أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - كريم نعمه النوري - كتاب - آفاق العولمة في البلدان النامية















المزيد.....



كتاب - آفاق العولمة في البلدان النامية


كريم نعمه النوري

الحوار المتمدن-العدد: 1486 - 2006 / 3 / 11 - 09:25
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


دكتور / كريم نعمه النوري
أستاذ العلاقات الدولية الإقتصادية
جامعة فيليكو ترنفو
http://www.uni-vt.bg
و الأكاديمية ألإقتصادية
"د.أ.تسينوف"
http://www.uni-svishtov.bg
جمهورية بلغاريا
 
2005 م
الناشر : دار الإصدار البلغارية " د. أ. تسينوف "
  
المقدمة
لقد تسارعت العولمة في الاقتصاد العالمي منذ منتصف الثمانينات بدرجة كبيرة. كما تناولت التجارة العالمية بسرعة تقارب ضعف سرعة زيادة الناتج المحلي الإجمالي العالمي ، وتحررت أسواق التمويل في كثير من الدول بصورة سريعة ، وتزايدت التدفقات الرأسمالية إلى كثير من الدول النامية. ومن الواضح أن بعض الاقتصادات قد استفادت من العولمة بدرجة كبيرة. ومع هذا التفاؤل لمستقبل الاقتصاد العالمي، انتقلت هونج كونج، جمهورية كوريا، سنغافورة ومقاطعة تايوان في الصين من مجموعة الدول النامية الى المجموعة الجديدة من الدول ذات الاقتصاد المتقدم.
إن التحديات الجديدة وتوجه العالم المتقدم نحو المزيد من المنافسات المبنية على الجودة والتسعير المناسب تفرض على الدول النامية، أن تضع معايير جديدة للإدارة الإقتصادية حتى تتمكن من دخول المنافسة الدولية بإقتدار.
تعتبر السياسات الخاصة بالتجارة الخارجية بين العوامل الأكثر أهمية التي تدعم النمو الاقتصادي والتقارب بين الدول النامية.
لقد أظهرت العديد من الدول النامية النجاحات الضخمة التي يمكن أن تتحقق عندما تستفيد السياسات المتبعة من تلك القوى. ولكن مالذي تعنيه ضغوط العولمة بالنسبة للأداء الاقتصادي والتوجهات في البلدان النامية بصفة عامة؟ وهل تؤدي التدفقات التجارية الأكثر تحرراً إلى تحقيق منافع لكل الدول بنفس القدر، أم أن هناك بعض الاقتصادات التي تتمتع بوضع أفضل يمكنها من تحقيق مكاسب أكثر من بعضها الآخر؟ ومالذي تفعله العلاقات التجارية والتمويلية الوثيقة في عملية تقارب الدخول بين الدول؟
                 وفي حقل التجارة أصبح هناك إعتماداً كبيراً على الإسواق الدولية لتصريف المنتجات المصنعة وتصريف الخدمات، حيث لم تعد الاسواق الوطنية كافية لإستيعاب المنتجات التي توفرها المؤسسات العاملة في قطاع الصناعة التمويلية وغيرها من القطاعات، وقد أدت هذه التحولات الى تحقيق نتائج مهمة في اطار المحادثات العالمية حول العلاقات التجارية.
وبا لواقع فهناك امكانات جيدة للعديد من الدول النامية لإستعادة حيويتها في ظل أنظمة التجارة الدولية الجديدة ولابد من الدخول في اتفاقيات الجات لإن الإنغلاق والتقوقع ليس من مصلحة البلدان النامية.
إن التحديات التي تواجهها اقتصاديات  البلدان النامية عديدة ولابد من التصدي لها بعقلانية وتفاعل مثمر لتقليل أضرارها وتعظيم منافعها في عالم يتجه نحو العولمة وتزول فيه الحواجز أمام تجارة السلع والخدمات وانتقال الأموال والأشخاص.
ويأمل المؤلف ، أن يكون هذا الكتاب إضافة جديدة للمكتبة العربية والعالمية و إسهامة عظيمة في مجال العولمة والإقتصاد العالمي ومن أجل أن نعيش في عالم جديد ، خال من القمع و الارهاب وتسوده الحرية و الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.
                                                                                               المولف
                                                                             د . كريم نعمة النوري
                                                                                               بلغاريا
                                                            [email protected]                               
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الفصل الاول
مفهوم العولمة
اولاً : التطور التاريخي لظاهرة العولمة
أن ظاهرة التكامل الاقتصادي بين دول العالم أو مانسميها اليوم بالعولمة أو الكوكبة لم تكن وليدة السنوات الأخيرة ، بل مرت بمراحل تطور عديدة لكي تصل الى صورتها الحالية والتي نتلمس مظاهرها ونتفاعل معها ألآن. لقد مر النظام الاقتصادي العالمي الجديد بأربعة مراحل تاريخية رئيسية يمكن إيجازها على النحو التالي:-
المرحلة الأولى : بدأت في منتصف القرن التاسع عشر حتى نهاية الحرب العالمية الأولى ، والتي تميزت بوجود القليل من الحواجز المصطنعة التي تقف حجر عثرة أمام حرية التبادل الاقتصادي بين دول العالم ، وبالتالي فهذا الأمر أدى إلى تزايد وسهولة تدفقات روؤس الأموال والأفراد عبر الحدود. إن هذه الفترة شهدت تطورات هامة في إستخدام الوسائل المستخدمة وفي إنتاج سلع جديدة من أهمها الصباغة الصناعية ، النتروجين وغيرها. واقتضى التطور في وسائل الإنتاج وفي المنتجات تطوراً في حجم المشروع وتنظيمه. ومن هنا أصبحت معظم المشروعات تميل الى الكبر كما تحقق فيها التكامل الرأسي والافقي فأنتشر التكامل الافقي في صناعات الفحم والحديد والاسمنت والسكر والصناعات الكيميائية ، أما التكامل الرأسي والذي انتشر في كل من بريطانيا وألمانيا- فساد صناعات الصلب والصابون والامونيا. وكذلك شهد القرن التاسع عشر (الثلث الأخير) ظهور الشركات القابضة Holding Companies في كل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا وبلجيكا. والتي تسيطر عليها مجموعة من الشركات التابعةSubsidiaries  عن طريق تملك قدر من أسهمها.
صاحبت حركة الهجرة من أوروبا إلى دول العالم الأخرى انتقال روؤس الأموال التي اسهمت في إنتاج المنتجات الأولية المختلفة والتي كانت دول أوروبا الصناعية في حاجة لها نتيجة لزيادة سكانها من ناحية وزيادة الدخول الناجمة عن التصنيع وما يترتب على ذلك من زيادة في الاستهلاك من الناحية الأخرى.
وقدرت الأموال التي وظفت في الخارج في 1913 م بحوالي 9-10 مليار جنيه استرليني ( كما بلغ عدد المهاجرين في نفس الفترة حوالي 46 مليون نسمة).
ولقد بدأ انسياب رؤوس الأموال يظهر بصورة جلية أثر انتهاء الحروب النابليونية. فقدرت الأموال التي خرجت من أوروبا منذ انتهاء الحروب النابليونية وحتى منتصف الخمسينات ( القرن التاسع عشر) للاستثمار في الخارج بحوالي 420 مليون جنيه استرليني  ارتفعت إلى ثلاثة أضعاف هذا الرقم عند عام 1870م ثم زادت بعد ذلك زيادة كبيرة حتى بلغت 9500 مليون جنيه استرليني في عام 1914م.
أن بريطانيا كانت المصدر الأول لرؤوس الأموال إذ أسهمت ب43% من جملتها على حين أسهمت فرنسا بخمسها وجاء الباقي من المانيا والولايات المتحدة وبلجيكا وهولندا وسويسرا. والدول الأوروبية هي التي تلقت أكثر من ربع تلك الأموال واتجهت في معظمها إلى روسيا ودول البلقان بما فيها تركيا. ثم يأتي بعد ذلك أمريكا الشمالية حيث تلقت ربع روؤس الأموال الولايات المتحدة منه على ثلثين واتجه الثلث الباقي الى كندا. يلي ذلك أمريكا اللاتينية وعل الأخص الأرجنتين والبرازيل والمكسيك – حيث حصلت على معظم خمس الانسياب الخارجي.
المرحلة الثانية : من نهاية الحرب العالمية الثانية إلى عام 1973 م
لقد انتهت الحرب العالمية الثانية في عام 1945 م ، بعد أكثر من خمس سنوات من القتال  بين دول الحلفاء بما في ذلك الاتحاد السوفيتي السابق، ودول المحور بما في ذلك اليابان. ولكن وبعد توقيع معاهدات السلام أنشئت الامم المتحدة والعديد من الوكالات المتخصصة وأهمها البنك الدولي للإنشاء والتعمير وصندوق النقد الدولي وغيرها، وأخذت الدول المختلفة تعيد بناء ما دمرته الحرب وتقوم بسياسات مختلفة لتحقيق النمو والتطور الاقتصادي.
أن مفهوم التكامل الاقتصادي الدولي International Economic Integration يعد من المفاهيم الحديثة وهو يشير الى تقوية العلاقات الاقتصادية بين عدد من الدول في المجال التجاري، والمجال النقدي والمالي، وكذلك في المجال السياسي، بما يدعم عملية التنمية الاقتصادية والتقدم الاقتصادي في الدول الداخلة في إطار هذا التكامل. ويرجع الاساس النظري لمفهوم التكامل الاقتصادي الدولي الى الاقتصادي (فاينر) في دراسته الشهيرة عن "الاتحاد الجمركي" والتي نشرت عام 1950م ثم أعقب ذلك ظهور العديد من الكتابات المتخصصة في هذا المجال. وعليه فإن كل دول العالم المتقدمة والنامية قد لجأت الى التكامل الإقتصادي فيما بينها، بعد الحرب العالمية الثانية، بإعتباره أفضل أسلوب لتحقيق مزايا مبدأ الحرية وتجنب مساويء الحماية الإقتصادية من خلال إقامة وحدات إقتصادية كبيرة تستطيع تحقيق أكبر قدر من الكفاءة الاقتصادية في إستغلال الموارد الاقتصادية المتاحة بها، ومن ثم الوصول الى تحقيق أكبر قدر من الرفاهية الإقتصادية لغالبية ألسكان في العالم.
وقد شهدت هذه المرحلة البداية الحقيقية لتكوين النظام الإقتصادي العالمي، وقد ارتكز هذا النظام على ثلاث دعائم اساسية:
الأولى : إنشاء نظام نقدي دولي يتم أدارته من خلال صندوق النقد الدولي International Monetary Fund ، الذي أنشأ في عام 1944م وبدأمزاولة نشاطه في عام 1947م.
أما الثانية : فهي قيام نظام مالي دولي يتولى إدارته البنك الدولي World Bank ، والذي بدأ مزاولة أعماله في عام 1946م.
وتمثلت الدعامة الثالثة من ركائز هذا النظام في تلك المرحلة في إنشاء نظام تجاري دولي تشرف سكرتارية الجات (GATT) – التي أنشئت في عام 1947م – على أدارته من خلال أجراء مفاوضات متعددة الأطراف سميت بجولات الجات.
المرحلة الثالثة : من 1974 إلى عام  1990 م
نتيجة لإتساع الفجوة مابين الدول النامية والدول المتقدمة خلال المرحلة السابقة ، ظهرت الحاجة الملحة إلى نظام اقتصادي دولي جديد لتحقيق مصلحة جميع الأطراف بما فيها الدول المتقدمة ذاتها، وهذا الأمر يقتضي تعديل نظام العلاقات الاقتصادية الدولية فيما يتعلق باستراتيجيات التنمية والسياسات الاقتصادية والاجتماعية. في هذه المرحلة كان على البلدان النامية أن تتحرك بشكل جماعي للإسهام وبفعالية في تشكيل هذا النظام الجديد وذلك من خلال حركة عدم الانحياز، وهذا ماحصل فعلاً من خلال الدعوة الى إقامة نظام اقتصادي دولي جديد من مؤتمر القمة الرابع لدول عدم الانحياز الذي عقد في الجزائر في عام 1973م وكان من أهم مقرراته التقدم بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد دورة خاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة لمناقشة تلك القضية. وتم دعم هذا الطلب وبمساندة قوية من الدول النامية ، وهو ما أسفر عن انعقاد هذه الدورة خلال شهري أبريل ومايو 1974م وانتهاء مناقشتها بإقرار وثيقتين:
 
أ. إعلان بشأن إقامة نظام اقتصادي دولي جديد وذلك بموجب القرار رقم 3201 ، والذي أكد على تصميم دول العالم على العمل من أجل إقامة نظام إقتصادي دولي جديد قائم على العدالة والمساواة والترابط والمصلحة المشتركة والتعاون بين الدول بغض النظر عن نظمها الاقتصادية والاجتماعية.
 
ب. برنامج عمل من اجل إقامة نظام اقتصادي دولي جديد وذلك بموجب القرار 3202 ، وقد تضمن البرنامج النقاط التالية:-
1-  نظام النقد الدولي وعلاقته بتمويل التنمية في البلدان النامية.
2- المشكلات المتعلقة بالمواد الخام والمواد الأولية وأثرها على التجارة والتنمية.
3- انتقال التكنولوجيا.
4- إجراءات الرقابة على الشركات متعددة الجنسيات.
5- وسائل تشجيع الصناعة في الدول النامية.
6- ميثاق حقوق الدول وواجباتها الاقتصادية.
7- تنمية التعاون بين الدول النامية.
8- مساعدة الدول على ممارسة سيادتها الدائمة على مواردها الطبيعية.
9- دعم دور منظمات الأمم المتحدة في مجال التعاون الاقتصادي الدولي.
10- برنامج طوارئ لمساعدة الدول الأقل نمواً.
وقد استمرت الجهود بعد هذا الاعلان من أجل بلورة النظام الاقتصادي الجديد ، حيث أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1974م القرار رقم 3281 الخاص بإقرار ميثاق حقوق الدول وواجباتها الاقتصادية.
ويهدف هذا الميثاق إلى إقامة نظام اقتصادي والذي يكفل الفرص والمعاملة المتكافئة بين جميع الدول. لقد تميزت هذه المرحلة بتعدد المؤتمرات الدولية التي تهدف الى تغيير النظام الاقتصادي الدولي.
 من أهم نتائج هذه المرحلة هو تزايد قوة تأثير صندوق النقد والبنك الدوليين وإشرافهما على تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي في الكثير من البلدان النامية، كما برزت في نهاية هذه المرحلة العديد من التطورات والمتغيرات التي تمثل قوى دفع نحو النظام الاقتصادي العالمي الجديد.
المرحلة الرابعة : والتي تمتد من 1991 حتى الوقت الراهن
في هذه المرحلة من الممكن أن نقول بأن الولايات المتحدة الأمريكية تزعمت دول العالم في المطالبة بنظام اقتصادي عالمي جديد ولاسيما بعد حرب الخليج الثانية وسقوط النظام الدكتاتوري في العراق . لقد تغير العالم بعد هذه الأحداث وظهر هذا من خلال مجموعة من المتغيرات الجذرية التي كانت بمثابة الإعلان عن بداية تكوين وتشكيل معالم آليات النظام الاقتصادي العالمي الجديد وكان في مقدمة هذه التغيرات اتجاه معظم دول العالم الى انتهاج سياسات الاقتصاد الحر وتغليب آليات السوق وتبني برامج موسعة للخصخصة والتخلي عن التخطيط المركزي والاقتصاد القيادي Command economy هذا بالإضافة الى قيام العديد من دول العالم بإزالة القيود والحواجز أمام حركة التجارة الدولية وانتقالات رؤوس الاموال والأستثمارات وأنشاء التكتلات الاقتصادية. وبالتالي فإن هذا يؤدي الى زيادة الاتجاه وبالتدريج نحو عولمة الاقتصاد العالمي وتحويل العالم الى قرية صغيرة في عالم التقدم التكنولوجي الهائل.
لقد شهدت هذه المرحلة على إنشاء منظمة التجارة الدولية WTO في يناير 1995م لتحل محل سكرتارية الجات ، وذلك بعد إنتهاء جولة أورجواي عام1994م بالتوقيع على إعلان مراكش من جانب 117 دولة للتركيز على حركة التجارة الدولية لتشترك بذلك مع صندوق النقد والبنك الدوليين في إدارة النظام الاقتصادي العالمي.
لقد بدأت ظاهرة العولمة في الانتشار وعلى كافة الاصعدة والمستويات بحيث اصبحت جزءا من عجلة التاريخ ومن العبث الوقوف في مسارها أو منع دوراتها بغض النظر من آثارها الإيجابية أو السلبية. أن البديل الحقيقي لعالمنا اليوم هو العمل على تحقيق الاستفادة القصوى من هذه الظاهرة من خلال التعامل معها ومعالجة آثارها السلبية. من أهم خصائص النظام الاقتصادي الدولي الجديد هو التطور المستمر للاقتصاد نحو العولمة ، لتكون الملامح الجديدة لاقتصاد القرن الحادي والعشرين. وهنا نطرح السوأل : اذن ماهي العولمة؟
 العولمة كمصطلح لغوي مأخوذة من التعولم ، والعالمية ، والعالم. وهي تعني اصطباغ عالم الأرض بصبغة واحدة شاملة لجميع اقوامها وكل من يعيش فيها وتوحيد أنشطتها الاقتصادية والاجتماعية والفكرية من غير اعتبار لاختلاف الأديان والثقافات والجنسيات والاعراق. ومن الممكن القول بأنه مصطلح غامض وغير مفهوم في أذهان الكثير من الناس ، وذلك لأن العولمة ليست مصطلحاً لغوياً قاموسياً جامداً يسهل تفسيرها بشرح المدلولات اللغوية المتصلة بها ، بل هي مفهوم شمولي يذهب عميقا في جميع الاتجاهات لتوصيف حركة التغيير المتواصلة.  
ولكن إذا ماركزنا على العولمة من المنظور الاقتصادي، يثار الحديث عن أسبابها أي جملة العوامل التي ساهمت في الوصول إلى التطبيق شبه الكامل وعلى المستوى الدولي لسياسات التحرر الاقتصادي، والتي من شأنها إزالة القيود التقليدية والحمائية التي أعاقت لفترات عديدة حرية انتقال السلع والخدمات ورأس المال والأفراد عبر الحدود القومية.
يخلط الكثيرين بين العولمة كظاهرة أو عملية وبين كلمة العولمة كتعبير لغوي. علينا أن نميز عند الحديث عنها بين العولمة كمصطلح لغوي وبين العولمة كظاهرة.
وفقاً لإصدار منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في أوروبا (OECD) فإن مصطلح العولمة استخدم لأول مرة عام 1985م من قبل تيودر ليفت "عولمة الأسواق" The Globalization of market . وقد استخدم ليفت هذا المصطلح لتوصيف التغيرات التي حدثت خلال الحقبتين الماضيتين في الاقتصاد الدولي. تأكيداً لهذا الرأي ذهبت سيلفيا أوستي (2001 م) من خلال عرضها لكتاب روبرت جيلين ( تحديات الرأسمالية العالمية2000 م) إلى أن كلمة عولمة ظهرت لأول مرة خلال النصف الثاني من الثمانينات وأصبحت الكلمة المحورية في لغة العلاقات الدولية. وقد تردد استخدام هذا المصطلح وتم التوسع في استخدامه خلال تسعينات القرن الماضي .
 ذهب البعض ، إلى التأكيد على أن الاقتصاد الدولي عام 1913 م كان أكثر اندماجاً من مستواه مع نهاية القرن العشرين. بل إن العديد من المؤرخين ذهبوا إلى أبعد من ذلك حيث ذكروا أن العولمة تعود الى العديد من القرون الماضية. فالبعض أرجع العولمة إلى مرحلة اكتشافات العالم الجديد على يد فاسكو دي جاما و كولومبس أي منذ عام 1500م . فقد ترتب على رحلاتهم نقل التكنولوجيا والنباتات والحبوب والحيوانات والأمراض بأحجام ضخمة لم تشهدها الإنسانية من قبل وربما من ذلك الحين وإلى الأن. ولكن العولمة التي حدثت بعد الاكتشافات لم يكن سببها تخفيض القيود التجارية وإنما هجرة العنصر البشري وانتقال رؤوس الاموال الذي ترتب عليه نمو التجارة الدولية.
                 نخلص من ماذكرنا إلى أن العالم عرف العولمة كظاهرة وعملية منذ مايزيد على 150 عاماً وتحديداً بعد الثورة الصناعية والتطور في تكنولوجيا الاتصالات والمواصلات. وقد دعم هذا التطور سرعة انتقال رؤوس الاموال والأفراد واستمرت حالة الاندماج تلك حتى ماقبل الحرب العالمية الأولى.
إن النظام العالمي الجديد اليوم يقوم على مجموعة من السياسات  ، والتي من أهمها تحرير التجارة العالمية وزيادة الاستثمار الاجنبي المباشر وعولمة الاسواق المالية، وكل هذه السياسات لها انعكاساتها على اقتصاديات البلدان النامية التي تتبع معظمها برامج الاصلاح الاقتصادي.
                 لو نظرنا من الناحية اللغوية الى مفهوم العولمة Globalization فالبعض يقول أنه يعني جعل الشيء على مستوى عالمي، أي نقله من حيز المحدود الى آفاق اللامحدود، واللامحدود يعني العالم كله، فيكون إطار الحركة والتعامل والتبادل والتفاعل في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها.
والبعض الآخر يفضل لفظ الكوكبة ، وذلك لأن الكلمة الإنجليزية التي تعبر عنها مشتقة من كلمة Globe  بمعنى الكرة الأرضية، وليست من كلمة العالم World .
                 ويذهب البعض الآخر الى تعريف العولمة بأنها عملية دمج أسواق الدول المختلفة في سوق عالمية واحدة في جميع المجالات التجارية والمالية والسياسية والثقافية  والغير من ذلك، وفي إطار من الحرية الاقتصادية وسيطرة الشركات متعددة الجنسية ، وخضوع العالم لقوى السوق العالمي وقواعد قانونية واحدة.
إننا نجد اليوم انتشار ظاهرة العولمة وبكل نشاطاتها الاقتصادية والمالية والتجارية وهي تتخذ المظاهر المتعددة ، ومن بينها النمو السريع للتجارة والاستثمارات وتدفق رؤوس الاموال ، واتساع حركة عناصر الانتاج وحرية تبادل السلع والخدمات ، وهذا يسهم في تحقيق الاندماج المتزايد والتداخل المستمر بين مصالح الدول اقتصادياً وتجارياً ومالياً. والتعريف الآخر للعولمة هو ، بأنها إحدى صور الرأسمالية المتطورة التي تتواكب مع التطورات التكنلوجية والعلمية وثورة المعلومات والاتصالات، والأقمار الصناعية وأجهزة الحاسوب الالكترونية وظهور شبكة الإنترنيت.
ومن ماذكرته أعلاه فالعولمة أصبحت تعني مجموعة من الحقائق المهمة التي تتمثل في تكامل أسواق النقد والمال الدولية  ونمو الصادرات العالمية بمعدلات تفوق معدلات الناتج العالمي الاجمالي ، وتدويل الانتاج، بمعنى توزيع إنتاج أجزاء السلعة الواحدة على عدد من دول العالم ومناطقه حسب ماتحدده كلفة الإنتاج ومعدلات الربح ، وهو ما أدى الى ظهور أنماط جديدة من تقسيم العمل الدولي ، وتعاظم دور الشركات متعددة الجنسية ، ورفع معدلات حركة الاستثمارات الأجنبية الخاصة المباشرة.[1]
ويرى بعض الفقهاء أن العولمة تعني في النهاية تغليب فكرة السوق على ماعداها من أفكار، وأن أي تطور اقتصادي هو توسيع لنظام المبادلة مع مزيد من التخصص. وعلى وجه العموم ، فإن مزايا العولمة تشبه الى حد كبير مزايا التخصيص وتوسيع نطاق الأسواق عن طريق التجارة ، وهو ماأكد عليه الاقتصاديون الكلاسيكيون ، فعن طريق زيادة التقسيم الدولي للعمل وزيادة كفاءة تخصيص المدخرات ، تؤدي العولمة الى رفع الإنتاجية ومستويات المعيشة نتيجة منافسة السلع الأجنبية للسلع المحلية ومايترتب على ذلك من انخفاض أسعار السلع والخدمات.
ومن الممكن أن تعرف العولمة بأنها رسملة العالم على مستوى العمق بعد أن كانت رسملته سطح النمط ومظاهره.[2]
وبالتالي ، بدأت ظاهرة العولمة أو التكامل بين بلدان العالم في الانتشار على كافة الاصعدة والمستويات بحيث اصبحت جزءا من عجلة التاريخ والتي ترتبط بعالمية الاقتصاد القومي ، وبنفس الدرجة عولمة أو عالمية المشروع  من منطلق السعي الى اقتناص الفرص  وتكبير العوائد وتصبح المشكلة هي كيفية التحول الى عالمية الاقتصاد وعالمية المشروع ، من منظور أن العالمية هي عملية تاريخية ، ولاتوجد وسيلة إلا ضرورة مواجهتها والانخراط في غمارها والكفاح من أجل تحديد آثارها السلبية.
                
 
ثانياً : أسباب انتشار ظاهرة العولمة
لقد بدأت الدعوة الى ظاهرة العولمة من الولايات المتحدة الأمريكية والتي تعني الدعوة الى تبني نموذجاً جديداً في الاقتصاد والسياسة ، حتى أن هذا الامر دعا بعض الباحثين والمفكرين إلى تسميتها بالأمركة.
تعتبر الثورة العلمية والتكنولوجية من أهم العوامل التي ساهمت في بلورة فكر النظام الاقتصادي العالمي الجديد، فقد أدت هذه الثورة الهائلة الى العديد من النتائج والتي نذكر من أهمها :
1. تغير نمط الانتاج ، فقد احتلت المعرفة التكنلوجية والمعلومات العلمية النسبية الأولى ، كما ظهرت أنماط جديدة لتقسيم العمل الدولي ، لقد ارتبط مفهوم العولمة منذ البداية بالمجال الاقتصادي على أثر انتشار الثورة العلمية التكنولوجية ، والتي مثلت نقلة جديدة لتطور الاقتصاد العالمي في مرحلة مابعد الثورة الصناعية. إن استمرار التطور التكنولوجي وثورة المعلومات والاتصالات التي صاحبته ، والتي مثلت فتحاً جديداً في نمط الإنتاج وطبيعته ، أدت بدورها إلى تغير في شكل التفاعلات والتعاملات الدولية ، فقد ظهرت الحاجة الى حسم الخلافات بواسطة الوسائل السلمية ن وكذلك توحيد اسواق الدول الصناعية من خلال سوق عالمية واحدة.
2. حصول ثورة مماثلة في استراتيجيات التسويق لتتواكب مع متطلبات التنافس الشديد في الأسواق العالمية ومن أهم هذه الاستراتيجيات اللجؤ إلى التكتلات والاندماج الاقتصادي والاقليمي ، وتجدر الاشارة في هذا المجال إلى أن 92% من إصل 4200 تحالف ستراتيجي بين الشركات المتعددة الجنسيات تمت في بداية عقد التسعينات بين شركات من الأطراف الثلاثة الكبرى في الاقتصاد العالمي وهي الولايات المتحدةالأمريكية ، الاتحاد الاوروبي واليابان.
لقد شهد الاقتصاد العالمي منذ بداية التسعينات ، ومع سقوط حائط برلين ، عمليات عولمة متصاعدة لتدفقات التجارة والمال ولعمليات الإنتاج في ظل الثورة العلمية والتكنولوجية والاتصالات. لقد أدى رأس المال الدولي دوراً مهماً في قيادة عمليات العولمة من خلال عمليات التحرير المالي التي يشهدها العالم وزيادة عمليات الاندماج والتداخل بين الشركات الكبرىالعاملة في جميع فروع النشاط الاقتصادي. وقد توجت هذه المجهودات والتغيرات الاقتصادية بتحويل اتفاقية الجات إلى منظمة للتجارة العالمية، وأصبح الاقتصاد العالمي يدار من خلال ثلاث مؤسسات مهمة وهي:
                 - صندوق النقد الدولي ، وهو أحد المؤسسات الاقتصادية المكونة للنظام الاقتصادي العالمي ، وبدأ تكوينه مع نهاية الحرب العلمية الثانية مع توقيع معاهدة " بريتون وودز " في صيف عام 1944م .
 لقد أنشئ صندوق النقد الدولي في 25 ديسمبر عام 1945م ، بموجب اتفاقية بريتون وودز الموقعة في صيف عام 1944م ،  من حوالي 44 دولة ، ويعتبر المؤسسة الاقتصادية العالمية التي تمثل أحد الأركان الرئيسية في النظام الاقتصادي العالمي الجديد والتي تعمل على تحقيق الاستقرار النقدي العالمي.
                 - البنك الدولي ، ينظر للبنك الدولي  على أنه المؤسسة الاقتصادية العالمية التوأم لصندوق النقد الدولي، والذي أنشيء في إطار تكون النظام الاقتصادي العالمي مابعد الحرب العالمية الثانية ونتيجة لاتفاقية بريتون وودز من منظور الحاجة الى مؤسسة اقتصادية تمنح القروض الطويلة الأجل لتكمل عمل الصندوق. ويعتبر البنك الدولي المؤسسة الاقتصادية العالمية المسئولة عن إدارة النظام المالي الدولي والاهتمام بتطبيق السياسات الاقتصادية الكفيلة بتحقيق التنمية الاقتصادية للدول الاعضاء. ان مسئوليته تنصب أساساً على سياسات التنمية والاستثمارات ، وسياسات الاصلاح الهيكلي وسياسات تخصيص الموارد في القطاعين العام والخاص ، وكذلك يهتم البنك الدولي بصفة رئيسية بالجدارة الائتمانية لأنه يعتمد في تمويله على الاقتراض من أسواق المال. ويجدر الذكر هنا العلاقة الوثيقة بين صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، حيث أن صندوق النقد الدولي لايمكن أن يقوم بواجباته بشكل فعال إذا لم تكن هناك قروضاً طويلة الأجل للمساهمة في تنمية الدول التي دمرتها الحرب أو التي يعاني اقتصادها  من الكساد ، ويركز البنك الدولي في الوقت الحاضر نشاطه على تمويل التنمية في الدول النامية.
                 وبهذا الوضع ، فالبنك الدولي يمكن أن يكمل الاهداف الأساسية لنشاط صندوق النقد الدولي ويساعد على الاستقرار الدولي في مجالات تمويل التنمية.
- منظمة التجارة العالمية WTO ، وهي تعتبر من الأركان الرئيسية للنظام الاقتصادي العالمي الجديد،  وتمثل الركن الثالث لهذا النظام والتي أنشئت في اول يناير 1995م ، وبالتالي تعمل منظمة التجارة العالمية مع كل من البنك والصندوق الدولي على اقرار وتحديد معالم النظام الإقتصادي العلمي الجديد، والذي يتميز بوحدة السوق العالمية ويخضع لإدارة واشراف مؤسسات اقتصادية عالمية تعمل بصورة متناسقة.
                 ويمكن القول بأنها منظمة اقتصادية عالمية النشاط وتعمل ضمن منظومة النظام الاقتصادي العالمي الجديد ، على إدارة وإقامة دعائم النظام التجاري الدولي وتقويته في مجال تحرير التجارة الدولية ، وزيادة التبادل الدولي والنشاط الاقتصادي العالمي ، وتعمل سوية مع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في رسم وتوجيه السياسات الاقتصادية الدولية المؤثرة على الاطراف المختلفة في العالم.
                 وقد أنشئت هذه المنظمة لتحل محل سكرتارية الجات بعد توقيع الاتفاقية الموقعة في مراكش 1994م ، بعد انتهاء جولة اوروجواي وتشمل منظمة التجارة العالمية وقت أنشائها في أول يناير 1995م حوالي 110 دولة منهم 85 من الدول النامية وأمامها طلبات أخرى للانضمام.
ومن حانب آخر فقد ظهر العديد من التكتلات الاقتصادية الاقليمية ، مثل الاتحاد الأوروبي ، والنافتا ، واتحاد الأسيان ، ومجلس التعاون الخليجي ، ومشروع منطقة التجارة الحرة العربية ومشروع السوق الشرق اوسطية ومحاولات الشراكة الثنائية بين الاتحاد الأوروبي وكل دولة على حدة.
3. أسهمت الثورة العلمية التكنولوجية في مجال المعلوماتية والاتصالات في زيادة حجم التجارة الدولية وتدفقات رؤوس الأموال والاستثمارات ، وظهور التجارة الإلكترونية Electronic Trade عبر الإنترنيت.
وقد أصبح من أهم سمات العصر الحديث تحول دول العالم من نمط الرأسمالية القومية إلى الرأسمالية العابرة للقوميات، ويبرز هنا دور الشركات المتعددة الجنسيات ، وهو يعتبر رمز لسيطرة القطاع الخاص على جميع مجالات الإنتاج والتسويق والمنافسة العالمية ، واصبحت هذه الشركات توجه سياسات حكوماتها فيما يتعلق  بالسياسات الاقتصادية الداخلية والخارجية.
4. تزايد الاتجاه نحو المزيد من الاعتماد الاقتصادي المتبادل وشاركت في ذلك ايضاً الثورة التكنولوجية ، والنمو المتزايد للتجارة الدولية وحركات رؤوس الأموال عبر الدول. وكل هذه الآثار الناتجة عن الثورة التكنولوجية بما تتضمنه من ثورة اتصالات ومواصلات ومعلومات أدت الى تعميق عالمية الاقتصاد أو خاصية العولمة التي يتميز بها النظام الاقتصادي العالمي الجديد ، والذي تحول الى قرية صغيرة Small Village محدودة الابعاد ومتنافسة الاطراف ، فالعالمية لم تعد تسمح بترك أي بقعة في العالم معزولة عن السياق العالمي ، ولاشك أن الشركات المتعدية الجنسيات وتعاظم دورها في الاقتصاد العالمي الجديد تعمق أيضاً من عالمية الاقتصاد.
وتعد الشركات متعدية الجنسيات إحدى السمات الأساسية للنظام الاقتصادي العالمي الجديد ، فهي تؤثر وبقوة ومن خلال الاستثمارات المباشرة ، ونقل التكنولوجيا والخبرات التسويقية والإدارية في هذا النظام الجديد. ومن الممكن رصد وملاحظة هذا التأثير في جوانب عديدة  ، من أهمها تعميق التحول الاقتصادي نحو عولمة النشاط الاقتصادي العالمي.
لقد تعاظم  دور الشركات متعدية الجنسيات بحيث اصبحت العامل الرئيسي للأنشطة الاقتصادية في اقتصاد عالمي يتزايد تكاملاً.
و هذا الموضوع يتطلب أن نستعرض وبشيء من التفصيل النقاط التالية:
 
أ. ماذا يعني مفهوم الشركات متعدية الجنسيات ؟
تعد الشركات متعدية الجنسية من العوامل الاساسية في ظهور العولمة، ومن أهم سمات الشركات المتعددة الجنسية تعدد الأنشطة التي تشتغل فيها دون أدنى رابط بين المنتجات المختلفة. ويرجع السبب الرئيسي الذي دعا الشركات المتعددة الجنسية إلى تنويع نشاطها ، فهي تستند الى اعتبار اقتصادي مهم ، وهو تعويض الخسارة المحتملة في نشاط معين بأرباح تتحقق من أنشطة أخرى ، وأيضاً تعمل هذه الاسواق للسبب ذاته ، وتعدد أساليب إنتاجها بحيث إذا ارتفعت قيم أحد عناصر الإنتاج التي يعتمد عليها اسلوب انتاجي مايمكن الانتقال إلى أسلوب إنتاجي آخر يعتمد على عنصر إنتاجي ذات ثمن منخفض نسبياً ، ومن هنا جاءت تسمية هذه الشركات بأسم متعدية الجنسيات.
تغير وتطور هذا المفهوم بمرور الوقت ، حيث كان يطلق عليها في بداية ظهورها الشركات المتعددة الجنسيات Multinational Company ، حيث كانت ملكيتها تخضع لسيطرة جنسيات متعددة  كما يتولى إدارتها اشخاص من جنسيات متعددة  وتمارس نشاطها في بلاد أجنبية متعددة على الرغم من أن إستراتيجياتها وسياساتها وخطط عملها يتم وضعها في مركزها الرئيسي الذي يوجد في دولة معينة تسمى الدولة الأم Home Country  ، إلا أن نشاطها يتجاوز الحدود الوطنية والإقليمية لهذه الدولة وتتوسع في نشاطها إلى دول أخرى تسمى الدول المضيفة Host Countries . وفي مرحلة لاحقة رأت لجنة العشرين ، والتي شكلتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية بالأمم المتحدة في تقريرها الخاص بنشاط هذا النوع من الشركات ان يتم استخدام كلمة Transnational بدلاًمن كلمة Multinational وكلمة Corporation بدلاً من كلمة Enterprise ، واتضح بأن هذه الشركات تعتمد في انشطتها على سوق متعدد الدول ، كما أن استراتيجياتها وقراراتها ذات طابع دولي وعالمي ، ولهذا فهي تكون شركات متعدية الجنسيات ، حيث تتعدى القوميات ، ذلك لأنها تتمتع بقدر كبير من حرية تحريك ونقل الموارد ومن ثم عناصر الانتاج من رأس المال والعمل فضلاً عن المزايا التقنية أي نقل التكنولوجيا بين الدول المختلفة وهي مستقلة في هذا المجال عن القوميات أو فوق القوميات Supra National ، وهي بالتالي تساهم ومن خلال تأثيرها في بلورة خصائص وآليات النظام الاقتصادي العالمي الجديد والتأكيد على عالميته.
 
ب. تعاظم الشركات متعدية الجنسيات.
لقد تم توضيح وتعريف الشركات متعدية الجنسيات ، ولكن من الضروري أيضاً أن نعرف بأنها الشركات العالمية النشاط والتي تعتبر في كل معانيها إحدى السمات الاساسية للنظام الاقتصادي العالمي الجديد،  فهي تؤثر بقوة في الاقتصاد العالمي من خلال أنشطتها المختلفة. ويكفي الاشارة في هذا المجال إلى أن تلك الشركات العملاقة ذات الامكانيات التمويلية الهائلة ، تلعب دور القائد في الثورة العلمية التكنولوجية ، وبالتالي فهي تعمق الاتجاه نحو العالمية أو عولمة الاقتصاد.
هناك العديد من المؤشرات الأخرى والتي تدل على تعاظم دور الشركات المتعدية الجنسيات والعالمية النشاط ومن أهمها:
1. تزايد مكانة ودور هذه الشركات في الاقتصاد العالمي ، وكما أشارت مجلة Fortune  في شهر يوليو من عام 1995م في دراسة شملت أكبر خمسمائة من هذه الشركات في العالم إلى أن إجمالي إيرادات تلك الشركات قد بلغ 11378 ( إحدى عشر تريليون وثلاثمائة وثمانية وسبعون مليار دولار) ، والذي يمثل 171% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة و45% من الناتج المحلي الاجمالي للعالم في عام 1994 . أما أصول هذه الشركات فقد بلغت نحو 32,2 تريليون دولار ، وعدد العاملين بها 35,2 مليون عامل ، وصافي أرباحها نحو 323,4 مليار دولار. وتستحوذ الشركات المتعدية الجنسيات في مجموعها على حوالي 40% من حجم التجارة العالمية، ومعظم الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم.
2.     أن حوالي 80% من مبيعات العالم تتم من خلال الشركات متعدية الجنسيات، وهو مايعكس ضخامة قدرتها التسويقية والإنتاجية التي مكنتها من السيطرة على جزء هام من حركة التجارة الدولية.
3.     الدور الكبير الذي تلعبه هذه الشركات في تسريع الثورة التكنولوجية ، فبفضلها زادت نسبة الاكتشافات التكنولوجية الحديثة والتي كانت نتيجة لجهود البحث والتطوير Research and development التي قامت بها هذه الشركات.
4.     تجاوزت الأصول السائلة من الذهب والاحتياطيات النقدية الدولية المتوافرة لدى الشركات المتعدية الجنسيات نحو ضعفي الاحتياطي الدولي منها، ويدل هذا المؤشر على مقدار تحكم هذه الشركات في السياسة النقدية الدولية والاستقرار النقدي العالمي.
ان الدول حديثة النمو أو الساعية للإصلاح الاقتصادي أو الساعية للخروج من الاقتصاد المركزي ، تتجه الى جذب المستثمر الأجنبي المباشر للاستثمار على اراضها رغبة في الحصول على التكنولوجيا غير المتوفرة محلياً، وكذلك لخلق فرص عمل للمواطنين ، وكذلك الحصول على تكنولوجيا الإدارة وتنظيم المشروعات ، وكذلك الدخول في غمار المنافسة داخلياص وخارجياً.
أن ماينبغي التأكيد عليه هو أن هناك رابطة سببية بين كل من العولمة والشركات متعدية الجنسيات ، فكل منها غذي الآخر واستفاد منه خلال السنوات الماضية. تساهم العولمة في زيادة حجم الشركة ، ومؤدية الى توسع حجم الدمج والتملك Merger & Acquisition  عبر الحدود. فعلى سبيل المثال في عام 1996 م ، بلغ حجم الدمج والتملك 247,6 بليون دولار ويمثل هذا أكثر من 80% من أجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي .
ومن ثم فإن العامل الرئيسي وراء الزيادة القياسية في حجم الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي في عام 1998 م مرجعه الزيادة السريعة في عدد وحجم عمليات الدمج والتملك على المستوى الدولي التي ارتفعت بنسبة 75% في عام 1998م ، لتصل 586,8 بليون دولار.
                 ساهمت العولمة في إزالة العقبات التي وضعت في السابق لحماية السوق المحلي ، ومن ثم يمكن للشركة التوجه للاستثمار واستيراد متطلبات الإنتاج دون عقبات تجارية.
وبالتالي ، فأن كل من العولمة والشركات متعددة الجنسيات قد أثر كل منهما في تطور والفعل بالأخر ، والمستفيد في النهاية الشركات متعددة الجنسيات. وخلال السنوات الأخيرة من القرن الماضي شهد عالمنا تغيرات كبيرة وضخمة وعلى جميع المستويات وكلها قادتنا الى مانسميه اليوم بالعولمة.
 
ت. خصائص الشركات المتعدية الجنسيات.
 يتسم النظام الاقتصادي العالمي الجديد بتعميق عالمية الاقتصاد Globalization وتزداد فيه دور المؤسسات الاقتصادية الدولية ، وتبرز فيه عدد من الملامح الهيكلية. تتمتع الشركات المتعددة الجنسيات والتي تعد من أهم ملامح ظاهرة العولمة أو النظام الاقتصادي المعاصر بالعديد من الصفات والسمات التي تميزها وتتحدد دورها وتاثيرها على النظام الاقتصادي العالمي، ومن أهم هذه الصفات:
 
1. ضخامة الحجم : تتميز هذه الشركات بضخامة حجمها وتمثل كيانات اقتصادية عملاقة ، ومن المؤشرات التي تدل على هذا ، حجم رأس المال وحجم استثماراتها وتنوع انتاجها وارقام المبيعات والإيرادات التي تحققها ، والشبكات التسويقية التي تملكها ، وحجم انفاقها على البحث والتطوير ، فضلا عن هياكلها التنظيمية وكفاءة أدارتها.
ولكن ، أهم مقياس متبع للتعبير عن سمة الضخامة لهذه الكيانات الاقتصادية العملاقة ، يتركز في المقياس الخاص برقم المبيعات Sales Figure أو مايطلق عليه " رقم الأعمال". كذلك يستخدم حجم الإيرادات لنفس الهدف ، ووفقاً لهذا المقياس احتلت شركة ميتسوبيشي ، بإجمالي إيراداتها الذي بلغ 184,4 مليار دولار ، المرتبة الأولى بين أكبر خمسمائة شركة متعدية الجنسيات في عام 1995 م ، والتي يصل أجمالي إيراداتها إلى نحو 44% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي. كذلك تستحوذ هذه الشركات الخمسمائة على نحو 80% من حجم المبيعات على المستوى العالمي. أن نشاط الشركات المتعدية الجنسيات حقق معدلات نمو مرتفعة تجاوزت 10% سنوياً أي نحو ضعف معدل النمو في الاقتصاد العالمي ومعدل نمو التجارة العالمية.
 
2 . ازدياد درجة تنوع الأنشطة : تشير الكثير من الدراسات والبحوث، إلى ان الشركات المتعدية الجنسيات تتميز بالتنوع الكبير في أنشطتها ، فسياستها الانتاجية تقوم على وجود منتجات متنوعة متعددة ، ويرجع هذا التنوع إلى رغبة الإدارة العليا في تقليل احتمالات الخسارة ، من حيث انها إذا خسرت في نشاط يمكن أن تربح من أنشطة أخرى . وقد قامت هذه الشركات بإحلال وفورات مجال النشاط economies of Scope محل وفورات الحجم economies of Scale والتي انتهجتها الشركات الكبرى بعد الحرب العالمية الثانية. ونتيجة لذلك تتشعب الأنشطة التي تقوم بها الشركات المتعدية الجنسيات قطاعياً وجغرافياً ن وهذا بالتالي يؤدي إلى تحقيق التكامل الأفقي والرأسي.
 
3 . الإنتشار الجغرافي – الأسواق : من الخصائص التي تتميز بها الشركات المتعدية الجنسيات هي كبر مساحة السوق التي تغطيها وامتدادها الجغرافي ، خاج الدولة الأم ، بما لها من إمكانيات هائلة في التسويق ، وفروع وشركات تابعة في أنحاء العالم. لقد ساعدها على هذا الانتشار التقدم التكنولوجي الهائل ، ولاسيما في مجال المعلومات والاتصالات . وتكفي الإشارة إلى أن شركة ABB السويسرية ، تسيطر حالياً على أكثر من 1300 شركة تابعة منتشرة في معظم أنحاء العالم ، مع العلم أن السوق السويسرية لاتستوعب إلا نسبة بسيطة للغاية من إجمالي مبيعات الشركة.
وقد ساعدت على ذلك كله ابداعات الثورة العلمية والتكنولوجية في مجالي المعلومات والاتصالات ، حيث اصبح مايسمى الانتاج عن بعد  Teleportation حيث توجد الإدارة العليا وأقسام البحث والتطوير وإدارة التسويق في بلد معين ، وتصدر أوامر بالإنتاج في بلاد أخرى.
4 . القدرة على تحويل الانتاج والاستثمار علىمستوى العالم : أن هذه الخاصية ناتجة عن كون هذه الشركات تتميز بنشاطها الاستثماري الواسع في العالم ، وكذلك كونها كيانات عملاقة متنوعة الأنشطة تسودها عمليات التكامل الافقي والرأسي.
على الرغم من ضخامة الاستثمارات الدولية التي تقوم بها الشركات المتعدية الجنسيات ، فإن اكثر من ثلثي استثماراتها تتركز في الولايات المتحدة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي ( انجلترا والمانيا وفرنسا ) وسويسرا واليابان، ويعود هذا التركز الى العوامل التالية:
- المناخ الجاذب لهذه النوعية من الاستثمارات .
- ارتفاع العائد على الاستثمارات .
- تزايد القدرات التنافسية للدول المضيفة والتي تتحقق عادة من خلال انخفاض تكلفة عنصر العمل وتوافره وارتفاع مستواه التعليمي ومهاراته وإنتاجيته .
- توافر البنية الأساسية وتسهيلات النقل وتقدم شبكات الاتصالات .
- والطاقة الاستيعابية للاقتصاد القومي .
 
5. إقامة التحالفات الاستراتيجية : وهي تعتبر من السمات الهامة للشركات متعددة الجنسيات والتي تسعى دوماً الى إقامة تحالفات استراتيجية فيما بينها ومن أجل تحقيق مصالحها الاقتصادية المشتركة وتعزيز قدراتها التنافسية والتسويقية . أن هذه التحالفات هي نتاج المنافسة المحتدمة والتي صارت سمة اساسية للأسواق المفتوحة وثورة الاتصالات والمعلومات.
أن التحالفات الاستراتيجية بين الشركات المتشابهة تتم في الصناعات المتماثلة بدرجة أكبر، وفي بعض الأحيان يأخذ هذا التحاف شكل الاندماج ، وهذا يظهر بوضوح في مجال البحث والتطوير بما يحتاجه الى تمويل ضخم ، ومن الأمثلة على هذا التعاون ، التمركز الأوروبي لبحوث الحاسوب والمعلومات والاتصالات التي تشترك فيه ثلاثة شركات أوروبية كبرى تنتج الحاسبات الآلية ، وهي بول الفرنسية Bull و TCL البريطانية و سمنز الألمانية ، وقد يتحول التحالف الاستراتيجي أيضاً الى شركات تابعة مشتركة ، للشركات متعددة الجنسيات. وكل هذا يمثل صيغ للتعاون لتحقيق الأهداف الاستراتيجية لكل شركة متعدية الجنسية تدخل في التحالف الاستراتيجي الذي يتم الاتفاق عليه.
6 . المزايا الاحتكارية : تتمتع الشركات متعدية الجنسيات بمجموعة من المزايا الاحتكارية ، وترجع هذه السمة إلى أن هيكل السوق الذي تعمل فيه هذه الشركات ، يأخذ شكل سوق احتكار القلة في الأغلب الأعم،  ومن أهم عوامل نشأته ما تتمتع به مجموعة الشركات المكونة له من احتكار التكنولوجيا الحديثة والمهارات الفنية والإدارية ذات الكفاءات العالية والمتخصصة. وهذا الوضع يتيح للشركات المتعدية الجنسيات الفرصة لزيادة قدراتها التنافسية ومن ثم تعظيم أرباحها وإيراداتها.
وتتحدد المزايا الاحتكارية في أربعة مجالات هي التمويل ، والإدارة ، والتكنولوجيا ، والتسويق. وتنبع المزايا التمويلية من توافر موارد عالية كبيرة لدى الشركة المتعدية الجنسية ، وتمكنها من الاقتراض بأفضل الشروط من الأسواق المالية العالمية نظراً لوجود عنصر الثقة في سلامة وقوة مركزها المالي . تتمثل المزايا الادارية في وجود الهيكل التنظيمي الذي يكون على أعلى مستوى من الكفاءة ، ويسمح بتدفق المعلومات وسرعة الاتصالات ، ويؤدي بالتالي إلى اتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب . أن توافر المزايا الإدارية يتيح لهذه الشركات التمييز والتفوق ، لذلك تحرص على وجود وحدات متخصصة وقادرة في مجالات التدريب والاستشارات والبحوث الإدارية.
وتحصل الشركات على المزايا التقنية ، من خلال التطوير التكنولوجي المستمر ، إستجابة لمتطلبات السوق ، والحد من دخول منافسين جدد وتقرير وضعها الاحتكاري ، ولذلك تحرص هذه الشركات على التجديد والابتكار  وتحسين الانتاجية وتطويرها وزيادتها وتحقيق مستوى عال من الجودة .
تأتي المزايا التسويقية للشركات المتعدية الجنسيات من خلال الشبكات التوزيعية والتسويقية ، التي تعمل على توفير منتجاتها بحالة جيدة في الوقت المناسب . ان هذه الشركات تهتم بأبحاث السوق والتركيز على أساليب الترويج والدعاية والإعلان لمنتجاتها لضمان طلب متزايد ومستمر عليها.
7. تعبئة المدخرات العالمية : أن كل شركة من الشركات متعدية الجنسيات تنظر إلى العالم كسوق واحدة ، ومن ثم تسعى الى تعبئة المدخرات من تلك السوق في مجموعها بالوسائل التالية:
·        تعتمد الشركات متعدية الجنسيات ، عند الإقدام على عمليات كبرى مثل شراء أسهم شركة منافسة بالقدر الذي يسمح بالسيطرة على ادارتها مثلاً ، إلى الاقتراض من البنوك متعددة الجنسيات وبمعدلات عالية.
·        تستقطب الشركات متعددة الجنسيات الجزء الأعظم من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر وتوجهه أساساً إلى أسواق الدول الصناعية التي تمثل ثلاثة أرباع السوق العالمية.
·        الزام كل شركة تابعة بأن توفر محلياً أقصى مايمكن لتمويل اللازم لها ، من خلال وسائل مختلفة مثل المشروعات المشتركة ، طرح الأسهم الخاصة بتلك الشركات في الأسواق المالية العالمية ، الاقتراض من الجهاز المصرفي المحلي وغيرها.
وبهذه الوسائل يمكن للشركات متعدية الجنسيات أن تقوم بتعبئة مقادير متزايدة من المدخرات العالمية.
8 . طرح الأسهم الخاصة بتلك الشركات في كل من الأسواق المالية العالمية الهامة وكذلك الأسواق الناهضة ، وغيرها.
 
9 . تعبئة الكفاءات : تتميز الشركات متعدية الجنسيات بعدم تقيدها بتفضيل مواطني دولة معينة عند اختيار العاملين بها حتى أعلى المستويات ، فالمعيار الغالب الذي تأخذ به هو معيار الكفاءة. والنمط المعمول به في اختيار العمالة في هذه الشركات هو الاستفادة من الكادر المحلي لكل شركة تابعة بع اجتياز سلسلة من الاختيارات والمشاركة في الدورات التدريبية.
10 . التخطيط الاستراتيجي والإدارة الاستراتيجية : يعتبر التخطيط الأستراتيجي أداة لإدارة الشركات متعدية الجنسيات ، وهو المنهج الملائم الذي يضمن ويؤدي الى تحقيق ماتهدف اليه الشركة متعدية الجنسية والتعرف على ماترغب أن تكون عليه في المستقبل.
يكثر استخدام التخطيط الاستراتيجي في الشركات المتعدية الجنسيات وهي تسعى من خلال ذلك اقتناص الفرص وتكبير العوائد ، وتحقيق معدلات مرتفعة في المبيعات والأرباح ومعدل العائدعلى رأس المال المستثمر.
أن التخطيط الأستراتيجي هو الأداة الأساسية التي تستخدمها وتقوم بها الإدارة الاستراتيجية في تلك الشركات ، لتحقيق الأهداف الاستراتيجية . وتعد الخطط الاستراتيجية في غالبية الشركات المتعدية الجنسيات في المراكز الرئيسية ، ويترتب على ذلك أن قواعد التخصيص ووضع الأهداف الخاصة بكل شركة تابعة يرتبطان بتحقيق الأهداف الاستراتيجية للشركة وخدمة استراتيجيتها العالمية.
                
