أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح راهي العبود - الغناء الممنوع ....















المزيد.....


الغناء الممنوع ....


صباح راهي العبود

الحوار المتمدن-العدد: 5818 - 2018 / 3 / 17 - 11:17
المحور: الادب والفن
    


الغناء هو تطريب وترنم في الكلام الموزون.وقد يكون مصحوباً بالموسيقى أو بدونها. وعندما يغني المرء ويطرب فانه يكون متفاعلاً ومتجاوباً وجدانياً مع كلمات موزونة تعبرعن خلجات القلب سواء أكان ذلك حزناً أم سعادة يحس معها بمشاعر تبعث الهدوء في النفس ,وتكون بمثابة حياة لروحه تشفي غليله وتشعره برغبة في الانطلاق تدفعه أحياناً للرقص أو التلويح باليدين وربما هز الرقبة أو الوسط . وللغناء دور مهم في الحياة .فإلى جانب كونه مجلبة للأنس والسعادة والمتعة ,فهو أيضاً يُعد وسيلة مهمة لبث الأفكار والمبادئ وترسيخها في نفوس المتابعين ,ناهيك عن دوره التربوي الواضح . لذا فقد حرصت وسائل البث الإذاعي والتلفازي على تجنب بث الأغاني التي تحمل السوء وتسبب إزعاجاً للمستمعين والمشاهدين من خلال ما يرد فيها من كلام ومفاهيم ولغة جسد لا تنسجم مع المبادئ والقيم الاجتماعية والدينية والسياسية السارية في حينه. وقد تهدد السلم الاجتماعي وتسيء إلى الذوق والمشاعر.
في أواخر خمسينات القرن الماضي وأنا مازلت صبياً , ضجت وسائل الإعلام في مصر استنكاراً على بث أغنية ( يمه القمر عل باب ) والتي سبق وأن غنتها المطربة فائزة عام 1957 في( فلم تمر حنه), والتي كتبها فارس الأغاني الرومانسية مرسي جميل عزيز ولحنها الموسيقار الشاب محمد الموجي. وكانت بداية القصة هي تقدم شيخ البرلمانيين في مصر زمنذاك (سيد جلال) بطلب إلى وزير الإعلام يطالبه فيه إيقاف بث الأغنية . ثم تقدم (سيد) باستجواب آخر إلى الوزير نفسه حول أغنية (من رمش عيونك) للمطربة الشابة صباح ,وقال في معرض إنتقاده :- (يمكن لأي مطربة أن تغني مثل هذه الأغاني - الخليعة !!- على المسرح ,ولكن ليس من مهمات وزير الإعلام السماح بدخول هذه الأغاني إلى كل بيت ) . ثم أضاف :- ( إن المرأة العارية في الشارع تفقد طبيعتها كأم لجيل محتشم يعرف الخجل.كما أن النتيجة الطبيعية لترك النساء شبه عاريات في الشوارع أن يأتي جيل قليل الحياء لايعرف الدين ولا الوقار ).ولقد انسحب هذا الخطاب الذي يحمل مسحة دينية متشددة إلى الأردن فأصدرت وزارة الأنباء هناك بياناً نشر في الصحف في حينه (1960) ,عدت فيه كلمات الأغنية ( مخلة بالآداب ,وتتنافى والرسالة التي درجت عليها الإذاعة الأردنية ) . وقد سبب هذا الإجراء صعقة قوية لفائزة أحمد سيما وأن هذه الأغنية ارتفعت بها إلى قمة مجدها الغنائي ,ومهدت لها طريقاً سالكة إلى قلوب المستمعين في أنحاء البلاد العربية,وأصبح من غير الممكن لأي من محبي فائزة أن يتخيل هذه الأغنية بصوت آخر غير صوتها ,خاصة وإنها جاءت بعد معاناة قاسية ,وسلسلة من الإحباط والفشل ومنذ بداية حياتها الفنية.
