أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعر رافد الجاسم، رومانسية بشكل كلاسيكي ورؤية حديثة ..!!














المزيد.....

الشاعر رافد الجاسم، رومانسية بشكل كلاسيكي ورؤية حديثة ..!!


وجدان عبدالعزيز

الحوار المتمدن-العدد: 5850 - 2018 / 4 / 19 - 20:05
المحور: الادب والفن
    


كانت اولى الفنون، التي ظهرت في الوطن العربي قديما، وبين القبائل العربية هو الشعر والخطابة، وكان الشعر من اكثر الفنون، التي تهواها العرب، كونه كلماتٍ تتجسّد بروح كاتبها، عندما يقوم بإخراج كلمات ذُو معنى وقيمة تشعر بأنّها تخرج مِن قلب الشاعر، والشعر كنشاط ابداعي انساني، يتعامل مع عاطفة الانسان واحاسيسه الذاتية والموضوعية، موجودٌ مُنذ أقدمِ العصور، حيث اشتهر العرب انذاك بالفصاحةِ والشعر، وترجمة مواقفهم من خلال الشعر، وبه ومن خلاله تمت معرفةِ البيئة والثقافة في زمنِ الشاعر، ناهيك إنّ الشعر العربي يتطوّر ويظهرُ بأشكالٍ مُختلفة في كلّ عصر، اذ مرَّ منذ نشأته بعدد من المراحل التي ساهمت إلى تحوله وتطوره إلى الشكل المتداول في عصرنا الحالي، وكان للشعر العربي دور كبير وفعال عبر العصر، كما اسلفنا، وذلك كونه وسيلة التواصل الأمثل للتعبير عن وقائع الحياة والمعيشة والذات وعن العلاقة مع الاخر، التي كانت سائدة في كل مرحلة منها، كما ساهم في حفظ عدد كبير من الوقائع التاريخية المهمة، التي وصلت إلينا على شكل قصائد شعرية .. هذه المقدمة تَحكم بها ديوان (شغاف الروح) للشاعر رافد الجاسم بطبعته الاولى لسنة 2017م والصادرة عن دار اور، كونه اتخذ من البحور الخليلية شكلا له، لكننا حينما اوغلنا في قراءته، تبدتْ لنا مضامينة الحاملة روحين العصر والتراث، والتي تحاول التعامل مع الرومانسية بشفيف الكلمات، واناقة المعاني، ومن العنونة نبدأ، فمعنى شغاف هو غِلاف القلب ، أَو سويداؤُه وحَبَّته والجمع شُغفٌ، لكن الشاعر قصد الروح ولم يقصد القلب، فاستعار الشغاف وهي طبقة تعمل على تبطين الجزء الداخلي من القلب، اي طبقة حسية، والروح وهي جانب غير حسي، حيث لم تحدد الفلسفات والاديان المختلفة ماهية الروح، لكن أجمع الكثيرون على أنها ذاتٌ قائمةٌ بنفسها ذات طبيعةٍ معنويّة غير محسوسة أو ملموسة، وهي مخلوقة من جنسٍ لايوجد له نظير في العالم المحسوس (الموجودات)، وإنّ هذه الروح هي أساس الوعي والشعور والإدراك، واستناداً للمعتقدات الدينيّة فإن الروح تختلف عن النفس، فبدأ الشاعر من القلب الى الروح، وكانت مسيرته عبارة عن بحث جمالي عن حقيقة الحب والحياة .. من هنا جاء ديوان الشاعر رافد الجاسم اضافة مهمة لمشهد الشعر العربي، ولاسيما المشهد الشعري العمودي، وكان ذو لغة شفافة، تحمل وقعا جميلا على الذائقة، وبلاغة جاءت منسابة عفة الخاطر، ورسم الديوان رحلة معاناة وألم كابدها الشاعر وعبرت عنها كلماته، عبر موسيقى خليلية استوعبت خلجات الشاعر ورؤيته وموقفه من الحب والحياة، ومن خلال صور غزل رائقة، يقول :
(أيا عسلية العينين قولي لي وغنيلي
فإني مستفيض الوجد تغمرني ترتيلي
أيا عسلية العينين ضميني الى الصدر
وغطيني بأحلامي لكي أنسى أذى عمري
أيا عسلية العينين في قلبي مراسيك
تخطي كل أوجاعي وحطيني بعينيك)
وها نحن نشعر باحاسيسه وأوجاعه بكلمات تلقائية سلسة خالية من الغموض، وعفة الخاطر منسابة، تطرح معانيها بكل جلاء وحب، فالشاعر الجاسم التجأ الى الرومانس، وهو احد انواع الشعر المنتشر في العالم العربي والغربي على حد سواء، وهو عبارة عن كلام منسّقٌ ومصاغٌ بطريقة فنيّة تعبّر عمّا يجول في خاطر كاتبه، وما يخالج صدره من أحاسيس ومشاعر مختلفة، ويتميّز الشعر الرومانسي بالابتعاد عن التفكير المحض وترجيح العقل، وكذا الابتعاد عن الاهتمام بكافّة القيود والتقاليد الاجتماعيّة المختلفة، حيث أطلق عنانَ البوحِ للقلب عن كافّة المشاعر المرهفة والأحاسيس التي تخالجه بعبارات عفوية مليئة بالحب، فالجاسم جعل من المرأة هي الحبيبة والقريبة والإنسانة التي يستمدّ منها الإلهام بمختلف أنواعه، ورغم استثمار حرية الشاعر الرومانسي، الا انه بقي يحترم ادوار الحياة واعرافها الاجتماعية، يقول :
(تلألأ التوق في عينيك والوهجُ
ثغري بثغركِ بإسم الحبِ يمتزجُ
ونستفيق بارض التين في دمنا
مواسم لنبيذ ملؤه غنجُ
نحري ونحركِ ينبوعان من شغفٍ
كأنها لكروم المشتهى درجُ
مدّي ذراعيكِ ضميني فأن دمي
ينتابه السّكرُ والتنهيدُ والأرجُ
ياصوتَ فيروز حين الصبح يصلبني
على خيالات (شادي) بات يعتلجُ
هيّا المسيني بروحي الجدبُ مشتعلُ
بي ألف قيسٍ بخمر الوجدِ مختلجُ)
فبقي الشاعر الجاسم يعيش صراع الروح والجسد، ولن يفارق عنوان ديوانه، فلظم قصائده وفق هذا الصراع، الذي بقي يتصاعد، حتى اخر قصائده، وكأني بالشاعر الجاسم، قد دخل بحوارٍ وعتاب بين القلب والعقل بين الروح والقلب، الى متى ايها القلب تؤرقنى؟ رفقا ايها العقل بى؟ كيف لك انك تطلب منى ما لااستطيع فعله وانت تعلم جيدا ان حياتى مرتبطة بمن احببت؟ ما الذى استطيع ان افعله كى اهتم بك انت وهذا الجسد الغير قادر على حمايتى من التعب والفراق؟ ، وجملة هذه الاسئلة المبثوثة بالديوان، ومتخفية بين اسطر قصائده، تكفل الشاعر بالاجابة عنها من خلال انحيازه للحب والجمال بقوله في قصيدة (فضجَّ ثغرُ الهوى وانهالتْ القُبَلُ) :
(تناثر الحب من عينيكِ والأملُ
من لي سواكِ؟ وبوحي مجدبٌ ضحِلُ
أراقب الوجد يطفو فيكِ متخذاً
من وجنتيكِ نبيذاً منه ينتهلُ
ينسابُ ريقُ المنى ، تزهو الشفاهُ به
فأستعينُ بكأسٍ منكِ ينهملُ
حتى ألامسُ ثغراً ذابَ في شفتي
لثماً ، فهذا المدى من لهفتي ثملُ
سلّمتُ للعشق احلامي وقصتنا
فضجَّ ثغرُ الهوى وانهالت القبلُ)
وهكذا نذر الشاعر الجاسم نفسه وشعره للحب والجمال، حتى جاء هذا الديوان فعلا انه اعلان انساني له، ومن خلاله توضحتْ كل مواقفه الانسانية والوطنية والاجتماعية، فمنتهى لذة الحياة عند الشاعر رافد الجاسم، ان يعيشها مع التفكير والاهتمام بالاخر، وعنده الحياة فرصة والفرصة الحقيقية لا تأتي إلّا مرة واحدة، ولا بد من اغتنامها دون أن تنظر إلى خلفك.. الحياة حياة لا بد أن نعيشها كما هي، والحب كالحياة، نفسها يتحرك دائماً، يتحرك إلى الأمام وإلى الخلف ولكنه لا يتوقف.

