|
الخطاب العنصري / القبلي / الطائفي كعائق لتبلور وبروز فكر طبقي / اجتماعي / شعبي جماهيري ثوري ( 11 )
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 5810 - 2018 / 3 / 9 - 13:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عندما بدا واتضح للنظام المغربي حجم قوة حزب الاستقلال كأكبر حزب منافس جماهيريا للقصر ، مستندا على مشروعية دوره البرجوازي الميركانتيلي المستمد من الأيديولوجية ( السلفية ) / الدينية ، وحتى يبقى لوحده ، أي القصر ، هو الممثل الاسمى (للامة ) ، لم يتردد هذا في الدفع بالتناقض البارز في الحزب بين جناحين محافظ ، وبرجوازي صغير لم يصل بعد الى بلورة خط نضالي قاعدي لصيق بالجماهير ، وبقواها الأرضية ممثلة بحركة المقاومة المدينية وبجيش التحرير ، خاصة فريق الجنوب الذي كان البعض من قادته قد بدأوا يتأثرون بالنماذج السياسية لأنظمة برجوازية الدولة في الشرق العربي . بطبيعة الحال ، وامام هذا التحول الأيديولوجي من الوطنية الشوفينية التي مثّلتها القيادة الماكارتية المحافظة ، الى الارتباط بالقضايا القومية ، ولتفادي اية تكرار لتجربة الجمهوريات العربية البرلمانية ، لم يتردد النظام ، وبتقديم وعود معسولة لاقتسام الحكم ، من دفع الجناح البرجوازي في الحزب الى اعلان الانشقاق عنه ، وتأسيس الجامعات الاستقلالية في 6 شتنبر التي ستتحول الى حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية . لقد لعب كل من المهدي بن بركة والفقيه محمد البصري ، وعبدالرحمان اليوسفي آ وآخرون دورا في هذا الانفصال ، حيث تم عقد لقاء خاص في احد ليالي خريف 1958 بمنزل المهدي الكائن بديور الجامع ، وحضره كل من ادريس لمحمدي وزير الداخلية ، و عامل الرباط المدبوح ، و(مولاي ) مصطفى العلوي .... لخ ، و ليعلن في اليوم الموالي للاجتماع ، عن ميلاد الجامعات الاستقلالية ، وبعدها تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية . ودائما وفي اطار خطة اضعاف حزب الاستقلال ، ولتفادي اخطار التحولات السياسية والأيديولوجية التي كانت تلوح من بعض القياديين للحزب الجديد ، وحتى يتم خلط الأوراق ، بما يضعف الطبقة السياسية ، خاصة تلك التي كانت مرتبطة بحركة المقاومة المدينية ، وحتى يبقى القصر هو الأقوى ، والممثل الاسمى للدولة ، والملك للشعب ، تم خلق حزب الحركة الشعبية بخطاب إقليمي متناقض مع خطاب البرجوازية الفاسية ، الماكارتية ، الميركانتيلية المغلف بأيدولوجية سلفية / دينية تحيل الى علاقات مع الاخوان ( المعتدلين ) في الشرق ، ومتناقض مع خطاب الجناح التقدمي البرجوازي الصغير في حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية . وهنا لا ننسى ان العناصر التي تم تسخيرها في عملية الانشاء ، كلهم كانوا عملاء عند الإدارة الكلونيالية ، وعلى رأسهم المحجوبي احرضان الذي ركب على كل هذه الاحداث ، ليصنع لنفسه مجدا قبليا مخزنيا ، مكنّه من السطوة والجاه ، وبسط اليد الطولى على كل ضيعات وخيرات المعمرين ( مثلا ضيعة الفرنسي جُوردة ) بقرية ولماس بهضاب زمور ، واحتكار البرلمان والمناصب الوزارية منذ تأسيس الحركة ، و مبارك البكاي لهبيل الذي سيصبح وزيرا أولا ، وعبدالكريم الخطيب الذي كانت له علاقات خاصة مع حزب المؤتمر لجنوب افريقيا ، وعلاقات مع الاتجاهات الموْدودية ( المودودي بباكستان ) بآسيا وبالشرق العربي . كما ان العقل المدبر لكل مخططات القصر ، كان احمد رضى أگديرة وزير الداخلية ، وصديق الملك ، ومستشاره الخاص في الشؤون السياسية . منذ انطلاقاتها الأولى ، شكل حزب الحركة الشعبية الذي طرح النزعة الإثنية والقبلية كتناقض لبرنامج البرجوازية الفاسي الماكارتية ، الميركانتيلية التي استأثرت بكل مفاصل الدولة ، ولبرنامج البرجوازية الصغيرة التي كانت تبحث عن نظام شبيه بأنظمة الشرق العربي ، وبتجربة جبهة التحرير الوطني الجزائرية ، خاصة في شقها الراديكالي الذي مثله بن بلة ....