|
العمل الجماهيري والحفاظ على الذات
مهند طلال الاخرس
الحوار المتمدن-العدد: 5801 - 2018 / 2 / 28 - 13:28
المحور:
الثورات والانتفاضات الجماهيرية
ان الفرد والمجتمع والامة يمثل في كل لحظة من لحظات الحياة، محصلة ماضيه، وخاصة جوهر مرحلة التكون الفكري والتنظيمي.
ان الفرد غير قابل للالغاء، ولكن محصلة الماضي بتفاعلاتها مع ما تواجهه من مشاكل وتصل اليه من حلول، تمثل ماضيا جديدا ينتج محصلة جديدة هي ما نسميه جوازا بالحاضر. وان الحاضر غير موجود، ونحن نعيش دائما تفاعلات محصلة ماضينا لنحقق مستقبلا افضل او اسوا، وما ان يتحقق حتى يصبح جزءا من الماضي.
ان عملية التطور الى الافضل، هي المشاكل التي نواجهها في الاوضاع الشاذة والقائمة حاليا على كافة الصعد التنظيمية والوطنية والفكرية بمجملها، وما يرافقها من غياب وتغييب الصورة الواضحة وضبابية المشهد النضالي والسياسي وما يرافقه من حملات تضليلية مبرمجة هدفها الاساسي حذف اتجاه البوصلة والدخول في متاهات ومهاترات على كافة الصعد بغية ترك البيئة الجماهيرية جاهزة لاي منزلق ومتلقية لاي اشاعة موجّه بحيث يصبح الحليم حيران وندخل في الغياهب ونبدع في التحاليل ونصبح موجة عارمة من موجات عدة تتوه ان حاولت العودة الى الشواطيء وتضرب وتغرق المراكب ان حاولت ان تبحر مجددا، وعندها تسود حالة الهرج والمرج، وعندها يدرك الكادر التنظيمي المتنور ان القضية اكبر من كل التصورات الموضوعة واكبر من كل السيناريوهات المطروحة، عندها يطل علينا سؤال مفاجيء كالعائد من الموت بعد الغرق، ما العمل ؟
حينها نكون ملزمين باجابة واحدة بان العمل الجماهيري مهمته الانية :
* الحفاظ على الذات التنظيمية والوطنية وحفظها من الاندثار والانكسار والانجرار وإبقائها ضمن الحتمية التاريخية.
* العودة الى الاصول والجذور واليانبيع التي شكلت اول اشكال التقاء الجماهير على الثابت الاول وهو فلسطين.
* احكام القبضة على مشروع التحرير وأدواته والحفاظ عليهما ارثا نقيا للاجيال القادمة.
* بناء الجسور والثقة المتواصلة مع الحاضن الاساسي والدائم للثورة والانصياع لنبضهم (والحاضن هنا هو الشعب ).
يتمتع الشعب الفلسطيني بأرضية وطنية خصبة وقدرة على التضحية والصمود بشكل منقطع النظير ويتجلى ذلك من خلال إيمانه بالصمود وقدرته على التضحية والصبر ومواجهة قسوة التحديات. وهنا بالذات يتجلى معنى الحفاظ على الذات وتتضح مستوجباته وتتحدد مهماته وادواته :
*استمرار التعبئة المعنوية والوجدانية والثقافية والوطنية وتعزيز قيم التضامن والتكافل بين افراد المجتمع وعدم اغفالها للحظة واحدة؛ لأن عمل الاحتلال المنهج يقوم على كسر هذه المعنوية وتفتيت هذه الارضية وشق صفوف المجتمع وضرب قيمه.
*التركيز على البناء النوعي للأجيال الشابة وتصليب هذا البناء وتربيتهم وتحصينهم وتعزيز مناعتهم في مواجهة التخريب النوعي الممنهج للإنسان.
*الحفاظ على الوحدة مع الشعب والالتصاق بالجماهير وبهمومها ومطالبها حيث ان التماسك الشعبي والالتصاق الجماهيري هو أساس المواجهة وأساس القدرة على التحدي وعنوان المواجه. من هنا فإن مراجعة هامة لدرجة التماسك مع الجماهير ومنحها الأولوية في الخطاب والتعبئة ووضوح التحديات والمواقف هو أمر في غاية الضرورة الحتمية.
