أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - السعيد عبدالغنى أحمد - نرجسية الجاهل والخوف من التفكير















المزيد.....


نرجسية الجاهل والخوف من التفكير


السعيد عبدالغنى أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 5847 - 2018 / 4 / 16 - 18:21
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


نرجسية الجاهل والخوف من التفكير
السعيد عبدالغنى
يخاف الجاهل من التفكير فى معتقداته الوراثية ومن ما هو مختلف عنه سواء ، كان مختلفا تماما أم قريبا من معتقداته ومن الأيدلوجيات التى توقر النفس المتمردة ، ومن الأسئلة الطبيعية الكامنة فى كل إنسان وهذا الخوف سببه طبيعي جدا لأن القلق الوجودى والميتافيزيقى يفرد قلقا على الإنسان فى كل جوانبه الإنسانية وفى دينه وفى ثقافته ووعيه فليست عندهم القدرة على الحياة فى القلق ، والغريب أن القلق يشكل الهوية بشكل كبير وينتج المعرفة بشتى ألوانها فالجميع يفضل التخصص فى أى درب علمى كالهندسة وغيرها والإبتعاد عن الفلسفة ويتهمونها أنها تفسد العقل وتذهب الدين ، فى القلق لا كبح للذات بل استمرار لغاياته فى الوجود فالحياة فى القلق ممتعة ، فهى تكون فى البداية مخيفة ولكنها فى النهاية ممتعة فالاسئلة ليست مفيدة فقط للعقل بل مفيدة أيضا للروح والحياة النفسية والتأملية والخيالية للإنسان ، والحياة فى الذهن لها أسسها ولها معتنقيها وهم _ الافكار _ من يمثلون النص المقدس للمخيلة حيث يقول الجاهل واقعي هو كتابى المقدس ولا أريد أن أفكر ولا أن أقلق لأنه يخاف من المعرفة أكثر مما يخاف من الجهل فالخوف إما أن يؤدى إلى السكون والعجز وإما أن يؤدى إلى البحث والبحث ومن المتعارف عليه أن الخوف يؤدى إلى اليقين ولكنه يقين زائف جدا ، يبدأ الإنسان فى الشك ويجب علينا أن نكون على وعي بشكنا وتأويلاته وأن نطلع على شكوك غيرنا لكى ينشط شكنا أكثر فالشك يفتعل حركة داخلية ويحرك قنينة الذات فنحن بحاجه إلى هذه الحركة ومدينين لها بالكثير فحاجتنا للحركة النفسية والفلسفية أكبر من حاجتنا للسكون والركود النفسى والفلسفى فلا نمو فكرى إلا بالشك والسؤال لذلك احرص دائما على أن تسأل فى إجابتك ولا تنهى السؤال أبدا ويجب أن تسأل فى ما تؤمن به وما لا تؤمن به وابحث عن الشك أكثر من بحثك عن اليقين فالشك إدراك وجودى تلقائى بدون هوى معين وليس ترفا فكريا ولكنه تحدث مع النص والعقل وجدال مع الحياة ومكوناتها وصعود لسلالم المعرفة حيث يقول ابن رشد "الجهل يقود الى الخوف، الخوف يقود الى الكراهية، والكراهية تقود الى العنف هذه هى المعادلة. "
ويقول أدموند بيرك " ليست هناك عاطفة تسلب العقل كل قواه للعمل والتفكير مثل ما يفعل الخوف "
ويقول برتراند راسل "الخوف هو المصدر الرئيسي للخرافة وأحد أهم مصادر القسوة. هزيمة الخوف هي بداية الحكمة"
ويقول عمرو بن كلثوم فى معلقته الشهيرة " ألاَ لاَ يَجْهَلْنَ أَحَدٌ عَلَيْنا فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الجَاهِلِينا " .