لنتابع عن كثب كلمات هذه الأغنية ونبحث عن أماكن الخلاعة التي إدعاها (سيد جلال) وغيره.ولنحاول التأشير على أية كلمة أو سطر في الأغنية ينم عن إخلال بالآداب ,ولنبحث عن مكامن التضاد مع الرسالة الأخلاقية التي درجت عليها إذاعة عمان.
يمه القمر عالباب .... نور قناديله
يمه أرد الباب .... وللا أناديله .... يمه يمه.
يمه القمر سهران .... مسكين بقاله زمان.... عينوه على بيتنا
باين عليه عطشان .... وحد من الجيران .... وصفلو قلتنا
أسقيه ينولنا ثواب ؟.... وللا أرد الباب ؟ يمه يمه....
ببص من الشباك .... لمحتو جاي هناك .... في طلعتوه الحلوه.
نوّر علينا وقال .... في عنيا كم موال .... ( ياليلي ياليلي ياليل ...) وغنا كم غنوه.
أكتبلوه يمه جواب ؟ وللا أرد الباب ؟ يمه يمه .....
فلو افترضنا أن المعترضين على هذه الأغنية لم يكونوا موفقين في إعتراضهم هذا , لكنهم سيكونون محقين في الاعتراض على بث أغاني مسيئة التي كانت تبث ومنذ بداية تبلور الأغنية العربية مطلع عشرينات القرن الماضي. فقد ظهرت أغان مطبوعة على اسطوانات ,وأصبحت واسعة الانتشار بعد تأسيس إذاعات في عواصم مختلفة من البلاد العربية . وكان بعض من هذه الأغاني محاصر من قبل المسؤولين وبعض رجال الدين ,والمعنيين بالحرص على الذوق الاجتماعي والآداب العامة ,والمثل السائدة. لكن وتيرة هذا الحرص لم تكن ثابتة , بل خاضعة لمقدار ما يملكه رجال الدين من سطوة وسيطرة تظهر ذات أثر كبير أحياناً كما حصل مع فائزة أحمد , لكنها تتضاءل في أحايين أخرى يسود فيه الإنفلات الأخلاقي . ومثال على هذا التباين في المواقف فقد أثيرت ضجة على أم كلثوم في ثلاثينات القرن الماضي بعدما غنت أغنية ( أنا الخلاعة والدلاعة مذهبي) والتي بدت فيها اللوعة الجنسية واضحة . وكادت هذه الضجة أن توقع بأم كلثوم , كما أنها سببت إحراجاً للدوائر المصرية الاجتماعية زمنذاك. في حين لم تحصل مثل هذه الضجة عندما غنى سيد درويش وأمينة القبانية ( أنا مالي هي اللي قالتلي ) . لكن الأمر أصبح محرجاً لمؤلفها بعد استلامه منصب ( مراقب في وزارة الداخلية) ,مما دفعه إلى منع بثها.
أنا مالي هي اللي قالتلي
روح إسكر وتعالي عل بهلي
شربت شويه ... وبعد شويه
بعثلي الخدام يندهلي
ونحن إذ نبارك مواقف البعض الرافض للأغاني البعيدة عن الذوق والتي تسيء إلى المجتمع بكل وقاحة وبالأخص تلك التي تحمل مضامين إباحية وتبث على شاشات التلفاز مثل أغنية سما المصري (ما بلاش من تحت يحوده ) والتي وصفت بالسفالة . وأغنية ( متنكسفيش حبوب الحمل أهيه ) . وأخرى تظهر فيها المغنية وهي تحمل هدية لحبيبها عبارة عن قطعة ملابس داخلية حمراء من النوع المستعمل لستر العور(أو يكاد) تلوح بها أمام المشاهدين مع إظهار مفاتنها بشكل مخجل يحرج الآباء أمام أبناءهم الذين يتابعون برامج التلفاز سوية. وقد قدم ضد سما المصري (26) بلاغاً بهذا الخصوص. أما فديو كليب ( مريام كلينك ) فهو يمثل القمة في الدعوة للإباحية والإساءة إلى الأخلاق والطفولة وذلك بإقحامها لطفلة في مشاهد جنسية بأغنيتها المصورة ( فوتنا الكول) والكول هو الهدف. ألله يرحمك يا سيد جلال , ترى ماذا ستفعل أمام هذه الموجة الداعرة لو حصلت في زمانك وأنت المحتج والرافض لأغنية يمه القمر عالباب ؟؟؟!!. وهل ستصدق أذنك وأنت تسمع أغنية ( لطيزي لا ترجعي ). أو تسمع وترى من يغني لك في حفل ما أغنية ( حطيتو فيٌ وعبيتو ) مع الاعتذار للقارئ وللمرحوم سيد جلال ذاته من ذكر هذه البذءات. ناهيك عن الأغاني الهابطة كلاماً ولحناً يؤديها بشر يعدون أنفسهم فنانين ظلماً وعدواناً وهم مهرجون بإمتياز.
