|
الفكر العالمي الحديث بعد سبينوزا ( س_س)
حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 5790 - 2018 / 2 / 17 - 09:25
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
الحلقة المفقودة أو اللحظة الحاسمة ...وحل معضلة الجدل في كل مجتمع _ أو حتى جماعة صغيرة _حكايات عن حوادث فعلية ، درامية أو خارج التوقع والمألوف وتصدم المستمع أو المتلقي .... كأن تترك امرأة زوجها وأولادها بشكل مفاجئ ، وترحل مع رجل آخر في مرتبة اجتماعية أدنى من زوجها ، وبدون أن يتوقع أحد ذلك وخاصة الزوج والأولاد . أو الحالة المعاكسة ، حيث تكتشف الزوجة مع الأولاد ، أن لدى الزوج عائلة ثانية ، وغيرها أمثلة عديدة ومتنوعة ومعروفة . وأختم الأمثلة بحالة حدثت في بيروت منذ عقدين ، وشكلت صدمة للوسط الثقافي السوري أيضا ، وقد صدمت بشكل شخصي لأسباب عديدة عرضت معظمها خلال كتابتي ، ولا أريد أن أثقل الموضوع أكثر . رالف رزق الله طبيب نفسي وأستاذ جامعي ، في حوالي الأربعين ، أنهى حياته بالانتحار على شاطئ الروشة . بدون أن يشك أو يتوقع ذلك أحد _ حتى أقرب الناس إليه _ وهو نفسه من يعالج حالات الاكتئاب وله سمعة طيبة في الوسطين الثقافي والإعلامي !؟ توجد رواية جميلة "رالف رزق الله في المرآة " لربيع جابر ، تعالج الموضوع . تلك الحالات أمثلة حقيقية لكنها تمثل الحالة الخاصة والاستثناء ، على اللحظة الحاسمة والحلقة المفقودة على المستوى الاجتماعي وفي حياة الأغلبية في كل مجتمع . حيث التغير أو التحول في حياة الانسان _ الفرد أو المجتمع ، يحدث بشكل متدرج وبطيء في البداية ، التي قد تطول لعقود في حياة الفرد أو قرون في حياة المجتمعات ( كما حدث في العالم العربي 2011 ) ولن تنتهي آثاره قبل نهاية القرن ، كما حدث للثورة الفرنسية أو الروسية أو الإيرانية ، والأخيرة خصوصا لها صلة مباشرة _ ومزدوجة _ مع الربيع العربي ، ومصيرهما مشترك أيضا . ..... لنتذكر _ أو نتخيل ... أحد الأيام العادية في حياة أسرة متوسطة ، في سوريا أو لبنان أو العراق .... ومحيطها ، حيث يتواجد جميع أفراد الأسرة مع بعض منذ عدة أيام ، وبعد العشاء أو الغداء ، في حالة الصمت المعروفة _ والضجر ... يرن التلفون ، تتسابق الفتاة أو الفتى للرد على التلفون . ثم تعود ( أو يعود) بكسل وضجر أكثر من السابق ، وبعدما تعلن الاسم والشخص المطلوب للمحادثة ، تبدأ حركات السخرية او التأفف ، ويشارك بها الشخص الذي سوف يرد أيضا ، ... وهو غالبا الأب أو الأم . كلنا نعرف تلك المسرحية المتكررة ، يتكلم الشخص على الهاتف على طريقة نجوم الدراما المصرية في الخمسينات أو السورية في التسعينات ، وبدون أن يشعر ، هو أو أحد افراد العائلة بحالة الخداع الصارخ للنفس وللآخر والأولاد خصوصا . وبعد دقائق تعود حالة الكسل الخشبي والضجر المزمن إلى حياة الأسرة السعيدة ، مثل جيرانها صورة طبق الأصل . ما الذي حدث ؟! تلك هي خلاصة التربية التي تلقاها الفرد ( امرأة او رجل ) في العالم العربي خلال النصف الثاني من القرن العشرين . ليست حالة ازدواج معايير ، بل فصام كامل .... بين كل لحظة وأخرى ، في حضور غرباء أو في حالة