|
إسلام السيسى وإسلام مرسى !
زاهر زمان
الحوار المتمدن-العدد: 5825 - 2018 / 3 / 24 - 05:38
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كلاهما مسلم ، نشأ وترعرع فى بيئة إسلامية ، وكلاهما يشهد أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله ، وكلاهما يقيم الصلاة ، ويصوم رمضان ، ويؤتى الزكاة ، وكلاهما حج البيت ! لكن إسلام السيسى هو إسلام بسطاء المسلمين وعوامهم ، الذين يؤدون مافرضه عليهم خالقهم - بحسب اعتقادهم طبعاً - ، ثم بعد ذلك يدعون الخلق للخالق ، ولاينصّْبون من أنفسهم رقباء وأصياء على عقائد الآخرين وسلوكياتهم الدينية والحكم عليهم من هذا المنطلق ، وانما يتعاملون مع كل البشر بما تفرضه عليهم ضمائرهم وتربيتهم من حُسن الخلق وطيب العشرة كعادة الغالبية الساحقة من المصريين المسلمين ، من جيل عبدالفتاح السيسى ومحمد مرسى . نستطيع تلخيص الأمر فى أن إسلام عبدالفتاح السيسى هو أقرب الى إسلام الصوفيين ، الزاهدين فى كل شىء ، الا ماينالهم من حظوظ الدنيا ، نتيجة كدهم وسعيهم واجتهادهم فى الحصول على احتياجاتهم الانسانية الضرورية ، ومع ذلك لا يمانعون أن تأتيهم الدنيا كلها بجاهها ومتاعها ، مادام ذلك رزقاً حلالاً أتاهم من الله ، بحسب ايمانهم واعتقادهم المطلق أن ذلك الذى حصلوا عليه ، هو فضل من الله الفتاح العليم والرزاق الكريم بحسب تنشئتهم الاسلامية ! وهم لا يبخلون عن مساعدة كل من يحتاج المساعدة ، بما يمتلكون لأنهم يعتبرون ذلك زكاة الفضل الذى وهبهم الخالق اياه ! هم يساعدون كل من يحتاج الى مساعدة ولا ينتظرون مقابلاً ممن ساعدوه ، بل يعتبرون ذلك ، رصيداً طيباً يحتسبونه عند من رزقهم ذلك الفضل وهو الله الرزاق ذو القوة المتين بحسب اعتقادهم . ومن صفات هؤلاء المسلمين من نوعية عبدالفتاح السيسى أنهم يمدون يد العون والمساعدة لكل من يحتاجها بغض النظر عن دينه أو عرقه أو لونه ؛ كل مايرونه فى تلك الحالة هو أن ذلك المحتاج للعون هو إنسان ، وأن الله الذى يؤمنون به سيجازيهم عما يفعلونه خيراً فى اليوم الآخر ! مثلاً ، مشاركة عبدالفتاح السيسى لأخواننا المصريين المسيحيين فى أعيادهم هو فى يقينه ، كما فى يقين أى انسان متحضر ؛ هو عمل طيب يريد به أن يضرب مثلاً أعلى فى المواطنة بين كل المصريين ، وفى يقينه أنه انما ينفذ تعاليم اسلامه التى تربى عليها أغلب المصريين المسلمين من جيله ، والتى تتلخص فى المقولة التى يرددها المصريون الذين لم تلوث عقولهم أيديولوجيا الفكر الاسلامى المتطرف ، الذى أفرز كل التنظيمات الارهابية ؛ تلك المقولة التى تتلخص فى كلمتين هما : ( الدين المعاملة ) ! لذلك أنا شخصياً أصدق السيسى عندما قال عن زيارته للكنيسة لتهنئة المصريين المسيحيين بعيدهم : ( والله ما سياسة ) ، يعنى زيارته كانت بالفعل من أجل تهنئتهم بعيدهم ، وليست من قبيل الاستقطاب السياسى لهم . وأنا أصدق السيسى عندما يقول ( أنا مكنتش أحلم انى أكون رئيس جمهورية ) ، لأنه من نوعية المسلمين الذين يسلمون كل أمور حياتهم لتصريفات الخالق – بحسب اعتقادهم - يضعهم أينما يشاء وأينما يريد ، لحكمة ما هو يريدها منهم ! ذلك هو اسلام البسطاء الذى يتعايش مع البشر جميعاً بهدف اعمار الحياة وفعل الخير فى أى مكان يكونون فيه ، ونحو كل البشر بغض النظر عن عقائد أو ديانات هؤلاء البشر ! لذلك ترى الكثير من المسلمين والمسيحيين واليهود واللادينيين والللاأدريين والملحدين يؤيدون عبدالفتاح السيسى كرئيس لمصر ! أما إسلام محمد مرسى فهو إسلام يختلف اختلافاً كبيراً عن إسلام عبدالفتاح السيسى . فمحمد مرسى نشأ وتربى على