هوامش :
ـ ديوان (شِغاف الروح) للشاعر رافد الجاسم/اور للطباعة والنشر/ الطبعة الاولى 2017م



#وجدان_عبدالعزيز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعرعبدالعزيز الحيدر ومحاولة ترويض اللاوعي للوعي ..!!
- الشاعر كريم الزيدي في كندا، مصطحبا الحزن العراقي معه..!!
- التشكيلية أفين كاكايى /رحلة البحث عن الوطن
- جنة عدنان .. موصلية ابداعها امتداد لحضارة بلدها
- الشاعرة حنين عمر/ورقصة الوهم
- الشاعر علاء احمد ، تتجلى معانيه بصور المفارقة
- الشاعرة رشيدة موني في صراع لاختراق المألوف
- افياء الاسدي : الشعر والحضور
- الشعر التلقائي والابتعاد عن الرقيب الاجتماعي في رؤية الشاعرة ...
- (حلمة الهذيان) في (تميمة قلب) للشاعر تحسين عباس
- شمس تبريزي ورباعيات مولانا صراع مرير مع القبح الأرضي
- صراعات فكرية ، تحملها قصيدة (ماهية السر)
- رواية (احببت حمارا) ، والسخرية الاحتجاجية
- الفنانة ندى عسكر ، سر الخلود يغويها بالبحث
- التجريد افتراق ولقاء لتأصيل الوعي الفني ، لوحات الفنان اسعد ...
- الفنانة رؤيا رؤوف : امرأة ملطخة بالوان الالم
- الكاتب كاظم الحصيني : لازال صراعه مستمرا /رواية (الدوران في ...
- فاضل الغزي:يفاوض الضمير الانساني في الحب ، رواية (غواية العز ...
- فاضل الغزي : يفاوض الضمير الانساني في الحب ، رواية (غواية ال ...
- الشاعرة هناء شوقي : الفجيعة والعهد جسر من كلام


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - وجدان عبدالعزيز - الشاعر رافد الجاسم، رومانسية بشكل كلاسيكي ورؤية حديثة ..!!