ث. الشركات المتعدية الجنسيات والنظام الاقتصادي العالمي الجديد : للشركات المتعدية الجنسيات تأثيراً كبير وعميق على آليات ومكونات النظام الاقتصادي العالمي الجديد ، وهو ينحصر في النقاط التالية:
 
·        التأكيد على صفة العالمية  : من الطبيعي ، أن الشركات المتعدية الجنسيات قد قامت بدور رئيسي في تعميق مفهوم العالمية والذي يتمثل بصفة أساسية في تطوير إطار أعمال منظم عابر القوميات يؤدي إلى عولمة الاقتصاد ، بما في ذلك الدفع نحو توحيد وتنافس أسواق السلع والخدمات وأسواق رأس المال وأسواق التكنولوجيا والخدمات الحديثة ، ويدعم بنية أساسية هائلة للاتصالات والمواصلات والمعلومات والاعلام والفنون والثقافة. أن الشركات متعدية الجنسيات حولت العالم إلى كيان موحد على حد بعيد من حيث كثافة الاتصالات والمعاملات فيه ، وبالتالي من خلال هذه الشركات بدأت تنتشر العالمية او العولمة على كافة المستويات الأنتاجية والتمويلية والتكنولوجية والتسويقية والادارية.
·         التأثير على النظام النقدي الدولي :  من الواضح جداً  وهو يتبين من الحجم الضخم من الأصول السائلة والاحتياطات الدولية المتوافرة لدى الشركات المتعدية الجنسيات و مدى التأثير الذي يمكن أن تمارسه هذه الشركات على السياسة النقدية الدولية والاستقرار النقدي العالمي.
أن الأصول الضخمة المقومة بالعملات المختلفة للدول التي تعمل بها الشركات المتعدية الجنسيات ، من شأنها أن تؤدي الى زيادة امكانيات هذه الشركات في التأثير على النظام النقدي العالمي. فإذا أرادت هذه الشركات ، وبقرار يتخذ من جانب المسؤلين عن إدارة الشركات المتعدية الجنسيات بتحويل بعض الأصول من دولة لأخرى من شأنه أن يؤدي الى التعجيل بأزمة نقدية عالمية.
 
·        التأثير على التجارة العالمية : من المعروف وكنتيجة لاستحواذ الشركات المتعدية الجنسيات على نسبة كبيرة من حجم التجارة وحركة المبيعات الدولية فإنها تؤثر بلا شك على منظومة وهيكل التجارة الدولية من خلال ماتمتلكه من قدرات تكنولوجية عالية وإمكانيات  وموارد قد تؤدي إلى إكساب الكثير من الدول بعض المزايا التنافسية في الكثير من الصناعات والأنشطة.
من الممكن ملاحظة تأثير الشركات المتعدية الجنسيات على حجم التجارة العالمية حيث ازدياد درجة التنوع في الأنشطة ووجود التكامل الرأسي إلى الأمام وإلى الخلف قد أدى ويؤدي إلى ازدياد حجم التبادل التجاري بين تلك الشركات ومشروعاتها التابعة أو فروعها في الدول المختلفة.
       
·        التأثير على توجهات الاستثمار الدولي : تشير تقديرات تقرير الاستثمار الدولي الصادر من الأمم المتحدة عام 2003 م ، أن حجم الاستثمار الدولي المتدفق في العالم في تلك السنة قد بلغ أكثر من 300 مليار دولار والتي تدفقت في مختلف مناطق العالم.
ان الشركات المتعدية الجنسيات تنفذ الجزء الأكبر من الاستثمارات الدولية سنويا. ويلاحظ في هذا المجال أن الخريطة الاستثمارية للاستثمار الدولي تتأثر بتوجهات النشاط الاستثماري للشركات المتعدية الجنسيات حيث لوحظ أن من أهم سمات أو خصائص تلك الشركات هي تلك الخاصية المتعلقة بالتركز الاستثماري ، فقد لاحظنا أن هذه الشركات تتركز استثماراتها في الدول المتقدمة بل وفي عدد محدود  من الدول المتقدمة ، حيث تستحوذ هذه الدول على 85% من النشاط الاستثماري لتلك الشركات.
ومن ناحية اخرى تحصل الدول النامية على نسبة 15% فقط من النشاط الاستثماري للشركات المتعدية الجنسيات.
·         تكوين أنماط جديدة من التخصص وتقسيم العمل الدولي : أن تفاعل تأثير الشركات المتعدية الجنسيات على التجارة العالمية وتوجهات الاستثمار الدولي ، قد أدى يؤدي الى تكوين أنماط جديدة من التخصص وتقسيم العمل الدولي ، وأصبحت قرارات الانتاج والاستثمار تتخذ من منظور عالمي وفقاً لاعتبارات الرشادة الاقتصادية فيما يتعلق بالتكلفة والعائد.
أن كبر النشاط الاستثماري والانتاجي والتسويقي والتجاري للشركات متعدية الجنسيات وما أحدثته الثورة التكنولوجية من اتاحة إمكانيات جديدة للتخصص ، كلها أدت إلى وجود انماط جديدة للتخصصص وتقسيم العمل ، ولاشك أن هذه الشركات تلعب دوراً رئيسياً في تعميق هذه العملية وأصبحت مشاهدتها متزايدة بين الدول الصناعية والنامية.
ولعل هذا الاتجاه يتيح للكثير من الدول النامية فرصة لاختراق السوق العالمية في الكثير من المنتجات،  حيث تتتح الأنماط الجديدة لتقسيم العمل الدولي لتلك البلدان اكتساب مزايا تنافسية في دائرة واسعة من السلع في الصناعات الكهربائية والالكترونية والهندسية والكيماوية ، وخير دليل ومثال على ذلك هو تجربة النمور الآسيوية في جنوب شرق آسيا ، ولهذا ومن وجهة نظرنا فعلى البلدان النامية الأخرى أن تستغل هذا الاتجاه في تعظيم صادراتها وأن تعرف أن من آليات التعامل مع الشركات المتعدية الجنسيات هي جذب تلك الشركات لتعمل وتوطن بعض الصناعات في الدول النامية التي تسمح بخروجها من دائرة انتاج السلع الأولية والاستخراجية إلى الصناعات الأكثر فائدة من ناحية القيمة المضافة التصديرية.
 
·         التأثير على نقل التكنولوجيا واحداث الثورة التكنولوجية : تقوم الشركات المتعدية الجنسيات بدور فعال ومؤثر في إحداث الثورة التكنولوجية.أن العالم يعيش اليوم الثورة الصناعية الثالثة ، والتي نطلق عليها الثورة العلمية في المعلومات والاتصالات والمواصلات والتكنولوجيا العالية. ولهذا السبب فأن التحدي المطروح أمام البلدان النامية ، هو ضرورة تنمية قدراتها على خلق آليات للتعامل مع الشركات المتعدية الجنسيات . أن نقل التكنولوجيا من خلال الشركات المتعدية الجنسيات يتأثر بتوجهات الاستثمار الاجنبي المباشر الذي تقوم به تلك الشركات عبر مناطق العالم المختلفة ، ومع الأخذ في الاعتبار العوامل المتعلقة في جذب الاستثمار الاجنبي المباشر ، فأن هيكل النظام الاقتصادي العالمي الجديد من منظور تكنولوجي يتأثر بشكل واضح بهيكل الاستثمار الاجنبي المباشر الذي تقوم به الشركات المتعدية الجنسيات ، فهي تقوم بدور فعال ومؤثر في إحداث الثورة التكنولوجية نظراً لما تتمتع به من امكانيات وموارد بشرية ومادية ضخمة توجه نحو البحوث والتطوير.
 
ج. ظهور التكتلات الاقتصادية والترتيبات الاقليمية الجديدة : يعتبر الاتجاه الى تكوين التكتلات الاقتصادية العملاقة بين مجموعة من الدول التي تتوافر فيها عدد من المقومات المتجانسة اقتصادياً ، وثقافياً وحضارياً وتاريخياً والتي تربطها مصالح اقتصادية مشتركة ، هي من أهم الخصائص المميزة للنظام الاقتصادي العالمي الجديد. لقد شهدت نهايات القرن العشرين تزايداً كبيراً نحو التكتل والاندماج بين الدول التي يتوافر لديها حد أدنى من مقومات التجانس الاقتصادي ، ويدفع الىهذا التكتل مايتضمنه من العديد من المكاسب والمزايا ، والتي يأتي في مقدمتها التمتع بوفورات الحجم ، والتخصص الإنتاجي والرغبة في فتح أسواق جديدة أمام منتجات الدول الأعضاء ، مما يؤدي إلى تحسين شروط التبادل التجاري لدول التكتل ومن ثم زيادة صادراتها وارتفاع قدراتها التنافسية. 
ويكفي للدلالة على تأكيد خاصية تزايد التكتلات الاقتصادية والترتيبات الاقليمية الجديدة وتعميق ظاهرة العولمة ، أن أحدى الدراسات التي أجراها صندوق النقد الدولي سنة 1995م ، تشير الى أنه توجد على مستوى العالم حوالي 45 من أنظمة التكامل الاقتصادي في مختلف صورها ومراحلها ، تشمل 75% من دول العالم ، وحوالي 80% من سكان العالم وتسيطر على 85% من التجارة العالمية.
ومن أهم التكتلات الاقتصادية العملاقة ، والتي تعد من الأركان الأساسية للنظام الاقتصادي العالمي الجديد :
ü     الاتحاد الأوروبي ، الذي بدأخطواته في عام 1957 ، والذي يكون قد اكتمل مع بداية 1994م،   ليكون أحد الكيانات الاقتصادية العالمية والعملاقة ، والتي لها تأثيرها الفعال على التجارة الدولية وحركة رؤوس الأموال والاستثمارات. لقد تعدى هذا التكتل الاقتصادي مرحلة التجارة الحرة ، والاتحاد الجمركي والسوق المشتركة إلى أن وصل إلى مرحلة الاتحاد الاقتصادي ، والتي تعتبر المرحلة المتقدمة لهذا التكتل. وصل عدد دول الاتحاد الأوروبي حتى أول يناير عام 2004 م إلى 25 دولة أوروبية ، بعد أن كانت (6) دول فقط  في بداية الاعلان عن قيام السوق الأوروبية المشتركة ، طبقاً لمعاهدة روما في(25 مارس)  سنة 1957 . 
 ومن ناحية أخرى ، فهذا التكتل يمتلك أكبر دخل قومي في العالم ، حيث يزيد هذا الدخل على 7000 مليار دولار مقابل 6200 مليار دولار لدى تكتل النافتا ، الذي يضم كلاً من الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك . أن هذا التكتل العملاق يمثل قوة انتاجية وعلمية وتكنولوجية ومالية واقتصادية كبيرة على الصعيد العالمي.  
 
ü     منطقة التجارة الحرة لأمريكا الشمالية ( نافتا) ، ويضم هذا التكتل الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك. وهو يختلف عن الاتحاح الأوروبي حيث يقف عند مرحلة إقامة منطقة تجارة حرة دون أن يتعداه إلى إقامة اتحاد جمركي او سوق مشتركة مثل الاتحاد الاوروبي . لقد أصبح هذا التكتل في نظر العديد من الخبراء والمختصين ، أكبر قوة اقتصادية  وأقوى تكتل اقتصادي عالمياً ، وبالرغم من التناقضات والخلافات ، التي تحصل بين أطراف التكتل أحياناً ، وخاصة ماحصل في عام 2005 م ، خلال التصويت على وثيقة الدستور الأوروبي الموحد من قبل دول أعضاء في هذا الاتحاد مثل جمهورية فرنسا والمملكة الهولندية. أن هذا التكتل يحقق سنوياً حجم تجارة خارجية ، وهو يصل في المتوسط إلى حوالي 1150 مليار دولار ، والذي يمثل ثلث التجارة العالمية.
ü     رابطة دول جنوب شرق آسيا ( الآسيان ) ، التي تاسست عام 1967 م ، كنوع من الحلف السياسي أصلاً ولغرض مواجهة الشيوعية في شرق آسيا ، وخاصة في فيتنام وكمبوديا ولاوس وبورما آنذاك. ويضم هذا التكتل في عضويته عشر دول فضلا عن منتدى ( آبيك ) الذي يضم 21 دولة. وهو يمثل أكبر تجمع اقتصادي إقليمي في العالم حيث يتوزع أعضاءه بين أريع قارات هي آسيا واستراليا وأمريكا الشمالية والجنوبية ، كما يضم أكبر تكتلين اقتصاديين  ( النافتا والآسيان ). لقد ركزت الرابطة في البداية على التنسيق السياسي ، ومن ثم بدأت تركز على التعاون الاقتصادي فيما بين الدول الأعضاء. أنه من الملاحظ أن الدول في هذه الرابطة الآسيوية تتجه الى تعميق مجالات التعاون الاقتصادي فيما بينها وزيادة التبادل التجاري . ومن جانب آخر نلاحظ أيضاً ، أن هذا التكتل يتزايد دوره في التجارة العالمية ، بدليل أنه زيادة الصادرات في العالم وكمعدل إجمالي من صادرات الدول النامية.     
ناهيك عن بعض التكتلات الأخرى مثل تكتل دول أمريكا اللاتينية وأفريقيا ، حيث شهدت عدد من التكتلات الاقتصادية الاقليمية ، ذات الأثر الضعيف على الاقتصاد العالمي الجديد ، والسبب في هذا كونها تتشكل من دول نامية ، ليس لها الوزن الكبير في الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية والتقدم التكنولوجي . وهنا لابد أن نتوقف عند بعضها:
1. التكتلات في أمريكا اللاتينية
-  السوق المشتركة لأمريكا الوسطى : وهي تضم كوستاريكا والسلفادور و جوتيمالا وهنداروس ونيكاراجوا، وكان هدفها هو إقامة منطقة تجارة حرة ، وبعد ذلك اتحاد جمركي ، ومحاولة الوصول إلى وحدة مع رابطة امريكا اللاتينية للتجارة الحرة LAFTA لتكوين السوق المشتركة في امريكا اللاتينية في سنة 1985 م ، ولكن كل هذا توقف ، وتم إقامة منطقة التجارة الحرة.
- رابطة أمريكا اللاتينية للتجارة الحرة : وهي تضم الأرجنتين ، بوليفيا ، البرازيل وشيلي ، كولومبيا و اكوادور ، المكسيك وباراجواي ، بيرو و أراجواي وفنزويلا. وكان هدف هذه الرابطة هو قيام رابطة تجارة حرة ، وكذلك محاولة الوصول إلى وحدة مع السوق المشتركة لامريكا الوسطى ، ولكن لم تتحقق هذه الأهداف.
– مجموعة الاندين ANDEAN : وتتكون هذه المجموعة من الدول التالية : بوليفيا ، كولومبيا،  اكوادور ، بيرو وفنزويلا ، والتي كانت تهدف إلى تمويل المشروعات الصناعية ، والتكامل الاقتصادي فيما بينها والوصول إلى الاتحاد الجمركي.
- منظمة الكاريبي للتجارة الحرة : والتي تضم ، انتيجوا  و  بارباروس جيانا وترينداد ، توياجو و جاميكا ، جزر وارد و جزر وندوارد ، وكان هدفها هو إنشاء منطقة تجارة حرة.
2 . التكتلات الأفريقية والتي تشمل :
- الجماعة الاقتصادية لشرق أفريقيا ، وتتكون من كينيا ، أوغندا وتنزانيا. وكانت تهدف إلى إنشاء سوق أفريقية مشتركة ، والتي تمت لتضم بقية دول شرق أفريقيا.
- الاتحاد الجمركي والاقتصادي لوسط أفريقيا : ويضم دول الكاميرون و جمهورية أفريقيا الوسطى تشاد والكونغو ، وكان يهدف إلى التنسيق في سياسة التنمية الصناعية والتعاون الاقتصادي في محاولة لإقامة سوق مشتركة.
- الاتحاد الاقتصادي لوسط أفريقيا : ويتكون من جمهورية أفريقيا الوسطى ، تشاد والكونغو ، وكان يهدف هذا الاتحاد إلى تحقيق التعاون الاقليمي ، والذي يمكن أن يؤدي إلى أنشاء سوق مشتركة.
- الاتحاد الجمركي والاقتصادي لغرب أفريقيا : ويتكون من داهومي وساحل العاج ، مالي وموريتانيا ، النيجر و السنغال ، وبوركينا فاسو. وهدفه هو إقامة اتحاد جمركي.
– الجماعة الاقتصادية لغرب أفريقيا : وهي تتكون من ، جامبيا ، غانا ، غينيا ، ساحل العاج ، ليبيريا ، مالي ، موريتانيا ، نيجيريا ، السنغال ، سيراليون ، توجو و بوركينا فاسو.
وتهدف إلى زيادة حجم التبادل في السلع والخدمات والتنسيق في السياسات الجمركية والتجارية والتنسيق في التنمية الصناعية والزراعية ، والوصول إلى تكوين سوق مشتركة.
أن التجربة الأفريقية الاقليمية للتعاون الاقتصادي قد باءت بالفشل ، وكانت مخيبة للأمال ، ويعود هذا إلى اسباب كثيرة ، والتي منها غياب الآليات السليمة والفعالة  والسياسات الكفؤة وكذلك الإرادة الدافعة ، بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية السيئة والهياكل الاقتصادية الضعيفة ، التي تميزت بها معظم تلك الدول.
لكن المحاولات ، لازالت مستمرة على مستوى القارة الأفريقية ، ويعتبر إنشاء الجماعة الاقتصادية الأفريقية ، التي تم إنشاءوها في اجتماع ابوجا في عام 1991 م ، هي الشكل الرئيسي للتعاون الاقتصادي الأفريقي في الوقت الحاضر.
وعلينا أن لاننسى  جانب التفكير والاعداد لقيام تكتل اقتصادي عربي ، ليواجه بعض الترتيبات والتحديات الاقليمية الشرق أوسطية.
يواجه العالم العربي منذ أواخر الثمانينات جملة متغيرات دولية وإقليمية متتابعة ، والتي تؤثر في مستقبله الاقتصادي ، وربما السياسي أيضاً . وعلى العالم العربي أن يختار التعامل وبإيجابية مع استحقاقات المرحلة الحالية والمستقبلية ، وعليه مواكبة التغيرات الحاصلةفي الاقتصاد العالمي وأبرز هذه المتغيرات:
§        ازدياد الاهتمام بتعزيز وإقامة التكتلات الاقتصادية العملاقة ، والتي من أبرزها ، الاتحاد الاقتصادي الأوروبي ، ومنظمة التجارة الحرة لشمال أمريكا ، وتكتل جنوب شرق آسيا بقيادة اليابان. وتسعى هذه التكتلات لتعزيز انفتاحها على بقية أنحاء العالم. لقد برز التوجه نحو عالمية الاقتصاد الدولي إلى المقدمة بتوقيع اتفاقية منظمة التجارة العالمية التي أضافت إلى تحرير التجارة المنظورة ضمن الجات ، تحرير التجارة غير المنظورة أيضاً ، مما أدى مواجهة البلدان العربية لضغوط الانظمام لاتفاقية منظمة التجارة العالمية ، وتوجه أوروبي نحو عقد اتفاقيات للشراكة مع بعض البلدان العربية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، ولاتقتصر أبعاد الشراكة على الأبعاد الاقتصادية ، بل تشمل أيضاً قضايا الديمقراطية والتعددية وحقوق الانسان وقضايا البيئة والثقافة  ، وحرية الصحافة. ومن الممكن إضافة ، ظهور التوجه الأمريكي الذي يمنح الخيار للبلدان العربية التي تقيم السلام مع إسرائيل للاتفاق منفردة مع الولايات المتحدة الأمريكية على منطقة تجارة حرة.
§        من الضروري ، ونتيجة للمتغيرات في الاقتصاد العالمي ، فعلى العالم العربي أن يعمل على بلورة نظام وتعاون اقتصادي شرق أوسطي ، والذي يستند لجغرافيا المنطقة ، ومن جانب آخر ، فإن العالم العربي أمام مرحلة حاسمة تتطلب صياغة واضحة للتوجهات التنموية  والتي  لابد أن تكون ضمن إطار التعاون الاقتصادي الفعال للعالم العربي.
أن أولى المحاولات الجادة لصياغة سياسة متوسطية كلية أو  " العولمة " ، فلم تتحقق قبل حوالي عام 1972 م ، حيث شكلت الجماعة الأوروبية نموذجاً مبكراًللتعامل مع الإقليم من منظور عام وكلي ، وكانت هذه المحاولات إحدى النتائج المترتبة على الأهمية المتنامية للإقليم نفسه ، كما هدفت إلى ضمان الاتساق بين أساليب التعامل الضروري والمتباينة مع الإقليم ، وكان من الضروري الاتفاق على مجموعة من القواعد والمعايير المشتركة لتحكم علاقات الجماعة مع المنطقة ، كما جعلت آفاق التوسع ، التي أصبحت واضحة عام 1973 م ، من الضروري إعادة النظر في هذه الاتفاقيات.
وكان الهدف الرئيسي للسياسة المتوسطية " العولمة " هو تضمين التعاون الاقتصادي والمالي في الامتيازات التجارية الممنوحة ، وإقامة روابط للتعاون بين شاطىء المتوسط ، كما جعل تزايد عدد المهاجرين من خارج الجماعة الأوربية إلى البلدان الأعضاء من الضروري التوصل إلى أسلوب مشترك لمعالجة مشكلة هجرة العمال ، خاصة وأن الحوض المتوسطي كان المصدر الرئيسي للقوى العاملة في بلدان الجماعة ، مما كان له الدور الفعال في صياغة سياسة " العولمة " المتوسطية.
ونجم عن النهج الجديد في التعامل مع الإقليم علاقات تجارية تفضيلية ، حيث حصلت السلع المصنعة في بلدان الاقليم على امتياز الدخول الحر الى البلدان الأعضاء في الجماعة دون أن يعني  ذلك المعاملة بالمثل بالنسبة للصناعات الأوربية.
في إطار سياسة العولمة ، التي تبناها المجلس الإداري في قمة باريس عام 1972 م ، تم توقيع أولى الاتفاقيات مع دولة إسرائيل عام 1972 م ، وتبع ذلك اتفاقيات أخرى مع بلدان المغرب العربي ، وفي عام 1977 م ، تم توقيع اتفاقيات أخرى مع جمهورية مصر العربية والجمهورية العربية السورية والمملكة الأردنية الهاشمية. وتم توقيع اتفاقية أخرى مع الجمهورية اللبنانية ، بعد شهر واحد فقط.
على الرغم من تنامي الاهتمام في السنوات الأخيرة بإقامة التكتلات الاقتصادية وتوسيع نطاقها جغرافياً وتعميقها عمودياً ، ورغم المسيرة الطويلة للتعاون الاقتصادي العربي ، فما زالت البلدان العربية تفتقر إلى تكتل اقتصادي تواجه به التكتلات الاقتصادية العالمية العملاقة ، وتدعم بواسطته مسيرتها الاقتصادية.
في الثمانينات ، جرى عقد بروتوكولات إضافية جديدة مع الدول المتوسطية غير الأعضاء من أجل التخفيف من آثار انضمام أسبانيا والبرتغال إلى عضوية الجماعة  ، مما أدى إلى تحسين الامتيازات الممنوحة للمنتجات الزراعية.
إن الشراكة الأوروبية – المتوسطية ستكون قادرة على الإسهام في التعاون الاقتصادي على صعيد الاقليم ، إذا تم التغلب على المشاكل المتعلقة بالمصداقية .
ح. تزايد دور المؤسسات الاقتصادية العالمية في ادارة النظام الاقتصادي العالمي الجديد : من الخصائص الهامة للنظام الاقتصادي العالمي الجديد ، هو تزايد دور المؤسسات الاقتصادية العالمية في إدارة هذا النظام  ، وإنشاء منظمة التجارة العالمية في أول يناير 1995م وانضمام دول العالم اليها. لقد اكتملت مؤسسات النظام الاقتصادي العالمي وهي تعمل على إدارة هذا النظام من خلال تطبيق مجموعة السياسات النقدية والمالية والتجارية ، والتي لها التأثير الكبير في السياسات الاقتصادية لمعظم دول العالم.
فمثلاً منظمة التجارة العالمية ، اصبحت تتعامل في مجال إدارة النظام التجاري الدولي ، ليس فقط مع السلع القابلة للتجارة الدولية بل أيضاً مع تجارة الخدمات ، وحقوق الملكية الفكرية والأدبية والعينية ، وقوانين وإجراءات الاستثمار المتعلقة بالتجارة الدولية ، واعطت مهلة لعمليات تحرير التجارة الدولية في تلك المجالات ، وبلا شك أن كل هذا يزيد من دور منظمة التجارة العالمية في تسيير النظام التجاري الدولي في النظام الاقتصادي العالمي الجديد.
وكذلك بالنسبة لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ، فمن خلال مايقومان به من برامج الاصلاح الاقتصادي والتكيف الهيكلي في بلدان كثيرة في العقد الخير من القرن العشرين ، فكل هذا يؤدي الى ازدياد دورها في تسيير دفة النظام النقدي الدولي والنظام المالي الدولي.
وقد ارتبط بتزايد دور المؤسسات الاقتصادية الدولية نشؤ مايسمى بالمشروطية أو الاشتراطية Conditionality بين صندوق النقد الدولي والبنك الدولي . وهو يعني الحصول على موارد مالية من إحدى المنظمتين أصبح يتوقف على تنفيذ شروط المنظمة الأخرى. ومن ثم فقد أصبح الحصول على قرض للإصلاحات الهيكلية من البنك الدولي مشروطاً بالوصول إلى اتفاق مساندة مع صندوق النقد الدولي وبالعكس.
وكذلك أصبح الاتفاق مع صندوق النقد الدولي من جانب حكومة أي دولة عضو شرطاً ضرورياً للحصول على موارد مالية من مؤسسات التمويل الدولية المختلفة وللموافقة على إعادة جدولة الديون الخارجية للدول المدينة مع مجموعة الدائنين في نادي باريس.
بمعنى أنه لايمكن الوصول الى اتفاق مساندة مع الصندوق إلا بعد اجراء تصحيحات هيكلية يتم الاتفاق عليها مع البنك الدولي.
خ. الملامح الهيكلية الجديدة للنظام الاقتصادي العالمي الجديد : لقد أصبح تقسيم الدول في النظام العالمي الجديد لايخضع للتقسيم القديم أو وجود دولة متقدمة ودول نامية فقط أو غنية وفقيرة فقط بل أصبحت الهيكلية الجديدة للنظام الاقتصادي العالمي الجديد تستوعب التقسيمات والتكوينات التالية:
 
1. مجموعة الدول الأعلى تطوراً وهي: الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا الغربية وشمال شرق آسيا ( اليابان ).
2. البلاد النامية والساعية على طريق النمو وتشمل البلاد حديثة التصنيع في شرق آسيا ، بالإضافة الى الصين وبعض دول أمريكا اللاتينية.
3. البلاد المتخلفة اقتصادياً وهي مايمكن أن يعبر عنها بالبلاد الأقل نمواً.
4. البلاد المتأخرة اقتصادياً ، وهي تنقسم الى قسمين:
ü     أقل البلاد نمواً.
ü     وفي أدنى القسم الذي نسميه اقل البلاد الأقل نمواً وهي الشريحة الدنيا من الفئة منخفضة الدخل وتشمل الأجزاء الأشد فقراً من البلدان النامية.
        يمكن لهذه الهيكلة الجديدة ان تبرز أنماطاً جديدة لتقسيم العمل الدولي من ناحية ومن ناحية اخرى يمكن الدول الساعية الىالنمو أن تصل في مرحلة من مصاف الدول الاعلى تطوراً في وقت ليس ببعيد ويمكن أن تلعب دوراً متصاعداً في تشكيل الاقتصاد العالمي الجديد وموازينه.
ثالثاً : التحولات في آليات النظام الاقتصادي العالمي الجديد
هناك العديد من الاتجاهات المستحدثة والتي تؤثرفي منظومة أداء النظام الاقتصادي العالمي الجديد ، وهي بحاجة الى تحليل ، ومن أجل معرفة تأثيرها على الاقتصاد العالمي في الوقت الحاضر وفي المستقبل.
وهذه الاتجاهات تمثل تحولات اقتصادية عميقة في النظام الاقتصادي العالمي الجديد والتي من الممكن تحليلها كما يلي:
أولاً : التغير في النظام النقدي الدولي : تمثل الاتجاهات المستحدثة التي تؤثر في منظومة النظام الاقتصادي العالمي تحولات اقتصادية عميقة في أركان هذا النظام ، ومن بين هذه الاتجاهات هو التحول في النظام النقدي الدولي ، حيث يلاحظ التحول في نظام سعر الصرف في معظم بلدان العالم ، فأصبحت أسعار الصرف العائمة بدلاً من أسعار الصرف الثابتة. لقد اصبح النظام السائد بعد أزمة الطاقة الاولى 1973 م هو نظام أسعار الصرف العائمة ، أي تعويم سعر الصرف. ولعل من المستحدثات التي ترتبت على العمل بنظام أسعار الصرف العائمة هي التقلبات الشديدة في أسعار صرف العملات الرئيسية ، وهو ما ادى الى زيادة عنصر عدم اليقين أو التأكد في العلاقات الاقتصادية الدولية التي تدعو الى إجراءاصلاح جذري للنظام النقدي الدولي.
من أهم عيوب نظام أسعار الصرف العائمة ، هو مرونته الكبيرة في مواجهة الاختلالات الاقتصادية الداخلية والصدمات الخارجية ، ويؤثر ذلك سلبياً على التجارة الدولية وتحركات رؤوس الموال ، حيث يتردد المصدرون والمستورودون والمستثمرون في تحمل مخاطر التغير في قيمة العملة.
ومن ناحية أخرى يؤخذ على نظام اسعار الصرف العائمة ، أنه كثيراً ما يؤدي الى الانحراف Misalignment في أسعار الصرف ويقص بالانحراف وجود اختلاف بين السعر السائد في السوق وبين سعر التوازن ، والأخير يعني بالنسبة لبلد العجز بأنه ذلك السعر الذي يحقق التساوي بين العجز في ميزان المدفوعات الجارية والفائض في صافي التحويلات الرأسمالية العادية والعكس في حالة الفائض.
أن تلك العيوب تدعو على البحث في كيفية اصلاح نظام اسعار الصرف العائمة بحيث تتمتع أسواق الصرف الأجنبي بدرجة أكبر من الاستقرار.
ومن جانب آخر ، فأن هذا النظام له الميزات التي تؤثر إيجابياً على أداء النظام الاقتصادي العالمي الجديد ، فهو يتميز بأنه:
ü     اكثر اتفاقاً مع تعاظم حركة التجارة العالمية وتحركات رؤوس الأموال الدولية .
 
ü     يعفي السلطات في أية دولة من اخضاع سياستها الاقتصادية الداخلية لاعتبارات التوازن الخارجي.
 
ü      يحمي الى حد ما الاقتصاد القومي من الموجات التضخمية أو الانكماشية. وتكمن الاصلاحات في النظام النقدي الدولي القائم على أسعار الصرف العائمة ، لكي تحقق الاستقرار في أسواق الصرف ويتم منع الانحرافات ، في ضرورة حدوث قدراً أكبر من التعاون النقدي وخاصة بين البلدان الصناعية الرئيسية.
لقد وافقت الدول الصناعية السبع الكبرى على أن يكون التنسيق في سياساتها وأدائها الاقتصادي في اجتماعاتها السنوية والتعاون مع صندوق النقد الدولي عن طريق مايسمى بالرقابة الجماعية للصندوق ، والتي هي بؤرة الاهتمام في الرقابة الجماعية على الآثار الدولية للسياسات النقدية والمالية والتجارية ومدى الانسجام بين أهداف كل منها وأهداف الخرى ويباشرصندوق النقد الدولي هذه المهمة عن طريق تقريره النصف السنوي بعنوان World Economic out look على أساس رصد عدد من المؤشرات في البلاد الصناعية السبع الكبرى. وهذه المؤشرات هي :
- معدلات النمو ونسبة التضخم .
- أسعار الفائدة ونسبة البطالة .
- نسبة العجز في الموازنة إلى الناتج المحلي الاجمالي .
- الميزان التجاري وميزان المعاملات التجارية .
- معدلات النمو في الائتمان والاصدار النقدي .
- حجم الاحتياطات الدولية من النقد الأجنبي وأسعار الصرف.
أن مجموعة الأربعة والعشرين التي تمثل البلاد النامية في صندوق النقد الدولي ، والبنك الدولي ، ترى أن هذا المستوى من التعاون لايرقى الى مستوى المشكلات التي تواجه الاقتصاد العالمي. لذا فهي ترى وبعض الدول الصناعية الصغيرة أن التنسيق عن طريق اللقاءات الدورية والرقابة الجماعية لابد من استكماله بالاتفاق على مايسمى " النطاق المستهدف " Target zone لاسعار الصرف بين العملات الاجنبية.
وتنطوي فكرة النطاق المستهدف على تحديد سعر كل عملة بالنسبة للأخرى عند المستوى الذي يتفق مع الأساسيات الاقتصادية في بلاد النطاق على أن يتم السماح بتقلبات هذا السعر في حدود يتم الاتفاق عليها.           ولايتغير النطاق المستهدف إلا إذا حدث تغيير في الأساسيات الاقتصادية مما يستوجب اعادة تصنيف Re -  alignment العلاقات نحو قيمة مركزية جديدة. ويقترح أن يشكل النظام المستهدف من البلاد الصناعية السبع الكبرى أو على الأقل من الثلاثة الكبار ، الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وجمهورية المانيا الاتحادية.
  إلا أن هذا الاقتراح لايلقي قبول البلاد الصناعية الكبرىلأنه ينطوي على قدر من الالتزام والانضباط من جانب تلك البلاد ، وهي غير مستعدة لذلك في الوقت الحاضر سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية.
تشير الكثير من الدراسات والبحوث العالمية الى تراجع أهمية الدولار الأمريكي في اطار النظام النقدي العالمي . وهذه التوقعات تستند على الاعتبارات التالية :
الاعتبار الأول : تزايد الأهمية النسبية لكل من الاقتصاد الياباني واقتصاد الاتحاد الأوروبي في النظام العالمي الجديد، مما يؤدي الى تعاظم الدور النسبي للين الياباني وعملة اليورو  في المعاملات الدولية.
الاعتبار الثاني : العملة الأوروبية الموحدة ، الوحدة النقدية الحقيقية والتي اصبحت وسيلة للمدفوعات ومخزناً للقيمة.
الاعتبار الثالث : ظهور تكتلات اقتصادية أخرى غير أوروبا ، يؤدي بالبعض إلى توقع ظهور ثلاث كتل نقدية ، ففي أوروبا ظهر اليورو ، والثانية في امريكا الشمالي وتكون عملتها الدولار والأخيرة في حوض المحيط الهادى وتكون عملتها الين ، وبذلك يتحول النظام النقدي العالمي من نظام احادي الى نظام ثلاثي.
أن كل هذا يشير الى أن هناك اصلاحات اقتصادية مطلوبة في آلية عمل النظام النقدي العالمي من أجل جعله أكثر كفاءة في تحقيق الأهداف المطلوبة والمرجوة منه .
ثانياً : التحول في النظام المالي الدولي : أن من التحولات الهامة في النظام المالي الدولي والتي أثرت بوضوح على آلية عمل النظام الاقتصادي العالمي هو ذلك التغير الذي حدث في نمط التمويل الدولي وخاصة بعد تفجر أزمة المديونية الخارجية بإعلان المكسيك توقفها عن الدفع في صيف 1982 م فبعد هذا التاريخ بدأت تزداد الأهمية النسبية للاستثمار الاجنبي المباشر وغير المباشر في مصادر التمويل الدولي وخاصة للبلدان النامية ، وذلك ليتقدم ويحل محل المساعدات الانمائية والقروض التجارية ، وبالتالي يصبح الاستثمار الأجنبي المباشر هو البديل عن الديون الخارجية بأثارها في مجال التمويل الخارجي لعملية التنمية في تلك البلدان ، ولعل الدليل على ذلك ، ان الاستثمارات الاجنبية المباشرة في اطار التحول الى اقتصاديات المشاركة الدولية قد أصبحت تمثل المصدر الرئيسي لرؤوس الأموال الأجنبية للغالبية العظمى من الدول النامية مع نهاية القرن الماضي.
ويرجع التحول الى تحبيذ الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة في التمويل الدولي إلى النمو الضخم في حركة رؤوس الأموال بحيث فاقت بمعدلاتها معدل نمو حركة التجارة الدولية ، ومن ناحية أخرى تفاقم أزمة المديونية الخارجية تركت بصماتها على النظام المالي الدولي وكان أول أثر مباشر لتلك الأزمة هو الانكماش الفجائي الكبير في حجم القروض التجارية نظراً للتراجع الكبير الذي حدث من البنوك التجارية المقرضة عن الاقراض الدولي لأن الأزمة المتفجرة جعلها تترنح ، وتوشك أن تصل الى حافة الانهيار ولولا التدخل السريع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
ومن ناحية أخرى يلاحظ أن المساعدات والقروض الانمائية الرسمية ، لم تسلم من تأثير أزمة المديونية الخارجية ، حيث أصبحت تخضع للاستراتيجية الدولية أو المشروطية الجديدة  التي تحدثنا عنها سابقاً.
وهذا التحول أدى الى تعاظم أهمية الاستثمارات الاجنبية المباشرة ، والتي تعتبر مصدر من مصادر التمويل الدولي للبلاد النامية ، أما القروض التجارية لم  تعد متاحة باليسر او النطاق الذي كانت عليه قبل ذلك ، وكذلك المساعدات والقروض الانمائية الرسمية ، فقد اصبحت هي الاخرى تخضع للمشروطية الدولية ، مما أدى إلى تفضيل الاستثمارات الاجنبية المباشرة ، كمصدر من مصادر التمويل الدولي.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
جدول رقم (1) تدفق الاستثمار المباشر في الفترة 1987 – 1998م (%)
 
مناطق العالم
المتوسط السنوي
1987-1992م
المتوسط السنوي
1993-1996م
 
1997م
 
1998م
الدول الصناعية
79,5
62,4
61,3
73,5
الدول النامية
(منها الدول الأشد فقراً)
20,5
0,6
37,6
0,5
38,7
0,6
26,5
0,5
أفريقيا
1,7
1,7
1,7
1,3
أمريكا اللاتينية والكاريبي
7,2
11,6
15,3
11,4
آسيا
11,4
24,0
21,4
13,6
وسط وشرق أوروبا
1,1
3,7
4,4
2,8
الإجمالي
100
100
100
100
المصدر:World Investment Report 1999 : Foreign Direct Investment and the Challenge of Development, New York – Geneva 1999, Annex table B. 1         
ونرى من الجدول رقم (1) حركة الاستثمار المباشر على المستوى العالمي في الفترة من 1987 إلى 1992 م فقد بلغت حوالي 35,3 مليار دولار إلى الدول النامية ، وبلغت سنة 1998م نحو 165,9 مليار دولار اي تضاعفت أربع مرات. ونلاحظ  أنها أعلى من معدل حركة الاستثمارات المباشرة إلى الدول الصناعية الكبرى فقد كانت حوالي 136,6 مليار دولار سنة 1987 م  ارتفعت إلى 460 مليار سنة 1992 م أي حوالي 3,3 مرة فقط . وبهذا فقد أنخفض تدفق الاستثمار المباشر إلى الدول الصناعية في إجمالي الاستثمارات المباشرة من 79,5% ( متوسط سنوي 1987-1992 ) إلى حوالي 73,5% سنة 1998 م . ومن جانب آخر نجد أن نصيب الدول النامية أو الصناعية الجديدة في نفس الفترة قد ارتفع من 20,5% إلى 26,5% وكان من الممكن أن يكون المعدل اكثر من ذلك لولا حصول الأزمة المالية في جنوب شرق آسيا سنة 1997م . فقد انخفض نصيب هذه الدول من الاستثمار المباشر إلى 37,6% ( 1993- 1996) بعد أن كانت حوالي 38,7% سنة 1997م .
أما تدفق الاستثمار المباشر بين مختلف الدول النامية فكان من نصيب دول جنوب شرق آسيا في المقدمة ويليها في ذلك دول أمريكا اللاتينية ثم الدول النامية والشرق الأوسط وإفريقيا.
جدول رقم (2)
التوزيع النسبي للناتج المحلي الاجمالي والاستثمار المباشر سنة 1997م والعلاقة بينهما
المصدر: World Development Report 1998: Washington D. c. 1998
مناطق العالم
نصيبها من الناتج المحلي الاجمالي في العالم
نصيبها من الاستثمار الاجنبي المباشر في العالم
 
العلاقة بينهما
الدول منخفضة الدخل
 
2,4
 
0,6
 
0,25
الدول متوسطة الدخل
 
20,5
 
38,7
 
1,89
جنوب شرق آسيا
 
7,4
 
19,7
 
2,66
أوروبا وآسيا الوسطى
 
3,8
 
0,9
 
0,24
أمريكا اللاتينية والكاريبي
 
6,4
 
15,7
 
2,45
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا   
 
1,9
 
1,7
 
0,89
أفريقيا جنوب الصحراء
 
1,0
 
0,7
 
0,70
الدول مرتفعة الدخل
 
79,5
 
61.3
 
0,77
الإجمالي
100
100
 
يوضح الجدول رقم (2) معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي 1996 – 1997م والعلاقة بين تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر والناتج المحلي الإجمالي سنة 1997 م ويتضح انخفاض هذا المعدل في الدول النامية في إفريقيا والشرق الأوسط لضعف تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى هذه المنطقة وانخفاض مستويات الدخل . ونرى أن هذه النسبة مرتفعة في دول شرق آسيا ودول أمريكا اللاتينية.
لقد اصبحت الاستثمارات الاجنبية مصدراً من مصادر التمويل الدولي نظراً لبعض المزايا التي تتوفر في هذا المصدر من مصادر التمويل الأخرى، حيث أن تلك الاستثمارات الأجنبية غير منشئة للمديونية ولاتتولد عنها التزامات تعاقدية مثل التي تنشأ عن القروض ، والالتزام بتحويل الأرباح إلى الخارج يختلف في طبيعته القانونية عن الالتزام الخاص بخدمة الديون، بالإضافة إلى ذلك فإن الاستثمارات الأجنبية ، غير خاضعة للمشروطية التي ترتبط بالمساعدات الرسمية. أن لهذه العوامل وغيرها اصبح هناك تنافس شديد وخاصة من الدول النامية على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة , وهي أصبحت الشكل والنمط السائد للتنمية.
من الضروري ، أن نشير إلى أن تدفق المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، يتوقف على مناخ الاستثمار بمكوناته ومحدداته والقدرة التنافسية للدولة المضيفة بالمقارنة بالدول الخرى والطاقة الاستيعابية للاقتصاد القومي والعائد على الاستثمار بامخاطر التجارية وغير التجارية ، وبالإضافة إلى المحددات الخاصة بالصحة الاقتصادية وإثبات القدرة على النمو ، بالإضافة الى الحوافز الضريبية ، والتي هي احدى العوامل المؤدية الى جذب الاستثمار الأجنبي المباشر ، ولكن ليست العامل الحاسم .  وكل هذه المحددات تعمل في منظومة واحدة على جذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
أن جذب الاستثمارات الأجنبية من قبل البلدان النامية ، يتطلب المزيد من العمل في هذا الاتجاه وضرورة تحسين مناخ الاستثمار وجعله أكثر ايجابية وفي ظل منظومة متكاملة من العوامل.
جدول رقم ( 3 ) : تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة في الفترة 1998 – 2001 م (بليون دولار)
Table 1A . FDI inflows, by region, 1998-2001                                      
2001
2000
1999
1998
Region
760
1 271
1 075
693
World
510
1 005
830
483
Developed countries
225
240
222
188
Developing countries
11
8
9
8
Africa
80
86
110
83
Latin America and the Caribbean
125
144
100
96
Asia and the Pacific
120
137
96
86
South, East and South-East Asia
25
25
23
21
Central and Eastern Europe
27
27
25
22
Including the countries in the former Yogoslavia
 
Source: UNKTAD, FDI / TNC database
ثالثاً : التحول في نظام التجارة الدولي : بإنشاء منظمة التجارة العالمية في يناير 1995 م اكتملت تركيبة مؤسسات النظام الاقتصادي العالمي والتي تعمل على إدارة هذا النظام من خلال تطبيق مجموعة من السياسات الاقتصادية لمعظم دول العالم.
ان التحول من سياسة حماية التجارة الدولية إلى سياسة حرية التجارة الدولية ، والذي يعني التحول من القيود الجمركية وغير الجمركية إلى نظام التجارة الحرة. لقد وجدت بعض دول العالم أن تنشيط وزيادة التجارة الدولية فيما بينها ياتي من خلال تخفيف القيود على التجارة الدولية وتحريرها ، ومن ثم ظهرت فكرة انشاء الجات في العاصمة الكوبية هافانا سنة 1947 التي عقد في إطارها ثماني جولات من المفاوضات من أجل التحول إلى نظام الحرية التجارية في المعاملات الدولية. لقد كان آخر هذه الجولات هي جولة أوروجواي التي تم التوقيع عليها في مراكش سنة 1994 م ، لتعلن عن قيام منظمة التجارة العالمية WTO في يناير 1995 .
ويقوم التحول في النظام التجاري الدولي وخاصة بعد جولة أوروجواي وإنشاء منظمة التجارة العالمية في يناير 1995م ، على الاسس والتغيرات والتحولات التالية:
 
ü     التخفيض التدريجي للرسوم الجمركية وتخفيض الحواجز والقيود التعريفية : ويكفي هنا أن نشير الى أن متوسط التعريفات الجمركية في الدول الصناعية المتقدمة في السلع الصناعية   وصل الى أقل من 10% بعد جولة طوكيو ، ومع بداية جولة أوروجواي ، بعد أن كان هذا المتوسط حوالي 40% عام 1947م ، ومعنى ذلك أن الرسوم الجمركية لم تعد قيداَ يعتد به في العلاقات التجارية فيما بين الدول الصناعية.
إن السياسة التجارية الدولية تستخدم بطريقة تختلف عن الفترات الماضية ، بل الأكثر من هذا أنه أصبح استخدام الرسوم الجمركية المرتفعة يتم على أساس أنها أداة تعريفية لمواجهة سياسة الاغراق، حيث أن اتفاقية الجات والتي جاء فيها، أنه إذا اعتقدت إحدى الدول أن هناك اغراقاً لاسواقها فإن لها الحق أن ترد على ذلك بفرض رسوم اضافية ضد الاغراق ، وهذا يتم بعد الرجوع الى منظمة التجارة العالمية والتحقق من ذلك من خلال اجهزة تلك المنظمة المختصة في ذلك. ويتم تطبيق نفس الوضع إذا اعتقدت إحدى الدول أن هناك دعماً غير مشروع لاحدى السلع من إحدى الدول ، فإن الأولى لها الحق أن تفرض رسوماً مضادة للدعم،  وبعد أن يتم عرض الموضوع على جهاز المنازعات في منظمة التجارة العالمية.
ü     إزالة القيود الكمية المباشرة : وهنا تصبح الرسوم الجمركية أي القيود التعريفية فقط هي الأداة المتاحة للسياسة التجارية ، وأما القيود الكمية المباشرة فالكل يسعى إلى إزالتها خلال المرحلة القادمة.
ويلاحظ في هذا المجال أنه حتى مايسمى " بالحمائية الجديدة " أو الإجراءات الرمادية ، فقد تم الاتفاق في جولة أوروجواي ومع قيام منظمة التجارة العالمية ، على عدم استخدامها بعد مهلة محدودة وهذه الإجراءات هي نوع جديد من القيود على التجارة الدولية ، وهي ثلاثة أنواع :
النوع الأول :هو التقييد الاختياري للصادرات ، وطبق هذا النوع بصفة خاصة على صادرات اليابان من السيارات وأجهزة الراديو والتلفزيون وغيرها ، وسارت على نفس الطريقة بعض دول الاتحاد الأوروبي وبلاد شرق آسيا.
النوع الثاني : التوسع الاختياري في الواردات ، بمعنى دولة مثل اليابان تتوسع في الواردات من الولايات المتحدة الأمريكية من سلع معينة.
النوع الثالث : ويتمثل فيما يسمى ترتيبات التسويق المنظم ، وقد طبقت هذه الطريقة على صادرات اليابان وبلاد شرق آسيا من السلع التي لاتخضع للتقييد الأختياري.
تعتبر الاجراءات الرمادية قيوداً على التجارة الدولية ، وتسمى كذلك لأنها لاتتعارض صراحة مع أحكام الجات ، وفي الوقت نفسه لاتتفق معها ، فلا هي بالصحيحة ولاهي بالباطلة وإنما تقع بين الاثنين. وقد انتهت جولة أوروجواي إلى ضرورة انهاء الإجراءات الرمادية أو الحمائية في غضون مهلة محددة.
ü     أن أهم مايميز التحول في النظام التجاري الدولي ، أنه وبعد عام 1994 م وبداية عام1995 م بإنشاء منظمة التجارة العالمية قد شمل تحرير التجارة الدولية ليس فقط في مجال السلع والبضائع الصناعية ، بل شمل أيضاً السلع الزراعية والسلع الصناعية الأخرى مثل المنسوجات والملابس ، وبالإضافة الى تجارة الخدمات ، ويطبق تحرير تجارة الخدمات مبدأ التحرير التدريجي وهي تشمل فطاعات كثيرة مثل الخدمات المصرفية والتأمين والسياحة وسوق المال وغيرها.
وبالإضافة الى تحرير تجارة الخدمات ، فقد شمل التحول في النظام التجاري الدولي التحرير والتنظيم والحماية للملكية الأدبية والفنية والصناعية ، وكذلك تحرير قوانين الاستثمار من القيود ذات الأثر على التجارةالدولية.
أن هذا التحول الكبير يؤكد تحول النظام التجاري الدولي إلى نظام الحرية التجارية والذي من المتوقع أن يحدث تغيراً كبيراً وزيادة هائلة في التجارة الدولية والنشاط الاقتصادي العالمي.
ü     عدم التمييز بين الدول المختلفة في المعاملات التجارية اعمالا بمبدأ الدول الأولى بالرعاية Most  Favored Nation (MFN) ، والذي يعني أن أية ميزة تجارية تمنحها دولة لأخرى لابد أن تنسحب تلقائياً إلى كل الدول المتاجرة و دون مطالبة بذلك. ويضاف إلى ذلك مبدا تحديد قواعد السلوك في المعاملات لتحريم كل أنواع السلوك الجائر Predatory Conduct ، ووضع قواعد السلوك للرد على مايعتبر سلوكاً جائراً ، فإذا اعتقدت إحدى الدول أن هناك إغراقاً لسوقها فأن لها الحق أن ترد طبقاً للتحول في النظام التجاري الدولي ، ويكون هذا الرد ممثلاً في فرض رسوم إضافية ضد الاغراق Anti – Dumping Duties وكذلك إذا اعتقدت أن هناك دعماً غير مشروع فإن لها الحق أن تفرض رسوماً مضادة للدعم Countervailing .
 
رابعاً : التحول في استراتيجية التنمية : والذي يعني تحول معظم دول العالم إلى تبني استراتيجية الانتاج من أجل التصدير ، والتحول من استراتيجية للتنمية ذات توجه داخلي إلى استراتيجية للتنمية ذات توجه تصديري خارجي .
وقد حصل هذا التحول وبشكل خاص في عدد كبير من الدول النامية ، نتيجةلأن البلدان النامية استطاعت أن تحقق معدلات نمو عالية هي البلاد التي انتهجت استراتيجية للتنمية ذات توجه تصديري . وخير مثال على ذلك ، فقد أثبتت بلاد شرق آسيا ومعها عدد متزايد من البلاد النامية الأخرى  مثل البرازيل والمكسيك وشيلي وغيرها أن السوق الدولية تتسع لكل من توافرت لديه الإرادة لاختراقها والمهم أن تكتمل مقومات استراتيجية التوجه التصديري والتي تعمل على تشجيع التوسع في الصادرات من المنتجات التي تتمتع الدول محل البحث فيها بميزة نسبية أو ميزة تنافسية في الأسواق الدولية.
أن التحول نحو استراتيجية الانتاج من أجل التصدير له من الأسباب المنطقية والمرتبطة بالتحولات العالمية الأخرى ، ولعل أهم هذه الأسباب هي :
أ. يبدو أن التحول نحو استراتيجية الانتاج من أجل التصدير يتوافق بدرجة كبيرة مع التحول الذي يحدث في النظام التجاري الدولي نحو مزيد من تحرير التجارة العالمية.
ب. أن هناك حدوداً لاستراتيجية الاحلال محل الواردات ، وهذه المشكلة بدأت عند محاولة انتقال الدول التي كانت تتبعها إلى مرحلة أعلى من التصنيع تتجاوز السلع ذات الاستهلاك الشعبي الواسع .
ت. تقوم استراتيجية الانتاج من أجل التصدير على التوسع في الصادرات للمنتجات المختلفة سواء كانت كثيفة العمل أو كثيفة رأس المال ، صناعية أو زراعية ، التي يكون للاقتصاد القومي فيها ميزة نسبية أو ميزة تنافسية سواء مكتسبة حالياً أو يمكن اكتسابها مستقبلاً.
ث. وجود علاقة ارتباط قوية بين استراتيجية الإنتاج من أجل التصدير والنمو الاقتصادي ، حيث أن التوسع في الصادرات يؤدي إلى زيادة النمو الاقتصادي عن طريق الزيادة في معدل التكوين الرأسمالي من جهة وزيادة النمو والأداء في انتاجية عناصر الانتاج من جهة أخرى.
ج. أثبتت الدراسات التي اجريت على البلدان النامية ، أن هناك علاقة سببية محددة بين نمو الصادرات وتنمية القطاعات السلعية وخاصة الصناعات التحويلية.
ح. أن استراتيجية الانتاج من اجل التصدير التي تقوم على تشجيع الصادرات تؤدي الى كفاءة تخصيص الموارد طبقاً للمزايا النسبية وتسمح بالاستفادة من مزايا الانتاج الكبير ووفورات الحجم وادخال التطوير التكنولوجي لمواجهة المنافسة الخارجية.
خ. أن غلبة الاهتمام بالاحلال محل الواردات له مزايا لدرجة محدودة بعدها تتوقف تلك المزايا وتنقلب صناعاته إلى عبء على الاقتصاد القومي وتصبح عائقائص أمام التطور الاقتصادي والتطوير التكنولوجي.
د. استراتيجية الإنتاج من أجل التصدير أنها تخلق منتجات وصناعات تقوم على التطوير والمنافسة داخلياً وخارجياً.
ذ. أظهرت العديد من الدراسات في الدول النامية أن اتباع استراتيجية الانتاج من أجل التصدير تتيح فرص عمل أكثر بالمقارنة باستراتيجية الإحلال محل الواردات وبالتالي تساهم في حل مشكلة البطالة عن طريق استيعاب المزيد من العمالة.
ر. تتيح استراتيجية الانتاج من أجل التصدير امكانية توسيع وتنويع قادذعدة الانتاج ، وبصفة خاصة انتقال الاقتصاد القومي من اقتصاد يعتمد في صادراته على سلعة أولية واحدة مثل النفط إلى اقتصاد متنوع في صادراته.
أي أن نجاح تطبيق استراتيجية الانتاج من أجل التصدير يؤدي في المدى الطويل إلى خلق قاعدة تصديرية تساهم في نمو الاقتصاد وتنويع مصادر دخله . أن التحول إلى أنماط جديدة لتقسيم العمل الدولي يتيح فرصاً أوسع للصادرات من الدول النامية ، وهذا يتفق مع الاتجاه العام لتقسيم العمل الدولي على الصعيد العالمي الذي يتيح التخصص داخل الصناعة الواحدة أو السلعة ، مما يعطي المجال لأكثر من بلد واحد في نفس الصناعة أو السلعة وبالتالي فرصاً أكثر للتصدير.      
   لهذه الأسباب وغيرها كان التحول في استراتيجية التنمية من استراتيجية الاحلال محل الواردات إلى استراتيجية الانتاج من أجل التصدير هو أحد التحولات الهامة في آليات الاقتصاد العالمي الجديد.
شهدت الساحة الدولية خلال 2003 العديد من التطورات والأحداث التى كان لها تأثير بالغ على أداء
الاقتصاد العالمى، كان على رأسها اندلاع الحرب على العراق (مارس 2003)، وانتشار مرض الالتهاب
الرئوى الحاد سارس و الذى كان له تأثير سلبى واضح على العديد من الدول الآسيوية، ثم فشل الاجتماع
الوزارى الخامس لوزراء الدول أعضاء منظمة التجارة العالمية (مدينة كانكون المكسيكية - سبتمبر 2003)،
و تعرض البنوك الألمانية لأزمة عنيفة نتيجة المشاكل المتعلقة برؤوس الأموال والديون المعدومة. هذه
التطورات تركت بصمتها على الاقتصاد العالمى، بدرجات متفاوته، وهو ما يمكن تلمسه من خلال مجموعة من
المؤشرات الخاصة بأداء الاقتصاد العالمى خلال العام على النحو التالى:

أولا ـ النمو الاقتصادى


ارتفع معدل نمو الاقتصاد العالمى خلال عام 2003 ليصل إلى 3.9 % مقابل 3 % خلال العام 2002، و قد
ساهمت الدول المتقدمة (و هى 29 دولة تمثل فى مجموعها حوالى 15.4 % من إجمالى سكان العالم)
بحوالى 55.5 % من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى للعالم و ساهمت الدول الصناعية السبع بحوالى 43.9
% من الناتج المحلى الإجمالى للعالم، بينما ساهمت الدول النامية (و هى 146 دولة تمثل فى مجموعها
حوالى 84.6 % من إجمالى سكان العالم) بحوالى 44.5 % من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى للعالم.