الوحدة مع النفس . حالة الوحدة مع النفس انقرضت في ثقافتنا الحالية . من يحتمل أو تحتمل البقاء في البيت أو في فندق 3 أيام فقط ، بدون ثرثرة أو مهدئات ؟! ما أحاول تلخيصه ، بتكثيف شديد ، عرضه تشيخوف عن روسيا القرن التاسع عشر من خلال مئات القصص البديعة ، وهو من أكثر من تأثرت كتابتي بأسلوبه وموقفه المتكامل . وقد أختصره بعبارة بليغة : " فقط رغبت ان أقول للناس ، انظروا كم تبدو حياتكم الفعلية سخيفة ومضجرة ، وتخلو من الاهتمام والمعنى " . ..... ما هي اللحظة الحاسمة أو الحقة المفقودة ( الصدمة أو الجائزة ) التي تغير حياة الانسان ، ويصير ما بعدها يختلف عن ما قبلها بالفعل !؟ للأسف ، أغلبنا لا يعرف ذلك إلا بالشكل السلبي ، والمأساوي تحديدا في حالة مرض عضال أو موت شخص عزيز في عمر الشباب . بينما الحالة الإيجابية ، وتغيير اتجاه الحياة وفق معادلة الصحة ( اليوم أفضل من أمس ) وليس وفق اتجاه المرض العقلي وفق معادلة الانحدار والتدمير المزدوج _ الذاتي والاجتماعي ( الأمس أفضل من اليوم !) ، هي متاحة لكل فرد ( امرأة أو رجل ) ضعف ما كانت متوفرة للأبوين بشكل فعلي _ وأضعاف ما كانت فرص الأجداد الحقيقية . اللحظة الحاسمة معرفية وشعورية أيضا ، وهي موقف دوغمائي إما أو .... بعدما يدرك الرجل شبهه لأبيه ، والمرأة شبهها لأمها ، يجد نفسه أمام مفرق مزدوج : _ الطريق الأول السهل والآمن ، وهو العام والسائد ، حيث يجد الفرد (امرأة أو رجل) حوله أغلب من يعرفهم . والمفارقة أنه يظنهم خلفه ، دون أن يفهم كيف يرون هم العكس دوما . هذا هو موقف : العصاب _ الاغتراب أو السادو _ مازوشية أو النفاق بالمعنى الديني أو الانتهازية بالمعنى الفلسفي والسياسي ....وغيرها ، وهي نفس الفكرة _ الخبرة . تلخصها عبارة مأثورة ( آخ عليه وتفوه عليه ) . وتلخصها الحالة الشعورية المشتركة ( المتناقضة والمزدوجة ) ، محبة الغائب والشوق المستمر له _ بالتزامن مع كراهية الحاضر والرغبة المزمنة في الابتعاد عنه ، .... داخل البيت تكرار وضجر لا يحتمل ، وخارجه قلق وتوتر لا يحتمل أيضا . العلاج الحقيقي عبر الانتقال إلى الطريق الثاني ، بعد تغيير الاعتماد النفسي من السلوك التخديري بشكل مستمر ... كحول ، تدخين ، جنس ، مقامرة ، ثرثرة ، ضجر مزمن ، غضب مزمن ....إلى الاعتماد المتبادل على النفس والشركاء ، عن طريق تنمية العقل والضمير . _ الطريق الثاني ، الذي كشفه التحليل النفسي ، وتوضح على مدى القرن العشرين بشكل بارز عبر المدارس والاتجاهات العديدة ، بالتضافر مع تعديل السلوك الإنساني _ والمعرفي بشكل خاص بحسب تجربتي الشخصية ، ثم حقق التكامل من خلال الطب النفسي الحديث ، وخصوصا حالة التكامل مع علم النفس الاجتماعي . وذلك عبر تنمية الإرادة الحرة والوعي النقدي ، من خلال الاهتمام الفعلي بالعالم والحياة . كل ذلك يبدأ مع تقبل المسؤولية الشخصية عن العيش والمشاعر خصوصا . بعدما يفهم الفرد ( امرأة أو رجل ) أن شعوره المباشر ، هو نتيجة وخلاصة لحياته الشخصية ، وانه وحده من يستطيع رفع سوية الرضا وراحة البال في حياته أو العكس ، بعدها تبدأ مرحلة جديدة من الوعي المتبادل ...