|
(سورة)قريش..لاهوت التجارة وتجارة اللاهوت!.(4)
ماجد الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 5828 - 2018 / 3 / 27 - 17:32
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
نستطيع ان نقول و بلا مبالغة أن التجارة هي الاقتصاد السياسي لقريشوانتاجها المادي لحياتها ، و الدين هو السياسة الاقتصادية و الثقافية و الايديولوجية التي بنيتها المعادلة فتقونن و تبارك تلك التجارة و تمدها بالقداسة والديمومة و التفرد فقريش كانت تدرك بفطرة انسانية و حس سليم ان التجارة و الدين هما مصدر الربح و الكسب و تراكم الثروة ، و ايضاً ترسيخ النفوذ و الهيبة و الهيمنة على القبائل كحراس و حماة للبيت المقدس -بيت الرب-والدين، و نتيجة لذلك لا يمكن الفصل بين التجارة و العبادة في حاضرة مكة فكلاهما سبب و نتيجة للأخر . فقد اعتمد المكيون - قريش في معاشهم و مركزيتهم الدينية على التجارة - دين ،وهو بنية عامودية مزدوجة و متكاملة ذات شقين :١ - الاقتصاد التجاري الطبيعي و الفعلي و الممارس بالاتجار السلعي من : مواد غذائية و عطور و توابل و عبيد الخ ، عبر رحلاتهم الموسمية المكوكية صيفاً و شتاءاً نحو الشمال و الجنوب - الشام و اليمن- و كما جاء في سورة قريش - برساميل ضخمة فردية ، و مساهمات مشتركة لأغنياء قريش وملأها ، فكانت القوافل تذهب محملة و تعود محملة بشتى السلع و المواد لبيعها و مقايضتها بسلع اخرى لها سوق و طلب في مواسم اسواقها الكبيرة و في الاقاليم البعيدة . ٢ الشق الثاني من تجارة قريش هو : المتاجرة الروحية بالعقائد و الاوهام الدينية و العبادية المغتربة ، و من خلال مؤسسة الحج الخدمية و المتفرعة بتقسيماتها و مهامها بالامساك بزمام رمزية و مكانة الكعبة القدسية ، و التحكم بشؤون مناسك الحج السنوي و أجراءتها . تلك الكعبة العامرة و الجامعة لألهة القبائل المنتشرة في طول و عرض الجزيرة العربية - ابرزها اللات و العزى و مناة و بقية الالهة الصغار كعروة وسيطة للشفاعة مع الاله الاكبر - الله- !. اقتصاد تجاري و ربوي و عبودي ، و اسواق و خدمات للحج المتدفق في المواسم الدينية - الاقتصادية - الثقافية ، معارض الاسواق ، و النشاطات الثقافية من : شعر و خطب و ندوات و تتوج بالتفريغ العاطفي و الروحي بالطقس الشعائري من طواف و سعي الخ . على هذه الشاكلة و الصورة - اقل او اكثر - كانت اللوحة الاجتماعية التاريخية لمكة قريش و بقية القبائل. صورتها الاقتصادية - الاجتماعية - السياسية الدينية . أم القرى ، تلك المدينة الصغيرة المنعزلة و الضائعة و سط الصحراء - لازرع و لاضرع- تكيفت و استجابت بأرادة و اضطرار لشح و ندرة اسباب العيش المتحضر ، لتلجأ قسراً و تمارس نمطاً من النشاط المادي - الوجودي من اجل البقاء - و كانت التجارة - التي لم يخلو منها أي مجتمع و عبر انماط و أشكال الانتاج عبر التاريخ - الذي وفر لها حداً وسطاً من الشبع و الاستقرار و الديمومة لنظام اجتماعي - قبلي شبه متكامل تحكمه قيم و اعراف يحترمها و يقر بها الجميع دون انتهاك او تجاوز . هذا الوضع لمكة قريش الذي ادركه الله جيداً و فطن له كبيئة ملائمة و ناضجة للانقلاب و التغيير . فغادر كونه الشاسع ، مختاراً لشعبه- قبيلته الخاصة - قريش ليهبط في تلك البقعة الجرداء المنسية حاطاً رحاله ليبدأ مشروعه الديني الجديد - كأله للقبائل -! مؤسسا لعقيدته المستحدثة و التوفيقية ليكون رباً لقبائل مكة القرشية ، و الهاً للعرب لاحقاً !.- و هذه طبيعة الاديان فهي تنشأ بين القبائل والجماعات الرعوية خاصة في حقب النمط العبودي اساساً - الهاً أقليمياً- محلياً و خاصة لتجار مكة و قبائل الجزيرة و الرعاة الجفاة - فكما كان يهوا الهاً لليهود ، و المسيح الهاً للمسيحين !- كذلك الشأن بالنسبة للعرب احتاجوا لاله اثني - قومي ! فالاميين العرب كانوا اولى بأله خاص - اله عربي، و اله محمدي للمحمديين !.