أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وفاء البوعيسي - المسلمون والأمن المائي














المزيد.....

المسلمون والأمن المائي


وفاء البوعيسي

الحوار المتمدن-العدد: 5832 - 2018 / 4 / 1 - 18:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


إن عدداً كبيراً من الطاعات في الإسلام، لا يصح تأديتها إلا بعد الطهارة الصغرى (الوضوء) [1] أو الكبرى (الغُسل) [2]، ولنا أن نسأل أنفسنا، كم عدد المسلمين بالعالم اليوم؟ وكم عدد المكلفين منهم تحديداً؟ هل يمكن أن يكون الرقم 750 مليون بالغ ومكلف؟ وكم عدد المتزوجين؟ 375 مليون يا ترى؟
لنتخيل أن 750 مليون شخصاً المفترضين، إنما يؤدون الصلوات المكتوبة عليهم، ما يعني أنهم يحتاجون إلى الوضوء عدة مرات باليوم، وهو ما يعني أيضاً، حاجة الواحد منهم من 10 إلى 15 لتر ماء يومياً على الأقل، والمتزوجون بحاجة من 50 إلى 100 لتر ماء عن كل مرة يتم فيها الغُسل من الجنابة [3]، يومياً أو شبه يوميّ، أي أن العالم يفقد 10 لتر وضوء مضروبة في 750 مليون، زائد 50 لتر غُسل مضروبة في 375 مليون كحد أدنى، ناهيك عن الاغتسال من أجل الإحرام للحج، حيث تٌهرق ملايين الليترات في بضعة أيام فقط، ويتكرر هذا سنوياً منذ مئات السنين، أضف إلى ذلك الاغتسال للعيدين ولصلاة الجمعة وتغسيل الميت، واغتسال من اعتنق الإسلام، ومن عاد إليه بعد ردة، وكميات أخرى مهولة تُراق بمناسبة ذبح العقيقة للمولود الجديد (قد تكون شاتان خاصةً للصبي)، وذبح الهَدي بموسم الحج، ولنتخيل الآن نواتج هذه الكميات المهولة، لنعرف كم نهراً أو بحراً يُهرق المسلمون سنوياً لأداء فرائضهم وسننهم؟

ليس المسلمون وحدهم المسرفون في هدر المياه، فهناك المسيحيون الأورثوذوكس، الذين يعمّدون المؤمنين بحوض كبير يُراق بعدها مباشرةً، وقد تهدر بعض الحكومات والشركات المياه، لأسباب تتعلق بالترفيه والصناعة، لكنها تُواجه بالنقد والضغط والملاحقة القضائية، من المنظمات المعنية بحماية البيئة، وعلى العكس نجد طوائف أخرى كالكاثوليك والمندائيين والهندوس، يقتصدون كثيراً في التعميد، الأولى تُهرق حفنات صغيرة من الماء على رأس المُعَمد، وتعمّد الثانية مؤمنيها بالمياه الجارية، في حين يتوافد الهندوس بعشرات الملايين مرة كل 12 سنة على نهر الغانغ، للتطهر من الخطايا.

من المؤسف جداً، أن توزيع المياه على كوكب الأرض ليس متوازناً، فهناك بلدانٌ غارقة في المياه كهولندا، وأخرى يقتلها الجفاف كالصومال، والعالم يئن من نقص مصادر المياه وتلوثها، لكن المنظمات الدولية لا تدخر جهداً لتحذيرنا من مخاطر ذلك[4]، وهي تُحشّد الإعلام والأثرياء والمشاهير الغربيين، للتوعية بمخاطر تبذيره على مستقبل الوجود البشري، ولا تفتأ توجه انتقاداتها وتوصياتها للدول بالخصوص، في حين يصعب عليها انتقاد المسلمين على هدرهم الشنيع وغير المسؤول للمياه، لأن المسلمين ينؤون بأنفسهم عن التفاعل الإيجابي مع مشاكل الكوكب، وليس بحوزتهم أي إسهامات فقهية مفيدة تواكب هذا العصر، كالتفكير في مدى ملاءمة عباداتهم مع احتياجات الأسرة البشرية إلى الأمن المائي، والإسهام في تقليل العطش والجفاف، وليس بإمكانهم جعل طقوسهم صديقةً للبيئة عن طريق إعادة قراءتها من جديد، والتفكير في بدائل عن الطهارة المائية، فدأبهم الدائم كان وما زال تأدية الأوامر الإلهية بحذافيرها كما أُنزلت منذ 1400 سنة، ولو كان من شأنها التأثير الخطير على الكوكب، بل إن عدداً منهم يستنكرون ويحرّمون يوم الأرض، ويعتبرونه بدعةً من بدع الكفار[5]، ما يجعلهم خارج أي حل وخارج الزمن وخارج الحضارة، وهذا يعمق المشكلة أكثر.

