أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبد الغني سلامه - الرجل والمرأة، كراهية أم خوف؟















المزيد.....

الرجل والمرأة، كراهية أم خوف؟


عبد الغني سلامه
كاتب وباحث فلسطيني

(Abdel Ghani Salameh)


الحوار المتمدن-العدد: 5791 - 2018 / 2 / 18 - 18:24
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


ما القاسم المشترك بين الأصوليين والمتعصبين من كل الديانات، ومعهم الجنرالات العسكريين والسياسيين وقادة الأحزاب، وأمراء الحروب، وزعماء الطوائف، ومعهم كل أتباعهم المتشددين؟! طبعا جميعهم ذكور، لكن الجواب ببساطة: موقفهم العدائي من المرأة..

هؤلاء تاريخيا، ناصبوا المرأة العداء، وهم أول من أنزلها من عليائها، حين كانت بمرتبة الآلهة (في الحقبة العشتارية) وهم الذين حددوا لها مكانتها الاجتماعية الدنيا، أي في أسفل السلم في النظام الاجتماعي القائم على المـُلكية والتراتبية، وهم من فرضوا عليها تلك الأدوار والمهام الوظيفية التي صارت بمثابة عُرف وقوانين وقيم اجتماعية، قيدت حركة المرأة في إطارها، وحددت صورتها النمطية.. وهؤلاء خاضوا كل حروبهم ومارسوا كل جرائمهم تحت مسميات ورايات مختلفة، ولكن كانت المرأة دوما حاضرة في خلفياتهم الذهنية، وفي عقلهم الباطن.. تحركهم إحباطاتهم الجنسية، ومشاعر الكبت المقموعة، وأمراض العصاب الذُكوريّ النمطي، ورهابُ المرأة.. تلك الأمراض ضخمت فيهم مشاعر الكراهية؛ كراهية الحياة، وكراهية الآخرين، وحتى كراهية أنفسهم..

ولكن، ما الذي جعل هؤلاء الذكور، الأقوياء جداً، والمنتصرون دوما، والذين لا يرون أنفسهم إلا في أبهى وأنقى صورة، ما الذي يجعلهم يحمِلون هذا القدر من الكراهية ضد النساء؟ وهم بالطبع لا يعترفون بذلك، أو لا يلاحظون.. فكيف يخاف الرجل المتخم بكل عناصر القوة من المرأة الأضعف منه؟ الضعيفة إلى الحدّ الذي يجعلها تتلذذ في حبّ مُعذِّبها! وقاهرها! الذي يجعلها تقبل بتلك المنزلة الدونية التي وضعها فيها الرجل، دون اعتراض منها، بل بتماهي كامل مع هذا الدور!

وللتأكيد على وجود كراهية مختبئة في أعماق الرجل، وهذه الكراهية منبعها الخوف من المرأة، نلاحظ أن الرجل ومنذ فجر التاريخ، وهو لا يتوقف عن تأكيد سلطاته الذكورية في كل مناسبة، وحتى بدون مناسبة، يؤكدها ويمارسها كل يوم، ودون رحمة، وأحيانا مغلفة بعبارات رقيقة.. وحتى في مجالس الذكور (حين لا تكون المرأة حاضرة) تجدهم يتباهون في احتقارهم لزوجاتهم، في تجاهلهم لهن، وفي فرض سيادتهم المطلقة عليهن، ويتبارون في سرد قصص غزواتهم الجنسية المظفرة، وتصل درجة الاحتقار الترفع عن ذكر أسمائهن..

"أشكرك، يا إلهي، لأنك لم تجعلني إمرأة"، هكذا يدعو اليهود الأرثوذكس في صلاتهم.. "الحمد لله والشكر إنه خلقنا ذكورة"، هكذا يقول الشعر الشعبي العراقي (وأعتذر عن تكملة عجز البيت، لسفالته).. في لغتنا نقرن الشهامة والشجاعة والبطولة بالذكورة، فعندما نريد مدح أحد نقول عنه رجل.. وبالعكس، عندما نريد أن نذمه نصفه بالمرأة. المرأة في الخيال الذكوري مقترنة بالضعف، وقلة الحيلة، والجبن، والعجز..

في مجتمعاتنا (التي تدعي التطهر) تُحدّد الهوية الجِنسانيّة مصيرَ الفرد ومكانته؛ الذكر نعمة للعائلة، والأنثى عبء! في هذه الذهنية تقترن الأنوثة بالميوعة، والفاحشة.. وتصبح عارا مُخجلا، الموتُ أفضل منه. لذلك، ما يفعله الذكر منذ بلوغه، وحتى كهولته الاطمئنان على فحولته، لأنها رمز قوته وهيبته..

في الحروب، المرأة هي أول وأكثر من يدفع الثمن.. يغتصبها الجنود المنتصرون. وفي السلم، ينتقم منها الذكور الذين تهزمهم السلطة، والفقر، والحاجة..

وتلك كلها، مظاهر الكراهية، وعلينا بعد ذلك، أن نجد العلاقة بين تلك الكراهية والخوف، والأسباب والدوافع وراءها..

بدأت الرهبة من المرأة في عصر المشاعية الأولى، حينها كان يُعتقد أنها هي من تهب الحياة (الولادة)، وأنها منبع العطاء (الرضاعة)، وهي من تمنح الرجل لذته ونشوته (الجنس)، وهي التي تنتظم دورتها الشهرية مع دورة القمر.. لكن هذا العصر سرعان ما انتهى بانقلاب رهيب، تبدلت فيه الأدوار، وصارت المرأة رمزا للشر (الإغواء)، ورمزا للخطيئة (الجنس)، وتم تحميلها كل أوزار البشر.. صحيح أنه تم سحقها، والانتصار عليها، لكن قلب الرجل وعقله الباطن ظل يخبئ مشاعر الخوف منها، ويكتمها، كما لو أنها خطرٌ غامض، إلى أن حول مخاوفه إلى سطوة ذكورية بقوانين رسمية وتشريعات دينية.

