|
زوّجناكها
محمد بن زكري
الحوار المتمدن-العدد: 5849 - 2018 / 4 / 18 - 17:08
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كانت شهوة النبي محمد للنساء قوية مندفعة بلا حدود ، ما جعله يستصدر لنفسه نصوصا تشريعية استثنائية ، تبيح له إشباع رغباته الشهوانية المتقدة ، التي أطلق لها العنان بعد موت زوجته الأولى خديجة ؛ حيث ما كان له - في حياتها - أن يتطلع إلى امرأة سواها ، إما نظرا لكونها صاحبة الفضل عليه بالاغتناء بعد الفقر ، و إما لأنها كانت - و على الأرجح كان هو أيضا قبل النبوة - على النصرانية التي لا تبيح التعدد . أما و قد ماتت خديجة ، فقد آن له أن يعوض ما فاته في شبابه من متع الجنس ، خاصة و أنه - كما يرى نفسه - قد أوتي قوة أربعين رجلا في الجماع ، حسب ما أوردته عنه كتب التراث و الأحاديث من أقوال . و من تلك التشريعات الاستثنائية ، نكاح مَن تهب له نفسها مِن النساء المؤمنات ، لينكحها دون مهر ، في جملةِ مَن نصت عليهن الآية 49 من سورة الأحزاب : " يَٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَٰجَكَ ٱلَّٰتِىٓ ءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ، وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ، وَبَنَاتِ عَمِّكَ ، وَبَنَاتِ عَمَّٰتِكَ ، وَبَنَاتِ خَالِكَ ، وَبَنَاتِ خَٰلَٰتِكَ ٱلَّٰتِى هَاجَرْنَ مَعَكَ ، وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِىِّ إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِىُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا ، خَالِصَةً لَّكَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ، ۗ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِىٓ أَزْوَٰجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُهُمْ ، لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ .. " . و كما يبدو واضحا من النص ، فإن نكاح مَن تهب نفسها مِن النساء ، هو رخصة خصوصية للنبي محمد .. فيما لو رغب ، لا يتعداه حكمُها إلى غيره من المؤمنين . و بالمِثل كان تشريع الزواج مِن مطلقة الابن المتبنَّى ؛ فلقد زوّج محمد ابنه بالتبني (زيد) مِن الأرملة الحسناء (زينب بنت جحش) ، التي كانت أولَ أمرِها قد أبت الزواج منه ، نظرا لسمو مكانتها الاجتماعية عن مكانته (لسابق عبوديته) ، لكنها عادت مرغمة فقبلت به زوجا ، امتثالا لما نزل فيها من آي الذكر الحكيم (!) ، حيث يذكر الطبري في تفسيره ما مفاده ، أن النبي محمدا لما أتى زينب خاطبا ، قبلت ظنا منها أنه يطلبها زوجة له ، فلما علمت أنه يخطبها لزيد أبت عليه ذلك و استنكرته و جادلته فيه ، و بينما هما يتحاوران أنزل الله الآية : " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍۢ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ- أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ " [الأحزاب : 36] ، فقالت زينب أترضاه لي مَنكحا و أنا ابنة عمتك يا رسول الله ؟ قال : نعم ، فقالت : إذن لا أعصي رسول الله ، قد أنكحته نفسي . وذات يوم أتى محمد يطلب ابنه المتبنّى زيدا في بيته ، فاستقبلته زينب التي كانت تلبس رداء شفافا منحسرا يُظهر مفاتنها الأنثوية الفائرة ، فما كان من محمد الرجل الذواقة للجمال الأنثوي ، إلا أن بدا عليه الاضطراب ، ورجع إلى بيته وهو في حالة شديدة من التوتر ، يردد : سبحان مغير القلوب ! و كما يُجمع المفسرون فقد وقع في نفسه استحسانُ زينب و هي في عصمة زيد ، و استقر في دخيلة نفسه أن يطلق زينب من زيد ليتزوجها هو ، رغم العرف الأخلاقي الاجتماعي ، المستقر على أساس إنسانيّ ، الذي يمنع الزواج من زوجات الأبناء بالتبني ؛ فكان النص التشريعي الذي يبيح للنبي محمد ذلك ، بآية من سورة الأحزاب : " وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّـهَ ، وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّـهُ مُبْدِيهِ ، وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّـهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ ، فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا ، لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا ، وَكَانَ أَمْرُ اللَّـهِ مَفْعُولًا " [الأحزاب : 37] . ولقد أتم محمد زواجه من زينب ، فدخل عليها دون إذن ولا مهر و لا تجديد قِران و دون أن يطلبها من أحد (أنظر تفسير الجلالين) ، و تلك أيضا من خصوصياته التي لا يشاركه فيها أحد بإجماع المسلمين . ويتضح من النص أن محمدا كان يستشعر حرجا شديدا في انتزاع (زينب) من زوجها ، الذي هو ابنه بالتبني " وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّـهُ مُبْدِيهِ " ، خشية أن يعيب عليه الناس ذلك ، " وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّـهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ " ، وكان التردد غالبا عليه رغم قوة اشتهائه الجنسي لها ورغبته القوية في امتلاكها جسديا ؛ غير أنه كما كل الأنبياء وجد الحل في إحالة الأمر إلى مشيئة الله ، الذي شاء - هذه المرة - أن يتيح لمحمد تطليق زوجة من زوجها ، ليتزوجها هو ، " فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا " ، و ذلك لمجرد أنه رغب بها فجأة ، حتى و إنْ كانت زوجة رجل ينتسب إليه بالتبني (دعيّه) . و لكي يَخرج النبي محمد من محنة تأنيب الضمير ، و يُغلق أفواه المنتقدين ، لم يفته أن يستنطق ربه مبررا تشريعيا ، لتعلقه المفاجئ بزينب و انتزاعها من حضن ابنه بالتبني زيد ، ليتزوجها هو ؛ تمضي الآية رقم 37 من سورة الأحزاب لتقول : " لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا " . لكن كتب التراث لا تورد مثلا لزواج رجل مؤمن من زوجة (دعيّه) ، على غرار ما فعله محمد مع دعيّه زيد و طليقة دعيّه زينب . و هكذا فرض علينا محمد أن نعرف بالتفصيل الممل قصته الشخصية مع زيد و زوجته زينب ، التي صارت بعد ذلك أماً لزوجها السابق زيد ، نظرا لأن المشيئة الإلهية (!) ، كانت قد قررت أن تحرم الآخرين من الاقتران بزوجات النبي محمد بعده ، لفرط غيرته عليهن . فقد أورد البخاري نقلا عن ابن عباس قول النبي محمد : ليس أحد أغير من الله ، وليس أحد أغير مني ، و من ثَم كانت الآية : " ٱلنَّبِىُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَٰجُهُۥٓ أُمَّهَٰتُهُمْ " . [الأحزاب : 6] . لكن الله لم ينتبه هنا إلى أنه يتناقض مع نفسه منطقيا ! ففي حين قرر أن زوجات النبي هن أمهات المؤمنين ، نسي أن يتوافق مع نفسه ، فيقرر بالتالي أن النبي هو أبوهم ؛ و ذلك حتى يستقيم الأمر - في العقل والمنطق - طالما أن زوجاته أمهاتهم ؛ و كيف له أن ينتبه إلى عدم استقامة أمر أمومة بلا أبوّة ، و هو قد قرر قبل ذلك أن يلغي رابطة الأبوة - الروحية والاجتماعية - بين محمد و ابنه بالتبني (دعيّه) زيد ، تمهيدا لشرعنة زواج الأب من مطلقة ابنه بالتبني ؟! لا لشيء إلا لانبهار محمد بمفاتن زينب و رغبته بامتلاكها . وعودة إلى