أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - جرأة الرواية العربية المعاصرة














المزيد.....


جرأة الرواية العربية المعاصرة


ماهر رزوق

الحوار المتمدن-العدد: 5769 - 2018 / 1 / 26 - 02:29
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الرواية ليست مجرد حكاية تتلى على مسامعنا لإمتاعنا ، بالرغم من أنها تحقق هذه الغاية أحياناً ، إلا أنها في الحقيقة من أهم أشكال الأدب الذي يحافظ على حضارتنا و تاريخنا من الاندثار و النسيان ...
إنها صندوق سحري ، نحفظ فيه مشاعرنا و صورنا و حكاياتنا و المراحل المتتابعة لتطور مجتمعاتنا ، أو حتى تخلفها ...

يقول هيدجر : " اكتشفت الرواية بطريقتها الخاصة و بمنطقها الخاص ، مختلف جوانب الوجود ، و تساءلت منذ سيرفانتس عما هي المغامرة ، و بدأت مع بلزاك في اكتشاف تجذر الانسان في التاريخ ، و سبرت مع فلوبير أرضاً كانت مجهولة ، و عكفت مع ديستويفسكي على التدخل اللاعقلاني في السلوك البشري . إنها تستقصي الزمن ، اللحظة الماضية التي لا يمكن القبض عليها مع مارسيل بروست ، و اللحظة الحاضرة التي لا يمكن القبض عليها ، و تستجوب مع توماس مان دور الأساطير الآتية من أعماق الزمن لتتبع خطانا "

كما يقول ميلان كونديرا على لسان أحد أبطاله في كتاب الضحك و النسيان :
" هل تعلمين أن الرواية ، هي ثمرة وهم بشري ، وهم إمكان فهم الآخر ، و لكن ما الذي يعرفه بعضنا عن البعض الآخر ؟؟ كل ما يسعنا عمله هو تقديم تقرير عن أنفسنا ، و ما عدا ذلك كذب "

فالراوي و حسب رأي كونديرا الذي أتفق معه ، ليس مطالباً بالكتابة عن الآخرين ، بقدر ما هو مطالب بالحقيقة التي تتفق مع كتابته عن نفسه أكثر من الكتابة عن أشخاص مختلفين عنه حيث يضعه ذلك في موضع الاتهام بالكذب ، إلا إذا استطاع ببراعته الأدبية و اطلاعه الاجتماعي و السيكولوجي أن ينقل الواقع بمصداقية و شفافية ضرورية ...

و الرواية العربية المعاصرة هي المحور الذي سأتكلم عنه ، لكونها حققت تقدماً هائلاً في الآونة الأخيرة على مستوى الجرأة الدينية و السياسية و الجنسية ، (الثالوث المحرم في مجتمعاتنا) ... و هذه الجرأة أصبحت مطلوبة بشدة ، لأن الأدب هو دائماً الشعلة الأولى التي تنطلق منها نار الثورة التي تلتهم كل ما هو قديم و غير صالح و غير متفق مع متطلبات العصر ، لتستبدله بما يتناسب مع العصر الحالي من مطالب و حريات و أفكار جديدة ...

و كمثال على تلك الروايات ، تحضرني رواية الكاتب السوري فادي عزام (سرمدة) ، التي ناقش فيها قضية العصبية الدينية (الطائفية تحديداً) ، و تأثير المجتمع على تطبيق تلك الطائفة لعصبيتها ، و كذلك حملت هذه الرواية بين صفحاتها جرأة دينية كبيرة ، عن طريق أحاديث صريحة و شفافة على لسان أبطالها ... كما حملت أيضاً أفكاراً فلسفية جريئة عن قناعات تحملها طائفة معينة ، و تحليلاً نفسياً جريئاً للشهوة الجنسية التي خصص لها جزءاً مهماً من الرواية ...

كذلك تحضرني رواية (حرمة) للكاتب اليمني علي المقري ، و التي عرّت واقع مجتمعاتنا المنافقة و المتناقضة ، و فضحت دور التربية الدينية المتشددة في صياغة الغايات و الوسائل التي نعيش عبرها شهواتنا و غرائزنا و قصصنا العاطفية ... كذلك لم تخلو تلك الرواية من الجرأة في استخدام التسميات الصريحة للأعضاء و العمليات الجنسية ...

تطول القائمة طبعاً ، إذا أردت أن أذكر كل الروايات العربية المعاصرة التي كان لها نصيب و دور في إحياء تلك الجرأة الأدبية ، لكنني اكتفيت بذكر هاتان الروايتان ، لأنهما بالإضافة إلى جرأتهما ، كانتا عبارة عن تحفتان أدبيتان يفتخر بهما ، و ترتفع معهما نسبة الأمل في نفوسنا لتحقيق التغيير الحضاري الذي يضمن الاحترام لإنسانيتنا و حقوقنا الاجتماعية و الفكرية و السياسية و طبعاً أهمها الدينية ... و أنا أعتقد أن كل الانتقادات التي تتعرض لها الرواية العربية في مسيرتها نحو الشفافية و المباشرة في طرح المواضيع دون قيود أو خطوط حمراء ، هي ليست سوى خوفاً متأصلاً في نفوسنا تجاه أي تغيير ، خوفاً على استقرارٍ ضمنه الجمود و الكسل و تجاهل أبسط الحقوق الانسانية ... و أختتم مقالتي بالوصف الرائع لعملية الوصاية التي يمارسها الكثيرون في مجتمعاتنا ، و التي يختصرها الروائي العظيم (أوسكار وايلد) في المقولة التالية :

" الكتب التي يصفها العالم بغير الأخلاقية ، هي الكتب التي تظهر للعالم عاره "



#ماهر_رزوق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التمرد أم الثورة ... أيهما أجدى ؟؟
- السلوك العنيف وعلاقته بالتخلف
- العدوانية كوسيلة لإرضاء الغريزة
- نصوص تخنق العدم و تجتث الحقيقة
- معايير التكفير بين الأمير و الفقير
- الانجاب بديلاً عن الانجاز
- في الخرافة و التخلف
- البطل العربي
- طفولة عقل (2)
- طفولة عقل !!
- نفاق اجتماعي
- العقول المؤدلجة
- جدوى الحياة
- المثقف العربي و الجنس
- السجين
- المنتخب السوري : بين النظام و الشعب !!
- القصيدة العبثية
- عن الهوية و سلطتها على الذات الإنسانية
- عن الهوية و قيمتها الانسانية ...
- نعم نجح الربيع العربي !!


المزيد.....




- مقتل 10 أشخاص في هجوم مسلحين على قرية علوية بريف حماة وفتح ت ...
- ماذا دار بأول اتصال بين ترامب والسيسي بعد إعلان مقترحه لنقل ...
- اجتماع عربي يرفض -تهجير الفلسطينيين خارج أرضهم-، وإسرائيل تف ...
- النرويج تفرج عن سفينة يقودها طاقم روسي بعد الاشتباه بدورها ف ...
- السودان: مقتل العشرات في هجوم للدعم السريع على سوق بأم درمان ...
- من أصحاب الأحكام العالية.. من هو المصري الذي أفرجت عنه إسرائ ...
- بحرية الحرس الثوري الإيراني تكشف عن -مدينة صاروخية- جديدة
- راجمات الصواريخ تدك القوات الأوكرانية
- ترامب يقيل روهيت تشوبرا مدير مكتب الحماية المالية للمستهلك ا ...
- السفير الإيراني يوضح مستقبل العلاقات بين موسكو وطهران في عهد ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ماهر رزوق - جرأة الرواية العربية المعاصرة