|
قصة قصيرة زينب و لحظة السقوط
أحمد عز العرب
الحوار المتمدن-العدد: 5829 - 2018 / 3 / 28 - 09:54
المحور:
الادب والفن
زينب و لحظة السقوط - قصة قصيرة حلقت طائرة حربية سوداء فوق رؤس الناس ، بدا هيكلها اقرب الى قلعة من القطيفة ، مطفية اللون متربة كأنها وحش اسطورى سميك الجلد ،كثيف الشعر، يخفى فى جوفه نوايا القدر ،كحوت قرر ترك أعماق المحيط و السباحة فوق ميدان التحرير ، اصابني الرعب لحظات أن ينشق بطنها الضخم ليلقى فى عيوننا البارود و الهلاك . أسرعت مع الشباب إلى مدخل عمارة السياحة حيث التليفزيون الوحيد ، قال المتحدث بإنفعال الموضوع خلاص (خلص ) لا سلطة تسيطر على الارض، الطائرة الضخمة التى ترونها تحوم فوق الميدان معناها أن الجيش يسيطر على سماء الاقليم المصري، و الامة تعيش لحظة سائلة و فارقة فى عمرها، و على المصريين ان يدبروا شؤونهم بانفسهم حيث لا ضابط و لا رابط على الارض، و ابواب التاريخ مفتوحة على كافة الاحتمالات . انفلق الزمن تحت ثقل إنفعالات الحشود، إِرتج المكان بالهتافات مع تلاشى جلبة الالة الاغريقى الطائر ،ابصرت فى الق العيون احداثا جساما قادمة ، غبت فى نشوة فهُمس فى اذنى إن لم تعلن ( من أنت؟ ) فلن يحدث جلل ! ، الا ان فزعا باغتني، فخلع قلبى و القاه بعيدا حيث تسكن حبته ! سألت نفسى ؟ ما قيمة الحرية لو زينب أصابها مكروه ؟! ،،، فقررت المغادرة فورا . تركت الميدان من الجهة الشرقية متوجها سيرا على الاقدام الى مصر الجديدة، فلا مواصلات عامة أو خاصة تسير اليوم . تركت خلفى بوابات التاريخ مفتوحة تعبرها الناس هائجة بنشوات عليا غير مجربة ، كلَ مستبشرً بحضور أرواح من يتصورهم اجداده العظام ، و سيطرت زينب على كل كياني ، ماذا لو هجم اشرار القرن العشرين على منزلها مستغلين الظروف ، تبا لثورة لا تراعي أحوال العاشقين ، الموت لمن تسول له نفسه مس شعرة واحدة من رأسها ، ها هى اللحظة المناسبة للفوز بقلبها بعد رفض منها استمر سنوات ، اسرعت الخطى تلازمنى مشاعر التضحية و الحب و الأمل . بالتأكيد هى الآن امرأة ناضجة و ليست كأول ما عرفتها ، تزوجت صغيرة من وغد لم يقدر نفاسة الكنز الذى يحوز ، فطلقها بعد عام ، بالاضافة الى أنها تحققت فنياً و أصبحت رسوماتها الصوفية تباع بأثمان مرتفعة و تلقى قبولا نقديا طيباً ، ربما أدركت أن المال وحده لا يكفى للسعادة و أن الحب النقى أهم و أبقى . ولهي بها لم ينقص خردلة طوال سنوات و انها حب العمر بلا شك ، قررت فى نفسي أن حمايتها هدفى، و أن حياتى نفسها ثمن بخس مقابل حياتها، حتى لو اضطررت لحراسة باب منزلها بقية عمري ، كيف لا ! اليس حرياً بالمعرفة ان تحمى الجمال، أليست الحكمة هى سيف الانوثة و درعها الصلب ، و ان لا معنى لعذوبة إذا لم يقترن الجمال بالحب و ان تجربتها الفاشلة ليست إلا صدفة عابرة في حياتها . تجنبت السير بين الكتل السكنية حتى وصلت الى الكوربة ، الجو أكثر برودة و المكان هادىء و كأن لا شىء يحدث فى الوجود ، لم تخلو الشوارع من بعض الشباب يحملون بنادق صيد يحمون بها المنازل و السيارات إلا ان السكون هو الغالب و يحتوى الكل ، تعجبت من غبائى كيف لم أقدم على اقتناء سلاح طوال حياتى . ظهر بيتها العتيق كما أدمنت الطواف حوله أسرعت متمنياً معركة أخوضها من أجلها، فيأسرها استبسالي فى حمايتها ، البيت راسخ كهضبة، النافذة الزجاجية فرعونية الطراز مغلقة ، أضواء النجفة الصفراء تشع فى الصالة جمالاً حزيناً ، لكن لا اثرلحي و لا خيال لحركة، درت حول البيت مراتٍ ، حجرة نومها مضاءة خلف الشيش ، آلاف الاسئلة تتفجر فى دماغى ، أين هى ؟ أين جدتها العجوز ؟ هل اصابها مكروة ؟ هل قررت فجأة الانضمام للثورة دون ان تخبرني ؟ أم أنها فى مرسمها بالبدروم أسفل البيت، تمزج بجمالها الألوان و تصب من نفسها على الالواح ؟ ماذا أفعل ؟ خف الفزع ، المكان بشكل عام آمن ، و لكن أين هى ؟ خفت أن يلفت طوافى حول بيتها أنظار الناس ، سوف أطرق الباب، سأخبرها بأنى جئت لحمايتها، ستدرك بذكائها مقصدى الحقيقى، ستخبرنى برقتها المؤثرة بأنه لا فائدة و انها خلقت لتكون وحيدة للأبد، و أن جمالها لعنة لعنت بها ، طرقت الباب بقوة متصاعدة حتى كلت يدي، غلى اليأس فى عروقى من اللامبالاة التى أواجه بها ، ماذا عساي فاعلٌ لوقبلت حبا أخر ؟! هل غافلها الحب و غزى قلبها ؟ تجسدت أمامى معاني كئيبة موحشة ، تعاصفت رياح متناقضة داخلى و أنا أترك حيها متجها الى حيى متوقعا شرورا كثيرة، مستقبلا غامضاً ، تيقنت أن كل ما احتاجه هو قطعتي سلاح أو ثلاثة ، و لسوف أكون أنسانا جديداً ، انها فرصتي النادرة لانتزع ما أستحق من مكانة و أعلن عن عظمة غير مسبوقة ،قوة جسدى معقولة، و سيضاعفها السلاح اضعافا مضاعفة، لكن العجب المبهر فى ما سألفظ به على مسامع الناس من المعرفة و الحكمة، انه سحر القوة و الكلمة إذا ضمتهما قبضة واحدة .
#أحمد_عز_العرب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زينب و لحظة السقوط - قصة قصيرة
-
قصة قصيرة
-
التلذذ الراديكالى او ثورة الطبقة الوسطى
-
قراءة فى كتاب الحرب و السلام فى الرواية الاسرائيلية
-
الجيش و التحولات السياسية من 6/30 الى إنتخابات الرئاسة
-
نسخ الثقافة و إلغاء الموت (البحث عن اليقين فى نور اخر )
المزيد.....
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
-
انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
-
-سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف
...
-
-مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
-
-موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
-
شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
-
حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع
...
-
تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو
...
-
3isk : المؤسس عثمان الحلقة 171 مترجمة بجودة HD على قناة ATV
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|