أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر مصلح - قراءة في قصيدة -سيادة النهد- للشاعر فائز الحداد















المزيد.....


قراءة في قصيدة -سيادة النهد- للشاعر فائز الحداد


عمر مصلح

الحوار المتمدن-العدد: 5846 - 2018 / 4 / 15 - 00:15
المحور: الادب والفن
    


إجلالاً لسيادة النهد / فائز الحداد

كجرف طعين

احمل غدر الموجة.. أيها الماء

وأكتفي بدمعة فراشة على وردة

هذا كل احتجاجي!!

أشهد أن لك أضمامة..

تغريني بعناقيد الوجد، فأنتشي

لكنني أتفرد بالعشق، غمامة وثنية

لا تمحل الخصب وتنأى

فأضيع بوجوه المكربلين..

طفلا.. شتته اليتم على الموائد

أو قارورة.. حسرتها المناكيد

فكم تفصدت برضابك

في جذوة المآل

شفة.. أرهقتها المواعيد

والليل يصدح أعمى، كعانس الوقت

في حديث الاصابع، وارتعاش المسامات

فمنذ الف سكّرة وقبلتين

ألفت الخيط، ما بين القات وزمزم!!.

سالكا سبيل القرى.. إلى وشم الجيد

هنالك فقط، تصهل أنفاسي

وأضيع في لهيب اللهاث

بلى:

أرتاب من وحشة الخطى

أرتاب كثيراً..

وأتماهى في قدح جواي!!.

قد لا أجيد الكيل بالقبل

كعهد بدوي، شرارته أمرأة

تجهل طعنة الرمال..

فأنازع الاذى بلجة الصبر

لكن النهر بعض صباي

يرتل تعاويذ الحفيف على كتفي

ويبلل وجنتي بدم الكروم!!.

فيا البلورة الجارحة..اجرحي

يا صبا الندى، وصاب الانتحاب

ويا فرزانة النساء العاصية

على ملوك الشرق

أي سرّ.. هذا الذي تملكين

وأي بوصلة ضياع..

لك في منفى الجراح؟!.

أسعى الى سراب ظلك..

مثل ذبابة فوق خارطة

فأتلاشى في مجاهيلك غاربا

هل سأهتدي..

الى صهباء لذتك الحرام

وازهركالمرافيء بأخر فنار؟.

أليك وحدك، رجع الجنائن

مهما تآجل الطلع

ودون أجفانك

تتهاوى الاحلام.. نذرا

وتنتحر الزهور

فغصة النوارس.. أجنحة القداح

حين تذبلُ..

تموت الفراشات ظامئات

وتشيخ الضفاف

البحار.. دماء السماء

وعرائس سفني.. الناهدات

حين أتوج عشقك الأزرق عرش الماء

أكسر الموج بخمرتي

قد تشظي الريح قاربي الورقي

وأضيع رفرفا في الذاريات

لكنك.. حجة الحولين

في وضوء رضابي

وضئيني كطفل

أحتلم بثمالة نهد، يؤرجحني

بين سفحي أمرأة صديانة

فيروب دمي بخثرتها..؟!

أمرأة..

تسبح بالحلمات لثغري

ماذا لو..

يستطيل النهد مئذنة ترضع السماء

فيهمي قطرها..

مزنا.. بآيات النساء؟!.



ألهم الذاتي في هذا النص هو..
صورة مرمزة موحية تستدعي حالة، وعلى ضوئها تم بناء علاقات تشكيلية من خلال علامات دلالية ونسق مخيالي مترف حيث يتراءى للمتلقي التشظي الانعكاسي لمرآة الكلمة من خلال تثويرها مكانياً.. حيث تعتعت المدرك الحسي إلى منطقة المشاعر، من خلال المعنى البديل، بلغة شعرية غير متفق عليه في النص المؤلَف.. إذ أن المؤَلَف هو تشييع لكلمات، محمولة بنعش حروفي، أو رقصة في زفة موضوع ، لاتدل إلا على حالة معينة ومحددة تنتهي بانتهاء المراسيم.
أما النص الأدبي، فهو رحلة وجدانية تتوغل في الذات، تتمرد على الطغيان الشكلي للمفردة او الجملة.
ولكل مقطع هامش تصوري، لا يعيه إلا ناقد مبصر أو أديب أريب او متلق لبيب.
يدري ماوراء المعنى البائن والمتفق عليه