وبصورة عامة فإننا نجد أنفسنا في حاجة للتصدي لمثل هذه الأغاني التافهة وغيرها من النوع الذي يبث السفالة ويشيعها بين الخلق , أو روح العداء والتفرقة العنصرية والطائفية أو يحمل نفساً شوفينياً يهدد النسيج الاجتماعي لشعوب الأرض قاطبة. وظهر ذلك جلياً بعدما خرجت بعض المحطات عن السيطرة الأخلاقية وأخذت تبث ما يجلب لها مزيداً من المشاهدين ,ويوفر لها مدخولات جيدة من خلال ما تبثه من أفلام إباحية علناً أو برموز أو إشارات,وبعضها راح ينشر الخوف والرعب وغير ذلك.
في العراق ومنذ انتشار استعمال اسطوانات الحاكي (المصنوعة من القير ) في الربع الأول من القرن العشرين ,كانت السلطات الحكومية تمنع بث الأغاني التي تشيع السوء سواء أكان ذلك في الإذاعة اللاسلكية التي تأسست عام 1936 ,أو من خلال الحاكي في المقاهي والنوادي الليلية .وكانت المحاكم تستجيب لأي شكوى تقدم ضد كل من يسيء لأي مواطن أو طائفة أو دين أو قومية. ففي عام 1926 (على سبيل المثال) سجل المطرب محمد القبانجي اسطوانة لأغنية ( سودوني هالنصارى) التي أثارت جدلاً وضجة مفتعلة قادته إلى المحاكم ,إذ عدها البعض مسيئة للطائفة المسيحية ,ومبعث إثارة للنعرات . في حين عدها آخرون مسيئة . وإن ما ورد فيها ينم عن إساءة للدين ورموزه ,وطالبوا بمنعها من البث. وقد تخلص القبانجي من التهمة بصعوبة . وبعد ثلاث سنوات ظهرت اسطوانة للقبانجي سجل فيها موالاً كتبه الشاعر عبد الكريم العلاف (بلد يزاحمني الغريب بوسطه ..... والأهل أهلي والبلاد بلادي) ويقصد بذلك الانكليز المحتلين وهذا البيت كتبه العلاف على المنحى نفسه الذي كتبه الرصافي (عبيد للأجانب هم ولكن .... على أبناء جلددتهم أسود) . وقد سببت هذه الأغنية حرجاً كبيراً للمسؤولين حينذاك.
سعيد اللي كضه عمره بلاداي
وعايش دون خلك الله بلا داي
الغريب أصبح يزاحمني بلاداي
والأهل أهلي وبلادي تعز عليّ
في أربعينات القرن الماضي أُدخل المطرب داخل حسن إلى السجن وطرد من الإذاعة بعد تأديته لأغنية ( أنا العربي تعرفوني ), والتي تندد بقرارات تقسيم فلسطين .أما المنولوجست عزيز علي فقد تعرض لكثير من المضايقات بعد تأديته لبعض من منولوجاته المشهورة حينذاك ,والتي تسخر من المستعمر وأذنابه وتحارب الحكام العملاء ,وتفضح ارتباطهم بالمستعمر ,إذ كان هذا الرجل متمرداً على نظام الحكم في العراق . وكانت هذه المنولوجات تبث على الهواء من إذاعة بغداد اللاسلكية في أربعينات وخمسينات القرن الماضي قبل ظهور أجهزة التسجيل. وقد أعتقل عام 1943 بسبب منلوجاته تلك ,ثم فرضت عليه الإقامة الجبرية بعد أن نفي إلى كربلاء بهدف تأديبه وإجباره على ترك المنلوجات التي تهاجم الحكومة وتستقطب جماهير واسعة من الشعب العراقي. ولعل منولوج دكتور هو من أشهر منولوجاته .
