أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مارينا سوريال - كتب اثرت فى حياتى معك سوزان طه حسين















المزيد.....

كتب اثرت فى حياتى معك سوزان طه حسين


مارينا سوريال

الحوار المتمدن-العدد: 5816 - 2018 / 3 / 15 - 11:25
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


أعطنى يدك" لقد طلبها منى أيضا فى الليلة الأخيرة، يدى، ولكنى لم أذهب معه
أنا قليل الإفضاء بمشاعرى، بل إننى صموت، وإننى على وعى بذلك تماما، لكن ما أكثر ما حدثتك منذ رحيلك عن أشياء لا تطيقين سماعها! لم أكن أعتقد على الإطلاق بقدرتى على مثل هذا الحب. وستبقى دوما فى أعماق نفوسنا زاوية كانت وستبقى دوما وحشية، ولن يمكن تقاسمها إلا بين كائنين، كائنين فقط، أو أنها لن تقتسم على الإطلاق. هذه الزاوية الوحشية المتوحدة هى أفضل ما فينا.

كان أفلاطون يفكر أننا إذ نتحاب فإننا لا نفعل سوى أن نعيد صنع ما أفسده عارض ما. عندما تنفصل نفسان عن بعضيهما، تبحث كل منهما عن الأخرى، وعندما يتواجدان ويتعارفان، فإنهما لا يعودان كائنين وإنما كائن واحد. إننى أؤمن بذلك تماما.. أتعلمين أننى أصبح صوفيا!. لو كنت شاعرا لألفت الأناشيد ولغنيتها بنشوة، لا يهم؛ فقلبى يؤلفها ويغنيها؛ ونفسى ترق وقلبى يلين؛ إننى لم أعد أتعرف على نفسى أبدا.. فلدى شخصيتان؛ واحدة للعالم كله، وأخرى لك، لى لنا؛ ولكن أترين يا سوزان، أنا لا أتحدث إلا عنى، إننى أنانى.. وكل الصوفيين أنانييون.

ليس هناك من بين هذه الرسائل التسعين رسالة واحدة لم تكن اعترافا أو عطاء. اقرؤها وأقرأ تلك التى وصلتنى منه بعد ذلك. خمسون عاما مضت ولا أكاد أصدق ذلك إلا بصعوبة. أمن الممكن يا طه أننى كنت محبوبة على هذا النحو وأننى كنت المقصودة بهذا السيل من الحنان والعاطفة؟.. هذا القدر من الحب الذى كان على أن أحمله وحدى، وحدى، عبئا رائعا، ما أكثر ما خفت ألا أتمكن من القيام بمتطلباته بجدارة! من أين جئت أنت إذن، أنت الأقرب إلى نفسى، من أين جئت؟ وهل سيسمح لى الله أن ألقاك حيث أنت؟. للمرة الأولى، والوحيدة، لم نكن معا فى ذكرى زواجنا، كانت رسالتك يومها مفعمة جلالا: أبى حاجة للقول أنى أحبك؟ إنى لأقولها لك مع ذلك وإنه لعهد لك منى جديد. ولما كنا متحابين، فإننا سوف نسير من جديد، أقوياء بهذا الحب نحو المستقبل الذى ربما سيشبه الماضى، أو لعله سيكون أفضل منه أو ربما سيكون أسوأ منه؛ ولكن ما همنا؟ سوزان، لنتابع المسير، أعطنى يدك.
سوزان، أود لو أصف لك ضيقى عندما تركت السفينة، عندما رجعت إلى القاهرة،..فقد دخلت غرفتنا وقبلت الزهرة وغطيت بالقبلات الصورة التى لا أراها.. ومع ذلك فقد فعل أصدقائى كل ما بوسعهم لتسليتى..عندما عدت، واجهت الفراغ، السرير الذى لا يزال على حاله، وسرير الصغيرة المغطى، والمهد الغائب.. يستحيل على القيام بشئ آخر غير التفكير بك. ولا أستطيع أن أمنع نفسى من البكاء كلما دخلت الغرفة؛ فأنا أجدك فى كل مكان دون أن أعثر عليكى. لنقل إننى فى القاهرة فى سبيل حماقة ما (لم يكن يملك ثمن تذكرة السفر!). إنى فى طريقى لتبديد ثلاثة أشهر من عمرى.. هل أعمل؟ ولكن كيف أعمل بدون صوتك الذى يشجعنى وينصحنى، بدون حضورك الذى يقوينى؟ ولمن أستطيع أن أبوح بما فى نفسى بحرية؟ ستقولين لى: عليك أن تكتب لى، لكنك تعلمين جيدا أن الكتابة غير التحدث، وأن قراءة رسالة هى ليست الاستماع إلى صوت، ثم إنك تعلمين جيدا أننى كثيرا ما لا أقول شيئا وإنما أتناول يدك وأضع رأسى على كتفك.. ثلاثة أشهر..ثلاثة أشهر.. فترة رهيبة. لقد استيقظت على ظلمة لا تطاق؛ وكان لابد لى من أن أكتب لك لكى تتبدد هذه الظلمة. أترين، كيف أنك ضيائى حاضرة كنت أم غائبة؟

