أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - القراءة المنتقاة ؛ تلك الداء الجميل اللذيذ المذاق














المزيد.....

القراءة المنتقاة ؛ تلك الداء الجميل اللذيذ المذاق


جواد كاظم غلوم

الحوار المتمدن-العدد: 5846 - 2018 / 4 / 15 - 17:27
المحور: الادب والفن
    



في الثالث والعشرين من ابريل / نيسان من كلّ عام تحتفل منظمة اليونسكو بيوم الكتاب الذي أقرّته الامم المتحدة منذ سنة / 1995 والمفرح انها اتخذت العام الماضي من بيت جدّنا المتنبي شعارا لها :
أعزّ مكانٍ في الدنى سرجُ سابحٍ ----- وخيرُ جليسٍ في الزمان كتابُ
دعوني اسبق هذه المناسبة واكتب فسحة نثرية للقراء الاعزاء لتذكيرهم بأهمية القراءة المنتخبة المنتقاة لتوسيع افاق العقل وإنمائه وتوسيع مداركه ؛ فهو الغنى والثراء رغم فقرنا وشحّة جيوبنا ، وكم اشعر بالأسى والنكوص حين أطّلع على بيانات ومؤشرات القراءة عندنا والتي بدأت بالانحسار والعزوف عن الكتاب في محيط مجتمعنا الذي تهيمن فيه الان الخرافة والجهل والإذعان للتخلف ودعاته ممن يسمون انفسهم علماء الدين وهم اجهل الجهلاء .
فليس كل مانقرأه من كتب وأسفار هو سلاحٌ ماضٍ ضد الجهل لا بل تكون بعضها ترسيخا له .
القراءة المنتخبة المنتقاة هي العقار الفعّال الذي يطيح بالغباء ويستفزّ العقل ويُظهر لمعانه بعد ان يزيل صدأ ماتراكم في اذهاننا من عالقٍ سيء .
القراءة غير المنتخبة واعتماد المناهج الرثّة والكتب الصفر الغثّة الخالية من العقلانية والتنوير والتي عفا عليها الزمن وضعفت جدارتها لاتعدو كونها سيفا خشبيّا لايقتل عدوا ، انها استعمار للعقل واحتلال بغيض للذهن وقيود للأيدي والعضل الذي يريد ان يبني ويعمّر .
من يفتح كتابا ثريّا في علومه كمن يفتح نافذة في مكان خانق او ثغرة في حائط سجنٍ مقفل ، والقراءة السليمة سفَـرٌ في أزمنة وأمكنة بعيدة وتوغلّ مدروس في أرواح البشر الراحلين والماكثين معنا .
القراءة السليمة رحلة مع المعرفة وسياحة للعقل ولقاء بينك وبين العباقرة والعظماء والأدباء والعلماء وحينما تحوز كتابا رصينا كأنك تقطع تذكرة بطائرة لتكتشف شيئا لم تره قبلا وكثيرا ماتتوقف في محطات العقل الانساني لتهنأ وتستريح بضع ساعات لتتزود بالوقود الفكري وتواصل سفرك الى هدفك .
القراءة المنتخبة انتقاء السلاح العصري الفعّال الضامن لتحقيق النصر مهما كان عدوك قويا ، هو الجرأة والإقدام في مواجهة الخوف وحب الحياة وتجميلها بما يضفي عليها العقل والعضل من سمات تسرّ الأنظار وأصوات كالموسيقى العذبة لتؤنس الأسماع وتسعد العيون بكلماتها وهي تقرض الجهل وتبيد خرقه البالية وتحيلها مزقا مزقا لترمى اخيرا في حاوية مزابل الفكر الضار غير السوي .
لا يخفى عليكم أحبّاءنا القرّاء اذا ابتُلِي احدٌ بداء عضال – عافاكم الله – فإنّ جلّ حياته تكون نكدا وغصّة وحزنا وفقرا وقلقا دائما حتى يشفى فتنفرج أساريره وتعود الفرحة والبسمة الى محيّاه ، لكنّ هناك مرض وداءٌ رافق حياتي وكنت سعيدا بهِ ومؤنساً لي ولا اريده ان يفارقني الاّ لفترات قصيرة عند الأكل أو الاستحمام مثلا او الخروج لأنجاز شيءٍ ما عند اقتضاء الحاجة .
فمنذ ان شببتُ وترعرت وبدأت نوافذ عقلي ترفع ستارها على مايحيط بي كان اولّ ما انشددتُ اليه هو الكتاب ولاشيء غيره حتى صرتُ أسيره وكثيرا ما نادمني في ليالي القرّ والصرّ وأنست به صديقا صدوقا لايجزع عندما أتركه لسبب من الأسباب ويهلل ترحابا بي ويفتح قلبه سعةً وتحنانا حتى صار دائي ودوائي .
ولأني ولدت وكبرت في مدينة خالية تماما من كل وسائل المتعة فلا دار للسينما ولا مسرح ولا فعاليات فنية ولا قاعة تعرض فيها لوحات ورسومات في غاليري او صالة عرض ولا حتى ممارسة اللعب البريء كالشطرنج او النرد او الدومينو فكان لزاما عليّ ان أمسك جليس الخير هذا ؛ مادامت كل المتع الاخرى غير متاحة لنا .
هذا يعني اني مصاب بداء يسمونه " الببلومانيا " وهو في ابسط تعريف له التعلقّ بالكتب تعلقا مفرطاً قد يصل الى حدّ الهوس والهيام حتى اني بكيت وكدت انهي حياتي انتحارا حينما بعتُ مكتبتي ووليت هاربا من سطوة الدكتاتورية الصدامية لكني ابقيت بعضا منها من نفائس الكتب التي يصعب التفريط بها في حقيبة السفر وانا ارحل بعيدا عن وطني اذ اعتدت ان احمل أسفاري مع أسفاري وأتحمّل عبء ثقلها وهي عندي اخفّ من جناح فراشة وكم كنت سعيدا الان حينما عوّضت عن حمل الكتب الورقية بأخذ حاسوبي معي وفي مكامنه مكتبة كاملة وألقمته بآلاف الكتب المفضّلة لديّ ، يرافقني أينما رحلت وحيثما أزفت مثلما كان يفعل الصاحب بن عباد ، الشاعر والوزير وجوّاب الآفاق الأكثر وعيا حين كان يأمر رجاله بتخصيص اكثر من خمسة جِمال محمولة كتبا لتصحبه في رحلاته الطويلة لولا ان ظفر بكتاب الأغاني لأبي الفرج الأصفهاني فكان وحده المؤنس الرفيق ولم يعد يأخذ بقية مختارات كتبه معه ويرهق صحبه وحاشيته أثناء السفر
فما أجمل صحبة الكتاب وما ألذّ الشوق اليه ولو كان سقاما طويل الأمد خاصة في زمن عزّ فيه الصحب والأصدقاء وتناءى الأقرباء وشحّ الأوفياء وتدانى بيننا الغرباء .
فليكن الكتاب الثريّ صديقكم الدائم وأشيعوه تداوله واقرأوا كي ترتقوا بأيّ كيفية كانت سواء كان ورقيا ام إلكترونيا مادامت تصبّ كلها في تغذية العقل وترتيب السلوك الإنساني نحو الأفضل والأكثر تميّزا

