عماد نوير
الحوار المتمدن-العدد: 5825 - 2018 / 3 / 24 - 16:43
المحور:
الادب والفن
رحلة
أحلامه، لم يَرُقْها حالٌ ساكن، كانت تنمو، تزهو، تتطوّر، ففي لقاءاتِ الحول الكامل، كانت تخلق عالما لا ينقصه شعور بالبعدِ، لقاءات تتوالى و تنجب أخرى، أكثر التحاما و توادّا، امتطى صهوة أشواقه، طعن المسافات برمح عناده، أطاح بالزمن بجواد إرادته، تلمّس رائحتها قبل أن تدلف رئتيه، قبل أن يستنشق أريجها و يثمل، حَمْحَمَ لصهيل ضحكتها الخلّابة، أيقن أنها ليست حلما هذه المرّة، لم يكن شيئا يشبه لقاءات الماضي، ظفر بها أخيرا، قبل الموعد الذي خطّته الأقدار، فهي تكذب أحيانا، وجدها تحكي قصتها لابنهما و تشربه كلّه كلما أمعنَ النظر بعينيها، ثم تعيده بطريقة سحرية كي تستأنف حكايتها من جديد، كانت تحدّثه عن قصة حبٍ خالدة، و تحدّثه عن خصاماتهما الباهتة، و أسبابها التّافهة، حدّثته عن كيفية اعتراضها على قصّصه التي تُستوحى من حياتهما اليومية، أو اقتناص بعض جملها الواردة يُزيّن بها نصوصه، حدّثته عن سبب تسميته باسمه الذي يحمله، عن أشياء شتى، كان يتوسطهما لكن عن بعد، َمدّ ذراعيه ليطولا كتفين غير متعادلين بالعلو، يحنو على أحدهما و يتلذّذ بالآخر، كانت يده طمّاعة حد اختراق الحُجب، توقفتْ عن دناءتها حين سمعها تحدّثه عن يده التي امتدّت لها من بعيد فكانت الأقرب و الأصدق و الأحنّ و الأوفى، كانت كَيَد موسى، امتدّت حين طلب الرب منها ذلك و خرجت بيضاء مبهرة، رفعتْ رأسها للأعلى قليلا، أغمضت عيناها، و ترنّمت ثم أطربت و تأوهتْ، الهواء انعكس باتجاهه ليحمل له حتى الهمس، الأطلال! إنها تغنّي لإبراهيم ناجي و يدٌ تمتد نحوي كيدٍ من خلال الموج مُدّت لغريق، اعتدلَ في مجلسه، صاح صوت بعيد إنه يستفيق! الصوت ليس نغماتها، إنه صوت أخيه!!!
رائحة مقرفة تحتويه من كل مكان:
- يا إلهي أين أنا؟
- الحمد لله على السّلامة، الأمر بسيط أنت أقوى من هذه!!!
- اووووه، أنا لا أريد أن أعود!
أشارَ للطبيب، وضع أُذنه في فمه!، قال:
- أعيدوني لصالة العمليات فقد سقطت مني حياتي هناك!!!!
عماد نوير
#عماد_نوير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