|
هل ستندلع الحرب في الصحراء ؟
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 5833 - 2018 / 4 / 2 - 17:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
اجتمعت لجنة الخارجية والدفاع بالبرلمان المغربي في اجتماع طارئ ، بدعوى التصدي للأخطار التي تتعرض لها القضية الوطنية . لكن الإثارة ، ان بعض النواب طرقوا باب الحرب لتصحيح الوضع المختل بالمنطقة منذ مدة طويلة . جبهة البوليساريو بدورها بدأت تلوح باستعدادها لحمل السلاح من جديد ضد المغرب ، فيما إذا فشلت الوساطات الدولية ، ليس في إيجاد حل منصف وواقعي ، بل إذا عجزت عن تنظيم الاستفتاء كخيار وحيد وأوحد ، يؤدي الى الانفصال . لكن هل الحرب ضرورية اليوم بالمنطقة ؟ من خلال الرجوع الى الظروف التي فرضت الحرب منذ النصف الثاني من السبعينات ، وحتى التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار في سنة 1991 ، سنجد ان تغييرا أساسيا قد طرأ على المنطقة ، سواء بالنسبة للوضع المادي لجبهة البوليساريو ، او بالنسبة لحاضناتها الجزائر التي تعتبر الطرف الرئيسي في الصراع ، ام بالنسبة للمغرب التي تمكن من الاستفادة من أخطاء الماضي ، كما تمكن من تغيير المعادلة حين ثبّت قبضته على الأرض . فالمغرب اليوم ليس هو مغرب الامس من حيث نوعية التسليح ، ومن حيث الاستراتيجيات الجديدة للجيش التي جعلت منه اقوى جيش بالمنطقة . فبالنسبة لجبهة البوليساريو ، فقد أدى مقلب الحسن الثاني بنصب فخ وقف اطلاق النار تحت اشراف الأمم المتحدة الى تجريد الجبهة من شعاراتها الثورية " حرب التحرير الشعبية " ، فتحولت الى منظمة من الثرثارين البرجوازيين الذين استحلوا النضال السياسي والدبلوماسي في أروقة الأمم المتحدة ، وطرق أبواب محكمة العدل الاوربية . فحين يتم سلخ منظمة من قميصها الثوري المسلح ، وإعادة الباسها قميص المفاوضات الغير المرهونة بتاريخ محدد ، يكون ميزان القوى في الساحة قد تغير لفائدة المغرب على حساب المصالح الضيقة للجبهة . هكذا سنجد انه مرت على توقيع اتفاق وقف اطلاق النار ستة وعشرين سنة ، ولا استفتاء تم تنظيمه بالمنطقة ، لا من طرف مجلس الامن ، ولا من الجمعية العامة للأمم المتحدة . فكان من المتوقع بعد انشاء " المينورسو " ان ينظم الاستفتاء في سنة 1992 او 1992 وفي ابعد تقدير في سنة 1993 ، لكن الوضع لازال كما كان بعد 1991 ، بل أصبحت جبهة البوليساريو مقيدة بنص اتفاق وقف اطلاق النار الذي يحمل المسؤولية الجنائية والدولية للطرف الذي سيخرقه . فالمغرب وبمقتضى نص اتفاق 1991 ، اضحى في وضع مريح سيكولوجيا ، وماديا ، كما اضحى المتحكم الرئيسي في توجيه الوضع بما يخدم الوحدة الوطنية . اما جبهة البوليساريو ومنذ توقيعها على اتفاق وقف النار ، وهي تنتظر گودو الذي لن يعود ابدا . فبعد ان طلقت العمل المسلح ، وبعد مرور سبعة وعشرين سنة من وقف اطلاق النار ، دخلت مرحلة وسن اليأس ، لم يبق لها من جديد غير القيام بحركات بهلوانية هنا وهناك بمصفحات مزنجرة من إمداد الجزائر ، كما دخلت حرب الصورة لخلط الواقع وتقديمه بغير حقيقته ، قصد تضبيب المشهد ، واخفاء الحقيقة المرة عن الصحراويين الذين يعيشون محتجزين بتندوف ، وحتى تستمر