أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - يكون ....خير ...2















المزيد.....


يكون ....خير ...2


عبد الغني سهاد

الحوار المتمدن-العدد: 5812 - 2018 / 3 / 11 - 10:06
المحور: الادب والفن
    


~~~~1~~~~
السخرية هي مجرد تمارين اصيلة تعري ضحالة الواقع و تكشف زيف حيثياته التاريخية.. في ثنايا الحقيقة عاش هو ردحا من الزمن في فردوس تلك المؤسسة (...)وهو الان بصدد حكي بعض الوقائع والاحداث بطريقته التي تعلما في الحياة فيها يتحدث عن مقالب العيش ومثالب الزملاء.ومحاسنهم.واساليب التعامل مع الاداريين المخبرين الانذال..والاساتذة الاجلاف..من وجهة نظره بالطبع.و.بعض من.الذين يدعون ممارسة التربية والتعليم.....في(...).التي تتموضع في هذا المكان الذي هو ليس سوى وادي هجر من زمان سريره..الواسع وترك اهالي الهضبة يسكنونه .يبنون في الدور والمرافق (...).والوادي . يحن الى مجراه فيعود اليه من موسم لاخر ليذكر الاهل انه لا زال في الوجود...يجرف الوادي (...)التربة والزرع والشجرة والماشية.ولا يتحاشى المباني والطرق والارصفة والجدران...اما المؤسسة (...).فالحديث عنها سيطول.اسمها هو اسم الوادي .فهي تتقاسم معه معنى الا.ربما ..لكنها سميت بهذا الانجراف ليس الطبيعي ولكنه البشري وهو اشد مرارة من الاول... منذ القدم .بناها الاستعمار الفرنسي ابان عهد الحماية الفرنسية... بعد ان اكتشف بها معدن من العادن الغالية ..(الفوسفاط) في متم العشرينات.من القرن الذي فات. ظهرت بها الارهاصات الاولى للبروليتاريا الرثة المغربية..كانت المدينة هذه تسمى (اسم فرنسي..) وبدل اسمها الى (اسم وطني .).بعد فشل تلك المفاوضات حول حصولنا على الاستقلال.. كانت بداياته التربوية كاستاذ لمادة التاريخ فيها.(..)..في اطار ما كانوا يسمونه حينها (بالخدمة المدنية..).حينها كان مغفلا وهو يافع في بداية عقده الثالث....لم يكن يستوعب جيدا الوضعية السياسية والادارية في البلاد..حين ابتسم في وجهه رئيس مصلحة التعينات في النياب الاقليمية..وقال له وهو يشد بحرارة على يده..(يكون ..خير..ياابني...)..فجلس ينتظر طويلا في منزله الى حدود تسرب كثير من الياس اليه...الا ان هذا الخير سقط (..)في صباح يوم خريفي في بداية الثمانينيات...حين توصل بالظرف المضمون الذي كان يحمل اسمه.بخط احمر عريض..من (وزارة التربية الوطنية وتكوين الاطر…).فتحه بسرعة فوجد فيه قرار التعيين في ثانوية (..) السلك الثاني..(خدمة مدنية)...مدينة المعدن المعلوم -(المؤسسة..)...لم يشعر لا بالفرحة ولا بالقرحة..ولم يقو على التعليق على فرار التعيين..في حينه..فيما مضى من الايام اخبره بعض الاصدقاء الذين فهموا جيدا ..كلام المسؤول عن مصلحة التعينات في الاقليم. ..( سير اولدي يكون.خير..)..زاد اقتناعه بغبائه في تحليل الاوضاع.... ذلك المسؤول لم يكن يتكلم سوى عن وباء دهن السير...اللعاقة..الحلاوة..الهدية..قل اي شيء قهوة مثلا.... ولا تقل ..( الرشوة..!!..).!!لكنه لم يفهم..كما هي عادته في تحليل خطاب الادارة الملغز...الذين فهموه (اصدقاؤه) منهم من اقدم على منح الهدايا النفيسة.للمسؤول ..ومنهم من ناوله ظرفا مملوءا بالاوراق النقدية ..ومنهم من شغل وساطة اليه كاخته او خالته الحسناء الجميلة.فادخلتهم الادارة في نطاق ذلك الخير.الذي في حوزة المسؤول الاقليمي على التعيينات..!!.وعينوا جميعا في المؤسسة (....)..قريبة من مساكنهم..جماعة منهم كانوا محسوبون على اليسار الثوري الراديكالي..!! هم متميزون الى حد لا يطاق بقرائتهم الجيدة لوضعية البلد الادارية والسياسية..!!


