تجربة الحروب الصليبية

رحيم العراقي

الحوار المتمدن-العدد: 1488 - 2006 / 3 / 13 - 09:51
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    

يتحدث كتاب (تجميع المال، تجربة الحروب الصليبية) الجماعي الذي اشرف عليه كل من البروفيسور ماركوس بول ونورمان هاوسلي عن الحروب الصليبية من وجهة نظرغربية، ومعلوم ان هذه الحروب شغلت العالم المتوسطي اثناء العصور الوسطي.
ويقول المؤلفون بما معناه: ان هذه الحروب هي عبارة عن حملات عسكرية نظمتها الكنيسة من اجل تحرير الاراضي المقدسة وقبر المسيح من أيدي المسلمين.
ولكنها كانت في الواقع عدواناً على بلدان المسلمين وتعبيراً عن التعصب الديني السائد في تلك الفترة، والواقع ان فتاوى البابا في القرن التاسع الميلادي خلعت القدسية على الحرب ضد المسلمين في الشرق وذلك من اجل الدفاع عن المسيحيين المضطهدين هناك.
والواقع ان الصراع الذي جرى من عام 1096 الى عام 1291 بين الصليبيين والمسلمين يشكل احدى الصفحات الكبرى للتاريخ البشري، في البداية اندفعت جماهير المسيحيين المسلحين فقط بايمانهم وهجمت على فلسطين ولكنهم تعرضوا للمجازر وقتلوا.
وفي اثناء ذلك كانت الخيالة الغربية قد اخذت الوقت الكافي لكي تنظم نفسها وتلحق بهم وتحتل فلسطين بقوة السلاح هذه المرة، ولكن ما ان استقروا في تلك البلاد بضعة اشهر حتى هجم عليهم المسلمون لطردهم.
وعلى مدار قرنين من الزمن ما انفكت المناوشات تجري بين الطرفين وفي اثناء ذلك كان الصليبيون يتلقون الامدادات والدعم من قبل اوروبا المسيحية التي تحمي ظهرهم، ولكن هذه الامدادات كانت تتأخر كثيراً في الغالب.
وفي اثناء ذلك اضطر المسيحيون والمسلمون للتعايش والتعارف على بعضهم البعض وفي احيان كثيرة كانت الدبلوماسية تحل محل الحرب.
ولكن الامر انتهى بهزيمة الصليبيين وطردهم من الشرق، نقول ذلك على الرغم من ان روح الحروب الصليبية استمرت في الانتعاش حتى بعد فقدان الاراضي المقدسة.
فالفاتيكان استمر في تغذية الحرب ضد المسلمين الاتراك، ثم المغول، ثم الوثنيين في بلاد البلطيق، بل وحاربت البابوية الهراطقة داخل اوروبا ذاتها، والواقع ان الحروب الصليبية بهذا المعنى كانت عبارة عن محاولة لاخضاع اوروبا للحكم الثيوقراطي، أي لحكم الكنيسة والبابا.
وبفضل هذه الحكومة استطاع البابوات ان يقيموا الصلح والسلام بين ملوك اوروبا المتصارعين فيما بينهم ولكنهم فرضوا على الشعب نظاماً ضرائبياً جائراً وتعسفياً وهذا ما ادى الى حصول اضطرابات وثورات تمرد لاحقاً.
لقد كانت للحروب الصليبية نتائج عديدة على كافة الاصعدة والمستويات من اقتصادية، وسياسية، ودينية، وداخلية وخارجية.
وقد رأى البعض فيها نوعاً من الاستعمار قبل الأوان وركز مفكرون كثيرون على ابعادها الاقتصادية. صحيح ان البابا ركز على البعد الديني. ولكن تحت غطائه كانت هناك اهداف استغلالية واقتصادية. فالفقر في اوروبا دفع بالكثيرين الى المغامرة بأنفسهم والذهاب الى الشرق طمعاً بالثروة.

#رحيم_العراقي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات