|
شرف العروس زفافها!!!ا
شيماء بوحلتيت
الحوار المتمدن-العدد: 5847 - 2018 / 4 / 16 - 19:31
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
شرف العروس زفافها!!!ا
عبر بقاع العالم كان ولايزال الكائن الانثوي ذاك المستلب والمغترب عن ذاته؛ اقل سلطة ونفوذا وحظوظا, مقارنة بما يتمتع به نظيره الذكر من ظروف ومناخ يتيح له فرصة الاستكشاف والمغامرة والتطور للوصول لموقع قوة, مهما كانت بساطته, ليفتح له المجال للافتخار والظهور والاستعلاء امام كائن يراه مغايرا عنه. ان احتقاره وازداءه لذلك المختلف عنه يوفر له لذة من نوع خاص؛ فمهما بلغ مستواه في المجتمع من دونية فإنه يشعر بالراحة دائما حين يعود لمنزله ويجد امرأة خادمة له؛ ناهيك عن العلاقة التي تربطه به ان استعباد المرأة أفرز لنا قوى شريفة مناهضة عبر التاريخ برزت في العالم الغربي الأوروبي والامريكي في مطلع القرن الثامن العشر وتم إحتضانها من طرف كل نساء العالم المتعطّشات للحرية الإنسانية وبطبيعة الحال المرأة العربية والمغربية. إن ما أثار اهتمامي كدارسة مبتدئة للفكر النسوي ومتابِعة لمستجدات قضايا المرأة, هو اقتصار النضال -غالبا وليس دائما- على أوجه الإضطهاد والتناقض المباشرة والصريحة والجلية على جنس الانثى. لكن هناك اشكال خفية من الاضطهاد و الاستعباد لا يُنْتَبَهُ لها لكونها لا تحمل عنفا مباشرا ولا تعكس قمعا صريحا بقدر انها امور تتخلل حياتنا اليومية و تسري في ثقافتنا العرجاء سريان الدم في الشرايين عند الحديث عن قضية المرأة غالبا ما يتم التركيز على أحقيتها فيما يتعلق بكل ما هو اقتصادي من مراكز سلطة ومناصب و وظائف وممتلكات وكذا الجانب الحقوقي كالحق في الحياة والتعليم والميراث وحرية التنقل والمشاركة السياسية والحق في الاقتراع وحرية التصرف واللباس وعدم الاكراه على الزواج والحماية من الأذى الجسدي والاغتصاب والتحرش وغيرها. بعض هذه الحقوق وبفضل نضالات الحرائر أصبحت حقوقا مكتسبة وفي بعض المناطق والبيئات تحديات تتطلب عملا كثيرا وبعضها طابوهات لا تعتبر بالأساس حقا للمرأة؛ بل ويٌعتبر المطالبون بها شواذا ومرضى يسعون للفساد و يريدون تدمير القيم. إن تشييئ المرأة وقوقعتها داخل قوالب مجتمعية جاهزة يتجلى في مختلف الموروثات المجتمعية الثقافية والتاريخية والدينية؛ ومنها مؤسسة الزواج التقليدية اللتي مازالت اكبر سجن يسوق فيه النساء احلامهن للزوال. ولا وجود لزواج بدون عرس فلن يتم اعتبارك متزوجة حتى يأكل ويشرب ويرقص ويُنَمّم الناس في عُرسك. فحفل الزفاف وطقوسه ومتطلباته لا تعد مجرد عادات وتقاليد يمكن ان يقوم بها الفرد او يتركها بل انها شعائر مقدسة وواجبات أسرية ومجتمعية صارمة لاتخلو من اجواء فرح وكدا من مجموعة من التناقضات اللتي تحتاج مراجعة. تتوقع معظم الفتيات ليلة عمر مميزة يشعرن فيها بالاهتمام والفخر والانجاز وبأنهن المركز و محور كل الاحداث وسعادتهن الغاية وراء كل الاستعدادات والترتيبات. لكن ان تكوني عروس فالأمر ليس بالسهولة والجمال والصدق كما يروج له. وسأقدم لكم هنا بعض من وليس كل مظاهر الإستعباد التي تعيشها الأنثى في مايسمى بليلة العمر. اولا بعد الخطوبة يصبح مشروع الزفاف وترتيباته وموعده وما يتعلق به من اختصاص الاسرة , وبكلفة الهدايا والحفل يقاس شرف العروس وقيمتها وان تجرأت اي امرأة ورفضت الاحتفال بالأساس فإنها تصبح في نظر الكل رخيصة خرجت من بيت أبيها بلا كرامة ولا عزة؛ فحفل الزفاف اذن ليس مجرد موعد للغناء والرقص والإشهار فقط بل انه دليل على عُلو شأن المراة و عزة شرفها. ثاني يؤطر شخص العروس منظومة قيمية معينة يجب عليها التقيد بها حرفيا وإلا فقدت "سر العروس" ومكانتها. ان العروس المغربية طفل مطيع خنوع؛ عليها ان