إجلالاً لسيادة النهد..
ثريا نص تنير طرقات الاستكشاف، وعتبتة توجب التوقف عندها، كونها زاخرة بمفاتيح تمنحنا حق الدخول إلى عوالم هذا النص الموغل باشواق للأنوثة، المكلفة بإنجاب مدن جامحة ونيشانها اللذة آيروتيكياً.بعيداً عن عيون عَسَس الطرقات المفنوحة..
لسيادة النهد النزق بين بيدر الانوثة ، يبيع الشاعر سريره، ليؤثث مكانه بطقوسية الامتثال، لذا وقف إجلالاً..
بعد أن فتك بقدسية السيادة المؤقتة، وحرَّض ذائقته بعفوية الانتماء الطفولية تحت ضغط مبررات الوسوسة، وأعلن عن عشوائية الثياب الممعنة بالغربة.. فأسقط الستارة منذ الاستهلال بحرف تشبيه، كان بمثابة ريح عاتية أجفلت طرقات الوجد.
هنا وضع الحداد لبنة التأسيس، وراح يوزع فضاءات الصبر على بناء معماري لنص أقل مايقال عنه أنه صرح في الشعر الحديث.
كجرف طعين))
بعد حرف التشبيه باغتنا الشاعر بصورة أولى، في هندسة المعنى الحديث.. حيث أسس لرسم صورة بكر..
جرف طعين، ولم يقل مطعوناً..
لماذا؟.
فالطعين قاموسياً تعني فيما تعني؛ الطاعن بالطعان في الحرب
والمطعون هو الذي وقع عليه فعل الطعن المعروف معنىً.
(أحمل غدر الموجة)
بمبادرة قصدية، استهل الشاعر نصه.. وحمَّل غدر الموجة التي أكلت من جرف الصورة إثم المد..
فأي غدر، وأية موجة؟.
لابد هنالك ثمة تبرير لهذا الاتهام
قِيَم الذات الشاعرة الملتزمة، هي من أعلنت هذا، بلائحة ادعاء المقاصد البعيدة، وتأكيد الدور الفاعل للاستدلال القرائي.
بعد أن جعل الندى شاهد عيان وإمضاءه على الوردة / الروح
كاعتراض.. فاستدراج الواقع والتابو لسريالية المشهد، بتقنين لغوي هائل.
ثم انثال كشاهد على شاهدة قبر المسكوت عنه قسراً، ليلج الذائقة الحسية والإفصاح عن الارتياب بتمرد لغوي غير مسبوق..
ابتداءً من عناقيد الوجد التي هي آخر مطاف التنامي - وهذا تأكيد صريح على إشكالية السكوت المتجذرة في القيم التعاملية مع الهو - وانتهاءً بالنشأة.
أي سار عكس التيار، بغية الكفر بقانون الارتياب.
(لكنني أتفرد بالعشق ، غمامة وثنية)

لا تمحل الخصب وتنأى))

هنا إعراب عن صراع بيني مركب، بين الواقع والحقيقة.. فبعد ان أعلن عن تفرده الوثني..
أكَّد وجوده الفاعل في تنسيق العلاقة، بينه وبينه، بعيداً عن الواقع.. إذ انه حقيقة كشاعر.. ولا وجود للواقع إلا من خلال سنوات تمضي، بلا اكتراث.

ألمكربلين..
اشتقاق نحتي من كربلاء، وهذا اشتغال على ثيمة الأسى، لا أظنه مسبوقاً، إذ أن اسم كربلاء دال عل مدلول معروف في تأريخ إجهاض الثورات، وتوظيف هذا في نص كهذا مزاوجة مبهرة حيث تعلن عن قلق داخلي والخارجي ماهو إلا خارجي الفلسفة، أو فلسفة الخوارج، حينما انتخبوا المعارضة للموقف، بلا مراعاة لأسباب الموقف ذاته.
خصوصاً انه قال المكربَلين ولم يقل المتكربلين.. أي ان الكربلة صارت ناموسهم، بعكس المتكربلين السائرين على خطا السابقين.
لذا ضاع وجهاً بينهم، بعد أن رملته المباهج في عرس خديج، وبات خاوياً واقعياً.. يرنو إلى موائد المترفين.. مهما كان نوع الترف، وبغض النظر عن النتائج.. لكنه يبقى حقيقة لاتزول كما يزول الواقع.
وكما قال النواسي الكبير
"مازلت أستل روح الدن في لطف"
"وأستقي دمه من جوف مجروحِ"
"حتى انثنيت ولي روحان في جسدي"
"والدن منطرح جسم بلا روحِ"
الحداد استدرك وتدارك ذلك.. ففصد روحه كما الخمرة حين تعزل ذاتها عن الماء.. فتتحول إلى سم زعاف غير مبال لما ستؤول إليه الحالة


