شكيب كاظم
الحوار المتمدن-العدد: 5794 - 2018 / 2 / 21 - 18:40
المحور:
الادب والفن
تحدثت أكثر من مرة عن رحابة صدر مجتمعاتنا العربية في عقود خَلَت بُعَيْد نيل بلداننا العربية لاستقلالها وبدئها وئيداً بناء الدولة المدنية في مصر وسوريا والعراق ولبنان وتونس والكويت، قبل ان تتحول هذه الرحابة الى ضيق صدر وحنق وإقصاء، كنا نقرأ المناقشات والجدال والصيال الذي يدور على صفحات المجلات والصحف، فما أشتكى أحد منه، وشكاه الى القضاء بحجة القذف والتجريح!
بل كان يرد عليه كتابة، الحرف في مواجهة الحرف، وفي الذاكرة مجادلات و(مباكسات) الدكاترة زكي مبارك مع ادباء زمانه، حتى إنه كتب مرةً، لو كنت ممن يأكلون لحم البشر، لشويت لحم الدكتور طه حسين واكلته، وما فزع طه حسين الى عشيرته يطلب فصلاً أو إلى المحاكم يطلب تعويضاً معنوياً!
وانا اطالع وأستمتع بمطالعة الكتاب الجميل (حياتي) الذي خطته يراعة الأديب المصري توفيق الحكيم (1898-1987) الذي يمثل وكتاباه (زهرة العمر) و(عصفور من الشرق) فضلاً عن رائعته (يوميات نائب في الأرياف) شذرات من السيرة الذاتية للأديب الكبير توفيق الحكيم أقرأ في سيرته الذاتية (حياتي) شذرات والتماعات راقية عن رحابة صدر الناس في العقود الأولى من القرن العشرين وحتى منتصفه، إذ يذكر توفيق الحكيم بداية قراءاته وإطلاعه على آداب الدنيا وثقافتها وإنه بعد أن ترك قراءة الروايات والمسرحيات، توجه نحو كتب الفلسفة إذ عدها أكثر نفعاً، وكان يشعر بالزهو، وهو يتحدث عن آراء الفلاسفة، ومنهم الفيلسوف (سبنسر) ويعترف الحكيم بتواضع، انه ما فهم شيئاً يذكر من كتاب هذا الفيلسوف وامثاله من الكتب، وإن هذا الميل الى التفلسف، لم يمس منطقة المعتقد أو ما وراء الطبيعة، فما من شيء وقتئذ كان يهز عقائدنا أو يجعلنا نصدق أن هناك تفكيراً يمكن أن يثار للتشكيك في الدين.
لكن توفيق الحكيم، يذكر لنا أنه طرق سمعه، أن ثمة رجلاً كان يجاهر بنكرانه، قائلاً إن القرد أصلٌ قديم للإنسان، متأثراً بآراء جارلس دارون (1809-1882) في كتابه (أصل الأنواع). وهذا الرجل و شبلي شميل (1850-1/1/1917) الذي كان ينشر دراساته في مجلة اسسها (يعقوب صروف) (1852-1927) وكتب فيها اسمها (المقتطف).
توفيق الحكيم يورد ما نصه : ” ولكن المجتمع في ذلك العهد كان عجيباً حقاً في احتماله وتسامحه… وربما ثقة بقوة إيمانه… فقد كان يعلم أن شبلي شميل ملحد، وإنه يجاهر ويباهي بإلحاده، فما كان أحد يزيد على أن يبتسم أو يسخر أو يمطره بالنكات” تراجع ص 144. من طبعة دار الكتاب اللبناني. في ضمن مكتبة توفيق الحكيم الشعبية. د.ت.
ويورد لنا توفيق الحكيم حادثة طريفة، حدث أن ذهب شاعر النيل حافظ إبراهيم (1872-1932) إلى أحد الملاهي للاستماع إلى مطربة مصرية، كان معجباً بصوتها وغنائها يوم لم تكن إذاعة، ولا أشرطة تسجيل، وربما حتى الأسطوانات فكان الغناء مباشراً، وصادف أن كان إلى جانبه في الحفلة، أو قريباً منه الباحث الملحد (شبلي شميل)، وإذ استخفه الطربُ، صاح حافظ إبراهيم (الله … الله) تعبيراً عن إعجابه بشدو مطربته، وما ترك الفرصة تمر عبثاً من غير دعابة وظرافة ملتفتاً الى شميل قائلاً له: وأنت كيف تصيح عند الطرب والله عندك غير موجود؟! هل ستصيح: طبيعة … طبيعة؟!
#شكيب_كاظم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