|
سُخرِيَة ُالأقدَارْ
عبد الخالق الجوفي
الحوار المتمدن-العدد: 1482 - 2006 / 3 / 7 - 11:00
المحور:
الادب والفن
بعدَ مكابدةٍ للمرض ِاستمرت ثلاثة َأعوامٍ دونَ أن يعلمَ بهِ أحد , بدأتْ معالمُ ما يخفيهِ بالظهورْ .... لاحظتْ والدتهُ ذلكَ فأخبرتْ أخاه ُالوحيد ُالذي سَارعَ بإسعافهِ إلى المستشفى . وبعدَ فحوص ٍأجريت له ُعـُلم مَرضهُ الذي أخفاهُ , بل وتمنى الموت ليكتمهُ كآخرَ سرٍ من أسرارهِ التي لم تكن قليله ، واحتاجَ لكمية ٍمن الدم لتعويض ما فقدهُ. كانت فصيلة ُدَمهِ نادرة بل نادرة ٌجدا ، وبعد البحث في بنك الدم الذي لم يوجد بهِ إلا كمية ًقليلة ًلا تفي بنصفِ الاحتياج بداءَ البحثُ في المستشفيات ومن ثَمَّ البحثُ عن متبرعين , ولحسنِ حظهِ أن كانت فصيلة ُدَمِ أخيهِ نفسَ فصيلة ُدمهِ . اتجهَ الأخُ لبنكِ الدم لإجراءِ الفحوصات ِقبلَ التبرع وكانتِ المفاجأة ... لم يـُقبلْ دمهُ ! .. تسائَلَ عن السببِ ولم يجدْ إجابة ًشافية ًإنما كانَ يشعُرُ بنظراتٍ لم يستطع تفسيرها ، خصوصا ً مـن المُمرضات وموظفِي المُستشفى ... لم يكترثْ لذلكَ وتابع البحث عن دم ٍلأخيهْ . وبعدَ أن تماثلَ أخوه ُللشفاءِ وعادَ إلى المنزلِ بــداءَ السـؤال ُيفرضُ نفسه ُ... لماذا لم يـُقبلْ دمهُ ؟ ! . عادَ للمستشفى باحثا ً عن إجابةٍ لذالكَ فلم يجدها ... بل نَصحه ُالطبيبُ الذي فحصَ دمهُ بإعادةِ الفحص بالمختبرِ المركزي لعدم ِتأكده ِمن نتيجة ِالفحصِ السابق . شغلهُ ذلكَ كثيرا ً ... لم يعرفْ ذلكَ غير صديقهُ الذي كانَ بمثابةِ توأمهُ الذي لا يفراقه ُ... لم يكتمْ عنهُ قلقهُ وتوجسهُ من ذلك .. توقع َالإصابةَ بفيروس الكبدِ البائي وكانَ مرعوبا ً لذالك كثيراً ... ولم يكن يعرفُ عن ذلكَ الفايروسِ الكثير ، سِوى أنهُ خطير... دونَ علمهِ بمدى خطورتهُ . لاحظَ صديقهُ شدةَ قلقهِ من ذلكَ فألح َعليهِ أن يذهبَ لإعادة ِالفحص كما أشارَ الطبيب كي يقتلَ الشكَ باليقينِ فان كانَ ما يُرعبهُ بداءَ بعلاجهِ حتى لا يتفاقمَ المرضُ ويزدَادَ الخطرُ ، وبالفعلِ ذهبَ إلى هناكَ وأخِذت منهُ عينةً من الدم والنتيجة ُللغدْ ... مرَِّ عليهِ ذلكَ اليومُ كَدهرٍ ... لم ينم تلك الليلة التي طالت عليهِ والوسَاوِسُ تـُكدرُ عَيشهُ .. وفي الصباح ذهبَ إلى صديقهُ واتجها إلى المختبر حيثُ قابلَ الطبيبُ الذي طلبَ الانفرادَ بهِ ..
ــ هل أنتَ مُـتزوج ؟
ــ لا .
ــ هل لك علاقاتٍ مع الجنسِ الآخر ؟ !