يا ناس مصيبه مصيبتنه
نحجي تفضحنه قضيتنه
نسكت تكتلنه علتنه
بس وين نولي وجهتنه
دلينه يادكتور
أنا يادكتور وعيالي
مرتي إولدي وأطفالي
ماتمرضنه بأي داء
وأبداً ماخذنه دواء
ولا رحنه لطباء
بس من مدة ها كم سنه
نستنه الراحه والهنه... دكتور



دكتور دخل الله ودخلك متداوينه
داء اللي بينه منه وبينه ... دكتور
تجينه الحمه من رجلينه
إسكينه العلكم بس شافينه ... دكتور
وأيضاً له منولوج حبسونه أداه عام 1948 هاجم فيه الحكومة ودول الاستعمار التي خلقت إسرائيل. ومن منولوجاته الشهيرة الأخرى التي منع تكرار بثها من الإذاعة هي (الركعه زغيره, البستان , كلها منه, عشنه وشفنه ....الخ ).
في عام 1950 صدرت أوامر حكومية تنص على حذف أسماء كل الموسيقيين والمطربين العراقيين اليهود وكل الفنانين الآخرين بعد أن تم ترحيلهم من العراق في أعقاب أحداث فلسطين . وكان عدد هؤلاء يمثل مايقارب 95% من مجموعة الفنانين العراقيين حينذاك. وأبرزهم صالح الكويتي وأخوه داود ,ساسون ,يوسف زعرور, سليم شبث, يوسف حوريش, حصقيل قصاب,سليم نور, سلمان موشي, يعقوب العماري, نجاة, فلفل كرجي, البيرالياس و كثير غبرهم.ونتيجة لهذا التحجيم والتطويق الحديدي ,وبمرور الزمن الطويل فقد نسى العراقيون هؤلاء وأصبحوا خارج ذاكرتهم مع الأسف.علماً بأن هؤلاء وعلى رأسهم صالح الكويتي وداود الكويتي هم من وضع أسس الأغنية العراقية الحديثة ( تسمى أغاني تراثية مجهولة المؤلف والشاعر),و التي مازال العراقيون يطربون لسماعها ويرددونها في سفراتهم وجلسات الفرح وكل المناسبات السعيدة.وبمنع هذه الأغاني من البث خسرنا الكثير من الأصوات الجميلة والفن الجميل.
في أعقاب ثورة 14 تموز انتعش الأدب والفن والطرب ولم تكن هناك قيود على ذلك مادامت الشروط الفنية والذوق والأدب متوفرة فيها.وقد برزت في هذه الفترة الأغاني التي تمجد الزعيم عبد الكريم قاسم والثورة ,وكذلك الأغاني التي تدعو لضم الكويت للعراق ومنولوجات فاضل رشيد السياسية التي كتبت كرد فعل على الهجمة القاسية من لدن إعلام الجمهورية العربية المتحدة (مصر وسوريا) التي قادها جمال عبد الناصر شخصياً ضد الزعيم عبد الكريم. وقد منعت جميع هذه الأغاني من البث في أعقاب انقلاب شباط 1963. من هذه الأغاني :-
عبد الكريم كل القلوب تهواك ,و عبد الكريم مرحى يقائدنه للمجموعة, أنا العراق , والحمد لله عل سلامه وأغنية عاش الزعيم لمائدة نزهت, هربجي كرد وعرب ونشيد ياموطني لأحمد الخليل (مطرب الثورة وملحنها), تموز يا عيد الملايين لفاروق هلال, أنا العراقي في كل نادي ,وأغنيه يا غنيه لمحمد القبنجي, ويحيا السلام العالمي , وديمقراطية وسلام ليحيى حمدي, وأغنية تريد تريد العزة تريد ,وعبد الكريم يكول للثنائي عبد الواحد جمعة وجواد وادي ,وجميع منولوجات فاضل رشيد مثل (كنت إبإيدك شايل شمعه) وجوز جوز ,وطار بلبلكم يمستر. وأغنية زهور حسين ( تسلم يا شهم) وأغنية ثورتي وزعيمي لداود العاني وأحلام وهبي. وأغنية فدوه لابن قاسم لهيفاء وهبي.إضافة إلى بعض الأغاني التي أداها مطربون عرب مثل (العراقي يخواتي فتح الباب ,طلوا حباب) لنجاح سلام وأغاني أخرى لفايده كامل وأم كلثوم وغيرهما. ......ألخ.
