أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - ( الخطبة ) من العصر العثمانى الى العصر الحديث















المزيد.....

( الخطبة ) من العصر العثمانى الى العصر الحديث


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 5777 - 2018 / 2 / 4 - 03:51
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



( الخطبة ) من العصر العثمانى الى العصر الحديث
أولا : العصر العثمانى
1 ـ سقطت الدولة المملوكية وتحولت مصر الى ولاية عثمانية ، واصطحب السلطان سليم الأول العثمانى فى عودته لعاصمته آخر خليفة عباسى فى القاهرة .تدهورت أحوال مصر العثمانية وتدهورت معها أحوال العرب فى بقية الدولة العثمانية ، وتحول التقليد العلمى الذى كان فى العصر المملوكى الى جمود وتأخر فى العصر العثمانى ، وانعكس هذا على المؤلفات ، إذ طغت العامية على الاسلوب كما نراه فى كتابة ابن اياس فى تاريخه ( بدائع الزهور ) وفيما كتبه ابن زنبل الرمال فى تأريخه للوقائع بين العثمانيين والمماليك . بل رأينا قاضيا محترما فى العصر العثمانى يؤلف كتابا يشرح فيه قصيدة عامية لأحد الفلاحين ، وهو كتاب ( هز القحوف فى شرح قصيدة أبى شادوف ). هذا بالطبع لا ينفى عن هذا الكتاب أهميته القصوى فى التعبير عن أحوال الفلاحين فى العصر العثمانى ، ولا أهميته فى التعبير الصادق عن ثقافة العصر المتدنية الهابطة .
2 ـ ونأخذ من هذا دليلا على إنحطاط مستوى الخطبة الدينية ، خصوصا مع عاملين : طغيان التصوف وخرافاته ، وكون الخطبة الدينية تعبيرا عن هذا الجهل الدينى ، ثانيا : إنعدام التوظيف السياسى للخطبة ، فلم يعد السلطان العثمانى فى الآستانة محتاجا لأن يواجه أعداءا له بين العرب لكى يحاربهم بالخطبة فى المساجد . لذا سارت الخطبة فى العصر العثمانى على وتيرة واحدة هى الدعاء للسلطان بالنصر له ولعساكره ،وأن يهزم الله جل وعلا الكفار ويجعل أموالهم وبيوتهم ونساءهم غنيمة للمسلمين . ظل هذا الدعاء ساريا ومعتادا عدة قرون ، ظل حتى الآن دعاءا غير مستجاب . كنت أسمعه فى طفولتى ، واسمع معه هزائم المسلمين ووقوعهم فى براثن الاستعمار ( الكافر ).!
ثانيا : الخطب الوطنية بين عصرى الليبرالية والاستبداد العسكرى
1 ـ كشأن كل أمبراطورية لم يلبث الضعف أن إعترى الدولة العثمانية ، وأصبح يطلق عليها ( رجل أوربا المريض ) وتسابقت روسيا وانجلترة وفرنسا على إحتلال بعض الولايات العثمانية ، وحاول محمد على باشا إصلاح الدولة العثمانية بحربها عسكريا فوقفت أنجلترة وفرنسا فى وجهه ، وانتهى الأمر بأن تكون مصر وراثية فى عقبه ، ودخلت مصر فى عصر التحديث فى عهد محمد على ، ثم عرفت الليبرالية والنهضة فى عهد الخديوى اسماعيل ، وأصبحت القاهرة عاصمة للحضارة والثقافة فى منطقة البحر المتوسط فى القرن التاسع عشر ، وخشيت إنجلترة وفرنسا من طموحات الخديوى اسماعيل خصوصا بعد الافتتاح الاسطورى لقناة السويس فرتبت لعزله ، وتولى ابنه توفيق ، وإحتلت انجلترة مصر فى عهده عام 1882 .
2 ـ أسهمت الليبرالية المصرية مع انتشار التعليم والطباعة وظهور الصحف عن صحوة عقلية انعكست علي دور الخطبة الدعائي ، وتمثلت فى حركة وطنية ، بعثها من مرقدها جمال الدين الافغاني ( 1838 : 1897 ) ومدرسته ، والتي نتج عنها زخم اعلامي من الخطب الوطنية المثيرة ، مما ادي الي انفجار الثورة العرابية ، وكان عبد الله النديم ( 1842 :1896)خطيب الثورة العرابية ، وانتهت تورة عرابى بالهزيمة والاحتلال . وبعدها إشتهر شاب بفصاحته فى الخطابة فأصبح زعيما وطنيا ، إنه مصطفى كامل ( 1874: 1908 ) مؤسس الحزب الوطنى وجريدة اللواء . ثم قام سعد زغلول بتفجير ثورة 1919 ، وإشتهر بخطبه ، وإنتعشت به الخطبة الوطنية المصرية، وظهر أعلام لها من شيوخ الأزهر ومن الكنيسة ، كالشيخ مصطفى القاياتى و الشيخ محمود أبوالعيون . واشتهر القمص سرجيوس بلقب ( خطيب ثورة 1919 )، وهو الذى خطب على منبر الجامع الأزهر، وهو صاحب العبارة الشهيرة : ( إذا كان الإنجليز يتمسكون ببقائهم فى مصر بحجة حماية القبط فأقول ليمت القبط وليحيا المسلمون أحرارا . ) وهى مبالغة حمقاء ولكن كانت تعبر عن التطرف فى الوطنية وقتها ، تساوى ذلك النشيد الوطنى الأحمق الذى كنا نقول فيه فى المدرسة الابتدائية :: ( نموت نموت ويحيا الوطن ) ، فإذا متنا فبمن يحيا هذا الوطن .!
