أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمدان محمود - ابن رشد















المزيد.....


ابن رشد


حمدان محمود

الحوار المتمدن-العدد: 5856 - 2018 / 4 / 25 - 21:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


كان ابن رشد فيلسوفا اندلسيا مرموقا وكثيرا ما ترجع جذور العقلانية (الكلاسيكية) اليه لكن هذا الفيلسوف الكبير تم معاقبته ونفيه من قبل الحاكم ابو يوسف المنصور لأسباب اختلف حولها لكن على الأغلب انها وشايات من الفقهاء (طمعا وحسدا من مكانة ابن رشد في الدولة وكذلك منزلته العلمية) ..

تأثير ابن رشد على الغرب كان في شرحه لكتب ارسطو وكذلك في فكرة التأويل الحر للنص المقدس فيما يخص شرحه على كتب ارسطو ..كانت البداية في شرح كتب وترجمتها من اليونانية تعود الى القرن الرابع والخامس الميلادي لفيلسوف يدعى بويس boyce (اللاتينية) وكذلك شيشرون وغيره حيث تم ترجمتها انذاك كتب ارسطو في المنطق والسياسة والأخلاق وفيما بعد في القرن الثالث عشر نقلت كتبه من اليوناينية في الطبيعة وماورائها وسمحت الكنيسة بتدريس كتبه في القرن الرابع عشر اي بعد مايقرب من 100 عام على ترجمتها ولو ان الكتب كان يتم تداولها في اروقة جامعة باريس والجامعات الفرنسية الاخرى دون علم من الكنيسة ..اما كتب الفلاسفة المسلمين فقد نقلت قبل كتب ارسطو (كتب ابن سينا الشفاء والقانون وكتب الفارابي وابن طفيل ثم كتب ابن رشد) ..
بعد ترجمة كتب ارسطو وشروحات ابن رشد عليها ظهرت حركة فلسفية تدعى الرشدية اللاتينية ونقلت كتب ابن رشد وشروحه على كتب ارسطو في عهد الحاكم فردريك الثاني نقلت من اليونانية على يد (ميخائيل سكوت Michael scot باللاتينية) كرد فعل ضد نفوذ الكنيسة حيث ستعرف فيما بعد حركة الرشدية اللاتينية التي تدعو الى اعمال العقل ولاتسعى الى التوفيق بين الفلسفة واللاهوت كما فعل القديس اوغسطين مثلا والكثير من فلاسفة العصور الوسطى ..

