|
غلاء الأسعار وثورة الجياع
سامي الاخرس
الحوار المتمدن-العدد: 1490 - 2006 / 3 / 15 - 10:34
المحور:
القضية الفلسطينية
تعيش الضفة الغربية وقطاع غزة اقسي الظروف التي مرت منذ الاحتلال الصهيوني ، حيث يمارس أعنف وأبشع وأقذر الممارسات التي لم يدخر من خلالها جهداً وأسلوباً إرهابياً إلا ومارسه ضد أبناء شعبنا من ( قتل وهدم بيوت واقتلاع شجر ومزارع ، واعتقال وحصار وهدم البني التحتية ،واغتيال ،وهجمات صاروخية وجوية وبحرية ) معركة استخدمت بها كل مبتكراته العسكرية ،وقدراته التكنولوجية ، والأساليب النفسية والمعنوية ، ضد شعب لا يمتلك سوي إرادته وإيمانه بحريته وإنسانيته . ومع تزايد وطيس هذه الهجمات والممارسات ضد البشر والحجر ، ازداد ضعف أجهزة ومؤسسات السلطة الوطنية ،وأضحت غير قادرة من ضبط الحالة الأمنية في الأراضي الفلسطينية ، التي ترسخت وتجلت مظاهرها في عمليات الخطف لضيوف فلسطين ، والاشتباكات العشائرية ،وعمليات القتل اليومية ، وانتشار السلاح بأيدي الجميع ،وتناثر معسكرات التدريب للقوي الفلسطينية بحجة تدريب المقاتلين ، ولا اعلم أي تدريب للمقاتل يتم تحت مرمي صواريخ ومدفعية الاحتلال ، ولا أجد تفسير سليم لهذه المعسكرات التي تتسابق القوي الفلسطينية لإقامتها ، تذكرنا بمعسكرات الاحتلال عند المرور بها نفس الشكل السابق ونفس المواصفات ، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد فقط بل أضحي مراهقاً يطبق علينا قانون حياتي ، ووصل الأمر منع شرطي المرور من تنفيذ عمله ، منع موظف الطاقة والكهرباء من عمليات الترميم والصيانة ...الخ وتحولت وزاراتنا لموظفين يستمتعون بشمس آذار الدافئة ، يحتسون بها كؤوس الشاي والمشروبات ،ويتناولون أطراف الحديث عن الرواتب الشهرية والترقيات الإدارية . بخضم كل هذه الظروف وشعبنا تفترسه البطالة والفقر والحاجة ، حيث لم يعد يقوي علي مواصلة حياته اليومية ، وما له سوي التوجه بالدعاء بالفرج ويسر الحال ، وكلما توجه لله العلي العظيم ، يطل عليه من بعيد العباد بجشعهم وأطماعهم الدنيوية ،من جعلوا من أنفسهم مصدر لرزق العباد وتحكموا بلقمة عيش الأطفال . " عجبا لمن لا يجد قوت يومه ولم يشهر سيفه" لا زالت هذه الكلمات ترنو وتداعب ذهن الفقراء والشعوب المضطهدة ، وتختزل كل الآلام بالأعماق ، ومن هذه الشعوب شعبنا الفلسطيني الذي يصحو من نومه علي ارتفاع الأسعار دون أن يجد مبررا ،أو متغير اقتصادي عالمي لهذا الارتفاع يبرر به هذه الموجات في ارتفاع الأسعار والمتتالية باستمرار ، فمشتقات البترول ارتفعت خلال العام أكثر من مرة ، وأسعار المواد الغذائية الأساسية للحياة مثل "السكر والدقيق ..الخ" أضحت لا تطاق ، ويعجز الآلاف من أبناء شعبنا عن القدرة الشرائية لها ، فثارت الآهات من سائقي السيارات وتدافعوا لإغلاق الطرقات وعرقلة حركة المواصلات ، والكل يتساءل من هو المسئول ؟ فمنذ قدوم السلطة الوطنية عام 1994م وبسط نفوذها علي الأرض الفلسطينية ، قامت بنهج اقتصادي تحت عنوان "خصخصة الشركات " للارتقاء بالاقتصاد الوطني الفلسطيني ، فتم خصخصة الشركات الأساسية مثل" شركة الاتصالات الأرضية والخلوية ، شركة الطاقة ...الخ " ومنعت أي شركات أخري تنافس هذه الشركات ، وللحقيقة أبدعت هذه الشركات بأساليب ابتزاز المواطن الفلسطيني ، لإدراكها أن المواطن لن يذهب بعيدا عنها ،ولن يتخلى عن خدماتها ، فزاد جشعها وابتزازها ، وفتحت شهية المساهمين بها لابتلاع ما تقدر ابتلاعه من أموال وأرباح ، وويلاً للمواطن الذي يبدي أي احتجاج أو يتذمر علي هذه الرغبات ، فتحجب عنه الخدمة ويتهم بالاعتداء علي ممتلكات الدولة ، أو فليذهب ليشرب من بحر غزة ،وإن لم يعجبه ذلك فليشرب كل البحر ، وليغدو حيثما شاء فلن يجد من يسمع الصرخات . وأخر إبداعات الانتخابات المحلية التي طلت من عمق الإصلاح قيام بلدياتنا بملاحقة الموظف الفلسطيني وخصم دفعات من راتبه ، هذا الراتب الذي يضاهي رواتب موظفي الولايات المتحدة وفرنسا والدول الأكثر تقدما ، وعليه أن يرضخ ويجتز جزءاً من مدخراته الشهرية التي يضعها برصيده البنكي لتأمين مستقبل أبنائه .