لخ ، آلة حرب بيد النظام ضد الحزبين المذكورين . حزب الاستقلال المحافظ ، وحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية البرجوازي الصغير للحد من نفوذهما وسيادتهما ، خدمة للقصر . كانت الحركة الشعبية في أنشطتها المحْمية والمُدعّمة من القصر ، تستند الى شبكة معقدة من العلاقات الشخصية والعائلية ، وتستعمل بكثرة الاطار القبلي للتحرك السياسي . غير ان انها كانت تستمد قوتها من عدة عوامل في مقدمتها ، اعتمادها على الاعيان القرويين ، وشبكات زبنائهم مِنْ مَنْ تعاونوا مع الاستعمار الفرنسي من الخونة ، والذين كانت المقاومة المدينية وجيش التحرير المغربي بشكل خاص ، والجناح التقدمي داخل الحركة الوطنية ، تهدد أسس سلطتهم الاقتصادية ونفوذهم السياسي أولا ، والدعم الخفي الذي كانت تحظى به الحركة من قبل الملك شخصيا ، كيف لا وهو من يقف وراء انشاءها كحزب مدعم له . وخاصة وان الصراع بدأ يلوح في الأفق مع دعاة الملكية ( البرلمانية ) ، ومع دعاة ( الجمهورية العربية ) ، ومع طموح البرجوازية الفاسية ، المكارتية للاستفراد بالمغرب ، بدعوى مشروعية النضال ضد الكلونيال . فالقصر كان يسعى بذلك الى تقليم أظافر الأحزاب المعارضة ، بالحد من سلطة واحتكارية حزب الاستقلال الذي روج للخطاب الشعبوي ثانيا ، وفضلا عن ذلك استفادت الحركة الشعبية من بعض الاخطاء التي ارتكبها حزب الاستقلال في إدارة شؤون البلاد والبادية منها بشكل خاص ثالثا . لقد نصبت الحركة الشعبية نفسها ( مدافعا ) عن مصالح " البربر " و " العروبيين " أي " الجبال " و " البوادي " . فكانت تقيم تماثلا مبسطا يستهدف استعداء الجماهير الريفية والامازيغيون منهم بالخصوص ، ضد جماعة آل الفاسي من خلال حزب الاستقلال / العرب / فاس . فهي كانت تنطلق من القول ان الجماهير الريفية ( ممثلة في جيش التحرير ) هي التي قدمت اكبر التضحيات من اجل طرد الاستعمار ، لكنها أصبحت مهمشة ومنسية ، ولم تنل حظها من منافع استقلال البلاد التي احتكرها آل الفاسي ، بل ان المستفيدين من الاستقلال هم بعض الانتفاعيين والانتهازيين الذين يمثلهم هذا الحزب الرجعي ، وكأن الحركة الشعبية في خطابها وتوجهها كانت حزبا تقدميا . لذا فإن البادية تحولت الى مركز نشاط الحركة الشعبية ، وادى ذلك الى حدوث عدة قلاقل واضطرابات ( عدي اوبيهي عامل تافيلالت ) (احداث الريف في 1958 ) ، فاستغلت الحركة تدمر الجماهير الريفية وامازيغ الاطلس المتوسط والبادية / العروبيين لإحراج حزب الاستقلال ، ثم بعده احراج الاتحاد الوطني للقوات الشعبية . ان الحركة الشعبية التي اضحت مختصة في محاربة الفكر الوطني من خلال محاربتها لحزب الاستقلال ، ومحاربة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية / الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية منذ يناير 1975 ، لم تكن تتصدى للفكر الوطني مباشرة ، وما كان بإمكانها ان تفعل ، وانما بشكل مستتر ، وخجول ، ونفاقي ، وجبان ، وملتوي ، بل وباسم " الوطنية الحقة " تارة ، و " الاشتراكية الإسلامية " تارة أخرى ....