|
الثورة السورية بين السقوط والقنوط
محمد أحمد الزعبي
الحوار المتمدن-العدد: 5818 - 2018 / 3 / 17 - 08:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
السبع العجاف 18.03.2018 لابد من الإشارة بداية الى أن الثورة السورية هي جزؤ عضوي من ثورة / ثورات ( الربيع العربي ) ، التي كانت في بعدها القومي والوطني ، ثورات ( الحق على القوة ) و ( الخير على الشر ) و ( الإنسان على التكنولوجيا ) إنها ثورات الجماهير العربية على حكام سايكس بييكو العملاء الذين نصبهم وسلطهم الغرب المتفوق تكنولوجيا على رقاب الشعب العربي منذ وعد بلفور وحتى يومنا هذا ، وذلك بواسطة ( جيوش ) شكلها ودربها وسلحها هذا الغرب ، وسلطها على رقاب الجماهير ، بعيدا عن أية ديموقراطية يمكن أن تفتح عيون هذه الجماهير على واقعها الأسود في ظل هؤلاء الحكام العملاء ، وتقربها بالتالي من صندوق الإقتراع ( الحقيقي وليس القائم على التدليس والكذب ) ، بوصفه السبيل الصحيح الى الحرية والكرامة والعدالة الإجتماعية والاقتصادية والسياسية . لم يكن عام 2011 هو عام ثورات الربيع العربي وحسب ، وإنما كان أيضاً عام انطلاق الثورة / الثورات المضادة لثورات هذا الربيع ، حيث تحالف وتكاتف في إطار هذه الثورات المضادة لثورات الربيع العربي كل من الحكام العرب المستهدفين من الربيع العربي ، وجيوشهم الجرارة ( أو المجرورة ) ، والقوى الإمبريالية والاستعمارية التي اعتبرت أن استهداف عملائها إنما هو استهداف مباشر لها أيضاً . إن الانتصارات السريعة لثورات الربيع العربي في تونس ومصر وليبيا واليمن ، أقض مضاجع القوى الاستعمارية ومضاجع الحكام العرب الآخرين ومن بينهم نظام عائلة الأسد ، فتسارع الطرفان الى التكاتف والتحالف ، وكان عليهم آن يوقفوا ( دومينو ) هذا الربيع على الفور ، وكانت سوريا هي نقطة تلاقي هذين الطرفين ، الأمر الذي أسعد عائلة الأسد ، وسمح لها بأن ترفض اليد الممدودة التي قدمها لها ثوار ربيع دمشق وثوار آذار 2011 , بإجراء تغييرات دستورية وقانونية تعطي للشعب بعضا من حقوقه الديموقراطية المسلوبة ، ولا سيما حقه في الحرية والكرامة والعدالة ، ولكن هيهات ، فكيف تقدم هذه العائلة قيد أنملة من التنازل لصالح الشعب السوري ، طالما آنها ( عائلة الأسد ) قادرة على الإستمرار في السلطة دونما آي تنازل لمن يعتبرون أنفسهم ( الشعب السوري ) بينما تعتبرهم عائلة الأسد وحلفاؤها في الشرق والغرب ( إرهابيين ) وذلك فقط لأنهم يطالبون ب ( الديموقراطية ) . إن سكوت ( الغرب ) وهو المالك والصانع والمستخدم الأول لتكنولوجيا القتل والدمار العسكرية ( بدءاً بصناعة الكلاشنكوف ، وانتهاء بتصنيع غاز السارين مروراً بالقنبلة الهيدروجينية والأسلحة النووية ) على كل ماجرى ويجري في سوريا منذ 18.03.2011 وحتى اليوم ، إنما هو تشارك صامت مؤلم ومؤسف ، في تدمير سوريا وإبادة مئات الألوف من سكانها ، وتهجير الملايين ، واعتقال عشرات الآلاف ، وبمن فيهم آلاف الأطفال القصر والنساء اللائي يمارس معهن أبشع أنواع انتهاك القيم الإنسانية والأخلاقية وحقوق الإنسان ، وهو ما تشير إليه آرقام الشبكة السورية لحقوق الإنسان ( روزنة) في تقريرها الذي رصدت فيه انتهاكات نظام بشار الأسد في سوريا خلال سنوات الثورة السبع المنصرمة ( منذ آذار 2011 وحتى آذار 2018 ) والذي نقتبس منه الأرقام التالية : 217764. قتيلا مدنيا ، بينهم : 25726. أنثى ، 27296 طفلا ، 13152. تحت التعذيب ، 13,5 مليون مشرد قسريا ، 118829. قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري 96480. برميلاً متفجرا 431 هجوما روسيا وسوريا بأسلحة عنقودية ( محرمة دوليا / م ز )، 212 هجوم كيماوي ( محرمة دوليا / م ز ) ، 129. هجوما روسيا وسوريا بأسلحة حارقة ( محرمة دوليا / م ز ) . إن مارأيناه بالأمس في كل مدن وقرى سوريا ، وما نراه اليوم في الغوطة الشرقية ، انما يمثل - من وجهة نظر الكاتب - التحضيرات المسبقة التي كانت تقوم بها عائلة الأسد وشبيحتها منذ عام 1963 ، استعدادا لمواجهة