~~~~ 2~~~~


وهذه التفاصيل مهمة.لكن.الاهم منها اجتيازه فترة (الخدمة المدنية.).لمصلحة هذا الوطن..!!..واعتقد انه من النزاهة ان يقضيها هو الشاب المؤذب النظيف بصدق ووفاء..حيثما كان التعيين..حتى لو كان في جبل.(توبقال)..سيكون له وعليه خيرا بمشيئة الرب…وليس بمشيئة رئيس مصلحة التعيينات..وكان ذلك اساس فهمه المعتل للوضعية عموما !!.في ثانوية (...) في سرير الوادي الجارف.. كان كل شيء يدل ان عقول واقدام المستعمر مرت من هنا ولا تزال اثارها جاثمة على الارض وعلى عقول وافهام الاهالي بالمدينة.لم تكن الثانوية (...) معدة لغير ابناء الاطر العليا للمكتب الشريف للفوسفاط..ولابناء الجالية الاوروبية..!!
ولشردمة من اذكياء ابناء الطبقة العاملة..!!.ابوابها واسعة وعالية من الحديد المطلي باللون بالاحمر..وساحاتها ضيقة..مزفتة..وملاعب ضيقة اقسامها واسعة .لكن الادارة فيها تقتصر على جناح ضيق في
مدخل الثانوية...! جدران المؤسسة سميكة..ونوافذها واسعة وعالية..بكثير من المشقة يمكن المرء الاطلاع على مايجري داخل الاقسام..وكان الناظر (السلطان عبد الحميد ).يود لو يعرف ما يدرسه الفتى للاقسام المسندة اليه.في الاسابيع الاولى من العام الاول..لكون استاذة التربية الاسلامية القديمة سبق ان اشتكت له بالتلاميذ والتلميذات..الذين يحونوا يحاجونها ب..اقوال ماركس وانجلز في المسالة الدينية…الى حين تعيين هذا الاستاذ...!..ومن مسؤولية (عبد الحميد السلطان ) التحري في الموضوع باعتباره مراقبا للدروس.وللاساتذة معا...يحمل الناظر دفاتر النصوص ويعبر بها من قاعة الاساتذة الى مكتبه المجاور.لمكتب المدير ( عبد الله.).وفي بعض اوقات الضغظ .وتراكم الاشغال..يقترح عليه (المدير)..اغلاق باب المكتب من الداخل فيخرح الناظر النحيف ..مطويه.الجلدي المشعر.ويبدا في تعبئة السبسي بالكيف..!!من بعيد في مدخل الادارة ..تنتشر روائح العشبة ..ولا احد كان يشك في الادارة...والعون الاعور..(زوزو).وحده كان يطلع على دقائق الامور....يصيح بصوت مسموع.. .(.عاود ثاني.. مساخيط الوالدين .يدخنون الكيف..اسفل جدران الاقسام..) وهو يقصد التلاميذ..و.لا احد يستطيع الاشارة ببنانه الى مكتب (الناظر والمدير.).الذي تتسرب منه نلك الروائح المدوخة للعقول.في مؤسسة اصبحت مهمتها هدم العقول....كما انه لا احد يستطيع الققز على الجدران العالية لضبط هؤلاء (المساخيط)…! وهم يدخنون عشبة الكيف…!!
كما ان اول مطبوع وجهته الادارة للجدد من الاساتذة كان حول الميولات السياسية.والانتماء السياسي…وامتنع عن تعبئته..بدعوى عدم قانونيته...بعد محاججة الناظر حول مقتضيات قوانين الوظيفية العمومية بدأت الصراعات الدفينة.بينه وبين الادارة التربوية.!!(فصرح الناظر ..لاستاذ جديد اخر…(هذا ولد الزانية..(.هكذا..) وهو يشير اليه ..راسه قاسح...غادي نهرسوه ليه…عما قريب.…!!.)..فوصلته على الفور الرسالة..من ذلك الاستاذ المعروف باناقته..والمحدود افقه..(بورني)...سولت له نفسه ان يعامله بنفس الجلافة بل اكثر..لكنه تراجع لانه لايبالي بالحشرات. للحشرات جحيمها الذي لا يطيقه غيرها...!!
