أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حوا بطواش - فن الإغراء الفاشي















المزيد.....

فن الإغراء الفاشي


حوا بطواش
كاتبة

(Hawa Batwash)


الحوار المتمدن-العدد: 5845 - 2018 / 4 / 14 - 11:29
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


يوفال نوح هراري *

هل أنتم فاشيون؟ عموما لا أحد سيقول إنه كذلك. ولكن، كيف نعرف من هو الفاشي؟ كيف أعرف إن كنت فاشيا بنفسي؟
سبعون عاما تقريبا بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت كلمة "فاشي" كلمة مهينة، كثيرة الاستخدام، يطلقها الناس تجاه كل من لا يعجبهم، وهناك من يظن أن إبداء حب الوطن هو من علامات الفاشية، إذن، دعونا نشرح ما هي الفاشية وبم تختلف عن القومية.
القومية هي من أكثر الأفكار النافعة التي ابتكرها الناس. الدول هي مجتمعات تضم ملايين الناس الغرباء. أنا، مثلا، لا أعرف ثمانية ملايين الناس الذين يشاركونني المواطنة الإسرائيلية. ولكن مشاعر التعاطف القومي تجعلني مكترثا لأمر هؤلاء الملايين الذين بإمكانهم التعاون بطريقة نافعة. من الخطأ أن نتصوّر أننا كنا سنعيش في جنة من اللبرالية بدون النزعة القومية. الأرجح أننا كنا سنعيش في فوضى قبلية. دول هادئة، مزدهرة وليبرالية، مثل السويد، هولندا وسويسرا تتمتع عادة بالنزعة القومية، فيما الدول التي لا يشعر سكانها بالنزعة القومية، مثل أفغانستان، الصومال والكونغو، كثيرا ما تعاني من العنف والجوع.
إذن، ما هي الفاشية؟ باختصار شديد، الفرق بين القومية والفاشية هو التالي: القومية تقول لي إن دولتي فريدة ولدي التزامات خاصة تجاهها، أما الفاشية فتقول لي إن دولتي هي فوق كل شيء ولدي التزامات حصرية تجاهها. دولتي هي أهم شيء في العالم ويجب أن لا أكترث بكل من لا يخدم الدولة.
غالبا، ينتمي الناس إلى مجموعات كثيرة ولديهم هويات وولاءات كثيرة في ذات الوقت. يمكنني أن أكون وطنيا جيدا، وفي ذات الوقت مخلصا أيضا لعائلتي، حارتي، مهنتي، الإنسانية كلها، الحقيقة والجمال. أحيانا، الهويات والولاءات المختلفة تصطدم ببعضها البعض، عندئذ، ليس من السهل أن نعرف كيف نتصرف. ولكن، من قال إن الحياة سهلة؟ الحياة معقدة. واجهوها.
عندما يرغب الناس أن يعيشوا حياة سهلة أكثر مما ينبغي، قد يتحولون إلى فاشيين. الفاشية تنكر وجود كل الهويات عدا عن الهوية القومية، وتصر على واجبي الولاء فقط وحصريا للدولة. إذا طلبت مني الدولة أن أقتل ملايين الناس، سأقتل الملايين. وإذا أرادت الدولة أن أخون الحقيقة والجمال، سأخون الحقيقة والجمال.
كيف يعرف الفاشي ما هو الفيلم الجيد؟ ببساطة، المعيار الوحيد هو مصلحة الدولة. إذا كان الفيلم يخدم مصلحة الدولة فهو جيد، والعكس صحيح. كيف يقرر الفاشي ماذا يُدرّس في المدارس؟ هذا أيضا أمر بسيط للغاية. يُدرّس ما يخدم مصالح الدولة. لا أهمية أبدا للحقيقة.
كل ذلك يجعل الفاشية مغرية جدا. ليس فقط لأنها توفر التخبطات والأفكار المعقدة، بل لأنها تجعل الناس يشعرون بالانتماء إلى الشيء الأكثر أهمية والأكثر جمالا في العالم، إلى دولتي.
في العقود الأخيرة، ارتكبنا خطأ فادحا في تعليم الفاشية. علّمنا أن الفاشية قبيحة، ونتيجة لذلك قد يتبنى الناس اليوم أفكارا فاشية دون أن يدركوا معنى فعلهم. يقولون لأنفسهم: "لقد علّموني أن الفاشية قبيحة، ولكن، عندما أنظر في المرآة أرى شيئا جميلا جدا، إذن، لا يُعقل أنني فاشي." هذا خطأ كبير. الفاشية تجعلنا نرى أنفسنا أكثر جمالا مما نحن في الحقيقة. هنا يكمن السبب في الإغراء الفاشي.
عندما نظر الألمان إلى المرآة الفاشية في الثلاثينيات، رأوا ألمانيا الشيء الأكثر جمالا في العالم. إذا نظر الروس اليوم إلى المرآة الفاشية سيرون روسيا الشيء الأكثر جمالا في العالم. وإذا نظر الإسرائيليون في المرآة الفاشية سيرون إسرائيل الشيء الأكثر جمالا في العالم. وعندما يرى الناس شيئا جميلا للغاية، يرغبون أن يخسروا أنفسهم في داخله.
إن مصدر كلمة فاشي هو في روما القديمة. أحد رموز السلطة الرومانية كان حزمة من الأغصان التي تسمى "فاسكيس" وهي رمز غريب بعض الشيء للأيديولوجية الأكثر فتكا في التاريخ، ولكن لحزمة الأغصان هذه معنى عميق وخطير. الغصن الوحيد ضعيف ويسهل كسره إلى إثنين، ولكن عندما نربط أغصانا كثيرة مع بعضها البعض، إلى "فاسكيس"، يكاد يستحيل كسرها. الرسالة الكامنة في ذلك، أن للفرد الواحد لا توجد أية أهمية، ولكن كجزء من مجموعة تتصرف كجهاز واحد فلا يمكن قهرها. يدعي الفاشيون أن علينا أن نؤثِر المجموعة والدولة على المصالح الفردية، ممنوع على أي غصن أن يفكر بخلاف الحزمة وممنوع أن يكسر وحدة الحزمة.
أهوال المحرقة اليهودية والحرب العالمية الثانية تذكرنا بالنتائج المروعة لهذا النهج. إلا أننا نخطئ كثيرا في الطقوس، الأفلام وقصص ذكرى المحرقة حين نرسم الفاشية كالوحش القبيح. كذلك في أفلام هوليوود حين يُقدم الأشرار (لورد فولدمورت، سيد الخواتم ساورون ودارث فيدر) على أنهم قبيحون ومنفرون. ليس مفهوما في هذه الأفلام لماذا يرغب أحدهم في اتباع مخلوق قبيح مثل فولدمورت؟
المشكلة مع الشر أنه في الواقع ليس قبيحا. في العادة يبدو جميلا. الديانات القديمة أدركت ذلك جيدا أكثر من هوليوود. ولهذا كان الفن التقليدي يقدم الشيطان ساحر الجمال. وهذا هو السبب في صعوبة مواجهته وهذا هو السبب أيضا في صعوبة مواجهة الفاشية، كلاهما مغرٍ.
لا أقصد هنا أن دولة إسرائيل اليوم تشبه ألمانيا الثلاثينيات. لو كانت كذلك، لما كانت هذه المقالة ترى النور. كأستاذ في التاريخ، لا أحب المقارنات التي من هذا النوع، لأنها تحول النقاش من مساره. بدل أن نسأل أنفسنا: "ماذا يحدث لنا اليوم؟" ننشغل في السؤال: "هل ما يحدث اليوم يشبه ألمانيا الثلاثينيات؟" وبسبب وجود فروق كثيرة من السهل التوصل إلى النتيجة أن كل شيء على ما يرام.
في الأسبوع القادم سنحتفل بيوم الاستقلال السبعين لإسرائيل، في مثل هذا اليوم، من المهم الاحتفال بالإنجازات الرائعة لدولتنا، ولكن مهم أيضا أن نحاسب أنفسنا ونتأمل في سيئاتنا وجوانبنا القبيحة أكثر. إن كانت هناك ثمة مرآة تحجب عنا عيوبنا، جروحنا وثآليلنا وتجعلنا نرى أنفسنا أكثر جمالا مما نحن في الحقيقة، الأفضل أن نكسر تلك المرآة.

