|
الثقافة حرية وتحرر وتنمية
فهد المضحكي
الحوار المتمدن-العدد: 5783 - 2018 / 2 / 10 - 09:21
المحور:
الادارة و الاقتصاد
ثمة علاقة جدلية بين الثقافة والحرية والتنمية، وتزداد هذه العلاقة رسوخاً في تحليل المفكر المغربي كمال عبداللطيف - نشر تحت عنوان (الثقافة حرية وتنمية) في مجلة العربي الكويتية يناير 2018 - عندما نعتبر ان الثقافة حرية وتحرر بمعنى انها ليست مجرد نشاط تابع، بل إنها فعل مؤسسي ملامحه في المبادئ العامة المعتمدة في السياسات وبرامج الاقتصاد والتربية والتعليم، وهي مُقوم مركزي في الأعمال والمبادرات المبدعة في مختلف مظاهر الحياة داخل المجتمع.
ويعتقد عبداللطيف انتهى الزمن الذي كان ينظر إلى الثقافة كنشاطٍ ضمن الخطوط الكبرى للتوافق في السياسة والاقتصاد داخل المجتمع.
ويعتقد ايضاً ان المساهمة في تطوير الثقافة ومؤسساتها، تقتضي إنجاز ثورة مطلوبة في مجالي التربية والتعليم، ثورة تقوم على الحرية والتحرر، ويكون بإمكانها تكسير قيود الموروث التي تقف حائلاً دون انخراط الناشئة في مجتمعنا في تمثيل قيم العصر الذي يؤطر وجودنا ويصنع شروط حياتنا.
وفي حديثه عن العلاقة بين الثقافة والتعليم والتنمية يشير إلى ان الاهتمام بالشأن الثقافي يلعب دوراً كبيراً في تعميق درجات الحرية والتحرر.. وتعليقاً على ذلك يضيف صحيح أن بعض مظاهر الثقافة السائدة اليوم في المجتمعات العربية، تتوخى تسويغ بعض القيم المحافظة، الأمر الذي يساهم في مزيد من تعطيل حركة التاريخ، إلا أن اتساع الاهتمام بالثقافة بأوجهها التاريخية والعقلانية، يتجه إلى مزيد من خلخلة جيوب التقليد والتقاليد، ليفسح المجال أمام قيم الحرية ومكاسبها.
ومن ملاحظاته على المشهد الثقافي العربي في مطلع الألفية الثالثة وفي سياق المتغيرات السياسية والاجتماعية الجارية بعد انفجارات 2011 وتداعياتها ان المجال الثقافي عرف ويعرف اتساعاً كمياً وكيفياً وذلك بفضل اتساع آفاق التعليم وانتشار الجامعات، ومن دون إغفال التطور الذي عرفه مجال الاتصال والتواصل، حيث ساهمت الروافع التكنولوجية بدورها، في إنعاش ثقافة الصورة وثقافة الوسائط الاجتماعية الجديدة، التي أصبحت تشكل اليوم رافداً من روافد التنوع الثقافي في مختلف تجلياته.
وإذا كان – كما يقول – تطوير المشهد الثقافي في البلدان العربية، يتطلب مزيداً من المأسسة، فإنه يقتضي ايضاً مزيداً من توسيع الحريات، وتحصين المكاسب والمنجزات، كما يستدعي إيجاد الوسائل التي تسعف بمزيد من خلق الفضاءات المناسبة لإنتاج وإرسال وتعميم الثقافة والمنتوج الثقافي بين مختلف الفئات الاجتماعية.
وفي نظره ان تعميق معركة الاصلاح الثقافي يتطلب مزيداً من تقوية دعائم الفكر التاريخي والتاريخ المقارن، تاريخ العقائد والثقافات، حيث تساعد معطيات هذا التاريخ حين حصولها في عملية تعويد أذهاننا على ملكة تنسيب الأحكام والتصورات الأخلاقية المهيمنة على ثقافتنا وآليات تفكيرنا.
وفي اعتقاد عبداللطيف تتطلب عملية إنجاز تحول ثقافي جذري في فكرنا، جهوداً متواصلة في باب استيعاب نتائج الثورات المعرفية التي تبلورت في الفكر المعاصر، إلا أن هذا الأمر الذي نتصور إمكان تحققه في المدى الزمني المتوسط، ينبغي ألا يجعلنا ان نتوقف عن استكمال مهام الحاضر المستعجلة والمتمثلة في مشاريع الترجمة، ومشاريع تطوير منظوماتنا في التربية والتعليم، اضافة إلى تشجيع البحث العلمي، وتوسيع مجالات المعرفة والمجتمع والاقتصاد، فنحن نعتقد ان هذه المهام في تقاطعها وتكاملها تُعبد الطريق الموصل إلى باب تحرير الأذهان.