في العام الاول ..حضرت قسمه لجنة تربوية تقنية.من ثلاثة اشخاص..لا يعرفهم.قيل له فيها المفتش العام ..ومفتش القطاع..والمرشد التربوي...في اخر حصة من حصص نهاية الاسبوع..عشية يوم السبت..حققت مع التلاميذ حول افكاره.....وعند الانتهاء من الحقيق سارت السيارات.. الى السيركل (دائرة الفوسفاط ).تناولت اللجنة العشاء والمشروبات الروحية وغادرت الى اسفي .. وفي العام الثاني .منحنه( الناظر ) جدول حصص يشمل تدريس ثلاثة مستويات...الشيء الذي يتناقض مع المذكرات الوزارية...كانت الادارة تنوي ارهاقه...ولم تنجح ...وفي العام الثالث اصبح..اصبح استاذا فائضا..تضامن معه قليل من الاساتذة وتطوعوا لاجل اقتسام جداول خصصهم معه ..لكن الادارة اعترضت ومعها اعضاء المجلس الداخلي المطبوخ على يد الناظر..لكن سنتين في كشكاط كانت كافية ليتعرف على ابعاد الادارة الحقيقية و ابتعادها عن التعليم عن التعلم ..وغرقها في النميمة والتجسس والبوليسية ...وتلقين التغليط والتضبيع ورفع التقارير المزورة لاجهزة الداخلية..!! وهي تمارس بذلك كل ما هو بعيد عن امور التنشئة الاجتماعية…!!
)سير ..اولدي ..يكون خير..)....


~~~~3~~~~


كانت( العبارة) الادارية.. تدوي في دماغه كل صباح باكر..في الحافلة التي تعبر من مراكش الى المدينة على الساعة.الثالثة صباحا..في حافلة (العوينة)..تصل الحافلة..الى المدينة على الساعة السابعة..صباحا ..تحط الركاب وهو معهم..في ساحة سوق الحد ..قرب محطة البنزين..طوطال..وامام المقاهي الشعبية..كل صباح ..يقضي بعض الساعات في التردد على المقاهي ..قبل الولوج الى الثانوية..يقابل حمقى ومتسولي المدينة...وكان يثيره جماعة من اشباح المدينة..كالغقير. (فلاح)..والمهرج..(كرشاح)...في ونفاجي مقهى الاخوان…!!!
لم تكن دروسه منجزة قبلا في شكل جدادات محددة الاهداف.والغايات..هي عبارة عن ملخصات قصيرة...وضعها بعيدا عن المقررات الدراسية يقحم فيها من حين لاخر شذرات و نصوصا جديدة..اخدها من مراجع اطلع عليها في الجامعة..!؟
لاشك ان (الحشرة ) اطلع عليها .،وحللها لعله يجد فيها جملة او تعبيرا للادانة..كشتم دواليب الدولة و رموز النظام..ومن شبه المؤكد انها من ضمن الاسباب.التي شجعته على طلب حضور اللجنة التقنية..لكن الفشل هد مسعاه..!
لم يكن ليشفي غليله فيه سوى استاذ الانجليزية صاحب البدلة العصرية (الكومبلي)..الاصفر..المحدد والنظيف على الدوام..،!!عندما يتواجد الناظر في قاعة الاساتذة.كان مول الكومبلي يتحسس بيديه فوق ديكه..يكرر الربت عليه..ويردد..(البعض لا يستحق حتى (.ديكي..) ..هذا...قبح الله مسعاكم اشباه الرجال…!!.) ثم يمعن النظر في وجه الناظر/الحشرة ..ويهز (ديكه) الارعن المخفي تحت حزامه الى الاعلى..ثم.الى الاسفل....)..وينحني على صاحبنا الشارذ. ليقول له همسا...
(لا تهتم بامر الحشرات ..فهذا الميخي ليس سوى حشرة..!!)...في مثل تلك اللحظات..كان اعتزازه كبيرا بمواقفه الجريئة من ادارة الحشرات... ففي هذا العالم على الاقل قلة من الزملاء يشبهونه بل يشاركونه في بعض افكاره الغريبة… وادارة الحشرات تكذب لما تصف هؤلاء الزملاء بالرعونة
والحمق. !!