و قد ارتفع معدل النمو الاقتصادى فى الدول المتقدمة ليصل إلى 2.1 % عام 2003 مقابل 1.7% عام
2002، وشهد الاقتصاد الأمريكى (و الذى ساهم بـ 21.1% من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى للعالم خلال
عام 2003) تحسناً في معدل النمو حيث بلغ 3.1 % مقارنة بـ 2.2 % عام 2002 و 0.5 % عام 2001
و يرجع هذا التحسن في معدل النمو إلى مجموعة من الأسباب أهمها : زيادة الإنفاق العسكرى، و التخفيضات
و الإعفاءات الضريبية و التى ساهمت في تنشيط الطلب المحلى، إلى جانب السياسة النقدية التوسعية التى
تبنتها الولايات المتحدة خلال العامين الماضيين .استمر تراجع معدل نمو اقتصاد منطقة اليورو (و هى 12
دولة ساهمت بـ 15.9 % من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى للعالم خلال عام 2003) حيث تراجع معدل
النمو ليصل إلى 0.4 % مقابل 0.9 % عام 2002 و 1.6 % عام 2001 .
ويأتى هذا التراجع فى معدل النمو خلال عام 2003 نتيجة تراجع معدلات نمو جميع دول المنطقة باستثناء
أسبانيا وبلجيكا واليونان ( Source: IMF, World Economic Outlook , April 2004 , P.187-188) .
وتشير عملية تطور معدلات النمو الاقتصادى إلى أن اقتصاد كل من ألمانيا و فرنسا و إيطاليا عانت من
استمرار التراجع الذى بدأ عام 2001 ليسجل الاقتصاد الألمانى معدل نمو سالب قدره 0.1 % عام 2003
مقابل 0.2 % عـام 2002، و تراجـع معدل نمو الاقتصـاد الفرنسـى تراجـعا ملحوظا ليسجل 0.2% عام
2003 مقابل 1.2 % عام 2002، بينما تراجع معدل نمو الاقتصاد الإيطالى تراجعاً محدوداً ليسجل 0.3 %
عام 2003 مقابل 0.4 % عام 2002 .


وتشير بيانات صندوق النقد الدولى كذلك إلى أن اقتصاد اليابان قد ساهم بحوالى 7 % من إجمالى الناتج
المحلى الإجمالى للعالم خلال عام 2003، حيث شهد الاقتصاد اليابانى تحسناً ملحوظاً إذ ارتفع معدل النمو إلى
2.7 % مقابل معدل نمو سالب قدره 0.3 % عام 2002 .


وفى كندا التى ساهمت بحوالى 1.9 % من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى للعالم خلال عام 2003، فقد
تراجع معدل النمو الاقتصادى ليصل إلى 1.7 % مقابل 3.3 % عام 2002 . و ساهمت المملكة المتحدة
بحوالى 3.2 % من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى للعالم خلال عام 2003، و ارتفع معدل النمو الاقتصادى
ليبلغ 2.3 % مقابل 1.7 % عام 2002 .


وبالنسبة للدول الآسيوية حديثة التصنيع (و تضم هونج كونج و كوريا و سنغافورة و تايوان) و التى ساهمت
بحوالى 3.3 % من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى للعالم خلال عام 2003، فقد تراجع معدل النمو
الاقتصادى لها ليصل إلى 3 % مقابل 5.1 % عام 2002 متأثراً بالآثار السلبية لانتشار مرض الالتهاب
الرئوى الحاد سارس.


وحققت الدول النامية تحسناً فى معدل النمو الاقتصادى خلال عام 2003 ليصل إلى6.1% مقابل 4.6 %
عام 2002، و يرجع هذا التطور إلى التحسن الملحوظ فى اقتصاديات كل من آسيا و كومنولث الدول المستقلة
و الشرق الأوسط و أمريكا اللاتينية والكاريبى .


و قد ساهمت أفريقيا (48 دولة) دولة بحوالى 3.2 % من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى للعالم خلال عام
2003 و ارتفع معدل النمو ليصل إلى 4.1 % مقابل 3.5 % عام 2002، بينما ساهمت آسيا (23 دولة)
بحوالى 23.8 % من إجمالى الناتج المحلى الإجمالى للعالم خلال عام 2003 و ارتفع معدل النمو ليصل إلى
7.8 % مقابل 6.4 % عام 2002 .
وبالنسبة لاقتصاديات وسط و شرق أوروبا (15 دولة) والتى ساهمت بحوالى 3.3 % من إجمالى الناتج
المحلى الإجمالى للعالم خلال عام 2003، فقد ارتفع معدل النمو بدرجة طفيفة ليسجل 4.5 % مقابل 4.4 %
عام 2002 . بينما ارتفع معدل النمو الاقتصادى لكومنولث الدول المستقلة (13 دولة) بدرجة ملحوظة ليسجل
7.6 % عام 2003 مقابل 5.1 % عام 2002، وساهم كومنولث الدول المستقلة بحوالى 3.7 % من
إجمالى الناتج المحلى الإجمالى للعالم خلال عام 2003.


وبالنسبة لاقتصاديات الشرق الأوسط (14 دولة) فشاركت بحوالى 2.8 % من إجمالى الناتج المحلىالإجمالى
للعالم خلال 2003، و بالرغم من التوترات التى تشهدها المنطقة و الخاصة بالحرب على العراق من جانب و
القضية الفلسطينية من جانب آخر، إلا أن بيانات صندوق النقد الدولى تشير إلى ارتفاع معدل النمو الاقتصادى
لمنطقة الشرق الأوسط لتصل إلى 5.4 % مقابل 4.2 % عام 2002 .


و بلغ معدل النمو الاقتصادى لأمريكا اللاتينية و الكاريبى (33 دولة) حوالى 1.7 % عام 2003 مقابل معدل
نمو سالب مقداره 0.1 % عام 2002، وساهمت منطقة أمريكا اللاتينية و الكاريبى بحوالى 7.6 % من
إجمالى الناتج المحلى الإجمالى للعالم خلال عام 2003 .

ثانيا ـ معدلات التضخم


تشير بيانات صندوق النقد الدولى إلى ارتفاع معدلات التضخم في العالم خلال عام 2003 بدرجة محدودة، ففى
الدول المتقدمة ارتفعت معدلات التضخم وفقاً لأسعار المستهلكين لتصل إلى1.8% مقابل1.5 % عام 2002،
فى حين تحركت معدلات التضخم فى الدول النامية بدرجة طفيفة لتصل إلى 6.1 % مقابل 6% عام 2002 .


و في الولايات المتحدة ارتفع معدل التضخم ليصل إلى 2.3 % عام 2003 مقابل 1.6 % عام 2002، و في
منطقة اليورو انخفض معدل التضخم بدرجة محدودة ليصل إلى 2.1 % مقارنة بـ 2.3 % عام 2002 مما
يعكس الضغوط الانكماشية السائدة فى اقتصاد منطقة اليورو .


و ارتفع معدل التضخم خلال عام 2003 فى كل من كندا و المملكة المتحدة بدرجة محدودة ليسجل معدل
التضخم فى كندا 2.7 % مقابل 2.3 % عام 2002، وفى المملكة المتحدة سجل 1.4 % مقابل 1.3 %
عام 2002.


و في اليابان استمر معدل التضخم محققاً معدلاً سالباً حيث سجل معدل التضخم معدلاً سالباً قدره 0.2 % خلال
عام 2003 مقابل معدل نمو سالب قدره 0.9 % عام 2002، و يوضح جدول رقم (2) تطور معدلات التضخم
في العالم وفقاً لأسعار المستهلكين خلال الأعوام 2000-2003 .


المصدر:
Source: IMF, World Economic Outlook , April 2004 ,p.198-199

ويتضح من الجدول السابق أن معدل التضخم قد انخفض بدرجة ملموسة فى كل من وسط وشرق أوروبا و
كومنولث الدول المستقلة خلال عام 2003، فسجل فى وسط و شرق أوروبا 9.2% مقابل14.8 % عام 2002 .
 و فى كومنولث الدول المستقلة 12.1 % مقابل 13.8 % . و ارتفع معدل التضخم فى كل من من افريقيا و
آسيا بدرجات محدودة خلال عام 2003 ليصل إلى 10.3 % مقابل 9.6 % عام 2002 لأفريقيا و2.7 %
مقابل 2 % لآسيا . بينما ارتفع معدل التضخم بدرجات ملحوظة فى كل من الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية و
الكاريبى خلال عام 2003، ليصل فى الشرق الأوســط إلى 8.6 % مقابل 7.5 %، وفى أمريكا اللاتينية و
الكاريبى ارتفــــع إلى 10.6 % مقابـــل 8.9 % عام 2002.


ثالثا ـ معدلات البطالة
ارتفعت معدلات البطالة فى الدول المتقدمة خلال عام 2003 لتصل إلى 6.6 % مقابـل 6.4 % عام 2002 .
و في داخل الدول المتقدمة ارتفع معدل البطالة فى الولايات المتحدة الامريكية إلى 6 % خلال عام 2003
مقابل 5.8 % عام 2002، بينما تراجع معدل البطالة بدرجة طفيفة خلال عام 2003 فى كل من كندا و
اليابان و المملكة المتحدة، فبلغ معدل البطالة فى كندا 7.6 % مقابل 7.7 % عام 2002 و فى اليابان بلغ
5.3 % مقابل 5.4 % عام 2002 و فى المملكة المتحدة بلغ 5 % مقابل 5.2 % . و بالنسبة للدول
الآسيوية حديثة التصنيع ارتفع معدل البطالة خلال عام 2003 ليصل إلى 4.3 % مقابــل 4.1 % عام 2002 .

المصدر :
Source: IMF, World Economic Outlook , April 2004 , P.191

وقد صاحب تباطؤ أداء اقتصاد منطقة اليورو، ارتفاع معدلات البطالة فيها حيث سجل معدل البطالة 8.8 %
خلال عام 2003 مقابل 8.4 عام 2002، و ارتفع معدل البطالة فى ألمانيا ليصل إلى 9.9 % مقابل 8.6 %
عام 2002 و يعد هذا المعدل مرتفعاً نسبيا مقارنة بمعدل البطالة فى ألمانيا خلال السنوات الأخيرة. و فى
فرنسا ارتفع معدل البطالة ليصل إلى 9.3 % مقابل 8.8 %، بينما انخفض معدل البطالة فى إيطاليا ليصل
إلى 8.7 % مقابل 9 % عام 2002.

رابعا ـ أسعار الصرف
تشير تطورات أسعار الصرف خلال عام 2003 إلى تراجع سعر صرف الدولار الأمريكى تجاه أغلب العملات
الرئيسية . فقد انخفض سعر صرف الدولار الأمريكى تجاه اليورو من 0.9536 يورو لكل دولار في نهاية عام
2002 إلى 0.7918 يورو لكل دولار في نهاية عام 2003، و انخفض سعر صرف الدولار الأمريكى تجاه
الجنيه الاسترلينى من 0.6204 جنيه استرلينى لكل دولار في نهاية عام 2002 إلى 0.5603 جنيه
استرلينى لكل دولار في نهاية عام 2003، كما انخفض سعر صرف الدولار الأمريكى تجاه الين اليابانى من
119.90 ين لكل دولار في نهاية عام 2002 إلى 107.10 ين لكل دولار في نهاية عام 2003، و كذلك
انخفض سعر صرف الدولار الأمريكى تجاه الدولار الكندى من 1.5796 دولار كندى لكل دولار أمريكى في
نهاية عام 2002 إلى 1.2924 دولار كندى لكل دولار أمريكى في نهاية عام 2003 . و كمحصلة لتلك
الاتجاهات، ارتفع سعر صرف وحدة حقوق السحب الخاصة تجاه الدولار الأمريكى من 0.7356 وحدة لكل
دولار أمريكى فى نهاية عام 2002 إلى 0.6730 وحدة لكل دولار أمريكى فى نهاية عام 2003.


 خامسا ـ التجارة الدولية
أظهرت نتائج عام 2003 تحسناً كبيراً فى حركة التجارة الدولية، فارتفع معدل نمو التجارة السلعية العالمية
إلى 17.2 % مقارنة بـ 4.4 % فقط عام 2002 لتصل قيمة التجارة السلعية العالمية إلى 7370 بليون
دولار أمريكى . و سجلت قيمة التجارة الخدمية العالمية 1858 بليون دولار أمريكى عام 2003 و ارتفع
معدل نمو التجارة الخدمية العالمية إلى 14.1 % مقارنة بـ 6 % عام 2002 . و كان محصلة ذلك أن ارتفع
معدل نمو التجارة السلعية و الخدمية العالمية خلال عام 2003 إلى 16.6 % مقارنة بـ 4.7 % عام 2002
لتصل قيمة التجارة السلعية والخدمية العالمية إلى9228بليون دولار أمريكى.


المصدر :
 
                                                    World  Economic outlook,April 2004, Sourse: IMF, P.216                        
وتشير بيانات صندوق النقد الدولى (World Economic Outlook) إلى أن الدول المتقدمة قد ساهمت
بحوالى 74.6 % من إجمالى الصادرات السلعية والخدمية العالمية وساهمت منطقة اليورو بـ33.3%
وساهمت الدول الآسيوية حديثة التصنيع بـ 9.3 % . أما الدول النامية فقد ساهمت بحوالى 25.4% من
إجمالى الصادرات السلعية و الخدمية العالمية، و فى داخل الدول النامية ساهمت آسيا بـ 10.1% وأمريكا
اللاتينية والكاريبي بـ 4.2% و وسط و شرق أوروبا بـ 3.5% و الشرق الأوسط بـ 3.3% و كومنولث
الدول المستقلة بـ 2.3% و أفريقيا بـ 2% .


و تأتى الولايات المتحدة الأمريكية فى مقدمة القوى التصديرية فى العالم خلال عام 2003 حيث ساهمت
بحوالى 11 % من إجمالى الصادرات السلعية والخدمية العالمية تليها ألمانيا التى ساهمت بـ 9.6 %، ثم
فرنسا واليابان التى ساهمت كل منهما بحوالى 5.7 %، ثم الصين بـ 5 %، ثم المملكة المتحدة بـ 4.7 %،
ثم إيطاليا بـ 4.1 %، و كندا بـ 3.6 % .


وبالنسبة للتجارة الدولية فى السلع، تشير بيانات صندوق النقد الدولى (International Financial
Statistics) إلى أن معدل نمو الصادرات السلعية للدول الصناعية (23 دولة) قد ارتفع خلال عام 2003
إلى 13.6 % مقارنة بـ 3 % عام 2002 لتصل قيمة الصادرات السلعية إلى 4529.4 بليون دولار أمريكى،
بينما ارتفع معدل نمو وارداتها السلعية إلى 14 % مقارنة بـ 2.6 % عام 2002 لتصل قيمةوارداتهاالسلعية
إلى 4861 بليون دولار أمريكى. و فى منطقة اليورو ارتفع معدل نمو الصادرات السلعية إلى 16.3%مقارنة
بـ 7.5 % عام 2002 لتصل قيمة الصادرات السلعية إلى 1170.57 بليون دولار أمريكى، بينما ارتفع معدل
نمو الواردات السلعية بدرجة كبيرة من 0.9 % عام 2002 إلى 20.7 % عام 2003 لتصل قيمة الواردات
السلعية إلى 1094.31 بليون دولار أمريكى .
أن معدل نمو الصادرات السلعية للدول النامية قد ارتفع إلى 19.1 % عام 2003 مقارنة بـ 7.7 % عام
2002 لتصل قيمة الصادرات السلعية إلى 2892.45 بليون دولار أمريكى، وارتفع معدل نمو الواردات
السلعية للدول النامية إلى 19.9 % مقارنة بـ 5.7 % عام 2002 لتصل قيمة الواردات السلعية إلى
2758.28 بليون دولار أمريكى.

 


 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الفصل الثاني
العولمة والنظام الإقتصادي العالمي الجديد
لقد شهدت الساحة العالمية تغيرات جذرية ، مؤدية إلى بزوغ نظام اقتصادي دولي جديد ، من أهم خصائصه التطور المطرد نحو العولمة ، لتكون ملامح الهندسة الجديدة لاقتصاد القرن الحادي والعشرين.
وفي مواكبة ظاهرة العولمة تطورت في العالم فكرة جديدة تدور حول الإقليمية أو بناء الأطر الإقليمية المندمجة الكفيلة بمواجهة المتطلبات المتزايدة لسوق واسعة في عملية التنمية الحقيقية. ولاشك في أن هذه الكيانات الإقليمية تدور في فلك العولمة وفي طريقها إلى الاندماج بعضها مع بعض ليصبح العالم عبارة عن قرية صغيرة ، والذي يعود بالسياسات الاقتصادية لطبيعتها الأصلية من حرية بجميع معانيها واتجاهاتها.
وأصبحت الدول النامية في بوتقة واحدة نتسعى معاً لتحقيق مطالبها ، حتى تستطيع أن تسبح وسط أمواج العولمة وتأخذ مكانة تستطيع أن تنطلق منها إلى التقدم والازدهار.
I. الاندماج الإقليمي والاندماج العالمي
إن النظام الجديد يقوم على مجموعة من السياسات ، وأهمها تحرير التجارة العالمية وزيادة تدفقات الاستثمار الأجنبي وعولمة الأسواق المالية ، وهذه السياسات لها انعكاساتها على اقتصاديات الدول النامية. يعتبرالاندماج هوالطريق الحقيقي والوحيد الذي يتيح للبلدان النامية ، اللحاق بالعولمة . ولكن مشكلة الدول النامية تكمن في غياب الوسائل والآليات التي تسمح لهم بهذا الاندماج والالحاق باتطور العالمي ، وذلك لأن العولمة تعني تفاقم ديناميكية المنافسة الدولية. يشير التقرير الاستراتيجي العربي لعام 1999 م ، الصادر عن مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام في القاهرة ، إلى أن هناك ثلاثة شروط أساسية لنجاح أي تحرير اقتصادي أو اندماج اقتصادي ، والتي هي:
-         الشفافية ،
-         المساءلة ،
-         والمقبولية الاجتماعية ، ومن دون هذه الشروط ، ليس من الممكن تطور الاقتصاد العالمي وبالشكل الطبيعي ، والذي يتيح للدول النامية فرصتها في التطور ومواكبة العولمة . والشفافية هي ، الإتاحة الكاملة والمتزامنة للمعلومات الاقتصادية للجميع والوضوح التام والمعلن لكل عقود الأعمال العامة والمعايير التي تطبق على الجميع .
أما المساءلة فتعني خضوع كل العمال والسياسات الاقتصادية العامة للمساءلة من قبل السلطة التشريعية والقضائية وحتى المواطنين، وذلك كآلية للقابة على السلطة التنفيذية لمنع انتشار وتفشي الفساد واستغلال النفوذ فيها.
والمقبولية الاجتماعية تعني وجود توافق اجتماعي في أوساط النخبة والجماهير على السواء كضمان للتفاعل الاجتماعي الإيجابي مع عملية التحرير الاقتصادي.
لقد تزايد عدد الدول النامية التي انخرطت في العولمة في السنوات القليلة الماضية ، وخاصة بعد تحول المعسكر الاشتراكي السابق إلى دول تعتمد على آليات السوق والاقتصاد الحر ، وقد نجحت الأغلبية من هذه الدول في تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي ، والذي وفر لها فرصة الاندماج في الاقتصاد العالمي.
تختلف درجة انخراط الدول النامية في العولمة من إقليم إلى آخر ومن دولة إلى أخرى ، وذلك بسبب اختلاف الخطوات التي اتخذتها تلك الدول في إطار عملية الاصلاح الاقتصادي وتحرير قطاعاتها التجارية والمالية.
ساهمت الدول النامية بشكل كبير وملحوظ في تسارع خطى العولمة ، فقد ارتفع معدل التجارة الخارجية إلى الناتج المحلي الإجمالي بمتوسط سنوي قدره 1,2% خلال الفترة 1985-1995م ، وفي نفس الوقت زاد نصيب الاستثمار الأجنبي المباشر في الدول النامية من إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر على مستوى العالم  إلى أكثر من 40% في الفترة من 1994-1998 م ، وكانت زيادة تدفقات رؤوس الأموال الخاصة إلى البلدان النامية ، راجعة جزئياً إلى التحسينات التي طرأت على سياسات وإمكانات هذه البلدان.
وقبل  أن نستعرض انخراط البلدان النامية في العولمة ، لابد أن نتطرق إلى بعض القضايا الهامة والمتعلقة بالدول النامية وظاهرة العولمة:
1.                           اصبحت العولمة ظاهرة واقعية في الاقتصاد العالمي والعلاقات الدولية، حيث أن القوى الدافعة لها تسير بديناميكية سريعة ، فنرى اليوم التقدم التكنولوجي العائل في وسائل الاتصالات والنقل والمعلومات ينمو بسرعة كبيرة ، وبالتالي فالانخراط في العولمة قد لايصبح أمراً اختيارياً في عصر المعلومات التكنولوجية.
2.                           صورة العولمة عبارة عن سيف ذو حدين ، حيث إن هناك بعض الدول التي تتضرر اقتصادياتها من جراء تزايد التكامل الاقتصادي العالمي وتحرير التجارة الخارجية في المدى القصير. وعلى سبيل المثال هناك تأثيرات سلبية على اقتصاديات الدول النامية التي تقوم بتحرير اقتصادياتها ، وخصوصاً في بداية هذا التحرير ،مثل زيادة التكلفة الاجتماعية والاقتصادية الناتجة عن زيادة البطالة في بعض القطاعات التي كانت مدعومة من قبل الدولة وتحميها من المنافسة الأجنبية.
3.                           العولمة تلغي التمييز القديم بخصوص بعض السياسات  التي كانت تقسم إلى سياسات اقتصادية وسياسات محلية. فنتيجة لزيادة أهمية ودور القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي المباشر في السنوات الأخيرة ، أصبحت الدول النامية تتنافس على اكتساب ثقة الأسواق المالية العالمية من اجل جذب الاستثمار الأجنبي المباشر ، والذي يتطلب اتباع وتبني سياسة اقتصادية تهدف إلى الاصلاح الاقتصادي ومراعاة آليات السوق.
إن حكومات البلدان النامية والتي ترغب في الانخراط بدرجة كبيرة في العولمة والتعامل معها والاستفادة من المزايا التي تحققها ، يجب أن تأخذ في الاعتبار الظروف والقيود الدولية عند وضع سياساتها الاقتصادية ، ومراعية المتغيرات والمعطيات الاقتصادية والمالية الدولية لتستطيع من خلالها المنافسة في الأسواق الدولية ، وخصوصاً أن العولمة تحوي في طياتها إمكانية انتقال عوامل الإنتاج.
4.                           لم تصل فوائد العولمة إلى جميع الدول ، ولكن زيادة درجة انخراط الدول في الاقتصاد العالمي تؤدي إلى فوائد يمكن للدول النامية ان تستفيد منها ، ومن هذه الفوائد تحسين توزيع الموارد الاقتصادية واستخدامها الأمثل ، وكذلك من فوائد العولمة زيادة الكفاءة الإنتاجية من خلال زيادة المنافسة بين الشركات والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة ، ونتيجة لذلك يزداد معدل النمو الاقتصادي ، ومن المتوقع أن يزداد دخل البلدان النامية و بوجود اقتصاد عالمي يتميز بالانفتاح والتكامل ، وتستطيع الدول النامية متوسطة ومحدودة الدخل أن تزيد من نصيب الفرد من الدخل بنسبة أكبر من زيادة نصيب الفرد من الدخل في الدول المتقدمة ، إذا استطاعت البلدان النامية الاستفادة من مزايا العولمة.
إن الدول النامية تستطيع أن تجتذب التدفقات الرأسمالية وتستفيد من التكنولوجيا المتقدمة ، والذي يؤدي بالتالي إلى زيادة الإنتاجية فيها ويزداد النمو الاقتصادي. ولكن وعلى الرغم من ذلك فإن كثيراً من الدول النامية لم تستفد كثيراً من ذلك.
تشير الإحصائيات إلى أن الإقليم الوحيد من الدول النامية الذي استفاد كثيراً من ذلك هو الدول الصناعية الحديثة مثل كوريا الجنوبية وسنغافورة وتايوان وهونج كونج ، حيث زاد نصيب الفرد من الدخل القومي وانخفضت الفجوة بين نصيب الفرد من الدخل القومي في هذه الدول ومثيله في الدول المتقدمة.
أظهرت العديد من الدراسات والبحوث التي أجريت حول العولمة والدول النامية بعض النتائج التي يمكن تلخيصها فيما يلي:
ü     التباين الكبير في موقف الدول النامية من العولمة ودرجة الانخراط فيها ، العديد من الدول النامية أصبحت أقل انخراطاً في الاقتصاد العالمي خلال الفترة 1985-1995 م ، حيث أظهرت دراسة البنك الدولي أن معدل التجارة الخارجية إلى الناتج المحلي الإجمالي قد انخفض في 44 دولة نامية من أصل 93 دولة نامية شملتها الدراسة ، وانخفض أيضاَ معدل الاستثمار الأجنبي المباشر في هذه الدول.
ü     حققت الدول ذات المستوى الأعلى في الانخراط في العولمة معدلات نمو اقتصادي أكبر من غيرها. أن معظم البلدان النامية محدودة الدخل كانت أقل الدول النامية انخراطاً في العولمة.
ü     حققت الدول النامية التي اتبعت سياسات اقتصادية سليمة في إصلاح اقتصادياتها معدلات نمو اقتصادي مرتفعة ومستويات مرتفعة في الانخراط في العولمة خلال الفترة 1981-1983 م ، وهي تعتبر سنوات الأساس لقياس مستويات الاندماج في الاقتصاد العالمي. أما بالنسبة للدول الناميةالتي لم تعمل على إصلاح إقتصادها و هيكلة مؤسساتها ،  فمن الملاحظ أن درجة انخراطها في الاقتصاد العالمي كانت سالبة.
تقاس سرعة انخراط دولة ما في الاقتصاد العالمي بعدة مؤشرات ، والتي منها: مستويات الاسعار وأسعار الفائدة في هذه الدولة مقارنة بالاسعار العالمية  ، فإذا كانت مستويات الاسعار في هذه الدولة مماثلة لمستويات الأسعار العالمية فإن هذا يعني أن الدولة متكاملة مع الاقتصاد العالمي. أما المقياس والمؤشر الآخر لقياس درجة انخراط الدولة في العولمة وهو يقيس مقدرة استيعاب الدولة للتكنولوجيا المتقدمة والمعرفة ، وهناك أيضاً مقياس التعريفة الجمركية وهويستخدم كمؤشر لتباين الأسعار المحلية عن الأسعار العالمية.
لقد استخدم البنك الدولي في دراسته أربعة مؤشرات لقياس سرعة انخراط الدول في العولمة وهي:
1.     معدل التجارة الخارجية إلى الناتج المحلي الإجمالي .
2.     معدلا ت الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الناتج المحلي الإجمالي.
3.     معدل صادرات السلع المصنعة إلى إجمالي الصادرات.
4.     تصنيف الدول حسب جدارتها الائتمانية والاستثمارية.
يتضح من بيانات الجدول رقم (2) أن الدول مرتفعةالدخل ، هي أكثر انخراطاً في الاقتصاد العالمي في أوائل الثمانينات ، تليها دول شرق آسيا ثم دول أوروبا ووسط آسيا ، أما الدول الأخرى فقد كانت درجة انخراطها في العولمة ضعيفة جداً ، وخصوصاً دول أفريقيا وأمريكا اللاتينية والكاريبي.
أما فيما يتعلق بسرعة اندماج اقتصاديات الدول النامية في الاقتصاد العالمي فيلاحظ من بيانات جدول رقم (1) ، أن دول آسيا ( جنوب وشرق آسيا ) قد حققت أعلى مستويات الاندماج ، والسبب في ذلك هو تلك الزيادة الكبيرة في معدل التجارة الخارجية إلى الناتج المحلي الإجمالي في دول شرق آسيا وإلى زيادة نسبة الصادرات من السلع المصنعة إلى إجمالي الصادرات.
وكذلك فقد حققت دول أوروبا و آسيا تقدماً في انخراطها في الاقتصاد العالمي  ، ويرجع ذلك إلى زيادة نسبة التجارة الخارجية إلى الناتج المحلي الإجمالي .
أما درجة اندماج الدول النامية في أفريقيا ، فقد كانت منخفضة جداً ، تبعتها الدول النامية في أمريكا اللاتينية والكاريبي ودول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا .
يشير جدول رقم (3) إلى سرعة تكامل الدول النامية خلال الفترة من أوائل الثمانينات إلى أوائل التسعينات ، ويتضح من بيانات الجدول أن ( 23 ) دولة  من ( 93 ) دولة نامية شملتها دراسة البنك الدولي قد حققت معدل تكامل سريعاً في الاقتصاد العالمي ، و( 23 ) دولة حققت معدل تكامل معتدلاً أو معقولاً ، و ( 24 ) دولة حققت معدل تكامل ضعيفاً ، و ( 23 ) دولة حققت معدل تكامل بطيئاً.
ونلاحظ من بيانات الجدول ، أن سرعة التكامل في العولمة كانت أفضل في آسيا (جنوب وشرق آسيا) و أوروبا الوسطى وإلى حد ما في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأمريكا اللاتينية والكاريبي وهي ضعيفة في أفريقيا.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
جدول رقم (1)
سرعة مؤشر التكامل والمؤشرات المتعلقة به
المؤشر
الإقليم
مؤشر التكامل
التغير الحقيقي في نسبة التجارة إلى GDP1980-1983م 
1990- 1993م
التغير في تصنيف مؤسسات الاستثمار
1983-  1985م
1993 –1995م
التغير في نسبة الإستثمار الأجنبي المباشر إلى GDP
1980 – 1982م
1990 – 1992م
التغير في صادرات السلع المصنعة إلى إجمالي الصادرات
1981 – 1983م
1991 – 1993م
 
الدول مرتفعة الدخل
 
0,31
 
1,33
 
- 0,21
 
0,017
 
0,55
الدول المتوسطة
ومنخفضة الدخل
 
- 0, 18
 
0,06
 
0,04
 
0,002
 
0,27
 
شرق آسيا
 
0,77
 
1,37
 
0,05
 
0,03
 
0,64
 
أوروبا ووسط آسيا
 
0,46
 
1,06
 
0,57
 
0,03
 
0,29
أمريكا اللاتينية
والكاريبي
 
- 0,23
 
0,45
 
0,21
 
0,01
 
0,32
الشرق الأوسط
وشمال افريقيا
 
- 0,19
 
- 0,27
 
- 0,39
 
0,00
 
0,180
 
جنوب آسيا
 
0,87
 
0,05
 
- 0,08
 
0,00
 
2,559
 
أفريقيا
 
- 0,46
 
- 0,36
 
- 0,03
 
0,00
 
0,079
 
المصدر : تقديرات العاملين بالبنك الدولي 1996 م.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
جدول رقم ( 2 )
المستوى الأساسي لمؤشر التكامل والمؤشرات المتعلقة به
المؤشر
الإقليم
المستوى الأساسي لمؤشر التكامل
1981 – 1983م
معدل السكان إلى التجارة 1981- 1983م
تصنيف المؤسسات الاستثمارية 1981 – 1983م
الإستثمارالأجنبي المباشر للقوة الشرائية المعادلة GDP -U
نصيب السلع المصنعة من إجمالي الصادرات 1981 – 1983م
 
 
الدول مرتفعة الدخل
 
1,25
 
25,06
 
81,80
 
0,32
 
70,20
 
الدول المتوسطة
ومنخفضة الدخل
 
- 0,45
 
- 13,69
 
39,20
 
0,14
 
12,96
 
 
شرق آسيا
 
0,40
 
11,70
 
56,02
 
0,12
 
28,89
 
أمريكا اللاتينية
والكاريبي
 
- 0,46
 
- 20,05
 
40,07
 
0,32
 
14,13
 
الشرق الأوسط
وشمال افريقيا
 
- 0,06
 
- 5,11
 
39,25
 
0,26
 
9,52
 
 
جنوب آسيا
 
- 0,30
 
- 12,78
 
25,92
 
0,00
 
53,31
 
 
أفريقيا
 
- 0,83
 
- 20,55
 
18,50
 
0,11
 
7,57
 
المصدر : تقديرات العاملين بالبنك الدولي 1996 م.
 
 
 
 
 
 
 
جدول رقم ( 3 )
سرعة تكامل البلدان النامية في العولمة خلال الفترة من أوائل الثمانينات إلى أوائل التسعينات.
الإقليم
الترتيب
 
شرق آسيا
 
جنوب آسيا
 
أمريكا اللاتينية والكاريبي
 
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
 
أفريقيا
 
أوروبا و آسيا الوسطى
 
تكامل سريع
 
6
 
3
 
5
 
2
 
2
 
5
 
تكامل معقول
 
-
 
2
 
5
 
4
 
10
 
2
 
تكامل ضعيف
 
3
 
-
 
9
 
2
 
10
 
-
 
تكامل بطيء
 
-
 
-
 
2
 
5
 
14
 
2
المجموع
9
5
 
21
 
13
 
36
 
9
 
المصدر : تقديرات العاملين بالبنك الدولي 1996 م .
II. النظام الجديد للتجارة العالمية: يعد تحول اتفاقات الجات إلى منظمة للتجارة العالمية مع مطلع عام 1995 م ، تتويجاً للجهود الدولية الهادفة إلى بسط النظام الاقتصادي العالمي الجديد على إكبر عدد ممكن من بلدان العالم ،حيث أكد إعلان تونس الموقع في شهر أبريل في عام 1994 م ، على أن  الوزراء مصممون على العمل من أجل تحقيق الانسجام الشامل للسياسات في مجال التبادل والنقد والتمويل ، بما في ذلك التعاون بين منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
يهدف النظام الجديد للتجارة العالمية إلى تحرير التجارة من القيود المفروضة عليها ، سواءً كانت قيوداً كمية أو قيوداً غير كمية على أسس.وعلى الرغم من وجود مَن ينتقد العولمة والنظام الجديد للتجارة العالمية على أساس أنهما يخدمان مصلحة الدول المتقدمة على حساب الدول النامية ، فأن النظام الجديد للتجارة العالمية يتميز بفوائد ، والتي هي :
·        زيادة النمو الاقتصادي والدخل الوطني: تعتبر التجارة الدولية هي محرك النمو والتطور الاقتصادي ، وهناك علاقة طردية بين التجارة الدولية والنمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية. فيرى الاقتصاديون الكلاسيكيون أن التجارة الدولية تفيد الدولة من خلال التخصيص الكفء للمواد الاقتصادية المتاحة لها ، حيث أن الدولة يجب أن تتخصص في إنتاج السلع التي لديها ميزة نسبية في إنتاجها ، وبالتالي فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة الكفاءة الإنتاجية وزيادة الدخل الوطني.
أن فوائد التجارة الخارجية لاتقتصر فقط على الفوائد المباشرة ، فهناك فوائد غير مباشرة تستفيد منها البلدان ، وهذه الفوائد الغير مباشرة هي:
أ – أن التجارة الدولية تؤدي إلى إتاحة الفرصة لأسواق أكثر في تصريف المنتجات ، والذي يؤدي إلى تحسين الكفاءة الإنتاجية وتشجيع الاختراعات.
ب – تؤدي التجارة الدولية إلى مايعرف بالأثر التعليمي  Educative Effect ، أي من خلال الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وتطبيقها في قطاعات الإنتاج وتنمية الكفاءات والمهارات لدى العاملين ، والغير من ذلك.
أن النظام الجديد للتجارة العالمية يدعو إلى تحرير التجارة الدولية  ، وبعد ذلك الاستفادة من هذه المزايا.
أما بالنسبة للعلاقة بين التجارة الدولية والدخل الوطني ، فقد أثبتت الدراسات على وجود العلاقة الطردية بين حجم التجارة الدولية والدخل الوطني.
هناك الكثير من الدراسات التي بحثت في أثر نتائج جولة أورجواي التي انتهت في عام 1994 م ، على الاقتصاد العالمي ، ومن نتائج هذه الدراسات أن الدخل العالمي سيزداد ، ولكن قيمة هذه الزيادة مختلفة من دراسة إلى أخرى نتيجة اختلاف فرضيات الدراسة.
·        تعزيز عملية السلام العالمي : أن العلاقة بين التجارة الدولية وعملية السلام وتعزيزها ، هي من أهم القضايا التاريخية. لقد أثبتت الشواهد التاريخية أن مشاكل التجارة الدولية قد أدت إلى حروب . فالكسادالعالمي الذي حصل في فترة الثلاثينات ، أدى إلى انخفاض معدلات النمو الاقتصادي وزادت معدلات البطالة ، ولجأت الدول إلى حماية اقتصادياتها بواسطة فرض القيود على وارداتها ، وأدت تلك الحماية إلى تعميق الكساد ، والذي كان أحد الأسباب التي ساعدت على نشوب الحرب العالمية الثانية.
لقد شهد العالم بعد الحرب العالمية الثانية حدثين هامين ، وكان لهم الدور الكبير في تخفيف حدة التوتر في الخلاقات التجارية الدولية ، وهما عقد الاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية والتجارة (الجات)، والتي تطورت بعد ذلك وأصبحت تسمى منظمة التجارة العالمية حالياً. أن هذه المنظمة نجحت في أزالة الكثير من العوائق التجارية ، وأدت إلى انسياب التجارة الدولية السلعية والخدمية بين دول العالم ، والحدث الثاني الهام هو ، اتفاقية التعاون في مجال الفحم والحديد والصلب بين بعض الدول الأوروبية، والتي تطورت بعد ذلك وأصبحت الوحدة الاقتصادية والنقدية الأوروبية ، وهي تعتبر مثال للاتحادات والتكتلات الاقتصادية الناجحة.
ولا بد أن نذكرهنا العلاقة الوثيقة بين السلام العالمي ونظام التجارة الدولية ، حيث أن تحقيق هذا السلام يرجع ( جزئياً ) إلى أساسين رئيسببن من أسس نظام ااتجارة العالمي الجديد ، وهما حرية التجارة الدولية و وجود إطار واضح ومحدد لحل النزاعات التي تحدث في مجال التجارة الدولية. أن نظام التجارة العالمي الجديد أدى إلى مزيد من الثقة والتعاون الدولي ، وهذا يلعب دوراً كبيراً في تحقيق السلام العالمي ومن خلال منظمة التجارة العالمية ، التي تعمل  على حل المشاكل والنزاعات في التجارة العالمية و تزرع الثقة بين الدول الأعضاء  من خلال المفاوضات التي تؤدي إلى قواعد يتبعها الجميع ، والتي تؤدي إلى تسهيل التجارة الدولية ، وتخف حدة التوترات بين الدول.
·        حل النزاعات : لقد أصبح واضحاً ، أن النظام الجديد للتجارة العالمية يقوم على تحرير التجارة من العوائق ، من أجل زيادة حجم التجارة الدولية بين مختلف دول العالم والذي لايخلو من النزاعات بين البلدان وبما يتعلق بالصفقات التجارية . أن هذه النزاعات تؤثر سلباً على العلاقات السياسية .
ولكن وعند نشأة الجات و منظمة التجارة الدولية فقد انخفضت حدة التوتر بين هذه الدول ، وذلك لوجود هيئة لحل النزاعات ، والتي تعتبر إحدى التشكيلات المؤسسية لمنظمة التجارة العالمية .
لقد تم التوصل إلى حل المنازعات التجارية وبالطريقة السليمة والصحيحة وفي إطار قواعد منظمة التجارة العالمية التي وافقت عليها الدول الأعضاء. لقد بلغت المنازعات التجارية ، منذ نشأة منظمة التجارة العالمية في عام 1995 م وحتى نهاية عام 2000 م مايزيد على مائة قضية.
·        القدرة على التفاوض: يرى المعارضون لنظام التجارة العالمي الجديد ، أن الدول الصناعية المتقدمة تحاول تسخير إمكانيات هذا العصر لخدمة أغراضها ومصالحها ومتجاهلة فكرة مجتمع الاتصالات والمعلومات ، أو ماتعرف بالرأسمالية عابرة القوميات تحول تشكيل نظام عالمي جديد يدور حول منظومة قيم الليبرالية الغربية ، وفرضه على العام بأسره ، ومستفيدة في ذلك من المتغيرات التي تحدثها العولمة من جانب،  ومن امتلاكها لعناصر القوى المعرفية والتكنولوجية والاقتصادية من جانب آخر.
يؤكد هؤلاء المعارضون على أن النظام التجاري العالمي قد أضر بمصالح الدول النامية  ، لأنه يزيد الفجوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة ، وأنه ليست للبلدان النامية امكانية وقدرة للتفاوض.
ولكن من وجهة نظر المؤلف ، فأن النظام الجديد للتجارة العا لمية لم يجعل الدول جميعها على قدم المساواة ، إلا أنه قلل فجوة عدم المساواة بين الدول. فهو أعطى للدول النامية صوتأ أكبر في مجال قرارات التجارة الدولية ، وبنفس الوقت أعطى الدول المتقدمة حرية أكبر في التفاوض من خلال الاتفاقيات الجماعية ، بدلاً من التعقيدات التي كانت سمة الاتفاقيات الثنائية التي كانت تعقدها الدول المتقدمة في ظل غياب الجات ومنظمة التجارة العالمية.
إن نظام التجارة العالمي الجديد قد أعطى الدول النامية قوة تفاوضية أكبر ، حيث إنه لو لم توجد منظمة التجارة العالمية ، فإن الدول النامية ، وخصوصاً الصغيرة منها ستقع فريسة للدول المتقدمة في مجال التفاوض في قضايا التجارة الخارجية ، لأن هذه المفاوضات في هذه الحالة ستكون مفاوضات ثنائية ، وليست متعددة الأطراف كما هو الحال في ظل وجود منظمة التجارة العالمية.
أن الدول النامية في استطاعتها أن يكون أداؤها أكثر كفاءة في منظمة التجارة الدولية ، إذا نسقت وتعاونت فيما بينها في التصويت ، عند اتخاذ القرارات التي تحقق مصالحها.
إن مبدأ عدم التمييز بين البلدان ، هو أهم أسس اتفاقيات منظمة التجارة العالمية والذي يجنب الدول الأعضاء عمليات التفاوض المعقدة من خلال تطبيق مجموعة واحدة من القواعد على الجميع وتبسط نظام التجارة الدولية.
·        خفض تكاليف الإنتاج والأسعار: تشير الكثير من الدراسات إلى أن إجراءات التحرير والعولمة واتفاقيات الجات قد أعطت الدول النامية كثيرأ من المزايا التي تتمتع بها ، مثل المعاملة التفضيلية ومعونة التنمية والتي أدت إلى تطور هذه البلدان وحماية صناعاتها الوطنية ، بما يتفق مع ظروفها الاقتصادية والاجتماعية ودورها في منظمة التجارة العالمية.
أدت الإجراءات الحمائية التي اتخذتها الدول المختلفة إلى زيادة تكاليف بعض المنتجات ، والذي يؤدي إلى ارتفاع أسعارها. ولكن في ظل النظام الجديد للتجارة العالمية ، فإن هذه التكاليف تنخفض ، وبعد ذلك الأسعار. أن دور النظام الجديد للتجارة العالمية  في خفض تكاليف الإنتاج والأسعار يتم من خلال فتح باب المفاوضات بين الدول الأعضاء في المنظمة ، لغرض إزالة العوائق التي تعيق انسياب التجارة بين الدول ، ومن خلال مبدأ عدم التمييز في المعاملة بين الدول.
هناك العديد من الدراسات التي بحثت في أثر الحماية التجارية وتحرير التجارة على تكاليف الإنتاج والعبء الواقع على المستهلكين.
لقد أدت القيود المفروضة في الولايات المتحدة الأمريكية على الواردات الأمريكية من المنسوجات والملابس وارتفاع الرسوم الجمركية علبها إلى زيادة اسعارها بنسبة 58% في أواخر الثمانينات ، وفي المملكة المتحدة قدر مايدفعه المستهلكون زيادة على الأسعار الحقيقية لشراء الملابس بحوالي 500 مليون جنيه في السنة بسبب القيود المفروضة على واردات الملابس.
كان موضوع التجارة الدولية في المنسوجات والملابس من أكثر القضايا جدلاً وكان موضع خلاف بين الدول المتقدمة والدول النامية. ويرجع السبب إلى أن التجارة الدولية في المنسوجات تخضع إلى نظام الحصص الثنائية التي يتم الاتفاق عليها بين الأطراف المعنية ، وذلك في ضؤ اتفاقية الألياف المتعددة Multi - fiber Arrangement . من الجدير بالذكر أن حوالي 50% من التجارة الدولية في المنسوجات والملابس خاضعة لاتفاقية الألياف المتعددة والذي يمثل تعارضاً مع اتفاقية الجات.
خلال مفاوضات الجات ، طالبت الدول النامية بشمول تحرير تجارة المنسوجات والملابس من خلال الالغاء التدريجي لقيود الحصص المفروضة بموجب اتفاقية الألياف المتعددة ، ويقدر حجم هذا النشاط ب 240 مليار دولار في السنة الواحدة. أثمرت المفاوضات عن إزالة جميع الحصص الباقية الواردة في اتفاقية الألياف المذكورة عام 2000 م ، إضافة إلى حق الأعضاء في حماية مصالحها باستخدام إجراءات للوقاية من خطر زيادة الصادرات اليها من المنسوجات والملابس التي تسبب خسائر كبيرة تصيب صناعتها الوطنية التي تنتج أصنافاً مماثلة.
أن موضوع إزالة العوائق المتعلقة بتجارة المنسوجات والملابس  يخضع حالياً لمناقشات ومفاوضات في منظمة التجارة العالمية ، وهناك مفاوضات جارية حالياً بين الدول الأعضاء منظمة التجارة العالمية بخصوص إزالة العوائق أمام تجارة المنتجات الزراعية ، وقد اتفقت الدول الأعضاء أن يعقدوا مفاوضات جديدة في المستقبل.
لم يقتصر النظام الجديد للتجارة العالمية على تسهيل تبادل السلع بين الدول فقط ، بل شمل الخدمات أيضاً ، وقد أدى تحرير تجارة الخدمات في مجال الاتصالات إلى انخفاض تكلفة المكالمات التليفونية خلال فترة التسعينات إلى نسبة 4 % سنوياً في الدول النامية وبحوالي 2 % في الدول المتقدمة.
·        فرص الاختيار والجودة:  لقد اتبعت الدول المتقدمة وكذلك النامية سياسات حمائية في وجه الواردات ، وقد اتبع كثير من الدول النامية سياسة إحلال الواردات ، هذه السياسة التي أدت إلى اتخاذ إجراءات حمائية لحماية صناعتها الناشئة ، وقد أثبتت الدراسات النظرية أن سياسة تشجيع الصادرات أفضل بكثير من سياسة إحلال الواردات ، وأن الأخيرة لم تؤد إلى الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية بالإضافة إلى انخفاض جودة السلع.
ولكن  في إطار النظام الجديد للتجارة العالمية ، أصبحت السلع والخدمات متاحة أمام جميع الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية ، حيث أصبح المستهلكون في الدول النامية بمقدورهم شراء سلع وخدمات من الدول الأخرى لم تكن متاحة لهم من قبل. وكذلك فقد أتاحت لهم فرص الاختيار من بين السلع والخدمات المتعددة التي اصبحت متوفرة في الأسواق بعد تحرير التجارة عالمياً.
ومن جانب آخر ، لابد أن نذكر فائدة النظام الجديد للتجارة العالمية في ارتفاع جودة السلع ، والذي أدى إلى تحسين مستوى الإنتاج الوطني في الدول النامية ، والتي أصبحت تنافس السلع المستوردة ، وحتى أن بعض الدول النامية استطاعت إنتاج بعض السلع التي تستوردها ، وهي مستفيدة من التكنولوجيا التي تستوردها وعاملة على زيادة الدخل الوطني.
·        خفض تكاليف الإنتاج: يؤدي النظام الجديد للتجارة العالمية إلى نتائج إيجابية كثيرة ، حيث إن أهم ركائز هذا النظام هوعدم التمييز في المعاملة بين الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية والشفافية ، والتي تتضمن معلومات واضحة تتعلق بسياسات وقواعد التجارة الدولية. أن جميع الركائز تعمل على تسهيل التجارة بين الدول وتخفيض التكاليف التي تتحملها الشركات ، وكذلك تعمل على زيادة الثقة في المستقبل ، وهو بالتالي يؤدي إلى إنتاج أفضل من السلع والخدمات .
أن غياب وعدم وجود منظمة التجارة العالمية ، سيؤدي إلى كثير من الدول ستفرض عوائق في وجه التجارة الخارجية ، وتتبع قواعد و تعريفات جمركية مختلفة. فإذا كانت دولة ما تتعامل مع العديد من الدول  ، وهذه الدول تعمل وفق سياسات تجارية مختلفة ، فعلى الشركات التي تعمل في هذه الدولة أن تبذل مجهوداً في الحصول على المعلومات اللازمة والمتعلقة بشروط التجارة مع كل دولة ، وهذا يزيد من الأعباء التي تتحملها الشركة .
أما في حالة ما إذا كانت الدولة عضواً في منظمة التجارة العالمية ، فبهذه الحالة ستفرض نفس الرسوم الجمركية على السلعة الواحدة من جميع الدول ، وكذلك تتبع نفس إجراءات الاستيراد بدون تمييز بين الدول  وايضاً بدون تمييز بين المنتج المحلي أو المنتج المستورد ، وبالتالي فإن التكاليف التي ستتحملها الشركات ستكون أقل وعمليات الشراء ستكون أكثر سهولة ومرونة. ، والذي ينعكس إيجابياً على الدخل الوطني للدول.
·        زيادة الثقة في الحكومات: أن تعبير مناخ الاستثمار يشمل مجمل الأوضاع المكونة للمحيط الذي تتم فيه العملية الاستثمارية ، وتأثير تلك الأوضاع والظروف سلباً أو إيجاباً على فرص نجاح المشروعات الاستثمارية ، وبالتالي على حركة واتجاهات الاستثمارات. فالوضع العام و السياسي للدولة ومدى مايتسم به من استقرار وتنظيماتها الإدارية ، ونظامها القانوني ومدى وضوحه واتساقه وثباته وتوازن ماينطوي عليه من حقوق وأعباء وسياسات الدولة الإقتصادية وإجراءتها ، وطبيعة السوق وآلياته والامكانيات التي يتمتع بها من بنية تحتية وعناصر إنتاج ، ومايتميز به البلد من خصائص جغرافية وديموغرافية ، كل ذلك يشكل مكونات مناخ الاستثمار.
من الميزات التي تميزت بها السياسة الاقتصادية ، والسياسة التجارية وسياسات الاستثمار منها بصفة خاصة في كثير من البلدان النامية  ، هوعدم الثبات وعدم الاتساق مع متطلبات التنمية الاقتصادية العالمية والإقليمية. وقد أدى ذلك إلى انخفاض ثقة المستثمرين في الحكومات . ولقد لعبت الإجراءات الحمائية في مجال التجارة الخارجية دوراً هاماً في انخفاض ثقة المستثمرين في حكومات دولهم.
أما في حالة النظام الجديد للتجارة العالمية ، فإن قواعد منظمة التجارة العالمية تطبق على الجميع  ، وتلتزم بها جميع الدول الأعضاء وتنفذها ، وبالتالي تسود حالة تأكد من قبل المستثمرين والشركات وتزداد الثقة في حكومات دولهم.
وتعتبر إزالة العوائق ، التي تواجه التجارة الدولية من أهم مهام منظمة التجارة العالمية ، ومن بين هذه العوائق التي تسعى منظمة التجارة العالمية إلى إزالتها هي الحصص التي تفرضها بعض الحكومات على بعض وارداتها أو صادراتها ، وأن فرض الحصص على الواردات يؤدي إلى انخفاض العرض على السلع المفروضة عليها الحصص ، ومن ثم تزداد أسعارها ، ويؤدي إلى أرباح كبيرة غير طبيعية ، والتي في الغالب تذهب إلى كبار رجال الأعمال  ، مما يزيد من تأثيرهم ونفوذهم السياسي في الدولة.
هناك الكثير من قواعد منظمة التجارة العالمية التي تعمل على خفض درجة الفساد وتحسين صورة الحكومات ، مثل الشفافية والقواعد المتعلقة بالأمن ومعايير الإنتاج ، وكذلك مبدأ عدم التمييز وغيرها.
وفي النهاية ، فالنظام الجديد للتجارة العالمية له بعض الآثار الإيجابية ومجموعة من الآثار السلبية ، والتي تأثرت بها اقتصاديات الكثير من دول العالم ومنها البلدان النامية ، ومن الآثار الإيجابية نذكر :
1. انعكاس أثر انتعاش اقتصادات الدول الصناعية المتقدمة على الدول النامية ، وذلك من خلال زيادة حجم التبادل الدولي : إن تخفيف الحواجز الجمركية وغير الجمركية سيؤدي إلى زيادة حجم وحركة التبادل الدولي  ، ومن ثم زيادة وانتعاش حركة وحجم الانتاج القومي في معظم بلدان العالم منها البلدان النامية  ، فالتقديرات الأولية تشير إلى زيادة الناتج القومي  العالمي بما يعادل 300 مليار دولار نتيجة زيادة حركة التجارة العالمية التي ستنشأ عند تنفيذ هذه الاتفاقية.
2. زيادة امكانية نفاذ صادرات الدول النامية إلى أسواق الدول المتقدمة : تحتوي الاتفاقية الأخيرة على عدد من الاجراءات ، والتي سوف تعطي الامكانية الأكبر نسبياً لصادرات الدول النامية من السلع التي تتمتع فيها بمزايا نسبية واضحة في الدخول إلى اسواق الدول الصناعية المتقدمة تدريجياً. مثل الإلغاء التدريجي للدعم المقدم من الدول الصناعية المتقدمة إلى منتجيها الزراعيين المحليين ، والإلغاء التدريجي لحصص وارداتها من المنسوجات والملابس الجاهزة .
ولكن الدراسات تشير ، إلى أنه على الرغم من قيام الدول المتقدمة الصناعية بتخفيض القيود الجمركية على وارداتها طبقاً لالتزاماتها في الجات من 40 % في منتصف الثمانينات إلى 80 % بعد جولة طوكيو (1973 – 1979 ) ثم إلى 5% بعد ذلك ، إلا أنها زادت من استخدامها للحواجز غير التعريفية. لقد خضعت صادرات البلدان النامية إلى الدول المتقدمة خلال الثمانينات للعديد من القيود غير التعريفية والتي كان من أهمها التقييد الاختياري للصادرات وإجراءا مكافحة الإغراق والرسوم المكافئة ، وهو أمر كانت له آثار سلبية مباشرة على نمو صادرات الدول النامية  ، وبالتالي على قطاعاتها المنتجة لتلك السلع التصديرية.
أن ما أنتهت إليه المفاوضات والاتفاقيات في الجولة الأخيرة سيتيح وضعاً أفضل نسبياً للدول النامية في النفاذ إلى الأسواق العالمية ، وهي خطوة في الاتجاه الصحيح ينبغي الإستفادة منها. ولكن الأمر الهام الذي يثير قلق البلدان النامية بشكل حقيقي ، هو عدم توصل الاتفاقية الأخيرة للحد من الاجراءات الرمادية التي استخدمتها الدول المتقدمة الصناعية خلال الثمانينات و أوائل التسعينات لحماية إنتاجها المحلي والحد من صادرات البلدان النامية ، فالاتفاقية أتاحت للدول امكانية استخدام إجراءات مكافحة الإغراق والرسوم المكافئة  والتي كانت تستخدم من جانب الدول المتقدمة في الفترة الأخيرة ، وقد ازداد استخدامها في الآونة الأخيرة في حماية إنتاجها المحلي والحد من وارداتها من الدول النامية ، وهو الأمر الذي يثير قلق الدول النامية ، التي أزالت أغلب الحواجز غير الجمركية عل وارداتها ، وأصبحت بالتالي أكثر تحرراً في سياساتها التجارية الخارجية.
3. انتعاش بعض قطاعات الانتاج في الدول النامية ، مثل الزراعة والصناعة والخدمات : انطوت الاتفاقية الأخيرة على بعض البنود ، التي ستعمل على تشجيع و انتعاش الانتج المحلي ومنها:
- تخفيض الرسوم الجمركية على احتياجات الدول النامية من السلع الأساسية ومستلزمات الأنتاج .
- قد يكون لإلغاء الدعم المقدم للمنتجين الزراعيين في الدول الصناعية أثر ايجابي على انتعاش بعض المنتجات الزراعية في الدول النامية التي تقوم باستيرادها من الدول المتقدمة وعلى الأخص الحبوب واللحوم ومنتجات الألبان.
- تحرير تجارة الخدمات في الدول النامية سيتيح امكانية الحصول على التكنولوجيا الحديثة في مجالات عديدة  ، مثل خدمات المكاتب الاستشارية ، ومن ثم الاستعانة بالعمالة في الدول النامية من قبل هذه المكاتب وتدريبهم واحلالهم مح الأجانب في إدارة تلك المكاتب.    
4. زيادة الكفاءة الانتاجية في الدول النامية ، من خلال تصاعد المنافسة الدولية : بالتأكيد ، فأن اتفاقية الجات الأخيرة ستؤدي إلى زيادة المنافسة بين دول العالم وما تؤدي إليه من ضرورة زيادة الكفاءة الانتاجية في أداء المشروعات في الدول النامية ، وتحسيب جودة الإنتاج حتى تستطيع القدرة على المنافسة في الأسواق العالمية. على البلدان النامية وبالضرورة تكييف أقتصادياتها على أساس قوى السوق الحرة والتحرر الاقتصادي ، وفقاً لتوجهات النظام الاقتصادي العالمي الجديد .
مازال أمام السلطات الاقتصادية في الدول النامية الكثير من الاجراءات والتدابير التي ينبغي أن تتخذ في سبيل جعل وحداتها الإنتاجية أكثر كفاءة وقدرة على التنافس .
 