( عندما نقول او نذكر مفردة- الله- فنعني بذلك و دائما تلك البرهة التي جمعت و ماهت بين الله و محمد وبلا فكاك ، فكل ما كان يفكر به الله يفكر به و يقوله محمد ، و كل ماكان يفكر به محمد ويقوله يفكربه ويقوله الله ايضا!. هذا ما يجب ان يكون معلوماً و مفكراً به دائماً )! . ( لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) هذه السورة الاقتصادية - الدينية - الالهية و التي تستحضر العملية التجارية و اقتصاد مكة و قوافل قريش و تتمحور حول الايلاف ، ايلاف قريش ، و مواسمهم للتبادل التجاري و المقايضة و البيع و الشراء بين الشام و اليمن و الحبشة و العراق و المركز المكي . هذه السورة تحث و تطلب من قريش الالتفات لرب البيت ، فليعبدوه برد الدين التجاري ، و ديون العيش الرغيد . هذا مايركز عليه الله في سورته ( قريش ) فما وفره للمكين من نعمة التجارة و مردود الحج ، يطالب برده من عائدات الربح و بركاته الوفيرة من الارزاق و التي عليهم تسديدها بفوائدها العبادية المتراكمة ، و التوجه اليه فقط في التدين و العبادة و اهمال شفعاءه المزعومين ، و الالتزام المطلق بتفرده و توحيده و عبادته دون سائر الالهة المزيفة التي لاتضر و لا تنفع، فهو رب هذا البيت فعلاً - تاريخياً و اسطورياً ! - كعبتهم المكية المحمية و الآمنة و التي يجب ان تكون بيته هو لاغيره ، كعبة الواحد هي للواحد ، فهو رب كعبته - بيته - فلينبذوا الالهة الدعية الاخرى!. هذا الاله الوافد - الحاضر الجديد ، و بصوته المنذر- المهدد- المتوعد ، و بشكل مبطن و غير مباشر ، و لاحقاً بشكل واضح و مباشر ، و كتذكير مزلزل ، بان حالة و وضع و مصير قريش و تمتعهم بالشبع و الامن و الاستقرار و السعادة و حتى الحياة و الموت ، هي ليست بارادتهم و جهدهم و نشاطهم ، و انها معلقة به وحده، برضاه و غضبه ، كما انها ليست بالدائمة، بل تقتصر على ارادته هو و قدرته على البناء و التدمير ، وحده لاشريك له في الملك و العبادة . فهو الله وحده المتحكم و المقرر الباسط و المقتر الرزاق و المفقر، العاطي و المانع ، و بيده تقرير مصيرهم بزوال النعمة او استمرارها و بقاءها . و يذكرهم ايضاً - وحسب روايات سوره و اياته - عن مصائر الاقوام و الشعوب التي عصته : فمن اجل ناقته التي عقرها قوم صالح ( فدمدم عليهم وسواها) !. و طبعاً لايخشى عقباها!. كذلك فعل بقوم هود و نوح و لوط و غيرهم من اقوام الافاعيل من حرق و خسف و زلزلة الخ و تركهم كأعجاز نخل خاوية و تذكرة و عظة لقوم يعقلون و يتدبرون - مع اختلاف المبررات و الاسباب و تباين الظروف و العقوبات مع توحد العلة و هي العصيان و العقوق و مخالفة الله و تعاليمه و أوامره و نواهيه واهمال عبادته الواحدة الوحيدة! . .......................................................................... يتبع. وعلى الاخاء نلتقي...
#ماجد_الشمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
(سورة)قريش..لاهوت التجارة وتجارة اللاهوت!.(3)
-
(سورة)قريش..لاهوت التجارة وتجارة اللاهوت!.(2)
-
(سورة)قريش..لاهوت التجارة وتجارة اللاهوت!.(1)
-
فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن
...
-
فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن
...
-
فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن
...
-
حول مقتل كيروف/الحقيقة السامة ولعبة تلفيق الاتهامات!!!
-
رسالة لينين الى المؤتمر/ اضواء على الوقائع التاريخية الكاملة
...
-
رسالة لينين الى المؤتمر/ اضواء على الوقائع التاريخية الكاملة
...
-
فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن
...
-
فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن
...
-
فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن
...
-
فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن
...
-
فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن
...
-
فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن
...
-
فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن
...
-
فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن
...
-
فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن
...
-
فيورباخ-ماركس-فرويد...والاغتراب/تداعيات اغتراب ذاتي خارج الن
...
-
هل ستالين ام تروتسكي احد قائدي ثورة اكتوبر؟!.
المزيد.....
-
الكرملين يوضح لـCNN حقيقة وجود استعدادات للقاء بين بوتين وتر
...
-
أمريكا.. رئيسة لجنة الانتخابات: ترامب أقالني من منصبي
-
نائب أمريكي لـCNN: يجب وضع بلدنا ضمن الأماكن التي سيتم إعادة
...
-
نتنياهو: على قطر أن تختار في أي صف ستكون من أجل شرق أوسط جدي
...
-
إسرائيل ترسل -وفد عمل- إلى الدوحة.. ومخاوف من تعطل اتفاق غزة
...
-
-احتمال ضئيل- لدمار في الأرض.. ماذا سيحدث عام 2182؟
-
غالانت يهاجم نتنياهو: كان بإمكاننا جلب رهائن أكثر بثمن أقل
-
ترامب يوقع مرسوما بفرض عقوبات على الجنائية الدولية
-
بيسكوف: لم تناقش روسيا والولايات المتحدة تنظيم لقاء بين بوتي
...
-
وزير الدفاع السوري: منفتحون على استمرار الوجود العسكري الروس
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|