ــ علاقاتُ زمالةٍ لا تـَتـَعدى حد العمل .
ــ اقصدُ علاقاتٍ جنسيه .
ــ أستغفرُ الله .. بالتأكيدِ لا .
ــ أرجو أن تكون صَريحا ً .
ــ أنا بِمنتهى الصراحة .
ــ هل كنتَ تشكُ بشئٍ ما ؟ !
ــ نعم .
ــ ما هو ... ؟ !
ــ اشكُ بإصابتي بفيروسِ الكبدِ البائي .
ــ فقط ؟ !
ــ فقط ْ! ! !
ــ ما الذي جعلكَ تـُجري هذه ِالفحوصاتُ أذنْ ؟؟؟
ــ قلتُ لك ... كنتُ اشكُ بإصابتي بفيروس الكبدِ البائي .
ــ ما سببُ الشك ؟؟؟
ــ تقدمتُ بالتبرعِ بالدم ِلأخي ولم يقبل مني على رغم انهُ من نفسِ فصيلتهُ .
ــ لماذا لم تشكْ إلا بفيروسِ الكبدِ البائي ؟ ! .
ــ لأني لا اعرفُ سِواهُ يظهرُ في الدم .
ــ لماذا لم تشك في السكرِ مثلا ً على رغم انتشارهِ وشهرته ؟ ! .
ــ لا ادري .... هل أنا مصابٌ بهِ ؟ ! .
ــ لا .
ــ ماذا إذن ؟ !
ــ لا ادري ماذا أقول ، لكن يجبُ أن تعرف .
ــ اعرفُ ماذا ؟ !
ــ أنتَ مصابٌ بنقصِ المناعةِ المكتسبة .
ــ ء إيدز ؟ ! (( برعب ))
ــ للأسف .
ــ غيرُ معقول لا بـُدَ انكَ تمزح... أو لعلهُ خطاءٌ أو اختلاطٌ بالأوراق .
ــ هل تـُريدُ إعادةُ الفحص ؟ ! .
ــ بالتأكيد ... فانا واثقٌ من خلوي منهُ ... ثم إني لم اقرب الحرامَ قط ْ.
ـ الاتصالُ الجنسي ليسَ الوسيلةَ الوحيدة َلانتقالِ الفايروس فقد ينتقلُ عن طريقِ نقلِ دمٍ .. أو استعمالُ أدواتٍ ملوثةٍ بهِ ثاقبة للجلد كالإبرِ أو أدواتُ الحلاقةِ مثلا ً ... ولا بأسَ من إعادة ِالفحص .
خرجَ من غرفةِ الطبيبِ متغيرَ الملامحِ ... سألهُ صديقه ُعما جرى فلم يخبرهُ بذلك تبدلت طباعهُ وتغيرت تصرفاته ... صَــارَ شديدَ العصبيةِ لأتفه ِالأشياءِ ... لم يجد النومَ سبيلاً إلى عينيهِ في تلك الليلة التي صارت أشدُّ وطأً من الليلةِ الماضية .
وفي الصباح أتجهَ إلى المختبرِ وحيداً وقابلَ الطبيب وكانتْ الطامةُ الكُبرى فقد تأكدت أصابتهُ بالفيروس الذي خشيهُ أخوهُ وتوقعهُ حتى تمنى الموت ليَكتـَم ِسرهِ ... لكن ما خشيهُ أخوهُ ولم يخشهُ هو كان مقدراً عليه .
كان حفلُ زفافهِ بعد اقلَ من الشهرِ فافتعلَ الأسبابَ لعدم إتمامهِ حتى لا يَربطَ مصيرهُ المجهول بمصيرِ فتاة ٍ أحبـَّها .... مُؤثـِرا ً العيشَ بقيةَ أيامهِ على ذكرى ذلكَ الحب راضيا ً بما قُـدِّرَ عليه .
#عبد_الخالق_الجوفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحُلم الوَردِي
-
صَدِيقِي والعِيد
-
الملاذُ الأخير
-
خلق روح الإبداع في الطفل
-
جُرحِي الحبيبْ
-
بَغدَاد
-
جرحٌ بملامحِ إنسان قصة قصيره
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|