تقبل كل الاراء ولا تناقشها فجزء من كونها عروس هو الطاعة الكاملة والتعفف عن الجدال وعدم ابداء الرأي ولا يتعفف الكثير من المقربين في تجمعات عائلية بتذكيرها " انت عروسة غير شوف واسكت" " ديها غير فجمالك وعملي هدشي لي كنقولو لك" ان الصورة الثقافية اللتي يريدون ان تكون عليها العروس هي صورة مصغرة لما ينبغي عليه ان تكون المرأة داخل مجتمعها في حقيقة الامر ثالثا العروس لا تَحتفل بل يُحتفل بها في العُرس الشمالي المغربي نموذجا اصبحت غالبا ما تُقام الاعراس على مدى يومين. في يوم "النقش" تدهن أرجل وأيدي العروس ب الحناء فتصبح شبه مشلولة لساعات لا تستطيع لا الاكل ولا الشراب بدون مساعدة وحتى المرحاض يتم حملها اليه اذا استحال عليها امساك نفسها وفي المساء يتم عقد "ليزار" الحناء يغطى وجه العروس وتقوم النكافة بترديد مواويل بكلمات وايقاعات حزينة تذكر العروس بواجبات الطاعة والخدمة كزوجة و بمآساة الرحيل والفراق وبذكرى الاموات المقربين من اب وأم وبمدى عناء ووحدة العروس بدونهما في يوم مميز كهذا. انه عذاب نفسي مُمنهج يحرك كل الالام الداخلية في نفس العروس وتقاس مهارة وحنكة النكافة بمدى قدرتها على استثارة مشاعر العروس والحاضرين وبعدد قطرات الدموع اللتي أغذقت وقد يخيل اليك حينها ان العروس تقاد الى منفى بعيد بدون عودة وكأنها تنفذ قدرا لم تختره ولا ترفضه او كما لو انها تؤدي واجبا محتوما عليها. في اليوم الثاني الذي يسمى ب"الظهور" .تقضي التقاليد -الغَريبة حالة نظرنا اليها بنظرة غير بديهية- ان لا تحضُر المعنية بالأمر زفافها ولا تجلس مع ضيوفها ولا تشارك في الرقص او المرح ولا تجلس على موائد الطعام. انها شبه غائبة عن الاحتفال إلا لحظة استعراضها امام الحضور. تدخل العروس صالة الاحتفال في كامل زينتها مبتذلة في مشيتها وتَعابيرها؛ وكل شيء فيها كما تقول به التقاليد تحت رحمة اعين الناس اللتي تزيد هذه التقاليد الاستعراضية البالية من عاداتها السيئة من فضول وقيل وقال وغيره. ان التزين ليس للاحتفال بل من اجل الاستعراض والتباهي . حين ينتهي عرض جسدها تعود لتختبئ مجددا. تُطل العروس الشمالية نموذجا بإطلالتين مختلفتين. في الحُلة الاولى يتم إلباسها غالبا ما يسمى "بالشدة" حيث تدخل بأعين مغلقة وبحلي ثقيلة وبتاج يشد عروق رأسها بألم شديد وبالإضافة للكعب العالي تصبح هذه الزينة عذابا لطالما اشتكت منه العرائس دون التّجرأ على اي تغيير يجعلهن اكثر راحة. وفي كل زينة يجب ان تصطنع العروس حالة نفسية خاصة.فهذه الاخيرة يبدوا وجهها حزينا لا تعتليه اي ابتسامة وعدد من العرائس يكن في حالة بكاء اما في الزينة اللموالية اللتي تعرف بالاميرة يجب ان تظهر نقيض الحالة النفسية الأولى فهنا يجب ان تُظهر الفرحة والمتعة ولا تفارقها الابتسامة بمقاس محدد لايزيد ولاينقص عليها اي شيء. في ماكتبته هنا اني لا ادعوا الى استنساخ نموذج اجنبي نفرضه على ذواتنا فرضا او الى ترك تقاليدنا وعاداتنا اللتي بقدر ماتحتوي من تناقضات فان فيها الكثير من الجميل الدي نطمح لان نجعله اجمل بل ان الهدف هو جعل حياتنا واحتفالاتنا ومناسباتنا اكثر سعادة وراحة وانسانية وان يكون الانسان /المراة اكثر حرية في اختياراته وطريقة عيشه وسعادته او حزنه حتى.
#شيماء_بوحلتيت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحديد عيب وراثي رئيسي مرتبط بالعقم عند النساء
-
فوز ترامب يهيمن على نقاشات قمة المرأة العالمية بواشنطن
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
إعلامية كوميدية شهيرة مثلية الجنس وزوجتها تقرران مغادرة الول
...
-
اتهامات بغسيل رياضي وتمييز ضد النساء تطارد طموحات السعودية
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|