الذاتي والموضوعي . ويدرك وجود العالم بشكل مغاير لما كان يدركه في حالة السلبية والاتكال على غيره .... أشخاص أو أفكار أو قدر . .... الموقف النرجسي على النقيض من الموقف الموضوعي ، قطبا الجدل . _ يتمحور الموقف النرجسي حول سؤال ثابت : كيف أشعر . _ يتمحور الموقف الموضوعي حول سؤال معاكس وثابت أيضا : ماذا أفعل . بالتوازي مع الحل العصابي _ الاغترابي ... _ العصاب يتمحور حول العالم الخارجي هناك الخارجية ، وإهمال الداخل اللاشعوري . _ الاغتراب يتمحور حول العالم الداخلي هناك الداخلية ، وإهمال الخارج اللاشعوري . يمكن تقريب معضلة الجدل ، بشكل منطقي وفكري ، من خلال مثال مزدوج ... الشخص الأقرب والأحب لنفسك (رجل أو امرأة) ، اكتشفت أنه مصاب بالإيدز ؟! مرة هو شريكك الجنسي ، وأخرى هي _هو من المحارم . أيضا ، نفس الشخص : مرة عن طريق طبيب ، وأخرى نتيجة ممارسة جنسية وخيانة . أسوأ حل لمعضلة الجدل ، افتراض أنها لا تطالك : مرضك في مرحلته النهائية . ..... مثال تطبيقي وخاتمة .... حل معضلة الجدل _ حل القضية السورية
لكل مشكلة نوعين من الحلول فقط : حل غاشم بالقوة والاكراه ، يقابله حل عادل بالمنطق والقانون . هذه خلاصة قوانين الرجولة... من شريعة حمورابي إلى الميثاق العالمي لحقوق الانسان . حمورابي هو آدم بالفعل ، قبل ذلك لم يكن الفصل قد حدث ، بين الطبيعة والثقافة أو بين الانسان والحيوان . اكتشاف الانسان للقانون _ يعادل بأهميته اكتشاف النار . بعد اكتشاف القانون ، بدأ عصر جديد ، ونوع جديد من الأحياء (نحن) ورثتهم . ماتزال مشكلة الفرد الإنساني ( رجل أو امرأة ) القانون أولا , العقل أولا . ..... حل معضلة الجدل ، يمثل الفارق النوعي بين فرد وآخر . نوع الحل يمثل مستوى القيمة _النوعية _ الإنسانية للفرد ( انت وأنا ) بعد ذلك ، يأتي الجنس والعمر والدين وغيرها ، ....وهي فروق كمية ونسبية فقط . إما أن الله متعدد والقيم متعددة أو أنه واحد والقيمة واحدة . نفس المنطق أو القانون والمعيار يصلح لقياس بقية الأشياء والأحوال . الانسان واحد ، والأفراد يختلفون ، ثم يتوزعون إلى فئات أصغر ، فأصغر . ..... معضلة الجدل ، هي معضلة الانسان في كل زمان ومكان . نوع ومستوى الحل ، يحدد المستوى المعرفي _ الأخلاقي للشخص _ية . ..... حل ماركس ولينين من بعده معروف ، أو يمكن الوصول إليه خلال دقائق : خلاصته خطوة إلى الوراء خطوتان إلى الأمام . بمعنى القيام بحركتين متتابعتين ، الأولى استعادة الوضع السابق ، والثانية قفزة الثقة أو الايمان ، وهنا الاختلاف الجدلي بين التفسير والتأويل ، إيمان بماذا ؟! بالعقل أم باللاعقل ؟ هذا اختلافي الأساسي عن أصدقائي في اليوغا والتأمل . إيمان بالعقل ، الله في العقل وليس هناك ....