الجبهة في استجداء وتوسل المساعدات التي تقدمها الدول الاوربية. ان ما يحصل اليوم بالكركرات ليس دخولا الى الحرب ، لان فاقد الشيء لا يعطيه ، بل هو نوع من الاستفزاز الغير المسؤول لإثارة الرأي العام الدولي ، ولبث حقنة من الصبر من جديد في عروق الصحراويين الذين يتلاعب بهم في المحافل الدولية . بل ان الجبهة التي أصبحت مكبلة بمقتضى اتفاق وقف اطلاق النار الموقع تحت اشراف الأمم المتحدة ، تريد جر المغرب للقيام بعمل غير مضبوط ، حتى تجد سببا للتحلل من عقدة 1991 ، وحتى تثير انتباه الأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، والاتحاد الأوربي ، والاتحاد الافريقي بما يحصل بالمنطقة ، وتُحمل المغرب أوزار ونتائج ما قد سيحدث ، ان كان المغرب هو من بدأ بإطلاق النار . لذا هنا يجب ضبط النفس ، ويجب عدم الانسياق وراء الاستفزازات التي قد تسرع وتعجل بالحل الاممي المبني على الاستفتاء . وهذا ما ترغب فيه الجزائر ، وتنشده جبهة البوليساريو . ان قضية تصفية مشكل الكركارات وتيفاريتي ، قضية وقت ، فيجب ترتيبه ضمن السياق الذي تمر به القضية الوطنية دوليا ومحليا . لذا يجب عدم الانزلاق لمخططات ومقالب الخصم الذي يبحث على التعجيل بالتدخل الاممي . ففرق بين التحرش والاستفزاز ، وفرق بين الحرب ، لان هذه لن تقع الا بموافقة الجزائر ، وهنا سيكون لكل مقام مقال .
اما عن الجزائر عراب الجبهة والتي تتحكم فيها ، فهي لا ولن تستطيع اصدار الامر بمهاجمة المغرب ، لأن دولة بدون رئيس مريض وعاجز عن تصريف أمور الدولة تكون غير قادرة على خوض الحرب ، فهل يستطيع جيش بدون قيادة ( غياب الرئيس ) الدخول في حرب ؟ إن الحرب تبقى مستبعدة لعدة أسباب : --- مراهنة جبهة البوليساريو على استنفاذ المعارك السياسية والقضائية ، أي مراكمة رصيد دولي للتضامن معها بدعوى ان الرأي العام الدولي سينحاز لها ، وسيكون في جانبها ، ومن ثم تحميل مسؤولية الفشل للمغرب ، وليس للجزائر الطرف الرئيسي في الصراع . مراهنة جبهة البوليساريو ومعها الجزائر ، على الدفع بانتفاضة سكانية للصحراويين بالمناطق الصحراوية المسترجعة في سنة 1974 / 1975 ، شبيهة بانتفاضة الفلسطينيين ضد إسرائيل . وهنا تراهن الجبهة ومعها الجزائر على إمكانية سقوط قتلى سيطلقون عليه ( شهداء ) مثل مجرمي إگديم إزيگ . وبالتزامن مع هذه الانتفاضة التي يعولون عليها كثيرا ، ومع سقوط المزيد من ( الشهداء ) ، سيشرعن هذا الوضع الجديد لخلق ( مقاومة ) مسلحة باسم الكفاح المسلح ، كبديل عن احتمال الرجوع الى ( الكفاح المسلح ) الذي استغرق ستة عشر سنة . اي تبرأة الجبهة من خرق وقف اطلاق النار الموقع في سنة 1991 . --- مراهنة الجزائر والجبهة ، للوصول الى احداث شرخ في صفوف الشعب المغربي ، عن طريق الدفع بجزء من مجندي ( المجتمع المدني والسياسي ) الى الدعوة للاستفثاء وتقرير المصير بالصحراء ، بل والدفع ببعضهم للاعتراف بالجمهورية الصحراوية . وهذا نلاحظه في تبني العديد من الجماعات والهيئات بالمهجر لحل الجزائر في نزاع الصحراء . --- ان النجاح الجبهة في كسب الصراع القضائي ، ومراهنتها على الدفع بانتفاضة بالاقاليم الجنوبية ، مع البدء بالعمل المسلح ( المقاومة ) في المدن