عوني المشني

عوني المشني

الحوار المتمدن-العدد: 5844 - 2018 / 4 / 13 - 11:19
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

هل حقا قتل خمسون سوريا بالسلاح الكيميائي هو السبب الحقيقي لهذه الحرب المتوقع ان يقودها ترامب في سوريا ؟!!!! قتل خمسون شخصا عدد ليس بقليل ، واستخدام السلاح الكيماوي مؤكد رغم عدم تأكد من استخدمه ، ولكن حربا محتملة كهذه وضعت العالم على كف عرفيت وجعلت الإمكانية لتورط روسي امريكي في حرب نووية أمرا اكبر من المسبب المزعوم ، وفِي الشرق المتفجر المأزوم قتل مئات الالاف في سوريا ، في العراق ، في اليمن ، في ليبيا ، في غزة ، في لبنان ، ولم تقم قائمة امريكيا ، من لم يمارس القتل ببشاعة في الشرق الأوسط ، امريكيا في أفغانستان والعراق قتلت اكثر مما قتل اي طرف اخر ، السعودية قتلت وحولت اليمن الى ابشع مأساة انسانية في الخمسون سنة الاخيرة ، في ليبيا كل يقتل الكل والتحالف مارس القتل بالجملة قبل ذلك ، داعش قتلت كما لم يقتل احد ، اسرائيل من مئة عام لا مهمة لها سوى انها اداة قتل وحرب ، واستخدمت كل انواع الأسلحة حتى اليورانيوم المنضب والقنابل العنقودية والنابالم وغيرها وغيرها وغيرها .
في العراق استخدمت الأسلحة النووية التي ثبت عدم وجودها مبررا لتدمير بلد ، وفِي ليبيا استخدمت وحشية النظام مبررا لتتحول بعدها ليبيا الى بلد بلا نظام ، اما في اليمن تستخدم ذريعة الحوثي لابادة شعب ، وفِي سوريا عندما تجاوز النظام مرحلة الهزيمة وأصبح في وضع يكاد يحسم فيه الصراع جاءت حكاية الكيماوي ، والسبب واضح : نظام سوري متحالف مع ايران وقاعدة سوفيتية ويشكل مع حزب الله والعراق وإيران جبهة واحدة هذا أمرا خطيرا على اسرائيل . هذا أمرا تجاوز للخط الاحمر ، الموضوع له علاقة بثلاث أمور : المصلحة الاسرائيلية اولا ، وتقويض للنفوذ الإيراني ثانيا ، واكتشافات نفطية في سوريا وعلى الساحل السوري ثالثا ، ما تعدى ذلك هو ذَر للرماد في العيون ، هو تبريرات وحجج واهية ، هو كذب مفضوح .
مع ذلك نقول النظام السوري هو نظام قمعي ، ليس بنظام مقاومة حقيقي بل انه تاجر بالمقاومة حتى تحولت الى ممانعة ، وهو يتحمل جزء ليس يسيرا بما وصلت اليه بلاده من تدمير ، الاحتجاج في سوريا بدأ سلميا وكان يمكن احتواءه ، تحول الاحتجاج الى مؤامرة وتدخلات اجنبية وخطة لتدمير سوريا ، هذا صحيح ،اخطاء وخطايا النظام لا تبرر جريمة ومؤامرة الاعداء ، هذا موضوع يحب ان يبقى ماثلا . ان " اليسار المريض " الذي يرى معاداة ومؤامرة امريكيا واسرائيل سببا لدعم نظام وحشي لا يرى ابعد من مصالحه المذهبية الضيقة انه ومصاب بعدة أمراض أقلها الفهم الميكانيكي المجرد ، ضد امريكيا واسرائيل نعم ، ضد التدخل في سوريا نعم ، ولكن ضد ذبح النظام لشعبه بالبراميل المتفجرة والطائرات . استخدام المقاومة شماعة لدكتاتورية مأزومة لا يقنع اي وطني حقيقي .
بمعزل عن طبيعة النظام فان الحرب الامريكية على سوريا هي خدمة لمصالح اسرائيل اولا وأخيرا ، ان التطورات الدراماتيكية في الايام الثلاث الماضية ساهمت بطريقة او باخرى في كبح جماح التهور الامريكي المجنون ، موقف روسيا اذا لم يستطع ان يمنع الهجوم على سوريا سيجعله هجوما محدودا ، ربما هذا هو الخيار الأكثر قابلية للتحقيق ، فحتى لو كانت مصالح اسرائيل هي الدافع فان امريكيا لا تنجر لحرب شاملة قد تصل لحرب نووية من احل مصالح اسرائيل ، موقف روسيا الحاسم وضع حدا لحرب تسقط النظام السوري او تغير معادلات ، وربما وهذا الاهم وضع حدا لامكانية ان تقوم اسرائيل بذلك في المستقبل ، وحتى لو حصل هجوم محدود على سوريا فان اسرائيل قد خسرت الحرب قبل ان تبدأ ، نعم خسرتها عندما اصبح الهجوم محدود الى درجة لا يغير معادلة الوجود الإيراني والروسي في سوريا ، ومحدود لدرجة لا يسقط النظام السوري ، ومحدود الى حد تحويل القوات الامريكية في سوريا الى هدف مستقبلي .
ان هجوما محدودا يساوي انتصار روسي سوري إيراني وهزيمة للاسرائيليين اولا وللسعودية ثانيا ، لهذا فان الخطورة تكمن في الدفع الاسرائيلي باتجاه هجوم عميق رغم ما يعنيه ذلك من إمكانية تطور الحرب الى ابعد من سوريا ، في هذا الحالة فان التنبؤ يكون معقدا الى حد بعيد ، فحرب كهذه مفتوحة على كل الاحتمالات ومن ضمنها تدمير شامل للمنطقة على اقل تقدير .
الأطراف جميعها ألقت بأوراقها في اللعبة دفعة واحدة ، ايران تهدد باستهداف اسرائيل ، اسرائيل تهدد ايران باسقاط نظام الأسد ، روسيا تهدد بضرب القواعد الامريكية في الخليج وإسقاط الصواريخ ، اصبح لكل طرف ما يخاف عليه ، وأصبح لكل طرف ما يخيف الاخرين به ، معادلة سوريا معقدة الى هذا المستوى ، لكن الطرف الذي يصنع الحدث ويحدث متغيرات على الارض هي روسيا .
ما زالت المعادلة معقدة ، ما زالت الاحتمالات جميعها قائمة ولكن ليس على نفس الدرجة ، إمكانية تجاوز الامر بدون ضربة صعب ، إمكانية حرب شاملة صعب ، لكن الاقل صعوبة لكل الأطراف ضربة محدودة ومتفق عليها .

#عوني_المشني (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات