|
نزوة طائشة
عبد القادر أعمر
الحوار المتمدن-العدد: 5847 - 2018 / 4 / 16 - 01:39
المحور:
كتابات ساخرة
كيف ذلك...؟؟ هكذا دائما نطمح الى اجابة تشفي الغليل ،نسعى بكل جهد الى فهم المجهول ،لست أدري هل يعني الفضول أم هكذا نحن نريد معرفة كل شيء ،الكثير من الأشياء لا نملك لها فهم وتصور صحيح يفسرها ، لذلك ندخلها في خانة التعجيز ونلبسها سحر البلاغة والقليل من الشعر وهكذا لن ننتظر سوى القليل من الزمن ،تتغير فيه الوجوه وتتزامن فيه الاحداث ويعج طيف من النسخ ويصبح ذلك المبهم مقدسا وتصبح تلك الاحرف اللغوية تتلى على المسامع وتشفى من خلاله الأنفس المضطربة ،ويتحول جهل الأشياء من معضلة الى مأساة ينسجها خيط من التكرار والوهم. قال أحد الفلاسفة الألمان " الحياة قصص ،أجملها ما يكتب بالدماء" تستهتر بنا الحياة عندما تجعلنا نواجه الأحداث التي تأتي كالصاعقة ، نفتقد فيها للخيط الأبيض ،كل ما يتمظهر منها بعض من الظلام الدامس والمخيف ، نصف الحقيقة مخفي كما هو معلوم منذ القدم ، وهذا قانون وجدنا معه منذ وهلتنا الأولى نعطي ﻷنفسنا حق التأويل وهذا ﻷننا كائنات انسانية ونصفنا فضول ، وبدون شك نجد أننا نخضع لمقياس التصنيف والحكم وقد يكون هذا الأخير صائب او خاطئ ووجودنا في هذا الكون و كيف وجدنا ومن أوجدنا فيه ، يراها كل انسان من زاويته ، انطلاقا من زمانه ومكانه ، و ثقافته ، وفكره... احكامنا وتقديراتنا شاسعة ، شساعة الوجود ولكنها كنمط معتمد هي بسيطة بساطة الكائن بدون هدف. من السهل جدا أن نقدم تصنيفا و نضع الناس وفق مقياس ومعيار ولكن من الصعب أن نتقبل الكل كما هم و باختلافهم ، كلها معايير تحتكم لما وجد سابقا ،أشياء رسمت بقلم قدسي منزل ومنزه وجدت قديما وفي المقابل لذلك هناك أشياء حديثة المعالم يدفعها منطق وحجة وبرهان ، تستدل بالعقل و العلم ، وكل هذه الأشياء رهينة بالزمن والمستقبل ، بمعنى رهينة بنمط الحياة الذي يعمل وفق نمط زئبقي المعالم بين البداية و النهاية ، "هناك موت و ولادة جديدة بزغاريد الاستقبال" هكذا نخضع لهاجس الزمن والوهم الذي يبشر بسرادق من الراحة والسعادة وفي الضفة الاخرى هناك من يعيش اللامبالاة ويستقبل الاحداث بنوع من التفاهة والخذلان للحياة ، كما صور ألبير كامو اللامبالاة عبر الرفيق ميرسو المكتوب على صفحات الغريب الواقف على عتبة العبث ، يسير في نفق مظلم ، يحمل في يده مطرقة من اللامبالاة ، لا يبغض العالم الذي يعيش فيه ولكن يشعر بأنه متضامن مع الذين يتعذبون فيه ، مهمته ليست أن يغير العالم ، فإنه لم يعطى له من الفضائل ما يسمح له ببلوغ هذه الغاية ، ولكنه يحاول أن يدافع عن بعض القيم التي بدونها تصبح الحياة غير جديرة بأن نحياها ،ويصبح الإنسان غير جدير بإنسانيته . عندما ينبح كلب على ظل تبدأ آلاف الكلاب بنباح هي الأخرى معتبرة ذلك الظل حقيقة ،نفس الشيء ينطبق على البشر في علاقتهم بالأحداث ،يرحبون بالأحكام الجاهزة والقديمة ،على مر التاريخ في كل جماعة بشرية هناك دائما رجل يأتي بأفكار جديدة ،ولأن المجتمعات لا تقبل بسهولة الأفكار والرغبات الجديدة ، ينطلق ذلك الرجل في اصطياد أي مبرر سيكولوجي أو سياسي أو خرافي لفكرته ، فتراه يدعمها بقوة العقل والمنطق ويلبسها سحر البلاغة وجمال الشعر واللغة ،هكذا تماما تكتمل خلطة القطيع لن ينتظر هذا الرجل لأكثر من عقد من الزمن حتى يسير وراءه آلاف السداج والمرضى ، فتتحول رغبته تلك من نزوة طائشة إلى معتقد لا يطله الشك والرفض أو فكرة تصنف في عداد البديهيات ، وتصبح هذه الأفكار عقيدة تابثة لحل كل الإشكالات الحديثة . قد يكون الخمول و إهمالنا هو الذي يدفعنا الى تبني مفاهيم وإيديولوجيات وأخلاقيات تفتقد لتجديد و التغيير وهذا الأمر جعلنا نسخ مكررة ،نفس الوجوه لنفس الأحداث ،لا شيء يتغير سوى دلك الهاجس الزمني الذي يجعل منا مجرد أسماء وأرقام في قائمة سجل الولادات والوفيات. أسعى دائما الى الافضل ، والسعي وراء النجاح او الفشل ، رهين بمدى ميكانيزماتك الدفاعية بل بكل ما أوتيت من قوة و رغبة في أن تكون ضمن لائحة الناجحين هو سيرورة بحث دائم عن شيء اسمه الحقيقة وبين خيوط الأحداث مسلسل من الأسى والمعاناة ، يكفي انه لا شيء يستمر ، فلكل بداية نهاية ، هكذا هي الحياة كأنها نشوة الخمر التي تدوم ساعات وتنتهي ، تعلن النهاية في وجه كل شيء ، مبدأ أزلي وضع منذ القدم ضاربا في كل الصفات الأبدية ، الموت تلك النهاية الساطعة الغير الملونة بدياجير الاطمئنان ، يصاحبها القلق و التوتر والخوف ، قلق من المصير وما بعد الموت ، توتر من محكمة الخير والشر والسيئات والحسنات ، الخوف من الجزاء والعقاب ، هكذا هي مظاهر معاقبة الجاني والمجرم في الحياة ، بعد كل فعل شنيع ، يمثل أمام هيئة القضاء ، لتقرير نوع العقاب والجزاء الذي يستحقه على فعله ، لكن هناك شيء اخر يمتاز به القضاء الانساني ، الظلم وعدم تحقيق العدالة لأنه قاصر على معرفة حقيقة الأحداث ، ويكون تأويله وتعليله وفق الأدلة الملموسة والمنطوقة .
#عبد_القادر_أعمر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مذكرات سوري
المزيد.....
-
من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم
...
-
الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
-
ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي
...
-
حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|