النص " فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا " ، أي ما معناه : لما كان (زيد) قد نال مبتغاه وشبع منها جنسيا حتى ملّ معاشرتها ، قررنا أن نزوجها لك ! هكذا بكل بساطة ! حتى إن زينب كانت تتفاخر على باقي نساء النبي محمد بقولها : لقد زوجني الله من فوق سبع سماوات . ويحق لها ذلك طبعا ، خاصة و أن الأمر قد حدث معها لمرتين ! وحتى يتخفف محمد من عبء الشعور بالحرج ، فقد رأى أن يعوض زيدا عن زوجته زينب بأحسن منها .. لكن في الجنة ؛ أورد البخاري في صحيحه قول النبي : " دخلتُ الجنة ورأيتُ فيها جارية ، فسألتُها : لمن أنتِ ؟ فقالت : لزيد بن حارثه " ؛ فبشر بها رسول الله - صلى الله عليه و سلم - زيدا . و لا ندري لماذا رأى النبي جارية زيد دون جواري غيره من الصحابة و (السلف الصالح جدا) ! و ليس من تفسير للأمر سوى كونه ترضية لزيد و تعويضا له عن فقدان زينب بنت جحش ، التي أخذها النبي منه ، بعد أن قضى زيد منها وطرا ، حتى ملّها و كره معاشرتها فتخلص منها بالطلاق ! . و هكذا بفضل جمال السيدة زينب بنت جحش ، دخل السيد (زيد) التاريخ من باب واسع جدا ، فهو الوحيد من بين كل الصحابة ، الذي اختصه الله بذكر اسمه شخصيا في القران ، فصار اسمه يتردد يوميا على ألسنة ملايين البشر ، ويحتل آلاف الصفحات الورقية والالكترونية والأقراص المدمجة و الفيديوهات و الإذاعات المرئية والمسموعة . حسنا ولا بأس ؛ فللنفوس ميولها ، وللمشاعر نزواتها ، و للأحاسيس منطقها ، وللطبيعة البشرية قوانينها ، وللظروف أحكامها ؛ لكن .. ما لنا نحن وما للسيد زيد حتى يظل اسمه مقررا علينا إلى الأبد ؟!
#محمد_بن_زكري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رمزية الجنس في أساطير ديانات الخصب
-
الخليفة عمر يغتال سعد بن عبادة و يتهم الجن باغتياله !
-
نحو الرسملة و إعادة إنتاج مشروع ليبيا الغد النيوليبرالي
-
وحدة الأمومة بين المرأة و الطبيعة
-
Pedophilia .. بما يرضي الله !
-
الاشتراكية هي الحل .. بلا دوغما
-
نحو أنسنة العلاقة بين المرأة و الرجل
-
التأنيث و المنفى
-
البربر / إمازيغن هم الأحفاد المباشرون ل (كرو – ماجنون) *
-
الشعوبية ، نزعة عنصرية أم حركة تحررية
-
نظرية المؤامرة
-
عندما يصبح اللقّاق و النصّاب و النشّال حكاما
-
شمولية التحرر استجابةً لتحدي شمولية الاستبداد
-
دعوة إلى ثورة شعبية / اجتماعية ، يدعمها الجيش الوطني
-
نانّا تالا
-
التمييز (العنصري) في المجتمع الليبي
-
السلفية .. أيديولوجيا التشرنق في الماضي التعيس
-
فاضت كؤوسُها فكفّ الشرِّ أو الطوفان
-
ليبيا تغرق في البحر الميت
-
لماذا و إلى أين حربهم التاريخية على المرأة ؟
المزيد.....
-
الرئاسة المصرية تكشف تفاصيل لقاء السيسي ورئيس الكونغرس اليهو
...
-
السيسي يؤكد لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي على عدم تهجير غزة
...
-
السيسي لرئيس الكونغرس اليهودي العالمي: مصر تعد -خطة متكاملة-
...
-
الإفتاء الأردني: لا يجوز هجرة الفلسطينيين وإخلاء الأرض المقد
...
-
تونس.. معرض -القرآن في عيون الآخرين- يستكشف التبادل الثقافي
...
-
باولا وايت -الأم الروحية- لترامب
-
-أشهر من الإذلال والتعذيب-.. فلسطيني مفرج عنه يروي لـCNN ما
...
-
كيف الخلاص من ثنائية العلمانية والإسلام السياسي؟
-
مصر.. العثور على جمجمة بشرية في أحد المساجد
-
“خلي ولادك يبسطوا” شغّل المحتوي الخاص بالأطفال علي تردد قناة
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|