أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - علي ابو عراق - المرأة العراقية مجمرة الحزن الابدي














المزيد.....

المرأة العراقية مجمرة الحزن الابدي


علي ابو عراق

الحوار المتمدن-العدد: 1490 - 2006 / 3 / 15 - 10:56
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ويبلغ خبر (ادموزي) إلى أخته .. فتنشق ثيابها وتلطم خديها وتذرف الدموع وتنوح عليه بحرقة وحرارة :
راح قلبي إلى السهل نائحاً نائحاً
راح قلبي إلى مكان الفتى
إلى العالم السفلي .. مرقد المراعي
راح قلبي إلى السهل نائحاً .. نائحاً
وعن لسان زينب أخت الإمام الحسين (ع):
الكلب شاجر على ابن أمي وداوي
تضعضع وانهدم حيلي وداوي
لا مجروح حته اكعد وأداوي
ولا غايب وأكول يعود إليه
وتقول فدعه بنت علي ابن صويج بسبب مرض أخيها أو موته :
أشما تون يحسين أنا أشيط
النوم عفنه والغطيط
يمعدل العوجه عدل ميط
يمعزب الخطار تشريط
وتقول جنوبية أخرى لا احد يعرف اسمها ، ربما لفقدان أخيها أيضاً:
كلبي معلك من عروكه
وعيني تبوك النوم بوكه
وريجي شري يا هو اليضوكه
أو ما تنتحب به أخرى :
وين الفراش الجان مفروش
أوين العيال الجانت تروش
صفينه يخويه بسبة طروش
في دورة الحزن التي لا تنتهي هذه .. لن تجد قطيعه أو خروجاً رغم تغيير العصور والدهور .. منذ العصر السومري وربما قبله منذ أن أوصت عينانا أخت دموزي وصيفتها (ننشوبر) احتياطاً من عدم عودتها بعد ثلاثة أيام من العالم السفلي ... في رحلة بحثها عن (دموزي) وقالت لها :
أن لم يقف انليل إلى جانبك في هذا الأمر
فاذهبي إلى أور
وفي أور عند دخولك البيت
الذي هو بيت الرهبة في البلاد
بيت الإله نانا .. انتحبي أمام نانا
فقط أوصتها أن تنتحب وكان النحيب هو خلاصة ما مكن أن يستدر رحمة الإله أو عطفها أو ربما خداعها وأسقطت جميع الممكنات الأخرى .. وحتى الآن لم يزل هذا التاريخ الملقح بالنحيب والمثقل باستحواذ الفجائع والبراعة المتناهية في أسطرتها ممتداً في الروح العراقي دون انقطاع؛ويتناسل في كل عصر ومرحلة تاريخية وربما ليس اكتشافاً أن نقول أن الحزن صناعة عراقية خالصة للحد الذي يلتحم فيه الواقعي والأسطوري ويتحول إلى موروثاً حياً له سلطته النافذة وطقوسه ومراسيمه التي تتحكم قي وجدان العراقيين وعواطفهم بل في تاريخهم وحياتهم اليومية دون الإلحاح في تأكيد واقعيته ولا الاهتمام في كبح اسطوريته وإذا كنا قد أخذنا المرأة أنموذجاً فهذا لا يستبعد الرجل ضمناً ، ولكنه كان هو على الأغلب بطل المرأة ومادة حزنها إضافة إلى كونه قامعها ومحزنها وهي قربانه الدائم للتضحية وفي هذا إشكالاً كبيراً وخصوصاً في العصور الأخيرة وربما لا يجد المرء جواباً أكيداً عن دورة الحزن العراقي وتعالقها غير المنقطع في تاريخ وروح العراقيين سوى أن العراق ووادي الرافدين هو مهد البشرية وطفولة الإنسانية وجغرافية تجاربها وصراعها وعواطفها الأولى أو ربما لان التاريخ الإنساني هو تاريخ الحزن والفجائع والانكسارات أمام جبروت المجهول وقسوة الطبيعة وقيل أيضاً إن ظراوة طبيعة العراق وعدم انبساطها إضافة إلى كونه مرتعاً لكل الفاتحين والحالمين بالمجد والثروة والنفوذ كانت من الأسباب المهمة التي أسست لأبجدية الحزن وقواميس الفواجع فيه فكان النحيب فناً عراقياً خالصاً لا يشاركه فيه احد ألا بالتأثير أو الاقتباس ولعل هذا كان شديد الوضوح في تراجيديا كربلاء وبكائيات ملحمة الطف وليس سواها، أما ما تبقى من فعاليات الحزن ومظاهره المختلفة فليس ثمة ما يشير أن شعباً آخر له ذات الآصرة والتو اشج والتاريخ الغائر في الأسطورة والحياة مثلما هو لدى العراقيين وربما إميل إلى رأي قد لا يلقى قبولاً لدى الكثيرين وهو لو أن ملحمة الطف حدثت في ارض أخرى غير العراق لما أغرقت بهذا الطوفان الهائل من الحزن وهذا الانسجام الرهيب والمتجدد للتماهي والتنافذ مع الفجيعة وكأن دورة الحزن هي دورة الحياة وإيقاع الوجود وسر الطبيعة لدى العراقيين .. تحت تأثيرات كل ذلك أسست مسلة الأحزان العراقية قبل مسلة حمورابي وظلت تكتنف كل العصور باعتبارها الملمع الأبرز للحياة العراقية وسايكلوجية الفرد العراقي فهي الحاضر الأبدي في مناحات الشعراء السومريين إلى مناحات تراجيديا كربلاء وحتى مناحات نساء الجنوب .. والوسطي أو الشمال تغيرت الكثير من مظاهر الحياة ونشأت عتبات جديدة في التاريخ وفصول جديدة من الحضارة الإنسانية ولكن الحزن العراقي ما انفك عن مناحاته وبكائياته وطقوسه المتجددة.
----------------



#علي_ابو_عراق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تداعيات بصري عائد من المنفى
- ضحايا السيول في سفوان..بين برد كانون وتجاهل الحكومة
- شعر المرأة العراقية وكسر نسق الاستبداد ظاهرة ( اكعيم) في الد ...
- 2ملتقى السياب التأسيسي
- ملتقى السياب التاسيسي
- مهرجان السياب الثالث
- المسيحيون في الجنوب بين ماض جميل وحاضر مليء بالخوف


المزيد.....




- المجلس الوطني يدين جرائم الاحتلال ضد المرأة الفلسطينية ويطال ...
- وزارة المالية : تعديل سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024.. تع ...
- المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
- #لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء ...
- المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف ...
- جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا ...
- في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن ...
- الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال ...
- فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى ...
- مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 % ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - علي ابو عراق - المرأة العراقية مجمرة الحزن الابدي