لخ . وعمليا كانت تذكي الروح القبلية والعداء للعرب / حزب الاستقلال / فاس / الاتحاد الوطني للقوات الشعبية / المدن . لقد كانت جولات لحسن اليوسي واحرضان ..... لخ ، ونشاطاتهم المختلفة في صفوف القبائل ، شهيرة في هذا الصدد . وليس نفي قادتها والى اليوم لتهمة التفرقة ، الاّ محاولة لإخفاء الممارسات التي تحاول الاستناد على المغاربة البربر ، لضرب حزب الاستقلال / الاتحاد الوطني للقوات الشعبية / الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في ثمانينات القرن الماضي . هكذا فان الحركة الشعبية من حيث تأكيدها على العلاقات الزبونية والقبلية / الإقليمية من جهة ، ولكونها تسعى دائما الى نشر واحياء الوعي القبلي والإقليمي ، وتعمل على تحويل الصراعات الاجتماعية / الطبقية الى مجرد صراعات إقليمية قبلية ، ببوادي وجبال ضد مدن ، عرب ضد بربر من جهة ثانية ، كانت ولا تزال تحول دون بروز وتبلور وعي الطبقات المستغَلة والمسودة بمصالحها ، وتبقي على تبعيتها وولائها " للاعيان " / القصر / الملك . ان لجوء الحركة الشعبية للخطاب الوطني ، بل وحتى للخطاب القومي ، لم يكن الاّ للمزايدة على الأحزاب الأخرى . حزب الاستقلال / الاتحاد الوطني للقوات الشعبية / الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية / حزب العدالة والتنمية / جماعة العدل والإحسان / الحزب الاشتراكي الموحد / حزب النهج الديمقراطي ... لخ ولإخفاء الطباع / الجوهر / الإقليمي / القبلي لفكرها وايديولوجيتها العنصرية . ( يتبع )
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقاومة وجيش التحرير كعائق لبروز وعي طبقي / اجتماعي جماهيري
...
-
الوعي الوطني كعائق للوعي الطبقي / الاجتماعي ( 9 )
-
الإتحاد الأوربي يعترف بالجمهورية الصحراوية . اللّهمّ لا شمات
...
-
في دولة تجمع مواصفات وصفات البتريركية ، الباتريمونيالية ، ال
...
-
سبع سنوات مرت على حركة 20 فبراير
-
الركود وراء سراب الاغتناء السريع غير المشروع -- الحركية المج
...
-
الإنتهازية والوصولية وثقافة التقاليد البالية الممزوجة بثقافة
...
-
دائما محاولة لتشخيص اسباب انعدام بروز وعي / اجتماعي / طبقي ج
...
-
عوامل حالت وتحول دون بروز وعي اجتماعي / طبقي جماهيري شعبي --
...
-
ما هي معوقات بروز وعي اجتماعي / طبقي شعبي جماهيري بالمغرب ؟
...
-
وعي جماهيري شعبي اجتماعي امْ وعي طبقي ؟ ( 2 )
-
صراع طبقي ام صراع اجتماعي ( 1 )
-
المثقف الثوري والوعي الطبقي
-
طلقات في عزّ الليل
-
الملكية البرلمانية . سؤال : ايُّ ملكية نريد ؟
-
هل اصبحت القرارات الأممية ومجلس الامن ، متجاوزين في حل نزاع
...
-
نقاش سياسي -- الجمهوريون --
-
هل ستعترف اوربة بالجمهورية الصحراوية ، إنْ حضرت اللقاء المنت
...
-
إيجابات رفيق في زمن الخيانة ، في زمن الردع العربي
-
إغتراب البطولة في رواية - وليمة لأعشاب البحر -
المزيد.....
-
-سنجدكم ونقتلكم-.. ترامب يأمر بشن غارات جوية ضد مقاتلي داعش
...
-
قتلى وإصابات في قصف مدفعي استهدف مدنيين في أم درمان، وقوات ا
...
-
إتمام رابع عملية تبادل بين حماس وإسرائيل
-
سوريا.. إعلان من إدارة الهجرة والجوازات بشأن خطوات ورسوم الح
...
-
ترامب سيفرض رسوما جمركية كبيرة على الواردات من الصين وكندا و
...
-
أزمة نقص مياه خانقة في أفغانستان وبعض مناطق كابل بلا مياه
-
تقرير: إيران تطور سرا صواريخ نووية قادرة على ضرب أوروبا
-
نتنياهو يعين الجنرال زامير رئيسا لأركان الجيش الإسرائيلي
-
نتنياهو: بدء محادثات المرحلة الثانية من الهدنة يوم الاثنين
-
عناكب المريخ.. ناسا ترصد ظاهرة غريبة
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|