أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيام محمود - ( بابا كمال ) ..














المزيد.....

( بابا كمال ) ..


هيام محمود

الحوار المتمدن-العدد: 5847 - 2018 / 4 / 16 - 16:34
المحور: الادب والفن
    


"الحبّ من أوّل نظرة" .. تلكَ الخرافة اللطيفة التي لا يقولُ بها أحد , لكنّ الكثيرين يتمنّونها في دواخلهم ولا يُفصحون ولا يعترِفون .. المنافِقون الكذبة ! .. حدوتة جميلة من ضمن القصص التي يعرفها الجميع لكن حقيقتها يعرفها أصحابها .. فقط . هذه واحدة تُضافُ إلى بقيّة "الأفلام الهندية" و "المسلسلات المكسيكية" و .. "التركية " .

.

رجل لمْ أنسَهُ يومًا وإلى اليوم أَتمنَّى حُضوره .. لذكراه أكتبُ هذه السطور , تأخّرتُ في القيام بذلك .. ربّما لأني على ثِقَةٍ أنه لنْ يلومني كما هيَ عادته ..
حتى لحظة كتابة هذه السطور , لم أستطعْ أنْ أَغْفِرَ لماما رغم "تفهّمي" لموقفها ولِـ "مشروعيّته" كَـ "أمّ" .. ولا أظنّ أنِّي سأفعلُ .

.

كنتُ في الطابق العُلوي عندما سَمعتُ ماما تُكلِّمه عند الباب , جَريْتُ إلى غرفة نومها واِلتصقتُ بالنافذة لأسمعَ الحوار بينهما .. نافذةُ غرفةِ النوم كانت فوق الباب الرئيسي .. فسمعتُ كل شيء .. تَألَّمْتُ حتى بَكَيْتُ وقَرَّرْتُ مُواجهتها وقلتُ في نفسي أنْ لَنْ أَسمحَ بأنْ تتواصل الأمورُ هكذا .. لن أسمحَ لها بأنْ تَمنعني مِنْ رؤيتهِ .. نزلتُ مُسرِعةً وهرعتُ إلى الباب لأفتحه وألتحق به فصرخَتْ ماما في وجهي وحاولتْ منعي لكني تمكنتُ من تجاوزها ..

عند فتحي للباب رأيتُه يشارِف على الخروج من الباب الخارجي بعد أن تجاوز الحديقة , ناديته فتوقّف , جَرَيْتُ نحوه وعند اِقترابي منه نَزَلَ على رُكبتيه وفتحَ لي ذراعيه .. اِرتميتُ في حُضنه فاحتضنني بقوة .. قالَ لي أنه أرادَ رُؤيتي قبلَ أن يُغادِرَ المدينة , عنده "شغل" لأيام قد تطول بعضَ الوقت .. قلتُ لهُ أني أُريدُ الذهابَ معه فذكّرني بالمدرسة وقال أني لا يجبُ أن أُغضِبَ ماما منِّي .. أخرجَ مِنْ معطفه حلوى وشكولاتة .. قَبَّلني وغادرَ . عندما قَبَّلني رَأَيْتُ الدّموعَ في عينيهِ , كانتْ تلكَ آخر مرّة رأيتُه فيها حتى سمعتُ بوفَاتهِ بعدَ شهرين تقريبًا وبأنه دُفِنَ في الجبّانة القريبة من مدرستي .

قالوا عنه كل شيء ولم يتركوا أيّ أمرٍ شنيعٍ إلا به ألصقوه , خمر مخدرات سرقات .... كل شيء قالوه فيه , لم يكن له زوجة .. لا أهل له .. كان وحيدًا وكنت الوحيدة التي اِهْتَمَّ لها .. لمْ أَرَ منه شيئا من كل أقوال ماما , كان لطيفا معي وكان جلّ أيام الأسبوع ينتظرني أمام المدرسة حامِلا لي هدية وسلامًا ..

كان الجميع يخشاني في المدرسة حتى المديرة الشريرة التي أَعْلَمَتْ ماما ؛ صديقتها .. زُرْتُه عديد المرات في منزله وكنتُ سعيدة , كان يلعبُ معي كما لم يفعل ذلك بابا يوما , كان يقول لي أنه لا يهتمّ لأحدٍ غيري وقال لي : لا تُصدِّقي ما يقولون عني .. ولم أُصدِّقهم يومًا حتى ماما لم أُصَدِّقها .. حتى عندما قالتْ أن عصابة مخدرات قَتَلَتْه لم أُصَدِّقها ..

كنتُ دائما أزور قبره وأُكلّمه .. أحكي له كل شيء .. كنتُ دائما أبكي عند قبره وفي مرات عديدة سألني رجال ونساء عن قرابتي به وفيهم من أَبْلَغَ ماما فعملتْ كل جهدها لتَمْنَعَنِي من زيارته لكنها لم تنجحْ ..

أفتقده إلى اليوم , كان أول رجلٍ أحبّني من أول نظرة .. هكذا قال لي عندما رآني أول مرة مع صديقاتي أمام المدرسة .. لا أعلم هل أنا أيضا أحببته من أول نظرة أم لا .. الذي أَذْكُرُه جيّدا أني لم أخفْ منه عندما ناداني .. أنتِ يا صغيرة .. تعالي .. ما اِسمك ؟ .. اِبنة منْ ؟ .. لم أخفْ , وذهبتُ نحوه فكانتْ البداية .. بضعة أشهر ثم غادر من أجل الـ "شغل" ولَمْ .. يَعُدْ .



#هيام_محمود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر ..
- من وحي خرافة ( عروبتنا ) المزعومة .. 2 .. أصل الأكذوبة بإيجا ...
- الأيديولوجيا العبرية والعلمانية : المهم ومن الآخر ..
- أنا و ( تامارا ) : ( عربية ) ( مسلمة ) و .. ( مثلية ) !
- أنا و ( تامارا ) : الوطن , الحبّ و .. المثليّة !
- علاء .. 20 .. نحن أيضا مؤمنون !
- علاء .. 19 .. الطَّرِيقُ إِلَيْكَ .. ( كَ ) .
- كلمة كانت وجيزة عن وهم ( تطوير ) اللغة العربية وعن جريمة الت ...
- َAmbos .. 4 ..
- Ambos .. 3 ..
- Ambos .. 2 ..
- Yours .. 2 ..
- عن الأيديولوجيا العبرية والمُرْتَزِقِين منها : عن أيِّ ( إلح ...
- شكر ( واجب ) لهيأة الحوار .
- Yours ..
- أنا , هما والإسلام , هما والحبّ و .. الغباء !
- ويلك يا عراق من ملايين ( الماركسيين ) و ( الشيوعيين ) ..
- Loca por ti ..
- هدية إلى النساء + الملحدين القوميين ..
- عروبة , يهودية , مسيحية و .. إسلام ..


المزيد.....




- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...
- إطلالة محمد رمضان في مهرجان -كوتشيلا- الموسيقي تلفت الأنظار ...
- الفنانة البريطانية ستيفنسون: لن أتوقف عن التظاهر لأجل غزة
- رحيل الكاتب البيروفي الشهير ماريو فارغاس يوسا
- جورجينا صديقة رونالدو تستعرض مجوهراتها مع وشم دعاء باللغة ال ...
- مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بمل ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - هيام محمود - ( بابا كمال ) ..