~~~~4~~~~


حين فيضوه ..وحرموه من جدول حصصه..تذكر كلام الناظر الحشرة..( تذكر وعيده بتهراس رأسه..).تنبه الى كون الحشرات.ليست كالانسان. فهي تعني ماتقول..وفي نفس الحين .استرجع كلام المسؤول عن التعيينات..الذي قال كل ما يعنيه ..(يكون ..خير..).ولم يخاف من العواقب والاحتمالات....(..يكون ..خير..ياولدي..).. حين اصبح فائضا اقتنع بضرورة بتدبير حاله و لاجل ذلك غادر المؤسسة..الى اين ..!الى الجهات العليا حيث لم يجد من يستطيع انقاده من هذا الورطة التي وضعه فيها الحشرة.. الذي لم يتردد في صرط العصى و تحرير.تقرير مفصل حول مغادرة الموظف لمنصبه ..و اي منصب بقي له بعد التفييض المتعسف..! ركب الحافلة.وسافر الى المدينة.حجز شقة في فندق شعبي يطل على البحر...تم داوم على زيارة الادارة الاقليمية.عازما .هذه المرة على سلك كل السبل ..لنزع جدول حصص خاص به. حتى لا تنتهي مدة الخدمة المدنية..ويفصل نهائيا من وزارة التعليم ..!!..ويضاف الى زمرة المعطلين حاملي الشهادات الجامعية..ويصل بذلك الناظر/الحشرة لهدفه الخبيث..حاولت النقابة ..والحزب.التدخل لصالحه..و كذلك الاصدقاء..لكن دون جدوى..اقترح عليه بعضهم اعداد جواز السفر والذهاب الى فرنسا..لمتابعة الدراسة في جامعاتها كالسربون ..وهجر عالم الحشرات.!!
ولكنه لم يفعل..و لم يفكر ولو مرة في الهروب من هؤلاء الاجلاف الى ماوراء البحر..!!
(يجب ان يصمد .ويتبث اقدامه على الارض .ويستمر في الخدمة المدنية للوطن.!.بحارب بامكانياته البشرية الحشرات المتناسلة في هذا الوطن..)..بمثل هذا الكلام قدم له صديقه البحار نفسه في بهو الفندق.!!..ووعده باللقاء في خمارة
_شوف صاحبي في هذا البلد دوائر الفساد تتسع يوما عن يوم ..وماعليك سوى الصمود حتى لا تبتلعك دائىرة منها..كبيرة او صغيرة..عندها لن تستطيع العودة الى ما كنت عليه..تماما ..!!
_وما العمل اذن..!!
_ابحث لك عن عمل معانا هنا في الميناء..انت معلم وبسرعة ستتسلق الدراجات ويوما ما سيصبح لك(بالكو) مركبك الخاص..!!فلا فائدة في العمل مع دولة منخورة .دواليب ادارتها فاسدة..لا تعلم اطقالها. سوى دروس الفساد.والافساد ...!!
.عادت الى مخيلته صور الحشرات .والاستاذ مول الكومبلي..ولطمه على ذكره وهو يواجه الحشرات .فخف حزنه وضحك قليلا.ثم انبسط امامه الوادي الجارف الذي تحمل اسمه المؤسسة..وداهمته احداث فيضانات الاودية..وهو العارف.باثرها العميق على مجرى حياته..والده غرق في احدها.وقيل انه مات شهيدا...واقسم ان لا يتراجع ..عن قراره في النجاح في مهمته. والسباحة ضد الثيار..مهما كان الثيار عنيفا..كان والده قبل غرقه في الوادي الجارف قد علمه جيدا كيف يحسن السباحة في الاماكن الوعرة..والخطيرة..وهذه الادارة كالوادي الجارف ..بل اخطر الاماكن انحرافا.على الارض.…!!
لكن كيف له ان ينجح..و يعود الى المؤسسة والناظر والمدير..بخططون لابعاده عن القسم..عن المؤسسة...!! ومدة انتهاء الخدمة المدنية..على وشك الزوال..!!
بينما كان يحتسي كؤوس الخمر (الروج) مع( ،عبالقادر) البحار صديقه الجديد..على طاولة مجانبة لباب الخمارة الشعبية.امامهم صحن كبير من اسماك السردين المشوية على الفحم. تنبه الى ..قدوم شخص غريب ..لا يشبه البحارة في شيء .في لباسه ولا في لغته .ولا في سلوكه المؤدب..صاح عبالقادر.في وجهه ..(على سلامتك حميدة فين غبرتي.مرحبا..)..وبحركة من راسه.طلبه بالجلوس...(حميدة.شرفنا.).جلس حميدة الى يميني..تفخصني من قدمي..الى ى
شعري.كما يفعل البوليس .من التحت الى الفوق..افقيا وعموديا..حللني حميدة وكنت ابتسم كالمعتوه في وجهه العريض....!!قدمني له صديقي البحار..
هكذا..(هذا بنادم هو ضحية من ضحايا حرفتك..!!)..فهمت حينها انه من قدماء محاربي الجهل. اي.معلم قديم..!!فاطمان قلبي له..!!
كان حديثه مقلالا.!
ساله ان كان له معارف في النيابة..!
فاجاب ان النائب نفسه كان يعاقره الخمر..فهو مجايل له.ومن نفس حزبه السياسي..اضاءت الانوار في راسه..وفكر في عدم ترك الفرصة.تضيع منه.ويطلب من اية مساعدة..!!
