|
سبع سنوات مرت على حركة 20 فبراير
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 5790 - 2018 / 2 / 17 - 18:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بحلول 20 فبراير الجاري ، ستحل ذكرى السابعة لانطلاقة حركة 20 فبراير الشهيرة . لكن السؤال وبعد الفشل الذريع ماذا تحقق ؟ ان حركة 20 فبراير ، جاءت كتقليد عن حركات أخرى ، حصلت بتونس ، ومصر ، وسورية ، واليمن .. الخ . وإذا كانت كل الحركات التي جرت بالوطن العربي قد فشلت في إسقاط النظام القائم ، فإنها نجحت في إسقاط رأس النظام مع بقاء النظام الذي أنتج الرأس قائما ، أي استمرار نفس النظام التي قامت ضده تلك الحركات ، فان ميلاد حركة 20 فبراير ، رغم أنها كانت تقليدا نوعا ما لما جرى بالبلاد الأخرى ، فان النظام المغربي يكون هو من سبق المبادرات الجذرية في إنشاء حركة طالق عليها 20 فبراير ، لاستيعابها من جهة ، ومن جهة لتوظيفها بشكل مدروس للحيلولة ضد حصول " "تسونامي جماهيري يحرق الأخضر واليابس ، واستخدامها لخدمة النظام كنظام ، وليس التغيير الذي رفعت شعاراته منذ انطلاقتها . وبالرجوع إلى الشعارات التي تم ترديدها طيلة أوج قوة الحركة ، فهي كانت إصلاحية ولم تكن ثورية . فمطالبها لم تزغ عن مطلب الملكية البرلمانية من خلال ترديد شعار إسقاط الفساد . كذلك فان غياب التنظيمات الثورية التي تتجاوز مطلب الملكية البرلمانية ، ساهم بشكل كبير في اختراق الحركة من قبل البوليس والسلطة ، وهنا ساهمت الأحزاب والنقابات التي تدعي انتسابها إلى اليسار ، في هذا الاختراق الذي دفع بالحركة الى الفشل . بالرجوع الى التنظيمات السياسية الأساسية التي شاركت في الحركة ، نجد النهج الديمقراطي الذي تمسك طيلة بداية انطلاق الحركة بشعاراتها الإصلاحية ، اي الملكية البرلمانية . لكن بعد عملية التنسيق مع جماعة العدل والإحسان التي نزلت بثقلها المدروس في مَعُمَعان المسيرات الشعبية ، سينتقل الحزب مع الجماعية الى ترديد عدم التقيد بسقف معين من المطالب ، أي يمكن ان يرقى المطلب من الملكية البرلمانية ، الى الجمهورية البرلمانية ، او الرئاسية . لكن هذا المطلب لم يكن شرطا للحزب او للجماعية ، بل ردُّوه الى الشعب إذا أراد تخطي سقف الملكية البرلمانية . وهنا فان النهج والجماعة اللذان حركا الانتفاضة ، لم يحددا موقفا معينا من مطلب الحِراكيين ، فساد الغموض والضبابية ، وبدا يلوح في الأفق الفشل الذريع ل 20 فبراير ، وهو الفشل الذي تزكى بانسحاب جماعة العدل والإحسان بدعوى " استنفاذ الحركة لزخمها " ، وانّ أي تعاطي لما وراء هذا الاستنفاذ ، سيكون انتحارا عن طيب خاطر للجماعة ولحلفائها . فالاستمرار مع الاستنفاذ سيُسبِّب في إراقة الدماء المتعارضة مع نهج الجماعة ، وأسلوبها في العمل " السلمية " . لكن الحقيقة في كل ما حصل لم يكن الاستنفاذ ، او الخوف من إراقة الدماء ، لكن كان صفقة مع النظام فضحتها نادية ياسين بمقبرة ( الشهداء ) . هكذا وبانسحاب الجماعية التي حققت مُبْتغاها ، من جهة أظهرت قوتها للنظام حتى يأخذها بعين الاعتبار ، كفاعل