مبدئياً أقترحُ التيمم [6] للصلاة كبديل من الآن فصاعداً، وعدم الغُسل بعد ممارسة الحب، فالاغتسال من ممارسة الجنس مع الحبيب أو الحبيبة، وفرك الأعضاء التناسلية بقوة باليد اليسرى، مع تلاوة بعض الأذكار النبوية، سينزع عن العملية رقيها ونقاوتها، ويحيلها لعملية بيولوجية مستقذرة لتفريغ السوائل وحسب، ولنولي وجوهنا شطر الماء في صلاتنا، معلنين أننا أعضاء بالأسرة البشرية، وأننا نخاف على أمنها المائي، ونعترف بأهمية يوم الأرض.

المراجع
[1] غسل الوجه والأطراف استعداداً للصلاة أو قراءةً للقرآن.
[2] الاستحمام.
[3] ممارسة الجنس.

[4] Ixpower.com
Security and Produced Water, 2013
[5] alwasat.ly
موقع بوابة الوسط الليبي، "أوقاف الموقتة" تصف محتفلي ساعة الأرض ببنغازي بـ"الأراذل"، 28/3/2017.
[6] ضرب التراب بظاهر اليدين ونفضهما، ومسح الوجه واليدين بهما، وهو يقوم مقام الوضوء بالماء في حال قلته، أو بحال كان في استعماله خطر على صحة المتيمم.



#وفاء_البوعيسي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في السعودية الثورة بالمقلوب
- كلام في الذكورية (2)
- كلام في الذكورية (1)
- إلى مدينة نرجسية اسمها بنغازي
- ما أُخذ بالقوة يُسترد أسرع بالسلام
- الهولوكوست الفلسطيني
- لماذا يعارض الليبيون حقي في التعبير؟!
- كيف نُنهي الإرتزاق بالإسلام؟!
- نظرة في الشذوذ الجنسي
- الإقطاع الإلهي في أورشليم
- خديجة تكشف أزمة الإسلام
- محمد ينقلب على خديجة
- مفاهيم سيئة السمعة (6) الإسلام صالح لكل زمان ومكان الجزء الث ...
- مفاهيم سيئة السمعة (6) الإسلام صالح لكل زمان ومكان الجزء الث ...
- مفاهيم سيئة السُمعة (5) الإسلام صالح لكل زمان ومكان
- مفاهيم سيئة السُمعة (6) الإسلام صالح لكل زمان ومكان
- مفاهيم سيئة السمعة (5) الإسلام هو الحل
- مفاهيم سيئة السمعة (4) الإسلام السياسي
- مفاهيم سيئة السمعة (3) ثوابت الإسلام
- مفاهيم سيئة السمعة (2)


المزيد.....




- مجلس الإفتاء الأعلى في سوريا.. مهامه وأبرز أعضائه
- الرئيس بزشكيان: نرغب في تعزيز العلاقات مع الدول الاسلامية ود ...
- ضابط إسرائيلي سابق يقترح استراتيجية لمواجهة الإسلام السني
- المتطرف الصهيوني بن غفير يقتحم المسجد الأقصى
- اكتشافات مثيرة في موقع دفن المسيح تعيد كتابة الفهم التاريخي ...
- سياسات الترحيل في الولايات المتحدة تهدد المجتمعات المسيحية
- مفتي البراميل والإعدامات.. قصة أحمد حسون من الإفتاء إلى السج ...
- إسرائيل تكثف غاراتها على غزة وتقصف المسجد الإندونيسي
- استقبلها الآن بأعلى جودة .. تردد قناة طيور الجنة TOYOUR EL-J ...
- منظمة: 4 من كل 5 مهاجرين مهددين بالترحيل من أميركا مسيحيون


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وفاء البوعيسي - المسلمون والأمن المائي