أما الآثار السلبية فهي :-
1. إن إتفاقيات الجات ومنظمة التجارة العالمية حتى جولة أورجواي لم تكن شاملة لكل جوانب التبادل التجاري الدولي ، فهي لم تشمل النفط والغاز وصناعتهما ، البتروكيماويات ، والأيدي العاملة.
2. يقدر بعض المنتجين بأن هناك خسائر تتكبدها الدول النامية سنوياً بفعل تطبيق إتفاقات الجات والتي تقدر ب 100 مليار دولار.
3. يؤكد بعض المختصين من الدول العربية بأن الدول العربية غير مستفيدة من إتفاقية الجات ، وذلك لأن نسبة إسهامها في التجارة الدولية لاتتعدى 3,7 % من إجمالي الصادرات العالمية و 3,2 % من الواردات و 1,6 % حصة من الناتج الإجمالي العالمي والتجارة العربية الرئيسية هي تجارة النفط والبتروكيماويات غير مشمولة بإتفاقات الجات ومهددة بضريبة الكربون.
4. نتيجة لتقليص الدعم على المنتجات الزراعية فإنه يتوقع زيادة الأسعار للواردات الغذائية.
5. أتفاقية المنسوجات سوف تلحق بالفعل تأثير محسوس في صناعة وتجارة القمشة والمنسوجات للدول النامية.
6. وفي قطاع الخدمات فإنه يعاني من عجز شديد في الدول النامية ، فهو غير قادر على تحقيق نتائج إيجابية كبيرة ، إذا ما قورن بقطاع الخدمات في الدول المتقدمة.
 7. بالنسبة لتجارة الملكية الفكرية في البلدان النامية سلبية .
8. إن تحرير تجارة المنتجات الصناعية والزراعية سيلحق أضراراً كبيرة بالصناعات الوطنية بسبب عدم قدرتها على الصمود أمام منافسة الصناعات للدول المتقدمة.
9 . في الوقت الذي تقدم إتفاقات الجات قاعدة حرية التبادل السلعي ودخول سلع الدول المتقدمة إلى أسواق البلدان النامية ، فإنها بالمقابل تغلق أسواقها ولو جزئياً أمام العمالة من البلدان النامية. ولكن المزايا الإيجابية للنظام الجديد للتجارة العالمية تفوق سلبياته ، ولهذا فقد كانت النتيجة النهائية انضمام معظم دول العالم ومنها النامية إلى منظمة التجارة العالمية ، وكذلك رغبة الدول المتبقية ومطالبتها بالانضمام إلى عضوية المنظمة. وهنا ينبغي الإشارة إلى مايجب أن تعمله البلدان النامية في التعامل مع منظمة التجارة العالمية في عصر العولمة والمتمثل في:-
1. محاولة مد نطاق الإعفاءات المقررة سواء بالنسبة للمدة أو القطاعات محل التنظيم . وهذا يتطلب حث البلدان المتقدمة على مراعاة المشاكل المزمنة التي تواجه الدول النامية أثناء تطبيق الإتفاقية .
2. مطالبة الدول النامية للدول المتقدمة بسريان حرية التجارة على كل من العمالة والبترول والصناعات البتروكيماوية كون في هذه القطاعات للدول النامية قدرة تنافسية كبيرة.
3. ينبغي على الدول النامية في عصر التكتلات التجارية ، الإنضواء تحت نطاق أحد صور التكامل الإقليمي ، منطقة تجارة حرة ، أو إتحاد جمركي ، هذا الأمر الذي يضمن للبلدان النامية القدرة على المنافسة مع الدول المتقدمة والإعفاء من تطبيق نصوص إتفاقيات منظمة التجارة العالمية على العلاقات فيما بينها طبقاً للمادة 24 من الإتفاقية العامة للتعريفات والتجارة الجمركية.
إن النظام الجديد للتجارة العالمية ، هو محور العولمة التي نعيشها ونتعامل معها اليوم كظاهرة عالمية والتي لها آثارها وتحدياتها ، وهنا يتطلب من البلدان النامية أن تعظم من استفادتها من الجات ومن منظمة التجارة العالمية ، وهذا شيء ممكن إذا ما أحسنت إدارة اقتصادياتها في ظل هذا النظام التجاري الجديد.
 
III. جولة أورجواي والدول النامية: لقد سعت الدول الصناعية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية من اجل قيام منظمة للتجارة العالمية ، والتي مهمتها الرئيسية تنظيم التجارة الدولية ، وتجنب النزعة الحمائية. وعلى الرغم من أن هذه المنظمة المقترحة لم تمض بتأييد بعض الدول الأوروبية وكذلك لم يصادق عليها الكونجرس الأمريكي ، إلا أن الجهود استمرت من قِبَل الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية لإيجاد إطار للمفاوضات التجارية بين دول العالم ، وتم سد هذا الفراغ بتوقيع في جنيف عام 1947 م ، الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة (الجات) ، وأصبحت هذه الاتفاقية سارية المفعول في أوائل 1948 م ، واتخذت مدينةجنيف مقراً لها.
لم تشهد أي جولة من جولات الجات السابقة من الجدل والخلاف وتقييم النتائج مثلما شهدت جولة أورجواي ، وذلك لانها توصلت إلى نتائج عديدة وفي مختلف جوانب التجارة الدولية ، وخصوصاً بالنسبة للبلدان النامية. أن جولة أورجواي وبلا شك لها انعكاسات إيجابية على التجارة الدولية ، وكذلك على الاقتصاديات الدولية ، وبالتالي ستكون المستفيدة منها البلدان المتقدمة والدول النامية. ومن جانب آخر فهي لها انعكاسات سلبية تتأثر بها بعض البلدان النامية.
يعتبر تحرير التجارة ، والذي تم التوصل اليه من خلال نتائج جولة أورجواي ، هوالعامل الرئيسي في الانعكاسات الايجابية المتوقع حدوثها في الاقتصاد العالمي.
أن فوائد جولة أورجواي التي تعود على الدول من زيادة التجارة الخارجية تنقسم إلى : فوائد أو مكاسب ساكنة Static gains و فوائد أومكاسب حركية dynamic gains . أن قياس المكاسب الساكنة يعتبر أسهل وأدق من قياس الفوائد الحركية . تتحقق المكاسب الساكنة من زيادة الكفاءة الإنتاجية من خلال إعادة توزيع المواد الاقتصادية التي تمتلكها الدول ، بحيث تؤدي إعادة التوزيع إلى الاستغلال الأمثل للموارد الاقتصادية. وتستفيد البلدان النامية من هذه المكاسب ، ولن تقتصر المكاسب فقط على الدول المتقدمة.
أما بالنسبة للمكاسب الحركية فإنها تتحقق أساساً من المكاسب الخارجية extrenalities والناتجة عن زيادة المنافسة والتقدم التكنولوجي والأثر الإيجابي للإنتاجية على معدلات الادخار والاستثمار.
و سيساعد اتفاق جولة أورجواي على إعادة الانضباط وإمكانية التنبؤ بشأن نظام التجارة المتعددة الأطراف ، كم سيضع حداً لتدهور البيئة التجارية ، والذي كان يحدث في الأعوام السابقة ، وهذا سيساعد عل تحسين الثقة في قطاع الأعمال.
سوف تستفيد البلدان النامية والاقتصاديات المتحولة نحو نظام السوق وبدرجة كبيرة من من الزيادة التدريجية في التجارة والاستثماروالدخل في سياق التطبيق المرحلي لأحكام جولة أورجواي القاضية بفتح الأسواق . وبالتأكيد فأن منافع هذه الجولة تتوقف ، بدرجة كبيرة ، على مدى الجهود التي تبذلها كل دولة لتحرير تجارتها.
وهناك دراسات حول تقدير الآثار الكمية لجولة أورجواي على الدخل الحقيقي العالمي وعلى دخل كل بلد من البلدان على حدة. وفيما يتعلق بالبلدان النامية ، فقد جاء في الدراسة التي تتضمن تقديرات مستقلة عن آثار الدخل الحقيقي لتحرير التجارة متعددة القطاعات في إطار جولة أورجواي أن هذه البلدان ستستفيد بمبلغ 78 بليون دولار  (عام1992 م) .  ومع أنه بعض البلدان النامية ستحقق مكاسب كبيرة ، فمن الممكن بعض الدول المستوردة للأغذية صافياً قد تسجل خسائر معينة. كما أن بلدان نامية أخرى قد تسجل خسارة بسبب تضاؤل التفضيلات التجارية.
أن جولة أورجواي ستقدم فرصاً يجب اغتنامها والأستفادة منها بالشكل المطلوب وعن طريق التدابير السياسية والاقتصادية بغية تحقيق إعادة تشكيل الاقتصاد وتنويعه ، وهناك منافع غير ملموسة ستجنيها البلدان النامية بسبب تدعيم النظام التجاري نتيجة جولة أورجواي.
عندما نتحددث عن جولة أورجواي وأثرها على البلدان النامية ، فلا بد من ذكر بعض الدراسات التي قام بها المتخصصون والاقتصاديون لدراسة أثر الجات قبل إقرار الاتفاقية النهائية في المغرب في شهر إبريل 1994 م على اقتصاديات الدول النامية. وهنا سنتعرض إلى الدراسات التي قام بإعدادها D.Tarr, T.Rutherford and G.Harris في شهر ديسمبر من عام 1995 م ، وصندوق النقد الدولي ( آفاق الاقتصاد العالمي : مايو 1994م ) .
لقد تم تقسيم العالم إلى 24 منطقة في الدراسة الأولى ، وتم استخدام 22 من نماذج السلع الرئيسية في التجارة ، وطرحت بعض الأسئلة والتي تم الإجابة عليها كما يلي:
السؤأل الأول : ماحجم المنافع التي يمكن أن تتحقق من جولة أورجواي على مستوى العالم ؟     
السوأل الثاني : ماهي الجوانب الأكثر أهمية من حيث الكم لجولة أورجواي ؟
السوأل الثالث : ما تأثير جولة أورجواي على البلدان النامية ؟
السوأل الرابع :  هل هناك بلدان أو اقليم سوف تخسر ولماذا من جولة أورجواي ؟
لقد تبين من الدراسة مع تعرضها لهامش من الخطأ الاحصائي ، أن العالم أجمع سيستفيد وإلى حد كبير من الاصلاحات التي تم الاتفاق عليها على ضؤ جولة أورجواي : نحو96 مليار دولار سنوياً في المدى القصير و171 مليار دولار على المدى الطويل . ولكن هذه المكاسب على المدى القصير سوف تتركز في البلدان المتطورة والمتقدمة  ، كاليابان والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
وهذا يعكس حقيقة البلدان الصناعية وخاصة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ، كانت أكثر تساهلاً في جولة أورجواي . أما البلدان النامية ، فقد قامت في إطار اتفاقات جولة أورجواي بالحد من تشوهات زراعية أقل نسبياً ، وبالرغم من أن إنقاض دعم الانتاج يصل إلى أرقام كبيرة في بعض الحالات ، ولاتقيد الواردات بموجب الاتفاق المتعلق بالألياف المتعددة ، والاستثناء العام الوحيد هوأن البلدان النامية تقلل الحماية على السلع المصنعة بأكثر مما تفعل البلدان المنتمية إلى منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
في الحقيقة ، أن بعض البلدان النامية سوف تواجه خسارة صافية من جولة أورجواي في المدى القصير ، وذلك لسببين :
السبب الأول : أن خفض الدعم الزراعي في الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ، وفي رابطة التجارة الحرة الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية سيؤدي إلى خسارة في معدلات التبادل التجاري بالنسبة لبعض الدول النامية ، لأن إلغاء حصص الاتفاق المتعلق بالألياف المتعددة سوف يخفض الأسعار التي يتلقاها كل المصدرين إلى بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي. كما أن المصدرين الاقل كفاءة للملابس في البلدان النامية سوف يفقدون حصتهم في السوق والشيء الذي تستطيع البلدان النامية عمله من أجل تحسين مركزها النسبي هو الحد من التكاليف التي تتحملها بخفض حواجزها التجارية والغير من ذلك.
يعتبر عالم ما بعد أورجواي بيئة تجارية مفتوحة وحرة  ، ولهذا فأن خفض الرسوم الجمركية من جانب واحد ، وتقليص الحواجز الأخرى في البلدان النامية سيؤدي إلى تغيير انتاج وصادرات هذه البلدان على أساس ميزاتها النسبية.
ومن نتائج هذه الدراسة نتأكد من أن اتفاق جولة أورجواي ، هو اتفاق متعدد الجوانب ويشمل:
1. خفض الرسوم الجمركية على المنتجات المصنعة .
2.  تحويل الحوافز غير الجمركية في مجال الزراعة إلى رسوم جمركية والالتزام بخفض مستوى الحماية الزراعية.
3. خفض دعم الصادرات الزراعية والانتاج الزراعي.
4. إلغاء قيود التصدير الطوعية فيما يتعلق بالمنسوجات والملابس وإلغاء الاتفاق المتعلق بالألياف المتعددة.
5. إجراء تغييرات مؤسسية وتنظيمية ، مثل إنشاء منظمة التجارة العالمية ووضع ضماناتها ، وكذلك حظر سياسات الإغراق وتدابير دعم الصادرات.
6. مجالات جديدة مثل ، تدابير الاستثمار المتعلقة بالتجارة ، وقضايا حقوق الملكية الفكرية المتعلقة بالتجارة ، و الاتفاقية العامة للتجارة في مجال الخدمات.
7. المجالات التي تتلقى تغطية أكبر ، كالمشتريات الحكومية مثلاً.
أن هذه الدراسة  ، التي توصلت إلى نتيجة أن العالم سيكسب 96 مليار دولار سنوياً ، وان المكاسب ستتركزفي البلدان المتقدمة ، والتي تفوز من التغيير بمبالغ تصل إلى 39 مليار دولار ، و 17 مليار ، و13 مليار دولار على التوالي . وأيضاً ، فأن بعض البلدان الصغيرة تحقق مكاسب كبيرة ، مثلاً ماليزيا تكسب 3,3% من الناتج المحلي الإجمالي ، وسنغافورة وتايلاند تكسب كل منها حوالي 2,1 % من الناتج المحلي الإجمالي .
توفر لنا الدراسة أيضاً نتائج عن عدد من الدول والمناطق  ، والتي تبين  من ناحية ، أنه رغم البلدان النامية ككل تستفيد من جولة أورجواي ، فإنه هناك عدد قليل من هذه البلدان سيتعرض إلى خسارة في المدى القصير. فالبلدان الواقعة في افريقيا جنوب الصحراء ستخسر حوالي 0,2 % من الناتج المحلي الاجمالي سنوياً ، أما بالنسبة للبلدان الواقعة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ، فالتأثير سيكون سلبياً بدرجة قليلة  ، حيث تبلغ الخسارة 0,1 % من الناتج المحلي الاجمالي.
أما دراسة صندوق النقد الدولي ، فهي تؤكد على أن الجات سوف تقوي امكانات النمو في البلدان النامية ، وخاصة التي تنتهج سياسات تجارية مفتوحة وحرة . وتشتمل المنافع المتحقة للبلدان النامية على تزايد كفاءة استخدام الموارد المحلية بعد هبوط التعريفات الجمركية والحواجز غير الجمركية أو الغائها ، وتحقيق وفورات الحجم في الإنتاج ، وتحويل التكنولوجيا المصاحبة للانفتاح الاقتصادي والتعاون العالمي المتزايد ، وبالإضافة إلى ذلك فإن ارتفاع معدلات نمو الاقتصاد العالمي وفتح أسواق البلدان الصناعية أمام البلدان النامية سوف يحسن البيئة الخارجية التي تواجه البلدان النامية.
لقد اشتملت الاتفاقية على عنصرين هامين وهما: التخفيض المقرر للإعانات الزراعية وإخضاع التدابير غير الجمركية للتعريفات ، ومنها بوجه خاص حماية القطاعات الزراعية ، وقد أعطيت للبلدان النامية حرية أكبر في تدريج التغيرات اللازمة ، كما أن أفقر البلدان مستثناة عموماً. فالمنافع الحقيقية التي ستعود على البلدان النامية تتوقف على الفرص المتاحة لدخول أسواق البلدان الصناعية و إنهاء التفضيلات التجارية،  وعلى مدى تأثر جوانب الكفاءة والتوزيع في اقتصادياتها بالتغييرات في الأسعار النسبية ، وخاصة في قطاع الزراعة ، بعد الانخفاض التدريجي للدعم وغيرها  من أشكال التدخل في الأسواق على مدى فترة تتراوح بين 5 -  20 سنة.
إن الأثر النهائي لجولة أورجواي سوف يتوقف على مكاسب الانتاجية في قطاعات عديدة ، وهي المكاسب التي تنجم عن تحقيق وفورات الحجم ، وتحويل التكنولوجيا نتيجة للتشابك العالمي ، وأثر تزايد التجارة على الاستثمار الأجنبي في البلدان النامية التي شاركت في الاتفاقية.
أن الدراسات التي أجريت لقياس أثر الجولة ركزت بشكل عام على المكاسب الثابتة للاتفاقية ، ولذلك فهي من الممكن أن تقلل من حجمها الكامل. أما فيما يتعلق بأثر نتائج جولة أورجواي على اقتصاديات البلدان النامية ، فإن الآراء اختلفت في ذلك ، فهناك البعض الذي يرى ان اتفاقية أورجواي سوف تكون لها انعكاسات سلبية على اقتصاديات البلدان النامية. بينما يرى البعض الآخر ، أن للاتفاقية انعكاسات ايجابية .
بالنسبة لوجهة النظر السلبية ، التي ترى أن الاتفاقية لها انعكاسات سلبية على اقتصاديات البلدان النامية ، فإن ذلك يرجع إلى الأسباب التالية:
1. تستورد كثير من الدول النامية المنتجات الزراعية والغذائية بشكل عام ، وإن الاتفاقية تضمنت الاتفاق على خفض الدعم تدريجياً الذي تقدمه الدول لإنتاجها من المحصولات الزراعية ، فإن تكلفة واردات الدول النامية من تلك سترتفع ، وسوف يتأثر الميزان التجاري لتلك الدول سلبياً ، مما يؤدي الى خلق مشاكل اقتصادية واجتماعية .
2. لقد أعطت الجات وخصوصاً في جولة طوكيو تفضيلات للبلدان النامية ، وخصوصاً الدول منخفضة الدخل ، بكونها تسعى إلى تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية  ، ولكن جولة أورجواي قلصت هذه المزايا، ولهذا  تكون الدول النامية في موقف تنافسي ضعيف في مجال التجارة الدولية ، وهذا سوف يؤثر على اقتصادياتها تأثيراً سلبياً. هناك أراء ، ترى أن نتائج جولة أورجواي ستفيد الدول النامية في المستقبل ، وتوصلت الدراسة التي أعدتها سكرتارية الجات إلى أن نتائج جولة أورجواي سوف تؤدي إلى استفادة جميع الدول المشاركة في الاتفاقية  بما فيها الدول النامية استفادة مباشرة واستفادة غير مباشرة. أن الاستفادة غير المباشرة للبلدان النامية تكمن في تحرير التجارة الدولية . وتتمثل أهم تلك الاستفادة غير المباشرة من أن اتفاقية أورجواي سوف تزيد من درجة المنافسة في التجارة الدولية ، والذي يجعل البلدان النامية أن تعمل على تحسين مستوى الإنتاج واستغلال الموارد المتاحة لديها بشكل افضل ، وهو يؤدي بالتالي إلى رفع الكفاءة الانتاجية وينعكس ايجابياً على الناتج القومي الإجمالي ومن ثم على مستوى الدخل.
 
 IV . العولمة وأثرها على البلدان النامية
تعتبر العولمة ظاهرة حضارية شاملة والتي لايمكن إيقافها والرجوع بعجلة الزمن مع بداية القرن الحادي والعشرين . تتجلى مظاهر وآثار العولمة في كافة جوانب حياتنا المعاصرة  ، وتتمثل في مجال الاقتصاد في حرية انتقال السلع ورأس المال بصورة لم يشهدها التاريخ من قبل .
سنتطرق في هذا الفصل الى تأثير العولمة والاستثمار الاجنبي المباشر على البلدان النامية وعلى النحو التالي: 
أولاً : مؤشرات العولمة الاقتصادية وتدفق الاستثمار المباشر : لقد أتضح من الدراسات التطبيقية عدم استفادة الكثير من الدول النامية من فوائد العولمة ، ويتضح ذلك من ملاحظة بعض الأرقام ذات الدلالة على مؤشرات العولمة ، وخاصة في حركة التجارة الدولية وحركة رؤوس الاموال والاستثمارات المباشرة.
 
1. التجارة العالمية في السلع : إن نظرة سريعة حول تطور الأوضاع الاقتصادية ، من الممكن أن يعطينا مؤشراً للتعرف على أهم آثار العولمة على النظام الاقتصادي العالمي بصفة عامة وعلى البلدان النامية خاصة. تشير الإحصاءات الى تضاعف الصادرات العالمية من السلع كنسبة من الناتج العالمي من 10-20 في المائة مع تزايد التعامل في الخدمات على النطاق الدولي ، حيث ارتفعت نسبة تجارة الخدمات من التجارة الدولية من 15-22 في المائة ، ومع اتساع عمليات الشركات المتعدية الجنسيات ، فإن مبيعات فروعها في الخارج قد تفوق الأن مجموع الصادرات العالمية .
لعل من أهم العوامل اللافتة للنظر والتي جذبت الانتباه لظاهرة العولمة ، هو التوسع المفاجىء في حركة التجارة الدولية خلال الأعوام الاخيرة . فهي كانت تمثل 7% فقط من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 1950 م ، وارتفعت في عام 1997 م لتصل 23% . وارتفع أيضاً متوسط معدل التجارةالدولية من4,7%  خلال عقد الثمانينات ليصل إلى 6,1 % خلال عقد التسعينات ؛ وهذا يعادل ضعف متوسط معدل النمو الاقتصادي خلال نفس الفترة . ومن المتوقع استمرار هذا التزايد في حجم التجارة العالمية خلال العقد الأول من القرن الواحد والعشرين . لقد شاركت الدول النامية وبفعالية في تحقيق هذا النمو ، فقد نجحت في  زيادة حجم تجارتها خلال الفترة من 1991-1995 م بمتوسط معدل نمو بلغ قرابة 8 % سنوياً بينما حققت الدول الصناعية معدل نمو أقل من 6%.
وتعد الدول النامية قوة دافعة في مجال العولمة ، وكذلك فهي هدف الدول المتقدمة ، بإعتبارها ساحة كبرى لاستيعاب السلع والخدمات ورؤوس الأموال ، وهذا ما تؤكده الإحصاءات التي تشير الى ارتفاع حصة التجارة في الناتج المحلي الإجمالي للبلدان النامية من نحو 33% في منتصف الثمانينات إلى 43% في أواخر التسعينات ، وسوف تتجاوز 50% خلال العقد المقبل.
إن الاندماج المتزايد للبلدان النامية في التجارة العالمية ، يواكبه ويعززه اندماجها المتنامي في التمويل العالمي ، وقد تضاعف أربع مرات تدفق رؤوس الأموال الخاصة إلى البلدان النامية في الفترة مابين عامي 1990 1998 ، وتبلغ هذه التدفقات الأن نحو ثلاثة أرباع جميع تدفقات الموارد الصافية طويلة الأجل للبلدان النامية.
لقد أصبحت التدفقات أكثر تنوعاً ، فقد قفزت حصة البلدان النامية من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في العالم من 23 في المائة في منتصف الثمانينات إلى اكثر من 40 في المائة في الفترة من 1994-  1998 م . والسبب في هذه الزيادة يعود جزئياً الى التحسينات التي طرأت على سياسات وإمكانات هذه البلدان  ومثال على ذلك هو ماتبعته كثير من البلدان النامية من تحرير الاسواق وإلغاء اللوائح وتنويع الأصول وتدويل العمليات المتعددة الجنسية.
أن نصيب الدول النامية من التجارة العالمية في السلع بلغ 28,2 % في سنة 1991م وارتفع إلى 34,6 % سنة 1997 م ، وهذا يوضح تزايد صادرات وواردات الدول النامية في تلك الفترة. غير أن هذا النمو لم تستفيد منه جميع الدول النامية على نفس الدرجة ، فقد حققت الدول النامية في جنوب شرق آسيا ودول شرق أوروبا اعلى معدل في نمو الصادرات والواردات ، بيمن الدول النامية في أفريقيا والشرق الأوسط أقل من ذلك بكثير ( انظر جدول رقم 1 ).
جدول رقم ( 1 ) : معدلات نمو الصادرات والواردات في الفترة 1990-1997 ( % )
مجموعة الدول
معدل نمو الصادرات
معدل نمو الواردات
العالم
163,3
160,2
الدول الصناعية
145,1
145,5
الدول النامية
212,8
197,3
أفريقيا
150,6
133,3
أسيا
231,6
233,3
أوروبا
218,7
206,0
الشرق الأوسط
148,3
127,0
 
IMF: DIRECTION OF TRADE STATISTIC YEARBOOK, 1998, WASHINGTON D.C.1998, PP. 8                                                                                          إن سرعة الاندماج الدولي للدول النامية ومستواه تختلف اختلافاً كبيراً من بلد إلى آخر ، وهو يظهر من الإحصاءات التي تشير إلى ازدياد اندماج شرق آسيا في التجارة العالمية بسرعة وبطريقة مستديمة ، في حين كانت نسبة التجارة إلى الناتج المحلي في أفريقيا جنوبي الصحراء في انخفاض مستمر حتى وقت قريب. ولكن تسارع الاندماج التجاري في مناطق أخرى مثل ، امريكا اللاتينية ، وجنوب آسيا، و اوروبا  و وسط آسيا .
وعلى الوتيرة نفسها ، اتخذ الاندماج المالي للدول النامية صوراً متباينة ، فقد كان نحو 90% من تدفقات رأس المال الخاص إلى البلدان النامية خلال عقد التسعينات يتركز في اثني عشر بلداً، والتي معظمها بلدان متوسطة الدخل في شرق آسيا وأمريكا اللاتينية. أن على الدول النامية والتي تعاني من عجز في وسائل التمويل المحلي مطالبة بإجراء كثير من الاصلاحات ، لكي تتمكن من اجتذاب المزيد من رؤوس الأموال الأجنبية وبصورتها المباشرة. لقد أدى النشاط في حركة تجارة الدول النامية إلى زيادة نصيبها من التجارة العالمية من 23 % في عام 1985 م ، إلى 29 % في عام 1995 م . وكذلك فقد قامت هذه الدول بتعميق وتنويع روابطها التجارية ، والذي أدى بالتالي إلى ارتفاع حجم تجارتها البينية من 31 % من إجمالي حجم تجارتها في عام 1985 م ، لتصل إلى 37 % في عام 1995 م . ولم يقتصر هذا الانتعاش في حركة تجارة الدول النامية على الكم فقط ، بل تضمن أيضاً الكيف . وبهذا الصدد زاد نصيب المنتجات المصنعة في صادرات تلك الدول من 28,2 % في عام 1975 م ، لتصل إلى 47,2 % في عام 1985 م ، ثم قفزت إلى 83 % في عام 1995 م ، وهذا يعكس ويبين تزايد القدرات التصنيعية للدول النامية.
وعلى الرغم من كل هذه التطورات الإيجابية والتغيرات في أداء الدول النامية ، نلاحظ التفاوت الكبير فيما بينها ، فقد استمر الانخفاض الذي بدأ منذ أواخر الستينات في نصيب أفريقيا من التجارة العالمية.
ان توسيع العلاقات والروابط التجاريةوتنويعها وتعميقها بين البلدان النامية ، هو نتيجة التغيرات المهمة في نظم التجارة والصرف وانتهاج السياسات الأكثر انفتاحاً وتوجهاً نحو الخارج ، وتم تحرير نظم التجارة والصرف ، وكذلك خفض الحواجز الجمركية وغير الجمركية وبصورة ملموسة.
2. تدفق الاستثمار المباشر ونمو الصادرات : أوضحت الدراسات التطبيقية في الدول النامية وبينت ارتفاع معدلات الاستثمار المباشر والنمو الاقتصادي ونمو الصادرات في دول جنوب آسيا بصفة خاصة  ، وهذا ما يؤهلها للاندماج في عملية العولمة وتقسيم العمل الدولي. من الفوائد التي تعود على التنمية الاقتصادية ومن جراء زيادة الصادرات ، أنه من خلال تنمية الصادرات يمكن الدول النامية أن تزيد من طاقة الاستيراد لديها. ويمكن للدول النامية الاستفادة من مزايا تقسيم العمل الدولي ورفع كفاءة صناعتها الوطنية وقدرتها على المنافسة في السوق العالمية. أن تشجيع الصادرات يؤدي الى الاستفادة من فرص الاستثمار في القطاعات الاقتصادية الأكثر إنتاجية ، وبذلك يمكن أن يؤدي تشجيع الصادرات إلى تدعيم التخصص وإلى زيادة الإنتاجية. أيضاً فأن تشجيع الصادرات يعمل على فتح أسواق جديدة للمنتجات الوطنية ، وهذا يؤدي بالتالي إلى الاستفادة من وفورات الإنتاج الكبير.
أن التوسع في التصدير يؤدي تنشيط الاستهلاك المحلي ، وذلك لأن ارتفاع دخول المستهلكين يزيد من الطلب على السلع الأجنبية ، وبذلك ينشط المنتجون لتقليد المنتجات الأجنبية. ومن خلال نمو قطاع التصدير تظهر حوافز لاستثمارات جديدة محلية وأجنبية ، وتتاح الفرص لتوسيع نطاق الصناعات القائمة. يمكن لزيادة الصادرات ان تساهم وبنشاط وفعالية في تحسين عملية نقل التكنولوجيا وبالطرق المختلفة ، سواء عن طريق جلب المعرفة الفنية أو المعدات الرأسمالية.
أن جميع العوامل المذكورة تتفاعل بقوة وتحفز على استثمارات اضافية وتشجع على التصدير والاستهلاك أيضاً ، مما يؤدي الى ارتفاع الناتج القومي. ان وجود مايسمى بالآثار الإيجابية للتصدير يتوقف على حالة الاقتصاد القومي ودرجة نموه ونوعية سياسة التنمية المتبعة. وتوجد نماذج مختلفة للتنمية تتحيز أو تتميز بالاتجاه نحو التصدير ، ففي الدراسة التي أجراها B. Balassa حول العلاقة بين الصادرات والتنمية الاقتصادية في نحو 12 دولة نامية ، فقد استنتج أنه في الفترة 1960-1973 م كان معامل ارتبط سبيرمان Spearman Rank Correlation بين نمو الصادرات ونمو الناتج القومي يبلغ 0,67 في القطاع الزراعي، وبلغت 0,71 في قطاع الصناعة ، وبلغ 0،89 للاقتصاد القومي ككل. وفي نفس الفترة بلغ معامل ارتباط الصادرات بالناتج الصافي للصادرات 0,74 في الصناعة ، 0,77 للناتج القومي الكلي. وهذا يعتبر انعكاساً للآثار غير المباشرة للصادرات.
ويعتبر Balassa من المتحمسين والمؤيدين لاستراتيجية تشجيع الصادرات ، وهو يرى أنها تفضل على استراتيجية إحلال الواردات في أنها تؤدي إلى توزيع الموارد بطريقة أفضل، كما أنها تعمل على ضمان التشغيل الأفضل للطاقات المتاحة ، والاستفادة من وفورات الانتاج الكبير ، وتحسين الطرق الفنية للإنتاج بسبب المنافسة الدولية.
تلعب الشركات المتعددة الجنسيات دوراً كبيراً في رفع كفاءة قطاع التصدير في الدول النامية. وهناك اسباب ودوافع لدى هذه الشركات ، والتي تعمل على نقل وتوطين بعض الصناعات في البلدان النامية. ونلاحظ قبولاً متزايداً على تلك الشركات المتعدية الجنسية في الدول النامية والتي تتبنى استراتيجية التوجه التصديري. وهناك المنافع المتحققة للدول النامية من جراء ذلك ، والتي تتمثل في تقليل تكلفة حصولها على التكنولوجيا الحديثة والتدريب عليها وممارسة العمل بها، وفتح أسواق الدول النامية. وهناك منتجات لايمكن إنتاجها في الدول النامية بدون نشاط الشركات ذات النشاط الدولي ، وقيامها أيضاً بتسويق هذه المنتجات في السوق العالمية. أن المشكلة الرئيسية لدى الدول النامية في تعاملها مع  الشركات المتعدية الجنسيات وذات النشاط الدولي ، تكمن في كيفية الاستفادة من النواحي الإيجابية لنشاطها دون الوقوع في شرك التبعية ، والذي ينشأ من خلال الشركات دولية النشاط وأسلوب الإنتاج للتصدير.
يقسم الاقتصاديون فوائد الاستثمار الاجنبي الى فوائد مباشرة وفوائد غير مباشرة. ويرى رواد المدرسة الكلاسيكية والكلاسيكية الحديثة ، أن القطاع الخاص له الدور الكبير والريادي في التنمية الاقتصادية،  بينما رواد المدرسة التبعية الاقتصادية ، يرون ان القطاع العام يجب أن يكون له دور الريادة قي مجال الاستثمار والأنشطة الاقتصادية الاخرى.
ويمكننا هنا الوقوف عن فوائد الاستثمار الأجنبي المباشرة ، حيث أن الاستثمار الاجنبي يفيد المستهلكين من خلال استخدام آلات ومعدات متقدمة التكنولوجيا ، وهذا يؤدي إلى انخفاض تكاليف الإنتاج ، والأخير يؤدي إلى انخفاض أسعار السلع ، ومن هنا نلاحظ ، ان استفادة المستهلك من الاستثمار الأجنبي لم تقتصر على انخفاض الأسعار فحسب ، بل ايضاً سوف يستفيد المستهلك من ارتفاع جودة ونوعية السلع التي تنتج بواسطة الاستثمار الأجنبي. ويستفيد العمال من الاستثمار الأجنبي ، حيث يقوم المستثمر الأجنبي بتدريب العمال والموظفين ، وهذا مايزيد من مستوى مهاراتهم وكفاءاتهم ، وبالتالي ذلك ينعكس ايجابياً على إنتاجيتهم ومستوى الدخل والاجور.
كما تستفيد الدول النامية المضيفة للاستثمار الاجنبي لزيادة مواردها من الضرائب على الاستثمار الاجنبي ، وزيادة موارد الدولة تؤدي إلى زيادة إنفاقها على المشروعات الاقتصادية والاجتماعية المختلفة، ويؤدي ذلك إلى تحقيق معدلات مرتفعة من النمو الاقتصادي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
أما الفوائد غير المباشرة التي تعود على البلدان النامية ، والتي تستعين بالاستثمار الأجنبي المباشر ، فأن الاستثمار الاجنبي فعند إقامته المشاريع المختلفة سوف يقوم ببعض مشروعات البنية الأساسية ، والتي هي بالتالي تستفيد منه المشروعات المحلية والفراد وينعكس ذلك إيجابياً على الاقتصاد القومي. كما تستفي الدول النامية المستضيفة للاستثمار الأجنبي عن طريق تقديم برامج تدريبية في المجال الفني أو الإداري.
أن الدراسات التطبيقية والعملية اثبتت أن الدول النامية التي استعانت وعملت على جذب الاستثمارات الاجنبية قد حققت معدلات نمو اقتصادي مرتفعة جداً ، وخير مثال على ذلك تلك الدول ، تايوان وهونج هونج وسنغافورة وكوريا الجنوبية و ماليزيا ، وبالتالي فأن هذا يوضح أهمية الاستثمار في التنمية الاقتصادية.
أمام الدول النامية وفي سعيها على جذب الاستثمارات الأجنبية عدة اختيارات حسب الصناعة والنشاط الاقتصادي ، والذي هو أداة للتأثير على عملية التفاوض مع الشركات دولية النشاط بشأن الاستثمار في المناطق الحرة.
أن القوة التفاوضية للدول النامية تكمن في توفير إطار تشريعي ومؤسسي جيد وإدارة حديثة. وارتفاع درجة تطور علاقات السوق في الدول النامية يلعب دوراً في رفع القدرة التنتفسية للصناعة المحلية. وتعتبر المناطق الحرة أداة فعالة في هذا المجال ، وإمكانيات الاختيار تتوقف على نوع الاستثمار ونوع النشاط الاقتصادي والدولة المصدرة لرأس المال والاستثمارات.
يجب أن لاننسى ، من الممكن تقديم حوافز وإعفاءات ضريبية للاستثمار في مجالات معينة ، ولعل طبيعة المنطقة الحرة كجزيرة اقتصادية معزولة تعطي الفرصة للدولة النامية إمكانية الرقابة عليها بسهولة. أن قيام الشركات دولية النشاط بنقل التكنولوجيا يكون أكثر فعالية في حالة مشاركة الشركات الوطنية لها في الملكية.
أن تاثير الشركات دولية النشاط في العولمة الاقتصادية يتضح من حركة رؤوس الأموال وخاصة بعد منتصف الثمانينات. لقد بدأ الاهتمام بدراسة تدويل عملية الانتاج في فروع كثيرة على مستوى العالم وانتشار حركة رؤوس الأموال الاجنبية والاستثمارات الأجنبية المباشرة في مناطق كثيرة من العالم منذ منتصف الثمانينات ، حيث يلاحظ أن معدل نمو الاستثمارات الاجنبية المباشرة منذ ذلك الحين كان أعلى بكثير من معدل نمو الصادرات والإنتاج العالمي.
3. العولمة وتجارة الخدمات في الدول النامية: أن العولمة ترتكز على مؤسسات تتمتع بالكفاءة والتميز على اطر وقوانين واضحة تحفز المؤسسات الخاصة على الالتزام بمعايير الجودة في بيئة مستقرة تتكافأ فيها الفرص وتتساوى فيها المعاملة أمام القانون ، وهي ايضاً تنهض من خلال قطاع خاص قوي في مجال الخدمات ، يعرف جيداً حدود دوره وواجباته.
أن أوجه التقدم السريع في ظروف العولمة يتطلب العمل الصحيح مع تجارة الخدمات الدولية. فالتقدم السريع في الاتصالات السلكية واللاسلكية وفي تكنولوجيا المعلومات ساعد على توسيع القدرات التجارية في مجال الخدمات. وقد بدأت تنفتح أمام البلدان النامية مسارات جديدة للصادرات ، وخاصة في مجال الخدمات الكثيفة العمالة والبعيدة نسبياً ، مثل تجهيز البيانات ، وإعداد برامج الحاسوب ، والخدمات المهنية والمكتبية. أدى تزايد الإمكانيات التجارية للخدمات إلى زيادة فرص  حصول الشركات في البلدان النامية على خدمات فعالة ومتقدمة فنياً.
لقد أصبح من الواجب على البلدان النامية ، بأن تقوم بتحسين كفاءتها في توفير الخدمات ، من أجل أن تكون لها أهمية متزايدة في القدرة على المنافسة في مجال الاقتصاد كله ، ووضع نظام للتجارة الحرة الشاملة في الخدمات.
أن اندماج البلدان النامية في الاقتصاد العالمي يفيد البلدان الصناعية المتقدمة أكثر مما يضرها ، حيث إن مكاسب التخصص والكفاءة التي تحصل عليها البلدان الصناعية من البلدان النامية هي مكاسب كبيرة ومتعددة ، وهي أكبر من المكاسب التي تجنيها من زيادة الاندماج فيما بينها. وبما أننا نتحدث عن تجارة الخدمات ، ففي هذا المجال بوجه خاص لاتمثل الكلفة في البلدان النامية سوى جزء طفيف من الكلفة في البلدان الصناعية. كما أن البلدان الصناعية يمكن أن تحقق مكاسب كبيرة من الاندماج التجاري الناجم من ارتفاع معدل نمو الاستثمارات والابتكار وتنامي الإنتاجية الناتج عن ازدياد حجم السوق والمنافسة ومايترتب على كل ذلك من آثار تكنولوجية.
ومن جانب آخر ، لن يكون ازدياد الاندماج مع البلدان النامية من دون كلفة تصحيح تتحملها البلدان الصناعية وخصوصاً بالنسبة لصناعاتها كثيفة العمالة ، وعمالها ذوي المهارة المنخفضة ، ولكن من الناحية الاقتصادية ككل ومع مرور الوقت ، فإن الكلفة سوف تنخفض أمام المكاسب الناجمة عن الاندماج ، وسوف تؤدي التجارة مع البلدان النامية إلى تنشيط الصناعات والخدمات الأخرى في البلدان الصناعية التي ستحتفظ بميزة القدرة على المنافسة.
أن الأغلبية من البلدان النامية تعتبر مستورداً صافياً للخدمات ، أما الدول المصدرة للخدمات منها فتعتمد في المقام الأول على خدمات الأيدي العاملة ، والتي لم يتم التوصل لاتفاق بشأن تحريرها حتى الآن. تتوقف قدرة البلدان النامية سواء على المنافسة في تجارة الخدمات ، أو تحمل المنافسة الوافدة إلى أسواقها من الخارج على طبيعة العروض التي تقدمت بها ومجالاتها والقيود التي ترفقها في جداولها كشروط للتأهل للمعاملة الوطنية والترخيص للأجانب لتوريد الخدمات اليها.
أن فتح باب المنافسة في مجال تجارة الخدمات وتحرير المعاملات في الميادين المرتبطة بها من شأنه أيضاً أن يزيد قدرة شركات الخدمات المحلية على المنافسة وتطويرالأداء والحصول على نصيب أكبر من السوق المحلية. ومع ذلك ستظل الدول الصناعية المتقدمة مسيطرة على صعيد تجارة الخدمات والحصول على نصيب كبير من عائد الخدمات في هذه الأسواق.
ومع ذلك فإن هناك بعض المواد في اتفاقية الخدمات بين الدول الصناعية المتقدمة والبلدان النامية مايضمن مصالح الدول النامية والتي تتمثل في المواد الرابعة والخامسة والثانية عشرة والتاسعة عشرة.
فالمادة الخامسة التي تسمح بالتكامل الاقتصادي توفر في فقرتها الثالثة الشفافية للدول النامية عند دخولها في اتفاقيات تكامل لتحرير التجارة في الخدمات وبما يؤدي إلى منحها معاملة تفضيلية للأشخاص الاعتباريين التي يملكها أو يديرها اشخاص طبيعيون من الأطراف في الاتفاق دون التزامهم بتعميم ذلك وفقاً لمبدأ الدولة الأولى بالرعاية.
لاتقتصر التجارة الدولية على السلع فقط ، ولكن تشمل أيضاً الخدمات ، وتعتبر مناقشة تحرير التجارة في الخدمات وإخضاعها لأسس التجارة متعددة الأطراف من النقاط المهمة في عصر العولمة والتي تمت مناقشتها في جولة اورجواي ، ومن الجدير بالذكر ان الولايات المتحدة الأمريكية كانت وراء طلب إدخال الخدمات في مفاوضات جولة أورجواي. وقد شجعت الولايات المتحدة منذ السبعينيات الدول التي تلغي الحواجز التجارية أمام تجارتها من الخدمات بإعطائها مزايا تفضيلية مقارنة بالدول الأخرى وذلك في إطار ثنائي لعدم إدراج موضوع تجارة الخدمات في الجولات السبع السابقة لجولة أورجواي.
كان موضوع تحريرتجارة الخدمات محل خلاف بين الولايات المتحدة الأمريكية من ناحية والدول النامية من ناحية أخرى ، حيث ترى الدول النامية أن تحرير تجارة الخدمات سوف يؤثر سلبياً على قطاع الخدمات في الدول النامية . وتم التوصل إلى حل وسط لحل هذا الخلاف ، يتم بموجبه فصل قانوني بين الهيئة التي تفاوض الأمور المتعلقة بتجارة السلع والهيئة التي تفاوض الأمور المتعلقة بتجارة الخدمات.
ومن الجدير بالذكر أن الخلاف احتدم بين الدول المتقدمة والدول النامية فيما يتعلق بتحديد مفهوم أو معنى الخدمات ، حيث إن الدول المتقدمة قد توسعت في تعريف مفهوم الخدمات ، حيث ترى أن كل ماهوليس بسلعة يعتبر خدمة ، بينما ترى الدول النامية أن مفهوم الخدمة ينحصر فقط في المعاملات التي تتطلب انتقال مورد الخدمة عبر حدود الدولة ، وانتقال المستهلكين عبر الحدود وكذلك انتقال عناصر الانتاج لتقديم هذه الخدمة ، وطبقاً لما تحدده الدول النامية فيما يتعلق بمفهوم الخدمات ، فأنه لاينطبق على الاستثمار الأجنبي المباشر أو الهجرة الدولية ، بينما ترى الدول المتقدمة أن انتقال العمالة بين الدول هو خدمة.
لقد ركزت جولة اورجواي فيما يتعلق بتجارة الخدمات على ثلاث محاور رئيسية وهي:
ü     وضع قواعد مناسبة لتجارة الخدمات بين الدول الاعضاء ، وذلك بعد تحديد الخدمات التي يتم الاتفاق عليها ، حيث أنه كان هناك خلاف بين الدول الاعضاء في تحديد مفهوم الخدمات. وتشمل هذه القواعد كيفية التعامل من قبل الدول مع تجارة الخدمات وإزالة العوائق التجارية وقضايا فض المنازعات بين الدول المعنية.
ü     تحديد المجال الذي يغطيه الاتفاق ، فهناك العديد من الاتفاقيات الثنائية بين العديد من الدول في مجال الخدمات ، هذا بالاضافة الى أن هناك انواعاً من الخدمات تسيطر عليها الدول وخصوصاً في الدول النامية ، ويعود لأسباب سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية ، ولذا يجب الاتفاق بين الدول الاعضاء على الخدمات التي يشملها الاتفاق.
ü     مواجهة الاستفادة بالمنافع دون تحمل تكاليف ، أو ما يطلق عليه free rider .
وقد تم التوصل في نهاية جولة اورجواي إلى اتفاق الدول الأعضاء على العمل على تحرير تجارة الخدمات ، وجعلها خاضعة لقواعد الاتفاقيات متعددة الأطراف ، وكذلك الاتفاق بين الدول الأعضاء على معاملة التجارة في الخدمات علىأساس معاملة غير تميزية non-discrimination principle .
4. العولمة والأسواق المالية الناشئة : يعتبر تكامل أسواق المال من أكثر ظواهر عولمة النشاط الاقتصادي وضوحاً وتاثيرأ. أن عملية تحرر اسواق المال وإلغاء القيود المتشددة التي كانت مفروضة على تحركات رؤوس الأموال الدولية وعلى أسواق الصرف في عدد كبير من الدول الصناعية لم تكن وليدة اليوم.
لقد استفادت الدول النامية من تحرير أسواق المال بصورة ملموسة ، حيث أصبحت هذه الدول أكثر اندماجاً مع النظام المالي العالمي. وقد تبين هذا وبوضوح في ارتفاع متوسط صافي تدفقات رأس المال الخاص إلى الأسواق الناشئة ليصل إلى نحو 218 مليار دولار في عاع 1996 م ، ثم 286 مليار دولار في عام 1997م          وقد انخفض في عام 1998 م ليصل إلى 149 مليار دولار. لقد استحوذت الأسواق الناشئة في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا على نحو 14 مليار دولار من هذه الاستثمارات في عام 1998 م. وكان الجانب الأكبر من هذه التدفقات في صورة استثمارات للمحافظ Portfolio Investment وأسهم رأس المال. ونتيجة لذلك فقد ارتفعت تدفقات رأس المال إلى إجمالي الناتج المحلي للدول النامية من 0,5 % خلال الفترة 83-1989م إلى نسبة تتراوح مابين 2 % - 4 % خلال الفترة من 1994 – 1996 م. وقد شكل الاستثمار الأجنبي المباشر الجانب الأكبر في هذه الزيادة والتي تدفقت بصورة هائلة إلى مااطلق عليه الأسواق الناشئة Emerging Markets ولاسيما إلى الدول الآسيوية التي شهدت معدلات نمو اقتصادي مرتفعة نسبياً ، فهي استقبلت خلال الفترة من 90-1996 م ، ضعف مااستقبلته الدول النامية الأفريقية من التدفقات الرأسمالية خلال نفس الفترة.
لقد أدت العولمة دوراً مهماً وبارزاً في تنشيط الأسواق المالية ونشأتها في العديد من دول العالم ذات الاقتصاديات النامية. أننا ومن خلال نظرتنا في إحصاءات حركة الاستثمارات الخاصة أو غير الرسمية وغير المباشرة ، أي الاستثمار في الأوراق المالية يتضح ويتبين لنا أنها قد زادت من 1,4 بليون دولار إلى 9,5 بلايين دولار خلال الفترة من 1986 – 1996 م ، وتمثل الاستثمارات الخاصة بالنسبة إلى إجمالي التدفقات إلى الأسواق المالية الناشئة نحو 32,1 خلال الفترة نفسها مقارنة بمستواها عام 1986 م ، حيث لم تزد تلك النسبة عل 2,2 % من إجمالي الاستثمارات الدولية. وجاءت هذه الزيادة في البلدان النامية نتيجة لحدوث عدد من المتغيرات الدولية وكذلك اتباع هذه الدول سياسات معينة ، والتي جلبت انتباه وتقدير المستثمرين الأجانب ودفعهم على توجيه رؤوس أموالهم لأسواق الأوراق المالية في البلدان النامية.
لقد ساعدت عوامل العولمة المالية والتحرير المطلق للأسواق المالية الدولية على تزايد حركة رؤوس الأموال الدولية وحرية الحركة في ومن الأسواق المختلفة ، وتكامل اقتصاديات كثيراً من الدول والأسواق المالية فيها.
لقد تضاعفت التدفقات المالية إلى الأسواق الناشئة بالنسبة إلى الناتج المحلي الإجمالي للدول النامية خلال الفترة من 1985 – 1996 م ، حيث زادت من أقل من 1 % إلى 4 % خلال الفترة من 1983 – 1996م  وأخذت هذه التدفقات أشكالاً مختلفة ومتعددة ، إلا أن الأكثرية منها كانت في شكل استثمارات في الأوراق المالية في الأسواق الناشئة  ، وكانت أكثر الأشكال نمواً.
تشير الدراسات والبحوث إلى أن الجزء الأكبر من التدفقات المالية اتجه إلى تلك البلدان ذات الأسواق الناشئة التي تتمتع بمعدلات نمو اقتصادية عالية نسبياً. استحوذت دول آسيا وأمريكا اللاتينية على القدر الأكبر من صافي الاستثمارات خلال الفترة 1993 – 1995 م ، كذلك شهدت الأسواق الناشئة تباين مصادر رؤوس الأموال ، حيث استحوذت دول آسيا على نحو 91 % من الاستثمارات اليابانية في عام 1993م ، وكذلك بالنسبة للتدفقات المالية ، فكان لآسيا النصيب الأكبر ، فهي استقبلت ثلثي الأموال المتجهة إلى الدول النامية في عام 1996 م . أما بالنسبة للاستثمارات الأمريكية ، فقد اتسمت بالتنوع بين الأسواق ، دون التركز في أسواق معينة.
لقد ساعد تحرير الأسواق المالية على تعزيز صور التكامل المتزايد لأسواق رأس المال ، وخاصة بعد قيام الدول النامية الناجحة بإزالة القيود على التدفقات عبر الحدود وبشكل كبير. وكذلك قامت هذه الدول بإزالة القيود على معاملات مدفوعات الحساب الجاري ، وقبلت الالتزام بالحفاظ على قابلية تحويل الحساب الجاري لعملائها بموجب المادة الثامنة من اتفاقية صندوق النقد الدولي . وبالاضافة إلى كل هذا ، فقد ساعد على تكامل أسواق رأس المال التحسن الذي طرأ عل مؤشرات الاقتصاد الكلي في عدد كبير من الدول النامية.
وعلى الرغم من المزايا العديدة التي يمكن تحقيقها نتيجة لتكامل أسواق المال وإزالة القيود والحواجز أمام حركة رؤوس الأموال والاستثمارات ، فالعولمة لها شكل آخر ، وهو يتمثل في المخاطر التي يمكن أن تتعرض لها أسواق المال نتيجة لسهولة انتقال آثار الأزمات المالية التي تتعرض لها إحدى الدول بسرعة كبيرة لتشمل اغلبية اسواق المال الأخرى. والأزمات المالية ، التي شهدتها فترة التسعينات في المكسيك ودول جنوب شرق آسيا والبرازيل والأرجنتين وروسيا. ، هي مثال الساطع على ذلك .
5. العولمة والتقارب الاقتصادي : لعل التأمل في التغيرات والتطورات التي حصلت وخاصة في فترة التسعينات تشير إلى أن هناك مجموعة من العوامل والقوى الدافعة ، والتي تعمل على تشكيل وتكوين نظام اقتصادي عالمي جديد ، والذي يؤدي بالتالي إلى التقارب لاقتصادي بين الدول المتقدمة والبلدان النامية.
ومع بداية التسعينات عندما ظهرت عوامل وقوى دافعة جديدة ، التي بلورت سمة العولمة Globalization ، وظهور منظمة التجارة العالمية WTO ، وتكوين التكتلات الاقتصادية العملاقة ، وسيادة آليات السوق وغيرها ، أصبحنا أمام الإعلان عن بداية تكوين وتشكيل النظام الاقتصادي العالمي الجديد.
من الأمور والقضايا المهمة ، والتي تثيرها وبلا شك العولمة هي عدم التوازن في النظام الدولي الحالي وهو بسبب الفجوة الواسعة التي تفصل بين مستويات النمو ودرجة التقدم والتطور على مختلف الأصعدة بين الدول المتقدمة والدول النامية.
أن الكثير من الدول النامية في ظل العولمة تجد نفسها وهي في مواجهة الدول ، التي تسبقها في التجربة التاريخية والسياسية والاقتصادية ، وكذلك هي بعيدة عن النموذج أو النمط ، الذي تفترض العولمة تعميمه على الجميع ، وهو يشمل الحرية الاقتصادية والديمقراطية السياسية ، والحرية الفردية وحقوق الأنسان .
هذه الفجوة بين دول الشمال ودول الجنوب بحاجة إلى حل ، وأن إيجاد الحل المناسب ليس بالعملية السهلة والبسيطة. فالوصول إلى الدرجة المرجوة من التقدم يتطلب درجة مهمة من التحديث والتصنيع والتعليم وقاعدة علمية وتكنولوجية ، إلى جانب مايستلزمه من النهوض بوسائل الثقافة والمعرفة وتطوير الثقافات التقليدية من أجل بناْ المجتمع المدني.
أن التقارب لايمكن أن يتحقق بطريقة سريعة وسهلة ، لأنها عملية ممتدة ومعقدة ، وتعتبر جزء من عملية الاندماج في السوق العالمية ، والتي تتطلب التحرير الاقتصادي ، والذي يعني ضرورة إعطاء المزيد من الاهتمام والأولوية لعوامل البناْ والنهوض الداخلي لمجتمعات العالم ودوله المختلفة وخاصة النامية منها ، والتدرج في سياسات العولمة ، من أجل تحقيق قدر من التوازن بين الأولويات الاقتصادية وتلك السياسة الاجتماعية والثقافية ، وسد هذه الفجوة ، يعتبر عامل أساسي في إقامة نظام اقتصادي عالمي ، القائم على العدالة والسلم والأمن.
وعلى هذا فإن عصر العولمة ينطوي على بعض التحديات الصعبة ، وأن اندماج الدول النامية في الاقتصاد العالمي لايمكن أن يحقق أهدافه أو يستمر إلا في ظل وجود نظم متقاربة في الشكل والمضمون على مستوى دول العالم وهو مانسميه با لطريق الثا لث.
أن تحقيق هذا التقارب يتطلب الجهود المشتركة لكل من الدول المتقدمة والبلدان النامية ، وهذا يتمثل في تقديم المساعدات إلى الدول النامية ليس في شكل صورة مادية فقط ، وإنما في صورة تسهيلات قانونية تتمثل في إطالة الفترة الزمنية الممنوحة للدول النامية للانضمام إلى التكتلات العالمية  ، وتوجيه الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى هذه الدول .
على الدول النامية ضرورة الإسراع في تطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي والاتجاه نحو اقتصاد السوق والاهتمام بالإنتاج لغرض التصدير مع مراعاة التنوع ، فالتصدير هو عصب عصر العولمة ، والدخول في تكتلات إقليمية ، وإقامة الحوار بين الدول النامية ، وتنشيط التجارة البينية ، وهذا بالتالي يؤدي إلى الاستفادة من عصر العولمة.
 