هربجي , كلمات زاهد محمد وألحان وغناء أحمد الخليل.
من تهب أنسام عذبه من الشمال .... على ضفاف الهور تتفتح كلوب
ولو عزف عل ناي راعي بالجبال .... عل ربابه يجاوبه راعي الجنوب
هربجي هربجي كرد وعرب رمز النضال
هاي خوتنه وتاريخ إنكتب .... إلنا ,حافل بالمجد والتضحيات
إيد بيد وكلب مشدود بكلب .... حلوه مره ثنينا نعيش الحياة
كلوبنه تهتف سوه جنوب إوشمال.... هربجي هربجي كرد وعرب رمز النضال ..... الخ.
لقد هزت أغنية هربجي مشاعر كل العراقيين ,وزرعت المحبة والود والألفة في قلوبهم.
جميع هذه الأغاني تم منعها من قِبَل إنقلابيو شباط عام 1963.من ضمن الأغاني التي منع بثها أيضاً تلك التي تدعو إلى ضم الكويت إلى العراق قبل أن تصدر الأمم المتحدة قرارها بمنح الاستقلال للكويت بعد سحب سلطة الانقلابيين طلب العراق إلى الأمم المتحدة بضم الكويت له. من هذه الأغاني الممنوعة:- الكويت كاعي ولي حك برجوعه للثنائي عبد الواحد جمعه وجواد وادي, وأغنية (من زاخو لحد الكويت ,هذي فد دار وفد بيت ) لأحلام وهبي.
وفي منتصف ستينات القرن الماضي تقرر منع كل الأغاني التي ترد فيها كلمة ( خمر) وكل مايتعلق بهذه الكلمة مثل سكران ,ساقي الخمر, عرق وغيرها. من هذه الأغاني :- إشرب كاسك وإتهنه .وأحيا وأموت عالبصره أم الطرب والخمره (حضيري). ومقام دشت من شعر السيد الحبوبي ( لا تدر لي أيها الساقي رحيقا) وكذلك ( يا تارك الخمر) للمطربة زهور حسين. وليوسف عمر مقام(يا ساقي الكأس) .وأغنيات القبنجي ( صاحي لو سكران) ,و(خل نطرب خل نشرب أقداح) و( لا تبك ليلى ). أما أغاني ناظم الغزالي الممنوعة فهي موشح أيها الساقي , وبستة أنا الذي كنت أسقي. ولنرجس شوقي (أبجي ودمعتي صارت خمر للكاس)......... الخ..