في المجهول ( هذا تأويلي الشخصي ) . لكن تودورف قدم الحل الإبداعي ، الذي تقوم عليه فكرتي _ وتكمله ... جدل هيغل بين السيد والعبد ، ومعه بقية الفلاسفة ( قبل أو بعد ) ، لقد تخيلوا الحياة ساحة صراع ومعركة مفتوحة ، للوصول إلى أصل الانسان ... حيث لا يمكن تحقيق ذلك . وتجاهلوا أصل الفرد ، الذي نختبره كل يوم . فكرة تودوروف باختصار ، أن الوجود الإنساني يقوم على التعاون أولا ، والصراع حالة خاصة واستثنائية ، وهو ما يمكن ملاحظته في كل مكان وزمان . ..... الحل العادل ، جديد ونوعي ، ويقوم بعد قفزة الثقة وليس قبلها . الحل الغاشم يفرضه أحد الأطراف ، بمساعدة ( المستعمر الجديد ) بالضرورة . ..... يبدأ الحل العادل ، بعد قبول حكم القانون ، أو طرف ثالث . إذا تعذر الحل . كل طرف يوكل بديلا عنه ، طرف أو أكثر. كحالة تطبيقية على الحرب السورية : طرف روسيا وإيران يقابل طرف أمريكا وتركيا . لقد خرج العرب من المعادلة ، وخرجوا من التاريخ بالفعل . نهاية الأزمة في سوريا _ نهاية العروبة . ..... أخشى ان يمتد هذا الجنون الشامل ، حتى نهاية القرن . حل القضية (العادل) سهل وبسيط وعملي أيضا . واعتقد أنه قد تم بالفعل ( هناك ) . ..... هذه المرة أيضا ، تتناقض رغبتي مع توقعاتي : آمل وأرجو أن أكون مخطئا وسيئ الظن . ..... يا سوريا عليك السلام ..... يا سوريا عليك السلام
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفكر العالمي بعد سبينوزا (2_س)
-
الفكر بعد سبينوزا ....(1_س)
-
الفكر العالمي الحديث بدا مع سبينوزا 5
-
الفكر العالمي الحديث بدا مع سبينوزا 4
-
الفكر العالمي الحديث بدا مع سبينوزا 3
-
الفكر العالمي الحديث بدا مع سبينوزا 2
-
الفكر العالمي الحديث بدا مع سبينوزا _ 1
-
تكملة الاعتماد النفسي
-
الاعتماد النفسي كمحدد لهوية الفرد
-
علاج ما بعد الصدمة !؟
-
تكملة تعديل السلوك المعرفي
-
تعديل السلوك المعرفي 2
-
تعديل السلوك المعرفي _ مقدمة
-
التحليل النفسي _ أمثلة تطبيقية...
-
التحليل النفسي _ تكملة
-
حكم العادة
-
التحليل النفسي بين العلم والفلسفة
-
خلاصة بحث طويل
-
الموقف العصابي _ وحاجة الانسان للحب غير المشروط
-
الكبار يحتاجون للحب غير المشروط أيضا _ تتمة
المزيد.....
-
بطراز أوروبي.. ما قصة القصور المهجورة بهذه البلدة في الهند؟
...
-
هرب باستخدام معقم يدين وورق.. رواية صادمة لرجل -حبسته- زوجة
...
-
بعد فورة صراخ.. اقتياد رجل عرّف عن نفسه بأنه من المحاربين ال
...
-
الكرملين: بوتين أرسل عبر ويتكوف معلومات وإشارات إضافية إلى ت
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في كورسك
-
سوريا بين تاريخيْن 2011-2025: من الاحتجاجات إلى التحولات الك
...
-
-فاينانشال تايمز-: الاتحاد الأوروبي يناقش مجددا تجريد هنغاري
...
-
-نبي الكوارث- يلفت انتباه العالم بعد تحقق توقعاته المرعبة خل
...
-
مصر.. مسن يهتك عرض طفلة بعد إفطار رمضان ويحدث جدلا في البلاد
...
-
بيان مشترك للصين وروسيا وإيران يؤكد على الدبلوماسية والحوار
...
المزيد.....
-
-تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو
...
/ ياسين احمادون وفاطمة البكاري
-
المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة
/ حسنين آل دايخ
-
حوار مع صديقي الشات (ج ب ت)
/ أحمد التاوتي
-
قتل الأب عند دوستويفسكي
/ محمود الصباغ
-
العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا
...
/ محمد احمد الغريب عبدربه
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|