ومن هنا يؤكد على ان معارك المجال الثقافي لا تنفصل عن مشروع ترسيخ قيم الحداثة في فكرنا، وفي هذا السياق يقول نحن نعتبر ان انتشار دعاوى تيارات التكفير والعنف في ثقافتنا ومجتمعنا، يمنحنا مناسبة تاريخية جديدة لإطلاق مجابهة نقدية أكثر حسماً وصرامة، مواجهة يكون بإمكانها ان تكشف فقر ومحدودية وغربة التصورات المرتبطة بهذه التيارات، وهو الأمر الذي يتيح لنا بناء الثقافة المبدعة والمساهمة في إنشاء خيارات مطابقة لتطلعاتنا في النهضة والتقدم.
في حين يرى ان استمرار نظرتنا المحافظة إلى الموروث الثقافي تحول في العقود الأخيرة من القرن الماضي إلى اكتساح تراثية شاملة أعادنا إلى لغة قديمة في الثقافة والمجتمع، لغة كنا نعتقد ان الزمن عفا عليها، فإذا بها تعود لترسم لذاتنا التاريخية ولثقافتنا صوراً لا علاقة لها بالتاريخ.
وفي مقابل ذلك، انه من الأهمية بمكان العمل في جبهة ثقافية من أجل توسيع دوائر إنجاز قراءات عصرية جديدة لموروثنا الثقافي، الذي نفترض انه يتحول بفعل متغيرات الزمان.
وهنا يتطرق إلى أهمية الثقافة كعملية تحرر وتحرير، وكلما ارتفع منسوب المعرفة والفكر في التاريخ كلما ساهم في تعزيز مكانة الانسان، ومكانة العقل والمخيلة في التاريخ.
ويضيف إلى ذلك يتجه المنتوج الثقافي اليوم إلى دروب غير معهودة، وهو يمتلك آليات جديدة تهبه مزيداً من التوسع والانتشار، ولهذا انتقلنا من التفكير في الثقافة كحريةٍ إلى التفكير فيها كرافعةٍ للتحرر والتقدم.
#فهد_المضحكي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
علوي شبر
-
عن الأزمات والضرائب!
-
حديث حول تآكل الطبقة الوسطى!
-
لماذا انتفض الفقراء في إيران؟
-
صلاح عيسى.. حياة مليئة بالنضال والإبداع
-
الظاهرة الصوتية!
-
بطالة الشباب في الدول العربية!
-
كيفية مواجهة الفساد!
-
متحف للمرأة الإماراتية
-
تلاعب صندوق النقد الدولي.. اليونان أنموذجاً!
-
إنهم يهزون الأرض
-
حول العدالة الاجتماعية!
-
نقمة النفط!
-
طه حسين
-
حول الوضع الداخلي الإيراني!
-
هنيئاً للمرأة السعودية
-
شبه الجزيرة الكورية والمصالح الأمريكية!
-
تحديات اقتصادية وسياسية!
-
حرية تداول المعلومات!
-
ربع قرن على اغتيال فرج فودة
المزيد.....
-
تركيا تخفض الفائدة لأول مرة منذ عامين
-
أعلى وأقل 10 دول عربية وعالمية دفعا لضريبة المبيعات
-
حصة الدولار في الاحتياطيات العالمية في أدنى مستوى لها منذ ثل
...
-
دراسة جديدة تشرح كيف يصل الذهب إلى سطح الأرض
-
السيسي: التحديات الإقليمية أفقدت مصر 7 مليارات دولار
-
تراجع معظم بورصات الخليج وسوق دبي عند أعلى مستوى في عقد
-
آمال النمو الاقتصادي في أميركا تقود العملة الخضراء للارتفاع
...
-
النفط يهبط وسط تقييم لإجراءات تحفيز اقتصادي في الصين
-
المركزي المصري يبقي على أسعار الفائدة دون تغيير
-
الذهب يرتفع بدعم من الطلب على الملاذ الآمن
المزيد.....
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ د. جاسم الفارس
-
الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل
/ دجاسم الفارس
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|