كانت الفصاحة فى الخطابة الوطنية أكبر مؤهل للزعامة ، وقد هاجم عباس محمود العقاد الزعيم الوفدى مصطفى النحاس معتبرا أكبر عيب فيه أنه فى خطبته يتكلم بلا حماس كما لو كان محاسبا يقرأ تقريرا .
3 ـ وانتهت الفترة الليبرالية المصرية بإنقلاب الجيش وحكم العسكر من عام 1952 . وإكتسب عبد الناصر زعامة شعبية جارفة بسبب كارزميته الخطابية والتى بدأت بخطبته فى الاسكندرية عند محاولة إغتياله وخطبته فى تأميم قناة السويس ، وتوالت خطاباته التى أسهم الراديو الصغير ( الترانزستور ) فى نشرها فى العالم العرب فأصبح عبد الناصر بخطاباته زعيم العرب يترقب الملايين سماع خطبه ، بل تحول مشاهير الطرب الى أبواق سياسية له ، لا فارق بين أم كلثوم وعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ ، وكانت أغانيهم الوطنية أشبه بالمنشورات والخطب السياسية . والأعجب أن مطربة كانت عادية الصوت لكنها إشتهرت بسبب تخصصها فى الغناء ( الوطنى ) وهى فايدة كامل .وظلت خطابات عبد الناصر لها نفس السحر ومسيطرة على المصريين حتى بعد هزيمته عام 1967 . بدليل خطبته المؤثرة في التنحي عن الحكم بعد الهزيمة ، والتى بسببها خرج الملايين يتمسكون به ـ وكنت منهم فى مراهقتى العُمرية والعقلية ــ ولو كنا نعقل لخرجنا نطالب بإعدامه .
4 ـ إستبداد عبد الناصر لم نكن نحسّ به ، صدقنا كل ما قاله فى خطبه ، كرهنا الأحزاب والديمقراطية والاستعمار ، وفى ضوضاء خطبه لم تصل الى مسامعنا صرخات المعذبين فى السجون . عبدناه بكل ما تعنيه الكلمة ، رأيناه تجسيدا للوطن ( مصر ). أذكر أن أمنيتى فى شبابى الغض وقتها أن ألقاه وأتكلم معه . كل هذا بسبب عبقريته الخطابية . ليس هذا حديثا عن الذات ، بل هى شهادة على عصر عشته ، وعلى رعشة كانت تنتابنى وأنا أسمع خطاباته ، ولقد شهدته بعينى فى ميدان عابدين عام 1964 يخطب فى سرادق مفتوح ، وكنت أفتخر أنه لم يكن بينى وبينه سوى بضع مئات من الصفوف .
5 ـ هى كارثة أن يكون المستبد مفوها فى الخطابة قادرا على السيطرة على الجماهير . بنفس العبقرية فى الخطابة دمر أدولف هتلر ألمانيا وأوربا ، وتسبب فى قتل عشرات الملايين . ألا لعنة الله جل وعلا على كل الطغاة المستبدين .
6 ـ ولأننا شعوب نسكن ( الكلام ) وننبذ ( الفعل )ولأننا ظاهرة صوتية ولأن ثقافتنا سمعية وقولية ولأن الزعيم فينا هو القادر على ( الزعم ) أى الكذب فقد عبدنا صوت عبد الناصر وقدسناه . عبد الناصر فى الخُطب جعلته يتجسد الوطن ، بل ويتجسد فيه القومية العربية على المستوى العربى . وحاول تقليده صدام حسين والقذافى ثم على عبد الله صالح . وهم إنتهوا الى تدمير أنفسهم وتدمير الوطن الذى كانوا يمثلونه . وهناك ملايين من العرب والمصريين لا يزالون يعتبرون الزعيم المستبد هو الوطن ، ويرقصون على أنغام خُطب الزعيم المُلهم.
7 ـ وجاء (انور السادات ) بعد عبد الناصر فلم يكن له نفس السحر ولم تكن له نفس الكاريزما ، وكانت طريقته فى خطبه أقرب الى فلاحى محافظة المنوفية ، فكانت تثير فينا السخرية وربما الاشفاق . ثم جاء ( حسنى مبارك ) فرأيناه ( دابة ) تمكنت من النطق كالبشر لسبب ما ، فأخذنا نتلفت عجبا ، كيف وصلنا الى هذا الحضيض ؟ ثم جاء محمد مرسى الاخوانى فقلنا وصلنا الى أسفل سافلين ، والآن مع السيسى عرفنا أن هناك ما هو أسفل من أسفل السافلين .
أخيرا
1 ـ من هم الأسفل من أسفل الأسفل ؟
2 ـ إنهم خطباء الوهابية الذين نشروها عبر المساجد ووسائل الاعلام وحاليا فى الانترنت ، ليس أولهم الشعراوى والقرضاوى وليس آخرهم هذا الذباب الداعشى على الانترنت، والذى يثير الغثيان .



