أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ظفار احمد المفرجي - مسرحية بقعة زيت .. استعادة نقدية















المزيد.....

مسرحية بقعة زيت .. استعادة نقدية


ظفار احمد المفرجي

الحوار المتمدن-العدد: 5773 - 2018 / 1 / 31 - 00:19
المحور: الادب والفن
    


مسرحية بقعة زيت .. استعادة نقدية
ظفار احمد المفرجي
تأليف : محمود ابو العباس
تمثيل : محمد هاشم
سينوغرافيا : سهيل البياتي
موسيقى : محمد الربيعي
اخراج : عبد الرحمن التميمي
عرضت المسرحية على خشبة المسرح الوطني يوم الخميس 7 / 5 / 2015 و الأيام التالية
يتحدث نص المؤلف ( محمود ابو العباس ) ( ) بصفته ( مونودراما ) عن شخصية تتداعى اثناء تأملها البحر ، مخاوف قديمة عاشها على ارض اخرى ، و مخاوف من عدم استقراره الحالي ، و ما يوفره البحر من احساس بالحيرة و الأسترخاء ، الذي لا يفضي الى وضوح في الرؤية ثم تصدم هذا الحائر بقعة زيت تضرب الشاطيء الذي يجلس فيه فيحمل اشياءه و يمضي ، و تلك اشارة الى مخاوف من المستقبل ايضا ، بسبب من بقعة الزيت التي يمكن ان تلوث الأخضر و اليابس ايضا . و تقرر هذه الشخصية الرحيل الى شاطيء اخر بسبب حملها فنار خشبي معها ( رمز دلالة انتقاله الى ارض اخرى ) .
و الربط ما بين هذه الشخصية الحائرة و حال مؤلفها امر وارد خصوصا ان الكاتب و الممثل محمود ابو العباس كان قد ترك العراق منذ سنين و سكن الأمارات و له في العراق ذكريات مميزة ففيه صنع اسمه و تاريخه ، و له في جغرافيا التنقل ما بين المكان و الزمان مساحة كبيرة .. و هي الفكرة الرئيسية التي يقدمها نص المؤلف .
و في نص المخرج ( عبد الرحمن التميمي ) ( ) نتلمس المغايرة و ذلك بأن نقل البيئة عن طريق توليد مساحات اضافية من الأفكار اثناء التأمل على بيئة مشابهة ( شاطيء ) و لكن اكثر غورا في الهوية العراقية حيث ركب صورا ذهنية جعلت العرض يتضمن افكارا متنوعة تتحول مع تحول الحوار في تداخل ما بين ذكريات انسانية يعبر عنها الحوار ، فصار البطل يمثل نموذج مجتمع ( ذكريات يمكن ان تكون لفرد ، حاضر لفرد اخر ، و مستقبل لأخر = قضية عامة قررها المخرج المعد و لا يعلنها ) و كل ذلك بنظام الأستعارات في القصد ، و يتم التعبير عن ذلك بصور مشفرة تتوالد اثناء التلقي مستفيدا من التفكير المتواصل الذي توفره هذه الطريقة ، ما يمنح التلقي افاقا اوسع لم يكن المخرج يقصدها ، و من مساوئ هذه الطريقة انها يمكن ان توقع المتلقي في الألتباس فيرتبك تلقيه و يحدث انقطاع مع العرض .. لكنها تبقى مسألة شخصية ليست عامة .
و الممثل ( محمد هاشم ) ( ) يحمل دمية ( مانيكان ) لأمرأة على كتفه هي ( دنياه ) كما في تفسير الأحلام و علم الغيب ( كل امرأة في الحلم هي دنيا و عالم الفرد الخاص ) و هي حقيبته التي يحملها و فيها ( ذكرياته ، و احلامه ) و معها يتحرك . و هو يأتي من اللامكان على اصوات صراخ و عويل لنساء يتردد في مخيلته ، و يرتدي ازياء بيضاء تختلف عن محيطها الأسود لتحدث تضادا فتبرز الشخصية ، مع موسيقى ملحمية تشد الحدث و تنبه المتلقي الى التلقي . اما المكان فهو منظر خشبي على شكل ( + ) يمتد من مؤخرة الوسط الى مقدمة الوسط و مركزه وسط الوسط ، مسلطا ناحية الجدار الرابع كأنه شاطيء .
و حاول نص العرض استبدال المعنى المطلوب من الحوار لتطبيق فكرة التحول الدائم في المعنى ليكون في خدمة الفكرة الرئيسية التي يحاول المخرج المعد وضعها عبر اضافات شعرية تبرز الطقس التعبيري / الملحمي الذي غلف العرض مثل الحوار ( انا لا انظر اليك من ثقب الباب ( ينوح ) بل من قلب مثقوب ) ، و هو حوار غير موجود في النص الأصلي . و تتضح عملية الأستبدال في الأحداث و المشاهد الأتية : -
