أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نوار مهدي النجار - لمحات من قصة نجاح -أبو زيدون- في زمن الغباوة















المزيد.....

لمحات من قصة نجاح -أبو زيدون- في زمن الغباوة


نوار مهدي النجار

الحوار المتمدن-العدد: 5849 - 2018 / 4 / 18 - 22:28
المحور: كتابات ساخرة
    


باعت امي اخر قطعت حلى كانت قد ورثتها من أبي الذي أقنعوه أن الوطن أهم من عياله, لتشتري لي بدله وربطة عنق فاخرة فقد اقنعتها "ام عدنان" الخبيرة الروحانية في محلتنا أن سبب الحظ السيء الذي يلازمني خلال العشرون مقابلة الماضية للحصول على وظيفة هو لون ربطات العنق. فاشترت لي ربطه عنق لونها لم يثبت لدى المنجمين والمبصرين بأنه ذا طالع سيء بعد جلسة استشارية مع "ام عدنان". حلم الوظيفة لم يعد حلا لمشكلتي المادية فقط بل حلا لمشكلتي النفسية ومشاكلي المتكررة مع اخوتي الذين ما زلت أتقاسم معهم الغرفة في منزلنا المتواضع الذي تطفح فيه المجاري شتاء" ويحمى وطيسه بنا صيفا وحتى مشكلة العنوسة يعزوها الخبراء الى قله الدرجات الوظيفية المتوفرة متزامنا مع ازدهار تأسيس الجامعات الهابطة التي أدت الى انقراض الطبقة الوسطى التي هي أساس تقدم أي دولة وتبنى بسواعدها الحضارات. فالأمية انتقلت بفضل التخطيط "الناجع" من البيوت والشوارع الى الجامعات فلم نعد نفرق بين المهندس وغير المهندس وبين المحامي وغير المحامي بين الطبيب والمضمد. الكليات أصبحت اشبه بمكاتب تزوير الشهادات المجاز رسميا بدون أدنى مستوى من النوعية.
وكما هو متوقع تم رفضي للمرة الواحد والعشرون أنا وربطة عنقي الجديدة ذات اللون "الشذرماوي" و"فايلي" الأصفر وامال امي وحتى دعاء حبيبتي "يا سبت يا مسبوت" ونذورها للأولياء والصالحين لم يجدي نفعا لتذليل عقبات زواجنا امام تعويذة النظام السياسي الجاثم على صدورنا مثل ما يقبع الجاثوم على صدر تارك الصلاة.
بعد كل انهيار حزين ومحاولة فاشلة تعودت أن أجلس في مقهى صغير أرتشف القهوة قاتمة السواد وموغلة المرارة تماما كنظرتي لخططي المستقبلية. ضحكات بلهاء بصوت عالي أتت من الطاولة المجاورة كادت ان تثقب اذني الوسطى وأزعجت كل الجالسين في المقهى من ضمنهم رجل كبير نظر الى صاحب الضحكة ثم ضرب الراح بالراح وهم بالخروج ولسان حاله يقول "متى تنقرضون ملئتم البلد؟" دفعني فضول عارم لأسترق النظر لمعرفة من صاحب تلك الضحكات.
كان وجه هذا الرجل المتخم والمحاط بالحمايات ليس بغريب عني اكاد أجزم أنى رايته من قبل.
نفضت التراب عن رفوف عقلي وفتشت فيها.. أين يا ترى رأيت هذا الوجهة؟ ..... يا رباه.... تذكرت كان أحد زملائي في الدراسة الإعدادية.
توجهت صوبه تدفعني عفوية الشوق للأيام الخوالي بغثها وسمينها... "مرحبا .... كيف الأحوال هل تتذكرني أنى زميلك في الخامس (أ) كنت دائما تغش على ورقتي الامتحانية في الرياضيات والفيزياء والكيمياء و.... اقصد في كل المواد ".
"كيف تجرؤ على التحدث للأستاذ ابو زيدون بهذه الصورة" صرخ بوجهي أحد حمايته " ألا تعلم أن الأستاذ أبو زيدون مدير عام ومرشح لمنصب الوزير".
أومئ أبو زيدون لحمايته وقال " اه ...نعم تذكرتك لقد كنت تجلس في الصف الأول وكنت تقلق قيلولتنا بنقاشك مع المدرسيين واسئلتك السخيفة". قلت "كيف أصبحت مديرا عام وانت لم تحفظ حتى جدول الضرب رغم الضرب الذي كنت تلقاه من المدرسين؟".
ضحك أبو زيدون وأسهب قائلا "لن تستطيع أن تزعجني بهرائك فأنا اليوم بمزاج عالي فقد حصلت على جائزة المدير العام المثالي لهذا العام أجلس ودعني أروي لك قصة طريفة حدثت مع ابني زيدون ذات يوم سرق المسدس الذي اهداني إياه الوزير بعد ما نجحت بذكاء تمرير صفقة لصلحه، اخذه من مجر درج مكتبي الى المدرسة وقام الشقي بأطلاق النار على مدرسة كانت تحاسبه وتزعجه كثيرا". متلهفا سألته "وماذا حدث للمدرسة؟"
قال "لم تمت كما قمنا بدفع "الديه" كتعويض لما لحقه بها والحمد لله انها لم تعد تزعجه وأصبح زيدون الشقي يحصل على العلامة الكاملة في هذه المادة. وكيف هي احوالك حدثني؟"
اجبت بمرارة "لم احصل لحد الان على وظيفة ...."
عاد للضحك من جديد وقال "لدي فكرة بتأليف كتاب يعالج مشاكل الشباب ويقدم لهم بعض النصائح المستنبطة من حياتي الشخصية فأنا أعتبر شخصية عابرة للطائفية والقومية فلقد مر على وزارتنا وزراء من مختلف الطوائف والقوميات كلهم أشادوا بحسن أدائي وملأوا صدري بالنياشين والاوسمة والمكافئات والترقيات وكتب الشكر فأنا وجدت الخلطة السحرية للموظف الناجح في هذه الظروف, سأرسل لك نسخة لعها تنفعك في حياتك المهنية" ثم أكمل "قد تستغرب إذا قلت لك أن الإدارة العليا للبلد تبحث عن ثلاث صفات في أي سيرة ذاتية لأي متقدم لأي وظيفة" واستمر قائلا " على الرغم ان هذه اسرار الدولة ألا أنني سأشرح لك ردا لمساعدتك لي في الإعدادية. دعني اسألك سؤال من هو الصبور والمطيع والذي لا يسأل كثيرا؟".
قلت بثقة "هل الحكومة تبحث عن حمار؟"
أنزعج أبو زيدون وقال "أن عقلك يحتاج الى إعادة تشكيل أنا أمثل الموظف الناجح في هذه المرحلة وأنت تبحث عن تعين ولم تجده ولن تجده بهذه الطريقة. من هو الحمار أذا؟" ودخل في نوبة ضحك ثم همس بأذني “هل تعتقد ان سراق البلد سيمنحون وظيفة او منصب لشخص يسأل ويناقش كما كنت تفعل أنت مع المدرس في المرحلة الإعدادية؟ ويبني للناس ما يريدون ويعمر البلد؟ وبعدها ينتقل البلد من "اللانظام" الى "النظام" وبعدها سيكتشف الناس من السارق ومن المزور ومن الراشي ومن الجاهل..... لا... لابد أن تبقى "الفوضى الخلاقة والمنظمة" لكي يعيشون ويستمرون ويتكاثرون .... أعرف أنك لن تفهم ولكن سوف أبسط هذه النظرية في كتابي، ماذا تقترح اسما للكتاب؟ "