 
 
  
 
      
 
 
 
 
الفصل الثالث
الاقتصاد العربي في عصرالعولمة
ان التحديات التي تواجهها الاقتصاديات العربية كثيرة وعديدة ، ولابد من التصدي لها بالشكل السليم وعقلانية وتفاعل مثمر ، من أجل تقليل اضرارها في عالم يتجه نحو العولمة ، والذي تزول فيه الحواجز أمام تجارة السلع والخدمات وانتقال الأموال والأشخاص. كما تواجه البلدان العربية تحديات المشروعات البديلة كالشرق أوسطية والمتوسطية .
أن النظام الاقتصادي العربي شهد محاولات كثيرة ، قامت من خلالها العديد من الأنظمة و أشكال التعاون الاقتصادي التي انتهت لإسباب كثيرة إلى هياكل ضعيفة و أطر مؤسسية ليست ذات فاعلية ، و اتفاقيات وصيغ للتكامل الاقتصادي تحتاج إلى الدراسة  و إعادة النظر.
لقد تبلورت في الاقتصاد العالمي الجديد مجموعةمن التغيرات الاقتصادية العالمية التي أثرت على مسيرة العمل الاقتصادي العربي المشترك ، فالجات ومنظمة التجارة العالمية التي عمقت تحريرالتجارة العالمية  ، بما تحمله من آثار على الاقتصاديات العربية ، وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي  وتنفيذهما برامج الاصلاح الاقتصادي في تعاون وتنسيق غير مسبوق يعمق المشروطية الدولية ، والتكتلات الاقتصادية العملاقة التي تكونت وأبرزت العديد من الآثار ، وبالإضافة إلى مايسمى باقتصاديات المشاركة الدولية ، وماوضعته من تحدي أمام الاقتصاد العربي يتمثل في إقامة اقتصاد عربي ، والشركات المتعدية الجنسيات ، والثورة التكنولوجية التي عمقت عالمية الاقتصاد ، و اتجاه النظام الاقتصادي العالمي الجديد إلى خلق أنماط جديدة من تقسيم العمل الدولي والاتجاه نحو المزيد من الاعتماد الاقتصادي المتبادل كلها وغيرها من التغيرات الاقتصادية العالمية ، أبرزت الحاجة الملحة والشديدة إلى وجود نظام اقتصادي عربي جديد يستطيع التعامل مع النظام الاقتصادي العالمي الجديد بكل تغيراته ومتغيراته وآلياته و آثاره. لقد اتيحت للدول العربية فرص كثيرة لتحقيق التحول من خلال زيادة سرعةالنمو الاقتصادي ، وتتسم هذه الفرص بالتنوع والكثرة، حيث أن هناك إمكانية لمواصلة التوسع السريع في مجال التجارة العالمية وزيادة عولمة الأسواق المالية الدولية و لإقامة علاقات قوية مع الاتحاد الأوروبي ، وكذ لك تحسين المناخ الاقتصادي في المنطقة.
بدأت بعض الدول العربية في إجراء تصحيح واسع النطاق للاقتصاد الكلي ، وكذلك انتهاج سياسات الاصلاح الهيكلي ، وهي تواجه تحدياً رئيسياً في المستقبل يتمثل في تعزيزقوة الدفع بالنسبة للإصلاح الاقتصادي ومواصلة عملية البناء والتقدم.
من هذا المدخل سنتطرق في هذا الفصل لتحليل التغيرات في العلاقات الاقتصادية العربية وتوجهاتها والاتجاهات التي حكمت هذه العلاقات في ظل النظام الاقتصادي العربي خلال الفترة من 1945 – 1991 م ، وبعد ذلك نحاول تحديد وإيضاح الآثار والانعكاسات الخاصة بالتغيرات في النظام الاقتصادي العالمي الجديد  ، وكذلك موقع الاقتصاد العربي من العولمة.   
 
أولاً : النظام الاقتصادي العربي خلال الفترة 1945- 1991م : يتميز الاقتصاد العربي ببعض الخصائص التي تشابه في بعضها خصائص الدول النامية ويختلف بعضها عن الدول النامية لطبيعة الاقتصاد العربي وموقعه الجغرافي.
إن النظر في التغيرات التي طرأت على النظام الاقتصادي العربي ، خلال الفترة من 1945 – 1991 م سيسفر عن وجود اتجاهين رئيسيين يحكمان التغيرات في العلاقات الاقتصادية العربية وهما:
1-    التغيرات في العمل الاقتصادي العربي المشترك من خلال جامعة الدول العربية. بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، كانت المنطقة العربية تمر بمخاض التحرر و إنجاز الاستقلال الساسي . لقد أصدرت الحكومة البريطانية يومذاك بياناً رحبت فيه في شهر مايو 1941 م ، بأي عمل يتم في اتجاه الوحدة العربية. وهذا أدى إلى نشط بعض الساسة العرب  في إجراء المشاورات لكيفية تحقيق هذا الهدف. وكان من بين المشروعات المقدمة مشروع جامعة عربية مصغرة تشمل الهلال الخصيب ، الذي يضم العراق و سوريا الكبرى ، ويمكن أن تنضم إليه أي دولة عربية اخرى ، ويتولى مجلس الجامعة المقترح شئون الدفاع والخارجية والعملة والمواصلات والجمارك. ولكن هذه المشاورات التحضيرية بين الأقطار العربية أفضت مع بداية 1944 م إلى إبراز اتجاهين : فالاتجاه الأول يدعو إلى دولة عربية إتحادية وبأحدى شكليها الفيدرالي أو الكونفدرالي ، وتمثل سوريا هذا الاتجاه ، أما الاتجاه الثاني ، فهو يفضل التعاون وتنسيق الخطط ويحتفظ كل قطر فيه باستقلاله وحقه في إتخاذ القرار. وكانت الاسماء المطروحة للتنظيم الجديد هي التحاف العربي والاتحاد العربي والجامعة العربية وجامعة الدول العربية ، ويعبر المشروع الأخير عن رغبة مصر، وهي تعتبر الصيغة الاكثر قبولاً وتعبيراً عن أوضاع وعلاقات الأقطار العربية ذات الكيان المستقل أوشبه المستقل يومذاك. أن الخطوة العملية جاءت من قبل رئيس وزراء مصر النحاس باشا  في 12/7/1944 م ، فهو وجه الدعوة إلى الحكومات العربية التي شاركت في المشاورات التمهيدية لإرسال مندوبيها للآشتراك في اللجنة التحضيرية للمؤتمر العربي العام التي ستتولى صياغة المشروعات لتحقيق الوحدة العربية . وكان أول إجراء في سبيل إقامة هذا التنظيم ، أي إنشاء جامعة الدول العربية بروتوكول الإسكندرية في ( 7 أكتوبر 1944 م) وتم التوقيع عليه من قبل أعضاء اللجنة التحضيرية الخمس ، الأردن وسوريا والعراق ولبنان ومصر ، وتبعه إقرار ميثاق جامعة الدول العربية من الدول الخمس السابقة بالإضافة إلى كل من السعودية واليمن وذلك بتاريخ 22 مارس 1945 م ، والتي هي ولادة النظام العربي الإقليمي . وقد حرص الميثاق على أن تكون عضوية الجامعة مقصورة على الدول المستقلة التي أخذت طريقها إلى عضوية الجامعة تباعاً وكان آخرها دولة جيبوتي في شهر سبتمبر من عام 1977 م ، ثم جزر القمر عام 1994 م .
لقد انبثق هذا التنظيم يومذاك انسجاماً و تزامناً مع تعاظم الاهتمام بالتعاون الدولي والإقليمي على صعيد العلاقات الدولية في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وبين دول العالم التي خرجت من آتون الحرب العالمية الثانية ، والتي أرادت أن تعيد مادمرته الحرب وترسى قواعد التعاون الدولي على أسس جديدة.
أن من الخصائص التي ميزت المنظمات الإقليمية أنها تنبع في معظم الأحوال من حاجة الإقليم إلى التعاون في مجال معين بالذات. وبهذا الصدد فقد عنى ميثاق الأمم المتحدة بالحديث عن المنظمات الإقليمية بنوع من التفصيل في الفصل الثامن ، حيث أباح قيام المنظمات الإقليمية التي تعالج من الأمور المتعلقة بحفظ السلام والأمن العالمي ما يكون العمل الإقليمي صالحاً فيها ومناسباً مادامت هذه التنظيمات أو الوكالات الإقليمية ونشاطها متلائمة مع أهداف الأمم المتحدة ومبادئها ، وهنا لابد أن نشير إلى أن ميثاق جامعة الدول العربية يخلو من أي إشارة إلى موضوع إنشاء التنظيمات أو الوكالة الإقليمية المتخصصة.
لقد جاء في الميثاق ، أن الغرض من الجامعة هو توثيق الصلات بين الدول المشاركة فيها وتنسيق خططها السياسية تحقيقاً للتعاون بينها وصيانة استقلالها وسيادتها ، وهذا التعاون المشترك يتم حسب النظم في كل منها و أحوالها ، وذلك فيما يتعلق بالشئون الاقتصادية والمالية والمواصلات والثقافة والجنسية والاجتماعية والصحية ، وكذلك لإان من مهام مجلسها مراعاة تنفيذ متبرمه الدول المشتركة فيها من اتفاقيات وتعزيز وسائل التعاون مع الهيئات الدولية ، من اجل تنظيم العلاقات الاقتصادية والاجتماعية.
ولتنفيذ هذه الأهداف ، فقد نص الميثاق في مادته الرابعة على تشكيل لجنة دائمة للشئون الاقتصادية والمالية،                         تضع قواعد هذا التعاون ومداه وصياغتها في شكل مشروعات اتفاقات.
أن مباشرة الاختصاصات الفنية االتي عهد بها إلى الجامعة بموجب المادة الثانية من الميثاق تقتضي التخصص الدقيق ، فقد تطلب ألأمر إنشاء منظمات متخصصة للعمل في نطاق الجامعة ، وتعتبر وكالات متخصصة للجامعة ، وقد أنشئت هذه المنظمات بموجب اتفاقات مستقلة وافق عليها مجلس جامعة الدول العربية ودعا الدول الأعضاء للمصادقة عليها والأرتباط بها.
شغل موضوع تنظيم العلاقة بين جامعة الدول العربية ومنظماتها المتخصصة أهتمام وجهد أصحاب القرار السياسي والاقتصادي خلال فترة السبعينات والثمانينات ، فمنذ عام 1972 م وحتى عام 1988 م ، فالعلاقة بين جامعة الدول العربية والمنظمات العربية المتخصصة المنبثقة عنها ، شهدت مراحل مختلفة في إعادة التنظيم والتقييم والهيكلة في إطار مجلس الجامعة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي.
وعلى الرغم من الدور الأساسي الذي لعبته الجامعة العربية في إنشاء منظماتها المتخصصة ، فهي لم تسع بحتمية الربط الوثيق بينها وبين منظماتها. أن الاتجاه الأول الذي حكم التغيرات في العلاقات الاقتصادية للعمل الاقتصادي العربي المشترك في إطار تشكيل وتكوين النظام الاقتصادي العربي من خلال الجامعة العربية والمنظمات التابعة لها وتوجهات ومجهودات البلدان العربية . وكانت النتيجة النهائية لكل هذه المجهودات والتغيرات هي :
ü     تم إقرار اتفاقية تسهيل التبادل التجاري وتنظيم التجارة بين دول الجامعة العربية عام 1953 م ، واتفاقية تسديد مدفوعات المعاملات الجارية ، واتفاقية تسديد مدفوعات الجارية وانتقال رؤوس الأموال بين دول الجامعة العربية عام 1954 م .
ü     تم عقد اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية بالقرار رقم 85 بتاريخ 3/6/1957 م ،والتي دخلت حيز التنفيذ عام 1964 م ، ومن خلالها تم تحقيق حرية انتقال الأشخاص و رؤوس الأموال وحرية تبادل البضائع والمنتجات الوطنية وحرية الإقامة والعمل والاستخدام و ممارسة النشاط الاقتصادي وحرية النقل و الترانزيت و غيرها.
ü     بموجب اتفاقية الوحدة الاقتصادية العربية ، تم إنشاء مجلس الوحدة الاقتصادية العربية ، الذي أصدر بدوره القرار رقم 17 في سنة 1964 م لإنشاء السوق العربية المشتركة ، وفي البداية صادقت عليه أربع بلدان عربية وهي: مصر و سوريا و والعراق والأردن ، وقد أنظمت بعد ذلك ليبيا والسودان و موريتانيا. ولكن فشل قرار إنشاء السوق العربية المشتركة،  وذلك لوجود الكثير من المعوقات والعراقيل أمام تحقيق هذه الفكرة في ذلك الوقت ، ونذكر من أهمها التباين بين النظم الاقتصادية العربية ، وقيام الهيكل الاقتصادية العربية على أساس تنافسي وليس تكاملي ، غياب قواعد الانتاج العربية القوية والقادرة على التصدير ، والتي تتسم بطابع المرونة ، وغيرها من الأسباب.
ü     بعد الإخفاق في تحقيق مشروع السوق العربية المشتركة ، فقد تم في عام 1981 م إبرام اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية .
                 هذه الاتفاقية تتضمن مجموعة من الاعفاءات و الأفضليات للسلع و المنتجات العربية  ، إضافة إلى حماية السلع العربية في مواجهة السلع الأجنبية المثيلة  أو البديلة و مواجهة حالات الاغراق وسياسات الدعم التي تمارسها الدول غير العربية المصدرة للأسواق العربية.
                 ومن المبادىء المهمة لهذه الاتفاقية هي :
- الربط بين الجوانب الانتاجية و التبادلية و الخدمية .
- التدرج الانتقائي في تحرير التبادل التجاري.
- التوزيع العادل للمنافع و التكاليف بين أطراف العلاقات التبادلية.
- توفير الحوافز المالية وغيرها من أجل تنفيذ أحكام الاتفاقية في مجالات الانتاج والتبادل والخدمات ، واستبعاد اللجوء إلى العقوبات الاقتصادية .
- إنشاء سوق سلعية عربية مشتركة لبعض السلع ، التي يتم انتقاؤها سنوياً وعلى ضؤ أولويات وضوابط معينة ، كحجم الانتاج والتبادل والطبيعة الاستراتيجية للسلع ومنتجات المشروعات المشتركة ونسبة المكون العربي فيها ، و الأهمية التصديرية ومدى خدمة التكامل الاقتصادي.
تعتبر هذه الاتفاقية من الاتفاقيات العربية التي حظيت باهتمام خاص ، حيث عقد أول مؤتمر موسع للتجارة العربية في عاصمة المملكة العربية السعودية الرياض عام 1987 م ، ونوقشت سبل و وسائل تنفيذها،   واتخذت بعض التوصيات والتي اعتمدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي العربي في الدورة 42 في مدينة الرياض السعودية ، ودعا الدول العربية للدخول في التفاوض فيما بينها  حول تحرير القوائم السلعية التي تقدمت بها لأمانة الجامعة العربية.
                 وقد تمت الموافقة على تحرير حوالي 20 مجموعة سلعية خلال الفترة من 1987 – 1997 م من 52 مجموعة تم الاتفاق على تحريرها من الرسوم الجمركية و غير الجمركية . أن العمل في هذا الاتجاه يحتاج إلى جهود و اجراءات مكملة مثل التمويل وتسوية المدفوعات التجارية وضمان ائتمان الصادرات.
لقد تم التوصل عام 1990 م ، إلى برنامج تمويل التجارة العربية ، وهو مؤسسة مالية عربية مقرها في دولة الإمارات العربية المتحدة ، و رأس مالها 500 مليون دولار .
ü     تم تكوين العديد من المنظمات المتخصصة في إطار الجامعة العربية  ( أنظر جدول رقم 1 ).
ü     تم إقامة عدد من المنظمات الاقتصادية المتخصصة ، هي الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي ، صندوق النقد العربي ، المؤسسة العربية لضمان الاستثمار ، المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا.
 
 
 
جدول رقم (1)
المنظمات العربية المتخصصة بعد الهيكلة موزعة حسب القطاعات
 
المنظمات حسب القطاعات
تاريخ الموافقة على الإنشاء
تاريخ توقيع اتفاقية الإنشاء
تاريخ بدء النشاط
 
البلدان الأعضاء
أولا : قطاع التمويل والنقد
1- الصندوق العربي للإنماء
 الاقتصادي والأجتماعي
 
16/5/1968 م
 
1971 م
 
18/12/1971م
 
جميع البلدان العربية
2- صندوق النقد العربي
كانون الأول  ديسمبر 1975 م
27/4/1976 م
21/5/1977م
جميع البلدان العربية ماعدا جيبوتي
3 – المصرف العربي للتنمية الاقتصادية في أفريقيا
2/5/1973 م
1974 م
آذار /1975م
جميع البلدان العربية ماعدا الصومال ، لبنان،جيبوتي ، اليمن
4- المؤسسة العربية لضمان الاستثمار
1970 م
1971 م
1/4/1975 م
جميع البلدان العربية
ثانياً : قطاع النفط
1- منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول
 
9/1/1968 م
9/9/1968 م
السعودية ، الكويت ، الجزائر ، البحرين ، قطر ، أبو ظبي ،العراق، سوريا ،   مصر
2- الهيئة العربية للطاقة الذرية
11/9/1964 م
 
17/8/1988 م
 
ثالثا- قطاع الزراعة
1- المنظمة العربية للتنمية الزراعية
 
11/3/1970 م
 
1970 م
 
1972 م
 
جميع البلدان العربية ماعدا لبنان وجيبوتي
2 – المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة
3/9/1968 م
 
25/9/1971 م
جميع البلدان العربية ماعدا تونس ،الصومال ، جيبوتي ، اليمن ، البحرين
رابعاً : القطاع الصناعي
1- المنظمة العربية للتنمية الصناعية والتعدين
 
10/9/1978 م
 
 
10/9/1978 م
 
جميع البلدان العربية ماعدا الكويت
خامساً : قطاع النقل والاتصالات
 
 
 
 
1- المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية
 
21/3/1976 م
 
1976 م
 
1/7/1978 م
 
جميع البلدان العربية
2- اتحاد إذاعات الدول العربية
 
15/10/1955 م
 
 
 
2/9/1969 م
 
جميع البلدان العربية
3- الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري
 
26/4/1975 م
 
 
 
26/5/1972 م
جميع البلدان العربية ماعدا الجزائر ، المغرب ، موريتانيا ، جيبوتي
سادساً : قطاع العمل
1- منظمة العمل العربية
 
21/3/1965 م
 
 
 
25/9/1972 م
 
جميع البلدان العربية ماعدا سلطنة عمان
سابعاً : قطاع الأمن ومكافحة الجريمة
1- مجلس وزراء الداخلية العرب
 
 
 
جميع البلدان العربية
 
ثامناً : قطاع البحث العلمي والثقافة والتربية
1- المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم
 
21/5/1964 م
 
19/2/1964 م
 
25/7/1970 م
 
جميع البلدان العربية ماعدا لبنان
2- المنظمة العربية للتنمية الإدارية
 
1/4/1961 م
 
1961 م
 
1/1/1969 م
جميع البلدان العربية ماعدا جيبوتي
 
لقد شهد الاقتصاد العربي عدداً كبيراً من الأطر المؤسسية والاتفاقيات الجماعية ، والتي كان هدفها زيادة التعاون في مختلف المجالات  ، ودفع مسيرة التكامل الاقتصادي  وتعميق التعاون في مجال العمل الاقتصادي العربي المشترك. ولكن إذا نظرنا إلى الواقع ، فنراه ليس بقدر الطموحات والتحديات الملقاة على عاتق الشعوب العربية ، التي تسعى في الوصول إلى معدلات أفضل للتنمية العربية.
 
2 - قيام التجمعات الإقليمية العربية و التغيرات في العمل الاقتصادي العربي المشترك : لقد ظهر هذا الاتجاه في بداية الثمانينات من القرن الماضي ، وأسفر عن تشكيل ثلاث تجمعات اقليمية عربية للتعاون الاقتصادي العربي والتكامل بين الدول المنتمية . والتجمعات الاقليمية التي تم إقامتها هي:
ü     مجلس التعاون الخليجي ، تم الاعلان عن قيامه في القمة الخليجية  بالرياض بتاريخ 4/2/1981 م ، والذي يضم كل من دولة الإمارات العربية المتحدة ، ودولة البحرين ، والمملكة العربية السعودية ، والكويت وعمان وقطر .
ü     مجلس التعاون العربي ، الذي أعلن عن قيامه في قمة بغداد بتاريخ 16/2/1989 م ، وهو يضم جمهورية مصر العربية ، المملكة الاردنية الهاشمية و الجمهورية العراقية ، واليمن ، ولكن تجمد نشاط هذا المجلس تقريباً بعد الحرب والغزو العراقي للكويت في شهر أغسطس 1990 م.
ü     اتحاد المغرب العربي ، وقد أعلن عن قيامه في اليوم التالي لإعلان قيام مجلس التعاون العربي عام 1989 م ، وهو يضم في عضويته كل من الجمهورية التونسية والجزائر ، و ليبيا و المغرب و موريتانيا.
                 لقد تجمد نشاط  مجلس التعاون العربي ، وحتى أنه في حكم الملغى ، والاتحاد العربي أيضاً تجمد نشاطه وقلت فاعليته ، ولم يبق إلا مجلس التعاون الخليجي والذي هو بحاجة إلى الإصلاح والتغيير.
                 أن عدم فاعلية العمل الاقتصادي العربي المشترك ، والتغيرات التي حدثت في النظام الاقتصادي العالمي الجديد بعد عام 1991 م ، أصبحت هناك حاجة ملحة لإيجاد نظام اقتصادي عربي جديد ، والذي يتميز بأكثر كفاءة وفعالية ، بالإضافة إلى إيجاد الآليات التي تجعل الاقتصاد العربي في حالة أفضل في المستقبل.
 
ثانياً : النظام الاقتصادي العالمي  و آثره على الاقتصادي العربي خلال الفترة 1991 – 1996 م:
                 لقد أصبح العالم اليوم يحكمه مفهوم عالمية الأشياء أو مانسميه بالعولمة ، فالنمو الاقتصادي والتطور الكبير على صعيد المبادلات التجارية والمالية ، قاد على الصعيد الاقتصادي إلى مفهوم عالمية الاقتصاد ، والذي له تأثيره الواضح على اقتصاديات الدول العربية ،  فإذا تمعنا في التغيرات والتطورات التي حدثت في النظام الاقتصادي العالمي الجديد خلال الفترة 1991 – 1996 م ، نجد أن لها انعكاسات وتأثيرات على الاقتصاد العربي  ، والتي تتطلب من الاقتصاد العربي أن يجد الآليات المناسبة والعمل الاقتصادي العربي المشترك الأكثر فعالية وكفاءة ، والذي يتعامل مع هذه التغيرات بأسس جديدة تعمل على تكيف الاقتصاديات العربية مع النظام الاقتصادي العالمي الجديد من خلال تكتل اقتصادي عربي ، وفي إطار مؤسسي يعمل على إعادة هيكلة النظام الاقتصادي العربي  الذي كان يعمل قبل عام 1991 م .
                 ولهذا ، ففي هذه المرحلة يجب أن نوضح آثار وانعكاسات التغيرات في النظام الاقتصادي العالمي الجديد على الاقتصاديات العربية كما يلي :
1 . تأثير الجات و منظمة التجارة العالمية : لقد أتيحت للبلدان العربية الفرصة لتحقيق التحول من خلال زيادة سرعة النمو الاقتصادي ، حيث إن هناك إمكانية لمواصلة التوسع السريع في مجال التجارة العالمية وزيادة عولمة الأسواق المالية الدولية ، وإقامة علاقات متينة وقوية مع الاتحاد الأوروبي والدول الأخرى المتقدمة والمتطورة ، بالإضافة إلى تحسين المناخ الاقتصادي في المنطقة. إن المكاسب التي يمكن للاقتصاد العربي أن يحققها كبيرة ، ومن أجل تحقيقها ، فعلى البلدان العربية أن تعتمد على نفسها في تهيئة البيئة والظروف اللازمة لها.
                 تضاربت الآراء والتقييمات حول مدى تأثير الجات على اقتصاديات وتجارة الدول العربية. يمكن الحديث عن موقف الاقتصاديات العربية من عضوية منظمة التجارة العالمية .
بلغ عدد أعضاء منظمة التجارة العالمية 147  دولة بالإضافة إلى أن هناك عدة  دول تقدمت بطلب عضوية حتى 23 ابريل 2004 م . والمعلومات المتوفرة عن عضوية البلدان العربية تعكس لنا الصورة التالية : هناك تسع دول تتمتع بالعضوية الكاملة ، و سبع منها وقعت على اتفاقية الجات في جولة أورجواي التي تم التوقيع عليها في مدينة مراكش المغربية عام 1994 م ، وهذه الدول هي : جمهورية مصر العربية و دولة الكويت و تونس و دولة الإمارات العربية المتحدة و مملكة البحرين و قطر ، وتم بعد ذلك قبول كلا من  المغرب وعمان والأردن . وهناك ثلاث دول تتمتع بصفة عضو مشارك أو منتسب هي الجزائر والسودان و اليمن ، وهناك خمس دول تحضر الاجتماعات بصفة مراقب وهذه الدول هي : السعودية و العراق  وسوريا و لبنان وليبيا.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
جدول رقم ( 2 )
الدول الأعضاء
في منظمة التجارة العالمية حتى شهر ابريل2004 م
الدولة
تاريخ العضوية
الدولة
تاريخ العضوية
أنتيجواوباربودا
الأول من يناير 1995 م
سورينام
الأول من يناير 1995 م
الأرجنتين
الأول من يناير 1995 م
سوازيلاند
1 يناير 1995 م
استراليا
الأول من يناير 1995 م
السويد
1 يناير 1995 م
النمسا
الأول من يناير 1995 م
سويسرا
1 يناير 1995 م
البحرين
الأول من يناير 1995 م
تنزانيا
1 يناير 1995 م
بنجلاديش
الأول من يناير 1995 م
تايلاند
1 يناير 1995 م
باربادوس
الأول من يناير 1995 م
اوغندا
1 يناير 1995 م
بلجيكا
الأول من يناير 1995 م
المملكة المتحدة
1 يناير 1995 م
بيليزي
الأول من يناير 1995 م
أمريكا
1 يناير 1995 م
البرازيل
الأول من يناير 1995 م
أورجواي
1 يناير 1995 م
بروناي
الأول من يناير 1995 م
فنزويلا
1 يناير 1995 م
كندا
الأول من يناير 1995 م
زامبيا
ألأول من يناير 1995 م
شيلي
الأول من يناير 1995 م
أنجولا
الأول من ديسمبر1996 م
كوستاريكا
الأول من يناير 1995 م
بنين
22 فبراير 1996 م
ساحل العاج
الأول من يناير 1995 م
بوليفيا
14 سبتمبر 1995 م
جمهورية التشيك
الأول من يناير 1995 م
بوتسوانا
31 مايو 1995 م
الدنمارك
الأول من يناير 1995 م
بلغاريا
1 ديسمبر 1996 م
الدومنيكان
الأول من يناير 1995 م
بوركينا فاسو
3 يونيو 1995 م
المجموعة الأوروبية
الأول من يناير 1995 م
بوروندي
23 يوليو 1995 م
فنلندا
الأول من يناير 1995 م
الكاميرون
13 ديسمبر 1995 م
فرنسا
الأول من يناير 1995 م
جمهورية وسط أفريقيا
31 مايو 1995 م
الجابون
الأول من يناير 1995 م
تشاد
19 اكتوبر 1996 م
المانيا
الأول من يناير 1995 م
كولومبيا
30 ابريل 1995 م
غانا
الأول من يناير 1995 م
الكونغو
27 مارس 1997 م
اليونان
1 يناير 1995 م
كوبا
20 ابريل 1995 م
جوانا
1 يناير 1995 م
قبرص
30 يوليو 1995 م
هندوراس
1 يناير 1995 م
جمهورية الكونغو الديمقراطية
1 يناير 1997 م
هونج كونج
1 يناير 1995 م
جيبوتي
31 مايو 1995 م
هنغاريا
1 يناير 1995 م
جمهورية الدومنيكان
9 مارس 1995 م
ايسلندا
1 يناير 1995 م
الاكوادور
21 يناير1996 م
الهند
1 يناير 1995 م
مصر
30 يونيو 1995 م
اندونيسيا
1 يناير 1995 م
السلفادور
7 مايو 1995 م
ايرلندا
1 يناير 1995 م
فيجي
14 يناير 1996 م
ايطاليا
1 يناير 1995 م
جامبيا
23 اكتوبر 1996 م
اليابان
1 يناير 1995 م
جرينادا
22 فبراير 1996 م
كينيا
1 يناير 1995 م
جواتيمالا
21 يوليو 1995 م
كوريا
1 يناير 1995 م
غينيا
25 اكتوبر 1995 م
الكويت
1 يناير 1995 م
غينيا بيساو
31 مايو 1995 م
لوكسمبورج
1 يناير 1995 م
هايتي
30 مايو 1996 م
ماكايو
1 يناير 1995 م
اسرائيل
21 ابريل 1995 م
ماليزيا
1 يناير 1995 م
جامايكا
9 مارس 1995 م
مالطا
1 يناير 1995 م
ليسوتو
31 مايو 1995 م
موريشيوس
1 يناير 1995 م
ليشتينستين
1 سبتمبر 1995 م
المكسيك
1 يناير 1995 م
مدغشقر
17 نوفمبر 1995 م
المغرب
1 يناير 1995 م
مالاوي
31 مايو 1995 م
مينمار
1 يناير 1995 م
المالديف
31 مايو 1995 م
ناميبيا
1 يناير 1995 م
موريتانيا
31 مايو 1995 م
هولندا
1 يناير 1995 م
مالي
31 مايو 1995 م
نيوزيلندا
1 يناير 1995 م
منغوليا
29 يناير 1997 م
نيجيريا
1 يناير 1995 م
موزمبيق
26 اغسطس 1995 م
النرويج
1 يناير 1995 م
نيكاراجوا
3 سبتمبر 1995 م
باكستان
1 يناير 1995 م
النيجر
31 سبتمبر 1997 م
باراجواي
1 يناير 1995 م
بنما
6 سبتمبر 1997 م
بيرو
1 يناير 1995 م
بابونيو غينيا
9 يناير 1996 م
الفلبين
1 يناير 1995 م
قطر
13 يناير 1996 م
بولندا
1 يناير 1995 م
رواندا
22 مايو 1996 م
البرتغال
1 يناير 1995 م
سانت كيتس ونفيس
21 فبراير 1996 م
رومانيا
1 يناير 1995 م
سلوفينيا
30 يوليو 1995 م
سانت لوكيا
1 يناير 1995 م
جزر سولومون
26 يوليو 1996 م
سانت فينسينت
1 يناير 1995 م
توجو
31 مايو 1995 م
وجرنا دينس
1 يناير 1995 م
ترينداد وتوباجو
1 مارس 1995 م
السنغال
1 يناير 1995 م
تونس
29 مارس 1995 م
سنغافورة
1 يناير 1995 م
تركيا
26 مارس 1995 م
جمهورية السلوفاك
1 يناير 1995 م
الإمارات العربية المتحدة
10 ابريل 1996 م
جنوب افريقيا
1 يناير 1995 م
زيمبابوي
3 مارس 1995 م
سيريلانكا
1 يناير 1995 م
جمهورية قرغيزيا
20 ديسمبر 1998 م
لاتفيا
10 فبراير 1999 م
استونيا
13 نوفمبر 1999 م
الأردن
11 ابريل 2000 م
جورجيا
14 يونيو 2000 م
كرواتيا
30 نوفمبر 2000 م
البانيا
8 سبتمبر 2000 م
مولدوفا
26 يوليو 2001 م
الصين
11 ديسمبر 2001 م
ليتوانيا
31 مايو 2001 م
Chinese Taipei
1 January 2002
ارمينيا
5 فبراير 2003 م
مقدونيا
4 ابريل 2003 م
نيبال
23 ابريل 2004 م
 
 
 
المصدر : منظمة التجارة العالمية http://www.wto.net
Albania
8 September 2000
Angola 
 23 November 1996
Antigua and Barbuda  
1 January 1995
Argentina  
1 January 1995
Armenia
 5 February 2003
Australia  
1 January 1995
Austria  
1 January 1995
Bahrain , Kingdom of  
1 January 1995
Bangladesh 
 1 January 1995
Barbados  
1 January 1995
Belgium  
1 January 1995
Belize  
1 January 1995
Benin 
22 February 1996
Bolivia  
12 September 1995
Botswana  
31 May 1995 
Brazil  
1 January 1995
Brunei Darussalam  
1 January 1995
Bulgaria 
 1 December 1996
Burkina Faso 
 3 June 1995
Burundi 
 23 July 1995
Cameroon  
13 December 1995
Canada 
 1 January 1995
Central African Republic  31 May 1995
Chad  
19 October 1996
Chile  
1 January 1995
China
11 December 2001
Colombia  
30 April 1995
Congo 
 27 March 1997
Costa Rica  
1 January 1995
C?te d Ivoire  
1 January 1995
Croatia 
   30 November 2000
Cuba  
20 April 1995
Cyprus 
 30 July 1995

Czech Republic  1 January 1995
Democratic Republic of the Congo  1 January 1997
Denmark 
 1 January 1995
Djibouti  
31 May 1995
Dominica  
1 January 1995
Dominican Republic 
 9 March 1995
Ecuador  
21 January 1996
Egypt 
 30 June 1995
El Salvador 
 7 May 1995
Estonia  
13 November 1999
European Communities  1 January 1995
Fiji  
14 January 1996
Finland 
 1 January 1995
Former Yugoslav Republic of Macedonia (FYROM) 
 4 April 2003
France 
 1 January 1995
 Gabon  
1 January 1995
The Gambia  
  23 October 1996
Georgia
  14 June 2000
Germany  
1 January 1995
Ghana 
 1 January 1995
Greece  
1 January 1995
Grenada 
 22 February 1996
Guatemala  
21 July 1995
Guinea  
25 October 1995
Guinea Bissau  
31 May 1995
Guyana
  1 January 1995
Haiti  
30 January 1996
Honduras 
 1 January 1995
Hong Kong, China 
 1 January 1995
Hungary  
1 January 1995
Iceland 
 1 January 1995
India  
1 January 1995
Indonesia
1 January 1995
Ireland  
1 January 1995
Israel 
 21 April 1995
Italy  
1 January 1995
Jamaica
  9 March 1995
Japan  
1 January 1995
Jordan  
11 April 2000
Kenya 
 1 January 1995
Korea, Republic of
  1 January 1995
Kuwait  
1 January 1995
Kyrgyz Republic  20 December 1998
Latvia 
 10 February 1999
Lesotho 
 31 May 1995
Liechtenstein  1 September 1995
Lithuania 
 31 May 2001
Luxembourg 
 1 January 1995
Macao, China 
 1 January 1995
Madagascar 
 17 November 1995
Malawi 
 31 May 1995
Malaysia 
 1 January 1995
Maldives 
 31 May 1995
Mali 
 31 May 1995
Malta  
1 January 1995
Mauritania 
 31 May 1995
Mauritius 
 1 January 1995
Mexico  
1 January 1995
Moldova  
26 July 2001
Mongolia 
 29 January 1997
Morocco  
1 January 1995
Mozambique 
 26 August 1995
Myanmar
  1 January 1995
Namibia  
1 January 1995
Nepal  
23 April 2004
Netherlands  
For the Kingdom in Europe and for the Netherlands Antilles  1 January 1995
New Zealand  
1 January 1995
Nicaragua 
 3 September 1995
Niger 
 13 December 1996
Nigeria  
1 January 1995
Norway  
1 January 1995
Oman 
 9 November 2000
Pakistan 
 1 January 1995
Panama 
 6 September 1997
Papua New Guinea  
9 June 1996
Paraguay 
 1 January 1995
Peru 
 1 January 1995
Philippines  
1 January 1995
Poland 
 1 July 1995
Portugal 
 1 January 1995
Qatar 
 13 January 1996
Romania  
1 January 1995
Rwanda 
 22 May 1996
Saint Kitts and Nevis  21 February 1996
Saint Lucia  
1 January 1995
Saint Vincent & the Grenadines  1 January 1995
Senegal  
1 January 1995
Sierra Leone 
 23 July 1995
Singapore  
1 January 1995
Slovak Republic  
1 January 1995
Slovenia 
 30 July 1995
Solomon Islands
  26 July 1996
South Africa  
1 January 1995
Spain  
1 January 1995
Sri Lanka  
1 January 1995
Suriname 
 1 January 1995
Swaziland  
1 January 1995
Sweden 
 1 January 1995
Switzerland 
 1 July 1995
Chinese Taipei  
1 January 2002
Tanzania 
 1 January 1995
Thailand  
1 January 1995
Togo  
31 May 1995
Trinidad and Tobago  1 March 1995
Tunisia 
 29 March 1995
Turkey 
 26 March 1995
Uganda  
1 January 1995
United Arab Emirates  
10 April 1996
United Kingdom  1 January 1995
United States of America  1 January 1995
Uruguay
  1 January 1995
Venezuela 
 1 January 1995
Zambia 
 1 January 1995
Zimbabwe 
 5 March 1995
 
Observer governments  
Algeria
Andorra
Azerbaijan
Bahamas
Belarus
Bhutan
Bosnia and Herzegovina
Cambodia
Cape Verde
Equatorial Guinea
Ethiopia
Holy See (Vatican)
Iraq
Kazakhstan
Lao People s Democratic Republic
Lebanese Republic
Russian Federation
Samoa
Sao Tome and Principe
Saudi Arabia
Serbia and Montenegro
Seychelles
Sudan
Tajikistan
Tonga
Ukraine
Uzbekistan
Vanuatu
Viet Nam
Yemen

   المصدر : http://www.wto.net
لقد أصبح واضحاً اليوم ، أن معظم البلدان العربية تسعى إلى اكتساب عضوية منظمة التجارة العالمية،  وهذا سيؤدي إلى تأثير الجات ومنظمة التجارة العالمية على الاقتصاديات العربية ، وهو أما سلباً أو إيجاباً وبدرجة مختلفة.
                 فالآثار السلبية للجات و منظمة التجارة العالمية على الاقتصادات العربية تكمن في :
v    ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية و خصوصاً السلع الغذائية . يعتبر قطاع الزراعة بالنسبة للبلدان العربية من أكثر القطاعات الاقتصادية تأثراً بنتائج الاتفاقيات المبرمة في إطار الجات ، ونلاحظ أن الوضع الراهن لتجارة السلع الزراعية العربية يتسم بالاختلال الشديد في العلاقة بين الصادرات والواردات من جهة و نسبة الواردات الزراعية و الغذائية من إجمالي الواردات السلعية من جهة أخرى والتي بلغت نسبتها حوالي 13 % خلال الفترة 1990- 1995 م ، من إجمالي الواردات . وبالنسبة لآثار اتفاقية الزراعة للجات على الدول العربية ، فمن المتوقع أن يؤدي خفض الدعم الزراعي بنسبة 40 % خلال تنفيذ الاتفاقية  (1995 – 2005 م) إلى زيادة أسعار القمح بنسبة 30 % تقريبا( منظمة العمل العربية: الأسس النظرية للتجارة الدولية والتكامل الاقتصادي (1996 م ، ص 50 ) في الدول المصدرة مما يؤدي إلى مزيد من الاختلالات في الموازين التجارية الزراعية العربية.
v    تآكل المزايا الخاصة التي كانت صادرات الدول العربية تتمتع بها في النفاذ إلى أسواق الدول الصناعية المتقدمة.
v    ارتفاع تكلفة برامج التنمية العربية .
v    الأثر السلبي على النشاط الاقتصادي العربي بوجه عام في الانتاج والتوظف والصناعة العربية.
v    تقلص قدرة البلدان العربية على تصميم سياساتها التنموية .
 
