أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - هل أصبحت مهمة سائقي التاكسي نشر الجهل والتطرف ؟














المزيد.....


هل أصبحت مهمة سائقي التاكسي نشر الجهل والتطرف ؟


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 5779 - 2018 / 2 / 6 - 21:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أصبح بعض سائقي التاكسي دعاة دينيين وفقهاء ومفتين، فهم لكثرة استماعهم طوال اليوم لأشرطة دينية أو لبرامج إذاعية محض دينية، تتسم بالغرابة في كثير من الأحيان، ولوجود "جمهور" لهم من الزبائن الذين يقلونهم لقضاء أغراضهم، أصبحت هوايتهم المفضلة استغلال تواجد هؤلاء الزبائن بجانبهم لبضع دقائق من أجل "هدايتهم"، حيث يبدو أن سائق التاكسي يعتبر أن إسماع الزبائن دروس التطرف الديني يدخل ضمن العمل الصالح الذي يُجازى عليه بالحسنات من عند الله، والتي تنضاف إلى الجزاء الدنيوي الذي تمثله دريهمات الزبون، وأغرب ما في الأمر هو مقدار الصفاقة وقلة الحياء التي يخاطب بها بعض السائقين زبائنهم، إذ يُخيل للمرء أنه أمام "محتسب" بالمعنى القديم، أو أمام والي من ولاة العثمانيين الطغاة، هذا في أسوأ الأحوال، أما في أحسن الأحوال، وإذا كان الزبون محظوظا، فإن السائق سيكتفي بإسماعه جزءا من شريط لبعض الدعاة غريبي الأطوار قبل نزوله، ولست أدري إن كان ذلك يدخل في شروط المهنة أم لا، لكن يبدو أنه أصبح سلوكا سائدا بدرجة مقلقة، إلى حدّ أن اشتكى منه الكثير من المواطنين.
قبل بضعة أيام أخذت تاكسي بإحدى المدن الكبرى لقضاء بعض أغراضي، وما أن جلستُ بجانب السائق ـ وهو ما تصادف مع مرور مجموعة فتيات أمامنا تحملن آلات موسيقية مختلفة ـ حتى انطلق في إدانة الواقع الأسود الذي جعله يعيش في مجتمع تخرج فيه النساء لعزف الموسيقى بدون حسيب ولا رقيب، غير أنني تحليت بما يكفي من اليقظة لإيقافه قبل أن يسترسل في كلامه الهذياني، حيث قاطعته لأذكره بأن الحضارة الإسلامية قد عرفت في عزّ ازدهارها خلال القرن الثاني والثالث وأيام فقهاء المذاهب الكبار، ازدهارا في فنون الموسيقى والطرب والغناء، فاشتهرت الجواري المغنيات اللواتي بلغ ثمنهن مبالغ خيالية، حتى كانت منهن كثيرات بمكة نفسها، ردّ السائق على كلامي بصمت عميق دام لبرهة يسيرة قبل أن يمدّ يده إلى المذياع لإطلاق شريط لأحد الدعاة الدينيين المفوّهين، الذي أتحفني بدرس نادر، وفي ما لا يزيد عن 10 دقائق، استفدت الكثير من الأفكار "العلمية" النيّرة التي ستمثل بالنسبة لي بلا شك زادا في الحياة أنتفع به وأنفع الناس من حولي.
كان درس الداعية حول اللغة العربية وضرورة العناية بها، ولكي يقنعنا الفقيه الفهامة بقيمة العربية وبضرورة النهوض بها، تقدم بالحجج التالية التي تدلّ على وفرة "علمه" وغزارة اطلاعه:
ـ أنها اللغة الأولى التي ظهرت قبل ظهور كل اللغات الأخرى، بدليل أنها اللغة التي تحدّث بها آدم (أبو البشرية) عند نزوله إلى الأرض (كذا !).
ـ أنها لغة أهل الجنة، التي سيتخاطب بها الناس وهم يرفلون في النعيم، ولم يذكر الخطيب المفوه لغة أهل النار، ربما لأنّ هؤلاء لشدّة ما هم فيه لن يكون لهم وقت للتخاطب فيما بينهم.
ـ ومن الأمور الطريفة التي أوردها الداعية الألمعي أن من مظاهر عبقرية اللغة العربية أنها لم تتغير ولم تتبدل، فكما وردت في القرآن وكما كتب بها الشعر القديم والمقامات بقيت إلى اليوم، بينما الانجليزية تغيرت كثيرا وهذا من مظاهر قصورها وضعفها، (هل نضحك أم نبكي، أم فقط نكتفي بأن نندب وجوهنا ونسكت ؟).
ـ أنها لغة غنية بالمترادفات، وقد أورد الداعية أمثلة من التسميات التي كان عرب الجاهلية يسمون بها الأشياء المحيطة بهم في صحرائهم، والتي سموها بأسماء كثيرة، وهو ما لا يوجد في اللغات الأخرى طبعا !!.
أيتها المواطنات أيها المواطنون، ناقشوا بعض سائقي التاكسيات ولا تتركوهم على جهلهم، حتى لا يشيعوه على الناس فتزداد أحوالنا سوءا، ولكم على ذلك أجرٌ عظيم.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلى أحمد الريسوني: من أوصل الجامعة المغربية إلى حافة الإفلاس ...
- مشكلتنا مع الدّعاة وفقهاء التشدّد
- عندما يعتلي الجهلُ منابر المساجد
- لماذا لا يحسن المسلمون الدعاية لرأس السنة الهجرية ؟
- نهاية مقامر
- القدس عاصمة الديانات الثلاث، ينبغي أن تكون منطقة دولية
- مقترح قانون حزب العدالة والتنمية بشأن العربية نكوص ذهني متأخ ...
- في الحاجة إلى الفلسفة، ضد العنف والوصاية
- حِجّية الحديث (بصدد النقاش حول البخاري)
- ما الذي يمكن للبهائية أن تقدمه للمسلمين اليوم ؟
- الاعتراف بالتعددية الدينية وحرية الضمير من أوليات الحياة الد ...
- وحدة العراق، مطالب الكُرد، وموقف الحركة الأمازيغية
- معاني الدولة، السلطة، والوطن
- أي مغرب نريد ؟
- الشعور الوطني والنشيد الوطني
- الاقتتال بسبب الدين من مظاهر غباء البشر وانحطاطهم
- التحرش الجماعي الأسباب والأبعاد
- لماذا لا تنفع انتفاضات الشارع في تغيير واقعنا ؟
- جمعيات -الطابور الخامس-
- -الاستثناء المغربي- هل يخون نفسه ؟


المزيد.....




- البندورة الحمرة.. أضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل سا ...
- هنري علاق.. يهودي فرنسي دافع عن الجزائر وعُذّب من أجلها
- قطر: تم الاتفاق على إطلاق سراح أربيل يهود قبل الجمعة
- الفاتيكان يحذر من -ظل الشر-
- عاجل | مصادر للجزيرة: الشرطة الإسرائيلية تعتقل الشيخ رائد صل ...
- الفاتيكان يدعو لمراقبة الذكاء الاصطناعي ويحذر من -ظلاله الشر ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى ودعوات لتكثيف الرباط بالمسجد ...
- قائد الثورة الاسلامية: لنتحلّ باليقظة من نواجه ومع من نتعامل ...
- قائد الثورة الاسلامية: العالم يشهد اليوم المراحل الثلاثة للا ...
- قائد الثورة الاسلامية: المقاومة التي انطلقت من ايران نفحة من ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - هل أصبحت مهمة سائقي التاكسي نشر الجهل والتطرف ؟