فكر ابن رشد ..
كان فكر ابن رشد يتعارض مع الكنيسة ربما بصورة اكثر مما سيفعله الإسميون فيما بعد حيث كان المتأثرين بابن رشد يتم وصفهم من قبل اللاهوتيين بالملاحدة لانهم ينكرون المعاد الاخروي ومعرفة الله بالعالم وكذلك يقولون ان الايمان لايمكن ان يتوافق مع الفلسفة او النقد ولوحق اصحاب هذا الفكر في فرنسا وايطاليا (الامارات الكاثوليكية خصوصا) المهم ان فكر ارسطو وابن رشد تم تبنيه فيما بعد من قبل الكنيسة فيما يخص الطبيعيات فقط اما ماوراء الطبيعية فكان يجرم اصحابها والعجيب ان الفلاسفة الغربيين في العصور الوسطى كانوا قليلي الـتأثر بفكر ارسطو الماورائي بينما الفلاسفة المسلمين كانوا اكثر تأثرا (ربما طبيعة التعليم الكنسي المدرسي حيث كان هناك جامع للفلاسفة الغربيين بينما الفلاسفة المسلمين لم كن هناك نظام تعليمي موحد وبذا تكون الكنيسة اكثر سطوة وتأثيرا) ..فلسفة ابن رشد هي نفس فلسفة ارسطو طاليس والعجيب ان هناك الكثير من الامور المنافية للدين في فلسفة ارسطو لكن ابن رشد كان مؤمنا ايمانا تاما في فلسفة ارسطو وابن رشد يعرف بالفقيه ايضا وله اراء متطرفة في معاقبة المرتد والسارق و..الخ وهو لايصرح بارائه هذه في كتبه الفقهية فقط لكن في يصرح بها في كتبه الفلسفية ايضا حيث جاء في كتاب تهافت التهافت في الرد على كلام الغزالي بشأن منكري النبوة ان من ينكر النبوة فهو مرتد ويستحق القتل! وكذلك في كتابه فصل المقال والعجيب انه في نفس كتاب تهافت التهافت يذكر فكرة وحدة العقل (وهي من اهم المسائل التي كفرت الكنيسة فيها معتنقي فكر ابن رشد وارسطو حيث ان هذه الفكرة تقول ان النفوس بعد الموت تتحد اي ليس هناك خلود شخصيا فالتمايز في المادة اما وقد ذهبت المادة فلاتمايز) يذكر هذه الفكرة ويصرح لقارئ الكتاب ان هذه الفكرة صحيحة و لن يستطرد فيها وانما يذكرها في كتب اهل البرهان وايضا في باب المعجزات يقول ان اهل البرهان يؤمنون بالانبياء تبعا لرسالتهم لا الى معجزاتهم ! ولكنه في كتاب فصل المقال يصرح بأن من ينكر الخلود فهو كافر ويستحق القتل! وهذه كتبه العامة حيث يسعى للتوفيق بين الدين واللاهوت وعلى الأغلب ان سعيه هذا جعله مسايسا مهادنا للسلطة الدينية في البلاد الاسلامية خصوصا بعد اضطهاد الفلاسفة لارائهم وبعد ظهور كتاب الغزالي تهافت الفلاسفة الذي كفر فيه الفلاسفة وانتشر الكتاب وذاع سيطه وسيط مؤلفه في المشرق وكذلك في المغرب فسعى للتوفيق بين الشريعة والفلسفة فلذلك كان ابن رشد موفقا لكن اتجاهه هذا لن يؤخذ بالغرب اللاتيني بل ستعتمد حركة الرشدية اللاتينية على كتب اهل البرهان وشروحاته عليها حيث هناك الفصل التام بين البرهان واللاهوت وكانت هذه الحركة تفصل بين العقل والإيمان وربما كان لهذه الحركة هذا الصدى ولم يكن مثلها في البلاد الإسلامية بكون هذه الحركة تلقت دعما سياسيا من فردريك الثاني وكذلك طبيعة نظام التعليم في الدول الاوروبية آنذاك حيث كانت تعقد الندوات والجلسات في اروقة الجامعة (بل حتى التعلبم الخاص كان مسموحا به) فلذلك كان هناك بذور دول ونظام تعليمي اما في الدول الإسلامية كانت جهود الفلاسفة مبعثرة لذلك لم تشكل تيارا حقيقيا وان كان هناك العديد من المحاولات كحركة اخوان الصفا لكن سرعان ما كان يتم اضطهادها ..فلسفة ابن رشد اذن تم ترجمتها في اوروبا على اساس انها تفصل بين الشريعة والحكمة (وهذه هي بذور العقلانية حيث لاسلطان على العقل الا العقل نفسه) ..لكن سطوة ارسطو في العلم الطبيعي على الكنيسة جعلت من ابن رشد عائقا امام حرك التقدم العلمية ففي القرن الرابع عشر ظهرت حركة فلسفية تدعى الإسمية او الفلسفة الاسمية ومن ابرز رواد هذه الفلسفة وليم اوف اوكام آنذاك ويقول رواد هذه الفلسفة ان الأفكار التي في ذهننا ليست هي عين الواقع او الحقيقة بل هي فهمنا لهذا الواقع وبذا فأفكارنا تتطور من وقت الى اخر وفهمنا للواقع يتطور والعجيب ان رواد هذا التيار كانوا في البداية من رجال اللاهوت حيث رأوا ان القول بأن الحدود والافكار تعبر عن حقيقة الاشياء الخارجية يستدعي انكار الإيمان خصوصا فكرة العلية او السببية حيث تنفي الحاجة الى وجود على اولى لكن اصحاب هذا التيار فيما بعد سيكونون من الملاحدة (حسب التعبير الديني) ومن اهم افكار هذه المدرسة في الطبيعة والتي كانت الفلسفة الارسطية الطبيعية حائلا امامها وكانت الكنيسة في صف ارسطو ضد اتجاهات هذا التيار ان فكرة الحدود او الاسماء الكيلة غير صحيحة وبالتالي ففكرة وجود طبائع للاشياء حيث الحجر طبيعته السكون على الارض والنار الصعود (وغيرها من نظريات ارسطو) فهنا الحجر لايسقط على الارض لانه طبيعته هكذا بل بسبب فكرة القصور الذاتي حيث ان الجسم لايتحرك او يتوقف عن الحركة الا بفعل عامل خارجي وكذلك كان لها بعض الأفكار القريبة من نظرية الجاذبية وقوانينها (وهنا الأفكار العلمية الأساسية تكون متدوالة قبل ان يتم قوننتها فهي اقرب للأفكار الفلسفية نجد هذا مثلا في رفض ليبنتز الفيلسوف الرياضي لنظام نيوتن المطلق في الزمان والمكان) وكذلك رفضهم لفكرة وجود السببية كحقيقة علمية واقعية حيث انها مهم كان تبقى في اعتبار الإحتمال وكان لهذه الحركة اثر كبير في التقدم العلمي الذي حدث في الغرب فيما بعد وكانت طبيعيات ارسطو وابن رشد تقف كحائل امام افكار هذا التيار (الذي انتشر في جامعات فرنسا اولا) ..ولابن رشد اثر في الفهم الـتأويلي للنص الديني حيث ان هناك ظاهر وباطن للنص الظاهر يتبعه العوام والباطن للخواص والحقيقة تتجلى في المعنى الباطن (حيث ان ابن رشد هنا يسعى لتفسير النص الديني على اساس العلم لا العكس) والأهم ان ابن رشد رفض تكفير المؤولين للنص الديني الا اذا انكروا وجود الله او وجود المعاد الاخروي او انكار النبوة فالتأويل بالفهم لا بالوجود (و هو يعلم مع هذا ان ارسطو ينكر المعاد الاخروي وقد وافقه الرأي !) وكذلك مما يدعم اتجاهه التوفيقي (السياسي) بين الشريعة والحكمة هو رفضه لفكرة اعلان اهل البرهان لارائهم امام الجمهور ويكفر من يعلن رأيه امام العوام!