أما الآثار الايجابية فهي:
v    تتيح الاتفاقات الجديدة فرص أوسع للاقتصادات العربية في تصدير منتجات تملك فيها ميزة نيبية وتنافسية مثل المنتجات الزراعية وبعض السلع الصناعية.
v    إيجاد فرصاً أفضل لحماية الحقوق التجارية العربية ، والوقاية من اجراءات الدعم وسياسات الاغراق من جانب الدول الأخرى.
v    تكفل الاتفاقات الجديدة معاملة متميزة  ، بما في ذلك كفالة الفرص لحماية المنتجات الوطنية.
v    ان ارتفاع الأسعار العالمية للمنتجات الزراعية قد يدفع الاقتصادات العربية إلى الاكتفاء من السلع الزراعية و استغلال الامكانيات و الموارد الزراعية لتحقيق الأمن الغذائي العربي.
v    ان تحرير التجارة العالمية  ، والمنافسة القوية سوف يمثل حافزاً للصناعات المحلية العربية على رفع مستوى الانتاج والجودة وتحسين الكفاءة ، ويؤدي التحرير من ناحية اخرى إلى زيادة تدفق الاستثمارات الاجنبية إلى البلدان العربية.
أن التحدي الذي تطرحه الجات ومنظمة التجارة العالمية على اقتصاديات البلدان العربية هو ، كيفية إيجاد الصيغ الاستراتيجية والسبل والآليات التي تعظم من الإيجابيات و تقلل من السلبيات ، وبالتالي فأن قيام التكتل الاقتصادي العربي يجعل الاقتصاديات العربية في وضع أحسن بكثير في ظل تحرير التجارة العالمية.
2 . تأثير منظمات التمويل الدولية : شهدت السنوات الأخيرة منذ مطلع التسعينات مجهودات كبيرة من قبل البلدان العربية لإصلاح مسارها الاقتصادي والتغلب على مشاكلها الاقتصادية. لقد تأثرت الاقتصاديات العربية بالتحولات التي حدثت في العالم والتي تتعلق بتزايد دور مؤسسات أو منظمات التمويل العالمية في إدارة النظام الاقتصادي العالمي الجديد من خلال آليات جديدة.
        أن هذه التغيرات أدت إلى قيام كل من صندوق النقد الدولي و البنك الدولي بتطبيق برامج الاصلاح الاقتصادي وإعادة الهيكلة في الكثير من بلدان العالم  ، وهي شملت أيضاً عدد من الاقتصاديات العربية ، والتي في مقدمتها جمهرية مصر العربية و المملكة الأردنية الهاشمية ، وتونس و المغرب  ، والجزائر والجمهورية اليمنية ، و غيرها.
        وقد ترتب على تزايد أهمية الدور الذي يلعبه كل من صندوق النقد الدولي و البنك الدولي ، اتساع دائرة المشروطية ، حيث أصبح الاتفاق مع صندوق النقد الدولي مشروطاً بتطبيق برنامج الاصلاح الهيكلي الذي ينفق عليه البنك الدولي و المشروط بإجراء تصحيحات هيكلية من قبل الدولة المدينة. وأصبح الحصول على موارد مالية من إحدى المنظمتين ، يتوقف على تنفيذ اشتراطية المنظمة الأخرى ، أي أصبح في النظام الاقتصادي العالمي الجديد نوع من التنسيق بين مصادر التمويل المختلفة في ظل المشروطية الدولية.
        ان وجود المشروطية الدولية ، دفع الاقتصاديات العربية إلى البحث عن آليات تمويلية عربية تؤدي إلى التخفيف من عبء المديونية الخارجية على البلدان العربية المدينة ، ومن جانب آخر فهي تعمل على إعادة هيكلة الاقتصاديات العربية ، والعمل على أن تكون مؤهلة أكثر لجذب الاستثمارات الاجنبية داخل المنطقة العربية .
بالإضافة إلى ذلك ، فالتغيرات في النظام الاقتصادي العالمي ، سواء في أسعار صرف العملات الرئيسية أو اسعار الفائدة العالمية يؤثرعلى الاقتصاديات العربية البترولية بصفة خاصة. وهذا يتطلب تعميق إعادة هيكلة الصادرات العربية ، لكي لاتعتمد على سلعة واحدة وهي البترول .
   3. تأثير التكتلات العملاقة : أن التكتلات العالمية العملاقة تؤثر في الاقتصاديات العربية من عدة اتجاهات ، وخاصة في ظل عدم نجاحها في إقامة تكتل اقتصادي عربي فيما بينها. وقد تؤثر هذه التكتلات  الاقتصادية بالشكل التالي :
ü     ستأثر التكتلات الاقتصادية العملاقة على الاقتصاديات العربية من خلال أرتفاع حدة المنافسة الدولية و النزعات الحمائية ، وقد تقلل من فرص و قدرة صادرات البلدان العربية على الوصول إلى أسواق الدول الصناعية.
ü     أن دول أوروبا الشرقية والوسطى والتي نجحت في إعادة هيكلة اقتصادياتها وإصلاحها ، لديها أمكانات زراعية و صناعية وتقدم تقني أكثر من الدول العربية ، وبالتالي فهي ستكون عامل جذب للاستثمارات والمساعدات الانمائية لأسباب اقتصادية وسياسية.
ü     أدت هذه التكتلات الاقتصادية إلى وجود مايسمى باقتصاديات المشاركة الدولية ، وخاصة تكتل الاتحاد الأوروبي ، الذي يعمل ويسعى إلى عقد اتفاقيات مشاركة أوروبية- عربية متوسطية مع البلدان العربية الواقعة على البحر الأبيض المتوسط ، وقد وقعت بعض الدول العربية مثل تونس والمغرب ومصر على هذه الاتفاقية.
        أصبح من الضروري اليوم ، أن تتوجه الاقتصاديات العربية إلى إقامة تكتل اقتصادي عربي يتعامل بشكل أفضل مع هذه التكتلات العملاقة.
4       . تأثير الشركات متعدية الجنسيات : تشير التقديرات إلى أن الشركات متعدية الجنسيات ، لها نشاط ضعيف في المنطقة العربية ، وماتخصصه من استثمارات نسبة ضعيفة مقارنة باستثماراتها في دول العالم الأخرى.
تحتاج البلدان العربية إلى آلية مناسبة للتعامل مع الشركات متعدية الجنسيات ، من أجل جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ، وفي نفس الوقت عليها أن تجذب استثمارات تلك الشركات في الصناعات التحويلية و الخدمات ، من أجل أن تزداد درجة تنافسية المنتجات العربية في الأسواق العالمية.
5       . تأثير الثورة التكنولوجية : من الواضح ، فأن الاقتصاديات العربية ليس لها دور يذكر في الثورة التكنولوجية ، وهو مايضعف من قدرتها على التأثير في التغيرات العالمية. أن الواقع التكنولوجي العربي يعاني من قصور  ، ولهذا تزداد الحاجة لبناء تنمية القدرة التكنولوجية العربية من أجل الاستمرار والفاعلية على خريطة النظام الاقتصاد العالمي الجديد .
ثالثاً : التغيرات المطلوبة لإقامة نظام اقتصادي عربي جديد : على الاقتصاديات العربية أن تواجه التحديات التي جاء بها النظام الاقتصادي العالمي الجديد ، ولكي تجد الآليات المناسبة للتعامل معها ، ومن ثم إقامة النظام الاقتصادي العربي الجديد .
        لقد أتجهت اليوم أكثر الدول العربية إلى برامج الاصلاح والتحرير الاقتصادي ، وزيادة دور القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي ، وكذلك الاتجاه إلى الديمقراطية والدفاع عن حقوق الانسان ، وكل هذا يؤدي إلى زيادة فعالية ودور الاقتصاديات العربية على الصعيد العالمي وتعاملها مع النظام الاقتصادي العالمي الجديد.
        وبلا شك ، فقد أصبحت إعادة بناء الاقتصاديات العربية مسألة واقعية ولابد منها في وقتنا الحاضر ، والذي يعتبر أفضل مرحلة لإعادة البناء والتي ستجعل من المنطقة العربية تكتلاً اقتصادياً يحظى بالمكانة العالمية ، والتعامل الأفضل مع التكتلات الاقتصادية الأخرى.
        أن مستقبل الاقتصاديات العربية في ظل النظام الاقتصادي العالمي الجديد يحتاج إلى وجود الإرادة السياسية التي تعمل على تحقيق الأهداف المراد تحقيقها من خلال وجود الآليات والبرامج البناءة ، وكذلك فهو يتوقف على :
·        العمل على توفير المناخ السياسي الدمقراطي والملائم والضروري لقيام تنمية اقتصادية متواصلة ومستمرة.
·        ضرورة وجود تكتل اقتصادي عربي يتعايش مع متطلبات القرن الواحد والعشرين وبما فيها العولمة .
·        المرونة والشفافية من قبل الاقتصاديات العربية باختيار الصيغة المناسبة للنظام الاقتصادي العربي ، بحيث يجعل مشاركتها في النظام الاقتصادي العالمي الجديد ممكنة وقائمة على نظام الأولويات والمصالح.
أن التعامل مع النظام الاقتصادي العالمي الجديد على أساس التحولات و إعادة بناء النظام الاقتصادي العربي ، والتي تجعله يتعامل بكفاءة ومن أجل تقليل السلبيات.
  وبالتالي ، فإننا نرى إجراء مجموعة من التحولات ، عند تحديد معالم النظام الاقتصادي العربي الجديد و إعادة البناء والهيكلة ، والتي من أهمها :
ü     إقامة منطقة تجارة حرة عربية شاملة : وبهذا الصدد صدر قرار القمة العربية التي عقدت في القاهرة رقم 197 في 23 /6/1996 م بتكليف المجلس الاقتصادي و الاجتماعي في الجامعة العربية باتخاذ مايلزم نحو الإسراع في إقامة منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وفقاً لبرنامج عمل و جدول زمني يتم الاتفاق عليهما ، وهنا لابد أن نذكر ، أن البرنامج التنفيذي لمنطقة التجارة الحرة العربية الكبرى الذي أقر من قبل المجلس الاقتصادي و الاجتماعي  العربي في شهر فبراير 1997 م ينطلق من أهداف اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية التي أقرت في عام 1981 م وصدق عليها العديد من البلدان العربية. وينص البرنامج التنفيذي الذي أقره المجلس الاقتصادي و الاجتماعي العربي لاتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية على جواز اتفاق دولتين عربيتين أو أكثر من أطراف الاتفاقية على تبادل أفضليات  أو إعفاءات تسبق الجدول الزمني للبرنامج ، أي في مدة تقل عن العشر سنوات. وعلى ضوء هذا النص قامت جمهورية مصر العربية بإقامة مناطق تجارة حرة مع عدد من البلدان العربية بشكل ثنائي مع كل من الأردن و المغرب و تونس و لبنان .  وفي كل الأحوال فمنطقة التجارة الحرة العربية الشاملة ستراعي أحكام الجات و منظمة التجارة العالمية.
ü     العمل على تبني استراتيجية الانتاج من أجل التصدير في المنطقة العربية : وتقوم هذه الاستراتيجية على تخصص كل دولة عربية في السلع والخدمات ، التي لها ميزة نسبية وتنافسية في الوقت الحاضر و المستقبل. أن تبني استراتيجية الانتاج من أجل التصدير في الاقتصاديات العربية يحدث نوع من التخصص وتقسيم العمل العربي على أساس الميزة النسبية والتنافسية لكل دولة.
ü     إعادة توطين الأنشطة الإقتصادية العربية و التوجه نحو الخصخصة : من الضروري الإسراع في عملية الخصخصة ودعم القطاع الخاص وتشجيعه ، وكذلك إعادة توطين الأنشطة الإقتصادية العربية على أساس مبدأ الميزة النسبية والتنافسية.
ü     تقوية وتنشيط الآلية التمويلية العربية بإنشاء بنك التنمية العربية : وهو يكون على غرار البنك الدولي للإنشاء و التعمير ، ومهمته هي العمل على مساندة عملية إعادة الهيكلة و إقامة المشروعات التي تصب في هذا الاتجاه ، ويعمل على تقوية البنية الأساسية و اصلاح هياكل الانتاج العربية.
ü     تحسين مناخ الاستثمار العربي : وهذا الأمر يحتاج إلى الإرادة السياسية وبذل الجهد من أجل تصحيح السياسات الاقتصادية العربية ، و إصلاح قوانين و تشريعات الاستثمار ، وتهيئة النظم الاقتصادية و السياسية و البيئة التنظيمية ، والمعلوماتية  من أجل تشجيع تدفق وجذب الاستثمارات العربية داخل المنطقة العربية ، وكذلك المضي قدماً في برامج الاصلاح الاقتصادي و إعادة الهيكلة.
ü     وضع استراتيجية عربية ملائمة للتعامل والعمل مع الشركات متعدية الجنسيات : على البلدان العربية و اقتصادياتها أن لا تهمل أهمية دور الشركات المتعدية الجنسيات ، فهي مطالبة بالعمل والتعاون وتعميق العلاقات مع هذه الشركات. ولذلك يجب وضع استراتيجية عربية والتي تحدد ماتحتاجه المنطقة العربية من علاقاتها مع تلك الشركات. وهنا من الضروري أستخدام جميع الآليات والامكانيات و الأساليب التي تملكها الاقتصاديات العربية عند التفاوض مع الشركات متعدية الجنسيات ومن أجل الحصول على التكنولوجيا التي تلائم تنمية الاقتصاديات العربية ، وكذلك تحقيق المزيد من الصادرات العربية ، وغيرها.
ü     بناء قاعدة تكنولوجية عربية من أجل مواكبة التطور التكنولوجي في العالم : وهي تتطلب حشد جميع الامكانيات والطاقات ، أن كانت مالية ، أو تكنولوجية علمية و توجيهها نحو تحقيق التطور المطلوب في مجال البحوث والتطوير ، والذي يحتاج إلى كيانات مالية كبيرة من الشركات العربية متعدية الجنسيات ، والتي تخصص مبالغ ضخمة للبحوث والتطوير. أن إقامة الصرح التكنولوجي العربي يتطلب وجود استراتيجية لتنمية الموارد البشرية العربية و الأنظمة التعليمية في البلدان العربية ، وهنا يتوجب على المنطقة العربية أن تعمل على تهيأة وتوفير المناخ الملائم حتى تتوقف هجرة العقول العربية وبالتالي أن نحافظ على بقاءها في البلاد العربية.
ü     وضع استراتيجية عربية للتعامل مع النظام الاقتصادي العالمي الجديد : أصبحت العولمة والنظام الجديد للتجارة العالمية أمراً لامحال منه. ولهذا يجب وضع استراتيجية تهدف إلى العمل مع الأطراف و المنظمات المختلفة للنظام الاقتصادي العالمي الجديد ودعم و تقوية الاقتصاديات العربية ، كتحقيق أسعار مجزية للصادرات العربية من المواد الأولية،  بالإضافة إلى السعي إلى تحسين شروط الحصول على التكنولوجيا واستخدامها من قبل الشركات العربية  من أجل تحقيق التنمية الصناعية و الزراعية ، وتعمل تلك الاستراتيجية على الاستفادة من تقسيم العمل الدولي ، و تهيء مناخ الاستثمار العربي على زيادة تدفق رؤوس الاموال و الاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة العربية ، وتخفيف الديون الخارجية على الدول العربية المدينة.
ü     إصلاح الإطار المؤسسي للعمل الاقتصادي العربي المشترك : تعتبر السياسات الكلية الجديدة شرطاً ضرورياً لضمان الوصول إلى الأسواق العالمية ، ولكنها لا تعتبر الشرط الوحيد  لذلك ، بل هناك عوامل أخرى تؤدي إلى ضمان وصول اقتصاديات الدول العربية إلى الأسواق العالمية ، وأهم هذه العوامل هي البنية الهيكلية الجيدة.
تحتاج الاقتصاديات العربية إلى إطار مؤسسي قوي و قادر على دفع العمل الاقتصادي العربي المشترك , ومن خلال اتفاقية الوحدة الاقتصادية و اعتبار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية هو الاساس.
ويضاف إلى ذلك ضرورة تعزيز الصندوقين العربيين للنقد و الانماء و دعم قدرتهما على التعامل في الاسواق المالية ، وإقامة مركز علمي تابع للمجلس ، يقوم بإجراء الدراسات العلمية لتقييم آثار الإجراءات المطبقة ، وإيجاد الاساليب لمعالجة المشاكل .
ü     وضع برامج عمل للتنفيذ و المتابعة : وهي برامج زمنية ، غرضها تحقيق الأهداف الموضوعة للعمل الاقتصادي العربي المشترك ، وتتضمن هذه البرامج التنفيذية السياسات و الإجراءات و الأنشطة التي يتم القيام بها على المستوى الوطني والقومي ، وفي نفس الوقت تضم آليات و أساليب للمتابعة.
رابعاً : الاقتصاد العربي و العولمة : لعل المتتبع للتطورات الدولية والإقليمية التي حصلت في النظام الاقتصادي العالمي الجديد ، سيجد عدد من المتغيرات العميقة ، والتي يشكل الجانب الاقتصادي المحور الأساسي لتلك التغيرات ، لأنها في حقيقتها تشكل توجهات العلاقات الاقتصادية الدولية والعولمة في القرن الحادي والعشرين.     
              لقد اتيحت للدول العربية كما ذكرنا سابقاً الفرص الكثيرة لتحقيق التحول من خلال زيادة سرعة النمو الاقتصادي ، وقد اتسمت هذه الفرص بالتنوع و الكثرة ، حيث إن هناك إمكانية لمواصلة التوسع السريع في مجال التجارة العالمية و زيادة عولمة الأسواق المالية الدولية و إقامة علاقات قوية مع دول الإتحاد الأوروبي ، وكذلك تحسين المناخ الاقتصادي في المنطقة . إن المكاسب التي يمكن أن يحققها الاقتصاد العربي كبيرة ، ولكن من اجل أن تكون هذه المكاسب حقيقة في واقعنا ، فلا بد من أن تعتمد الدول العربية على نفسها في تهيئة وخلق البيئة والظروف اللازمة لها.
              لقد بدأت بعض الدول العربية عملية تصحيح واسع النطاق للاقتصاد الكلي ، وكذلك انتهجت سياسات الاصلاح الكلي ، التي أعطت النتائج الإيجابية لهذه الدول ، التي تواجه تحدياً رئيسياً في المستقبل ، ويكمن هذا التحدي في تعزيز قوة الدفع بالنسبة للإصلاح الاقتصادي و مواصلة التطور و البناء.
              أما بالنسبة للدول العربية التي لم تبدأ بإصلاح مسارها الاقتصادي ، فمن الضروري أن تبدأ بهذه العملية التي لابد منها من أجل مواكبة التقدم ، الذي يحدث في الاقتصاد العالمي وفي عصر العولمة.
              يبدو للوهلة الأولى ، أن الاقتصاد العربي قد دخل بشكل كبير في العولمة ، وخاصة بعد الإنفتاح الاقتصادي العربي على العالم الخارجي من خلال التجارة الخارجية ، والتي بلغت نسبتها 53,6 % في عام 1996 م إلى الناتج المحلي الإجمالي.
              أن درجة الانفتاح الاقتصادي في الدول العربية والانخراط في العولمة ،  يختلف من دولة إلى آخرى ، وهو يعود للنظام الاقتصادي الذي تتبناه وكذلك هيكلها الاقتصادي. تعتبر دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية أكثر البلدان العربية انفتاحاً على الاقتصاد العالمي و أكثرها اندماجاً في العولمة ، وذلك نظراً لخصائصها الاقتصادية ، فمثلاً هي تتبنى النظام الاقتصادي الحر ، والذي يعمل في إطار آليات السوق ، وبالإضافة إلى هذا ، فأن هيكلها الاقتصادي يعتمد بصفة رئيسية على النفط و الغاز والذي تمثل ايراداتها المصدر الرئيسي لإيرادات الموازنة العامة ، وتقوم بلدان المجلس باستيراد الجزء الكبير من السلع المصنعة و المواد الغذائية ، ولهذا فإن نسبة التجارة الخارجية إلى الناتج المحلي لهذه الدول تفوق مثيلتها في الدول العربية الأخرى.
              من الطبيعي و بلا شك ، هناك بعض الدول العربية مثل مصر و تونس والمغرب والجزائر واليمن ( نسبياً)  نفذت برامج الاصلاح الاقتصادي ، وكان من ضمن ركائزه الانفتاح الكبير على العالم الخارجي وزيادة درجة الانخراط في العولمة . نيتم كل هذا من خلال إزالة القيود والعوائق من التجارة الخارجية ، وتشجيع التدفقات الرأسمالية و جذب الاستثمارات الاجنبية المباشرة. وبالفعل فقد حققت هذه البلدان نتائج إيجابية ، ولكن أمامها الكثير من العمل ، لكي تنخرط بدرجة وفعالية في العولمة ، وبالتالي تكون المستفيدة من النظام الجديد للتجارة العالمية.
إن درجة إنخراط دولة ما في العولمة لاتقاس بمؤشر نسبة التجارة الخارجية إلى الناتج المحلي الاجمالي فقط ، بل هناك مؤشرات أخرى مثل نسبة الصادرات من السلع المصنعة إلى اجمالي الصادرات و نسبة الوصول و النفاذ إلى الاسواق المالية ونسبة الوصول و النفاذ إلى مصادر التكنولوجيا المتطورة والاستفادة منها.
ولكن قبل أن نتطرق إلى موضوع الاقتصاد العربي و موقعه من العولمة ، لابد أن نتوقف عند بعض الخصائص التي تميز الاقتصاد العربي ، وهي تماثل في بعضها خصائص الدول النامية ويختلف بعضها عن الدول النامية،  والذي يعود إلى أسباب تتعلق بطبيعة الاقتصاد العربي والموقع الجغرافي ، والخصائص المشتركة بين الاقتصاديات العربية هي :
1.     يختلف النظام الاقتصادي الذي تتبعه الدول العربيةمن دولة إلى أخرى.
2.     بدأت معظم الدول العربية برامج إصلاح اقتصادية وشرعت في تنفيذها بالمشورة و التنسيق مع صندوق النقد الدولي ، والتي تهدف إلى إلى علاج الاختلالات الاقتصادية الداخلية و الخارجية والتغلب على المشاكل الاقتصادية التي تعاني منها البلدان العربية مثل الديون الخارجية ، وضعف التجارة الخارجية وتدفق الاستثمارات الاجنبية المباشرة.
وهناك بعض الدول العربية التي تبنت برامج إصلاح اقتصادي من دون التنسيق مع صندوق النقد و البنك الدوليين ، مثل دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
3.     أن درجة انفتاح اقتصاد دولة عربية يختلف عن درجة انفتاح دولة أخرى. إلا أن عقد التسعينات شهدانفتاحاً اقتصادياً كبيراً في المنطقة العربية ، وهذا دليل على قدرة العولمة الاقتصادية ، وتبني برامج إصلاح اقتصادي ، والغرض منها هو إزالة العوائق الجمركية وغيرها من العوائق التي تعيق التجارة الخارجية، من ناحية الاستيراد و التصدير .
4.     تعتمد الدول العربية على الإنفاق العام كمحرك أساسي للنشاط الاقتصادي. حيث يمثل الانفاق العام نسبة كبيرة من الطلب الكلي الفعال وخاصة في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، على الرغم من اتخاذ كثير من البلدان العربية خطوات مهمة وملحوظة في سبيل ترشيد الإنفاق الحكومي والعمل على خفض عجز الموازنات العامة التي تعاني منها اقتصاديات الدول العربية.
5.     تعاني بعض الدول العربية من فائض العمالة ، وبالتالي ارتفاع معدلات البطالة، ولكن هناك نقص في العمالة عند بعض الدول ، ونتيجة لهذا فإن العمالة في الدول ذات الفائض تنتقل إلى العمل في الدول ذات النقص في العمالة. ولايفوتنا هنا بأن نذكر نسبة العمال غير الماهرين كبيرة.
وبعد أن تعرفنا على أهم خصائص الاقتصاد العربي ، سنتطرق في الفصل الأخير من هذا الكتاب إلى سرعة انخراط البلدان العربية في العولمة.
خامساً : الشراكة الأوروبية العربية في عصر العولمة
 
شهد عام 2003 استقطابات حادة داخل الاتحاد الأوروبي سواء بسبب الخلاف بين الدول الأعضاء بشأن
 
القضايا الداخلية أو الخارجية على حد سواء، إلا أن القاسم المشترك فى تلك الخلافات تمثل فى الصراع الذى
 
تبلور بوضوح على مدى الأعوام القليلة الماضية بين أنصار فكرة الاستقلال الأوروبي عن الولايات المتحدة
 
وبين أنصار مبدأ اليورواطلنطية المؤيد لعلاقات أوروبية أوثق مع واشنطن. كما أن الجديد فى الصراع بين
 
المعسكرين عام 2003 تمثل فى انضمام الدول المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي للعبة الاستقطابات داخل
 
الاتحاد الأوروبي التى يرى المراقبون الأوروبيون أنها دول ذات توجهات أمريكية بالأساس وان ولائها
 
لعضويتها فى حلف شمال الأطلنطي يطغى على ولائها لفكرة الوحدة الأوروبية فى حد ذاتها. وتمثل هذا
 
الصراع بشكل أساسى فى الخلاف حول المواقف الأوروبية إزاء الحرب على العراق وإنشاء هيئة أركان
 
أوروبية مستقلة عن حلف شمال الأطلنطي تتولى التخطيط لعمليات إدارة الأزمات التى ستقوم بها قوة الانتشار
 
السريع الأوروبية مستقبلاً.


وعلى هذه الخلفية، شهد العام الماضى توتراً فى العلاقات البينية الأوروبية بشكل لم يسبق له مثيل منذ انطلاق
 
عملية البناء الأوروبي فى خمسينيات القرن الماضى، حيث يمكن إرجاع ذلك إلى العامل الأمريكي الذى مثل
 
محورا رئيسيا للقضايا الخلافية داخل الاتحاد الأوروبي سواء فيما يتعلق بالعراق او المشروع الدفاعى
 
الأوروبي أو فيما يتعلق بالتحالفات التى تبلورت وأصبحت حاضرة بقوة على الساحة الأوروبية ولاسيما
 
التحالف الانجلو/لاتينى الموالى للولايات المتحدة بين بريطانيا وأسبانيا وإيطاليا بالإضافة إلى البرتغال.


غير أن الأهم على هذا الصعيد يتمثل فى مدى تأثير التفاعلات الداخلية الأوروبية على المصالح والقضايا
 
العربية سواء الإقليمي منها أو حتى الثنائى فى ضوء وجود آلية معقدة لاتخاذ القرار على صعيد السياسة
 
الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الأوروبي لا تكفل اتخاذ مواقف جماعية حاسمة بشكل جعل التيار الذى
 
ينادى بالاستقلال الأوروبي مجرد موقف فردى لا يمكن بلورته فى صورة موقف أوروبي جماعى قوى.
 
ويستشف هذا الأمر من قراءة البيانات الصادرة عن القمم الأوروبية التى انعقدت على مدى العام ولاسيما
 
الأجزاء المعنية بقضايا المنطقة العربية المتوسطية حيث جاءت الفقرات الخاصة بالصراع الفلسطينى/
 
الاسرائيلى على سبيل المثال عامة وغير متناسبة مع واقع الأحداث نتيجة وجود تيار غير مؤيد للتصعيد مع
 
اسرائيل مثل بريطانيا وهولندا والدانمارك ومعهم ألمانيا بغرض اللعب على التوازن بين الجانبين الفلسطينى
 
والاسرائيلى، وان كان الأمر لا يمنع من ممارسة الضغوط على الجانب الفلسطينى، كما أن التعامل الأوروبي
 
مع الجانب الإسرائيلي اتسم بالحذر حتى عندما تعلق الأمر بالجوانب الفنية الداخلة فى إطار المشاركة بين
 
الجانبين كما فى حالة الرفض الأوروبي لتصعيد الأمور عند التعاطى مع قضية قواعد منشأ الصادرات
 
الإسرائيلية للاتحاد الأوروبى والمنتجة فى المستوطنات المقامة على الأراضي الفلسطينية، حيث كان التوجه
 
الأوروبي الرئيسى يقضى بالإبقاء على هذه المشكلة فى الإطار الفنى بين المفوضية الأوروبية وإسرائيل دون
 
إضفاء أي طابع سياسى عليها على الرغم من كون قضية قواعد المنشأ سياسية فى الأساس.


من جانب آخر، حدثت نقلة نوعية فى الخطاب السياسى الأوروبي تجاه المنطقة العربية تمثلت فى العودة
 
لاستخدام مصطلح العالم العربى، والذى غاب عن القاموس السياسى الأوروبي بشكل خاص منذ انطلاق عملية
 
برشلونة فى 1995 غير ان استخدام هذا المفهوم جاء مصحوبا بمطالب أوروبية حازمة من جانب الأنظمة
 
العربية تتعلق بضرورة الإقدام على إصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية داخل تلك المجتمعات. ومن
 
اللافت أيضاً أنه بالتوازى مع ذلك تحدث الخطاب السياسى الأوروبي أيضا عن القضايا الاجتماعية داخل
 
المجتمعات الأوروبية والخاصة بالمسلمين والعرب من زاوية أهمية إقرار سياسات تسهل عملية إدماج
 
المهاجرين فى المجتمعات الأوروبية ووضع سياسات جديدة للهجرة واللجوء فى الدول الأوروبية، علاوة على
 
إقامة حوار بناء بين مختلف الديانات كوسيلة للحفاظ على التماسك الاجتماعى داخل المجتمعات الأوروبية.


وشهد عام 2003 نشاطاً أوروبياً مكثفاً تجاه منطقة الشرق الأوسط من خلال طرح مبادرتين للتعامل مع
 
المنطقة وهما سياسة الجوار الجديد واستراتيجية تعزيز المشاركة مع العالم العربى. واللافت فى هذا الإطار
 
هو وجود مشروطية صريحة للتعامل العربى مع هاتين المبادرتين من خلال مطالبة الجانب العربى بالمضى فى
 
إصلاحات سياسية واجتماعية واقتصادية جذرية للتعامل مع الطروحات الأوروبية بل واستنادا للمعايير
 
الأوروبية فى هذا الصدد مثل القضايا الخاصة بحقوق الإنسان والتى تستمد مرجعيتها من الإعلان العالمى
 
لحقوق الإنسان ومقررات مجلس أوروبا وذلك دون الإشارة للمرجعيات الثقافية العربية فى هذا الصدد أو أي
 
مواثيق عربية. كما أن المبادرتين اكتفتا بالحديث عن العالم العربى ومشكلاته دون التطرق لإسرائيل مع
 
الاقتصار فقط على الإشارة لضرورة تسوية الصراع العربى/الاسرائيلى.


ومن المهم الإشارة فى هذا الصدد إلى عدم وجود تعامل عربى إيجابي وفعال مع هاتين المبادرتين إذ لم يصل
 
الأمر لحد الاعتراض على أي منهما وانما اقتصر التعامل العربى على إعداد خطط عمل وطنية لتعظيم المكاسب
 
من الأفكار الأوروبية المطروحة دون السعى إلى بلورة استراتيجية عربية للتعامل مع الاتحاد الأوروبي سواء
 
على مستوى تنسيقى جماعى بين الدول الداخلة فى عملية برشلونة او على مستوى الإطار المؤسسى المتمثل
 
فى جامعة الدول العربية.


كما يلاحظ أن الأفكار الأوروبية المطروحة تتسم بمشروطية متزايدة مقارنة بمبادرات أخرى طرحت من قبل
 
مثل عملية برشلونة من زاوية وجود ربط صريح بين تحقيق المطالب الأوروبية وبين الحصول على المزايا
 
الممنوحة من الجانب الأوروبي، هذا بالإضافة إلى أن اللحاق بسياسة الجوار الأوروبي الجديد التى ستحل محل
 
عملية برشلونة على المديين المتوسط والطويل أصبحت مرهونة بالتنفيذ الكامل لاتفاقات المشاركة بين الاتحاد
 
الأوروبي ودول جنوب المتوسط وهو ما يشير إلى وجود نوع من المشروطية المركبة المفروضة على الجانب
 
العربى وهو ما يقلص إلى حد كبير من هامش المناورة أمام دول جنوب المتوسط حيث ان العلاقة تقوم على
 
اتجاه واحد من الشمال الأوروبي إلى الجنوب العربى المتوسطى، وذلك فى ظل غياب للمؤسسة العربية
 
الرسمية عن صياغة اى استراتيجية للتعامل مع أوروبا مكتفية بحضور الاجتماعات الوزارية الأورومتوسطية
 
بصفة مراقب.


ومن المهم أيضاً الإشارة فى هذا المقام إلى أهمية التنبه للتغيرات العميقة التى طرأت على الهيكل المؤسسى
 
الأوروبي من حيث تعدد مركز صنع القرار المؤسسى الأوروبي الذى خرج من إطاره المبسط القائم على
 
اجتماعات القمة الأوروبية أو وزراء الخارجية إلى وجود أطراف فاعلة جديدة فى مقدمتهم الممثل الأعلى
 
للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة ومفوض الشئون الخارجية علاوة على الدولة التى تتولى رئاسة الاتحاد
 
دوريا حيث إن تضخم الهيكل المؤسسى وتداخل مراكز صنع القرار الأوروبي قد اضعف إلى حد كبير من
 
إمكانية الحصول على قرار أوروبي قوى أو حازم فى المدى المتوسط على الأقل وهو ما يحتم على الجانب
 
العربى التعامل الجاد مع تلك التغيرات المؤسسية الجديدة التى ستحكم التعامل الأوروبي مع قضايا المنطقة
 
العربية. كما يجب أن نشير أيضاً إلى أنه فى ظل التباين الحالى فى المواقف الأوروبية فقد اصبح من الواضح
 
ان هناك اتجاها أوروبيا آخذا فى التبلور فى ضوء زيادة عدد الدول الأعضاء بالاتحاد إلى انتهاج مبدأ أوروبا
 
ذات سرعتين للتعامل مع القضايا المطروحة سواء على الصعيد الداخلى او الخارجى والمتمثل فى اعتماد
 
أسلوب التعاون المدعم الوارد فى معاهدة امستردام والذى يقضى بإمكانية قيام دولتين او اكثر بتكثيف التعاون
 
فى مجال معين وذلك كما فى حالة المحور الفرنسى/الألماني أو التعاون الفرنسى/البريطانى فى مجال الدفاع
 
الأوروبي كما حدث خلال قمة سان مالو فى نوفمبر 1998 عندما تم إطلاق المشروع الدفاعى الأوروبي،
 
والمجلس النوردى الذى يضم فى عضويته الدول الاسكندنافية ومثلث وايمار الذى يضم فرنسا وألمانيا
 
وبولندا. كل هذه التغيرات تفرض على الجانب العربى تغيير أسلوب تعامله مع الهيكل المؤسسى الأوروبي لأن
 
التجمعات والمحاور داخل الاتحاد الأوروبي يمكن أن تمثل فرصة مواتية للجانب العربى للقيام بحشد التأييد
 
للقضايا الإقليمية او الثنائية على حد سواء وعدم الاكتفاء بالمؤسسات الأوروبية فقط، ومن ثم التأثير على
 
صنع القرار الأوروبي.


وفى هذا الإطار، يلاحظ وجود إحجام لدى الجانب العربى عن تعزيز مواقعه لدى الدول التى ستنضم إلى
 
عضوية الاتحاد الأوروبي فى مايو 2004 .

اولا ـ التفاعلات الداخلية .. حرب باردة داخل المعسكر الأوروبى؟


يمكن القول ان الحدث الأبرز على الصعيد الداخلى الأوروبي يتمثل فى الموقف الفرنسى/الألماني المشترك إزاء
 
الحرب الأمريكية على العراق والذى يمكن اعتباره بمثابة محاولة مشتركة من جانب الدولتين من اجل العمل
 
على إرساء مبادئ جديدة فى العلاقات الأوروبية الأمريكية لا تقوم على تبعية أوروبا المطلقة للقرارات
 
الأمريكية على الساحة الدولية وفى مقدمتها القضايا المتعلقة بالشرق الأوسط وجنوب المتوسط، نظراً
 
لتداعيات هذا الموقف على مجمل التفاعلات الداخلية فى الاتحاد الأوروبى، إذ يشير استقراء مجمل التطورات
 
داخل الاتحاد الأوروبي على مدى العام إلى وجود استقطاب حاد بين معسكرين متنافسين الأول ذو توجهات
 
أمريكية، والآخر ينحاز لمزيد من الاستقلال الأوروبي عن الولايات المتحدة. وقد أظهرت التفاعلات الداخلية
 
بالاتحاد الأوروبي على مدى عام 2003 ظهور تحالف أنجلو/لاتينى يقوم بالأساس بين بريطانيا وأسبانيا
 
وإيطاليا بدأ يفرض نفسه على التفاعلات الأوروبية وبدأ يقوم بعملية استقطاب للدول الاسكندنافية ولا سيما
 
الدانمارك بالإضافة إلى البرتغال، وذلك فى مواجهة المحور الفرنسى/الألماني.


ويأتى هذا الحدث على خلفية تنشيط مكثف لأعمال المحور الفرنسى/الألماني من خلال إصدار إعلان الإليزيه
 
فى 23 يناير 2003 والذى يعد بمثابة إعادة تأسيس للعلاقات بين برلين وباريس، وهو الأمر الذى أثار
 
معارضة عدد كبير من الدول الأوروبية سواء الأعضاء منها بالاتحاد او تلك المرشحة لعضويته من بين دول
 
الشرق والوسط الأوروبي. وقد تمثل ذلك فى الخطاب الذى وجهته كل من بريطانيا وأسبانيا وإيطاليا والبرتغال
 
والدانمارك وبولندا والتشيك والمجر للولايات المتحدة فى الأول من فبراير 2003 معبرة فيه عن تأييدها
 
لسياسة واشنطن حيال الأزمة العراقية.


وعلى الرغم من أن الخطاب لم يتضمن جديداً من الناحية الفعلية، إلا انه حمل فى طياته رسالة شديدة اللهجة
 
للمحور الفرنسى/الألماني من زاوية تعبير تلك الدول عن ميولها اليوروأطلنطية بشكل علنى وهو ما يحمل
 
تغييراً لقواعد العمل داخل الاتحاد الأوروبى التى طالما اتسمت باحترام التقاليد المؤسسية الأوروبية منذ إطلاق
 
عملية البناء الأوروبي وهو ما اعتبر أيضا إيذاناً بدخول دول الشرق الأوروبي مبكرا فى لعبة التوازنات
 
الأوروبية الأمر الذى ينبئ بمخاطر على المواقف الأوروبية المستقبلية إزاء قضايا المنطقة العربية.


وارتباطا بذلك، فمن الملاحظ وجود ثلاث من بين الدول الثمانى الموقعة على الخطاب تنتمى لمنطقة جنوب
 
أوروبا المتوسطية وهى أسبانيا (صاحبة المبادرة) وإيطاليا بالإضافة إلى البرتغال وهو الأمر الذى يطرح
 
تساؤلات عديدة حول دور دول أوروبا المتوسطية فى دفع القضايا العربية ومدى تأثير ذلك على المواقف
 
الأوروبية مستقبلا على القضايا ذات الصلة بالأمن والتعاون فى المتوسط وفى مقدمتها الصراع العربى
 
الإسرائيلي.


ويعتبر الانشقاق الذى وقع بين دول الاتحاد (فرنسا وألمانيا ومعهما بلجيكا فى مواجهة بقية دول الاتحاد)
 
بسبب معارضة الدول الثلاث لأسلوب تعامل الإدارة الأمريكية مع الأزمة العراقية، محصلة للتزاوج بين العامل
 
الأمريكي فى ضوء التوجهات الأطلنطية لعدد كبير من دول الاتحاد سواء الحالية أو المستقبلية من دول الشرق
 
والوسط الأوروبي، وبين عدم فاعلية آليات اتخاذ القرار داخل الاتحاد الأوروبي من زاوية عدم القدرة على
 
بلورة الحد الأدنى من التوافق بين الدول الأعضاء حول القضايا الرئيسية الدولية، مما افرغ الدور الأوروبي
 
من مضمونه على الساحة الدولية. وفى ضوء عجز آليات اتخاذ القرار فى الاتحاد الأوروبي عن التوصل
 
لقرارات واضحة لم يقتصر الأمر على القضايا الخارجية بل امتدت لتشمل القضايا الداخلية الأوروبية التى من
 
شانها التأثير على وضعية الاتحاد الأوروبي وفى مقدمتها فشل القادة الأوروبيين فى التوصل لإقرار الدستور
 
الأوروبي خلال قمة بروكسل فى 12 و13 ديسمبر 2003 . كما يلاحظ ان التحالف الفرنسى /الألماني بشان
 
العراق لم يقتصر على المؤسسات الأوروبية فحسب وإنما امتد ليشمل المحافل الأخرى التى تضم الولايات
 
المتحدة مع الدول الأوروبية وفى مقدمتها حلف شمال الأطلنطي عندما رفضت الدول الثلاث المقترح الأمريكي
 
بإرسال قوات من الحلف لتركيا لحماية تركيا من اى عدوان عراقى محتمل.


ولم تقتصر التحركات الفرنسية/الألمانية على صعيد القضايا الخارجية فحسب، بل امتدت لتشمل ملف السياسة
 
الدفاعية الأوروبية، حيث نظمت كل من فرنسا وألمانيا وبلجيكا ولوكسمبورج قمة رباعية فى بروكسل
 
لمناقشة إنشاء قيادة مستقلة لقوة الانتشار السريع الأوروبية بعيدا عن حلف شمال الأطلنطي، وهو الأمر الذى
 
زاد من التوتر بين فرنسا وألمانيا من جانب وعدد كبير من دول الاتحاد حيث إن توقيت القمة جاء متواكبا مع
 
نهاية الحرب على العراق بعد الموقف الفرنسى/الألماني المشترك وهو ما فسر على انه محاولة جديدة من
 
جانب برلين وباريس لتكريس فكرة الاستقلال الأوروبي عن الولايات المتحدة، لاسيما وان النصوص المنشئة
 
للمشروع الدفاعى الأوروبي تنص على التشاور بين الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلنطي عند القيام
 
بعمليات لإدارة الأزمات.


وتجدر ملاحظة أن هناك مرحلتين على مستوى التفاعلات الداخلية الأوروبية، مرحلة ما قبل الحرب على
 
العراق ومرحلة ما بعد الحرب، حيث أسفرت الخلافات البينية الأوروبية حول الشأن العراقى عن تغير لنمط
 
التحالفات السائد خلال النصف الثانى من العام عن النصف الأول، حيث اتجهت كل من فرنسا وألمانيا ومعهما
 
بلجيكا إلى رأب الصدع فى العلاقات مع كل من الولايات المتحدة وشركائهم الأوروبيين من خلال السير فى
 
مسارين متوازيين:


الأول، من خلال اللعب بورقة التعاون عبر الأطلنطى بغرض تهدئة الأمور مع الولايات المتحدة بتأييد واشنطن
 
على صعيد ملف منع انتشار أسلحة الدمار الشامل وممارسة ضغوط أوروبية/ أمريكية مشتركة على واشنطن
 
فى هذا الصدد.


أما المسار الثانى فتمثل فى حدوث تقارب فرنسى/ألماني /بريطانى على مدى النصف الثانى من عام 2003
 
عبر عقد قمتين ثلاثيتين خلال النصف الثانى من العام وهو ما يمكن تفسيره بسعى كل من باريس وبرلين الى
 
تحسين العلاقات مع واشنطن مرورا بالبوابة البريطانية، وهو ما فسر على أنه محاولة من كل من فرنسا
 
وألمانيا لشق صف المحور الانجلو/ لاتينى من خلال محاولات استقطاب بريطانيا وتوظيف الرغبة البريطانية
 
فى عدم الانعزال عند توسيع عضوية الاتحاد الأوروبى.



ثانيا ـ الاتحاد الأوروبى والقضايا العربية
ونتيجة آليات اتخاذ القرار داخل الاتحاد الأوروبي، فيمكن أن نلاحظ من خلال قراءة عدد من البيانات الخاصة
 
بالقمم الأوروبية المنعقدة على مدار العام أنها تتسم بالعمومية فيما يخص القضايا العربية، ويمكن إيجازها
 
على النحو التالى:
1- عملية السلام فى الشرق الأوسط


-         أهمية إنشاء دولتين إسرائيلية وفلسطينية ديمقراطية وقابلة للحياة تعيشان جنبا إلى جنب فى إطار
 
سلام شامل فى الشرق الأوسط، وفقاً لما نصت عليه خريطة الطريق، مع دعوة الاتحاد الأوروبي
 
-         للطرفين الفلسطينى والاسرائيلى بتنفيذ التزاماتهما الواردة فى الخريطة.


-    مطالبة السلطة الفلسطينية باتخاذ إجراءات حازمة لمواجهة الإرهاب والعنف.


-    دعوة الجانب الإسرائيلي للكف عن سياسته الاستيطانية وتفكيك المستوطنات التى تم إنشاؤها بعد
 
مارس 2001.


-         مطالبة كافة الأطراف فى المنطقة باتخاذ سياسات من شأنها تسهيل الحوار والمفاوضات بين
 
الجانبين الفلسطينى والاسرائيلى.


-          أهمية إصلاح السلطة الفلسطينية وإعادة هيكلتها.


-          إدانة العمليات الانتحارية والأشكال الأخرى للعنف مع مطالبة الأطراف بوقف تصعيد التوتر.


-         عدم وجود مبرر للعمليات الإرهابية ضد إسرائيل مع وجوب قيام دول المنطقة بمكافحة الإرهاب
 
بشكل نشط والامتناع عن دعم المنظمات الإرهابية سواء بشكل مباشر او غير مباشر.


-         ضرورة العمل على حرمان المنظمات الإرهابية من الدعم الذى تتلقاه ومساعدة السلطة
 
الفلسطينية من اجل القضاء على الإرهاب، مع مطالبة حماس والحركات الاخرى بالإعلان الفورى عن
 
وقف إطلاق النار ووضع حد للأنشطة الإرهابية التى تقوم بها.


-         دعوة إسرائيل لاتخاذ إجراءات لبناء الثقة ووقف اى إجراءات عقابية والتحرك فى إطار احترام
 
القانون الدولى.


2- المشاركة الأورومتوسطية


- التأكيد على الأهمية الاستراتيجية لمنطقة المتوسط بالنسبة للاتحاد الاوروبى مع التشديد على أهمية
 
تدعيم التعاون مع الشركاء المتوسطيين، وذلك مع تطوير المشاركة من خلال حوار سياسى معمق
 
ومبادرات محددة.


-         إقرار إنشاء كل من الجمعية البرلمانية ومؤسسة حوار الحضارات والثقافات الأورومتوسطيتين
 
بالإضافة للتسهيلات الخاصة بالاستثمار والمشاركة فى منطقة المتوسط.


-         ضرورة تدعيم المشاركة مع العالم العربى مع توثيق الحوار السياسى والاشارة الى اهمية المضى
 
على طريق التعددية والاصلاح الديمقراطى والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ثالثا ـ المبادرات الأوروبية للشرق الأوسط


1 - استراتيجية الاتحاد الاوروبى لتعزيز المشاركة مع العالم العربى


تأتى خطة العمل الأوروبية للعلاقات مع العالم العربى ضمن سلسلة من المبادرات الغربية بشأن
 
الإصلاح السياسى والاقتصادى فى العالم العربى، وهى المبادرة الأمريكية للمشاركة مع العالم العربى
 
والمبادرة الدنماركية بشأن الشرق الأوسط الموسع، والأفكار التى طرحها حلف شمال الأطلنطى لرفع
 
مستوى الحوار مع أطراف جنوب المتوسط وما يتصل بذلك من دعوة الرئيس الأمريكى لمشاركة
 
الحلف فى نشر الديمقراطية فى الشرق الأوسط.


تمثل الاستراتيجية نتاج عمل مشترك بين كل من المفوضية الأوروبية وخافيير سولانا الممثل الأعلى
 
للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة للاتحاد الاوروبى بناء على تكليف من قمة تسالونيك الأوروبية
 
التى انعقدت باليونان فى ختام الرئاسة اليونانية للاتحاد الأوروبي فى يونيو 2003. وهدفت الورقة
 
التى تم إعلانها فى 4 ديسمبر 2003 الى تدعيم علاقات أوروبا مع العالم العربى من خلال التركيز
 
على عدد من المحاور المتمثلة فى الإصلاح السياسى والاجتماعى والاقتصادى فى العالم العربى،
 
بالإضافة إلى الاستناد إلى خطين متوازيين فى التحرك ، الأول هو التأكيد على أهمية التعاون
 
الأورومتوسطى فى إطار عملية برشلونة والحفاظ على المكاسب التى تحققت فى إطارها، والثانى هو
 
دعوة الاتحاد الأوروبى إلى بلورة استراتيجية إقليمية للاستقرار فيما يسمى بالشرق الأوسط الكبير
 
والذى يضم كلاً من دول مجلس التعاون الخليجى الست واليمن والعراق وإيران حيث لا توجد
 
استراتيجية للاتحاد للتعامل مع تلك الدول.


أوردت الورقة فى مقدمتها فقرة عن ليبيا حيث أشارت إلى ان العلاقات معها يمكن أن تأخذ منعطفاً
 
جديداً بعد رفع العقوبات المفروضة عليها من قبل الأمم المتحدة، علاوة على ان مشاركة ليبيا فى
 
عملية برشلونة يمكن ان تمثل خطوة رئيسية نحو تطبيع العلاقات الأوروبية/الليبية بشرط قبول
 
الجانب الليبى لمنجزات ومكتسبات عملية برشلونة.


رصدت الورقة عددا من الأهداف يمكن إيجازها على النحو التالى:


أ‌-       تشجيع ودعم الإصلاح السياسى والاقتصادى والاجتماعى وذلك بغرض دفع التعددية السياسية
 
ب‌-   والديمقراطية وتحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية على أساس أن الإصلاح يجب أن يأتي من داخل
 
العالم العربى. كما يتوجب دعم الإصلاحات التى تحققت فى إطار عملية برشلونة واستكمالها من خلال
 
سياسة الجوار الجديد.


ت - توظيف الحوار اليورواطلنطى والذى يمكن ان يمثل تواصلا مع المبادرة الأمريكية بشان
 
المشاركة مع الشرق الأوسط وهو الأمر الذى يمكن ان يتكامل مع الجهود الأوروبية فى المنطقة.


ث‌-   إنجاز عدد من الإصلاحات السياسية، من خلال تشجيع الإدارة الرشيدة وسيادة القانون واحترام
 
حقوق الإنسان، والاقتصادية، من خلال تحرير التجارة بين العالم العربى وأوروبا وتحرير التجارة
 
البينية العربية، علاوة على الإصلاح الاجتماعي والحوار الثقافى من خلال تحسين وضع المرأة
 
والمساواة بين الجنسين وتحديث التعليم وتشجيع الحوار الدينى والثقافى .


تضمنت المقدمة كذلك إشارة خاصة للصراع الفلسطينى الإسرائيلى، من حيث كونه يمثل عاملاً أساسيا
 
للحشد فى العالم العربى، تمتد تأثيراته لأبعد من حدوده الإقليمية. كما تشير إلى أن استعادة الاستقرار
 
فى العراق تمثل عاملاً جوهرياً لتحقيق الأمن الدولى.


خلصت الخطة إلى أن لدى الاتحاد الأوروبى مجموعة من الوسائل للعلاقات مع العالم العربى غير أن
 
العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجى واليمن والعراق تحتاج لمزيد من التطوير. وأشارت إلى أن
 
التطورات الأخيرة أوضحت مدى الحاجة إلى وضع استراتيجية للأمن الإقليمي مع هذه المجموعة من
 
الدول التى تشكل، بالإضافة إلى إيران، ما يمكن أن يطلق عليه الشرق الأوسط الموسع. وبالتالى
 
فهناك خطين متوازيين لعلاقات الاتحاد الأوروبى مع الدول العربية وهما المسار الأورومتوسطى
 
ومسار الشرق الأوسط الموسع.


وقد وضعت الخطة مجموعة من الأفكار الأوروبية للتعامل مع الجانب العربى يمكن إجمالها على النحو
 
التالى:


الشق السياسى :


-         تعميق الحوار السياسى مع الدول العربية كل على حدة ومع الجامعة العربية، بحيث يركز على  
 
دعم سيادة القانون والحكم الرشيد مع إعطاء اهتمام خاص لاحترام حقوق الإنسان، وتقديم دعم لعمليات الانتخابات.


-         وضع آليات للتعاون والتنسيق من أجل تعزيز الحوار السياسى حول منع الصراعات وإدارة
 
-         الأزمات ومكافحة الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل.


 
-         السعى لإدماج القوى والحركات السياسية الأخرى فى الحوار، بما فى ذلك جميع التنظيمات التى لا
 
تتبنى العنف وتلتزم بقواعد الديمقراطية.


-         تطوير خطط عمل وطنية حول حقوق الإنسان والديمقراطية، بالنسبة لدول المشاركة
 
الأورومتوسطية، مع توفير الدعم المالى وأشكال الدعم الأخرى لتنفيذها، على أن يرتبط ذلك
 
بمبادرة أوروبا الأكثر اتساعاً. أما بالنسبة لبقية دول الشرق الأوسط الموسع، فتوصى الخطة
 
بتطوير حوار حول هذه الموضوعات مع التركيز على إجراء إصلاحات ملموسة وإمكانية وضع
 
استراتيجية أمنية إقليمية.


الشق الاقتصادى :


-         إدخال إصلاحات اقتصادية تتيح لهذه الدول المشاركة الكاملة فى الاقتصاد العالمى وتوفير فرص
 
عمل للأجيال القادمة. وفى هذا الصدد، توصى الخطة الاتحاد الأوروبى بما يلى:


-         الاستمرار فى تحرير التجارة بين دول المشاركة الأورومتوسطية، بما فى ذلك تحرير التجارة فى
 
المنتجات الزراعية وتجارة الخدمات، والتوصل إلى اتفاقية للتجارة الحرة مع مجلس التعاون
 
الخليجى، والتعاون مع دول المجلس فى التوصل إلى عملة موحدة أو سوق مشتركة فيما بينها.


-         دعم التكامل الإقليمى بين دول جنوب المتوسط، وتشجيع المبادرات ذات الصلة مثل إعلان أغادير
 
-         واتحاد المغرب العربى. وذلك بالإضافة إلى دعم التوصل إلى اتفاقيات تجارة حرة إقليمية من خلال
 
ربط اتفاقيات التجارة الحرة الأورومتوسطية باتفاقية للتجارة الحرة بين الاتحاد الأوروبى ومجلس
 
التعاون الخليجى.


 
-          دعم أطر التعاون مع الاتحاد الأوروبى، حيث أن ذلك يمثل واحداً من أهداف مبادرة أوروبا الأكثر
 
-         اتساعاً، بما فى ذلك دعم ربط شبكات الطاقة والنقل والاتصالات مع تلك التى على المستوى
 
-         الأوروبى.


-         الاستفادة من خبرة التعاون الأورومتوسطى، مع تطوير سبل تعاون أخرى مع دول الشرق الأوسط
 
الموسع. ووضع استراتيجية بعيدة الأمد لإعادة إعمار العراق اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً.


الشق الاجتماعى والثقافى:


-         تنشيط الحوار بين الثقافات والأديان والحضارات باستخدام الوسائل القائمة، وأن يمتد ذلك
 
الحوار ليشمل الدول العربية الأخرى. وتشير الخطة إلى أن الهجرة العربية إلى أوروبا من شأنها
 
دفع وتسهيل الحوار، مع التأكيد على التزام الاتحاد الأوروبى الكامل بحقوق المهاجرين ومكافحة
 
كافة أشكال العنصرية والتمييز يمثل سياسة ثابتة، وأن تنفيذها يحتم وضع مخاوف الجانب العربى
 
موضع الاهتمام.


- إنشاء المؤسسة الأورومتوسطية للحوار بين الثقافات والحضارات، واستكشاف مدى إمكانية إجراء
 
حوار بين الثقافات على مستوى الشرق الأوسط الموسع، بالتحديد فى إطار مجلس التعاون الخليجى.
 
بالإضافة إلى دعم الحوار بين الأديان وتبادل الخبرات فيما يتعلق بحقوق الأقليات ومكافحة الإرهاب
 
وكراهية الأجانب.


- تشجيع دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على دعم الإعلام المستقل والسماح بحرية التعبير، وبث
 
البرامج الإخبارية الأوروبية على القنوات الناطقة بالعربية، وكذلك وضع مبادرات لضمان وجود
 
تغطية متوازنة فى الإعلام الأوروبى للقضايا ذات الاهتمام العربى.


2-    سياسة الجوار الجديد
نشرت المفوضية الأوروبية وثيقة رسمية في مارس 2003 بعنوان: أوروبا الموسعة والجوار
 
كإطار جديد للعلاقات مع الشرق والجنوب والتى سميت فيما بعد بسياسة الجوار الأوروبي الجديد
 
تعنى بكل من دول جنوب المتوسط وروسيا و وأوكرانيا وروسيا البيضاء والتي تعتبر المجال الحيوي
 
لأوروبا على مدى العقود القادمة فى خطوة على طريق تشكيل الإطار الجيوبولتيكى الأوروبى الجديد .


احتوت الوثيقة على العديد من الأفكار لتعزيز التعاون مع دول الجوار فى مختلف المجالات السياسية
 
والأمنية، الاقتصادية، والاجتماعية، وذك انطلاقا من ركيزة أساسية وهى أن الجوار الجغرافى يتيح
 
فرصاً أكبر للتعاون. وترى الوثيقة وجوب قيام الاتحاد الأوروبى بالعمل على دعم علاقاته بدول الجوار
 
على المديين المتوسط والطويل، وتركيز سياساته خلال العقد القادم على الأساسين التاليين:


-         العمل مع الشركاء لتقليص الفقر و خلق منطقة رخاء مشترك قائمة على تكامل اقتصادى أعمق،
 
وعلاقات ثقافية و سياسية معززة، وتكثيف التعاون عبر الحدود، والمسئولية المشتركة لمنع
 
النزاعات بين الاتحاد الأوروبى و جيرانه.


-         ربط عروض الاتحاد الأوروبى لمزايا وعلاقات تفضيلية لدول الجوار بمدى التقدم الذى يحرزه
 
الشركاء فى المجالين السياسى و الاقتصادى.


ويمكن تقسيم المحاور التى تناولتها الوثيقة الى ثلاثة اقسام:


الشق السياسى والأمنى ويتضمن الأفكار التالية:


-         أهمية مناقشة العديد من الموضوعات مثل التهديدات للأمن المتبادل، سواء من ناحية التأثيرات
 
البيئية لانتشار الأسلحة النووية، أو الهجرة غير الشرعية، والتهريب، والجريمة المنظمة،
 
والإرهاب.


-         التأكيد على أن الديموقراطية والتعددية، واحترام حقوق الإنسان، و الحريات المدنية تعد الشرط
 
المسبق للاستقرار السياسى و التنمية الاقتصادية و الاجتماعية المستدامة. و فى هذا الصدد،
 
تشير الوثيقة إلى أن دول الجوار الجديد لها تاريخ فى الحكم غير الديمقراطى، وسجل ضعيف فى
 
حماية حقوق الإنسان وحريات الأفراد، كما أن الإصلاحات السياسية لم تتقدم سريعا كما كان
 
متوقعا ً.


-   أهمية عدم إغفال الأثر السلبى للصراعات على النمو الاقتصادى و السياسى فى منطقة
 
المتوسط، خاصة إذا استمرت لوقت طويل، وهو الأمر الذى أدى إلى تأخير طويل فى تنمية هذه
 
المنطقة.
       
                 -   ضرورة انخراط الاتحاد الأوروبى بشكل أكبر فى منع و إدارة الأزمات. وتؤكد الوثيقة على أهمية
 
قيام الاتحاد الأوروبى بلعب دور فعال فى حل مشكلتى فلسطين و الصحراء الغربية، وزيادة الانخراط
 
فى إدارة الأزمات استجابة للتحديات الإقليمية. ويمكن للاتحاد الأوروبى بعد انتهاء النزاعات أن يلعب
 
دورا فى ترتيبات الأمن الداخلى، وسيتطلب ذلك موارد لإعادة الإعمار.


الشق الثقافى والاجتماعى :


- أهمية قيام الاتحاد الأوروبى بالمساهمة فى تنمية المجتمع المدنى لدول الجوار بهدف تعزيز الحريات
 
الأساسية مثل حرية التعبير، وضرورة العمل على مكافحة الأفكار المسبقة عن دول الجوار و السائدة
 
داخل المجتمع الأوروبى. ويمكن تحقيق ذلك من خلال توسيع الأنشطة فى مجالات البحوث، والتعليم،
 
وتبادل الشباب، وأن يكون التعاون فى هذا المجال فى منطقة المتوسط من خلال المؤسسة
 
الأورومتوسطية.


- إعادة التأكيد على أن التقدم المحرز فى مجال الإصلاح المؤسسى الاقتصادى والسياسى سيكون له
 
مردود إيجابى على دول الجوار من حيث حصولها على حصة فى السوق الداخلى الأوروبى.


الشق الاقتصادى :


-         إن التكامل الإقليمي و التجارة يمثلان هدفا رئيسيا للسياسة الأوروبية تجاه المتوسط، وذلك نظراً
 
لمردودهما إيجابى على الاستقرار السياسى و الإقتصادى الاقليمى والذى يؤدى بدوره إلى خلق سوق
 
متوسطى أوسع.