بعد انقلاب 1968في العراق, تقرر منع بث الأغاني الوطنية واستبدلت بأغاني وأناشيد تشيد بالقومية العربية وتدعو للوحدة العربية التي فشلت في تحقيقها حكومتا بلدين متجاورين يحكمهما الحزب نفسه لمدة أربعين عام. وعلاوة إلى ذلك صفت في الرفوف العالية وإلى الأبد أشرطة واسطوانات الأغاني والمقامات العراقية العذبة والتي يرد فيها كلمات فارسية مثل ( جانم , علي جان, خدانم..... ) كما منع بث أغاني لمطربين عدهم النظام من أصول إيرانية منهم زهور حسين ورضا علي بحقد شوفيني ليس غير. كما صودرت كل الأغاني والأوبريتات والأناشيد التي كتبها وطنيون عراقيون أحرار مثل كريم العراقي وذياب كزار (أبو سرحان ), والجواهري ومظفر النواب... ), وكل ألحان و أغاني فؤاد سالم ,قحطان العطار , كمال السيد , جعفر حسن , كوكب حمزه, وشمل المنع كل الفنانين الذين هربوا إلى خارج العراق تخلصاً من الإرهاب .وليصبح الغناء والفن في خدمة القائد ومعاركه المتعاقبة حسب , والتي فرضت على الشعب العراقي قسراً , حتى تجاوز عدد الأغاني التي تمجد القائد وتدعو إلى القتال عدة مئات.ولقد كان العقاب القاسي ينتظر كل من يتأخر من الفنانين والشعراء عن الاصطفاف بالخط الذي فرض عليهم, لكن هذا لم يمنع العراقيين من متابعة تلكم الأغاني التي كانت تسجل في دول المهجر على أشرطة ترسل إلى العراق بسرية تامة ليتلاقفها الجميع برغبة وشوق ,ولتصبح خالدة في نفوس العراقيين دون إستثناء, ولتكون بمثابة إطلاقات رصاص يطلقها الفنانون الملتزمون ضد السلطة الجائرة.
بعد الاحتلال الأجنبي للعراق وانهيار نظام الحكم الدكتاتوري عام 2003 ,تم منع بث كل ما أنجز من أغاني وأناشيد تمجد القائد. لكن الذي حدث لم يكن بالحسبان ,إذ أن الفلتان الذي عم البلاد لفظ فيما لفظ من أغان تافهة, فظهر للساحة الفنية أغان لمن أسموا أنفسهم مطربين ظلماً وعدواناً يسندهم ملحنون لا يفقهون من فن الموسيقى سوى التهريج ,وكتًاب أغاني ما أنزل الله بهم من سلطان. فحل الهرج والمرج بسبب هذا الانفلات الإعلامي والأغاني الهابطة ,والكليبات الداعرة التي تظهر جسد المرأة ومفاتنها بشكل يجعلها بلا كرامة ,حتى أصبح من الصعب أن نتصورها تصلح أماً تعنى بوليدها وأطفالها. ومع كل الجهود المتواضعة المبذولة من لدن الحكومة, والإحباطات والإهتزازات نرى أن السيطرة على إيقاف الأغاني والأفلام التي تسيء للكرامة ,وتلك التي تثير الرعب والكراهية والفرقة وتدعو إلى تمزيق النسيج الإجتماعي غدا صعب المنال, لكنه ممكن لو توفرت الحكومات الوطنية الجادة النزيهة التي تبادر للعمل على منع أو تحجيم الفضائيات التي تسيء للقيم الإنسانية بكل مفرداتها. وإلا فسيتم نسف كل الجهود التي تبذلها العوائل لتربية أبناءها على وفق المبادئ والقيم الراقية ,ومحاولة تنظيم حياتهم بالشكل الذي يحميهم من الأخطاء الجسيمة والمتاعب المحتملة.
هاكم نماذج من الأغاني التي تبثها بعض الاذاعات والفضائيات ولكم الحكم:-
هذه مغنية تخاطب حبيبها فتقول له ( تجي نتزوج بالسر .... أهلي وأهلك خي يولون )
(تجي ناخذ بيت بعيد .... ونخلف نغل زغيرون).
والمطربة ساجده تمتدح خليلها جاسم بأروع الجمل :- أريد أبجي عله جويسم أبو الغيرة
شراب العرك وبطالة البيره.
ومطرب يغازل حبيبته بطريقة رومانسية وكالتالي"-
ألعن أبو الخلفج وألعن وألعن.... ضمي صدرج ياولي نهودج طلعن ..
وهذا يخاطب إحدى الفتيات بكل الرقة التي يحملها :-
إلّا أكسر خشمها العالي .... إلّا أخليها تبوس نعالي.
وحتى الأم التي جعل الله الجنة تحت أقدامها لم تنج من مسبة هؤلاء أبطال التفاهة:-
ملعون إبن ملعون إحترك عمك ...... وكل أهلك الظلام ,والنوبه أمك......
