عبدالله مهتدي
الحوار المتمدن-العدد: 5812 - 2018 / 3 / 11 - 17:39
المحور:
الادب والفن
ماهية الأسود في بعض اعمال فاطمة إسبر الفنية
كما تحكي بالشعر تحكي بالألوان،لكن الأسود في أعمالها الإبداعية وحده قصيدة لها محكيها الخاص حين تشاغب الأصابع و تتدفق المخيلة،هذا الأسود الذي يفاجئ العين ويستفز الرؤية ليس ليلا كليالي الأعطاب التي تطوقنا،هو ليل الفرح والدهشة،ليل الإندفاع باتجاه العميق في أحاسيسنا،والغائر في الوجدان،كأنه يحكي بشفاه لامرئية تختصر الحكاية في جمالها،كأنه صوت يناجينا وصمت يحرسنا من أنفسنا كي لا تضيع في سراديب التشظي.
هاهنا تصالحنا فاطمة إسبر مع الاسود وكأنما تصالحنا مع ذواتنا،لنتعلم الحب بلغة اللون،لنعشق هذا الإمتداد في الزمان وفي المكان خارج سرديات الحزن والموت والفجيعة،ولنحتفي ونحتفل بزمن اللاضجيج،زمن المحتمي في دواخلنا من صداع اليومي،الزمني،المؤقت،المتلاشي،والمندثر.فالأسود حاضر بإصراره البادخ كطاقة جمالية وتعبيرية كي يدهش ،كي ينتج المعنى،لا كي يحصر دلالته في منحنا إمكانية إدراك الزمن،أسود يجاور ألوانا أخرى فيضيؤها،يشعلها،لا يلغي بل ينير،لا يحتوي بل يحررالمرئي من عفوياته،فنحس تارة وكأنه ليل من ليالي ألف ليلة وليلة،وفاطمة هي شهرزاد التي تعيد نسج الحكايات ،نحث شخوصها وتأثيث الأمكنة والأزمنة اللائقة بمشاهد توغل بنا في متاهات الحلم،وتارة أخرى،هو القصيدة التي تعيد ابتكار الفرح من أحزاننا،والدهشة من رتابة القبح الذي يجمل العالم،فاسود فاطمة مليئ بأسرارها،فائض بالجمال،وإذ يمنح الأسود نفسه طواعية لفاطمة،فلكي تعيد به كتابة حكاية الإنسان ،هذا الكائن العابث بأقداره ،حكاية تمتد من النحت بالحجر والعظام،إلى الرسم باللون والضوء،لكي تبتكر لنا ما يفجر الدهشة في الأعماق،والفرح في الدواخل،والفتنة في الحواس،والموسيقى في الروح.
#عبدالله_مهتدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