ضيا اسكندر
الحوار المتمدن-العدد: 5777 - 2018 / 2 / 4 - 16:49
المحور:
كتابات ساخرة
لعلّ أحد فضائل ما يسمى بـ «الربيع العربي» أنه أفرج عن مصطلح سياسي كان غائباً عن الساحة الإعلامية السورية لعقود، وهو مصطلح (المعارضة السياسية). فكانت السلطة السورية تتباهى على ألسنة كبار رجالات الدولة بأنه لا يوجد في سجونها معتقلو رأي إطلاقاً وإنما مجرمون! لأنه ببساطة لم يكن مسموحاً لأحزاب المعارضة النشاط العلني بين الجماهير. ولا حتى السرّي أو شبه السرّي منها، فلم تكن تخلو المعتقلات خلال عشرات السنين من سجناء الرأي سواء بالنسبة لأحزاب الجبهة المنضوية بتحالف مع حزب البعث الحاكم، أو بالنسبة لأحزاب أعلنت عن نفسها بأنها معارضة للنظام. وبالتالي فقد كان عدد المنتسبين إلى المنظمات المعارضة ضئيلاً يكاد لا يتعدّى المئات في أحسن الأحوال.
وربما هذه الثغرة الكبيرة في الحياة السياسية السورية كانت أحد أسباب الانفجار الكبير الذي عصف في البلاد منذ عام 2011.
في عام 1990 أجرت إحدى الصحف الأجنبية لقاءً مع الرئيس الراحل حافظ الأسد. وسأله الصحفي في سياقها: كم عدد المعتقلين السياسيين لديكم سيدي الرئيس؟ فأجاب الرئيس الراحل بثقة: «لا يوجد لدينا أيّ معتقل سياسي».
كنت آنذاك أذوق الأمرّين بالمعتقل مع مجموعة من الرفاق الشيوعيين من مختلف الفصائل الماركسية. وطبعاً تمّ اعتقالنا بدون إجراء أية محاكمة لنا؛ إذ يحقُّ للأجهزة الأمنية توقيف أي شخص دون ذكر السبب ولأجلٍ غير محدد استناداً للأحكام العرفية السائدة. وقد تعمّد السجّان إدخال الصحيفة إلى زنازيننا لنقرأها. ولا أدري إن كان هذا التصرّف الاستفزازي من قبل السجّان قد تمّ بإيعازٍ من رؤسائه، أم باجتهادٍ شخصيٍّ منه.
لدى اطّلاعنا على المقابلة استشاط أحد الرفاق غضباً وهو المعروف بعصبيته وسرعة انفعاله، بسبب عدم اعتراف السلطة بنا كسجناء سياسيين. فانبرى زاعقاً بلهجته الريفية المحبّبة: «ولك نحنا هون شو عم نساوي؟! ولك فهّموني بس؟ شو عم نخصّي عجول؟ ولك يا أمّة محمد بشرفي رح طق! لسّا فوق الموتة، عصّة قبر!»
#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