هذه التفاهات ومثيلاتها أصبحت ممنوعة من البث في الكثير من الفضائيات التي تحترم نفسها ومتابعيها. فأين هذا (التصفيط في الكلام) مما كتبه أحمد رامي لأم كلثوم ( عزة جمالك فين من غير ذليل يهواك ). وكيف نقارن هذه الشتائم مع ماقدمه الشاعر الرقيق مظفر النواب عندما وصف الظفائر الذهبية لملهمته والتي تنسدل على صدرها الناهد بجملة (حدر السنابل كطه). وأين نحن من شعرائنا وكتاب الأغنية العراقية الأصيلة المملوءة بالعذوبة والرومانسية والتي كتبها عبد الكريم العلاف والملا منفي وجبوري النجار وسبتي طاهر وكاظم إسماعيل كاطع وكاظم الركابي وبشير العبودي ورياض النعماني وعريان السيد خلف وزاهد محمد ومحمد حسن الكرخي وزهير الدجيلي وفالح حسون وذياب سرحان وعبد المجيد الملا وخزعل مهدي و ناظم السماوي وكريم العراقي . هؤلاء وكثير غيرهم تغنوا بحب الوطن وجماله,وثقفوا الناس بالمُثل العليا ومحبة الناس والدعوة إلى الصداقة الخالصة. . كما كتبوا للحبيبة أرق الكلمات وأعذب الأشعار المملوءة بالإحساس والرومانسية والشجن والدلال ووصفوا جمال وسحرعيونها ( الحراكة ) وقوامها الفتان.
أيها الناس حاربوا وقاطعوا كل الوسائل الإعلام التي تسيء إلى أذواقكم ,وكل التافهين الذين يحسبون أنفسهم فنانين وهم ليسوا كذلك .



#صباح_راهي_العبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الريم التي أخرجت الشعر والفن السعودي إلى كل العرب
- من الماضي.... الحمامات العمومية في مدينة الكوفة .
- النوستالجيا والحنين لزمن صدام
- من أجل السلام العالمي إذا لم تضع البشرية حدا للحرب ... فإن ا ...
- منتصف الليلة البارحة لمحت شبحاً ...
- رحيل العامل الباسل عبد زيد حمد
- تقوس الزمنكان ..... وموجة الجاذبية
- الباحث والأديب الدكتور كامل سلمان الجبوري ..... السنبلة المُ ...
- مؤتمر أنصار السلام في قرية السهيلية بالكوفة
- من إغتنى بالرشوة ... أفتقر في عرضه
- سراق خبز الفقراء
- سهران لوحدي
- إنقلاب المجال المغناطيسي للأرض والدمار المنتظر.
- سماع الرأي الآخر لايعني بالضرورة إحترامه.
- تكاثف بوز - أنشتاين.
- رضا علي ....... ما كتب عنه , وما لم يكتب
- الألحان والأنغام التراثية العراقية الشجية
- نشأة الكون .... والمادية الديالكتيكية
- غلبت أصالح في روحي.
- السيد الحبوبي وبعض من شعره المُغنى .


المزيد.....




- قبل إيطاليا بقرون.. الفوكاتشا تقليد خبز قديم يعود لبلاد الهل ...
- ميركل: بوتين يجيد اللغة الألمانية أكثر مما أجيد أنا الروسية ...
- حفل توقيع جماعي لكتاب بصريين
- عبجي : ألبوم -كارنيه دي فوياج- رحلة موسيقية مستوحاة من أسفار ...
- قصص البطولة والمقاومة: شعراء ومحاربون من برقة في مواجهة الاح ...
- الخبز في كشمير.. إرث طهوي يُعيد صياغة هوية منطقة متنازع عليه ...
- تعرف على مصطلحات السينما المختلفة في -مراجعات ريتا-
- مكتبة متنقلة تجوب شوارع الموصل العراقية للتشجيع على القراءة ...
- دونيتسك تحتضن مسابقة -جمال دونباس-2024- (صور)
- وفاة الروائية البريطانية باربرا تايلور برادفورد عن 91 عاما


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح راهي العبود - الغناء الممنوع ....