|
لجري نحو القمة
فؤاد ربيع
الحوار المتمدن-العدد: 5837 - 2018 / 4 / 6 - 19:43
المحور:
الادب والفن
من كتاب (كنت في الأزل)
الجري نحو القمة للكاتب : فؤاد ربيع
الفصل الثالث كان السوق يعج بالباعة المتجولين قسم يبيع السكائر والآخر يبيع السكر والشاي وعربات لبيع مصنوعات بلاستكية معادة والآخر يتسول وسط الزحمة ولكن حينما يحضر مراقب البلدية ويطلق علية الدعلج بصحبة الشرطة يحدث انسحاب سريع ليختفوا في الأزقة المحيطة بالسوق لأنه يصادر بضاعتهم وقد يوقفوهم في مركز الشرطة وسمي بالدعلج لأنه يماثل شخصية شريرة تظهر في مسلسل تلفزيوني كان شائعا في حينها . وكان يباغت الأسواق والباعة المتجولين من أجل ابتزازهم وهم أناس متعبون . كنت أخاف على صاحبي من هذا المتوحش وأخبرني يوما أنه رأى هلعا في الشارع وصار أصحاب البسطات يحملون بضاعتهم ويهربون وهم يصيحون قد حضر الدعلج بقيت واقفاً في مكاني وحين وصلني كان المكان فارغاً سألني وبعنف لماذا أنت لم تهرب ولا تعلم أستطيع أن أصادر هذه العربة مع ما فيها قلت له ولماذا المصادرة رد غاضبا أنك تخالف القوانين هيا تعال معي سألته وكيف أترك العربة قال تعال مع العربة إنك تتغافل ومشيت معهم وتدخل أحد أفراد شرطته أن أعطيهم بعض النقود وأقسمت لهم أني لم استفتح بعد وكنت أفكر أن أعطيهم مواعين باقلاء وبعد برهة طلب مني أحدهم أن أفلت وسألته وماذا كان في العربة ورد بعض الصحف وفكرت وقلت له ربما لا تسلم الجر مرتين كانت عمليات الابتزاز جارية القوي يأكل الضعيف وكل الناس ضعاف أمام السلطة و (الدعلج) يبتز أضعف الحلقات . مساحة الفقراء قد اتسعت وشملت شرائح كثيرة الى حد لم تجد أزبالاً وترى أناساً تبحث عن زجاج والآخر عن الحديد أي صار هناك تخصص وخاصة في أنواع البلاستك ولا يوجد ما يؤكل مطلقا والقطط قد اختفت والحمام أصبح نادراً وشاعت السرقات ووصلت لسرقة الاحذية من المساجد ! ومما حدا ببعض الناس لربط سياراتهم في سلاسل داخل الكراج .واصبحت الاسعار لا تطاق . أحد معارفي يملك سيارة خربة أستطاع بيعها بأكثر من مليوني دينار أنه مبلغ كبير لو تحسبه على الراتب الذي لا يتجاوز الثمانية ألاف دينار ولكن سعرها أقل من ثلاثمائة دولار أذا علمت أن سعر صرف المئة الدولار أربعمائة ألف دينار ! وهذه أرخص سيارة على الكرة الارضية وفي مساء رمضاني وحوالي الساعة الثامنة والنصف . والظلام دامس وكان الكهرباء مقطوع أطلقت عيارات نارية وتبعتها عيارات من كل الارجاء ولم تهدأ ودامت حوالي النصف ساعة والجميع لا يعلم ماذا جرى خرجت لاستعلم الخبر لم أجد أحداً الا في نهاية الشارع ليخبرني : قد رفع الحصار عن العراق! وسوف تعود الامور لطبيعتها ووجدت آخر لأسأله وقال لقد خرج العراق من الفصل السابع وسوف تتعدل الحياة المعاشية !. وعند الصباح حينما ذهبت الى السوق وجدت كل شيء قد تغير كأن تلك الامسية وأصوات الرصاص أعلنت عن عهد جديد كل الاسعار قد تهاوت من أعلى القمة ! وتنافس الباعة وبشكل جنوني في تخفيض أسعار بضاعتهم ولكن من الذي يشتري ! البعض يؤكد بأن الامور سوف تعود كما كان كانت قبل الحصار وأصبح سعر صرف المئة دولار عند ظهيرة اليوم الاول لنزول الاسعار أربعين ألف دينار بعد ان كان يوم امس اربعة مئة ألف وبقِ على هذا السعر فترة طويلة أي بانخفاض حاد الى عشر قيمته من يوم أمس والناس تحلم ويقودها الاعلام المضلل وتمنيت أن أرى صديقي عبد الاله لعلة يساعدني على فهم ما يجري وأن يخبرني عن تلك الكتلة النقدية الهائلة اين اختفت وبهذه السرعة . وبدأت مشاكل تسديد الديون وكثرت الفتاوى من التجار الذين بعضهم قد أفلس لان بضاعته قد هبطت الى العشر وعليه مبالغ كبيرة أنه انهيار كامل لجرف أسس على ورق لا يدعمه رصيد أو ثروات طبيعية وحين التقيت بصديقي عبدو كرر قولة أن رأس المال والاعلام هو سبب كل أزمات البشرية أن الكتلة النقدية باقية عند الأفراد وهذه الظاهرة يطلق عليها التفضيل النقدي و الدولة لا تملك نظام ضريبي صحيح تستطيع سحب تلك الكتلة وسيعود تأثيرها السلبي . هنا لعب الاعلام دوره وأكد جازما أن الامور سوف تعود كالسابق بعد أن تستنفذ هذه البضائع المخزنة والتي تنافس أصحابها الآن على عرضها . ونزل أصحاب النفوذ وبعض الحزبيين لشراء كميات كبيرة من المصوغات الذهبية والبضائع الجيدة وبالأسعار الجديدة والذي أغلق دكانه أجبر على فتحها وأن صديقي عبدو يحاول جاهداً أن يستبدل عملته الجديدة بالعملة القديمة والتي يطلق عليها السويسري لان المنطقة الشمالية لا تتعامل بالعملة الجديدة وحينما يذهب لجلب الجريدة يحتاجها . وأن صديقي الذي باع سيارته الخربة قد أشترى وبنفس السعر سيارة فارهة من نوع جيد وقد وجدته فرحا . كل واحد له ما يشغله هكذا تتبادل الادوار والمواقع بين الناس الكثير نهب ماله بعلمه أو رغماً عنة وأفلس وبعضهم صار مترفاً وعبدو يردد المثل الشعبي ( المفلس في القافلة أمين ) ونحن الفقراء خارج هذه اللعبة .
الكاتب - فؤاد ربيع بابل - العراق
#فؤاد_ربيع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجري نحو القمة - الفصل الثاني
-
الجري نحو القمة
المزيد.....
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|