(ترجمتي من العبرية)

حوا بطواش
كفر كما/الجليل الأسفل

(يديعون أحرونوت، ملحق السبت 13.4.2018)
.....................................................................................................................................................................................
* يوفال نوح هراري Yuval Noah Harari – هو مؤرخ إسرائيلي، محاضر بروفيسور في قسم دراسات التاريخ في الجامعة العبرية في القدس، مؤلف الكتابين الشهيرين "موجز تاريخ البشرية" (الصادر عام 2011) الذي يستعرض فيه تاريخ تطوّر البشرية على مر الأجيال ويركّز على نقاط التحول المهمة في التاريخ، و "تاريخ الغد" (الصادر عام 2013) الذي يكشف المعتقدات والقصص التي شكّلت حياتنا حتى اليوم ويبحث ما الذي قد يحدث للبشرية في المستقبل القريب.
مراجع:
https://en.wikipedia.org/wiki/Yuval_Noah_Harari
https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%82%D8%A7%D9%84:_%D9%85%D9%88%D8%AC%D8%B2_%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B4%D8%B1%D9%8A%D8%A9_(%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8)






#حوا_بطواش (هاشتاغ)       Hawa_Batwash#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إمرأة تحب نفسها
- الهاربة 2
- الهاربة 1
- انتظار
- فيسبوك، خواطر وتأخير
- ابتسامة جدي
- الدفتر
- قلب في مهب العاصفة
- عازفة البيانو
- نظرة إلى الوراء
- أشواق (قصة مترجمة)
- صمت
- جدي، التستر والثقة بالآخرين
- مزاج، رجال وفشة خلق
- الزوج المثالي
- خواطر عن العنصرية، العلمانية والتعاطف الإنساني
- أنا شركسي... أنا شركسية
- اختفاء رباب ماردين 28 (الأخيرة)
- شوق مؤجل
- الضمبازا


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حوا بطواش - فن الإغراء الفاشي