونسية: ما أشبه اليو
...
-
التصريح الصحفي للجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد خل
...
-
السلطات المحلية بأكادير تواصل تضييقها وحصارها على النهج الدي
...
-
الصين.. تنفيذ حكم الإعدام بحق مسؤول رفيع سابق في الحزب الشيو
...
-
بابا نويل الفقراء: مبادرة إنسانية في ضواحي بوينس آيرس
-
محاولة لفرض التطبيع.. الأحزاب الشيوعية العربية تدين العدوان
...
-
المحرر السياسي لطريق الشعب: توجهات مثيرة للقلق
-
القتل الجماعي من أجل -حماية البيئة-: ما هي الفاشية البيئية؟
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|