ولم تزل الشفاه تنتظر موعداً كان..
ولا أظنه سينتظر .. كونه أدمن ترياق الريق بمص العُنّاب.
أما جذوة العناق فمازالت تترقب اللهب، المودي إلى احتراق جمالي لا يؤول إلا لنشوة.
في عز هذا التوهج المُتَمَنى.. يسيل لعاب الحرف، لتتطاول الأمنيات بشفاه فاغرة شبقا.
والليل يصدح أعمى ، كعانس الوقت

(ألليل..)
(يصدح..)
(أعمى..)
بجملة شعرية لا يطالها إلا ذو حق كظيم، أعلن برمزية، أن اللغة الكلاسيكية قاصرة عن توصيل المشاعر.. فلجأ إلى منطقة اللاوعي ببيانه، وترك المتلقي تائه بين الرومانتيك والرمز..
متى صار للحلكة صوت!.
متى صار للعمى صوت!.
إذاً.. هو يقصد
أعمى يصدح بليل أبكم.
هذا ما أعتقده.، خصوصاً بعد أن أسبغ صبغة العنوسة على الأصابع، التي هي مجسات تترقب، عندما تتوقف ممكنات مسامات أو تتعثر في خطا العَرَق.. فأي مخيال ثري هذا الذي تسرب في خلايا الحرف واللاشعور؟.
حقيقة أذهلتني هذه الصورة الحدادية المبهرة.
بعد سكرتين، وأظنه يقصد غفوتين على ربوتين ناتئتين تفوح بنكهة البن...
قبلتان على قبتين
وسأعود على هذه اللصورة لاحقاً.
سُكَّر وعذوبة ماء
أي سكَّر ذاك وأي ماء؟.
ماء فرات من نهد فاتنة، وترياق مداف بسكَّر، من شفاه أدمنت اللذة.. أثملت الشاعر.

ألفت الخيط ، ما بين القات وزمزم !!

مابين القات وزمزم!؟.
ألقات!.
زمزم!.
مزاوجة عجيبة..
كلاهما له بدايةُ مَسْك، ونهاية غير معروفة..
إذاًنحن أزاء بدايتين ونهاية.
فالإمساك بأول الخيط، وكذا القات.. ليس إلا بداية، والآخِر يهتف.. ليس بعد.
أما زمزم، فأمره ينشطر مابين النقاء، والنكوص إلى الهَجْر المحكوم بحكمة فردانية.
وهذا أول وميض برق في سماء النص، يشي بمكونات أُخَر.. مازالت على قيد الخفوت بقصدية شاعر سبر دروب المرموز، والإشارة.
من هنا أحاول الاستدلال على مكانية المخبأ والمؤجل إلى حين.
سالكا سبيل القرى... الى وشم الجيد
ألحين هذا.. لم ينتظر كثيراً، ولم يصادر جهد الوقت.. بل وشى به عن قصد مرسوم، حيث سلك درب قرية، ليصل إلى وشم الجِيد!.
ثمة تساؤل..
لِمَ وشى بهذه السرعة، وإلى أي مبتغى أراد الشاعر أن يثور المفردة بعد أن استنهض كل المدركات؟.
أهي مخاتلة لتشطير المعنى؟.
أم انه بصم على الخاتمة؟.
أم انها محاولة لاستدراج المتلقي لبوح أكبر؟.
(هنالك فقط ، تصهل أنفاسي)
(وأضيع في لهيب اللهاث)

تصهل أنفاسي، وأضيع في لهيب اللهاث!.
أجدني متبعثر بين المعنى المتفق عليه، والمعنى الآخر
ألمعنى الآخر، هو اللغة الرمزية بمعناها البديل..
وفقاً لهذا يتوجب عليَّ أن أزيل فكرة الايروتيك من منظومة اشتغالي.
طيب..
إذاً.. ماذا يعني هذا الحداد الذي أنهك المخيال بطرقه المتوالي، بلا هوادة؟.

فالمعنى قد تشطَّر، والمقصد بعيد!.
دعونا نعيد الاسترسال القرائي، علَّنا نصل إلى الغاية
بعد أن أعلن صراحة عن ضياعه في لهيب اللهاث، واللهيب هنا ينشطر إلى معنيين اثنين أيضاً.. لهيب الاحتراق ولهيب الفراق..
(بلى)

(أرتاب من وحشة الخطى)

(أرتاب كثيراً)

ألجواب تهادى بنعومة كاعبة مازالت قيد الرغبة، حين همس خجلاً من بنات أفكاره
بــــ
(بلى.. أرتاب من وحشة الخطا)
بمشهدية مجاورة، حاول الشاعر أن يبث أخلاقياته، بعيداً عن منطقة البوح المعلن.. قال أرتاب كثيراً، وكأن لسان حاله يقول، أتريث كثيراً، خشية خدش الحياء..
ولعمري انها لغة مؤدبة، تحمرُّ وجناتها عند البوح.
لكنها ممتلئة المعنى، ووافية المقصد.
وأتماهى في قدح جواي!!.))

(قد لا أجيد الكيل بالقبل)

(كعهد بدوي ، شرارته أمرأة)

تجهل طعنة الرمال))
وهذا ما أكده المقطع أعلاه، إذ أعلن عن هويته بقدح جوىً، مر علقم، واعتذر عن كيل القبل، خشية انتقال عدوى المرارة، كبدوي أدمن القحط في عالم غيث النساء المنبئ عن الجمال، وهاجسه قَبَس سنا، وخفوتها حفنة من رمال..
هذا مقصد قد يكون للآخر ملعلناً، لكنه بحقيقة الأمر هو باطل يراد به حق.
ألباطل واضح بعدم الكيل، إذ هو وضاح الصورة والقول..
والحق امرأة تجهل طعنات الرمال..
لكن المتفق عليه تماماً هو القلق الماكث في روح الشاعر الاستاتيكية.
(فأنازع الاذى بلجة الصبر)

(لكن النهر بعض صباي)
وهذا دليلي..
أنازع الأذى بلجة الصبر، أي من عمق الصبر أتسلح باناي، وهنا تأكيد لابتداء.
أما (لكن) هذه..
هي مناورة للإدلاء بدلو لجة الأنا، كي يعلن عن صباه، تلك التي تعني مرحلة ولكنه لا يعني هذا أبداً، بل أراد أن يقول؛ "لي ماليس للبحر"، كونه الموئل الأول له، وإنه مصدر هيجانه.
وهذا معنىً صادم، للواقعيين البعيدين عن الرمز، بعد أن عارضوا بالكلاسيكية والواقعية وحتى الواقعية الاشتراكية.
سبق وأن قلت في قراءة عن الحداد، انه مهماز الشعرية الحديثة، وها أنا أؤكد ذلك من خلال قراءتي لهذا النص الكبير..
وإليكم أدلتي.. من خلال هذا النص الذي هو مفردة من جمل أو دواوين، ومجاميع شعر.

(يرتل تعاويذ الحفيف على كتفي)

(ويبلل وجنتي بدم الكروم)

هنا.. دمج علامتين، بعلامة.. حيث ترجم بوح الماء بحفيف.. أي انه زاوج مابين الهواء اللافح باستعارة اسم صوته، وبين جرفه الذي هو كتفه أي كتف الشاعر!.
هذا المقطع بحد ذاته نص، له ماليس لأي آخر.
وإيغالاً بالمعنى، قال
(يبلل وجتني بدم الكروم)
ياسلام
تحضرني أزاء هذا المقطع قصيدة الأخطل الصغير حين قال
"ياذابح العنقود خضب كفه بدمائه بوركت من سفاح"
سفاح أنت أيها الحداد، لأنك تنتخب المعنى الأقصى من روح المفردة، وتصدرها بأناقة مجرم محترف.
(فيا البلورة الجارحة..اجرحي)

(يا صبا الندى ، وصاب الانتحاب)

(ويا فرزانة النساء العاصية)

(على ملوك الشرق)

عوداً على بدء..
وتأكيداً على ما أسلفنا، عود الشاعر إلى مبتداه، أيقونة الماء - وهو العراب - يقول لها (اجرحي أيتها البلورة)
إذاً ليس هناك استرسال غير مبرر
ودعوني أتأمل عبارة
(ياصبا الندى، وصاب الانتحاب)
الصًبَا الحنين، وهو مَقام غنائي حزين، وكذلك هي الريح القادمة من جهة الشرق
اما الصِبا فهو الصِغَر والشوق
وأما الصاب فهو انصباب المطر وهطوله

(ويا فرزانة النساء العاصية)

(على ملوك الشرق)

(أي سرّ .. هذا الذي تملكين)

(وأي بوصلة ضياع..)