نهضت من مقعدي وهممت بالخروج دون ان أتكلم
ضل أبو زيدون يصيح من خلفي "أشرب الشاي بالياسمين أنه مريح للأعصاب ...... ههههههههه"
هل يجب أن نغير الخطاء أم يجب علينا أن نتكيف مع بيئة الخطاء؟ هل نعلم اولادنا بان يكونوا ناجحين مثل أبو زيدون كنموذج للناجح في زمن الفشل بأقل الإمكانيات وأقصر الطرق في مستنقع يساعد على نمو الطفيليات والمتسلقين وكائنات متعددة الأوجه؟ كيف اقنع الذباب أن النظافة أفضل من الوساخة؟ أم ننصحهم بطريق العلم والثقافة الوعر الشائك و "أن شواهق الجبال هي مقبرة النسور" وأن يكونوا مثل "زها حديد" والتي أحرقت روحها قربانا لتضيء دروب الظلام بالعلم والمعرفة؟
وفي أثناء توارد هذه الاستفهامات في راسي وتكاد تطبق على انفاسي هي وربطة عنقي المزركشة ماذا سأقول لأمي التي باعت كل المتبقي لديها لتراهن على الحصان الخاسر ماذا أقول للتي ضيعت العديد من الفرص كانت متاحة واقنعت والدها أنى سوف أحصل على وظيفة محترمة تليق بشهادتي واتقدم لخطبتها؟ أستحضرني بيت شعر كنت احفظه لشاعرنا المتنبي:
"لكل داء دواء يستطاب به ........ ألا الحماقة أعيت من يداويها"
ولا أدرى ينطبق هذا البيت على من هم في شاكلتي ام على صاحبنا أبو زيدون؟




#نوار_مهدي_النجار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس نهاية العمر
- مقارنة جدلية بين لعبتي -داعش- و-الحوت الأزرق-
- المسلم .....بين مطرقة تقديس التراث وسندان الاندماج في الحداث ...
- قصتي تفكر إبراهيم وخلق ادم بين ترجيح العقل والتصديق المطلق


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - نوار مهدي النجار - لمحات من قصة نجاح -أبو زيدون- في زمن الغباوة