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطبة والخليفة العباسى أهم الكهنوت فى حكم العسكر المملوكى
- ( وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ )
- القاموس القرآنى ( برهان )
- الهجرة بين التشريع الالهى والتشريع الوضعى
- الخطبة الدينية دلالة على التبعية السياسية فى العصر الفاطمى
- الخطبة الدينية شعيرة سياسية فى العصر الفاطمى
- القاموس القرآنى : ( يستحيى )
- خطبة زياد ابن ابيه فى إعلان الأحكام العرفية لأول مرة فى تاري ...
- الخطبة بين العصرين الأموى والعباسي
- لمحة عن الخطبة فى تاريخ المسلمين: إزدهار الخطب وأنواعها فى ا ...
- لمحة عن الخطبة فى تاريخ المسلمين: خُطب (على بن أبى طالب ) تع ...
- لمحة عن الخطبة فى تاريخ المسلمين:( خطبة ابى بكر )
- لمحة عن الخطبة فى تاريخ المسلمين : ( عصر النبوة )( 3 ) أكاذي ...
- لمحة عن الخطبة فى تاريخ المسلمين:( عصر النبوة )( 1 من 2 ):أُ ...
- لمحة عن الخطبة فى تاريخ المسلمين : ( عصر النبوة )( 1 من 2 )
- أُكذوبة المسجد الأقصى فى مدينة القدس : الكتاب كاملا
- مقدمة كتاب ( اكذوبة المسجد الأقصى فى القدس )
- مصطلح ( قرب ) ومشتقاته في القرآن الكريم
- ( 21 ) القاموس القرآنى : مصطلح : ( قدّس ، بارك )
- ( 20 ) أئمة سنيون يعترفون أن الأقصى مبنى على أطلال الهيكل ال ...


المزيد.....




- هل اعتدى مؤيدون لفلسطين على مخبز يهودي في فرنسا؟
- لندن.. أعضاء أكبر هيئة يهودية يدينون هجوم إسرائيل على غزة
- خبراء يحذرون من -دمج الإخوان- بعد كشف مخطط تخريب الأردن
- سوريا: فصل الجنسين في الجامع الأموي بدمشق يثير جدلا واسعا
- أردوغان يهنئ الأتراك من الطائفة اليهودية بمناسبة عيد الفصح
- قادة يهود في بريطانيا يرفعون الشعار ضد نتنياهو
- شاهد.. آلاف المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى بالقدس المحتلة! ...
- مفتي القاعدة السابق يتحدث عن نمط حياة بن لادن وإدارته للتنظي ...
- إقتحام الأقصى والمسجد الابراهيمي
- الفاتيكان: معماري كاتدرائية ساغرادا فاميليا -على طريق القداس ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - ( الخطبة ) من العصر العثمانى الى العصر الحديث