1- الحديث عن الغياب الأنساني و حضوره بالحوار ( جاءوا ثم راحو ) و التكرار لأثبات استمرار دوران التاريخ ، و تؤكد هذه الفكرة اختياره نقطة بداية ( مذ كانت الأرض ماءا ) و هي نقطة بداية الوجود ( حسب الكتب السماوية ثم ( جاءوا ) ثم ( راحو ) و لم يبق منهم غير الملابس المرمية على الأرض .
2- اشارة الملابس على الأرض الحاضرة في الفعل الى الناس ( لأن الناس يرتدوها عادة ) و هي اشارة الى غيابهملأنها اثر و لأنهم لم يعودوا يرتدونها و هو ( غياب ) ( فقد من مفقود ) لأناس كانوا هنا ليس بالضرورة انه يعرفهم و قد يعرفهم ..فالملابس تبقى بعد ( الهجرة ، الموت في الأنفجار ، تطفو و يأخذها البحر الى الشاطيء ، في المقبرة الجماعية ) و لا يبقى الجسد و كلها احداث تدون لفعل الغياب و حيث ان الحوار لم يفسر وجودها فأنها = فقدان ناس ، و هكذا لم يسرد القصة و لا قام بالسرد بل عبر عن ( الصورة المتخيلة ) بحوار بسيط و ادوات على المسرح .
3- يقدم لنا صورة تشكيلية بليغة توطرها ( مؤثر مطر و موسيقى مصاحبة رومانسية ) بأن ينزل امرأة من الخام عن كتفه ( من ضلعه ) و هي استعارة ( صورة ) دلالية عن حواء التي من ضلع ادم ، ثم يجلس جلسة حميمة مع الدمية ( ظهره لظهرها ) كحبيبين و يؤكد هذا الحوار ما ذهبنا اليه ( منذ دهور مرة فيها حرف ناقص بل فيها نواقص وجوه و قامات مزقتها و اصبحت مثل الثياب ) ثم يلعب ( التوكي ، و هي لعبة اطفال شعبية عراقية ) التي تعادل البساطة و النقاء و هما يتشاركان بهذه الصفة ، ثم ينصحها مؤكدا على فكرة نقائها ( ما ان تطال قدماك اليابسة حتى يزاحمك عليها مخلوق اجرب .. يدعي بقوته انه يحكم الأرض )
4- هو يعاني من تعذيب اخته ( و لم ذلك ؟ ) ثم يفسر في ليلة جاءوا للسؤال عنها ، لماذا ؟ ( مناضلة ، سياسية ؟ ) و من هم ؟ ( عصابات ، رجال امن ؟ ) ثم اختفت = اخذوها ، و من المهم هنا تحت ضغط التلقي السؤال من هو ؟ و من هي ؟ و لا تكفي المعطيات لتبرز لنا انه رجل يجلس على البحر ، و لكن بطريقة المحقق ننتبه الى انه رجل يأخذون رجال الأمن اخته ، هو يمسك العصا ( رجل كبير السن ، حكيم ) و هو يحمل راية ( قائد ، زائر ) و الأضاءة الخلفية خضراء فهو زائر من زوار ال البيت و ما دام حكيما و كبير و هي اشارة لأهميته و اهمية الأستعارة الأولى ( ادم و حواء ) فأنه بالضرورة يستعير هنا معنى اخر ( و يمكن ذلك من الحالات المماثلة ، مثل اعتقال رجال الأمن البعثي لنساء مؤمنات كثيرات في الجنوب العراق ، مثل السيدة الشهيدة ( بنت الهدى ) ( ) ، و لكن لا يتبقى له سوى التساؤل ( ولكم ليش ، ولكم ليش ) ثم يرمي على الملابس ( ماء ورد ) و هي من عادات العراقيين ( مع امواتهم برش ماء الورد على القبور ) مع موسيقى تأملية حزينة ، بها بعض الرعب ، ثم موسيقى طقسية متدروشة ( يحمل المرآة ) ثم الموسيقى قوية ضاربة طقسية كنسية مع انين منه
5- اجهزة الأضاءة تحت الفلاتات و كأن الأرض اشتعلت جمرا و هو يصرخ ، و يبدو انه تذكر حزنه بفقد اخته و اعزاءه و هو يناجيها بأنها كانت يجب ان تخاف و ان تتعلم الخوف كي تتقي هذا الغول الذي لا يرحم ..
6- البطل يسئل عن من سرق كتبه ، و تلك اشارة الى سراق الفكر و ما فعلوه
و هكذا نتوصل الى الأتي ان (لوحة المسرح المتحولة = اجزاء من اللوحة التشكيلية المفهومية = لقطة سينمائية جمالية = مشاهد او لقطات لا تتحدث بالضرورة عن القصة او الحدث الرئيسي و هي عاضدة للفعل و الحدث. ) و تساهم في رفد التلقي ، كما انها تمتع لأنها تخدم التنوع . و لكن كثرتها يربك التلقي .