لكن كيف سيتصرف..!!
امر الناذل ببعض قنينات الجعة الاكسبريس..فاخضرها .ووضعها امام المعلم القديم…!!
فطلب منه فقط عنوان سكنى النائب..!!كم هو مغفل حقا..وكم ضحك منه المعلم القديم..فكل نائب هو ساكن في النيابة..وكل نيابة بسكنها نائب..!!!
حقا احس للمرة الالف انه غير ملم بالوضعية..العامة ولا الخاصة للبلد..كيف فاتته هذه الفكرة..لقد قابل النائب في مكتبه وقدم له طلبه في استرجاع جدول الحصص الخاص به قبل انتهاء فترة الخدمة المدنية..وردد النائب عليه ..نفس الكلام الذي سمعه في البداية..من مسؤول التعيينات..!!والان تعرف على معلومات تخص السيد النائب ..فهو يشرب الخمر..ويتردد على الخانات..!
فسأل المعلم القديم عن الحانة التي يتردد عليها النائب..!!
فسخر منه مرة اخرى..!!
وقال (عندما يتولى المسؤول منصبا في اعلى السلم الاداري ..يخشى على نفسه من القيل والقال..وتشويه السمعة..فالكل يتربص به ..ولا داعي للقول انه يبتعد كثيرا ليمارس نزواته خارج المدينة..او في فلته..!!وليست له اماكن خاصة يتردد عليها ليها..لكني اعرفه جيدا ..يصبح صعيفا اما قوارير النبيذ الاجنبي..الويسكي..بكل انواعه..!!)
حدثته نفسه (لا يجب تضييع هذه الفرصة..وباي ثمن..!!)..
سهر تلك الليلة وهو يفكر في الطريقة..التي يستميل بها النائب الى جانبه..ويقضي حاجته.!!
حل منتصف الليل وغادر المعلم القديم (حميدة)..الخمارة ..صاح فيه وهو على الباب ولا تظهر عليه علامات السكر..!!
_(ادا قابلته قل له انك من جانب (حميدة العبدي.)..وسيفهم...يكون ..خير..)


~~~~5~~~~
ويكون ..خير..في الهدية..التي حملها ذلك الصباح..الى مكتب النائب..حاولت سكريتيريته..ان تمنعه من الدخول..فهي تعرفه يتردد كثيرا على المكتب هذه الايام..فاقنعها بانه يحمل رسالة من جهة نافذة..اتصلت بالنائب..فامرها بالسماح له بالدخول..كانت تحملق بعيونها الواسعة.بالعلبة التي تبدو تقيلة عليه..غلفها بورق مزوق بالورود..(بابي كادو )..ودلف الى المكتب…
_صباخ الخير استاذ..
_صباح الخير..تفضل.!
_ هذه المرة جئتك بهدية من صديق قديم لك..!!
_لا اعرف من هو هذا الصديق القديم ..لكني اعرف انك تردد كثيرا على هذا المكتب..وقلنا لك يكون خير..لكنك عنيد ..ولا تريد ان تصبر قليلا..سنجد لك تعيينا..جديدا..كلما سمحت لنا بذلك الظروف..لكن قل من هو ذلك الصديق القديم..؟..
_هو حميدة العبدي ..يبلغك احر السلام ..مع هذه الهدية..المتواضعة..راجيا ان لا تردها في وجهه..!!
ضحك النائب.للحظة..ونظر اليه..قائلا..!
_هل حميدة من اسرتك..!
_لا ابدا...لكن اعتبرني من تلاميذه النجباء..
ارتفع صوت النائب وهو ينادي على كاتبته..امرها بالمناداة على سائقه..وفي بضعة لحظات وقف السائق فاشار عليه بوضع العلبة في صندوق السيارة..فورا..فهدايا حميدة العبدي..لا تتطلب التاخير..!!
نظر اليه مرة ثانية..وقال له قل لحميدة صديقك يبلغك السلام..ويريد ان يراك في مكتبه في اقرب الاوقات..!!
اما في موضوع قضيتك فعد غدا..لنجد لها حلا مناسبا...تفضل ..!
..لم تتردد هذه المرة جملة( يكون خير..)..على الالسنة .فاعتبر ذلك فال حسن بالنسبة له.فخرح يغمره الامل في نجاح خطته..وقد نسي حينها تماما ما حشره في العلبة..فهو لم يرتب بداخلها ..كتبا ولا مجلدات..غليظة تبرر تقل حجمها..سوى اربع قنينات من النبيذ النفيس..كان يعتقد انها كافية لعربدة كل موظفي النيابة..اختار منها اربع ماركات مستوردة..على راسها الويسكي..والبلاك اند وايت ..والجينز..والفودكا..!وما على المهدى له الا اختيار ما يناسبه.. وفي ساعات قليلة عاد الى طاولته في خمارة الميناء فوجد (عبالقادر.)...في الركن يحتسي كاسه ويشيع بنظراته الى المراكب المرابطة المنمرجحة فوق الماء..!!
سلم عليه وطلب قنينة خمر..شرباها معا بصمت ..كل واحد منهما يحلق بنظراته في اتجاهات مختلفة..وصوت السجالة يرتفع وينخفض من وراء كونتوار.الخمارة..( عيشين عيشة الذبانة في البطانة اش الفرق ..بينك ..انت ..وانا....)..وغناء كالعويل والنحب لفرقة شعبية..!!