لم نكن أغنياء، لكن طه وجد وسيلة يتمكن بها من إهدائى هدية بمناسبة عيد ميلادى؛ فقد اشترى من شارع بونابرت نسخة من لوحة"عذراء لندن" la vierge de londre لبوتيشللى هذه اللوحة بقيت دوما فى غرفتى. وكانت أجمل لحظاتنا هى الفترات التى نقضيها ونحن نستمع إلى الحفلات الموسيقية التى كانت تقدم بصورة منتظمة كل أحد فى السوربون. لم تكن باهظة التكلفة، إلا أننا كنا نضطر أحيانا للاستغناء عنها، وكنا نعزى أنفسنا بقراءة كتاب جميل.
ذات يوم، يقول لى: اغفرى لى، لابد من أن أقول لك ذلك، فأنا أحبك. وصرخت، وقد أذهلتنى المفاجأة، بفظاظة: ولكنى لا أحبك! كنت الحب بين الرجل والمرأة ولا شك. فقال بحزن: آه، إننى أعرف ذلك جيدا.. ويمضى زمن، ثم يأتى يوم آخر أقول فيه لأهلى إننى أريد الزواج من هذا الشاب.

إننا لا نحيا لنكون سعداء. عنما قلت لى هذه الكلمات فى عام 1934 أصابنى الذهول، لكننى أدرك الآن ماذا كنت تعنى، وأعرف أنه عندما يكون شأن المرء شأن طه، فإنه لا يعيش ليكون سعيداً: وإنما يعيش لأداء ما طلب منه. لقد كنا على حافة اليأس، وروحت أفكر: لا، إننا لا نحيا لنكون سعداء، ولا حتى لنجعل الآخرين سعداء. لكنى كنت على خطأ. فلقد منحت الفرح، وبذلت ما فى نفسك من الشجاعة والإيمان والأمل. كنت تعرف تماما أنه لا وجود لهذه السعادة على الأرض، وأنك أساسا، بما تمتاز به من زهد النفوس العظيمة، لم تكن تبحث عنها..