-         أهمية أن يمتد تنفيذ اتفاقات المشاركة مع دول جنوب المتوسط إلى السلع بالكامل و إلى قطاع
 
الخدمات، وأنه على الرغم من أن بعض اتفاقات المشاركة لم يتم بعد التصديق عليها، إلا أن هناك
 
العديد من الشركاء المتوسطيين الذين تم تشجيعهم على تقريب تشريعاتهم إلى تلك المطبقة فى السوق
 
الداخلية الأوروبية.


- ضرورة زيادة الاستثمارات فى منطقة المتوسط و الاهتمام بمجالات التعليم و الصحة والتدريب.


- توسيع السوق الداخلى، وإيجاد معايير مشتركة بهدف تسهيل نفاذ سلع دول الجوار، والاستفادة من
 
السوق الأوروبى الداخلى الأوسع، وخلق مناخ ملائم للنمو الاقتصادى. وفى هذا الصدد تقّدر الوثيقة
 
أن الـ Acquis Communautaires (منجزات الاتحاد الأوروبى) الذى وضع الأسس للسوق
 
المشتركة القائمة على حرية انتقال السلع، و الأفراد، والخدمات، ورأس المال يمكن أن يسهم كنموذج
 
للدول التى تتبنى إصلاحات مؤسسية واقتصادية.


- أن حرية التجارة هى المفتاح الأساسى لتكامل السوق، وأنه اتساقا مع إعلان برشلونة 1995، فإن
 
اتفاقات التجارة الحرة الموجودة بالفعل مع دول المتوسط يجب أن تغطى مجالات السلع والخدمات.


- إنشاء وسائل تمويل جديدة مثل البنك الاورومتوسطى من أجل تنمية القطاع الخاص في المنطقة .


3 - التحركات فى الإطار غير الرسمى .. تنشيط مجموعة 5+5 وتوظيف منتدى المتوسط شهد عام
 
2003 نشاطاً فرنسياً مكثفاً فى اتجاه تفعيل التعاون فى منطقة غرب المتوسط، حيث استضافت فرنسا
 
-بصفتها رئيساً للمجموعة- اجتماعين وزاريين علاوة على عقد أول قمة لأعمال المجموعة منذ
 
إنشائها فى تونس فى شهر ديسمبر 2003 ،وهو ما يعتبر انطلاقة جديدة نحو تكريس انفصال منطقة
 
غرب المتوسط، خاصة وانه يتواكب مع المخاوف الفرنسية ازاء تزايد النشاط الأمريكي فى منطقة
 
المغرب العربى، وهو ما يدلل عليه الزيارة التى قام بها وزير الخارجية الأمريكي كولن باول فى
 
ديسمبر 2003 للمغرب العربى قبل أيام قليلة من انعقاد قمة المجموعة فى تونس.


ينبع تكريس منطق الفصل بين غرب المتوسط وشرقه من مبدأ الأمن الاجتماعى الذى استندت إليها
 
السياسات الأوروبية المتعاقبة تجاه تلك المنطقة منذ مطلع التسعينيات من منطلق احتواء المخاطر
 
القادمة من منطقة المغرب العربى على وجه الخصوص والمتمثلة فى الانفجار الديمجرافى وتزايد
 
موجات الهجرة علاوة على الإرهاب والتخلف الاجتماعى والاقتصادى. وتهدف سياسات دول جنوب
 
أوروبا المتوسطية إلى محاولة إيجاد أرضية مشتركة مع دول اتحاد المغرب العربى بغرض مكافحة
 
الإرهاب والهجرة غير الشرعية وحوار الأديان والحضارات وإقامة عدد من المشاريع المشتركة بين
 
الدول المغاربية وصولا إلى إعادة إحياء الاتحاد المغاربى.


وينبغى الإشارة فى هذا المقام إلى الأبعاد الاستراتيجية الكامنة وراء تنشيط أعمال المجموعة من قبل
 
دول جنوب أوروبا المتوسطية والتى تنطوى فى جزء كبير منها على تنافس بين القوى الأوروبية على
 
دول المغرب العربى ولاسيما التنافس الفرنسي/ الإيطالي على الاستثمارات البترولية الليبية، هذا
 
بالإضافة إلى الصراع الإيطالي/الأسباني/ الفرنسى على الاستثمارات فى تونس والمغرب والجزائر.


كما شهد عام 2003 خطوة فرنسية ذات دلالة من شأنها التأثير على مجمل عملية التعاون
 
الاورومتوسطى والتى تتمثل فى السعى لاعطاء المغرب وضع المشاركة المعززة فى علاقتها بالاتحاد
 
الاوروبى وهى وضع وسط بين الدولة الداخلة فى علاقة مشاركة وبين الدولة العضو فى الاتحاد من
 
خلال السماح للمغرب فى حالة منحها هذا الوضع بحضور عدد من الاجتماعات القطاعية الاوروبية
 
مثل البيئة بالاضافة الى اقامة تعاون منظم بين البرلمانين الاوروبى والمغربى.


لم تقتصر تحركات دول جنوب أوروبا المتوسطية على تنشيط أعمال مجموعة 5+5 فقط، بل امتدت
 
لتشمل منتدى المتوسط فى إطار تنويع منطق التعامل مع منطقة المتوسط فى ضوء تعثر عملية
 
برشلونة، اذ سعت دول جنوب أوروبا المتوسطية (فرنسا/أسبانيا/إيطاليا/البرتغال) بالإضافة لمصر إلى
 
تنشيط هذا المحفل المتوسطى غير الرسمى الذى لا يضم إسرائيل فى عضويته بغرض توسيع دائرة
 
تحرك تلك الدول فى منطقة شرق المتوسط التى تواجه فيها عملية برشلونة تعثرا واضحا بسبب عدم
 
وجود تقدم فى عملية السلام، حيث يضم هذا المحفل فى عضويته كل من مصر وتركيا والأردن
 
واليونان من بين دول شرق المتوسط وهو ما يتيح تنويع منطق التعامل مع المتوسط.


وباستقراء مجمل تلك التطورات، يمكن القول إن هناك إدراكاً أوروبياً بعدم جدوى الصيغة الرسمية
 
للتعاون الاورومتوسطى المتمثلة فى عملية برشلونة إذ بات يتحتم من وجهة نظر تلك الدول الابتعاد
 
عن الصيغة الرسمية للتعاون إلى صيغة غير رسمية وفقاً لقواعد التعاون المدعم الواردة فى معاهدة
 
امستردام حتى يمكن المضى فى مجالات كالهجرة والتعاون الامنى بشكل اكثر سلاسة عما هو عليه
 
الحال فى الإطار المؤسسى الرسمى للاتحاد الاوروبى المتمثل فى عملية برشلونة.


كما ترتبط فكرة التعاون دون الإقليمي بين دول حوض المتوسط والتى تم الترويج لها منذ عام 2000
 
داخل المحافل الأكاديمية الأوروبية ارتباطاً وثيقاً بالتغيرات الاستراتيجية التى بدأت أوروبا تشهدها
 
بالإقدام على توسيع الاتحاد الأوروبى من خلال سعى فرنسا بشكل خاص إلى تعزيز موقعها
 
الاستراتيجى فى منطقة حوض البحر المتوسط فى مواجهة ألمانيا التى باتت مركز الثقل الأوروبى
 
ولاسيما بعد انضمام دول الشرق والوسط الأوروبى وبالتالى أصبحت منطقة المتوسط هى عامل
 
التوازن الرئيسى فى السياسة الأوروبية الخارجية ما بين التوجهات نحو الشرق والجنوب .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الفصل الرابع
مكانة الدول العربية في المؤشرات العالمية
بعد سيادة تيار العولمة والانفتاح الاقتصادي و تدفق الاستثمارات ، فلم تعد هناك دولة بعيدة عن الرقابة و التقييم ، وكما هو معروف فثورة المعرفة و التكنولوجيا حولت العالم إلى قرية صغيرة مكشوفة.
أن هدفنا من عرض و تحليل المؤشرات هو الوقوف على أداء البلدان العربية من منظور رؤية الأخر، فهذه المؤشرات لها موضع اعتبار كبير من قبل المؤسسات الدولية والشركات الاستثمارية العالمية و غيرها.
        ومن ثم فإن المؤشرات التي خضعت للتحليل هي :
ü     مؤشر الحريات السياسية و المدنية العالمي .
ü     مؤشر التنافسية العالمي.
ü     مؤشر قياس أو مدركات الفساد و الشفافية.
ü     مؤشر التنمية البشرية العالمي .
ü     مؤشر قياس الأداء والإمكانيات للإستثمار الأجنبي المباشر .
ü     مؤشر الحرية الاقتصادية .
ü     مؤشر الاندماج في منظومة العولمة .
ü     مؤشر حرية الصحافة .
ü     مؤشر الاستعداد الإلكتروني و التقني .
ü     مؤشر الانفتاح الدولي .
سيتم عرض المؤشرات العشر والتي تمثل المصدر الأول للمعلومات بالنسبة للشركات الدولية وخاصة الاستثمارية منها ، وسنبدأ بالمؤشر العالمي للحريات السياسية و المدنيةWorld Freedom Index 2004 .
        ان الاسباب الموضوعية التي دفعتنا لإدخال وتحليل هذا المؤشر هي:
1.     لايمكن فصل السياسة عن الاقتصاد ، ولابد من عرض البيئة السياسية التي يعمل بها الاقتصاد .
2.     أهمية البناء المؤسسي للتنمية ، وتأتي المؤسسة السياسية في مقدمة المؤسسات التي يجب اصلاحها.
3.     لايمكن أن يتواجد ابداع فكري في ظل النظام الديكتاتوري ، وذلك لغياب الحريات السياسية و المدنية.
4.     تشهد المنطقة العربية أداءً اقتصادياً لايليق بها ، وكذلك فتسيطر عليها الأنظمة الدكتاتورية النفعية و العسكرية و السلطوية .
5.     حاجة المجتمع الدولي إلى هذا المؤشر ، الذي استمر في الصدور على مدى مايقرب من خمسين عاماً.
6.     مؤشر الحرية العالمي هو في مقدمة الأدلة أو المعايير التي تستند عليها المؤسسات الغربية في مطلبها للتغيير في المنطقة العربية ، والذي لابد منه من أجل نهضة وتقدم البلدان العربية ومواكبتها للتطور العالمي.
7.      يمثل الوضع السياسي للبلد المعني مكوناً أساسياً لتشجيع بيئة الاستثمار و التنمية. فالوضع السياسي يعتبر البنية الأساسية لبناء الاقتصاديات القوية، ذات المستقبل المشرف.
أن المؤشر العالمي السنوي للحرية يصدر عن دار الحرية منذ خمسينات القرن العشرين ، وقد إستمرت هذه الدار على إصدار هذا المؤشر تحت عنوان " الحرية في العالم " بجامعة واشنطون – سياتل . ويصدر هذا المؤشر سنوياً في مجلة " مراجعة أوضاع الحرية " . و يعرض لنا أوضاع الحرية على العصيد العالمي ، وذلك لإن الحرية تعتبر شرطاً لابد منه للإنخراط في منظومة العولمة و السير نحو التقدم الاقتصادي.
                 وينتهي المؤشر الذي يضم أكثر من 195 دولة ،  إلى تصنيف دول العالم :
ü     دول حرة .
ü     دول حرة جزئياً .
ü     دول غير حرة .
       أن المؤشر يقيس أوضاع الحرية من خلال تحليله للحريات السياسية و الحريات المدنية ، وحاكمه الأساسي هنا هو الإعلان العالمي لحقوق الإنسان .
أما عملية التقييم وترتيب الدول فهي :
إن النقاط تنحصربين واحد ( صفر ) و سبعة ( 7 ) ، ومن هنا فالدولة التي حصلت على نقاط أقرب إلى الواحد ( 1 ) سواء في الحريات السياسية أو المدنية ، فهي تعتبر الدول الأكثر حرية . أما الدول التي حصلت على نقاط أقرب إلى السبعة ( 7 ) فهي الدول الأدنى في مستويات الحرية سواء السياسية أو المدنية.
ويتم التوصل إلى تلك النقاط العامة ، ومن ثم ترتيب الدول بعد تحليل النقاط الفرعية :
أولاً : الحريات السياسية : يتم التعرف عليها في البلد المعني من خلال قياس بعض المسائل :
أ . عملية الانتخابات ، وهي تضم :
·        هل يتم اختياررئيس الدولة أو الحكومة بشكل قانوني ومشروع ؟
·        هل يتم انتخاب ممثلي الشعب إلى البرلمان عن طريق انتخابات حرة و ديمقراطية و نزيهة؟
·        هل يوجد قانون انتخاب ديمقراطي عادل ، والذي يضمن المنافسة العادلة بين المرشحين والتصويت الحر و النزاهة في جمع و فرز الأصوات و استخلاص النتائج ؟
ب . المشاركة السياسية ، وهي تتضمن مايلي :
·        هل هناك حرية للناس في تشكيل الأحزاب السياسية و غيرها من التجمعات و المنظمات السياسية بإرادتهم الحرة ؟ وهل النظام منفتح للزيادة وللانخفاض في أعداد الأحزاب السياسية ؟
·        هل هناك وجود علني ملحوظ و مؤثر للمعارضة ، و أمكانية واقعية لإستلامها السلطة من خلال الانتخابات ؟
·        هل الاختيار السياسي للناس بعيد عن سيطرة العسكريين أو جهات أجنبية او أحزاب فردية نفعية أو ميراث ديني أو الغير منها ؟
·        هل هناك مكان للأقليات العرقية و الدينية للتعبير عن رأيها و المشاركة في اتخاذ القرار ؟
                 ت . نشاط وعمل الحكومة :
·        هل يقوم ممثلي الشعب المنتخبين بحرية بتحديد برنامج عمل وسياسات الحكومة ؟
·        هل الحكومة نزيهة ؟
·        هل الحكومة صادقة مع الناخبين و تعمل بانفتاح وشفافية ؟
ث . أسئلة إضافية تتعلق بالحقوق السياسية :
·        الأنظمة الملكية التقليدية : ماهي مساحة الحرية و التشاور مع العائلة المالكة و أفرادها ، وهل هناك مجال لمناقشة السياسات ؟ ومدى السماح بمقاضاة الحاكم ؟
·        هل تتدخل السلطة لتغيير تركيبة المجتمع العرقية أو الدينية لمصلحة جماعة على حساب الأخرى؟
ثانياً : الحريات المدنية : من المعايير الفرعية ، والتي عول عليها واضعي المؤشر لقياس أوضاع الحريات المدنية في البلد المعني نذكر منها :
أ . حرية التعبير و الاعتقاد :
·        هل توجد وسائل إعلام حرة و مستقلة ، بالإضافة إلى وسائل التعبير الثقافية الأخرى ؟
·        هل هناك مؤسسات دينية حرة ، وهل هناك حريات عامة و خاصة في التعبير عن الاعتقاد ؟
·        هل هناك حرية في المؤسسات الأكاديمية ، وهل المؤسسات التعليمية بعيدة عن تأثير المؤسسة السياسية ؟
·        هل هناك مجال للمناقشات الخاصة المفتوحة و الحرة ؟
ب . الحق في تشكيل الجمعيات و الاتحادات :
·        هل هناك حق في التجمع الحر و التظاهر وفي إجراء حوار عام و مفتوح ؟
·        هل هناك إتحادات تجارية حرة ومنظمات خاصة ؟ وهل يوجد مهنيين و متخصصين أحرار في ممارسة مهنهم ؟
ت . قواعد القانون و القضاء :
·        هل يوجد في البلد قضاء مستقل ؟
·        هل تسود قواعد القانون القضايا المدنية الجنائية ؟
·        هل تخضع اجهزة الشرطة لرقابة مدنية مباشرة ؟
·        هل هناك حماية من إرهاب أجهزة الشرطة أو السجن غير المبرر أو التعذيب سواء من قبل الجماعات المساندة  أو المعارضة للنظام ؟
·        هل يعامل السكان بالتساوي و على ضؤ القانون ؟
ث . الحقوق الفردية و صيانة الذات :
·        هل هناك حماية شخصية وذاتية ؟ هل تقيد الحكومة مسألة الانتقال او السكن أو الاختيار أو العمل و نوع العمل ؟ وهل السكان أحرار من التقيد بالاعتماد على الدولة ؟
·        هل للمواطنين الحق في التملك و في إقامة المشروعات الخاصة ؟ وهل تتأثر هذه المشروعات بـتأثير و تدخل غير مبرر من قبل المسئولين في الحكومة أو سلطات الأمن أو جماعات الجريمة المنظمة ؟
·        هل هناك حريات شخصية اجتماعية بما فيها المساواة بين الجنسين وحق اختيار شريك الحياة وحجم الأسرة ؟
·        هل هناك فرص اقتصادية متساوية ؟
بناءً على المعايير التي ذكرناها سالفاً ، يتم يتم تصنيف دول العالم إلى أقسام ثلاث :
 
ü     دول الحرية ، وهي الدول التي حصلت على نقاط تتراوح بين صفر ( 0 ) و 2,5 .
ü     دول الحرية الجزئية ، وهي التي حصلت على نقاط بين 2 و 5,5 .
ü     ودول تغيب فيها الحرية ، وهي التي حصدت نقاط بين 5,5 و 7 .
من خلال القرأة التحليلية لمؤشر الحرية العالمي 2004 م نرى أن من بين 192 دولة التي شملها المؤشر هناك 46 % من الدول تتمتع بالحرية ( 88  دولة )  و29 % من الدول ذات حرية جزئية( 55 دولة ) في حين أن هناك 25 % من الدول غير حرة ( 49 دولة ) ، والتي أكثر من ثلثهم دولاً عربية .
يضم مؤشر الحرية جميع الدول العربية تقريباً ، وهنا السوأل الذي نطرحه هو : ماهو أداء دولنا العربية فيه ؟ وماهي الآفاق المستقبلية ؟ ومن هي أفضل الدول العربية تمثيلاً ؟
للإجابة على هذه الأسئلة سننظر في الجدول رقم ( 1 ) :
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
جدول رقم ( 1 ) أداء الدول العربية في مؤشر الحرية 2000 و 2004 م
الدولة
الحريات السياسية
م2000              م2004
الحريات المدنية
م2000             م2004  
التصنيف
2004 م             2000 م
البحرين
7                          5
6                          5
حرة جزئياً       غير حرة
جيبوتي
4                          5
6                          5
حرة جزئياً       غير حرة
الكويت
5                          4
4                          5
حرة جزئياً       حرة جزئياً
الأردن
4                          5
4                          5
حرة جزئياً       حرة جزئياً
المغرب
5                          5
4                          5
حرة جزئياً       حرة جزئياً
اليمن
6                          5
6                          5
حرة جزئياً       غير حرة
الجزائر
6                          6
5                          5
غير حرة         غير حرة
لبنان
6                          6
5                          5
غير حرة         غير حرة
موريتانيا
6                          6
5                          5
غير حرة         غير حرة
عمان
6                          6
6                          5
غير حرة         غير حرة
تونس
6                          6
5                          5
غير حرة         غير حرة
مصر
6                          6
5                          6
غير حرة         غير حرة
العراق
7                          7
7                          5
غير حرة         غير حرة
قطر
6                          6
6                          6
غير حرة         غير حرة
الإمارات
6                          6
5                          6
غير حرة         غير حرة
ليبيا
7                          7
7                          7
غير حرة         غير حرة
السعودية
7                          7
7                          7
غير حرة         غير حرة
السودان
7                          7
7                          7
غير حرة         غير حرة
سوريا
7                          7
7                          7
غير حرة         غير حرة
نلاحظ من الجدول أعلاهنلاحظ غياب البلدان العربية ضمن دول الحرية ، وهذا يعني على هذه الدول أن تعمل الكثير في إصلاح مسيرتها السياسية و المؤسسية . ومن جانب آخر ، فقد دخلت 6 دول عربية ضمن بلدان الحرية الجزئية. و أما  ال (13) دولة عربية الأخرى فهي دخلت ضمن التصنيف الأخير وهو غياب الحريات.
و أسوأالدول العربية تمثيلاً كانت سوريا و السودان و السعودية و ليبيا ، وهناك أسباب منطقية لكل هذا ومنها وراثة السلطة في النظام الجمهوري السوري ، وكما هو حصل بعد وفاة الرئيس السوري السابق حافظ الأسد ، حيث تولى السلطة نجله بشار الأسد . ومن الأسباب الأخرى التي يمكن ذكرها ، الممارسات السياسية في ليبيا والسودان و السعودية حيث التعذيب و التنكيل بالمعارضة وغيرها.
من الدول العربية مَن تراجع أدائها خلال عام 2004 م مقارنة بعام 2003 م ومن الدول العربية من لم يتغير وضعه ، فقد تراجع أداء دول جيبوتي و الإمارات العربية المتحدة عام 2004 م ، وتحسن أداء المملكة الأردنية الهاشمية في مجال الحريات المدنية والعراق في مجال الحريات المدنية و السياسية ، واليمن في مجال الحريات السياسية عام 2004 م مقارنة بعام 2003 م . لم يتغير أداء بقية الدول العربية لعام 2004 م مقارنة بعام 2003 م.    
  تمتلك الدول العربية الثروات الطبيعية الكثيرة و الموقع المتميز على خريطة العالم وكذلك فهي صاحبة التاريخ والحضارات القديمة ، فعليها أن تقوم بحل مشكلة إدارة تلك الموارد و الإمكانات والتي هي بحاجة إلى قيادة جيدة ونشطة وفعالة ، لكي تغير من الصورة التي لاحظناه في الجدول رقم ( 1 ) ومن أجل أن تعيش الشعوب العربية الحياة الديمقراطية.
                 لقد أصبح واضحاً اليوم ، على القيادات السياسية العربية و أنظمة الحكم إدراك الخطر في استمرار وتدهور الحريات  ، ولإن العالم أصبح قرية صغيرة و الأنظمة اليكتاتورية تتغير في العديد من مناطق العالم ومنها المنطقة العربية ، وماحصل في العراق هو دليل على هذه العملية ، التي تهدف إلى تحقيق الحريات السياسية و المدنية وإقامة المجتمع المدني. لقد كان نصيب الدول العربية التراجع الاقتصادي بسبب أنظمتها ، وخير دليل على ذلك هو حجم التجارة الخارجية مع دول العالم ، وحتى بين بعضهم البعض . كل هذه القضايا بحاجة إلى بيئة سياسية جديدة ، وإن الإصلاح السياسي بالدول العربية بحاجة إلى مزيد من التفعيل والجدية.
ثانياً : مؤشر التنافسية العالمية Global Competitiveness Ranking : يصدر هذا المؤشر عن مؤسسة من كبريات المؤسسات الاقتصادية العالمية المنتدى الاقتصادي العالمي World Economic   Forum ، وهو مؤسسة اقتصادية عالمية مستقلة تسعى وتهدف إلى تحسين اوضاع الاقتصاد العالمي من أجل تلبية متطلبات العولمة. يتم تمويل أنشطةهذه المؤسسة من خلال الرسوم التي تقدمها أكبر 1000 شركة في العالم ، وهم أعضاء في المنتدى ، هذا بالإضافة إلى التبرعات التي تحصل عليها. يقوم المنتدى بعقد حوارات بين الاطراف المختلفة مثل الشركات و الحكومات و السياسيين والأكاديميين و المفكرين لمناقشة قضاياتتعلق بالإقتصاد العالمي كالعولمة والتبادل التجاري العالمي والتصنيع غيرها. ويصدر المنتدى العديد من التقارير وفي مجالات عدة ومنها التقرير العالمي للتنافسية ، وتقارير إقليمية حول القدرة التنافسية مثل تقرير القدرة التنافسية العربية .
                 بلغ عدد الدول الداخلة في مؤشر القدرة التنافسية لعام 2004 م عدد 104 دولة ، وهي موزعة على نسبياً على قارات العالم المختلفة  ، من خلال استبيان أجري على عدد 8،700 من رجال الأعمال و المستثمرين بتلك الدول. لم تدخل الدول التي تمر بحالة حرب أو نزاعات ضمن دول القياس مثل السودان والعراق و الكنغو وفلسطين.
                 اعتمد مؤشر قياس القدرة التنتافسية للبلد على عدد من المحددات او العوامل ، وعليه فقد اعتمد على تحليل اقتصاد القطر من خلال ثلاث أركان رئيسية :
                 أ . البيئة الاقتصادية الكلية .
                 ب . قياس كفاءة المؤسسة العامة : اعتمد مؤشر التنافسية على أنظمة كالنظام القانوني و القضائي وموقفه من حماية الملكية الفكرية ، الفساد ، و غيرها.
                 ت . التطور التكنولوجي : لا يمكن تحقيق التنمية على المدى الطويل فقط من خلال الإصلاح المؤسسي و الاستقرار الاقتصادي الكلي  من دون التطور التكنولوجي . تضمن مؤشر التنافسية العالمي عام 2004 م ، سبع دول عربية فقط تمثل عينة يمكن على أساسها تصور مستوى التنافسية في الدول العربية التي لم يشملها الاستقصاء ، وهذه الدول هي : مصر  وتونس و الجزائر و المغرب و الأردن و الإمارات و البحرين .
                 نلاحظ من استقراء الجدول رقم ( 2 ) :
·        أن المغرب و الجزائر قد حققا تحسناً ملحوظاً عام 2004 م مقارنة بعام 2003 م ، بالإضافة إلى الدخول المتميز لكل من دولة الإمارات العربية المتحدة و البحرين ضمن الثلاثين الأوائل عالمياً. ولكن تراجع أداء الأردن بمرتبة واحدة عام 2004 م ، مقارنة بالعام 2003 م .
·        أما جمهورية مصر العربية فهي كانت أكثر تراجعاً بين البلدان العربية الممثلة في المؤشر ، حيث تراجعت من 58 إلى 62 . وكذلك نلاحظ أن مقارنة ترتيب هذه الدولة عام 2004 م بترتيبها عام 2000 ، نجدها تراجعت من الدولة رقم 41 إلى الدولة 62 .
وبعد استقراء الجدول عليها ، فعلى البلدان العربية أن تضع رؤية مشتركة  ، والتي تستطيع من خلالها الإنخراط في المنافسة العالمية . 
جدول رقم ( 2 ) ترتيب الدول العربية في مؤشرات التنافسية العالمية من 2000 – 2004 م .
الدولة
الترتيب عام 2000 م
الترتيب عام 2001م
الترتيب عام 2003 م
الترتيب عام 2004م
الإمارات
-
-
-
16
البحرين
-
-
-
28
المغرب
-
57 - 2002
61
56
الجزائر
-
-
74
71
الأردن
46
45
34
35
تونس
-
33
38
42
مصر
41
51
58
62
 
المصدر : مؤشرات التنافسية العالمية للأعوام 2000 2004 م.
 
 
 
ثالثاً : مؤشر مدركات الفساد 2004 م :  Corruption Perception Index 2004
                 تميزت السياسات الاقتصادية بصفة عامة و السياسات التجارية وسياسات الاستثمار بصفة خاصة في كثير من الدول النامية ومنها البلدان العربية بعدم الثبات وعدم الاتساق مع متطلبات التنمية الاقتصادية و المتغيرات الاقتصادية والمالية الدولية و الإقليمية . وقد أدى ذلك إلى انخفاض ثقة المستثمرين المحليين و الأجانب في الحكومات . أن هذه العوائق تخلق فرصاً للفساد عن طريق استغلال المكتب الحكومي أو الوظيفة لإغراض شخصية وتسيء إلى سمعة الحكومات .
                  من بين أهم المؤشرات العالمية انتشارا في هذا الخصوص المؤشر الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية Transparensy International حول اوضاع المؤسسات و الأجهزة الحكومية من حيث مستوى الفساد والشفافية.
                 أن الفساد في المشاريع الحكومية الكبيرة يقف كعقبة كبيرة في طريق التنمية المستدامة ، ويؤدي إلى خسائر فادحة في المال العام اللازم للتعليم والرعاية الصحية ولتخفيف الفقر في البلدان النامية وكذلك في البلدان المتقدمة .
                 يُعرٌف هذا المؤشر على أنه سؤاستعمال الوظيفة في القطاع العام من أجل تحقيق مكاسب شخصية. وتقدرالمبالغ التي تهدر سنوياً في العالم بسبب الرشوة في مجال المشتريات و المشاريع الحكومية ب 400 مليار دولار على الأقل .
                 اما مؤسسة الشفافية فهي تعتبر اكبر مؤسسة مستقلة وغير حكومية في مجال كبح الفساد والتي تأسست عام 1993 م ، ومقرها برلين في جمهورية ألمانيا الإتحادية و لها فروعاً في تسعين دولة حالياً.
                 تقوم مؤسسة الشفافية سنوياً بدراسات ميدانية على عينة من رجال الأعمال والمستثمرين في أكثر من 133 دولة وفقاً لمؤشر عام 2003 م ، وعدد قياسي من الدول بلغ 146 دولة عام 2004 م ، مقارنة بعدد 50 دولة بدأ بهم مؤشر عام 1995 م .
                 مؤشر مدركات الفساد هو عبارة عن ملخص لحملة استفتاءات ، والذي يعكس آراء الأ كاديميين ورجال الأعمال ومحللي المخاطر في بلدان عديدة . شمل المؤشرسنة 2004 م عدد 18 مسحاً قامت به 12 مؤسسة مستقلة ، ويتشكل هذا المؤشر من عشر نقاط . فالدولة التي تحصل على 10 نقاط من إجمالي 10 هي الدولة التي تتمتع بالشفافية الكاملة ومن ثم لامكان للفساد فيها . أما الدولة التي تحصل على أقل من نقطة واحدة فهي دولة ذات مستوى مرتفع من الفساد وتنخفض فيها معدلات الشفافية بشكل كبير، وقد تكاد أن تنعدم.
                 يتم ترتيب الدول في مؤشر الفساد و الشفافية على أساس مستوى الفساد ونقيضه في الدولة ، أي الدول التي ترتفع فيها نسبة الشفافية تأتي في الترتيب الأول ، في حين ان الدول التي ترتفع فيها معدلات الفساد تأتي في مؤخرة الترتيب.
                 عرض مؤشرمدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية للعام 2004 م لمستويات الفساد في 146 دولة،  وتبين أن 106 دولة من أصل 146 بلداً حصلت على أقل من خمس نقاط من عشر علامات. كما أن 60 دولة حصل كل منها على أقل من ثلاث علامات ، وهذا يعني مستوى الفساد مرتفع عالمياً.
                 لقد ضم المؤشر الأخير ( 2004 م ) كل الدول العربية باستثناء الصومال وجيبوتي ، وسنعرض هنا ترتيب الدول العربية في مؤشر 2004 م من خلال مطالعة الجدول رقم ( 3 ) .
 
·        كانت افضل الدول العربية أداءً  : الإمارات العربية المتحدة و الأردن و ليبيا. وتوجد سبع دول عربية ضمن مجموعة الخمسين الأوائل وهي عمان ( 29 ) و الإمارات ( 29 ) و مملكة البحرين ( 34 ) و الأردن ( 37 ) و قطر ( 38 ) و تونس ( 39 ) و دولة الكويت ( 44 ).
·        أما بالنسبة لأسوأ الدول العربية أداءً ، فهو يتمثل في سبع دول عربية أخرى في مجموعة مؤخرة الترتيب . وهذه الدول هي على الترتيب التالي : الأكثر سوأً الجمهورية العراقية ( 129 ) ، السودان ، اليمن ، فلسطين ، ليبيا ، لبنان وأخيراً الجزائر ( 97 ).
·        وجود مفارقات كبيرة عند مقارنة أداء البلدان العربية عام 2004 م بأدائها عام 2003 م ، فهناك من الدول من حقق تحسناً كبيراً وملحوظاً ، وهناك من شهد تراجعاً كبيراً ، وكذلك هناك من لم يتغير ترتيبه.
تبين لنا من المقارنة أن كل من الإمارات و الأردن و ليبيا قد حققت تقدماً كبيراً في مجال الشفافية. ولكن الملاحظة العامة هي أن أغلب البلدان العربية شهدت تراجعاً في الترتيب وفي عدد النقاط ، وكذلك نلاحظ أن هناك من الدول العربية من تراجع أداؤه بشكل حاد كما هو عند السعودية و الكويت و فلسطين و السودان و المغرب . بالإضافة إلى هذا فهناك دول عربية شهدت تراجعاً ملموساً وهي سلطنة عمان و مصر و سوريا.
 الدولة العربية الوحيدة والتي لم يتغير ترتيبها فهي تونس ، حيث حافظت على المرتبة 39 ، وحفاظها على هذا الترتيب في الوقت الذي زاد فيه عدد الدول الممثلة في المؤشر بعدد أكثر من 20 دولة ، فهذا يعني أنها لم تخرج عن المسار الصحيح وستحقق ترتيب متقدم في المستقبل.
أن السنوات القادمة تتطلب من البلدان العربية بذل الجهود الكثيرة من أجل محاربة الفساد والذي يتم من خلال المرتكزات التالية :
ü     إصدار تشريعات محاربة الفساد.
ü     تنفيذ هذه التشريعات و احترامها وتطبيقها من قبل الجميع .
ü     إعطاء القضاء في البلدان العربية قدراً أكبر من الاستقلالية من أجل تنفيذ المهام الملقاة عليه.
ü     إحداث تطوير جذري في الأجهزة الإدارية في الدول العربية ومحاربة البيروقراطية والتخفيف منها ، لأنها غالباً تقود إلى مزيد من الفساد .
ü     ميكنة الجهاز الإداري وربطه وربط نشاطه بالتقنيات والتكنولوجيا الحديثة ، وهذا يضمن الرقابة المركزية في العمل من أجل الشفافية في الأداء ، ومن ثم تكون المسئولية .
ü     محاربة الفساد تتطلب إصلاحاً ديمقراطياً جذرياً في جميع الدول العربية.
 
 
 
 
 
جدول ( 3 ) مؤشرات الفساد في الدول العربية منذ 1996 – 2004 م
الدولة
مؤشر 1996 م
الترتيب   النقاط
مؤشر 2000 م
الترتيب   النقاط
مؤشر 2002 م
الترتيب   النقاط
مؤشر 2003 م
الترتيب   النقاط
مؤشر 2004 م
الترتيب   النقاط
تونس
_             _
32           5,2
36            48
39           4,9
39           5
المغرب
_             _
37           4,7
52           3,7   
70           3,3
77          3,2
الأردن
30        4,89
39           4,6
40           4,5
43          4,6
37          5,3
مصر
41        2,84
63           3,1
62           3,4
70           3,3 
77           3,2
قطر
_
_
_
32           5,6 
38          5,2
عمان
_
_
_
26          6,3
29          6,1
البحرين
_
_
_
27           6,1
34          5,8
الكويت
_
_
_
35           5,3
44          4,6
السعودية
_
_
_
46           4,5
71          3,4
الإمارات
_
_
_
73           5,2
29          6,1
سوريا
_
_
_
66           3,4
71          3,4  
فلسطين
_
_
_
78           3
108         2,5
لبنان
_
_
_
78           3
97          2,7
السودان
-
_
_
106         2,3
122         2,2 
ليبيا
_
_
_
118
108         2,5 
 
 
 
رابعاً : مؤشري قياس الأداء والإمكانات للاستثمار الأجنبي المباشر UNCTAD: Performance and Potential Index
  حرص عدد من المؤسسات والمنظمات على تزويد المستثمرين و صانعي القرار بمعلومات رقمية تساعدهم في اتخاذ القرار ، من خلال تهيئة عدد من المؤشرات التي بمكن أن تساعدهم في معرفة وضع كل دولة على انفراد، وتحديد أهم النواقص التي تعاني منها تلك الدول ،التي تمنعها من جذب المستثمرين الأجانب  . وأثبتت الدراسات الإحصائية بأن هناك صلة قوية  بين ترتيب القطر أو درجته في هذه المؤشرات وبين مقدار ما يجتذبه من الاستثمار الأجنبي ، كما لوحظ وجود علاقة إحصائية قوية  بين موقع الدول في هذه المؤشرات ، فالدولة التي تنخفض فيها نسبة المخاطرة وفق إحدى المؤشرات تحظى بموقع متقدم في مؤشر الحرية الاقتصادية ،والقطر الذي يحرز موقع متقدم في مجال التنمية البشرية يحقق درجة عالية في مؤشر ثروة الأمم الناهضة وهكذا. 
                 تم إدخال هذين المؤشرين في التقرير العالمي للاستثمار الذي يصدر عن منظمة الإنكتاد وذلك في عام 2002 م فقط. والإنكتاد هو اختصار لاسم  " مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة و التنمية " وهي إحدى المنظمات المتخصصة والعاملة في الأمم المتحدة والمهتمة بقضايا التجارة والاستثمار.
                 ونظراً للأهمية التي استحوذ عليها الاستثمار الأجنبي المباشر من قبل أطراف عدة ، بدات منظمة الإنكتاد منذ ثلاثة أعوام فقط بوضع مؤشرات ومعايير يمكن للدولة من خلالها تحسين فرصها في جذب هذا النوع من الاستثمارات.
                 وبعد التطورات التي شهدها الاقتصاد العالمي اصبحت الحاجة إلى جذب الاستثمار المباشر في غاية من الأهمية لدول العالم. و إدراكاً من الإنكتاد لتلك التطورات و لتوجيه جهود الدول نحو إصلاحات حقيقية أصدرت المنظمة هذين المؤشرين ، المؤشر الأول يتعلق بقياس مستوى الأداء الفعلي للدول ، والآخر يتعلق بمستوى الإمكانيات الحقيقية والمستقبلية للدولة .
                 المؤشر الأول يقيس أداء الدولة الفعلي من خلال حساب نصيب الدولة من إجمالي الاستثمار المباشر على مستوى العالم .
                 أما مؤشر قياس الإمكانات ، فهو المؤشر الذي يعول على إمكانات الدولة الفعلية والتي من خلالها يمكن للدولة جذب المزيد من الاستثمارات . وهذا المؤشر يعتمد على قياس مستوى مجموعة من العوامل بالدولة المضيفة للاستثمار منها العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية . وهذه العوامل أجملها التقرير العالمي في  محددات رئيسية:
1 .             الإطار السياسي للإستثمار الأجنبي المباشر ، والذي يشمل الاستقرار السياسي والاقتصادي ، القوانين والتشريعات المنظمة للاستثمار ، والتعامل مع الأجانب وسياسات المنافسة والدمج والتملك ، وسياسة الخصخصة.
2 .             تسهيل الأعمال Business Facilitation كالترويج للاستثمار، وحوافز الاستثمار ، والكفاءة الإدارية ، وخدمات مابعد الاستثمار  مثل التحكيم بدلاً من التقاضي البطيء ، أو تسهيلات تحويل الأرباح  ، أو الحفاظ على مستوىًمن الاستقرار التشريعي ........ و إلخ.
3 .             محددات اقتصادية ، والتي تتوقف على حسب الاستراتيجية الاستثمارية للشركة ، وما إذا كانت هدفها خدمة السوق بالدول المضيفة ، أو أنها تبحث عن موارد لاستنزافها ، أو أنها تبحث عن الكفاءة و التكلفة.
                 شمل مؤشر قياس الأداء والإمكانات لعام 2004 م عدد 16 دولة عربية ، واحتلت الدول العربية مراكز متباينة في هذين المؤشرين . فقد حقق بعضها نجاحات ملموسة ن وأخفق البعض في الحفاظ على ترتيب متقدم .
                 ومن ملاحظة الجدول رقم (4 ) فلم تدخل أي من الدول العربية ال 16 ضمن العشرين الأوائل من حيث الأداء وإن كانت السودان قد دخلت عام 2004 م ضمن مجموعة الخمسين الأوائل واحتلت المرتبة 48  بعد الاكتشافات البترولية التي جذبت الشركات العاملة في قطاع البترول ، بالرغم من الحرب الأهلية في دارفور والجنوب .
                 وهناك دولاً عربية ارتفع مستوى ادائها في مؤشر 2004 م مقارنة بأدائها في ظل مؤشرعام 2003 م وهذه الدول هي ، تونس و قطر و الجزائر و السودان و الإمارات و اليمن.
                 إلا أن قطر وتونس و الإمارات و السودان كانت أفضل البلدان العربية أداء حيث صعدت كالتالي : تونس من المرتبة 76 – إلى المرتبة 60 ، و قطر من المرتبة 98 إلى المرتبة 81 ، و الإمارات من المرتبة 136 إلى المرتبة 120 ، و السودان من 57 إلى المرتبة 48 ، وكذلك فقد شهدت الجزائر تحسناً ملموساً من المرتبة 101 إلى المرتبة 94 .
                 ومن جانب آخر فقد تراجع أداء ثمان دول عربية وهي ، مصر و الأردن و المغرب و السعودية و الكويت و عمان و سوريا و ليبيا. وكانت المغرب و سوريا أكثر الدول العربية تراجعاً ، حيث تراجعت المغرب من المرتبة 46 إلى المرتبة 62 عام 2004 م ، كما تراجعت سوريا من المرتبة 103 إلى المرتبة 114. وكانت كل من سلطنة عمان و الأردن هما أقل الدول العربية تراجعاً نفس العام مقارنة بعام 2003 م.أما الدولة العربية الوحيدة و التي لم يتغير أدائها فهي لبنان ، إذ احتفظت بترتيبها وهو 96 .
جدول رقم ( 4 ) : ترتيب الدول العربية التي شملها مؤشري الأداء 2003 و 2004 م
الدولة
مؤشر الأداء 2002 م
مؤشر الأداء 2003 م
مؤشر الأداء 2004 م
البحرين
الفترة من 88-90     من 98 -2000
الرتبة         31                 40
 
56
 
72
الجزائر
     126                          111
101
94
المغرب
     76                            110
         46
             62
قطر
     133                          92
          98
             81 
الأردن
     97                            86
          54
             57
تونس
     68                            67
          76
             60
السعودية
     103                         127
          135
             138
الإمارات
     115                         137
          136
             120
الكويت
     124                         132
          132
             136
عمان
     47                           130
          129
             130
مصر
     14                           91
         110
              113           
سوريا
    92                            105
          103    
              114
السودان
    132                          58 
          57 
              48
لبنان
    117                          126 
          96
              96
ليبيا
      -                                -
           134     
            137
اليمن
      -                                -
           137
            115
المصدر : تقارير الاستثمار العالمي .
أما بالنسبة لمؤشر الإمكانات فنعرض هنا في الجدول رقم ( 5 ) وضع البلدان العربية في هذا المؤشر وبالشكل التالي :
ü     دول ذات إمكانات و أداء عال .
ü     دول ذات إمكانات عالية و أداء منخفض .
ü     دول ذات إمكانات منخفضة و أداء عال .
ü     دول ذات إمكانات منخفضة و أداء منخفض.
·        نلاحظ دخول دولتين عربيتين لأول مرة عام 2004 ضمن مجموعة العشرين الأوائل على مستوى العالم من حيث الإمكانات وهما قطر ( 8 ) و الإمارات (17 ) ، وكذلك نلاحظ أن أفضل البلدان العربية تمثيلاً في مؤشر الإمكانات هي دول مجلس التعاون الخليجي ، وخاصة قطر والسعودية و البحرين والكويت و الإمارات العربية المتحدة .
·        ومن الجدول يتبين لنا ارتفاع مؤشرات عدد تسع دول عربية عام 2004 م مارنة بعام 2003م وهذه الدول هي قطر و الجزائر و البحرين و السودان و اليمن و تونس و الأردن و الإمارات و ليبيا.
·        هناك تراجع في ترتيب عدد 4 دول عربية وهي سوريا و السعودية و عمان و لبنان . تعتبر سوريا هي أكثر الدول العربية تراجعاً في مؤشر الإمكانات.
·        لم يتغير ترتيب عدد ثلاث دول عربية وهي مصر و الكويت و المغرب.
·        أن أفضل البلدان العربية تمثيلاً عام 2004 م مقارنة بعام 2003 م في مؤشرات الإمكانات هي قطر و الأردن و الإمارات .
جدول رقم ( 5 ) : ترتيب الدول العربية في مؤشر الإمكانات للأعوام 2003 و 2004 م.
الدولة
2003 م
2004 م
الجزائر
81
75
البحرين
31
29
الكويت
28
28
قطر
20
8
الإمارات العربية المتحدة
24
17
المملكة العربية السعودية
30
31
المملكة المغربية
93
93
المملكة الأردنية الهاشمية
68
45
الجمهورية العربية السورية
90
100
الجمهورية التونسية
73
71
ليبيا
47
46
سلطنة عمان
50
53
جمهورية مصر العربية
70
70
السودان
123
120
لبنان
58
60
اليمن
88
87
 
 
جدول رقم ( 6 )
البلدان ذات الإمكانيات العالية
البلدان متقدمة السباق ، أداء عالي وإمكانات عالية .
 
البلدان ذات إمكانات أدنى من متقدمي السباق ، أداء منخفض و إمكانات عالية .
في مؤشر 2003 م
 
البحرين و الأردن
مصر ، الكويت ، لبنان ، عمان ، قطر ، السعودية ، الإمارات العربية المتحدة و السودان .
في مؤشر2003 م
 
الأردن
نفس دول عام 2003 م باستثناء السودان ومع دخول البحرين.
                                                                                
جدول رقم ( 7 )
الدول ذات الإمكانات المنخفضة
بلدان ذات إمكانات أدنى من متقدمي السباق ، أداء منخفض و إمكانات عالية.
البلدان ذات الإمكانات الدنيا ، أداء منخفض مع أمكانات منخفضة .
في مؤشر 2003م
 
المغرب
الجزائر ، سوريا ، تونس و اليمن
في مؤشر 2004م
 
المغرب ، تونس و السودان
الجزائر ، سوريا و اليمن
 
ويتضح من الجدول رقم ( 7 ) خروج البحرين من مجموعة متقدمي السباق بعد تراجعها في جذب الاستثمارمقارنة  بالعام 2003 م . ومن جانب آخر فقد حافظت الأردن على استمراريتها لتكون البلد العربي الوحيد ضمن مجموعة متقدمي السباق ، فهناك زيادة في حجم التدفقات الفعلية من الاستثمار .
·        أما تونس فقد انتقلت من مجموعة الأداء المنخفض و الإمكانات المنخفضة إلى مجموعة الأداء العالي و الإمكانات المنخفضة ، حيث صعدت إلى المرتبة 60 عام 2004 م ، بعد أن كانت تحتل المرتبة 76 عام 2003 م في مؤشر الأداء.
·        أما بالنسبة لكل من سوريا و الجزائر و اليمن ، فلم تتغير حالتها ، إذ ظلت جميعها ضمن المجموعة الرابعة ذات الأداء المنخفض و الإمكانات المنخفضة .
 وخلاصة القول ، ان الحوافز الجيدة لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر ستكون جيدة أيضاً لكل من
المستثمرين المحليين والأجانب  وتتضمن هذه الحوافز (السياسات التي تعزز استقرار الاقتصاد الكلي،
الدرجة العالية من الانفتاح الاقتصادي  ، وجود هيكل ضريبي يشجع تمويل الاستثمار المباشر ولا يعطي
المزايا لسياسة التمويل بالعجز ، فضلا عن ،أهمية وجود استثمارات حكومية في البنى الأساسية).
 
خامساً : مؤشر التنمية البشرية 2004 م Human development index trends
يصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي  تقرير التنمية البشرية سنويا منذ عام 1990 وبضمنه مؤشر التنمية البشرية الذي يرتب 162 دولة في إطار ثلاث مجموعات تعكس  مؤشرات التنمية البشرية (مرتفع -  متوسط  - ضعيف ) وقد تطورت  منهجية حساب هذا المؤشر وخاصة لجهة احتساب معدل الدخل الفردي . وأضيفت إليه مؤشرات مساندة تشمل معيار تمكين النوع الاجتماعي الذي يحتسب مؤشرات التنمية البشرية معدلا على أساسه لأغراض قياس مدى مشاركة المرأة في الحياة السياسة والاقتصادية . كما وضع مؤشر الفقر للدول النامية و مؤشر للدول المتقدمة لجذب الانتباه مباشرة إلى مدى الحرمان والفقر داخل القطر  .
يعتبر هذا المؤشرمن أهم المؤشرات العالمية والتي بدأ العمل بها في عام 1990 م ، ونظراً لأهمية العنصر البشري كأداة وهدف عملية التنمية ، فقد حظي هذا الموضوع باهتمام عالمي واسع النطاق .
       لقد وضع الباحثون في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقريراً منفصلاً عن التنمية البشرية في الدول العربية .
وقبل كل شيء لابد من التعريف بمؤشر التنمية البشرية Human Development Index فهو مؤشر دوام البرنامج الإنمائي التابع للأمم المتحدة United Nations Development Program على إصداره منذ عام 1990 م ضمن تقرير التنمية البشرية السنوي.
       ركز المؤشر على تحليل أوضاع التنمية البشرية في عدد 177 دولة من بين دول العالم التي بلغت  ال 200 .
ويقسم المؤشر دول العالم الداخلة في المؤشر إلى أقسام ثلاث رئيسية :
1 . القسم الأول يضم الدول ذات التنمية البشرية العالية وهي الدول المتقدمة و عدد من الدول حديثة التصنيع في آسيا وعدد من دول شرق أوربا.
2 . القسم الثاني يضم الدول ذات المستوى المتوسط في التمية البشرية ويضم هذا القسم مايزيد على 80 دولة من إجمالي ال 177 دولة .
3 . القسم الثالث يضم الدول ذات التنمية البشرية المنخفضة وعدده حوالي 35 دولة أغلبها من القارة الأفريقية ، بالإضافة إلى عدد من دول أمريكا اللاتينية و آسيا وثلاث دول عربية فقط هي موريتانيا و اليمن و جيبوتي .
       أعتمد هذا المؤشر في إصداره الأول عام 1990 م على مقياس مركب للتنمية البشرية ، فقد تم تطوير ثلاثة مقاييس تكميلية وهي :
1.     دليل الفقر البشري Human Poverty Indicator ، فهو يقاس من خلال ثلاثة أبعاد وهي:
ü     طول العمر ( يقاس بمتوسط العمر المتوقع عند الولادة ويتراوح في حدية الأدنى والأقصى ما بين 25 سنة –85 سنة ) .  
ü     المعرفة (يقاس بمعدل محو الأمية  بين البالغين ونسب الالتحاق في المراحل التعليمية المختلفة ويتراوح ما بين صفر % و 100 %) .
ü     التدابير الاقتصادية الكلية أو مستوى المعيشة (يقاس بمعدل دخل الفرد للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي ويتراوح ما بين 100 دولار و 40.000 دولار ).
2 . دليل التنمية المرتبط بنوع الجنس Gender Development Indicator فكلما ارتفعت الفجوة بين الجنسين في التنمية البشرية الأساسية كلما انخفض دليل التنمية المرتبط بنوع الجنس الخاص في دولة ما مقارنة بدليل التنمية البشرية بها .
3 . مقياس التمكين الجنساني Gender Participation Index وهو يقيس مسألة ما إذا كان للنساء دور في الحياة السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية .
        ودليل التنمية البشرية يقيس الإنجازات الكلية في ثلاثة ميادين رئيسية وهي : طول العمر ، والمعرفة ، ومستوى المعيشة الجيد .
        أما درجات أو نقاط هذا المؤشر فهي تدور بين الصفر و الواحد الصحيح . فالبلدان الأقرب إلى الواحد تأتي في مقدمة الترتيب كأفضل دول العالم أداءً في مجال التنمية و العكس صحيح .
لقد أكد واضعي تقرير التنمية البشرية العالمي على أن مؤشر التنمية البشرية لعام 2003 م قد كشف عن وجود ازمة حقيقية في التنمية ، وخير دليل على هذا فقد عانت 21 دولة من تراجع في مؤشراتها الاجتماعية و الاقتصادية خلال فترة التسعينات.
                 أما بالنسبة للبلدان العربية فقد شهد أدائها في مجال التنمية البشرية تطورات كبيرة خلال الربع قرن
الماضي ، فقد حقق بعضها تحسناً كبيراً وتراجع البعض الأخر ، ولكن الصورة العامة هي تراجع أداء مجمل
البلدان العربية.  وسجل معدل مؤشر التنمية البشرية للدول العربية مجتمعة ما نسبته 0.635 عام 2000 م
مرتفعا عن معدله لعام 1995م  ، الذي بلغ 0.55 بينما ما زال منخفضا عن  معدل مؤشر التنمية البشرية
للدول النامية الذي يبلغ 0.642 ومعدل مؤشر التنمية البشرية العالمي البالغ 0.712 لعام 2000 م .
ووفق مؤشر التنمية لعام 2001م  تتوزع الدول العربية كآلاتي :
أ - دول ضمن مجموعة التنمية البشرية  المرتفعة ، وبحسب الترتيب هي :-  البحرين ،الكويت،الإمارات، قطر.
ب -   دول ضمن مجموعة التنمية البشرية  المتوسطة ، وبحسب الترتيب هي :- ليبيا ،لبنان،السعودية سلطنة
عمان، الأردن ،تونس ،سوريا ،مصر ،الجزائر.
ج -  دول ضمن مجموعة التنمية البشرية  الضعيفة ، وبحسب الترتيب هي :  اليمن ،جيبوتي ،السودان ،
موريتانيا . ولم يتم أدراج العراق والصومال وفلسطين في التقرير العام.
ضم مؤشر التنمية البشرية لعام 2003 م جميع البلدان العربية تقريباً باستثناء العراق ، وكانت النتائج كالتالي في الجدول رقم ( 8 )  لعدد 12 دولة عربية :
·        دخلت أربع دول عربية ضمن الدول الخمسين الأوائل على مستوى العالم وهي البحرين وقطر و الكويت و الإمارات العربية المتحدة . كما أن كل الدول العربية التي شملها المؤشر كانت ضمن ال 100 الأوائل بما فيهم فلسطين. واحتل المراكز فوق المائة عدد 8 دول وهي على التوالي الجزائر ومصر وسوريا والمغرب و السودان واليمن وجيبوتي و موريتانيا.
·        الدول العربية الأسوأ أداءً في مؤشر عام 2004 م مقارنة بأدائها في مؤشر 2003 م على التوالي هي موريتانيا و جيبوتي و اليمن و السودان و المغرب ثم مصر . أن وضع تلك البلدان لم يتغير في المؤشرين .
·        دخلت كل من قطر و البحرين و الكويت و الإمارات ضمن دول العالم الأعلى أداءً في مجال التنمية البشرية عامي 2003 و 2004 م ، كما دخل عدد 9 دول عربية ضمن المائة دولة الأولى و أغلبها من بلدان مجلس التعاون الخليجي.
·        أن الملاحظة الهامة هنا بالنسبة للبلدان العربية مجتمعة هي ، شهد أغلبها تراجعاً في الترتيب  العام بين دول العالم وفي مقدمة تلك الدول البحرين و قطر و السعودية . كما لم يتغير ترتيب عدد غير قليل وخاصة مصر و الأردن .
 
