مريم الحسن
الحوار المتمدن-العدد: 5808 - 2018 / 3 / 7 - 16:11
المحور:
الادب والفن
يا صغيري
باتت مسألتنا جداً واضحة
لم تعد أمورنا تحتاج إلى كَثير الكلام
لم يعد الغموض يلف المنطق كما في سابق الأيام
أمورنا باتت كلها معروفة
ألا أن المرحلة تتطلب استمرار المعزوفة
لكنها مهما استمرت
لن يغيّر صخب الضجيج فيها من واقع أمرنا
بأننا لسنا بالنسبة لهم
سوى أرقام
نحن أرقام
مجرد أرقام
طفلٌ محروق أو أمٌ مفجوعة
رجلٌ عجوز أو بأطراف مقطوعة
لسنا بالنسبة لهم سوى أرقام
أشلاءٌ ممزّقة
أم أرواحٌ مبدّدة
لا فرق
لا يعنيهم
فكل ما يرونه فينا هو الأرقام
نحن وقود معارك وقودهم
نحن رماد حرائق حروبهم
نحن الحجارة التي لا بد من تحريكها
أحياءً كنا أم أموات
لا فرق
لا يعنيهم
و الأفضل طبعاً لو أننا أموات
فنحن في محافل تكاذبهم
لسنا سوى أرقام
عبء بشري تتعثر به الأقدام
كلمات تتجاذب أطراف أعدادها
عوالك الجشع في النفوس الطامحة
نحن يا صغيري بتنا المعادلة الفاضحة
أنظر أليهم من حيث استقرت روحُكَ
متربعاً على قمرك ذاك الذي تمنّته جروحُكَ
ستراهم يتناتفون بقايا ذكراك
رقماً يزيد هنا أو ينقص هناك
أنت بالنسبة لهم مجرد رقم
يتقاذفونك فيما بينهم
مع كل تهديد
و في كل وعيد
بكل حزم
و بكل عباراتِ الإنسانيةِ الكالحة
مثل وجوههم
مثل نفوسهم
اسودأ بات لونُ الإنسانية في حلوقهم
مجوّفاً من قيمته مثل عهودِهم
مثل وعودِهم
و نحن قيمةٌ مُصفّرة لأعدادٍ جداً كاسحة
لولا نفاقهم
لكانت كما السكين القاطع ذابحة
لكنها صارت كما الهباء منثورة
حين تناوبتها منابر الأكاذيب الصادحة
نحن يا صغيري بتنا اللقمةً السائغة
تتقاذفنا العوالك من فيهٍ إلي فيه
كقطعة لحمٍ
من صَيدةٍ
تتناهشها الأفواه النابحة
نحن يا صغيري بتنا مجرد رقم
عددٌ
حجمه الفعلي جداً ضخم
لكننا في حرب تصارع الأمم
و التنافس على النهب و كسر العظم
و في لعبة التثبيت و التقسيم
و الضم و الترسيم و القضم
لسنا بالنسبة لهم سوى أصفار
تتوالد من أصفار
تتلوّى فوق فواصلها
و تتباكى على فواجعها
دموعُ تماسيح
تنهمر
من عيونِ أفاعٍى زاحفة
#مريم_الحسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