جواد غلوم
[email protected]



#جواد_كاظم_غلوم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يا فالانتاين ، لتغادرْ من غير مطرود
- العراق من الدكتاتورية الى الاسلمة
- سلطة الفساد الخطيرة في بلاد الرافدين
- روشتا علاجية لاستشفاء مجتمعاتنا المريضة
- صناعة العبوديّة واستساغة الدكتاتوريّة
- حبٌّ مَنْهِيٌّ عنهُ
- بعضُ ما خَفِيَ من سيرة الغزالي سفير الأغنية العراقية
- العقائد الدينية وخوضها في مناقع الخرافة والاسطورة
- لِمَن أرعشتْ كلّ تفاصيلي
- مصاريعُ مقفلة
- حديث عيسى بن هشام المعاصر
- الصائح النائح
- السفارة في العمارة أم في وسط المنطقة الخضراء ؟
- باكورة تعليم الشعوب خطوةَ النهوض الاولى
- تَنَحَّي أيتها النقاهة لأرقصَ بقامتي الفارعة
- طائرٌ في سوق الغزل البغداديّ
- صباحٌ مغمّسٌ بريشةٍ سوداء
- بعض مسالك ومهالك الحبّ في التراث الادبي العربي
- لُقَىً بخِسة في خَرِبة وطن
- العقيدة الدينيّة من التقليد الى العقلنة


المزيد.....




- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...
- فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
- قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري ...
- افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب ...
- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جواد كاظم غلوم - القراءة المنتقاة ؛ تلك الداء الجميل اللذيذ المذاق