مُحّرك للشارع ومُجمّد له في نفس الوقت ، اي الجماعة تحت الطلب لأداء الخدمة المطلوبة ، ومن جهة ، فان الجماعية حققت مرادها الأهم الذي هو التعريف بها ، وتعريض قاعدتها بانتساب منتسبين جدد لها . فهل كان اشتراك الجماعة في الحراك ، وانسحابها منه ، يتم بأمر من النظام وبتنسيق معه ، وهو ما يؤكد بعض التفسيرات ، بان الجماعة هي جزء من النظام لا خارجه وأنها في حاجة الى النظام ، مثل أنّ هذا الأخير في حاجة إليها ، أي لديهما مصالح متبادلة . ان غياب الدعم من خارج المغرب للقوى التي كانت تستهدف الحكم ، المطالبين بالجمهورية وليس بالملكية البرلمانية ، ساهم الى جانب العوامل أعلاه ، في إضعاف الحركة ، وشل كل مقدراتها الذاتية التي كانت إصلاحية صرفة . ان المعارضة التي كانت متمركز بفرنسا ، والجزائر ، وبلجيكا ، وألمانيا خلال سنوات السبعينات والثمانينات ، وحتى النصف الأول من التسعينات ، قد عادت الى المغرب بعد ( العفو ) المقايضة والصفقات التي تحولت الى دراهم تدفع من أموال الشعب بدعوى جبر الضرر . بل ان تلك المعارضة التي اشتراها النظام بأموال دافعي الضرائب ، عندما عادت الى المغرب ، فهي ارتمت بلا مقدمات تشتغل من داخل النظام لا من خارجه ، وعوض المطالب بالدولة الديمقراطية كما كان الأمر سابقا ، أضحت تتسابق للمشاركة والانتساب الى مؤسسات النظام المختلفة ، فتخندقت ضد الشعب لا معه . لذا فما ان بدأت حركة 20 فبراير في التحرك والحركة ، حتى تلغَّمتْ بهؤلاء الذين لعبوا دورا أساسيا في احتواء الحركة والدفع بها إلى خدمة النظام لا الإساءة إليه . ومن تقييم الحصيلة والنتائج ، فالنظام كان ذكيا حين دفع الى خلق الحركة ، لاستباق اي تحول شعبي يهدده ، خاصة وانه يدرك كامل الإدراك ، بحتمية حصول شيء غير متوقع مثل البلاد العربية الأخرى ، وعوض ان يفاجئ النظام في عقر داره ، وتفاديا للأسوأ ، دفع بالحركة لتنحصر في شقها الإصلاحي ، الذي تم تخطيه بمقلب الدستور الممنوح الذي يعد امتدادا للدساتير السابقة في شكلها الموضوعي والشكلي. فما تغير هو ان الفصول التي كان حولها نقاش مثل الفصل 19 ، تم تشتيتها على فصول أخرى لتحتفظ بنفس السلطات والامتيازات التي يتمتع بها الملك في كل الدساتير السابقة . هكذا سيجري استفتاء شعبي على التعديل الذي ادخل على الدستور في 2011 ، وستنسحب جماعة العدل والإحسان ، وسيتم الإعلان عن الفشل المدوي للحركة . بعدها ، وبعد ان استثب التحكم في الوضع ، وأصبح الخطر منعدما ، ستشرع آلة البوليس والسلطة في الانتقام من العناصر التي كانت تردد شعارات الجمهورية ، وكانت تزايد على أكثر من قدرتها الذاتية . فحركة 20 فبراير خدمت النظام وقوته ، وعرت عن العناصر الجمهورية و الأناركية التي وجدت نفسها بين عشية وضحاها في السجون بتهم ثقيلة ( مثال اسامة لخليفي ) . ان من اكبر النتائج الخطيرة المخيبة للحركة ، هو حين كانت سببا في مجيء عبدالاله بنكيران ، وحزب العدالة والتنمية للحكومة ، بعد ان عارض أصلا الحركة رغم علمه بجهة صنيعتها . وهو هنا كان يزايد على النظام حتى يثبت له انه ملكي أكثر