أيدى جماعة الاخوان ، التى أسسها حسن البنا بدعم من المخابرات البريطانية ، بهدف سحب البساط من تحت قدمى حزب الوفد الذى كان له الشعبية الكاسحة فى مصر آنذاك . خدعت المخابرات البريطانية حسن البنا مؤسس الجماعة ، عندما تظاهروا بأنهم يصدقون أن مايقوم به حسن البنا ، لا يعدو كونه سوى جمعية من جمعيات المجتمع المدنى ، تقوم بأعمال البر والخير ومساعدة المحتاجين ، ولكنها ذات صبغة اسلامية ، بينما هم كانوا يعلمون تمام العلم بنوايا حسن البنا وطموحه فى الوصول بجماعته الى خلع الملك فاروق واعلان مصر خلافة اسلامية ! وخدع حسن البنا الملك فاروق عندما أوهمه أن هدفه الضغط على الانجليز وأعوانهم فى مصر ، لتحريرها حتى ينصبوا فاروق خليفة للمسلمين وأميراً للمؤمنين فى مصر . فى هذا الجو المفعم بالخداع والتضليل والتجارة بالاسلام ورموزه وطقوسه نشأ وتربى كل كوادر جماعة حسن البنا ، ومحمد مرسى كان من تلك الكوادر التى تنشأ وتكبر ويتشكل وجدانها الدينى والسياسى ، فى دهاليز الجماعة ! ويكفى للتدليل على التوجهات الأيدولوجية الأساسية لتلك الجماعة أن يصرح أحد أكابر كوادرها بأن الدنيا كلها ، بشرقها وغربها وشمالها وجنوبها هى : ( فسطاط كفر ) وأن عليهم وحدهم ( جماعة حسن البنا ) ، اعادة البشرية الى فطرتها ، وادخالها فى دين الله ( الاسلام من وجهة نظرهم ) ولو بقوة السلاح ! وهذا لا دلالة له الا استعداد الجماعة لفرض أيديولوجيتها الدينية على الدنيا كلها ولو بالقتال والقتل فى سبيل تحقيق ذلك الهدف ! لذلك لم أندهش عندما صرح محمد مرسى فى أحد خطاباته العلنية ، بأنه لا يتردد فى التضحية باتنين – تلاتة مليون من أجل أن يعيش باقى الشعب ! الحقيقة الموضوع كبير ويحتاج الى كتب لوضيح الفرق بين إسلام عبدالفتاح السيسى وإسلام محمد مرسى ، لكننى أكتفى بما هو حاضر فى ذهنى الآن ، ولربما عدت الى هذا الموضوع مرة أخرى ذات يوم . مع عميف شكرى واحترامى للجميع
#زاهر_زمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مجرد تساؤلات حول وضعية أورشليم / القدس
-
نصيحة قلبية من Ex – Muslim لايران وتركيا وقطر
-
الأديان صناعة بشرية قلباً وقالباً !
-
من تجاربى الشخصية مع الدين 4
-
من تجاربى الشخصية مع الدين 3
-
من تجاربى الشخصية مع الدين 2
-
من تجاربى الشخصية مع الدين 1
-
حديث ابن آمنة : نفسٌ منفوسة !
-
كيوم ولدته أمه !!!
-
ربنا يطمنك عليهم !!!
-
رداً على مقال : اسرائيل تضرب الإرهاب فى مصر !
-
الفطرة لا دين لها ياعرفة !
-
أنا لستُ مُلحداً
-
هل هى مُتعة أم دعارة يا رسول الله ؟ !!!
-
أيهما أسبق : الأقصى أم الهيكل ؟
-
دورة المادة الحية فى الكون تكذب وجود حياة بعد الموت !
-
التأثير اليهودى فى المشروع السيادينى المحمدى
-
الصحوة الاسلامية وماأدراك ماالصحوة الاسلامية ؟
-
حتى الصلاة .. أخذها محمد عن اليهود !!!
-
لن أبيع انسانيتى - ولو مقابل كل مُلك محمد وورثته من العرب !
المزيد.....
-
وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور
...
-
بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
-
” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس
...
-
قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل
...
-
نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب
...
-
اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو
...
-
الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
-
صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
-
بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|