كان ديدن الذكور ودافعهم الخفي (الجنس)، وخوفهم من انفلات نزواتهم الجنسية، لضعف سيطرتهم عليها.. ولتوضيح ذلك، نسمع الرجال وهم يتغزلون بالنساء، ويعبرون عن مشاعر الحب واللهفة... ولكن هل فعلا تلك عواطف حب حقيقية للمرأة لذاتها (كإنسان)؟ أم للخدمات التي تقدمها المرأة (الجنس، الولادة، رعاية البيت والأولاد..)؟

المرأة كائن جميل، والإنسان يحب الجمال، ويحب النظر إليه.. ولكن، لماذا نغضب ونُستَفز عندما نرى إمرأة جميلة في الشارع!؟ ويزداد الغضب والاستفزاز طرديا كلما كانت أكثر جمالا، أو إذا كشفت عن أجزاء من جسدها!!

حين يلتقي الرجل بإمرأة جميلة، يتوتّر.. المفترض أنْ يرتاح قلبه لهذا الجمال، وأن يبتهج، وبدلا من ذلك يغضب ويثور! في واقع الأمر، هو يغضب من الرغبة والشهوة التي أثارتها فيه المرأة! لماذا؟ لأنّه لا يسيطر عليها، لأن مشاعر الشهوة، وحب التملك والسيطرة على ما يشتهيه قد انطلقت من دواخله بقوة، ولا قبل له على التحكم بها.. المشكلة أنه لن يستطيع فعل شيء حيال هذه المرأة، باستثناء حالات التحرش والاغتصاب، فإذا امتنع عنها (وهو غالبا يمتنع) ستتولد في دواخله صراعات قوية بين ما تريده غريزته (المكبوتة) وبين ما يأمره به عقله الواعي (النظام الاجتماعي).

اعتقد الرجل أن للمرأة قوة خفية غامضة، تجعله يدخل في هذه الحرب العنيفة في داخله، مع أنها لم تفعل شيئا، ولم تسعَ لدخول أي حرب، كل ما فعلته أنها ظهرت في العلن.. من هنا تحديدا، وجد الرجل أن الحل الأمثل، هو إخفاء المرأة خلف حُجب سميكة. أي إلزامها البيت (هناك بوسع الذكر أن يفعل فيها ما يشاء، وقت ما يشاء). وإذا كان لا بد من خروجها للأماكن العامة، فعليها أن تتحجب، أي أن تخفي زينتها وفتنتها..

في الواقع، ليس الإسلام أول من فرض الحجاب، سبقه إلى ذلك المجوسية واليهودية.. المجوسية فرضت على المرأة اللثام (الخمار) حتى لا تدنس أنفاسها النار المقدسة.. غلاة اليهود، وحتى الآن، يفرضون على نسائهم النقاب، ويرفضون مصافحتهن...

ولكن لماذا المتزمتون (من كل الأديان) هم الأكثر عداء للمرأة؟ في الواقع، الصعود إلى الحدود القصوى والتطرف سمات العُصاب الذكوري، وأعراض لمرض الفحولة، وما يفعله هؤلاء أنهم يتغطون بالدين، لإخفاء أمراضهم الذكورية.. ويستقوون به للإستقواء على المرأة..



#عبد_الغني_سلامه (هاشتاغ)       Abdel_Ghani_Salameh#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران تخلع الحجاب
- النيوليبرالية الإسرائيلية
- بماذا نؤمن؟ ولماذا؟
- ماذا يحدث في السعودية؟
- الجيل القادم من داعش
- قضية الأمازيغ
- الفيدرالية هي الحل
- يا مسيحيي الشرق، شكرا لكم
- تحصين التخلف
- انتحار جماعي للحيوانات، وللبشر
- المقدمات التاريخية والسياسية لوعد بلفور - دراسة بحثية
- تصفية آثار جهيمان
- لغز الكون الأعظم
- مواقف غير مفهومة للأزهر
- مذكرات وتنبؤات
- اغتصاب جماعي
- دور العرب في الحضارة الإنسانية
- لغز الحنطة
- مأساة عالم رياضيات
- جرائم الإتجار بالبشر


المزيد.....




- كيفية تسجيل منحة المرأة الماكثة في البيت الجزائر 2025 الوكال ...
- يبدأ منذ المراهقة.. لماذا تصاب النساء بالاكتئاب أكثر من الرج ...
- خطأ فادح.. امرأة ترمي ثروة بيتكوين بقيمة 3.8 مليون دولار في ...
- بمناسبة عيد الفطر.. رابط التقديم في منحة المرأة الماكثة بالب ...
- لبنان يعلن مقتل 3 أشخاص بينهم امرأة في غارة إسرائيلية على بي ...
- معجزة تحت الأنقاض.. إنقاذ امرأة حامل بعد 60 ساعة من زلزال مي ...
- عمل المرأة بين تحقيق الطموح وحقوق الأمومة
- طريقة تسجيل منحة المرأة الماكثة في البيت 2025 “الوكالة الوطن ...
- أجساد منهكة في تونس .. الهجرة غير النظامية تترك ندوبا عميقة ...
- شروط التقديم على منحة المرأة الماكثة بالبيت في الجزائر عبر ا ...


المزيد.....

- الطابع الطبقي لمسألة المرأة وتطورها. مسؤولية الاحزاب الشيوعي ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - عبد الغني سلامه - الرجل والمرأة، كراهية أم خوف؟