*ان مبدا الحفاظ على الذات يستدعي مواجهة مسعى الاحتلال الدؤوب إلى توفير مناخات أمنية تتعذر فيها الحياة الطبيعية على المواطنين، وهو يحاول تغذية هذه المناخات عبر الفتن والانقسامات الداخلية وتغذيتها ونشر الفوضى والفلتان الإجرامي، ولذلك تقتضي مواجهة الاحتلال في هذا الباب بقطع الطريق على محاولاته بالنفاذ عبر كل الثغرات الداخلية والاشكاليات المجتمعية والجهوية وغيرها. وهذه المواجهة تتطلب تعزيز الجبهة الداخلية وتمتين الوحدة الوطنية والالتزام بالقوانين الثورية في مواجهة الاحتلال وتغليب التناقض الرئيسي على التناقض الثانوي واخضاع الرؤى المختلفة من قبل الحركة الوطنية والقوى المجتمعية لمفاهيم الاختلاف وليس لمفاهيم الخلاف، ووضعها ضمن قواعد التنافس وليس ضمن قواعد الصراع .وعدم الانجرار الى معارك جانبية تستهدف صرف النظر عن المعركة الرئيسية واستنزاف الجهود والطاقات في معارك ثانوية.
وهذا كله يستوجب قدرة الكادر الطليعي على استشراف المستقبل وامتلاك القدرة على التحليل وقراءة وفهم المتغيرات والتيقن ان مسيرة الثورة والتحرير تسير ضمن خط سير متعرج ولا تسير ضمن خط مستقيم فهناك اوقات في مسيرة الثورة تستدعي الانحناء كي تَمر العاصفة ، " او كي تُزرع القنبلة " انتظارا لمرحلة الحسم واتضاح معالم النهج والخط السياسي العام، عندها نكون بوعينا ومحصلة تجاربنا قد حافظنا على ذاتنا الثورية ومنعناها من الانكسار والاندثار ونكون قد وفرنا البيئة الخصبة لمشروع الثورة والتحرير ونكون قد صنعنا المستقبل الافضل نحو فلسطين.
#مهند_طلال_الاخرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جرح صويحب
-
الكم والكيف في التنظيم الثوري
-
الاخلاق في اللغة والاسلام والفلسفة والشعر
-
مصر المحروسة، أم الدنيا
-
الهشير
-
شقائق النعمان
-
ما هي الثورة؟
-
أُغنية على ضفاف النهر
-
الأم
-
الهزيمة والنصر
-
درب الآلام؛ حكاية الألفي عام
-
الذاكرة الفلسطينية
-
التاريخ والتراث؛ الدور الأصيل في النضال والتحرير ، -المقلوبة
...
-
ناظم حكمت الإنسان والشاعر الثوري
-
القدس؛ عاصمة التفاؤل والأمل
-
القديسة فيرينا ابنة مصر أم الدنيا
-
الكرامة
-
وصايا صاحب الأرض؛ توفيق زياد
-
قارع الأجراس
-
الخير والشر؛ لقاء المستحيل
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
ثورة تشرين
/ مظاهر ريسان
-
كراسات شيوعية (إيطاليا،سبتمبر 1920: وإحتلال المصانع) دائرة ل
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
ورقة سياسية حول تطورات الوضع السياسي
/ الحزب الشيوعي السوداني
-
كتاب تجربة ثورة ديسمبر ودروسها
/ تاج السر عثمان
-
غاندي عرّاب الثورة السلمية وملهمها: (اللاعنف) ضد العنف منهجا
...
/ علي أسعد وطفة
-
يناير المصري.. والأفق ما بعد الحداثي
/ محمد دوير
-
احتجاجات تشرين 2019 في العراق من منظور المشاركين فيها
/ فارس كمال نظمي و مازن حاتم
-
أكتوبر 1917: مفارقة انتصار -البلشفية القديمة-
/ دلير زنكنة
-
ماهية الوضع الثورى وسماته السياسية - مقالات نظرية -لينين ، ت
...
/ سعيد العليمى
-
عفرين تقاوم عفرين تنتصر - ملفّ طريق الثورة
/ حزب الكادحين
المزيد.....
|