أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - طريق العودة














المزيد.....

طريق العودة


نادية خلوف
(Nadia Khaloof)


الحوار المتمدن-العدد: 5817 - 2018 / 3 / 16 - 22:19
المحور: الادب والفن
    


الدرب بعيد. بعيد جداً. استغرق معي عمراً.
كيف أعود؟
تمنيّت أن لا أعود.
عندما كانت تهتزّ حقيبة سفري موجوعة. لم أنظر إلى الوراء. لا أريد أن أعرف ماذا تركت، ولماذا رحلت؟
أتذكرُ حكايتنا؟
لم أكن أعرف معنى الرحيل قبل تلك الليلة. احتفظت في ذلك البيت الذي أكل من أصابعي، ومن عمري بذكريات لا أعرف إن كانت عزيزة أم لا، تركتني هناك قرب عريشة العنب، وفي كل زاوية أثر منّي، فهنا جلست إلى آلة الخياطة أحيك أشياء لا تلزم كي أقضي على عالم كامل من الفراغ،
وهناك لعبت مع ابني بالوحل وصنعنا مصطبة نجلس عليها كي نرسم ونمارس بعض حالات الجمال. لم ننجح في خلق قصّة فريدة، لكنّنا هناك.
لم نكن قد بدأنا قصّتنا بعد، وكان الشّيب يصول ويجول في عمري المبكّر ينذرني: آن الرّحيل عن الحياة، وأجيب: لم أنته من صنع المجد، ويسخر منّي القدر. يا لها من كلمة ثقيلة الوطأة! المجد، الحب، الحريّة، والوطن، كلمات مضلّلة.
لم أعد هناك، ولست هنا. أدور في متاهة، أحاول أن أصنع خيوطاً كخيوط العنكبوت فطالما أعجبتني البيوت العنكبوتية.
تلاحقني عبارة البدء من جديد.
سوف أبدأ. لا بدّ أن أبدأ، فالعمر يحتاج أن ينتشي بلحظة البدء، وأنا أبدأ الآن دون أن أكون هنا، أو هناك.
صحوت من وحدتي بعد دهر، لأكتشف ضحالة قيمي، وفسق حشمتي، ورسوخ عبوديتي.
كنت عبداً هناك، وأعجبني الأمر على مرّ الزمن. أصبحت أخلط بين معنى العبودية والحرّية. نعم العبودية تشبه اكتئابي عندما يداهمني. لا أجمل من الاكتئاب. تلتفّ على ذاتك وتحت حجّة الألم تتخلّص من المسؤوليّة، وكذلك هي العبودية. تعمل حتى الثمالة دون أن تدري أنّك تعمل.
أنظر إلى النساء اللواتي لم يخلقن للعبودية. هنّ جميلات. عندما تمشي إحداهنّ تشعر أن الأرض تباركها.
رأيت امرأة تنظر أمامها ورأسها مرفوع. أوقفتها. سألتها: كيف يمكنني أن أرفع بصري عن الأرض، وأنا دائمة الحلم بأنّني سوف أرى الكنز في حاوية قمامة. أنزلت جسدها بتواضع، وبقي رأسها مرفوعاً. ربطت رباط حذائي، مسحت على رأسي، ثم قالت لي:
لا يمكنك ذلك دون أن يكون لك مال يحفظ كرامتك.
-لكنّهم يقولون أنّ المال ليس كلّ شيء، ولا يصنع السّعادة.
-هم يبتكرون لك القصص الجميلة حول الفقر، ويبدو أنه قد أصبح من ضمن الأشياء التي تحنّين لها فتمجدينه، وتستشهدين بأمثلة لم ترينها في حياتك، تتوهمين أنك رأيتها.
-هل سوف أعود أيتها السّيدة المرفوعة الرّأس؟
-بالطّبع لا. أمثالك لا يرحلون ولا يعودون. هم في مرحلة إحماء قبل المسير الكبير الذي لن يصير.
هل سوف أعود إذن بعد هذا الحوار؟ طبعاً لن أعود. مرحلة الإحماء قبل المسير مستمرّة، وأنا لم أخرج حتى أعود. لا زلت حاضرة هناك، وأغلال العبودية ترفض أن تفارقني. بل إنني أحياناً أتناغم معها.
لن آتي، ولن أعود. أبحث عن خيوط أصنع منها بيتاً واهياً كبيت العنكبوت.



#نادية_خلوف (هاشتاغ)       Nadia_Khaloof#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بمناسبة عيد المعلم العربي
- هل غيّر الغرب فكر المرأة السّورية؟
- قصة حقيقية عن العبودية
- سيرجي سكريبتال مرة أخرى
- رد على وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون حول حادث تسمم ال ...
- الفقر يخلق الظّلم
- من أمام المقبرة
- تحرّر المرأة مرهون بالسّلام
- يوم الإنسان السّوري بدلاً من يوم المرأة
- الجنس الثالث
- اضحك، فليس في الضحك عار
- تماهى مع النّظام، واشتم العرب السّنة
- العجز عن الكلام
- آسفة على الكذب
- طواحين النّار
- أبطال الديجتال
- مفردات اللغة، والاكتئاب
- تقبيل الشمس
- الأسدية فكرة سوف تبقى بعد رحيل الأسد لعقود
- أقول: لا لثقافة الموت


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نادية خلوف - طريق العودة