الشعب السوري ، الذي تعرف انه لن يسكت على ديكتاتوريتها بعد استيلاء ضباطها على ثورة الثامن من آذار1963 ( وخاصة بعد تصفية الضباط الوحدويين و الناصريين ) ، ومن ثم على حزب البعث ( وخاصة بعد انقلاب 23 شباط 1966 على القيادة القومية للحزب ) ومن خلاله على الجيش ،( وخاصة بعد استلام حافظ الأسد لوزارة الدفاع ) وأخيرا على الحكم عام 1970 ( وخاصة بعد أن تخلص من أكبر خصمين عسكريين له هما اللواءان صلاح جديد ومحمد عمران ) ، والذي ورّثه لابنه بشار عام 2000 م . ومن المعروف أن هذا الوريث قد تنازل ( طوعا أو كرها ) عن هذه ( الورثة ) الطائفية ( الحكم ) بعد اندلاع ثورة الشعب السوري في آذار عام 2011 ، بداية لآية الله خامنئي و تابعه حسن نصر الله ، ولاحقاً لفلادمير بوتن ، حيث بلغ عدد ضحايا الممارسات غير الإنسانية وغير الأخلاقية ( الإنتهاكات فقط ) لهذا الحلف الرباعي غير المقدس ماذكرناه أعلاه من الأرقام . لاننكر أن هذا التحالف الرباعي للثورة المضادة للربيع العربي عامة ، وللثورة السورية خاصة ، قد سجل انتصارات عسكرية ملموسة على الشعب السوري ، على المدنيين عامة وعلى الأطفال والنساء والشيوخ من بينهم خاصة ، ولكن ما ننكره هو أن يسمى ذلك انتصارا لنظام الأسد الوراثي على ثورة آذار 2011 السورية ، التي تلخصت مطالبها منذ البداية وحتى اليوم بالحرية والكرامة ، أي عمليا وتطبيقيا ب ( الديموقراطية وحقوق الإنسان ) . إن من يستعين بالقوى الأجنبية على شعبه لابد أن يفقد شرعيته يابشار ، ويتحول اسمه من ( رئيس الجمهورية ) الى خائن الوطن ، ولن تستطيع لا (سوخوي ) بوتن ولا (ياحسين ) الخامنئي وحسن نصر الله ، أن ينتشلاه من مستنقع الخيانة الذي وضع نفسه فيه ، ولا من أن يكون مصيره الحتمي ( مزبلة التاريخ ) ، إن لم يكن اليوم فغدا ، وإن غداً لناظره قريب . الثورة لم ولن تسقط أو تقنط يابشار ويا بوتن ويا خامنئي ويا حسن نصر الله ، ذلك أن إرادة الشعب من إرادة الله ، و أن الحق أقوى من الباطل . ( وقل جاء الحق وزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقا - الإسراء 81 )، وأنه : إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد آن يستجيب القدر /. ولابد لليل أن ينجلي. ولابد للقيد آن ينكسر .
#محمد_أحمد_الزعبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مخواطر من وحي اليوم العالمي للمرأة
-
خواط من وحي اليوم العالمي للمرأة
-
الغوطة الشرقية بين مجرم وأربعة كذابين
-
في سوشي ابحث عن الدور الأمريكي
-
الثورة السورية بين الأمس واليوم
-
الإسلام السياسي ، محاولة في تحديد المفهوم
-
خاطرتان حول الثورة السورية
-
الهجرة الإضطرارية ، الأسباب والنتائج
-
مؤتمر الرياض وتعويم بشار
-
الأزمة اللبنانية المتجددة
-
لغز استقالة سعد الحريري من السعودية
-
دور داعش في دعم بشار
-
وجهة نظر حول مؤتمر ماسوتشي
-
خواط حول الثورة السورية وشلة الكذابين
-
قراءة نقدية لكتاب فلينت ليفريت وراثة سوريا
-
حكاية خرائب أندرين
-
نظام الأسد بين الإنكسار والإنتصار
-
خواطر على هامش الأضحى
-
وجهة نظر في حل الدولتين
-
المجتمع الدولي المعنى والمبنى
المزيد.....
-
شاهد أول رد من رئيس وزراء كندا على فرض أمريكا رسوم جمركية عل
...
-
مستغربة طبع السعوديين وأسلوب تعاملهم مع الضيف والسائح ترويها
...
-
طائفة سرية أجبرت أتباعها من الأمهات حديثات الولادة على التخل
...
-
كيف علقت كندا والمكسيك والصين على فرض ترامب رسوماً جمركية عل
...
-
ستارمر يستقبل شولتس في مقره الريفي ويبحث معه حرب أوكرانيا
-
الولايات المتحدة.. انفجار وحريق هائل في مصفاة نفطية (فيديوها
...
-
قوات كييف تستهدف بلدة في كورسك بصواريخ -هيمارس- أمريكية (فيد
...
-
زاخاروفا تقترح تحويل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية إلى و
...
-
إجلاء 37 مريضا من غزة لتلقي العلاج في مصر
-
حاول الهرب فعلق أسفل جسر.. شاهد ما حدث لسارق تطارده الشرطة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|