( عجبي ) بخضم هذه الظروف وهذا الحال التي تفترس شعبا بأكمله ،وهذا المشهد المؤلم الذي يعتصر الضمير ، وتدمي من صرخات الجوعي والمحرومين من تكويهم سياط الفقر وضيق الحال ، تتناقل لنا يوميا الأخبار قضايا مجلسنا التشريعي وتشكيل حكومة الإنقاذ وإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية ، وأسباب هزيمة فتح ونجاح حماس ....الخ من القضايا التي تأتي لتخدير أصوات هؤلاء الفقراء وتخديرهم بمخدر الانتظار والترقب .عسي أن تملئ أمعائه الخاوية في يوما ما . وعندما نهرب لنري أصحاب الأقلام والأدباء والمثقفين يصرخون بأحوالنا ومآسينا ، تجد نغمات وترانيم أدبية ، تهدف للاستهلاك وحصد الآلاف من أعداد القراء ، فتنتابك حالات الإعياء والغثيان ، فهناك من استهوتهم مراهقتهم الفكرية لتناول قضايا ومناقشات تشبع أهوائهم الشخصية ومصالحهم ، لا تراعي أي أحاسيس ومشاعر ، سوي إشباع ساد يتهم وتسلطهم علي كل من يعارضهم ، متسترا تارة بالوطن ،وأخري بالدين ، وهناك من ينبش القبور ويتطاول بشكل مهين علي جثث لا حولا ولا قوة لها ، واتهام المثقفين باتهامات تعبر عن شيئا ما بنفس يعقوب ، لم تتذوق مبدأ النقد ولا تعي معني التقدير والاحترام للغير . والعديد من مآسينا تنتشر كالرذاذ لترطب ضمائرنا النائمة بغياهب التوهان ، لتحصد وتجني ثمار همومنا ، وتبني بآلامها صرح المجد ، وتحقيق المكتسبات الشخصية. فهل تدنو منا ثورة الجياع ؟ ومن سيتحمل أسباب هذه الثورة؟ أنتم يا من جعلتم من أقلامكم ترفا تتلذذون به علي التعليقات ، وترفا تحصدون به أعداد قراء ، وترفا تشبعون به جنون العظمة ، وحب الشهوات والإشباع ، أنتم من تتحملون أهات هؤلاء الذين يموتون جوعا ، ويقتلون جهرا بفلسطين والعراق والسودان والصومال .
#سامي_الاخرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إبحار في ذاكرة عربي
-
المرأة والحب والجنس
-
ماذا حدث في الجلسة الأولي للمجلس التشريعي الفلسطيني؟
-
انا الشهيد........
-
قمر الشهداء أبو علي مصطفي ذاكرة وتاريخ
-
من مذابح لبنان إلي مذابح العراق ... ضريبة دماء فلسطينية بأيد
...
-
هل يطحن العراق بطاحونة الطائفية ؟
-
فلتان أمني أم فلتان أخلاقي
-
بخيت والديمقراطية الفلسطينية
-
تحرر المرأة من الشعار إلي الواقع
-
ومن هم غير الفاسدين
-
الجبهه الشعبية لتحرير فلسطين هل اكتمل الانهيار؟
المزيد.....
-
-لا يتبع قوانين السجن ويحاول التلاعب بالشهود-.. إليكم ما نعر
...
-
نظام روما: حين سعى العالم لمحكمة دولية تُحاسب مجرمي الحروب
-
لأول مرة منذ 13 عامًا.. قبرص تحقق قفزة تاريخية في التصنيف ا
...
-
أمطار غزيرة تضرب شمال كاليفورنيا مسببة فيضانات وانزلاقات أرض
...
-
عملية مركّبة للقسام في رفح والاحتلال ينذر بإخلاء مناطق بحي ا
...
-
إيكونوميست: هذه تداعيات تبدل أحوال الدعم السريع في السودان
-
حزب إنصاف يستعد لمظاهرات بإسلام آباد والحكومة تغلق الطرق
-
من هو الحاخام الذي اختفى في الإمارات.. وحقائق عن -حباد-
-
بيان للجيش الإسرائيلي بعد اللقطات التي نشرتها حماس
-
اختتام أعمال المنتدى الخامس للسلام والأمن في دهوك
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|