من الملك ، وان العدالة والتنمية ، هو الوقاية المدنية القادرة واحدها على إطفاء الحرائق ، وخدمة الملك ليس كملك ، بل كأمير للمؤمنين ، وإمام ، وراعي ، حتى يتمكن من فرض وصاية دينية على العرش وعلى الإمام الأمير الراعي ، الذي يسوس البلد بعقد البيعة ، وليس بالدستور الممنوح الذي هو من اختراع الإنسان . في 20 فبراير الجاري ، وهو يوم خروجي من السجن الذي دخلته بملف بوليسي مزور من إشراف المدعو الشرقي ضريس ، والمدعو عبداللطيف الحموشي ، والمدعو لفتيت ، وبرئاسة مستشار الملك المدعو الهمة ، بل لم يكفيهم إدخالي إلى السجن ظلما ، حين حرّضوا عليّ ومن داخل السجن ، المجرمين للاعتداء عليّ ، وهي جناية مكتملة الأركان .... الخ ، ستحل ذكرى حركة 20 فبراير بعد سبع سنوات من ظهورها . الذكرى سيحتفل بها من أمام البرلمان بالرباط على الساعة السادسة مساء .... فهل يجوز الاحتفال بذكرى فشلت وجاءت بحزب العدالة والتنمية الى الحكومة ؟ .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الركود وراء سراب الاغتناء السريع غير المشروع -- الحركية المج
...
-
الإنتهازية والوصولية وثقافة التقاليد البالية الممزوجة بثقافة
...
-
دائما محاولة لتشخيص اسباب انعدام بروز وعي / اجتماعي / طبقي ج
...
-
عوامل حالت وتحول دون بروز وعي اجتماعي / طبقي جماهيري شعبي --
...
-
ما هي معوقات بروز وعي اجتماعي / طبقي شعبي جماهيري بالمغرب ؟
...
-
وعي جماهيري شعبي اجتماعي امْ وعي طبقي ؟ ( 2 )
-
صراع طبقي ام صراع اجتماعي ( 1 )
-
المثقف الثوري والوعي الطبقي
-
طلقات في عزّ الليل
-
الملكية البرلمانية . سؤال : ايُّ ملكية نريد ؟
-
هل اصبحت القرارات الأممية ومجلس الامن ، متجاوزين في حل نزاع
...
-
نقاش سياسي -- الجمهوريون --
-
هل ستعترف اوربة بالجمهورية الصحراوية ، إنْ حضرت اللقاء المنت
...
-
إيجابات رفيق في زمن الخيانة ، في زمن الردع العربي
-
إغتراب البطولة في رواية - وليمة لأعشاب البحر -
-
خطاب الملك و مآل الصحراء
-
ويستمر الظلم -- إخبار لاحرار وشرفاء الشعب المغربي
-
رد على الجيش الالكتروني الجزائري الذي يديره الجيش والدرك وال
...
-
خبث الجزائر ومكر البوليساريو
-
السؤال الذي على المغرب طرحه على الاتحاد الاوربي
المزيد.....
-
حاول الهرب فعلق أسفل جسر.. شاهد ما حدث لسارق تطارده الشرطة
-
الكويت.. فيديو -سري للغاية- ومداهمة أشخاص بمؤسسات ودوائر يثي
...
-
-بطائرة سعودية خاصة-.. أحمد الشرع يثير تكهنات بصورة توجهه إل
...
-
مسيّرات إسرائيلية تستهدف مخيم النصيرات
-
الرئيس الصومالي يهنّئ الشرع بتوليه رئاسة سوريا
-
نتنياهو يفاخر بأنه أول زعيم يلتقي ترامب بعد انتخابه (فيديو)
...
-
بزشكيان: قدراتنا العسكرية هي للدفاع وليست من أجل الهجوم على
...
-
الولايات المتحدة.. انفجار وحريق هائل في مصفاة نفطية (فديديوه
...
-
توسيع العملية العسكرية بالضفة والأزمة الإنسانية تتفاقم بغزة
...
-
الكرياتين: مكمل رياضي يعزز الصحة النفسية ويخفف أعراض الاكتئا
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|