هناك نوعان من الشك لمؤسس مذهب الشك و هو الفيلسوف ديكارت ، شك مذهبى وشك منهجى ، الأول هو شك فى كل شىء وآخره ليس اليقين ، الثانى الشك بحدود للوصول إلى اليقين وهذا الشك موجود فى الأديان السماوية فى بدايتها حيث يبث الدين الشك فى نفوس بيئته ليهديهم إلى الحقيقة عن وجود إله واحد وفعل ذلك النبي إبراهيم عندما شكك فى قدرة الله على إحياء الموتى حيث قال الله
" وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي "
فهاهنا نلاحظ أن الشك ابن الدين وأداة من أدواته للوصول إلى الحق فازدياد الشك يؤدى إلى ازدياد اليقين رغم غلو المفسرين أن ابراهيم لم يشك كالطبري فالاية واضحة فهم يحاولوا تأويل الآيات على ما تحتمله الآية .
نحن لنا فطرة شكاكة فبمجرد أن يسأل الإنسان يبدأ فى خلق معتقداته بسلاسة وهذا طبيعى فى فترة المراهقة الفكرية وهذه المراهقة ليس لها عمر معين فى الإنسان فهى تبدأ منذ أن يسأل الإنسان وقد يكون السؤال متأخرا جدا فغالبية القراء تذهب إلى قراءة ما يفيد معتقداتهم الوراثية وما يثبتها ولا يقرءوا كتب الشك أو يذهبون لقراءة الروايات والأدب والأهم من القراءة والكتابة هو التفكير فلا تجعل أحدا يفكر عنك أو يفكر لك فهذا احتقار كبير لنفسك .
من مساوىء الشك المشهورة هو أنه يخلف فوضى فكرية وأنطولوجية ويهدد عقيدة الإنسان ولكن هناك جانبان للايمان ، جانب قلبى وجانب عقلى فربما يكون المرء مؤمنا قلبيا ولا يعرف شىء عن استخدام العقل فى العقيدة ويستخدم التفكير العاطفي ولكن نحن لا نستطيع إجبار أحدا على الشعور بشعور معين نشعره نحن فلا فكر فى القلب ، يعنى لا تستطيع أن تنقل لى يقينك القلبي ولكنك تستطيع نقل يقينك الفكري لى وأنا أمرره على عقلى وعلى سجية الشك واختبره لكى أصل إلى يقينك وأقاربه ، وهذا إيمان ضعيف جدا_ الايمان القلبي _ لأنه لا يعتمد على المنهج العلمى ولكنه موجود ويؤمن به أغلبية العامة ممن لا يقرءون أو يفكرون فقد تجد أحدهم متفوق فى فرع من العلوم ولكن فكره الدينى ضحل جدا وهناك إيمان عقلانى يستند إلى البراهين العقلية التى تريح جدا العقل وهناك الإيمان بالعقل والقلب وهذا هو المراد وإيمان الإنسان فى عصور ما بعد الرسالات أصعب من إيمان الأنبياء أو أبناء زمنهم فنحن لم نر أنبياء ولم نر أية معجزات فلذلك من المستحيل أن لا يخالط يقيننا شكا، غالبا أشد المتعصبين لأى فكر أو لأي دين يكونون جاهلين به فالمعرفة تخلق تسامحا رهيبا والحياة فى مجتمعات مختلفة الأطياف الفكرية والدينية والمذهبية أيضا فالذى يعتقد أنه يدافع ويحرس الفكرة أو الدين بالتعصب والجمود ورفض الشك فيها ونقدها هو من يدمر هذه الفكرة نفسها أو هذا الدين فالنقد يحرر الفكرة ويجددها ويحيى فضائها وخطاها فى العقل البشرى فذبول الفكرة وموتها إنما يأتى من الإيمان المتعصب بها فقط فلا حياة للأفكار فى أرض التعصب .
