أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد نوير - قصة قصيرة (طيف ساندريلا)














المزيد.....

قصة قصيرة (طيف ساندريلا)


عماد نوير

الحوار المتمدن-العدد: 5861 - 2018 / 5 / 1 - 11:20
المحور: الادب والفن
    


أقبل بلهفة يجرُّ خطاه بخفّة لا تناسب هزاله، كأنه يسابق الزمن، من بين تأفّفاته تشمّ رائحة العتب و اللّوم، و من نظراته تنطلق أمارات الضجر و السأم و الملل، من بعيد يرنو بناظريه إلى محلِ ذلك العجوز الذي تحيط به السّاعات من كل جانب، تحاول عقاربها أن تنطلق أكثر مما هو مقرّر لها، و لكن هيهات و هو يرمقها جميعا كل لحظة، يتوعّدها بعين جاحظة و أخرى اختفت تحت عدسة المحترفين في تصليح السّاعات!
صباح الخير يا سيدي، قالها و رمى نفسه على الكرسي المتواضع الوحيد في محل يعيش حالة صراع زمني عجيب مِن قِبل ماركات مختلفة، تتمنّى كل واحدة مِن هُنَّ لو أنها كانت مَن يُشار لها بالبنان، و يمتدحها المادحون و يتغنّى بها المغنّون، صباح النور، رد العجوز بثقة تمتزج باللامبالاة و عدم الاهتمام، أو ربما التّظاهر بذلك، لم ينتظر الهزيل أي إضافة على الردّ المقتضب، سارع
لإخراج ساعته و عرضها أمام طبيبها، و بدأ يسرد حالتها الصحية المتدهورة، و كيف انقلبت حياته إلى حالة لا تُطاق من أثر الألم الذي ألَمِّ بها، جاءه الصوت من خلف ساعة كانت لها الحظوة إذ تجرّدت أمام الطبيب لكشف علتها عليه((قل لي بدقَّة، ما الخطب الذي يعتريها؟)) ..
- جِئتكَ يا سيدي قبل سنة من الآن، و كانت ساعتي تتقدّم عند كل مساء ساعتين من الوقت الذي تنضبط عليه، و قد صارت تسلبني أمسياتي السعيدة و تحيلها إلى نكد و شقاء، صارت تتلاعب بأوقاتي المنتظمة، و التي بالكاد يصعب تحريكها، فهي يا سيدي رهن الوقت المنتظم و غير المضطرب و غير المتبدّل و غير المتخالف و غير المتعاقب و غير المرتبك، إنه بكل بساطة طوّعته ظروف خاصة ليبدو متوافقا، و لا يمكن بأي حال أن ينحرف قليلا عن الطّريقَ الذي رُسم له.
تطايرت نظرات الساعاتي تمتطي سّحبا تُنبِئ بغيث غزيز، و امتدّت أماني الهزيل للوقوف طويلا تحت وابل أمطاره، التقت ابتسامة ممتلئة بأخرى شاحبة!
ترك ما بيده من عمل يشبه عبث الأطفال بألعابهم الجديدة حينما تراودهم الأفكار لتحطيمها، تغيّرت سحنته، تفحّصه كثيرا.
- لقد تذكّرتُكَ، و عرفت ساعتك هذه، و عليك أن تهدأ و تطمئن، سأُعيدها لسالف عهدها، لن يختلف بعد اليوم عندك موعد، لن تختلط عليك رؤية، لن يبتعد عندك قريب، و لن تدور بفراغ أبدا!!!
- لا يجيد التعبير كثيرا عن دواخله، هكذا كان يعاني في كل الأمور الأكثر حرجا و الأكثر غبطة، اكتفى أنْ ابتسمَ و اغرورقت عيناه و صمتَ.
تناولها من يده و بدأ حالة التّصليح التي تشبه العبثية إلى حد كبير، و ألقى عليه سؤلا ورديا له أكمام من ذهب و أزرار من فِضَّة و عطر من أزهار الجنة:
- هل جِئْت لوحدكَ في المرّة السّابقة؟!!!
اصفرَّ وجهه الأسمر الذي خالطته صفرة آخر أيامه، فبدى أكثر شحوبا، كما لو أنه انبعث من الموت:
- لا يا سيدي كل معي شخص آخر...
لا يعلم ما الذي جعله يكتفي بهذا الردّ دون زيادة.
انتابه الفرح الشديد حين بدأ الساعاتي يعيد أجزاء ساعته لأماكنها، إيذانا بنهاية العملية التي ستعيده إلى العالم الذي يبتغي أن يعيش في وقته، نظر إلى السّاعات المعلّقة من حوله، ضبط الوقت على تأخير ساعتين بالضبط مما كان الوقت عندهن، ناوله ساعته، و همس له:
- دَفعَ شخص حسابك قبل ساعتين، جاءني لعلّة تشبه ما أنت فيه، سوى إنَّ ساعته تتأخّر من الوقت ساعتين.!
نظر الهزيل إلى جابنه و ابتسم مخاطبا أحدا ما:
- أنتِ هنا أيضاً؟؟؟ مجنونة...



#عماد_نوير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة نقدية في نص ومضي (غربة) للكاتب مجدي أحمد
- قصة قصيرة بعنوان ((موسوبي))
- قراءة في نصّ ومضيّ
- دردشة على سيجارة افتراضية
- مقاربة نقدية بنص ومضي للقاص حازم الشرباتي
- قصة قصيرة/ ذات الرّداء الأسود
- قصة قصيرة/ عماد نوير
- الاختزال و التّكثيف في القص إلى أين؟
- قصة قصيرة مع مداخلة شعرية خلّابة للدكتورة الشّاعرة فاطمة الز ...
- قصة قصيرة بعنوان من مذكرات ميت
- قراءة في نص ومضي بعنوان ((خيبة)) للدكتورة الشّاعرة فاطمة الز ...
- ققج بعنوان ((انقلاب))
- القصة القصيرة جدا إبداع و متعة
- قراءة في ققج (اكتناف) للدكتورة الشّاعرة فاطمة الزهراء زين
- صور من بلادي/ ققج
- مقاربة نقدية في نصّ قصّصيّ
- مقاربة نقدية


المزيد.....




- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عماد نوير - قصة قصيرة (طيف ساندريلا)