(لك في منفى الجراح!!؟.)

فرزانة.. لا ادري لماذا أَنَّثَ فِرزان التي تعني الملكة في لعب الشطرنج
وكأنه أراد تأكيد الذات الأنوثية، بالتأنيث هذا
ولماذا ملوك ألشرق تحديداً!.
فالحداد لا يطرق إلا على حديد ساخن.. لذا توجب التأمل
إذاً..
هنالك ربط بين "الـ شَت رانگـ" المعروف النشأة، وبين الشرق كشرق جغرافي، إن كان عربياً أو أعجميا
أظنني قد ولجت المبتغى، حيث أمسكت باحد شُهُب الشاعر.. حيث أن
العاصية، أو العصية.. على ملوك المشارق
ألأيقونة العراقية التي استخدمت كل أسلحة الجمال الشامل، بهجوم إجهاضي محض.
أي سر وأي بوصلة؟.
بهذا السؤال، الذي هو إلى الإعجاب أقرب من التساؤل، أو التساؤل المحسوم قناعة.. راح العراب يفتش عن قبضة رمل ترمم جرح منفى الجراح.
لله درك..
كم أنت عميق الرؤيا، بعد أن أعْشَت رؤيتَك الرياحُ الصفر
أجدني مضطراً للعود على بدء..
فالرؤيا وفق ماقرأناه، هي مهرة الشاعر، الجامحة في مساحات مخياله الشاسع، وإلا لَما عاد إلى القُبلَتيْن على القبتين.
ولي عودة إلى ذلك تأويلياً.. بعيداً عن المدركات الحسية.
إذ أن التأويل في نص مرمز بهذه الطريقة، يحتاج إلى عمق قرائي، لا مرور كرام.
والآن أعود إلى حيث انتهيت مؤقتاً..
فالانفلات من الرتابة، والمداهمات الاستعارية بتقنية أسلوبية تستوجب التهيؤ والإجابة.

أسعى الى سراب ظلك))

(مثل ذبابة فوق خارطة)

(فأتلاشى في مجاهيلك غاربا)

(هل سأهتدي)

الى صهباء لذتك الحرام))

(وازهركالمرافيء بأخر فنار ؟)

1. ألسعي إلى الظل!.
ألسعي وراء هذا معضلة بحد ذاته، أما السعي وراء سراب الظل، فهذا يتطلب ركضة مابين الجفا والمرتوى..
أعتقد ان الظل هو ما أسلفت رؤاي عنه، وأما السعي إلى سراب الظل فهذه ركضة ضلت الطريق، بعد أن حفيت أقدام الظل، المُرتجى، وذلك
ليتخلى عن كاف التشبيه الذي استهل به النص، ولجوئه إلى (مثل) التي تدل اسم

فالجمع أمثال والمِثْلُ تعني الشِّبه والنظير "أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ" و
"لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ" يضرب للحثّ على عمل الخير والاتِّجاه إلى أمجد المقاصد، وفي مثل هذه الحالة، حالة كهذه.. معاملة بالمِثْل أي معاملة على النّحو ذاته

لكن الشاعر هنا قصد بالمِثْل التشبيه لا الشبه، أي انه أراد أن يشيع حالة انزعاج من واقع، بحالة شبيهة.
(فأتلاشى في مجاهيلك غاربا)
اتلاشى في مجاهلك.. في المجاهل.. هذا أمر وارد، أما أتلاشى في مجاهيلك أمر يستدعي التوقف..
كون المجاهل هي الأماكن التي لاتزال مجهولة، ، وأما المجاهيل فهذه قضية
وعلينا البحث عن المعنى الدلالي لها..
ولا أظنها إلا محاولة للتأنيث، وهذا عود على فِرزانة التي سبق وأن تطرقنا لها.
إذ ليس غريباً على شاعر يمتلك أدواته بمهارة، وينحت مايشاء من المفردات، أن يؤكد عمق تكثيف المعنى، بابتكار حرفي حديث.
ومايؤكد ذلك، بوحه الذي اندلق كبقعة لون ساخنة حمراء على خامة بيضاء.. إذ قال:
(هل سأهتدي)
هذه الـ (هل) هي من أثارت أعمال شَغَب، خصوصاً بعد أن أتبعها الشاعر، بــ