~~~~6~~~~
في الصباح كان اول من ولج مكتب النائب..تلقى ابتسامة عريضة من الكاتبة ..فكر ان يهديها بدورها قنينة عطر..لكنه سرعان ما تراجع..لضيف ذات اليد..
قالت له( تفضل..استاذ..)..شعر بان المياه العذبة الرقراقة.مرت هذا الصباح تحت الجسر..وناولته القرار الجديد..تعيين جديد في مؤسسة حديدة في السلك الاول…!!
حمل التعيين ..وهو يفكر..في الحافلة..لقد نجحت الحشرات..في اسقاطه من السلك الثاني الى السلك الاول..لكنها فشلت في قطع رزقه..ورميه في جحيم العاطلين من ذوي الشواهد العليا..سار مسرورا الى منصبه الجديد ..وكان كلما صادف تلك (الحشرات) في السوق او في المقهى او على الطريق..يضع يديه على ديكه يحركه.يمينا ويسارا..ويبصق على الارض..لم يكن يستطيع الدهس عليها بقدميه..والقضاء عليها ..وكانت تلك الحشرات ترتبك.في مسيرها..وتتلفت الى الوراء مرعوبة من الدهس…!!


ع.س.
2001



#عبد_الغني_سهاد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يكون....خير.....!
- لابد ..ان يعود.
- سقوط من السماء.
- اوجاع قريتي ...ف 22
- على الطروطوار....
- خلف النوافذ...9
- ليلة الصعود الى القمر...ظ
- متاهة الكيف
- الرقص مع فاطمة...!
- تردد.(....)
- وعد...!
- لا تحترسوا....!!
- اداعب عواطف البحر
- زارا ...والحمار
- اغنام ..باب الرب
- أحيانا.....
- احيانا....(2)
- ناتاشا...بنت الحزان...
- طواحين...
- الشاعر...(من خلف النوافد ..)


المزيد.....




- -البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
- مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
- أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش ...
- الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة ...
- المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
- بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
- من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي ...
- مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب ...
- بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
- تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبد الغني سهاد - يكون ....خير ...2