 
 
جدول رقم ( 8 ) تطور ترتيب 12 دولة عربية في مؤشرات التنمية البشرية منذ عام 2002 – 2004 م .
 
الدولة
مؤشر عام 2002 م
الترتيب             النقاط
مؤشر عام 2003 م
الترتيب               النقاط
مؤشر عام 2004 م
الترتيب             النقاط
مصر
165                0,642
120               0,648  
120              0,653
السعودية
71                  0,759
73                 0,769
77                0,768
الكويت
45                  0,813 
46                 0,820                
44                0,838
قطر
56                  0,803
44                 0,826
47                0,833
البحرين
39                  0,813
37                 0,823 
40                0,843
فلسطين
-                        
98                 0,731
102               0,726
تونس
98                 0,722
91                  0,740   
92                 0,745
المغرب
123               0,602  
126                0,606
125               0,620
الجزائر
106               0,697
107                0,707
108               0,704
سوريا
108               0,691
110                0,685   
106               0,710
الأردن
99                 717
90                  0,743
90                 0,750
الإمارات
46                 0,812
48                  0,816
49                 0,824
 
المصدر : مؤشرات التنمية البشرية للأعوام 2002 ، 2003 ، 2004 م .
أن البلدان العربية التي شهد معظمها أما تراجعاً أو لم يحصل تغيير في ترتيبها ، فلاتزال قضايا التعليم والأمية  و ارتفاع معدل المواليد في المنطقة في مقدمة المشكلات التي تعيقها في تحقيق أداء أفضل في مؤشر التنمية البشرية العالمي .
سادساً : مؤشر الحرية الاقتصادية : Index of Economic Freedom .  يصدر هذا المؤشر من معهد "هيرتاج " بالتعاون مع صحيفة "وال ستريت جورنال " منذ العام 1995 م ويستخدم لقياس درجة التضييق التي تمارسها الحكومة على الحرية الاقتصادية ،وغطى المؤشر 156 في العام 2001 م من بينها 20 دولة عربية .ويستند المؤشر على 10 عوامل تشمل (السياسة التجارية وبخاصة معدل التعريفة الجمركية ووجود الحواجز غير الجمركية،وضع الإدارة المالية لموازنة الدولة وبخاصة الهيكل الضريبي للأفراد والشركات ،حجم مساهمة القطاع العام في الاقتصاد ،السياسة النقدية وبخاصة مؤشر التضخم، تدفق الاستثمارات الخاصة و الاستثمار الأجنبي المباشر ،وضع القطاع المصرفي والتمويل ،مستوى الأجور والأسعار،حقوق الملكية الفكرية ، التشريعات والإجراءات الإدارية والبيروقراطية و أنشطة السوق السوداء). وتمنح  هذه المكونات العشرة أوزانا متساوية ويحتسب المؤشر بأخذ متوسط هذه المؤشرات الفرعية. وعند تطبيق مؤشر الحرية الاقتصادية في عام 2001 م ظهر أن هناك14 دولة تتمتع بحرية اقتصادية كاملة تتصدرها هونج كونج وسنغافورة ونيوزلندة و57 دولة تتمتع  بحرية اقتصادية شبة كاملة و71 دولة تشهد انعدام الحرية الاقتصادية تتصدرها كوريا الشمالية والعراق. ويتضح تأثير الاعتبارات السياسية في هذا التصنيف  و لم تدخل أي دولة عربية في المجموعة الأولى ذات الحرية الاقتصادية الكاملة ، بعد أن كانت البحرين ضمن هذه المجموعة في العام 2000 م  وجاءت في المرتبة التاسعة، وفي العام 1999 م وجاءت في المرتبة الثالثة ، حيث تراجعت في العام 2001 م إلى المرتبة (15) ودخلت ضمن مجموعة الدول ذات الحرية الاقتصادية شبه الكاملة والتي دخلت فيها أيضا (6) دول عربية هي على الترتيب ( البحرين ، الإمارات، الأردن، الكويت، تونس، سلطنة عمان) كما دخلت (8) دول أخرى ضمن  مجموعة الدول ذات الحرية الاقتصادية الضعيفة هي على الترتيب(السعودية والمغرب، الجزائرو جيبوتي ، لبنان و موريتانيا ، مصر واليمن ) والمتبقي(5)دول دخل ضمن مجموعة الدول ذات الحرية الاقتصادية المنعدمة وهي على الترتيب (سوريا، ليبيا، العراق،السودان، الصومال)  وهذا الترتيب يخضع لاعتبارات سياسية واضحة . عرض مؤشر الحرية الاقتصادية لعام 2004 م لمسألة الحرية الاقتصادية في عدد 15 دولة عربية وكان ترتيبها كما هو في الجدول رقم ( 9 ) :
·        لوحظ عدم دخول أي من الدول العربية ضمن مجموعة الحرية الاقتصادية أو الدول ذات الاقتصاد الحر.
·        لوحظ أن هناك عدد خمس دول داخلة ضمن الدول ال 51 التي تعتلي قمة المؤشر  ، وهي البحرين و
الإمارات و الكويت و قطر و الأردن .
·        لوحظ وقوع عدد ثلاث دول عربية ضمن الدول الخمس وعشرين الأخيرة في المؤشر وهي اليمن و
سوريا و ليبيا .
·        لاتزال ليبيا هي أدنى البلدان العربية أداءً من منظور الحرية الاقتصادية .
 
جدول رقم ( 9 ) تطور ترتيب ونقاط الدول العربية في مؤشرات الحرية الاقتصادية خلال الفترة من
2001 – 2004 م
الدولة
مؤشر 2001 م الترتيب   النقاط
مؤشر 2002 م الترتيب   النقاط 
مؤشر 2003 م الترتيب   النقاط
مؤشر 2004 م الترتيب   النقاط
البحرين
9          1,90
15        2,00
16         2,00
20         2,08 
الإمارات
14         2,05
23        2,15
24         2،20
42         2,60
الكويت
42         2,55  
53        2,75
40         2,55
48         2,70
قطر
87         3,15
70        2,95
44         2,65 
60         2,86
عمان
48         2,70
60        2,90
56         2,80
54         2,80
الأردن
63         2,90
45        2,70   
62         2,85
51         2,73
المغرب
48         2,70
76         3,05
68         2,95
66         2,93
السعودية
45         3,00
72         3,00
68         2,95        
74         3,05
تونس
63         2,90
58         2,85
68         2,95
67         2,94
الجزائر
90         3,20
79         3,10  
94         3,25
100       3,31
لبنان
90         3,25
88         3,15
94         3,25
83         3,13
مصر
95         3,35
121       3,50
104       3,35
95         3,28
المصدر : مؤشرات الحرية الاقتصادية منذ 2001 – 2004 م.
لاحظنا من كل ماذكرناه ، أن أداء البلدان العربية قاطبة في مؤشر الحريات الاقتصادية شهد تراجعاً في عدد
النقاط والترتيب عام 2004 م باستثناء ثلاث منها على الرغم من انخفاض عدد الدول الممثلة في المؤشربعدد
12 دولة. وهناك أسباب لهذا التراجع في ترتيب وأداء الدول العربية خلال عام 2004 م ، ومنها التدخل
الحكومي و الإصلاح التشريعي و القيود المفروضة على التجارة و الاستثمار.
سابعاً : مؤشر الاندماج في العولمة 2004 م Globalization Index .
يعتبرمؤشر العولمة Globalization Index أو الاندماج في منظومة العولمة ، هو أحد أهم إن لم يكن أهم مؤشرات اندماج الدول في تيار العولمة و النظام الاقتصادي العالمي الجديد ، والذي  سندرسه هنا. وقبل كل شيء فلابد من تعريف مؤشر الاندماج في العولمة و الجهة المصدرة له .
        مؤشر العولمة هو مؤشر يصدر بصفة سنوية عن أ. ت . كرني A.T.Kearney للسياسة الخارجية التابع ل Carnegie Endowment International Peace ، وهي منظمة وقف دولية للسلام العالمي ، والتي أنشئت عام 1926 م . يعمل في هذه المنظمة أكثر من 4000 موظف على مستوى العالم ، وثلثيهم من المستشارين و لها مكاتب في أكثر من 60 دولة. تلجأ اليها الشركات الاستثمارية للحصول على استشارات اقتصادية و مالية متنوعة.
        هذا هو العام الرابع للمؤشر على التوالي ، فأول صدور له كان في عام 2001 م . وقد بدأ المؤشر بعدد 50 دولة في مؤشره الأول عام 2001 م ، وارتفع عدد الدول الداخلة في المؤشر خلال الأعوام الثلاث الأخيرة و أصبح 62 دولة يمثلون 85 % من سكان العالم ، حسب رأي واضعي المؤشر ، من بينهم أربع دول عربية ، والتي هي تونس و السعودية و المغرب و مصر . أن هذه الدول ال 62 تساهم ب 96 % من الناتج العالمي السلعي الإجمالي.
        هذا المؤشر يقيس مستوى عالمية الدولة و مدى اندماجها مع العالم الخارجي. ويقوم مؤشر العولمة على عدد من العوامل و المحددات ، التي تؤدي إلى وضع ترتيب للدولة. ويعتمد واضعي المؤشر على تحليل 14 متغير تم تنظيمها في عدد أربعة عوامل رئيسية ، ومن بينها :
§        حالة و إمكانات الدولة من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات .
§        قضايا التمويل والتجارة الخارجية و الاندماج الاقتصادي .
§        الاتصالات الشخصية و السفر.
§        السياسة الداخلية و الخارجية.
يتم ترتيب الدول في المؤشر من خلال نقاط ، وهي تتراوح بين الصفر والواحد الصحيح.
       ومن مقارنة مؤشرات العولمة على مدار السنوات الأربع ( 2001 – 2004م ) يتضح مايلي:
§        حافظت أيرلندا على ترتيبها و ريادتها لدول العالم في الإندماج في تيار العولمة بإحتلالها المرتبة الأولى على مدارالثلاث سنوات التي صدر فيها المؤشر.
§        بعدها تأتي كلاً من سويسرا و السويد و سنغافورة . وقد أصبحت سنغافورة في المرتبة الثانية عام 2004 م ، بعد أن كانت في المرتبة الرابعة عام 2003 م.
§        حافظت بلدان جنوب شرق آسيا عل مكانتها كأكثر الاقتصاديات اندماجاً بين الاقتصاديات الواعدة. وتعتبر هذه الدول وحسب واضعي بيانات مؤشر العولمة أوسع مركز للإنترنيت على صعيد العالم.
§        أما بعد أحداث 11 سبيتمبر، شهد تيار العولمة تباطؤ، وهو يتضح من خلال مؤشرات الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية و اليابان  والدول الأوروبية المتقدمة، ونلاحظ على سبيل المثال تراجع النمو الاقتصادي العالمي من 4 % عام 2000 م إلى 1,3 عام 2002 م ، إلا أن مؤشرات النموعالمياً ومنها حجم التجارة و الاستثمار و معدلات النمو في الدول المتقدمة و النامية شهدت تحسناً عام 2004 م ، وهو يصب في اتجاه العولمة. ولكن الوضع السياسي والمتغيرات السياسية شهدت تراجعاً وضعف في الإندماج وخاصة بعد حرب و دخول الولايات المتحدة الأمريكية في العراق ومن دون اجماع دولي ، وكذلك رفض الولايات المتحدة الأمريكية و تشيلي و الصين و أسرائيل الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية ، فهذا يصب في اتجاهاً معاكس للإندماج العالمي.
§        كذلك فقد تراجع تدفق الاستثمار المباشر من 1,3 تريليون دولار عام 2000 م إلى أقل من نصف حجم هذا التدفق عام 2003 م ، و استمر هذا التراجع عام 2004 م .
§        أما دول أوروبا الشرقية و الوسطى ، فهي حافظت على أداء متميز ومتقدم ، على الرغم من التراجع في الاقتصاد العالمي ، فقد احتلت جمهورية التشيك والتي هي خير ممثل في المؤشر لهذه المنطقة المرتبة 14 عام 2004 م بين دول العالم ال 62 . وهي بأدائها هذا تفوقت على العديد من الدول الصناعية ، كألمانيا و أسبانيا و اليابان و إيطاليا. وكذلك كانت سلوفينيا و السلوفاك و كرواتيا مثالاً جيداً .
§        تربعت بنما على قائمة دول أمريكا اللاتينية في المؤشر ،فهي احتلت المرتبة ال 30 في عام 2003 م ، أما في عام 2004 م المرتبة ال 27 . من المؤشرات الإيجابية في اندماج بنما في الاقتصاد العالمي ، إنشاء مناطق التجارة الحرة وتحديث العمل بقناة بنما كرابط يربط بين أمريكا و أوروبا و آسيا من جهة وبين دول أمريكا اللاتينية من جهة أخرى.
أما بالنسبة للشرق الأوسط والبلدان العربية تبين لنا الآتي:
§        تعتبر تونس خير مثال عام 2004 م ، فقد احتلت المرتبة 35 ، و دولة إسرائيل تصدرت دول المنطقة باحتلالها المرتبة 22 . أما مصر فكانت أدنى البلدان العربية في إندماجها في تيار العولمة ، بعد تراجعها إلى المرتبة 60  من بين 62 دولة.
§        أن المراتب التي احتلتها جمهورية مصر العربية و المغرب و تونس و المملكة العربية السعودية ، هي تعبير عن الأداء المتواضع للبلدان العربية مجتمعة وهوينعكس بالتالي على تراجع معدلات النمو الاقتصادي مثلاً ، فبعد أن كان نصيب الدول العربية من الصادرات العالمية 10,7 % عام 1981 م ، هبط نصيبهاإلى 3,5% عام 2001 م ، وكذلك فقد تراجع نصيب البلدان العربية من إجمالي تدفقات الاستثمار العالمية من أكثر من 5% خلال الثمانينات إلى 1% عام 2004 م .
§        أما بالنسبة لنصيب البلدان العربية من تكنولوجيا المعلومات ، فهو يعد من أدنى المعدلات في العالم ، حيث أن نسبة العرب الذين بإمكانهم التعامل مع الكمبيوترهي 1,2 % فقط ، ونصف هذا الرقم يستطيع التعامل مع الإنترنيت ، وهنا لابد من ذكربعض أسباب هذه الظاهرة المنتشرة بين البلدان العربية ، والتي من بينها نسبة الأمية ذات الحجم الكبير ، وسؤ الأنظمة التعليمية وعجزها في مواكبة الإندماج العالمي في عصر التكنولوجيا والمعلومات ، وكذلك تتحمل المسئولية بعض الأنظمة السياسية الحاكمة في المنطقة العربية،  والتي ترى في تواجد الأعداد الكبيرة من الأميين والغير متعلمين مايخدم بقائها في الحكم لفترات أطول ، وكما جاء في تقرير التنمية البشرية العربي و العالمي ، فنسبة الأميين بالدول العربية تتعدى ال 40%.
لقد شهد أداء الدول العربية في مؤشر الاندماج في منظومة العولمة خلال سنواته الأربع (2001- 2004 م) الترتيب التالي :
                 شهدت جمهورية مصر العربية تراجعاً كبيراً ( أنظر جدول رقم 10 ) فهي احتلت المرتبة 60 من بين 62 دولة.
جدول رقم ( 10 )
ترتيب جمهورية مصر العربية في مؤشرات الاندماج في العولمة
 
مؤشر الاندماج في العولمة 2001 م
مؤشر الاندماج في العولمة 2002 م
مؤشر الاندماج في العولمة 2003 م
مؤشر الاندماج في العولمة 2004
 
جمهورية مصر العربية
 
36
 
45
 
46
 
60
 
المصدر : جمعت هذه الأرقام من مؤشرات الأندماج في منظومة العولمة منذ صدوره وحتى 2004 م.
ومن الجدول نستخلص النتائج التالية :
احتلت جمهورية مصرالعربية المرتبة رقم 46 في مؤشر عام 2003 م ، في حين كانت تحتل المرتبة 36 في مؤشر 2001 م ، وهذا يعتبر تراجعاً والذي يقدر بعشرة مراتب.
أما مع مؤشر 2004 م ، فقد هبط ترتيب مصر و أصبحت في مؤخرة المؤشر وأحتلت المرتبة 60 كما ذكرنا سابقاً من 62 دولة.
                 أن مؤشر الاندماج في العولمة يعتمد على العديد من المؤشرات الفرعية . فالمؤشرات الفرعية التي سجلت فيها مصرترتيب متقدم ودخلت ضمن أفضل عشرين دولة على مستوى العالم هي:
v    الإنضمام في المنظمات الدولية ( المرتبة 15 ).
v    التحول والتغير الحكومي ( المرتبة 18 ).
 ولابد من ذكرأسوأ المؤشرات الفرعية التي سببت التراجع في ترتيب مصر، والتي هي:
v    الأداء الاقتصادي ( المرتبة 58 ).
v    تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر ( المرتبة 54 ).
v    مستوى الدخل ( المرتبة 58 ).
v    عدد مستخدمي الإنترنيت ( المرتبة 55 ).
v    الأداء التكنولوجي ( المرتبة 53 ).
أما عن وضع البلدان العربية الأخرى فهو التالي وكما هو موضح في جدول رقم (11) :
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
جدول رقم (11)
ترتيب الدول العربية في مؤشرات الإندماج في العولمة ( 2001- 2004 م )
الدولة
مؤشر العولمة 2002م
مؤشر العولمة 2002م
مؤشر العولمة 2003م
مؤشر العولمة 2004م
 
أيرلندا
 
1
 
1
 
1
 
1
 
المغرب
 
42
 
46
 
39
 
47
 
تونس
 
28
 
36
 
39
 
35
 
المملكة العربية السعودية
 
-
 
37
 
61
 
41
 
تركيا
 
37
 
55
 
53
 
55
 
الولايات المتحدة الأمريكية
 
12
 
12
 
11
 
7
 
إيران
 
50
 
62
 
62
 
62
 
المصدر: جدول مجمع من مؤشرات الاندماج في العولمة .
بالنسبة للمغرب : أن أسوأ ترتيب في المؤشرات الفرعية يكمن في المؤشرات التالية :
v    الاستعداد التكنولوجي والمعلوماتي .
v    جذب و تدفق الاستثمارات المباشرة و غير المباشرة .
v    مستوى الأداء الاقتصادي .
v    الحالة السياسية .
v    استخدام الإنترنيت والتعامل مع ثورة المعلومات.
أما الحالة عند جمهورية تونس ، فهنا نلاحظ أن التجارة وتدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة و السياحة وتحويل المدفوعات هي أفضل مؤشراتها الفرعية في الإداء.
أما أسوأ مؤشرات هذا البلد العربي الفرعية فهي تتمثل في الاستثمار في محفظة الأوراق المالية ، والتعامل مع ثورة المعلومات والتكنولوجيا ، بالإضافة الى التحول الحكومي.
أما بالنسبة للملكة العربية السعودية ، فهي تتميز ومن خلال النظر إلى مؤشرات أدائها الفرعية على الرغم من احتلالها المرتبة الأخيرة في الترتيب العام ،  بإحتلالها مراتب متقدمة تراوحت بين 14 و 26 في عدد من المؤشرات الفرعية والتي هي :
v    التحويلات .
v    شبكة التليفونات المحلية و العالمية .
v    السفر و السياحة .
ولكن هناك مؤشرات فرعية والتي تراوح أداء المملكة العربية السعودية فيها بين المرتبة 50 و 61 وتتمثل في :
v    الاستثمار الأجنبي المباشر.
v    الأداء الاقتصادي .
v    البيئة السياسية .
v    المنظمات العالمية .
v    التحول الحكومي .
وبعد هذا الغرض ، فلن يبقى على البلدان العربية سوى أن تستفيد من تجربة جمهورية تونس ، والتي تعتبر أفضل دولة عربية أداءً في مؤشر العولمة ، ومن الضروري تعرف الدول المعنية وكخطوة أولية على آليات ارتفاع مؤشر تونس  واستخلاص الدروس المفيدة منه من أجل الظهور المشرف في مؤشر الاندماج في العولمة .
ثامناً : مؤشر حرية الصحافة 2004 م Prees Freedom Index 2004  .
لم يعد بالإمكان فصل السياسة عن الاقتصاد أو الاقتصاد عن الصحافة ، فلا يمكن أن نتصور أداءً اقتصادياً في مجتمع بلا حرية للصحافة ، فالحرية ليست فقط حرية اقتصادية بل هي أولاً حرية التعبير ، ومن هنا وبالتالي يتم الكشف عن صور الفساد و الإهدار للمال العام والتبذير .
                 يصدر مؤشرحرية الصحافة عن منظمة مراسلون بلا حدود وهي منظمة غير حكومية ولها مقرات ومراسلون في العديد من دول العالم .
                 هذه المنظمة معنية بحرية الصحافة و معاملة الصحفيين و المؤسسات الإعلامية و الصحفية في العالم.  يدرس المؤشر أوضاع حرية الصحافة خلال عام يبدأ مع الأول من سبتمبر وينتهي مع نهاية أكتوبر من كل عام . يقيس المؤشر مقدار الحرية المسموح بها للصحفيين وللمؤسسات الإعلامية في كل دولة و الجهود التي تبذلها الحكومات في هذا الخصوص.
                 تقوم منظمة مراسلون بلا حدود بإرسال استبيان مبني على عدة معاييرأو محددات ، يسجل الاستبيان البيئة القانونية لوسائل الإعلام مثل العقاب على جرائم النشر ، احتكار الدولة ، وسلوك الحكومة تجاه الإعلام العام  و الصحافة الأجنبية. وتبحث المنظمة أيضاً مسألة القيود على التدفق الحر للمعلومات عبر الإنترنيت .
                 يتم إرسال الاستبيان إلى أشخاص عارفين بالأوضاع المتعلقة بحرية الصحافة مثل الصحفيين المحليين و المراسلين الأجانب المقيمين في دول مختلفة و الباحثين والخبراء القانونيين ، وكذلك الباحثين في السكرتارية العامة لمنظمة مراسلين بلا حدود.
                 تتراوح نقاط المؤشر بين الصفر و ال 108 . فالدول الأقرب إلى الصفر هي الدول الأفضل أداءً و العكس صحيح . وهنا سنتوقف عند ترتيب و أداء الدول العربية في مؤشر حرية الصحافة :
·        لوحظ تمثيل عدد 19 دولة عربية في المؤشر خلال العامين 2003 و 2004 م ، وقد تبين الآتي :
·        لم تدخل أي من البلدان العربية ال 19 ضمن ال 100 دولة الأولى باستثناء لبنان ، التي احتلت المرتبة 87 عام 2004 م.
·        احتلت 15 دولة عربية من الدول العربية ال 19 المراتب من 125 – 160 .
·        كانت المملكة العربية السعودية أسواء الدول العربية أداءً فقد احتلت المرتبة 159 من إجمالي 167 دولة ، تأتي بعدها سوريا  ، ليبيا و تونس .
·        أما أفضل الدول العربية تمثيلاً في مؤشر عام 2004 م هما لبنان و الكويت .
 
جدول رقم (12)
ترتيب الدول العربية في مؤشر حرية الصحافة من 2003 – 2004 م
الدولة
مؤشر 2003 م
الترتيب                     النقاط
مؤشر 2004 م
الترتيب                     النقاط
مصر
112
128                         43,50
السودان
44
37                                8
قطر
115
105                          32,50
البحرين
117
143                          52,50
السعودية
156
159                          79,17
الإمارات
122
137                          50,25
الأردن
123
121                          39,13
تونس
149
152                          62,67
ليبيا
153
154                          65
المغرب
131
126                         43,00  
السودان
142
132                         44,25
لبنان
106
87                           24,38
سوريا
155
155                         67,50
الكويت
102
103                           31,67
اليمن
136
135                           48,00
فلسطين
130
127                            43,17
الجزائر
108
128                            43,50
الصومال
140
128                            43,50
جيبوتي
120
145                            55
موريتانيا
121
138                            51,00
 
المصدر : مؤشرات حرية الصحافة للأعوام 2003  وحتى 2004 م .
 
·        كما لوحظ من الجدول رقم (12) احتلال أغلب البلدان العربية مؤخرة المؤشر وذلك بسبب غياب حرية الصحافة فيها.
·        تراجع ترتيب 10 دول عربية ، في حين تحسن ترتيب 8 دول ولم يتغير ترتيب دولة واحدة وهي سوريا فقد احتلت المرتبة 155 في مؤشري 2003 و 2004 م .
·        لوحظ أن أكثر البلدان العربية تراجعاً كانت البحرين ، فهي تراجعت بأكثر من 20 مرتبة ، وكذلك مصر التي تراجعت 16 مرتبة ، وجيبوتي و موريتانيا و الجزائر التي تراجعت  20 مرتبة.
·        أما أقل الدول العربية تراجعاً في ترتيبها العام في 2004 م مقارنة ب 2003 م فكانت ليبيا و تونس و السعودية و الكويت ، وكل هذا يعود لغياب الصحافة الخاصة و المستقلة .
·        أما أفضل الدول العربية أداءً بين الدول ال 8 التي تحسن ترتيبها فكانت لبنان ، فقد تحسن ترتيبها ب 30 مرتبة تقريباً ، وكذلك قطر و السودان  اللتان تحسن ترتيبهما بعشر مراتب .
أن الصحافة في البلدان العربية بحاجة إلى الارتقاء بما تقدمه من خدمة للوطن ، وعلى الأنظمة العربية إعطاء الصحافة و الصحفيين الفرصة في المشاركة في تحقيق الاصلاحات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية ، وعلى هذه الأنظمة أن تعرف بأن مؤشر حرية الصحافة هو من أحدث المؤشرات العالمية ، وعلينا أن نتوقع المزيد من تلك المؤشرات في المستقبل القريب.
تاسعاً : مؤشر الانفتاح الدولي 2004 م Index of International Openness .
وهو أحد المؤشرات الجديدة والتي افرزتها العولمة ، ويصدر عن الأكاديمية الدولية للدراسات البينية منذ عام 2001 م ، والتي هي مؤسسة علمية مستقلة وتكرس جهودها وعملها في المجالات البحثية و التدريبية و الاستشارية وتهدف إلى المساهمة في التوصل إلى توازن وتنمية مستدامة على مستوى العالم . يصدر هذا المؤشر بشكل متواصل منذ عام 2001 م ويدخل في تحليله عدد 145 دولة .
يعتمد المؤشر على ثلاثة أبعاد أساسية لقياس اندماج الدولة مع العالم وهي :
1.     التجارة العالمية في السلع : أي الواردات و الصادرات ونسبتها من الناتج المحلي الإجمالي.
2.     الاستثمار الأجنبي المباشر : استقبال استثمار و خروج استثمار ونسبته من الناتج المحلي الإجمالي.
3.     الهجرة الدولية : نسبة المهاجرين إلى عدد السكان.
يعطي المؤشر قيمة لكل من المؤشرات الفرعية الثلاث . حيث يحسب المؤشرين الأولين بمقدار 5/2 و مؤشر الهجرة الدولية 5/1 ، والدول التي هي أقرب إلى الواحد الصحيح هي التي تكون في  مقدمة المؤشر ، أما الدول التي هي أقرب إلى الصفر فتكون في مؤخرة المؤشر .
                 أن إجمالي الدول التي شملها المؤشر هو 144 و تستحوذ على حوالي 99% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي و 98 من سكان العالم .
                 من بين الدول التي شملها المؤشر 15 دولة عربية والتي تميزت بأداء متباين ، ويمكننا أن نلاحظ هذا من أداء الدول العربية في مؤشر الانفتاح على العالم خلال العامين 2003 و 2004 م من الجدول رقم (13) :
·        أن أفضل الدول العربية تمثيلاً في المؤشر هي الإمارات وتأتي بعدها الكويت والأردن اللتان تحتلان المرتبتين 13 و 15 ، تتميز الأردن عن كل من الإمارات و الكويت في مؤشر الاستثمار .
·        أما أسوأ الدول العربية تمثيلاً فهي اليمن و الجزائر و المغرب و السودان ثم مصر التي جاءت في مؤخرة المؤشر .
·        وبمقارنة أداء الدول العربية ال 15 في المؤشر خلال العامين 2003 و 2004م  نلاحظ مايلي :
ü     هناك ست دول عربية تراجع ترتيبها وهي الكويت و الأردن و لبنان و اليمن و مصر والمغرب.
ü     لم يتغير ترتيب كل من الإمارات و عمان و السودان .
ü     هناك دول عربية شهدت تحسناً كبيراً مقارنة بالعام 2003 م ، فقد صعدت ليبيا مثلاً بما يقرب من 20 مرتبة وسوريا بما يقرب من14 مرتبة ، تلتها كل من تونس و السعودية.
ü     في حين كانت أسوأ الدول العربية أداءً في المؤشرين هي المغرب التي تراجعت بما يقرب من 30 مرتبة ( من المرتبة 79 إلى 107 ) .
ü     من بين المؤشرات الفرعية الثلاث نلاحظ أن أفضل مؤشر للدول العربية  كان مؤشر الهجرة ، والذي كان سبباً في ارتفاع ترتيب دول الخليج العربي الممثلة في المؤشر فهي تسيطر على المراتب العشر الأولى.
ü     في حين كان مؤشر الاستثمارالاجنبي المباشر أسوأ مؤشر فرعي للدول العربية ، حيث أتى ترتيب الدول العربية فيه فوق التسعين ، هذا يعني أن هناك مشكلة حقيقية يواجهها العالم العربي بشأن جذب الاستثمار الاجنبي المباشر.
ü     أما مؤشر التجارة الدولية فقد شهد أداءً متبايناً. فهناك بلدان عربية احتلت مكاناً متميزاً في هذا المؤشر مثل الإمارات العربية المتحدة (15) و سلطنة عمان (34) و تونس (38) و الكويت (45)، ومن ناحية أخرى شهدت بعض الدول العربية أداءً غير مشجع مثل السودان و مصر .
أن هذا الترتيب و ألأداء بالنسبة للبلدان العربية الغير مشرف  ، فهو يفرض عليها ايجاد ووضع استراتيجية عربية للتعامل مع مؤشر الانفتاح الدولي ، والذي يعني الانفتاح على العالم الخارجي من خلال التجارة و الاستثمار و انتقال العمالة من أجل تحقيق مشروع العولمة.
جدول رقم (13)
ترتيب و نقاط البلدان العربية في مؤشري الانفتاح الدولي للأعوام 2003 و 2004 م
الدولة
مؤشر 2003 م
الترتيب                    النقاط
مؤشر 2004 م
الترتيب                      النقاط
الإمارات
3                               0,352
3                               0,340 
الكويت
10                              0,250
13                              0,242  
الأردن
11                              0,217
15                              0,214
عمان
26                              0,181
26                              0,182
السعودية
50                              0,143
44                              0,147
ليبيا
65                              0,124
47                              0,144
تونس
70                              0,116
64                              0,119
لبنان
68                              0,118
71                              0,112
موريتانيا
81                              0,104
74                              0,110
سوريا
107                             0,79
93                              0,088
اليمن
95                               0,90
102                            0,082
الجزائر
104                            0,83 
103                            0,082
المغرب
79                              0,107
107                            0,077
السودان
123                             0,61
123                            0,058
مصر
141                             0,26
143                            0,031
المصدر : مؤشري الانفتاح الدولي للأعوام 2003 و 2004 م .
عاشراً : مؤشر الاستعداد الإلكتروني و التقني E. Readiness Ranking 2004
                 يصدر مؤشر الاستعداد التقني و المعرفي عن وحدة الدراسات بالإقتصادي اللندنية The Economist وهي مؤسسة بحثية وصحفية معروفة عالمياً ، وتصدر عنها العديد من التقارير و التحليلات الدولية و الإقليمية .
                 يعتبرمؤشر الاستعداد التقني أحد أهم لإصدارات تلك المؤسسة وهدفه قياس مدى استعداد الدولة للمشاركة في عالم المعرفة و التكنولوجيا ، وهو مؤشر حديث يصدر منذ عام 2000 م ومن نتائج العولمة.
                 يبلغ عدد الدول الداخلة في المؤشر 64 دولة ، ويدخل في المؤشر3 دول من منطقة الشرق الأوسط وهي مصر و السعودية و إسرائيل ودولة واحدة من المغرب العربي هي الجزائر.
                 يعتمد المؤشرفي قياس الاستعداد التقني والمعرفي على ستة محددات أساسية ، وخمسة من تلك المحددات الأساسية تعتمد على 29 مؤشر فرعي ، وأما المحدد السادس فهو مؤشر بيئة الأعمال Busniness Environment الذي تصدره مؤسسة الاقتصادي. والمحددات الست هي :
1.     البنية الأساسية للتكنولوجيا و الاتصال : يستحوذ هذا المؤشر على 25% من قيمة المؤشر ، ويقيس حجم اتصال الأفراد و الشركات و الأعمال  بخدمات التليفون الثابتة و المحمولة ، والكمبيوتر الشخصي و الإنترنيت من حيث توافر والنوعية الجيدة للخدمة.
2.     بيئة الأعمال (20%) : يقيس المؤشر مدى جاذبية بيئة الأعمال في القطر على مدى الخمسة اعوام القادمة . وفي إطار القيام بتقييم البيئة العامة للأعمال ، تقوم مؤسسة الاقتصادي بمسح وضع 70 مؤشر تغطي أوضاع مثل قوة الاقتصاد ، الوضع السياسي ، التشريعات القانونية ، الانفتاح على التجارة والاستثمار و الضرائب.
3.     استخدام الأفراد والأعمال (20%): يقيم مؤشر الاستعداد التقني مدى انتشار الأعمال عبر الوسائل الإلكترونية في كل دولة ، وكذلك حجم الدعم والاستثمار الذي قامت به الدولة في قطاع تكنولوجيا المعلومات.
4.     البنية الاجتماعية و الثقافية للقطر (15%) : يستحوذ هذا المؤشر على 15% من قيمة المؤشر . يضع المؤشر في اعتباره مستوى الأمية في البلد المعني ، والمهارات التقنية والفنية لقوى العمل .
5.     البيئة القانونية و السياسية ( 15%) : يلعب الإطار القانوني العام للدولة و التشريعات القانونية المحددة الحاكمة لاستخدام الإنترنيت دوراً كبيرأ و حاسماً في تطوير بيئة الأعمال عبر الوسائط الإلكترونية. ما مدى سهولة وامكانية تسجيل نشاط جديد ، وما مدى قوة حماية الملكية الخاصة ؟
6.     دعم الخدمات التقنية (5%) : تعمل الخدمات الوسيطة على مساعدة أي نشاط أو صناعة من أجل العمل بكفاءة . أما فيما يتعلق بالأعمال عبر الوسائل الإلكترونية ، فإنها تشمل الاستشارات وخدمات تكنولوجيا المعلومات.
أن من بين البلدان ال64 التي احتواها المؤشر تدخل ثلاث دول عربية هي السعودية والجزائر ثم مصر.
 عند تقييمنا لمؤشر الاستعداد التقني  ومن الجدول رقم (14) نلاحظ مايلي:
·        إذا قارنا ترتيب مصر في مؤشر الاستعداد التقني لعام 2004 م بالترتيب في مؤشر 2003 م نلاحظ عدم تغير ترتيب مصر العام ، فقد حافظت على المرتبة 51 على مدى العامين .
·        هناك تحسن ملحوظ في نقاط مصر إذ ارتفعت من 3,72 نقطة في عام 2003 م إلى 4,08 نقطة عام 2004 م.
·        هناك تراجع في ترتيب مصر العام على مدى العامين الماضيين ( 2003 و 2004 م ) مقارنة بأدائها عام 2001 م فهي كانت في المرتبة 40  ، ولكنها هبطت وأصبحت في المرتبة 51 على مدى العامين 2003  و 2004 م.
·        عند المقارنة بعام 2001 م نلاحظ هناك تحسن في عدد النقاط .تعتبر الملكة العربية السعودية أفضل الدول العربية الثلاث تمثيلاً في المؤشر فقد احتلت المرتبة 48 .
·        لوحظ حدوث تراجع مستمر في ترتيب السعودية خلال الفترة من 2001 – 2004 م بين الدول الممثلة في المؤشر . فقد تراجعت هذه الدولة من المرتبة 44 عام 2001 م إلى المرتبة 48 عام 2004 م .
·        ولكن بالرغم من التراجع في ترتيب السعودية بين الدول فإن نقاطها تشهد تحسناً تدريجياً، فقد ارتفعت من 3,80 عام 2001 م إلى 4,38 عام 2004 م نقطة .
·        أما بالنسبة للجزائر ، فقد تراجعت أيضاً ، فهي كانت أسوأ الدول العربية تمثيلاً في المؤشر ، فقد احتلت مؤخرة المؤشر(61) ضمن الدول الثلاث الأخيرة .
·        كذلك فقد شهد أداء الجزائر تراجعاً مستمراً منذ عام 2001 م ، فبعد أن كانت في المرتبة 54 عام 2001 م هبطت إلى المرتبة 61 عام 2004 م . أما بالنسبة للنقاط فقد تراجعت نقاطها تراجعاًكبيراً حيث انخفضت من 3,16 عام 2001 م إلى 2,63 عام 2004 م.
·        لقد شهدت الدول العربية الثلاث تحسناً في عدد النقاط عام 2004 م مقارنة بعام 2003 م .
لاحظنا أن التقدم التقني والاستعداد المعرفي لم يعد حكراً أو ملكاً لإحد ما ، وكذلك لاحظنا الأداء الضعيف للدول العربية الثلاث في هذا المؤشر والتراجع المستمر.
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
جدول رقم (14)
ترتيب ونقاط الدول العربية الممثلة في مؤشر الاستعداد التقني خلال الفترة 2001 – 2004 م  
الدولة
مؤشر 2001 م
الترتيب      النقاط
مؤشر 2002 م
الترتيب      النقاط
مؤشر 2003 م
الترتيب       النقاط
مؤشر 2004 م
الترتيب      النقاط
مصر
40            3,88
48            3,76
51            3,72
51            4,08
السعودية
44            3,80
47            3,77
45            4,10
48            4,38
الجزائر
54            3,16
58            3,70 
58            2,56 
61            2,63
المصدر : مؤشرات الاستعداد الإلكتروني – الاقتصادي لأعوام مختلفة.
ولهذا فعلى الدول العربية أن تعمل على تطوير التشريعات و القواعد المنظمة للاستثمار في قطاع التكنولوجيا،  و الارتقاء بمستوى الأداء الاقتصادي وقبل كل شيء الإصلاح السياسي كشروط مسبقة لتحقيق التطور التكنولوجي.
                 وفي النهاية ومن خلال الجدول رقم (15) والذي يتضمن عرضاً لأداء الدول العربية في المؤشرات العشر مجتمعة ، فالدول التي صعد ترتيبها يشار اليها بعلامة ( + ) ، أما الدول التي هبط ترتيبها يشار اليها بعلامة ( - ) ، أما الدول التي لم يحصل تغيراً في ترتيبها فيشار إليها بعلامة ( = ) ، وعلامة ( x ) تعني عدم تمثيل الدولة في المؤشر .
 
 
 
 
 
 
 
 
جدول رقم ( 15 )
أداء الدول العربية عام 2004 م مقارنة بعام 2003 م في المؤشرات العشر
الدولة
الحريات السياسية والمدنية
 
التنافسية العالمية
الفساد والشفافية
 
الأداء والاستثمار الأجنبي
الحرية الاقتصادية
التنمية البشرية
الاندماج في العولمة
حرية
الصحافة
الاستعداد الالكتروني
الانتاج الدولي
مصر
-
-
-
-
+
=
-
-
=
-
البحرين
+
+
-
-
-
+
x
-
x
x
قطر
=
x
-
+
-
+
x
+
x
x
السعودية
=
x
-
-
-
-
+
-
-
+
الإمارات
-
+
+
+
+
-
x
-
x
=
تونس
=
-
=
+
+
-
+
-
x
+
الأردن
=
-
+
-
+
-
x
+
x
-
المغرب
=
+
-
-
+
-
+
+
x
-
الجزائر
=
+
x
+
-
-
x
-
-
+
الكويت
=
x
-
-
+
+
x
-
x
-
لبنان
=
x
-
=
+
+
x
+
x
-
عمان
-
x
-
-
+
-
x
x
x
=
 
أن الصورة العامة لأداء البلدان العربية في الجدول أعلاه غير جيدة ، وهذه النتائج تتطلب تحرك جدي من قبل الدول العربية نحو الإصلاح الحقيقي .
 
 
 
جدول رقم ( 16 )
توزيع الدول العربية بالنظر للمؤشرات العشر
أفضل الدول العربية أداءً 2004 م
أسوأ الدول العربية أداءً 2004 م
الدول العربية ذات الأداء المتوسط
قطر ، اليمن ، الجزائر ، المغرب ، تونس وأخيراً البحرين
مصر ، عمان ، الكويت ، سوريا ، المملكة العربية السعودية
لبنان ، الإمارات العربية المتحدة ، السودان
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
الخاتمة
أننا نعيش في عالم يختلف كلياً عن عالم الخمسينات والثمانينات ، خاصة بعد الثورة الصناعية الثالثة والتي نسميها ثورة التكنولوجية العالية والمعرفة ، وهي بحاجة إلى توفير الحرية الكاملة ، ولم تعد هناك دولة بمعزل عن مايجري في العالم الذي أصبح عبارة عن قرية صغيرة .
                 لقد أصبح المنطق السائد في العلاقات الدولية اليوم هو أكون أو لا أكون To Be or Not to Be ولهذا فعلى البلدان النامية والبلدان العربية منها والتي هي جزء فعال في الاقتصاد والعلاقات الدولية التعامل مع آليات التجارة والنظام الاقتصادي الجديد لكي تضمن تطورها والرفاهية لشعوبها ، فالعولمة أتت بآليات جديدة وهذا هو واقع القرن الحالي ، فالتحديات التي تواجهنا جميعاً هي بحاجة إلى الحل والجواب على الأسئلة التي يطرحها الواقع .
                 إن التحديات التي تواجهها اقتصاديات البلدان النامية عديدة ولابد من التصدي لها بعقلانية وتفاعل مثمر لتقليل أضرارها ومن أجل الإستفادة من منافعها في عالم يتجه نحو العولمة وتزول فيه الحواجز أمام تجارة السلع والخدمات وانتقال الأموال والأشخاص .
                 لقد مضى على قيام جامعة الدول العربية أكثر من خمسة عقود ، ولكن من مراجعة مختلف الصيغ والأنماط التكاملية التي حاولت البلدان العربية تطبيقها منذ قيام هذه المنظمة حتى اليوم تبرز غياب مفهوم واضح ومحدد المعالم للتكامل الاقتصادي .
 
 
 
 
 
 
 
 
المراجع
مراجع عربية:
1.     د. حسين عمر ، الاستثمار و العولمة ، دار الكتاب الحديث ، القاهرة 2000 م.
2.     د. حسين عمر ، الجات والخصخصة ، دار الكتاب الحديث ، القاهرة 1997 م.
3.     د. منى قاسم ، الاصلاح الاقتصادي في مصر ، الدار المصرية اللبنانية ، القاهرة 1997 م.
4.     د. جلال أمين ، الكوكبة والتنمية العربية من حملة نابليون إلى جولة أورجواي 1798 – 1998 م ، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت ، سبتمبر 1999 م.
5.     السيد حسين ، العولمة والطريق الثالث ، وميريت للنشر والمعلومات ، القاهرة 1999 م.
6.     سيار الجميل ، العولمة الجديدة والمجال الحيوي للشرق الأوسط ، مفاهيم عصر قادم ، مركز الدراسات الاستراتيجية والبحوث والتوثيق ، بيروت 1997 م.
7.     د. رضا عبدالسلام ، محددات الاستثمار الاجنبي المباشر في عصر العولمة ، دراسة مقارنة لتجارب كل من شرق وجنوب آسيا و أمريكا اللاتينية مع التطبيق على مصر ، دار الاسلام للطباعة والنشر ، جمهورية مصر العربية 2002 م.
8.     د. رضا عبدالسلام ، نهاية التاريخ أم نهاية العولمة ، دار ومكتبة الاسراء ، طنطا 2005 م.
9.      د. رضا عبدالسلام ، مكانة مصر والدول العربية في المؤشرات العالمية ، المكتبة الاكاديمية ، القاهرة 2005 م.
10.                    د. عبدالمطلب عبدالحميد ، النظام الاقتصادي العالمي ، الآليات ، الخصائص ، الأبعاد ، مكتبة النهضة المصرية ، القاهرة  1999م.
11.                    د. سليمان المنذري ، السوق العربية المشتركة في عصر العولمة ، مكتبة مدبولي ، القاهرة 1999م.
12.                    د. نبيل حشاد ، الجات ومنظمة التجارة العالمية ، أهم التحديات في مواجهة الاقتصاد العربي ، الهيئة المصرية العامة للكتاب 2001 م.
13.                    د. نبيل حشاد ، الجات والمستقبل العالمي والعربي ، القاهرة 1995 م.
14.                    د. سعيد النجار ، الاقتصاد العالمي والبلاد العربية في عقد التسعينات ، دارالشروق ، القاهرة1991 م.
15.                    د. ماجدة شاهين ، منظمة التجارة العالمية  ومستقبل الدول النامية ، مؤسسة الأهرام ، ملحق الأهرام الاقتصادي ، القاهرة ، يناير 1996 م.
16.                    ميلتون فريدمان ، الرأسمالية والحرية ، ترجمة يوسف عليان ، مركز الكتب الأردني ، 1987 م.
17.                    بول هيرست و جراهام طومبسون ، " ماالعولمة : الاقتصاد العالمي وامكانات التحكم " ، ترجمة د.فالح عبدالجبار ، عالم المعرفة ن الكويت ، سبتمبر 2001 م.
18.                    ابحاث المؤتمر السنوي الثاني ، السوق العربية المشتركة ومستقبل الاقتصاد العربي ، جامعة أسيوط 25-27 نوفمبر 1997 م.
19.                    ابحاث المؤتمر السنوي السادس ، التأثيرات القانونية والاقتصادية والسياسية للعولمة على مصر والعالم العربي ، جامعة المنصورة ، القاهرة ، 26-27 مارس 2002 م.
20.                    د. اسماعيل صبري عبدالله ، الكوكبة ، ورقة عمل مقدمة إلى المؤتمر العلمي السنوي التاسع عشر للاقتصاديين المصريين بعنوان التنمية العربية والتطورات الاقليمية والدولية ، القاهرة ، 20-22 ديسمبر 1995 م.
21.                    د. خالد سعد زغلول حلمي ، الجات والطريق إلى منظمة التجارة العالمية وآثارها على اقتصاديات الدول العربية  ، مجلة حقوق الكويت ، السنة العشرون ، العدد الثاني ، يونيو 1996 م.
22.                    تقرير البنك الدولي ، آفاق الاقتصاد العالمي  والبلدان النامية ، واشنطن  1995 م.
23.                    تقرير صندوق النقد الدولي ، واشنطن ، مايو 1997 م.
24.                    صندوق النقد الدولي ، تقارير مختلفة .
25.                    التقرير الاستراتيجي العربي لعام 1999 م ، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام ، القاهرة 1999 م.
26.                    صندوق النقد العربي ، التقرير الاقتصادي العربي الموحد ، اعداد مختلفة.
مراجع أجنبية :
1. Balassa , B. and Constantine, M . “ Liberlizing Word Trade”, 1985.
2. World Economic Outlook, 1997-2004.
3. Direction of Trade statistics, September 1999-2003.
4. World Investment Report, 1999-2005.
5. Charles Oman , Globalhzation and Regionalisation, Challenge of developing countries, OECD, France 1994.
6. Economies in Transition and the Variety of Capitalisms : Features, Changes, Covergence, Proceedings of the 5the Biannual Conference of the EACES, Varna, Bulgaria, 1998 September 10-12, Gorex press, Sofia, 1999.
7. Henry Kissinger , Does America Need a Foreign Policy? A Touchstone Book , Simon &Schuster, New York 2001.
8.  Krugman ch "A cost-benefit analysis of direct foreign investment"
 
McGrew-Hill,2000.  
 
9. Hanson. G. H.  “Should Countries Promote Foreign Direct Investment” ?
 
UNCTAD New York and Geneva, February 2001.
10. UNCTAD “World Investment Report 2002 “Transnational Corporations
Export Competitiveness,  Overview”. New York and Geneva , 2002.
 . UNCTAD “World Investment Report 2002”I bid ,pp4-6   11.
UNCTAD. “World Investment Report 2002,FDI inflow and real growth  12.
rate of world GDP in the world 1980-2001” New York and Geneva, 2002 
http://www. Heritage. Org. “ Index of Economic Freedom” 13.
14. www . worldpaper. Com. “Emerging Economics of Wealth of Nations Triangle Index”.
15. http://www. weforum . com" Competitiveness Index”.     
16. http://www.UNDP.org “ Human Development Index” .         
17. http://www.prsgrop.com “The Composite Country Risk Index” .
صدر للمؤلف
1.     إقتصاديات الشرق الأوسط ، دار الاصدار" د. أ. تسينوف " ، بلغاريا 2002 م.
2.     الاستثمارات والسياسة الاستثمارية ، دار الاصدار" جامعة فيليكو ترنفو" ، بلغاريا 2002 م .
3.     الاصلاحات الاقتصادية في البلدان الناهضة ، دار الاصدار" د. أ. تسينوف " ، بلغاريا 2002 م.
4.     الاستثمارات الأجنبية في ومِن البلدان النامية، دار الاصدار " د. أ. تسينوف " ، بلغاريا 2002 م .
5.     الإدارة اليابانية ، كتاب مترجم من اللغة العربية إلى البلغارية ، دار الاصدار   " د. أ. تسينوف " ، بلغاريا 2001 م .
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
المؤلف في سطور
-         ولد في مدينة بغداد عام 1959 م.
-         أكمل تعليمه الثانوي فيها وغادر العراق عام 1978 م بعد ملاحقته من قبل نظام صدام حسين الديكتاتوري.
-         تخرج وحصل على شهادة البكالوريوس والماجستيرعام 1989 م من الأكاديمية الإقتصادية "ديميتر أبوستولوف تسينوف " في جمهورية بلغاريا ، قسم إدارة و إقتصاد الصناعة.
-         عمل في المؤسسات البلغارية للفترة من 1990 – 1994 في مجال التخطيط وإدارة المؤسسات.
-         انتقل إلى العمل في جامعة فيليكو ترنفو البلغارية" القديس . القديس كيريل وميتودي " للتدريس في قسم اللغات الكلاسيكية و الشرقية عام 1994 م.
-         حصل على شهادة دكتوراه الدولة في الإقتصاد عام 1999 م من جامعة فيليكو ترنفو البلغارية.
-         انتقل للعمل إلى كلية التجارة في الجامعة المذكورة أعلاه وبدأالتدريس في قسم العلاقات الدولية الإقتصادية وقسم المالية وإدارة الإقتصاد.
-         أستاذ زائر في الأكاديمية الإقتصادية " ديميتر ابوستولوف تسينوف" في قسم العلاقات الدولية الإقتصادية – جمهورية بلغاريا.
-         شارك في العديد من المؤتمرات العربية والدولية طوال حياته الوظيفية .
-         صدر له العديد من الكتب و الدراسات والبحوث الإقتصادية في مختلف المجالات .
-         عضو اتحاد المترجمين البلغاريين و عضو اتحاد الإقتصاديين البلغاريين ومنظمات أخرى، ومنسق للمركز الأوروبي العربي في الأكاديمية الإقتصاية :" ديميتر أبوستولوف تسينوف " بجمهورية بلغاريا.
-         متزوج ولهم طفلة واحدة. 
 
 
 


[1]  - د- رمزي زكي ، الطريق إلى سياتل ، آثار العولمة وأوهام الجري وراء السراب. مقالة بجريدة القبس الكويتية الصادرة في 12/12/1999 العدد 9514  ص 2.
[2]  - قدم هذا التعريف صادق جلال العظم ، ماهي العولمة ، ورقة عمل مقدمة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم ، تونس 1996 م .
3.أنظر_ الدكتور خالد زغلول حلمي ، الشركة العربية الأوروبية ومستقبل العلاقات الاقتصادية الدولية ، مجلة الحقوق ، جامعة الكويت ، السنة الثانية والعشرون ، يونيو 1998 ، ص 12.



المحتويات
الصفحة
المقدمة 4
الفصل الأول 6
مفهوم العولمة 6
أولاً : التطور التاريخي لظاهرة العولمة 6 ثانياً : أسباب انتشار ظاهرة العولمة 14
ثالثاً : التحولات في آليات النظام الإقتصادي العالمي الجديد 35
الفصل الثاني 55
العولمة والنظام الإقتصادي العالمي الجديد. 55
I: الاندماج الإقليمي والاندماج العالمي. 55
II: النظام الجديد للتجارة العالمية. 64
III : جولة أورجواي والدول النامية. 75
IV: العولمة وآثرها على البلدان النامية. 81
الفصل الثالث 90
الإقتصاد العربي في عصر العولمة. 95
أولاً : النظام الإقتصادي العربي خلال الفترة 1945-1991 م. 96
ثانياً : النظام الإقتصادي العالمي وآثره على الإقتصاد العربي خلال الفترة 1991- 1996 م. 104
ثالثاً : التغيرات المطلوبة لإقامة نظام إقتصادي عربي جديد. 118
رابعاً : الإقتصاد العربي والعولمة . 122
خامساً : الشراكة الأوروبية العربية في عصر العولمة 125
الفصل الرابع 142
مكانة الدول العربية في المؤشرات العالمية. 142
الخاتمة 188
المراجع 189



#كريم_نعمه_النوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- -قريب للغاية-.. مصدر يوضح لـCNN عن المفاوضات حول اتفاق وقف إ ...
- سفارة إيران في أبوظبي تفند مزاعم ضلوع إيران في مقتل الحاخام ...
- الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لــ6 مسيرات أوكرانية في أجواء ...
- -سقوط صاروخ بشكل مباشر وتصاعد الدخان-..-حزب الله- يعرض مشاهد ...
- برلماني روسي: فرنسا تحتاج إلى الحرب في أوكرانيا لتسويق أسلحت ...
- إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في 8 مقاطعات وسط انفجارات ...
- بوليتيكو: إيلون ماسك يستطيع إقناع ترامب بتخصيص مليارات الدول ...
- مصر.. غرق جزئي لسفينة بعد جنوحها في البحر الأحمر
- بريطانيا.. عريضة تطالب باستقالة رئيس الوزراء
- -ذا إيكونوميست-: كييف أكملت خطة التعبئة بنسبة الثلثين فقط


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - كريم نعمه النوري - كتاب - آفاق العولمة في البلدان النامية