|
عديقي اليهودي 31 * نوم عذري!
محمود شاهين
روائي
(Mahmoud Shahin)
الحوار المتمدن-العدد: 5838 - 2018 / 4 / 7 - 19:33
المحور:
الادب والفن
عديقي اليهودي 31 * نوم عذري! - ألا تفكر بكتابة سيرة حياتك حبيبي ؟ - راودتني الفكرة كثيرا لكني كنت أهرب منها ولا أعرف لماذا ، ربما لأنه ليس في مقدوري أن أتطرق بصدق لكل شيئ عشته . سأفعل كما يفعل الكتاب ، عدم الدخول في العمق ، سأكتب عن تشردي من القدس إلى عمان، ثم إلى لبنان فسوريا فعمان من جديد، ومن ثم محطتي الأخيرة العودة إلى الضفة بمساعدة السلطة الفلسطينية . - منذ متى عدت إلى الضفة . - منذ قرابة ستة أعوام . غادرت دمشق على أثر الأحداث التي نشبت فيها ، تاركا خلفي تعب أربعين عاما من المؤلفات والمخطوطات واللوحات والمنحوتات والتحف والكتب .. مكثت في عمان بضعة أشهر إلى أن أتيح لي القدوم إلى هنا . - لكن لماذا ليس في مقدورك الدخول في العمق إذا ما كتبت عن حياتك ؟ - غير ممكن حبيبتي . الحياة التي يكتب عنها المؤلفون ، هي ليست الحياة التي يحياها المؤلفون أنفسهم أو الناس الذين يكتبون عنهم . عندي رغبة في أن أكتب عن الإنسان كما هو ، وبكل تفاصيل حياته وتطورها ، وليس كما يصوّرها الكتاب في مؤلفاتهم . وهذه دون شك مسألة صعبة وخاصة فيما يتعلق بالحياة الجنسية وبعض الجوانب الإجتماعية للشخصيات . لن يتقبل الناس رؤية أنفسهم على حقيقتها . ذات يوم جاءني قارئ برواية لي وقد مزقها إلى نصفين لأنه رأى فيها ما يذكره بنفسه في حالات يكرهها ! على أية حال إن كتبت سأركز على تطور فكري مما هو أقرب إلى الصفر حتى المطلق الذي لا يحدّه شيء . - وهذا هو المهم حبيبي ! - لا أعرف الزمن يدركنا بجبروته ، بحيث لا نجد متسعا إلا لقول ما نراه الأهم في كل مرحلة من أعمارنا .. ثمة روايات كثيرة لم أكتبها لأن الظروف لم تتح لي ذلك . أحيانا كنت أكتب عن مسألة وأنا أفكر في أخرى ينبغي الكتابة عنها ، لأجد نفسي أتجاوز مسائل كثيرة لأكتب عما أفكر فيه . لذلك تجدين لي روايات شرعت في كتابة فصول فيها ثم تخليت عنها . وثمة روايات كتبتها ولم أنشرها .. وهناك مقالات وأبحاث لم يتقبل أحد نشرها تتعلق بالمعتقدات ، نشرت بعضها على النت فيما بعد .. الرسم أخذ قرابة عقدين من عمري لأنني كنت أعيش منه بكرامة ، عكس الكتابة التي تذهب فائدتها إلى الناشرين ، وبالكاد يحصل الكاتب على ما يرفع معنوياته لأن يستمر فيها ! دعينا نرى ماذا يجري في العالم . كان صدى انقاذ الأطفال الإسرائيليين ما زال يتردد في الصحافة العالمية وعلى الشبكة العنكبوتية بعد مرور قرابة ثلاثة أسابيع عليه . أطرف المقالات تحدث عن " عارف نذير الحق الرئيس القادم للسلطة الفلسطينية بلا منازع "! شرع عارف في الضحك، فهو لم يفكر يوما في أن يكون زعيما ، ولا يعرف كيف فكر الكاتب في الأمر فيما لو قام هو بترشيح نفسه ! مقال آخر يتحدث عن التأثير الإيجابي الذي ما زال يتفاعل في المجتمع الإسرائيلي ، ليؤثر في الرأي العام الذي بدأ يطالب باستئناف المفاوضات مع السلطة الفلسطينية . مقال آخر لا يعرف كيف سرب إلى الصحافة ليثير ردود فعل مختلفة " حفل على شرف نذيرالحق يقيمه ذوي الأطفال الإسرائيليين " تساءل عارف: - من قام بتسريب هذا الخبر حسب رأيك سارة ؟ - لا أعرف . ربما له غاية ! - ماذا يمكن أن تكون ؟ - يريد أن يرى ردود الفعل . أليس هناك مصدر للخبر ؟ - حسب ما يتردد بين سكان كيدار ومعاليه أدوميم ! كما أنه لم يحدد تاريخ الحفل إلا بالإشارة إلى الأيام القريبة القادمة . - هذه إشارة إلى أنك لم توافق على الحفل بعد . - ممكن ! وهذا خبر عن حركة السلام الآن يتطرق إلى أنها بدأت تحشد للقيام بأكبر مسيرة في تاريخ اسرائيل تطالب بالسلام وإقامة الدولة الفلسطينية . - جيد ! سأتصل بكل صديقاتي وأصدقائي لنساعد في الأمر . هل ستشارك معنا حبيبي ؟ - لا أعرف ! ممكن ! - وماذا بعد ؟ - هناك مقالات تتطرق إلى احتمال اغتيالي من قبل جهات متعددة اسرائيلية وعربية، لأنني بدأت أشكل خطرا على أطراف مختلفة حتى خارج فلسطين ! - حبيبي أخفتني ! لماذا لا تطلب حماية من السلطة ؟ - حتى لو وافقت السلطة على حمايتي ، فلن يكون في وسع الحماية أن ترافقني أينما ذهبت ، ثم إنني لا أرغب في ذلك ، تصوري أن يكون معنا أنا وأنت حماية ترقب كل حركة نقوم بها، وربما تحصي القبلات التي سنتبادلها، حين نذهب إلى التجوال في البريّة ! - غير معقول حبيبي . - أريد شيئا الآن قبل أن أنسى ! - ما هو حبيبي ؟ - أن أكتب وصيتي لعلها تنفّذ! ضمت سارة عارف وعانقته " حبيبي إنك تخيفني" - لا تخافي حبيبتي . ينبغي أن تواجهي الأمر بشجاعة . - ماذا ستكتب في الوصية ؟ - أن أدفن في أعلى مكان في ظهرة المغرة . وأن تحضرالسلطة من دمشق محتويات بيتي من لوحات ومنحوتات وتحف ومخطوطات ومؤلفات وكتب، وتحتفظ بها في بيتي هذا . نهض عارف وجلس إلى مكتبه وشرع في كتابة الوصية على ورقة ، وسارة تقف إلى جانبه . وما أن فرغ منها حتى استأذنته سارة بإضافة جملة إليها. تساءل عارف عمّا ستكتبه في وصية تخصه ، فكررت رجاءها . أعطاها عارف القلم ، لتنحني وتكتب أسفل ما كتبه : "وأرجو أن أدفن إلى جوار حبيبي عارف نذير الحق في حال وفاتي" وكتبت كامل اسمها " سارة يعقوب سليمان " ووقعت أسفله . وكتبت العبارة نفسها على ورقة مستقلة وضعتها في جيبها .. ضم عارف سارة إليه ، وعانقها بحرارة ، وهو يتساءل عن اصرارها الذي لا يصدّق ، ودمعتان تنزلقان من عينيه ، لتخالجا الدموع التي راحت تهطل من عيني سارة . مر على عناقهما وتحاضنهما لحظات أكبر من الكلمات لأن تعبر عنها . همس عارف : - تأخر الوقت حبيبتي . يجب أن ننام لننهض مبكرا .. اشتقت إلى البريّة ، سنذهب غدا لنمرح في الربيع ونلتقي مع الحجل ! وهمست هي: - غدا مساء سأعود إلى منزلي لأنني سأذهب في اليوم التالي إلى الكليّة لأنظر في أمر استئناف عملي. لي عندك رجاء هذه الليلة ! رفع عارف رأسها لينظر في عمق عينيها متسائلا . همست : - أريد أنام في حضنك ! همس وهو يعيد ضم رأسها إلى رأسه: - ليت لي قلبا بحجم حضن لأحتويك فيه لما تبقى من عمر. نهضا إلى السرير. مد عارف يده اليسرى على المخدة . ألقت سارة رأسها عليها وهي تمد يدها اليمنى لتحضن رأس عارف ، وتطوق جسده بيدها اليسرى ، وهو يطوق جسدها بيده اليمنى . ويخلدا إلى النوم متحاضنين ، ليناما كما لم ينم عاشقان عذريان من قبل ! *****
#محمود_شاهين (هاشتاغ)
Mahmoud_Shahin#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عديقي اليهودي 30 * يوم الحب والألم!
-
عديقي اليهودي 29 * مبروك يا عارف !
-
عديقي اليهودي 28 * أبطال تراجيديون ، من جليّات إلى ياسر عرفا
...
-
كم أحسد الشعراء ؟ -هلوسات- على هامش السياسة والرواية والشعر.
-
عديقي اليهودي 27 * عارف يرفض وسام دولة اسرائيل ويتقبل وسام د
...
-
عديقي اليهودي 26 *عارف نذيرالحق يرفض استقبال ممثلي السلطة ال
...
-
عديقي اليهودي 25 * فيضان سيل وادي أبوهندي!
-
عديقي اليهودي 24 * حب وقلق وشواء وحجل وشاباك !!
-
عديقي اليهودي23 * الخالق العظيم !!
-
عديقي اليهودي 22 * صباح بطعم القبل!
-
عديقي اليهودي الفصل 21 *موسى يبدأ حياته بقتل مصري تشاجر مع ع
...
-
عديقي اليهودي الفصل العشرون * القتل لمجرد الرغبة في القتل !
-
شاهينيات صعبة وصادمة جدا، في الخلق والخالق!
-
عديقي اليهودي . الفصل التاسع عشر . حالة حب !
-
عديقي اليهودي . الفصل الثامن عشر
-
عديقي اليهودي . الفصل السابع عشر
-
عديقي اليهودي الفصل السادس عشر
-
العقل لبناء حضارة انسانية ولا شيء غير ذلك!
-
عديقي اليهودي الفصل الخامس عشر
-
عديقي اليهودي. الفصل الرابع عشر
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|