هناك لذة معينة فى الشك ، لذة البحث عن جذور كل شىء فلا تجعل الفكرة يغلبها النعاس فى ذهنك فالجاهل يخاف من لمس الأفكار ويريد دائما تذهيب كاتبها لكى يستطيع أن يمارس ارهابه ، فلا ترهب أي فكرة فى رأسك ولا تخاف منها ولا تبقيها داخلك لأنها سوف تتعفن وإن لم تستطع إيصالها لاى أحد اكتبها حتى لا تموت فيجب أن تخلق فكرة كل يوم على الأقل أو أن تهيىء لفكرة أو أن تدحض فكرة وأن تؤول كل ما تقرأه وأن تفكر فى النص أكثر من الوقت الذى تقضيه فى قراءته فالتأويل قراءة ثانية للنص فلا يوجد تأويل صحيح وآخر خاطى فكلنا نشد النص لثقافتنا وشكنا فحتى كاتب النص لا يمتلك التأويل الوحيد للنص والقصد المريح لأن النص ليس ملكا لكاتبه ولكنه ملكا للقراء وقد يكون كاتبه ملكا له إن كان قارىء لنصه ولكن ليس له سلطوية عليه أكثر من سيطرة أي قارىء آخر ، من مميزات الشك أيضا أنه يستنطق الفكرة والمناطق الخطرة بها ومواقع تدفقها وموتها وحياتها وتخاطبها مع العقل وتخاطرها مع الواقع وجرحها فى الثقافة وأنها ضمادة أفكار أخرى سابقة أو درك أسفل لوعود الحدس فلو كنت فكرة _ وأنا أتمنى ذلك _ لطرت إلى كل العقول الممكنة لكى أتحرش بها ولا يهم إن آمنوا بى أو لم يؤمنوا ، فقط أكون قد حركت رؤوسهم الساكنة الاسنة فالشك يحدث جلبة رهيبة فى ماء الذهن ويمحى ظلام التفكير الخرافى فالمتدين له نفس خيال الطفل حيث يقتاد الخرافة من كل مكان فى رأسه ولا يريد أن يعكر صفوه أي شك فيبكى فكريا بسرعة كما يبكى الطفل ومن المتعارف عليه أن الدين وبعض أنواع الأدب تخدم الخرافة بشكل كبير ولا نسعى لعالم ليس به خرافة ولكن لعالم لا تصدق الخرافة فيه وأخذها على أنها لون أدبى موجود ومنتشر فالأديان تعطى قوة كبيرة للوهم والخرافة ومن أهم مميزات التفكير الدينى هو إتاحة القدرة للمخيلة لتصور طاقات الخيال الدينية من تصورات العالم الآخر .. إلخ ، فيبدأ الانسان فى الشك الدينى وهو أول أنواع الشك الموجودة وبعدها يبدأ فى التشكك فى جدوى الحياة وأهميتها .



#السعيد_عبدالغنى_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- شركتا هوندا ونيسان تجريان محادثات اندماج.. ماذا نعلم للآن؟
- تطورات هوية السجين الذي شهد فريق CNN إطلاق سراحه بسوريا.. مر ...
- -إسرائيل تريد إقامة مستوطنات في مصر-.. الإعلام العبري يهاجم ...
- كيف ستتغير الهجرة حول العالم في 2025؟
- الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي في عملية إطلاق ن ...
- قاض أمريكي يرفض طلب ترامب إلغاء إدانته بتهمة الرشوة.. -ليس ك ...
- الحرب بيومها الـ439: اشتعال النار في مستشفى كمال عدوان وسمو ...
- زيلينسكي يشتكي من ضعف المساعدات الغربية وتأثيرها على نفسية ج ...
- زاخاروفا: هناك أدلة على استخدام أوكرانيا ذخائر الفسفور الأبي ...
- علييف: بوريل كان يمكن أن يكون وزير خارجية جيد في عهد الديكتا ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - السعيد عبدالغنى أحمد - نرجسية الجاهل والخوف من التفكير