الخلاصة ان تأثير ابن رشد لو اخذناه من زاوية محتوى فلسفته او رؤيته للكون والمعرفة فسيكون ضئيلا (الفهم التقليدي للطبيعة او حتى الفلسفة حيث كانت اراءه حائلا امام الفلسفة الإسمية) لكن لو اعتبرنا المنهج حيث اعلائه من شأن العقل والعقلانية سيكون له صدى وتأثير كبير وكذلك دفعه لمفهوم التأويل ورفض تكفير اصحابه ولو ان فكرة الـتأويل كانت منتشرة بعض الشيء في اوروبا (حتى ان القديس اوغسطين اعتبر ان فهم النص المقدس على ظاهره نفيا للعلم والعقل!) لكن مفهوم ابن رشد للتأويل يختلف من ناحية افساح المجال للمفسر وعدم تكفره ..واخيرا كان ابن رشد سياسيا في نهجه فهو كان يتجنب صدام السلطة السياسية وكذلك الدينية وكان يريد ان ينقذ الفلسفة في المغرب بعد ان تم وأدها في المشرق .



#حمدان_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ابن رشد


المزيد.....




- فيديو يُظهر اللحظات الأولى بعد اقتحام رجل بسيارته مركزا تجار ...
- دبي.. علاقة رومانسية لسائح مراهق مع فتاة قاصر تنتهي بحكم سجن ...
- لماذا فكرت بريطانيا في قطع النيل عن مصر؟
- لارا ترامب تسحب ترشحها لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا
- قضية الإغلاق الحكومي كشفت الانقسام الحاد بين الديمقراطيين وا ...
- التمويل الغربي لأوكرانيا بلغ 238.5 مليار دولار خلال ثلاث سنو ...
- Vivo تروّج لهاتف بأفضل الكاميرات والتقنيات
- اكتشاف كائنات حية -مجنونة- في أفواه وأمعاء البشر!
- طراد أمريكي يسقط مقاتلة أمريكية عن طريق الخطأ فوق البحر الأح ...
- إيلون ماسك بعد توزيره.. مهمة مستحيلة وشبهة -تضارب مصالح-


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمدان محمود - ابن رشد