(لذاتك الحرام)
أي انه اشتراكي الفلسفة، ونوعي الانتخاب، وأمين على توصيل المبتغى، بوسائل أكثر عمقاً، وأرصن توصيلا.
ولكي أُلَملِم أشيائي، سأتلو مفهومي عن استقرائي هذا بحكاية، ربما تكون طويلة.. لكن النص أكبر من تحديده بتعريف بسيط..
ألنص عبارة عن قضية في لوحة أو جدارية تُزاوج بين التلقي والفهم والاستقراء والرأي.
فالنهد ماهو إلا ثيمة جمالية مغرية، والجمال كله.. بكيفية البوح، والاستعارة والتشبيه.
وهذا مايدعوني لمراجعة التفكير بالبنية النصية التي أثرتها في مستهل القراءة.

ألنهد ليس إلا قبة، وما المئذنة إلا عضو ذكري..
مع اعتزازي الكبير بتراثي الإسلامي الذي غيَّر وجه التأريخ، فأنا لا أجد مبرراً لذكر هذا إلا استحضار واستذكار وتشبيه.
إذ لاأجيز لنفسي ربط مابين الصورتين، إلا إذا تعلق الأمر بالشكل الجمالي، وخصوصاً حين يتعلق الأمر ببوح شاعر يربط مابين الصور.
وطبعاً "يحق للشاعر مالا يحق لغيره".
وفقاً لهذا.. كان عليه أن يشبه النهد بقبة لا مئذنة!.
لكنه أراد ان يرفعه إلى الغمام، كونه مؤمن بأن النهد هو من يرضع الرباب، ليزخ معافى على جدب الروح، كي تنتعش

(هل سأهتدي)

الى صهباء لذتك الحرام))

(وازهركالمرافيء بأخر فنار ؟)

هل..
أداة استفهام معروفة
لكن السؤال المهم جداً.. مايليها في النص
الصهباء معروفة المعنى لغوياً، ولكن.. كيف تمكن الشاعر من صياغة الهداية، على أنها سبيل إلى درب الخمر؟.
هذا ما لا يسطيعه الكاتب أو المؤلِف عند إشارتنا إليه في مبتدأ القراءة.
هداية، لذات حرام!.
أما ان يكون الشعر كذا وأما فلا
وتعالوا معي، لنشم أريج عطر الزهر الذي أينع في بآخر فنار
سلَّمك ربي وعافاك أيها الأنيق.. لقد اشتغلت لوحة أداتها أنت، وألوانها ماء، وثيمتها انتظار!.
والمدهش طبعاً.. أنك اختمتها بعلامة استفهام، رغم أني كنت أتمناها أن تكون علامة تعجب، لأنك تعي حجم الخراب.



#عمر_مصلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنطباع عن مسرحية حراس المزرعة
- تركتكات.. العلامة الفارقة للجمال
- فلاح بهادر وكريم عبدالله في الميزان النقدي
- نجوم من الفن التشكيلي المعاصر
- وفاء دلا.. بين الأسطورة والواقع
- قراءة في مقاتل السياب
- ألنقد والناقد
- رأي وانطباع
- فكرة عامة عن الموسيقا
- فائز الحداد.. مهماز الشعرية الجديدة
- رفات خبز
- قراءة أولى في نص أول
- وقفة تأملية عند ملحمة جلجامش
- دم
- إنطباع عن ومضات قاسم وداي الربيعي
- سلوى فرح.. تعوم في خط التالوك
- إنطباع عن قصة عباءات
- إنطباع عن.. ألليلة التي ضاع فيها الرغيف للقاص أنمار رحمة الل ...
- قراءة سريعة في نص (مشردون) للقاص مشتاق عبدالهادي
- ماهية الفراغ في نصوص فلاح الشابندر


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عمر مصلح - قراءة في قصيدة -سيادة النهد- للشاعر فائز الحداد