اعتمد المخرج على الظروف المتلاحقة بوصفها منتهية بأسئلة سببية حول اسباب حدوثها ، بأعتبارها الم و جرائم ضد الأنسانية مكتفيا بأطلاق الأسئلة دون الخوض في التفاصيل ، الواضحة اصلا بسبب ان مقترف تلك الأحداث و هو النظام السابق معروف ، و نص العرض لا يقدمه بصفته و لكن يعرض ما اقترفه فقط ، ما يجعله مجهولا و الوصول الى نتيجة حتمية في التلقي على هذا الأساس هو امر غير مؤكد ، على الرغم من ان هذه المظاهر هي من اسباب ما ذكره النص احداث لاحقة مثل ( الهي حرب لا نعرف معناها ) على الأقل حسب المعطيات .. و لا يمكن الا ان يكون هذا القتل جريمة ضد الأنسانية .
و تفاديا لخوض حديث ملتبس قد يؤدي الى سوء الفهم فأن نص العرض يقدم هذا الحل عن طريق الحوار ( و ما حاجتنا الى كل هذه المفاهيم ، و نحن ؟ الوف من الناس يكيلون بدماءهم حلما لأجيال قادمة ؟ ..) و هو بهذا يصنع امله في المستقبل مفضلا الصبر و التروي على التضحيات التي ذهبت و التي ما زالت مستمرة املا في المستقبل . ثم يؤكد هذا المدخل بقوله ، ( اننا نستقبل هدايا من اخوة لنا يطعموننا الموت المعلب كل يوم ، كلما يلد عندنا طفل نقمطه بألاف الموتى ) ثم يرتدي ملابس بيضاء ليتحول هو بنفسه الى الدمية ، و يرتدي كفنا .. اي هو مشروع استشهاد بدوره و تلك هي قضية العرض ( اجعلوني كفنا او اقتلوني ان كان بموتي تستقيم الحياة ) و مع الموسيقى يعود الممثل الى مكان الضوء الأخضر ، الى اللامكان حيث ابتدأ ..
و قد كان لحضور الممثل ( محمد هاشم ) الأثر البالغ في متابعة التلقي ، و هو واحد من ممثلي المسرح الذين تمتعون بالحضور و المطاولة بسبب من ذهنه الحاضر و استرخاءه ، و هو من الممثلين القلائل الذي يؤدي في المسرح بأسلوب تلفزيوني مع التحكم بالحركة ما بين الأسلوبين .
و بهذا نستخلص ان المخرج ( عبد الرحمن التميمي ) يعمل بنظام اضافة (تفسير) المعنى المتوالي عبر اضافة (حوار) ، ( تكوين ) ، ( منظر ) ، ( حركة ) تشير الى المعنى ، و الخلاصة هو عرض لا يكشف فيه عن مقصده الحقيقي ، بل مقصد معلن اخر ، و تلك هي طريقة تعبيرية رمزية تنتج سلسلة من المقاصد تثري المعنى . و هو المعروف عنه انه مخرج مقل نظرا لتفرغه للتدريس في معهد الفنون الجميلة و اعمال فنية اخرى .
المؤشرات
1- عادة ما يعبر مؤلف العرض عن جانب في حياته و ان لم يقصد ذلك
2- ان التركيب يعادل اضافة الحوار الذي يؤدي الى تركيب صورا ذهنية تخدم التنوع شريطة ان يفسرها العرض بأضافة مادية ( تكوين ، حركة ، شكل ، صمت .. الخ ) .
3- ان (لوحة المسرح المتحولة = اجزاء من اللوحة التشكيلية المفهومية = لقطة سينمائية جمالية = مشاهد او لقطات لا تتحدث بالضرورة عن القصة او الحدث الرئيسي و هي عاضدة للفعل و الحدث. ) و تساهم في رفد التلقي ، كما انها تمتع لأنها تخدم التنوع . و لكن كثرتها يربك التلقي .
4- ان المخرج ( عبد الرحمن التميمي ) يعمل بنظام اضافة ( تفسير ) المعنى المتوالي عبر اضافة ( حوار ) ، ( تكوين ) ، ( منظر ) ، ( حركة ) تشير الى المعنى ، و الخلاصة هو عرض لا يكشف فيه عن مقصده الحقيقي ، بل مقصد معلن اخر ، و تلك هي طريقة تعبيرية رمزية تنتج سلسلة من المقاصد تثري المعنى .



#ظفار_احمد_المفرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وقت ضائع و تركيب الاحداث على نص العرض


المزيد.....




- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ظفار احمد المفرجي - مسرحية بقعة زيت .. استعادة نقدية