الصحراوية ، سيخلصها من اتفاق وقف اطلاق النارالذي وقعته سنة 1991 ، وستعتبر نفسها مع الجزائر بعيدة وغير مسؤولة عمّا قد يتطور ان نشبت مقاومة مدينية من داخل المدن ، وليس بالاراضي الخارجة عن الجدار . كما ان النجاح في تنفيذ المخطط ، سيمكن الجبهة ومعها الجزائر عرابها ، من المساندة الدولية للانتفاضة ولعمل المقاومة المديني الذي سينسبونه الى الصحراويين وليس الى الجبهة او الجزائر . عموما الحرب لن تقع اليوم كما كانت في السبعينات وحتى 1991 ، لأنها ليست في صالح احد وليست هي الطريق الوحيد لتثبيت الخيارات ، لكن قد تعوضها مقاومة مدينية من قبل الانفصاليين في الداخل ، بالاضافة للشروع في التحضير لانتفاضة شعبية تثير الرأي العام ، وتثير الامم المتحدة ، كما تثير اهتمامات الاتحادات الاوربي والافريقي . فمزيدا من ضبط النفس لحرمان الانفصاليين والجزائر من تحقيق مكاسب قد تضر بالقضية الوطنية .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكرْنفالْ -- الجُّوطية
-
الطبقة العاملة المغربية والوعي الطبقي / الاجتماعي ( 14 )
-
الخطاب التكنوقراطي كعائق لبروز وعي طبقي / اجتماعي -- العلاقا
...
-
دعوى التنازل عن الجنسية المغربية
-
الكذب الذي هو رذيلة اخلاقية يصبح فضيلة سياسية في المغرب
-
( النخبة -- الاحزاب ) في المغرب لا تعيش السياسة ، لكنها تتعي
...
-
شهر ابريل القادم دورة قد تكون استثنائية لمجلس الامن حول قضية
...
-
الخطاب البتريركي الباتريمونيالي -- خطاب النظام -- ( 12 )
-
الديمقراطية مطلب الجماهير ام مطلب النخبة
-
الشعار السياسي المرحلي
-
الخطاب العنصري / القبلي / الطائفي كعائق لتبلور وبروز فكر طبق
...
-
المقاومة وجيش التحرير كعائق لبروز وعي طبقي / اجتماعي جماهيري
...
-
الوعي الوطني كعائق للوعي الطبقي / الاجتماعي ( 9 )
-
الإتحاد الأوربي يعترف بالجمهورية الصحراوية . اللّهمّ لا شمات
...
-
في دولة تجمع مواصفات وصفات البتريركية ، الباتريمونيالية ، ال
...
-
سبع سنوات مرت على حركة 20 فبراير
-
الركود وراء سراب الاغتناء السريع غير المشروع -- الحركية المج
...
-
الإنتهازية والوصولية وثقافة التقاليد البالية الممزوجة بثقافة
...
-
دائما محاولة لتشخيص اسباب انعدام بروز وعي / اجتماعي / طبقي ج
...
-
عوامل حالت وتحول دون بروز وعي اجتماعي / طبقي جماهيري شعبي --
...
المزيد.....
-
لأول مرة منذ 9 أشهر.. شاهد إجلاء مرضى فلسطينيين عبر معبر رفح
...
-
السيسي لترمب.. لا لتهجير الفلسطينيين
-
نتنياهو يتوجه إلى الولايات المتحدة ليكون أول رئيس يلتقي ترام
...
-
-د ب أ-: منظمة الشباب التابعة لحزب -البديل من أجل ألمانيا- ت
...
-
صربيا.. المحتجون يغلقون الجسور عبر نهر الدانوب في مدينة نوفي
...
-
اكتمال تثبيت قلب مفاعل الوحدة الثالثة في محطة -أكويو- النووي
...
-
بعد سحب منتجات كوكاكولا مؤخرا.. إليكم تأثيراتها على الجسم!
-
هل تعاني من حرقة المعدة أو الارتجاع بعد شرب القهوة؟.. إليك ا
...
-
مشاهد للقاء الأسير الإسرائيلي الأمريكي كيث سيغال مع بناته
-
ظاهرة غامضة تتسبب في سقوط شعر جماعي لسكان إحدى ولايات الهند
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|