تعرف طه على سوزان عندما كانت تقرأ مقطعا من شعر رايسين، أحب نغمات صوتها وعشق طريقة إلقائها وتعلق قلبه بها. تذكر قول بشار بن برد "والاذن تعشق قبل العين أحيانا" كما أشار إلى هذا الحب الكاتب الفرنسى الكبير روبيرت لاندرى حيث قال :"وذات يوم بينما طه حسين فى مقعده فى قاعة المحاضرات فى جامعة السوربون سمع صوتا جميلا يرن فى اذنيه صوت صبيه حنون تقول له بعذوبة : إنى أستطيع أن أساعدك فى استذكار الدروس، وكانت صاحبة الصوت ما هي إلا ( سوزان ) الطالبة الفرنسية المنحدرة من عائلة كاثوليكية.
"تزوجنا يوم9أغسطس1917ببساطة.إلا أن الجميع أصروا على أن ألبس ثوب الزفاف الأبيض وأن نركب العربة المقفلة.وكان فى الشوارع جنود يقضون إجازتهم القصيرة بعيدا عن المعارك؛ ولم يكن منظر الزيجات آنذاك مألوفا. كانوا يحيوننا ويهتفون:"تحيا العروس!" وكنت أقول لهم"شكرا" وكانت تلك كلمة هزيلة للغاية بالنسبة لأولئك الذين كانو يعودون للجحيم وإلى الموت للكثير منهم، أولئك الذين بلغ بهم الكرم إلى حد أنهم كانو يبتسمون لنا."
أول مرة إلتقينا فيها كانت فى 12 مايو 1915 فى مونبلييه..لم يكن ثمة شئ فى ذلك اليوم ينبئنى بأن مصيرى كان يتقرر؛ ولم يكن بوسع أمى التى كانت بصحبتى أن تتصور أمرا مماثلا. وكنت على شئ من الحيرة، إذا لم يسبق لى فى حياتى أن كلمت أعمى..وذات يوم، يقول لى:"إغفرى لى، لابد من أن أقول لك ذلك، فأنا أحبك". وصرخت، وقد أذهلتنى المفاجأة، بفظاظة :"ولكنى لا أحبك!".. ويمضى زمن، ثم يأتى يوم آخر أقول فيه لأهلى إننى أريد الزواج من هذا الشاب.وكان ما كنت أنتظره تماما من رد فعل :"كيف؟ من أجنبى؟ وأعمى؟ وفوق ذلك كله مسلم؟! لا شك أنك جننت تماما!". ربما كان الأمر جنونا،.. نعم لقد ملئت حياتى إلى أقصى حد. وكان قد قال لى :"لعل ما بيننا يفوق الحب".
فى 9 يوليو1975، أى بعد مضى ثمانية وخمسين عاما على اليوم الذى وحدنا فيه حياتنا، وبعد مضى ما يقرب من العامين على رحيلك عنى، سأحاول أن أتحدث عنك مادام قد طلب إلى ذلك.. أريد بكل بساطة أن أخلد للذكرى مستعيدة ذلك الحنان الهائل الذى لا يعوض؛ ولا شك أنك تدرك ذلك أنت الذى كتبت لى ذات يوم "لسنا معتادين على أن يتألم الواحد منا بمعزل عن الآخر".
ليس افضل من شخص تحدى الزمن واعاته الجسدية ليتحول عبر الحب الى عميد الادب العربى..
العقبات وما أكثرها كتا نذلل الصعوبات ، ونحن نسخر منها قائلين لها:أعرف أنك هناك لكن مع ذلكأنا متماسك، وعلى يقين من أنني سأنتصر عليك، اهدئي..إننا لن نسقط ، وإن حدث، فسأفعل كالقطط ، إذ سأسقط على قدمي..



#مارينا_سوريال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بنات المراة
- كتب اثرت فى حياتى ثلاثية حنا مينه
- نهاية رجل شجاع كتب اثرت فى حياتى حنا مينا
- بيت السيد
- عالم جديد جبان
- احلام دون الخامسة
- شخصيات لها العجب صلاح عيسى
- صنايعية مصر عمر طاهر كتب اثرت فى حياتى
- المضحكون محمود السعدنى كتب اثرت فى حياتى
- الطبقة المستنيرة 3
- طبقة مستنيرة2
- الطبقة المستنيرة
- ماهى هويتنا حقا هذا هو السؤال؟
- الروبوت معلم الغد
- كتب اثرت فى حياتى السان سيمونين فى مصر
- كتب اثرت فى حياتى الخليل ابراهيم بروس فيلر
- كتب اثرت فى حياتى تشريح التدميرية البشرية
- كتب اثرت فى حياتى الدولة المستورة
- كتب اثرت فى حياتى انقراض العالم الثالث
- كتب اثرت فى حياتى عاشق لعار التاريخ


المزيد.....




- فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى ...
- مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 % ...
- نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
- روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت ...
- فرنسا: مئات المنظمات والشخصيات تدعو لمظاهرات مناهضة للعنف بح ...
- السعودية.. إعدام شخص اعتدى جنسيا على أطفال بالقوة وامرأة هرب ...
- تطبيق لتوزيع المهام المنزلية وتجنب الخلافات داخل الأسرة
- -دعت إلى قتل النساء الفلسطينيات-.. أستراليا ترفض منح تأشيرة ...
- مشهد يحبس الأنفاس.. شاهد مصير امرأة حاصرتها النيران داخل منز ...
- السعودية.. الداخلية تعلن إعدام امرأة -تعزيرا- وتكشف عن اسمها ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - مارينا سوريال - كتب اثرت فى حياتى معك سوزان طه حسين